التعليق على تفسير سورة الواقعة من تفسير الجلالين (04)
السلام عليكم وحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يقول رحمه الله تعالى في قوله- جل وعلا-:{ثم إنكم أيه الضالون، لآكلون من شجر} ثم إنكم تأكيد بعد تأكيد، ضالون المكذبون، الذين يكذبون بيوم الدين،الذين يصرون على الحنث العظيم، الذي هو الشرك لآكلون من شجر من زقوم، ومن هذه تبعيضية وإلا بيانيه، يقول: بيان للشجر، من زقوم بيانيه،{فاجتنبوا الرجس من الأوثان} يعني: بيانيه، وننزل{وننزل من القرآن ما هو شفاء} هل هي بيانية وإلا تبعيضية ؟ نعم؟ هذه الأكثر على أنها بيانية، وأن القرآن كله شفاء، ومنهم من يقول تبعيضية، لكن ما الذي يترتب على ذلك؟ قال يترتب على ذلك أنه لو جيء لك بمريض تقرأ عليه، وقرأت: {تبت يدا أبي لهب وتب} أنه مظنة للشفاء لأنه القرآن كله شفاء، والي يقول تبعيضية يقول: لا اقرأ عليه ما يناسب القرآن، ما يناسب الحال، لأن من القرآن ما هو شفاء، ومن القرآن ما هو أحكام، ومن القرآن ما هو عقائد، ومن القرآن ما هو قصص، ومن القرآن إلى أخره من الموضوعات المتعددة في القرآن، فعلى هذا إذا جئ لك بمريض لا تقرأ عليه تبت، اقرأ عليه الفاتحة وما يدريك أنها رقية، اقرأ عليه المعوذتين، اقرأ عليه أية الكرسي، اقرأ عليه البقرة إذا كان مسحور، اقرأ عليه ما يناسب المقال، ومن الطرائف أنه دعي شخص لرقية مريض، وهذا الشخص يعرف أن هذا المريض يسرف على نفسه، يرتكب المنكرات، فأراد أن يعضه من خلال الرقي، فجاء له فقرأ عليه الآيات التي تحذر من المنكرات التي يرتكبها: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [سورة الفرقان:68] ثم يكررها ثلاثاً وينفث عليه،هل هذه رقية؟ إذا قلنا بيانية وأن القرآن كله شفاء نعم، ويعرف عليه بعض المنكرات فأورد عليه الآيات كلها التي يعني اجتهاد من هذا الشاب، لكن هل هو اجتهاد مناسب وهل هذا وقته، وهل الموعظة تكون بمثل هذه الطريقة وهذا الأسلوب؟ هذا كله محل نظر، وإذا قلنا: إن من بيانية ما في إشكال إلم يكن ثم مانع فإنه يشفى لأن قلنا تبعيضية فإن هذه ليست من آية الرقية.
{من زقوم} بيانية من بيانية بيان للشجر المذكور، من شجر{فَمَالِؤُونَ مِنْهَا} [سورة الواقعة:23] منها أي من الشجر، والشجر مثل السدر ومثل التمر، مما يفرق بينه وبين واحده بالتاء، ويسمونه اسم جنس، فمالؤون منها أي: الشجر البطون، {فمالؤون منها البطون} هل البطن الذي يملأ بما يؤكل ويشرب أو المعدة فقط؟ نعم المأكول والمشروب يذهب إلى أين، إلى المعدة، لكن المعدة إذا امتلأت امتلأ البطن وهذا أمر مشاهد ومحسوس، إذا امتلأت المعدة امتلأ البطن، فصح أن يقال:{فمالؤون منها} لأن هناك استعمالات عرفية، بعض العامة إذا آلمه شيء سواء كان في المعدة أو في الرائية أو في الطحال أو في أي جز من أجزاء ما يحتويه البطن، قال: ما الذي يؤلمه يقول: الكبد، كبده تؤلمه، هذا استعمال عرفي عند كثير من العامة، في بعض الجهات ما يطلقون على ما الجوف كلي إلا الكبد، لكن العرف الخاص عند الأطباء يختلف عن هذا اختلاف جذري، ولذلك الذي لا يعرف هذا المصطلح العرف العام عند الناس، قد يعطيه من خلال كلامه علاج للكبد، ويتضرر به، والألم في الرائية مثلاً، والعامة تقول: امتلأ بطنه لأنه امتلأت معدته وبالتالي امتلأ البطن.
{فشاربون عليه} على هذا الزقوم الذي ملأ البطن، الزقوم المأكول من الحميم، {فشاربون عليه} يعني: على هذا المأكول من الحميم، وهو الماء الحار، الماء الحار، الذي جاء في بعض الأخبار: ((أنه إذا أدناه من وجهه سقطت جلدة وجهه))، وجاء في الأثر:" أنه لو جاء شخص يعرفه في الدنيا لعرفه من جلدة وجه الذي سقط"، حميم وهل يقول أن هذا الحميم أن درجته مائة أو ألف درجة الغليان فيه، الله أعلم بمقداره، إذا أدناه من وجهه سقطت جلدة وجهه، { فشاربون عليه من الحميم } فشاربون شرب، أو شَرب أو شِرب هذه الثلاث اللغات في هذه،لها شرب، ولكم شرب، وشرب بفتح الشين هم الجماعة الشراب الذين يشربون، ويقال لهم شرب، والشرب يقال: من مصدر شرب، يشرب شرباً، شرب الماء وسيشربه شرباً وشًرباً، يقول: بفتح الشين وضمها مصدر وابن مالك - رحمه الله- يقول:
فعلُ قياس المصدر المعدى |
|
منذ ثلاثة كرد رد |
الأصل الفتح في المصدر، والشرب أصل المصدر، وهنا يقول كلاهما مصدر، شرب، شُرباً، بفتح الشين وضمهما مصدر، يعني: بالفتح قرأ ابن كثير وابن عامر، وابن عمر، والكسائي وغيرهم قرؤوا بالضم شُرب، الهيم، الإبل العطاش، الأصل فيها أن الإبل الهائمة على وجهها، وفي الصحاري والبراري والقفار، هائمة على وجهه، ويترتب على ذلك العطش الشديد فإذا وصلت إلى الماء شربة شرب كثيراً، ولذا قال: الهيم الإبل العطاش، جمع هيمان للذكر، وهيما للأنثى، كعطشان وعطشاء، تقدم في قوله: عين مفرده عينا كحمراء عين مفرده عينا كحمراء وهنا قال: هيم جمع هيمان للذكر، وهيما للأنثى، وهناك مفرده عينا، وأعين، أعين، وعينا، وهنا قال: وذكرنا أنه هناك أن المؤلف - رحمه الله تعالى - سبق قلمه إلى هذا، لأن عين أصلها فعل بضم العين لكن كسرة للمجانسة، وهنا هيم أصلها فعل بضم الهاء فهي كحمر، وحينئذ يكون المفرد بالنسبة للمذكر أحمر أفعل، أهيم، وبالنسبة للمؤنث مثل حمراء هيما، لو عندنا مثلاً هيمان للمذكر، وهيما للأنثى، كعطشان وعطشا، إذا قلنا هيم الأصل أن الهاء مضمومة مثل عين فعل كحمر، والمفر حينئذ على أفعل وفعلا كأحمر وحمراء، وعلى هذا يكون مفرد هيم أهيم، بالنسبة للمذكر، وهيما بالنسبة للأنثى، خلافاً لما يقوله المؤلف -رحمه الله تعالى- حينما قال: جمع هيمان للذكر وهيما للأنثى، كعطشان وعطشا، ما تقدم من الأكل من هذه الشجرة، الخبيثة الزقوم، التي تملأ البطون والشرب عليها بكثرة من هذا الماء الحار شديد الحرارة، {هذا نزلهم} النزل ما يعد للضيف، ما يعد للضيف هذا نزلهم ما أعد لهم يوم الدين، يعني: يوم القيامة، يوم الجزاء، يوم الحساب هذا نزل، يعني: التعبير بما أعد لهؤلاء من الزقوم والماء الحميم الحار، بأنه نزلهم يعني: أول ما يقدم لهم كالنزل الذي يقدم للضيف أول ما يقدم وهذا على سبيل أيش؟
طالب:...............
نعم، على سبيل التهكم، على سبيل التهكم، لأن الضيف بصدد أن يكرم، وهؤلاء بصدد أن يهانوا، فلا يقال لهم في الأصل نزل، لكن من باب التهكم، كما في فبشرهم بعذاب أليم، الأصل في ا لبشارة أنها بما يسر لكن البشارة بما يسوء على جهة التهكم، {نحن خلقناكم} يعني: أوجدناكم من عدم،{نحن خلقناكم} يعني: أوجدناكم من عدم، يعني: هل الإنسان وجد من لا شيء، أو وجد من مادة ؟ يعني: آدم خلق من تراب، وحواء خلقت من ضلعه، والبقية بالتناسل بين الجنسين، حشا عيسى - عليه السلام - فإنه من أم بلا أب، يقول: أوجدناكم من عدم، يعني: هل وجد الجنس من لا شيء؟ نعم إذا نظرنا إلى جنسه فإن جنسه غير مسبوق به، يعني: آدم غير مسبوق بشيء من جنسه، وكونه يخلق من مادة من غير جنسه كأنه خلق من عدم، بالنسبة لجنسه وإلا هو خلق من شيء موجود وهو التراب، وغيره خلق مما يخرج بين الصلب والترائب، فإذا نظرنا إلى الأصل قلنا: أنه خلق من شيء لكن إذا نظرنا إلى الجنس فإنه خلق من عدم، كما قال المؤلف: أوجدناكم من عدم، فلولا هب، يعني: هلا تصدقون، يعني إذا نظر الإنسان في نفسه تأمل الإنسان في نفسه، يعني: هل خلق من لا شيء؟ هل خلق نفسه؟ هل يمكن أن يدعي أنه خلق نفسه؟ لا لابد أن يعترف بأن له خالق، ولذا الكفار المشركون يقرؤون بأن الله - جل وعلا- هو الخالق وهو الرازق، لكن لا يعترفون بالإلوهية ينبسون لغيره أو يشركون معه غيره أو يعبدون من يقربهم إليه زلفى، تصدقون بالبعث يعني: لا ينكرون أنهم خلقوا وأن الله خالقهم، لا ينكرون أن الله - جل وعلا- هو الخالق الرازق المدبر المميت، إذا كان يعترفون بهذا فلماذا لا يعترفون بالنشأة الأخرى بالعبث بعد الموت؟ إذا القادر على الإنشاء قادر على الإعادة وهو أهون عليه، وهو أهون عليه، القادر على الإنشاء قادر على الإعادة، وهذا لا شك أنه أهون والكل هين على الله - جل وعلا -، الكل هين؛ لأن الأولى والأخرى إنما تكونان بكن فأفعال التفضيل ليست على بابها، لكن في عرف الناس وتصورهم أن إعادة الشيء يعني: في المحسوسات تصنيعه للمرة الأولى مثل تصنيعه للمرة الثانية، لا يختلف، يختلف إعادة التصنيع يعني: عندك المادة موجودة، نعم تحتاج إلى شيء من التعديل تحتاج إلى شيء لإعادة الصناعة من جديد، والمادة موجودة، أسهل من كون المادة مفقودة بحيث: يسعى في تجميع المادة، ثم تجميع هذه المواد المجتمعة وإعادتها مرة ثانية، وهو أهون عليه، تصدقون بالبعث والقادر على الإنشاء قادر على الإرادة، {أفريتم ما تمنون * نحن خلقناكم} كان الخالق هو الله - جل وعلا - وأنتم تعرفون ويخاطب كفار قريش أنتم تعرفون كيف وجدتم وخرجتم في هذه الحياة الدنيا، يعني: كيف تمت العملية بين الزوج والزوجة ليخرج من بينهما ولد ذكر أو أنثى،{نحن خلقناكم} لكن كيف كان هذا الخلق! توضيحه في قوله{أفريتم ما تمنون} ترقون من المني في أرحام النساء، لهذا تمم العملية يعني: مبدأ العملية ومنشأ العملية من {أفريتم ما تمنون} تريقونه في أرحام النساء، ثم بعد الأطوار أربعين يوماً، ثم أربعين ثم أربعون، نعم ؟ ثم بعد ذلك ينفخ فيه الروح ثم يتدرج في بطن أمه إلى أن يخرج إنسانا سوياً.
يقول رحمه الله - تعالى-:{أفريتم ما تمنون}أأنتم بتحقيق الهمزتين أأنتم وإبدال الثانية ألفا أأنتم وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركيب المواضع الأخرى، في المواضع الأخرى، {أأنتم تخلقونه}، {أأنتم أنزلتموه}، {أأنتم تزرعونه} إلى آخره، {أأنتم أنشأتم شجرتها} هذه هي المواضع الأخرى التي ستأتي، تخلقونه أي: هذه المادة التي تقذف في أرحام النساء، {أأنتم تخلقونه} أي: المني بشراً الزوج والمرأة في هذه العملية ينتهي دورهما بإلقاء هذه النطفة، ثم بعد ذلك هل يستطيع الأب أو تستطيع الأم أن تجعل هذه النطفة علقة؟ هل تستطيع أن تجعلها تصل إلى حد تكتمل بشراً سوياً؟ ليس بيد أحد شيء قد يقول قائل: أن الأطباء الآن نجحوا في أخذ حيوان من الرجل وبويضة من المرأة وتلقيحهما في مكان خارج الرحم، ثم بعد ذلك ينشأ هذا المولود في هذا المكان ويولد، لكن هل هذا بقدرتهم وإرادتهم؟! نعم لهم قدرة ولهم إرادة، لكنها مقيدة بإرادة الله - جل وعلا-، وإذا كان الموضع الأصلي لا يؤمن فيه من الإجهاض بتقدير الله - جل وعلا- فكيف بالفرع الذي هو طرف ثالث، {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} أم هذه يعطف بها بعد الهمزة همزة التسوية أو همزة عن لفظ أي مغنية، وأم هنا {أأنتم تخلقونه أم نحن} هل هذه همزة تسوية! نعم؟ أو نقول هي منقطعة بمعنى بل، بل نحن وأم المنقطة يعطف بها المفرد ولا يعطف بها الجملة، ولا يعطف بها الجملة، والآن المعطوف نحن الخالقون مفرد وإلا جملة، جملة لكنها في معنى المفرد، بمعنى: أنه الخبر الخالقون لو حذف يتأثر الكلام؟ ما يتأثر الكلام فالتقدير أأنتم تخلقونه أم نحن فكأنها عطفت مفرد، وحينئذ يصح كونها منقطعة بمعنى بل، نحن قدرنا بالتشديد والتخفيف، بالتشديد قدرنا، وبالتخفيف قدرنا، قدرنا من التقدير، وقدرنا من القدر، نحن قدرنا يعني: من باب القدر الذي هو شقيق القضاء، قدرنا من التقدير وقدرنا بينكم، ومنهم من يقول: إن التخفيف والتشديد هنا بموضع واحد، والأصل بقدر بالتخفيف أنه من التضييق، {من قدر عليه رزقه}، يعني: من ضيق عليه رزقه لكن قالوا هنا سواء كانت بقراءة التشديد أو التخفيف بمعنى الواحد وهو القدر الذي هو شقيق القضاء، {بينكم الموتى وما نحن بمسبوقين} ما نحن بمسبوقين يعني: ما نحن بعاجزين مسبوقين، يعني: عاجزين، على أن نقدر ما نشاء، لسنا بعاجزين على أن نقدر ما نشاء وأن الله جل وعلا فعال لما يريد يخلق ما يشاء ويختار، يعني التقدير هذا {نحن قدرنا بينكم الموتى وما نحن بمسبوقين} يعني: بعاجزين ايش معنى بمسبوقين؟ مسبوقين على ما قدرناه، فإذا قدرنا الحياة لن يسبقنا أحد على إماتت من قدرنا حياته، لن يسبقنا أحد على ذلك؛ لأن لدينا القدرة التامة وما عدنا هو العاجز، ومن قدرنا عليه الموت لن يستطيع أحد إحيائه مهما بذل؛ لأن التقدير كله بيد الله، {على أن نبدل} على يعني: عن هنا جعل على بمعنى: عن، على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم طيب هو جعل على بمعنى: عن، وقلنا: في درس مضى أن العلماء يختلفون في تضمين الأفعال وتضمين الحروف، هنا ضمن الحرف والأكثر على أن تضمين الفعل وهذا ما يقرره شيخ الإسلام أولى من تضمين الحرف، فنأتي بفعلٍ يضمنه ما يتعدى بعلى مسبوق عن كذا أو مسبوق على كذا؟.
عجزت أوسبقت على كذا أو عن كذا، القرآن فيه على، والمفسر قدر عن فضمن عن، على بمعنى: عن وإذا أردنا أن نضمن الفعل وتبقى على في موضعها، فماذا نقول؟ نقول: وما نحن بمسبوقين، بل قادرين على أن نبدل، وما نحن بمسبوقين بل قادرين على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم، نعم، أمثالهم على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم يعني: المماثلة هنا في الأشكال أو في الأفعال؟ نعم؟ لا إذا هذب بأقوام وجاء بناس مثلهم في الأشكال في الهيئات وأفعالهم واحدة ما حصل تبديل، يعني: هل التبديل في الأوصاف أو في الأشخاص؟ نعم إذا تغيير الأشخاص بأشخاص غيرهم لا تختلف عنهم أوصافهم، {تتولوا نستبدل قوم غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}نأا يعني: في الأفعال، هذا إذا قلنا: أن المراد تبديل الأوصاف فنأتي بأشخاص آخرين أوصافهم وأفعالهم تختلف عن أفعالكم وهذا تهديد، نجعل أمثالكم مكانكم، وننشئكم، أي: نخلقكم فيما لا تعلمون، وننشئكم يعني: نخلقكم في مالا تعلمون من الصور كالقردة والخنازير، لأنه قد يبدل الأشخاص مع الأوصاف، وقد يبدل الأوصاف دون الأشخاص وقد يبدل الأشخاص والأوصاف، قد تبدل الأوصاف الناس هم هم لكن بدل من أن يكونوا يعملون بالأعمال المغضبة المسخطة لله تبدل أوصافهم بأن يكونوا ممن يعمل بما يرضي الله - جل وعلا- وهذا هو المطلوب، فإن حصل وإلا بدلوا إما بغيرهم ممن يعمل بما يرضي الله - جل وعلا-، أو بأشخاصهم لكن مسخوا كما حصل في الأمم السابقة مسخوا قردة وخنازير، وذكرهم في القرآن وذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى- في إغاثة اللهفان في فصل طويل جداً ما يحصل في هذه الأمة من المسخ، من المسخ لكثير من الناس قردة وخنازير، مسخ أشخاص ومسخ قلوب، وهذا أعظم - نسأل الله السلامة والعافية-، حتى ذكر في بعض الآثار أنه ذكر في آخر الزمان الرجلان يذهبان إلى المعصية، فيمسخ أحدهما خنزيراً، طيب الثاني أيش يصير يرجع يتوب، يحمد الله ويشكره على أن عافاه مما ابتلى به صاحبه، يشتمل على معصيته، يعني هذا مسخت صورته وهذا مسخ قلبه، - نسأل الله السلامة والعافية-، وأهل العلم يقررون أن مسخ الصورة أسهل من مسخ القلوب، وكثير من الناس يعيش بين المسلمين بل من طلبة العلم، بل ممن ينتسب إلى العلم يعيش وهو ممسوخ القلب، وابن القيم يقرر أن أكثر من يتعرض لهذا المسخ طائفتان من الناس، وكل ممن يغير ويحرف شرع الله - جل وعلا-، هؤلاء هم الذين يبتلون ولا نحتاج إلى مزيد التفصيل في هذا، فالأمر ليس بالسهل يعني: الإنسان يحمد الله أنه يعيش مرتاح ومبسوط ومتيسرة أموره ولكن ما يدري عن القلب، والمعول على هذا القلب {يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}[سورة الشعراء:88-89]، على الإنسان أن يتحسس هذا القلب يراجع هذا القلب يسعى بما يصلح هذا القلب، الإنسان قد يفتن في العام مرة أو مرتين أو أكثر وقد يفتن في اليوم ثم لا يتوب ولا يدكر بل لا يدري هل هو مفتون أو غير مفتون؟ وهذه كارثة كون الإنسان يحسب أنه يحسن صنعاً وأنه بالعكس: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [سورة الزمر:47]، بعض السلف تلى هذه الآية وهو يعلم الناس يفسر لهم القرآن فأطبق المصحف ومشى، قال: أنا أخشى أن يكون هذا الدرس، هذا الدرس الذي أظن أنه يقربني إلى الله مما يبعدني إلى الله، {وبدا لهم من الله}، يظن أنه يحسن صنع وفي النهاية يكون عليه، لأن الأمر خطير جداً، أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، منهم العالم الذي يعلم الناس، ماذا صنعت يا فلان تعلمت العلم سنين وأنا أتعلم ثم بعد ما تعلمت،عقود وهو يعلم الناس الخير والعلم والفضل وكم من الناس من انتفع به؟ لكن كما قيل: "انتفع الرسول وخاب المرسل"، ((يقال له: كذبت إنما تعلمت وعلمت ليقال عالم))- والله المستعان - فهذا من الثلاث الذين هم أول من تسعر بهم النار، فعلى الإنسان أن يراجع نفسه، ولقد علمت القراءة التي اعتمدها المؤلف هي قراءة ابن كثير النشاآئت الأولى، النشآئة الأولى، أو النشأة هكذا، صورتها النشآئة وفي قراءة بسكون الشين يعني النشأة وهي قراءة من عدى ابن كثير وأبي عامر، {فلوا تذكرون} فيه إدغام التاء الثانية في الأصلي في الذال، تذكرون الأصل تتذكرون, فإذا أدغمت التاء الثانية في الذال صار اللفظ تذكرون، تذكرون، أما تذكرون ما في إدغام، وهنا يقول: في إدغام التاء الثانية في الأصل في الذال، يعني: في الأصل يعني قبل التخفيف، حتى صار اللفظ تذكرون {أفرأيتم ما تحرثونْ}، وإذا جاء السؤال بهذه الصيغة وبهذا الفعل فالمراد به: أخبروني، أخبروني عما تحرثون تثيرون في الأرض، وتلقون البذر فيها، تثيرون في الأرض وتلقون البذر فيها، هذه الحرث، يعني: الزراعة، الزراعة مكونة من: مراحل أولى هذه المراحل: حرث الأرض، يليها: إلقاء البذر في هذه الأرض، ثم: سقي هذا البذر كلها هذا من صنع المخلوق، من صنع المخلوق {أفرأيتم ما تحرثون} تثيرون في الأرض وتلقون البذر فيها {أأنتم تزرعونه}، نعم تحرثون تثيرون الأرض هذا واضح أنه من عمل المخلوق، أأنتم تزرعونه؛ لأن الزراعة تطلق على الإنبات، على الإنبات الحرث شيء، والزراعة شيء أخر، وإن كانت الزراعة تطلق في العرف على الحرث فلان يزرع وهذه مزرعة فلان تنسب إليه وتسند إليه، لكن الأصل لبن آدم والزراعة من الله - جل وعلا – التي هي الإنبات، أأنتم تزرعونه تنبتونه أم نحن الزارعون، أم نحن الزارعون، الزارع الذي أنبت هو الله - جل وعلا-، والله أنبتكم، والله أنبتكم، فالزارع الذي أنبت هو الله - جل وعلا-، لكن {أم نحن الزارعون} هل نأخذ من هذا اسم لله - جل وعلا - الزارع؟ كما قال بعضهم وكما قال في نحن الوارثون ، {إن نحن نرث الأرض} فقالوا من أسمائه الحارث والزارع أم أن هذا إخبار ودائرة الإخبار أوسع لا يشتق منها اسم لكن يخبر عن الله بأنه زارع، يخبر عن الله بأنه طيب، لكن ليس من أسمائه الحسنى لا الزارع ولا الوارث ولا الطيب، ليست من الأسماء الحسنى وإنما يخبر بها عن الله - جل وعلا- ودائرة الإخبار أوسع من دائرة الأسماء الحسنى.
{أم نحن الزارعون* لو نشاء} لو نشاء لجعلنه اللام هذه لام تأكيد ويؤتى بها حينما يكون هناك شيء من التردد عند المخطر، {لو نشاء لجعلناه حطاماً}، الفلاح حينما يحرث الأرض ويلقي فيها الزرع ويسقيها الأيام والشهور حتى يخرج النبات، يعني قد يخيل إليه في نفسه أنه هو الذي أنبت ولذا جاء الخطاب له مؤكداً {لو نشاء لجعلناه حطاماً} يعني: إذا كنتم لا تعترفون بأننا نحن الزارعون {لو نشاء لجعلناه حطاماً}،{لو نشاء لجعلناه} لأنه قد يكون في نفس المخاطب شيء من التردد فجيء به مؤكد لجعلناه حطاماً نباتاً يابساً لا حب فيه، نباتاً يابساً لا حب فيه، فظلتم أصله فظللتم، حذف تخفيفاً أي: أقمتم نهاراً تتفكهون أقمتم نهاراً، ظل فلان يفعل كذا وبات فلان يفعل كذا، ضل يعني يعمل بالنهار، وبات يعمل بالليل، بات يعمل بالليل، وضل يعمل بالنهار، ولا يلزم من البيتوت النوم، ولا يلزم من البيتوت النوم، لأنهم يقولون: بات فلان يرعى أو رعي القمر، وعين باتت تحرس في سبيل الله، ولا يلزم من البيتوت النوم، كما قرر ذلك أهل العلم وإن كانت في الليل، يعني: بات يفعل كذا، وضل يفعل كذا بالنهار، حذف تخفيفاً أي: أقمتم نهاراً لو أريد ألليل لقيل: فبتم تفكهون، لكن لما أريد النهار قال: فظلتم لأن الأصل أن وقت العلم هو النهار والليل سكن، تفكهون حذفت منه أحدى التاءين في الأصل، تعجبون من ذلك، تعجبون من ذلك، التفكه أصله: مأخوذ من الفاكهة، وقد يتوسع في معنى الفاكهة، وبعض الناس يتفكه في أعراض الناس، هذا من باب التوسع في الإطلاق، والنار فاكهة الشتاء، النار فاكهة الشتاء، فمن يرد أكل الفواكه في الشتاء فليصطلي، هذا من التوسع في إطلاق التفكه وإلا فالأصل أن تفكه مأخوذ من الفاكهة، حذفت منه أحد التاءين في الأصل، تعجبون من ذلك، تعجبون من ذلك، يعني: الإنسان يتعب الشهور حتى ينبت الزرع ثم بعد ذلك يكون حطاماً، يكون حطاماً يكون هشيماً تذروه الرياح، ثم بعد ذلك يصبح الناس يتحدثون في المجالس، حصل لفلان كذا، حصل لفلان كذا،وهم قسمان بالنسبة لصاحب الزرع: منهم من يتوجع ويتحسر، ومنهم من يتفكه ويتندر، والله المستعان.
تعجبون من ذلك وتقولون: {إنا لمغرمون} نفقة زرعنا كأننا غرمنا وخسرنا ما بذلناه على هذا الزرع، ثم النتيجة لا شيء، {إنا لمغرمون ، بل نحن} بل نحن محرومون أي: ممنوعون رزقنا، ممنوعون الرزق وهذا يحصل بسبب الذنب يصيب الإنسان وقد يحصل رفعة لدرجته في الآخرة ولو لم يكن في مقابل ذنب، {بل نحن محرومون} ممنوعون رزقنا.
{أفرأيتم الماء الذي تشربون} يعني: نعمة من نعم الله ، يعني: {أفريتم ما تمنون} من أعظم نعم الله على البشر يعني: هو سبب بقاء النوع الإنساني ثم بعد ذلك الزراعة التي من حصيلتها من يؤكل وتقوم به الحياة؛ ثم بعد ذلك الماء الذي تشربون لأن الماء وحده لا يكفي إلا ما جاء في ماء زمزم؛ لا بد من الطعام ثم الشراب، هذه نعم أصلاً النوع الإنساني إنما يتكون بمعاشرة الزوج مع زوجته على ما تقدم ثم بعد ذلك ما تنبته الأرض من المزروعات فيأكل ويبقى النوع ويستمر وإلا فإذا جاع مات، ثم بعد ذلك الماء الذي تشربون الذي منه حياة كل شيء ، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [سورة الأنبياء:30]، {أفريتم الماء، أأنتم أنزلتموه من المزن} من السحاب، من السحاب جمع مزنا وهي السحابة، أم نحن المنزلون، أم نحن المنزلون، {أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} من الذي ينزل المطر من السحاب هو الله جل وعلا ومن يدعي ذلك فهو كاذب هذه مسائل استمطار كل هذا لا قيمة له ولا ينبغي أن يختلف فيه مسلم، لماذا لأنه جعل خلاف ما جاء في الزارعة، في الزراعة قال: {لو نشاء جعلناه} لأنه قد يوجد من يتردد، لكن في هذا الماء الذي ينزل من السحاب قال: لو نشاء جعلنا لماذا؟ لأنه لن يوجد من يتردد، وهناك من يدعي استمطار وينزلون ومدري ايش كله لا قيمة له، {لو نشاء جعلناه} يعني: ملحاً لا يمكن شربه، ملحاً لا يمكن شربه، فلولا هلا يعني: حظ على الشكر لهذه النعمة، يعني: لو أتيت على الماء أنت عطشان شديد العطش ثم جئت إلى بئر فرحت بها فرحاً شديداًَ فنزعت فيها دلواً فلما شربت منه مججته في الأرض لماذا؟ لأنه أجاج ملح، لا يروي لا يروي الغليل، فهذا ضرره أكثر لأن الأجاج يزيد في العطش ومعلوم أن الطعام إذا زاد فيه الملح زاد فيه العطش، فإذا كان الماء كله أجاج ليش شديد الملوحة يعني هل استفاد الناس من البحار في الشرب؟ لا في الحديث: ((إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإذا توضئنا به عطشنا)) يعني: أنت كالبحر تعطش أنت في البحر نعم تعطش؛ لأن ماء البحر لا ينبت إلا عطش، فتصور أن كل المياه النازلة والنابعة كلها أجاج، ملح أليست هذه نعمة أن تجد الماء عذب زلال تشرب منه، والآن المليارات تصرف على التحلية من أجل أن يشرب الناس، هذا الماء الملح يشربونه عذاباً زلالاً فتصور كل ما يزل وكل ما ينبع كله ملح، يعني: أليس وجود الماء العذب نعمة من أعظم النعم، {فلولا تشكرون} هلا تشكرون الله - جل وعلا- على هذه النعم، {أفريتم النار} النار التي تورون أي: تقدح الذنب تشتعل النار سواء كانت من الشجر لأن هناك أعواد إذا مس بعضها بعضاً إنقدح وهناك حجارة يقدح بعضها في بعض، تنقدح منها النار، {أفريتم النار التي تورون} أيضاً النار نعمة من نعم الله، نعمة من نعم الله تذكرك بنار الآخرة، وتحملك على العمل للدار الآخرة، {أفريتم النار التي تورون} تخرجون من الشجر الأخضر وهذا من الغرائب والعجائب، لأن الشجر الأخضر الخضرة هذه دليل على نشوف هذه الشجرة وخلوها من الماء أو على وجود الماء؟ على وجود الماء فكون النار تخرج من الماء هذا من آيات الله - جل وعلا- من آيات الله {أفريتم النار التي تورون} يعني: تخرجون وتوقدون من الشجر الأخضر سواء كان ذلك في بداية الإيقاد من ضرب بعض العيدان على بعض، أو من استمرار الإيقاد بجمع هذه الأشجار وهذه الأخشاب، من الشجر الأخضر {أأنتم أنشأتم شجرها} أأنتم أنشأت شجرها كالمرخ والعفار والكلخ، قالوا: الكلخ أن هذا شجر يخرج من المغرب توقد منه النار، وأما المرخ والعفار فهو يخرج بكثرة في بلاد العرب،{أم نحن المنشؤون} يعني: لهذه الشجرة ! الله - جل وعلا- هو المنشأ وأنت تصور نفسك أن ما عندك نار، عندك رز عند حب لكن ما عندك نار، ماذا تستفيد؟ تستفيد شيء ما تستفيد، فهي أيضاً من نعم الله - جل وعلا- أو من النعم المترتبة على هذه النار لا تكاد تحصى ولو لم يكن منها إلا أنها تذكر بنار الآخرة لكفى، وقد اجتمع قوم على نار يصطلون يستدفؤن وبينهم صبي في أول التمييز في السادسة في السابعة من العمر، رأى هذه النار فبكى، الكبار ما بكوا، لأن لهم سنين من عشرين سنة والي له خمسين سنة يشبون ها النيران وتدفون، لكن هذا الصبي بكاء، قال ما الذي يبكيك قال: أخاف من جهنم، قالوا: أنت الآن صغير ما عليك تكليف، إلى الآن ما كتب عليك سيئات، قال: لا أنا أشوفكم تبدؤون بالصغار الحطب الصغار قبل الكبار، هذا القلب الحي، وإلا فالأصل ما عليه تكليف هذا طفل، لكن كيف تذكر كيف اعتبر؟ هذا حث للكبار على مثل هذا التذكر، - والله المستعان-، {نحن جعلناها} يعني: هذه النار تذكرة لنار الآخرة، لنار جهنم وهذه من أعظم فوائدها، لو لم يكن فيها إلا هذه الفائدة كفى، لكن من منا من يتذكر هل من مدكر؟ القلوب تحتاج إلى تحريك تحتاج إلى إعادة نظر، تحتاج إلى مزاولة ما يشفيها من مرضها وما يحييها من موتها؛ {نحن جعلنها تذكرة ومتاعا} لنار جنهم ومتاعاً بلغة للمقوين للمسافرين من أقوى القوم إذا صاروا بالقوى بالقصر والمد أي: القصر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء، للمقوين يعني: المسافرين، المسافر ما.........للماء وإذا لم يجد مات، بينما المقيم إذا لم يجد وجد من يعينه من جار من قريب من بعيد يتسبب، لكن لما يكون مسافر في أرض قفر هو أحوج الناس إلى هذه النار، ومنهم من يقول: للمقوين للجائعين، كما يقال: بات فلان القوى، يعني: على جوع، وعلى كل حال هي متاع للجميع للمسافر والمقيم، للجائع وللشبعان، للغني وللفقير، للكبير والصغير، لكنها في حال السفر ضرورة، ضرورة يعني: إذا لم تجد ما توقد عليه على طعامك في بيتك وأنت مقيم ذهبت إلى الجيران عندكم كبريت، عندكم حطب، عندكم غاز، تنحل المشكلة، لكن المسافر في المفاوز الذي لا يجد من يعينه هو أشد الناس حاجة إلى هذه النار.
{فسبح} التسبيح هو التنزيه لله جل وعلا بسم قال: هذه زائدة والأصل فسبح ربك العظيم، يعني: نزه ربك العظيم الذي هو الله جل وعلا، فسبح نزه، {باسم} قال: زائدة ونقول: ليست بزائدة كما يسبح الرب جل وعلا وينزه عما لا يليق به كذلك ينزه ويسبح اسمه وينزه عما لا يليق به، أسماء الله الحسنى تنزه عما لا يليق بالله - جل وعلا-، فكلها حسنى وإذا لم ننزها أتينا على هذه الوصف وكونها حسنى أتينا عليها بالنقض ولله الحسنى{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} [سورة الأعراف:180]، الذين يلحدون هؤلاء هم الذين لا ينزهون الأسماء الحسنى، فعلينا أن ننزه ونسبح الأسماء الحسنى وتكون حينئذ اسم من أصل الكلمة، وأنه كما ينزه الرب جل وعلا تنزه أسمائه الحسنى وصفاته العلى عما لا يليق بجلاله وعظمته، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
طيب مادام سئل بعض العلماء لماذا تسأل مرة ثانية؟ هذه المسألة من يقول: بتغيير المحل هو لا يستند إلى أصل يمكن الاعتماد عليه, إلا مسألة التعدد، تعدد الأمكنة التي تشهد له، وأن هذا من آثاره التي تشهد له، من هذه الحيثية وإلا فقد جاء في صحيح البخاري: "ويذكر عن أبي هريرة، لا يتنوع الإمام في مكانه" يقول البخاري: ولم يصح، ولم يصح.
هذا وميسر أن يقرأ الإنسان القرآن في سبع ولا يعوقه عن أي مصلحة سواء كانت هذه المصلحة تتعلق بالدين أو بالدنيا، بل هي عائد له على أمور دينه ودنياه، إذا جلس في مصلاه حتى تنتشر الشمس بإمكانه أن يقرأ القرآن في سبع، إذا جلس إلى أن تنتشر الشمس يعني: ساعة بعد الصلاة يقضي فيها الأذكار، وينتظر حتى يقرأ فيها أربعة أجزاء خمسة في اليوم الأول والثاني، وأربعة في بقية الأيام على تقسيم السلف، على تقسيم السلف وتحزيبهم للقرآن ثلاث في اليوم الأول البقرة وآل عمران والنساء، ثم خمس في اليوم الثاني، المائدة والأنعام والأنفال، والأعراف والتوبة، وسبع في اليوم الثالث، وتسع في اليوم الرابع، وإحدى عشرة في اليوم الخامس، وثلاثة عشرة في اليوم السادس، والمفصل من ق إلى آخره في اليوم السابع، وهذه لا تشق على طالب العلم، أبداً وإذا تعودها سهلة عليه جداً، لأن على طالب العلم أن يجعل لنفسه حزباً ثابت من القرآن لا يخل به، أما إذا ترك القراءة حسب التيسير، إن تقدم إلى الصلاة قبل الإقامة قرأ وإلا فلا، هذا لن يقرأ القرآن، الملاحظ على كثير من طلاب العلم يحرص أن يحفظ القرآن ثم إذا حفظ القرآن ضيع القرآن صار ماله ورد مرتب، يقرأ القرآن وإن قرأ نصيبه في جوف الليل فهو أفضل، أفضل لكن إذا كان ممن قيد بذنوبه عن قيام الليل فلا أقل من أن يجلس بعد صلاة الصبح ويقرأ هذا القدر المخصص لكل يوم من أيام الأسبوع، وحينئذ يقرأ القرآن ولا يعوقه هذا عن شيء من أمور دينه ولا دنياه، أمر سهل هذا أمر مجرب، نعرف شباب التزموا هذا فصاروا لا يفرطون فيه، ولا يسامون عليه سفراً ولا حضر، وأمورهم ماشية، أمورهم ماشية، قد يقول قائل: إنا مرتبطين بدروس بعد صلاة الصبح فكيف أقرأ القرآن؟ يا أخي بعد الدرس اجلس ساعة وتنتهي أو قم قبل صلاة الفجر بساعة وتنتهي، على كل حال ضع هذا من أولى أولوياتك وأهم اهتماماتك، ثم تجد الراحة، والمتعة في قضاء هذا الوقت مع كلام الله -جل وعلا-.
التقسيم ثلاث هذا في اليوم الأول: البقرة، وآل عمران، والنساء.
والثاني: خمس أي: بتدريج ثلاث، خمس، سبع، تسع، إحدى عشرة، ثلاثة عشرة، ثم بعد ذلك يبقى مفصل، من ق إلى آخر القرآن.
البقرة وآل عمران والنساء في اليوم الأول، ثم المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة خمس في اليوم التالي، ثم بعد ذلك من يونس إلى أخر النحل في اليوم الثالث، ثم من الإسراء إلى الشعراء في اليوم الرابع، ثم من الشعراء إلى ياسين في اليوم الخامس، ثم من ياسين إلى ق في اليوم السادس، ثم من ق إلى آخره في اليوم السابع، يعني: تقسيم متقارب نعم في اليوم الأول والثاني فيه زيادة لكن لا يمكن التقسيم بالحروف كما كان يفعل بعضهم، يقف على قوله: {فليتلطف} هذه حتى ولو كان هذا نصف القرآن بالحروف لا ينبغي؛ لأن مراعاة المعاني لا شك أنها مهمة بالنسبة إلى القرآن حتى الوقوف في أثناء سورة ولو قدر أن هذه ثلث أو ربع القرآن كما قرر عند أهل العلم، والتحديد هذا ثابت عن الصحابة في سنن أبي داوود، التحديد الذي ذكرته، ومن أراد أن يقرأ القرآن في ثلاث يقرأ إلى أخر التوبة في اليوم الأول، ثم إلى آخر ألم في سورة السجدة في اليوم الثاني، ثم إلى أخرا لقرآن في اليوم الثالث.
المدلس لا بد أن يصرح بالسماع ممن روى عنه، إذا كان ممن لا يحتمل الأئمة تدليسه، إذا كان ممن لا يحتمل الأئمة تدليسه، في الطبقة الثالثة فإنه لا بد من أن يصرح بالتحديث عمن فوقه، على ألا يوجد في السند مدلس تسوية، لاحتمال أن يكون قد أسقط راوي بين ثقتين أو ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر وإذا وجد في السند راوي عرف بتدليس التسوية لا بد أن يصرح في السند كله بالتحديث، أما إذا لم يوجد من هذا النوع أحد فإنه يكفي في من عرف بالتدليس وروي به إذا لم يضف إلى ذلك قادح آخر، أما إذا وجد سببٌ أخر للقدح غير التدليس فلا يكفي أن يصرح بالتحديث.
لكن هل هذا مجزوم به رؤيا الهلال؟ أو على التقويم؟ لا لا بد من رؤية الهلال.
المقصود: إذا كان ممن خول بالعمل في هذه الأموال، وصرح له من قبل المتبرعين بأن له أن يضارب ويساهم فيها، وإلا فلأصل أنه ليس له أن يتاجر فيها، هذه أموال قيمة عينة جهتها فتصرف فيها، وإذا أريد مثل هذا الزيادة في هذه الأموال، أن تودع في أوقاف تدر على هذه الجهات، تجمع هذه الأموال وتجعل في أوقاف يحسب أصلها ويستفاد من ريعها، أما تعريبها بهذه الطريقة لاسيما للأسهم التي لا يدرك كنهها، ولا يعرف مالها فيوماً تراها في الثرى، ويوماً في الثرياء، هذه ليست تجارة، هذه في الحقيقة ليست تجارة، والذي أراه أنه في هذه الحالة إلم يصرح له من أصحاب الأموال الذين دفعوها بأن يضارب فيها أنه يضمنها.
مثل هذا لا بد أن تقبل قبل، قبل حسن الخلق أن يكون معروف بالديانة، ((من ترضون دينه، وأمانته فزوجوه))، لا بد أن يكون معروف بالديانة، محتاطاً لنفسه والذي يزاول هذه الأعمال لاشك أنها خرم في دينه، وأي: خرم في الربا من عظائم الأمور وإلم يزاوله بنفسه فقد أعان عليه.
هذه المخيمات الصيفية والمراكز لا شك أنها إنما وضعت لحفظ الشباب من الضياع في أوقات العطل، هذا الأصل فيها، لكن على القائمين عليها أن يستغلوها بما ينفع الشباب، وأن لا يضيعوا أوقاتهم ويهدروها، ألا يضيعوها أن يرتبوا لهم دروس علمية تنفعهم، يرتبوا لهم حلقات تحفيظ، وحفظ متون وشرح ومحاضرات نافعة، ولا يكون أكثر الوقت مهدر في تمثيليات وأناشيد وما أشبه ذلك، وإن كانت هذه الأمور خفت في السنوات الأخيرة لكن مع ذلك على القائمين عليها أن يستغلوا أوقات لما ينفع هؤلاء الشباب.
لا شك أن هذا مما رضي به الشيطان في جزيرة العرب، لأنه أيس أن يعبد في جزيرة العرب ورضي بالتحريش، ورضي بالتحريش، ولا شك أن هذه الاشتغال بهذه الأمور عائق ومذهب لبركة العمر، مذهب لبركة العلم والعمل، وعلى طالب العلم أن يلتفت إلى ما هو بصدده، من طلب العلم من الوحيين وما يخدم الوحيين، اعتصم بالكتاب والسنة ويقتدي بمن سلف وإذا كان هناك من أهل العلم من تبرى الذمة بتقليده ورآه أرجح من غيره واعتمد فتواه أو قوله إذا لم يكن للنظر والاستدلال فله ذلك، على كل حال على طالب العلم أن ينجلي على نفسه ويترك القيل والقال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن قيل وقال.
نقول: لا شك أن الداعي إلى هذه التقبيل أنما هو تعظيم القرآن، تعظيم القرآن، واحترام القرآن، لكن هذا لا يكفي بل لا بد أن يوجد له أصل من فعله -عليه الصلاة والسلام- أو من فعل صحابته، وجد ما يدل على ذلك من بعض الصحابة لكن أكثر الصحابة لم يفعلوا ذلك، كبارهم والمعول عليهم لم يفعلوا ذلك.
وكل خير في اتباع من سلف.
التفسير الموضوعي إذا أضيف إلى التفسير التحليلي ينتفع به طالب العلم، فمثلاً في التفسير الموضوعي إذا أخذ موضوعاً مهماً من موضوعات القرآن وينفع في هذه ويقربه، مثل المفردات الراغب، يعني يجيلك المفردات في جميع القرآن ويفسرها في موضع واحد، فمثلاً إذا احتجنا إلى تفسير أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة في سورة الواقعة، إذا نظرنا إلى السورة بمفردها ألا يحصل في هذا نقص وخلل، لكن إذا قارنا فيها ما جاء في السور الأخرى كسورة البلد مثلاً اتضحت السورة لدينا أكثر، فإذا نظرنا إلى موضع أخر أنظم إلى ذلك ما نحتاج إليه في توضيح هذا اللفظ أكثر، يعني: لو جمع الإنسان لفظ أو مادة الترف في القرآن، أو الإخبات، مثلاً أو التقوى، يعني: كونه ينضر إليها في موضع واحد قد يكون هذا الموضع الذي نظر إليه بمفرده مجمل، وقد بني وفصل في موضع أخر، فإذا نظر إلى هذا الموضوع في جميع القرآن اتضحت له الصورة أكثر، يظهر هذا جلياً في قصص القرآن، فقصة آدم تكررت في مواضع من القرآن، قصة موسى تكررت في مواضع، في بعض المواضع تكون مجملة، وفي موضع آخر تكون مفصلة، وفي موضع ثالث تكون على صورة مغايرة لما تقدم، فإذا نظر إلى هذه القصة في جميع القرآن صار التصور كاملاً عنده، لكن إذا نظر إليها في موضع أخر وغفل عن المواضع الأخرى يكون التصور عنده ناقص، يكون التصور عنده ناقص، ولذا التفسير الموضوعي على هذه الكيفية، يعني: أنت مثلاً تبحث عن صفات المؤمنين، صفات المؤمنين لا بد أن تنظر إليها في جميع القرآن، فيكون من ناحية التفسير موضوعي لأن هذا موضوع فلا تنظر إليها من سورة البقرة فقط، بل تنظر إليها في جميع القرآن تتضح لك الصورة وتكتمل،لأن بعض المواضع مثل ما ذكرنا وذكر أهل العلم مجملة وبينة في المواضع الأخرى، وإذا أتي على جميع ما في القرآن على ما يخص هذا الموضوع، ثم بعد ذلك ثني بماء جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ثلث بما جاء عن سلف هذه الأمة وأئمتها تكون الصورة واضحة مثل الشمس، يعني: الإنسان يحتاج إلى مؤلف مثل مدارج السالكين لابن القيم، مدارج السالكين لابن القيم، كتاب عظيم ومن أنفع ما يقرأه طالب العلم لكن ما يسلم من بعض بقايا الآثار التي أودعها المؤلف الأصل صاحب منازل السائرين، وابن القيم -رحمه الله- حاول أن يقرب كلامه لكنه لم يقضي على جميع ما عنده من المخالفات، رحمت الله عليه فبإمكانك أنت يا طالب العلم أن تؤلف كتاب نظير مدارج السالكين من غير أن ترجع إلى مدارج السالكين، شوف المنازل التي تكلم عنها ابن القيم، واكتب المنزلة ثم بعد ذلك اشرحها من خلال كتب اللغة، وأتمنى من كل طالب علم أن يعمل بنفسه، ولا يعتمد على غيره، اشرح هذه الكلمة من كتب اللغة، اجمع المنازل التي ذكرها ابن القيم، ثم منزلة منزلة، اشرحها من كتب اللغة، ثم بعد ذلك أنت بنفسك راجع القرآن والأمور متيسرة الآن ما يقال هذا يحتاج إلى حافظ، ما يحتاج إلى حافظ، بإمكانك من خلال المعجم المفهرس لألفاظ القرآن أن تجمع كل ما جاء في هذه اللفظة من القرآن تأتي بها وإن راجعت عليها بعض التفاسير المختصرة ووضحت معاني هذه الكلمات في المواضع كلها اتضحت لك الصورة، ترجع أيضاً إلى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث فتذكر ما جاء في هذه اللفظة من أحاديث، ثم بعد ذلك تنضر في أقوال السلف من الصحابة والتابعين، ثم تقابل كلامك بكلام ابن القيم، تجد لابن القيم نفائس ودرر وشيء يعني: ما يخطر البال تضيفه إلى ما كتبت، يعني: إذا انتهى الكتاب يصير عندك من علوم الكتاب والسنة بهذه الطريقة، وأتت ثقة تامة أنك تكون قد أفدت فائدة عظيمة وفي الوقت نفسه ثابت راسخة لماذا؟ لأنك اعتمدت على نفسك ما اعتمدت على أحد، لأنك لو اعتمدت على أحد ما تدرك ما لوا اعتمدت على نفسك، وهذا هو التفسير الموضوعي. لو نجيب على عشرة أسئلة يجين عشرين، على هذا ما ننتهي، يقول: هذا السؤال مهم جداً يعني: في الحديث الذي ذكرناه، إن الشيطان أيس أن يعبد في جزيرة العرب ورضي بعد ذلك بالتحريش، وقد وجد الشرك الأكبر يعني: قبيل بعثة الإمام المجدد وجد الشرك الأكبر، وجد من يعبد الأحجار، وجد من يعبد الأشجار، وجد من يعبد الأولياء والصالحين والقبور في جزيرة العرب، وكون الشيطان أيس هذا على حد ظنه، وهو ظن أنه بعد أن انتشر الإسلام أنه خلاص لن يعبد الإسلام قوي، بعد الفتح قوي، وبعد ذلك من الفتح إلى وفاته عليه الصلاة والسلام صار في غاية القوة، فخيل للشيطان أنه لن يعبد بعد ذلك، فصار يقنع بالدون بالتحريش، لكن هل ظنه طابق الواقع أو خالف الواقع؟ وهل يكون حينئذٍ ظن أو وهم منه؟ لأن الواقع يشهد على خلاف ظنه، فالأدق أن نقول: توهم أنه لن يعبد في هذه الجزيرة، وأوصله حسرته وندمه على ذلك إلى أن أيس واستحسر أن يعبد، لكن هل ترك؟ ما ترك، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[سورة فاطر:6]، فهو عدو إلى قيام الساعة، فيقول والله م ما أخشى أن تسلكوا بعدي على التهويل من الدعوة إلى التوحيد لا، التوحيد رأس المال والدعوة إليه سبيل النبي - عليه الصلاة والسلام- وسبيل من اتبعه، لأنه لا يصح أي عمل من الأعمال بدون توحيد، بدون توحيد لا يصح أي عمل {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }[سورة النساء:48]،{لان أشركت ليحبطن عملك} ما في عمل يمكن أن يقبل بحال من الأحوال إلا بعد تحقيق التوحيد.
في الحديث الصحيح: ((لا تزال جنهم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد هل من مزيد حتى يضع فيها ربنا العزة قدمه وفي رواية رجله حتى تقول قطٍ قط))، المقصود أن القدم ثابتة لله -عز وجل- والتثنية لا بد فيها من نص ملزم.
يعني: نعلم جميعاً ويعرف كل من قرأ القرآن أن هذه الأمة إنما فضلت على غيرها بالأمر المعروف والنهي عن المنكر، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [سورة آل عمران:110] يعني: تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ألا يدل دلالة واضحة على أهميته، وأنه هو السبب الذي فضلنا فيه على سائر الأمم،وإلا فالأمم السابقة من أمن منهم من أسلم يؤمن بالله، ولا يقبل أي عمل إلا بالإيمان بالله ، لكن لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله؟ لأنه هو السبب الذي فضلنا به، وإلا فالإيمان موجود فينا وموجود في غيرنا، من الأمم السابقة، فعلى الإنسان أن يستشعر من واجبه الذي أوجبه الله عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه)) ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأهل العلم يجمعون على أنه لا يجوز تغيير المنكر بما يترتب عليه منكر أعظم منه، فعلى الإنسان أن ينكر حسب المرتبة التي يستطيعها، ويقدر عليها من غير تسبب في منكر أعظم، فلا بد في ذلك من توخي الأساليب التي تتحقق بها المصالح وتندفع بها المفاسد وإذا أردنا مصلحة ثم بعد ذلك ترتب على إرادتنا لهذا المصلحة مفسدة أعظم أو أردنا درأ مفسدة ثم ترتب على إرادتنا هذه مفسدة أعظم، فلا شك أن ارتكاب أخف الضررين من أجل تحصيل أعلى المصلحتين ودفع أعظم الضررين أمراٌ مقرر في الشرع، فعلينا أن نحتسب وعلينا أن نكر وعلينا أن نأمر وعلينا أن ننهى لكن بالطرق التي تترتب عليها المصالح وتندفع بها المفاسد، والكلمة الطبية مؤثرة بلا شك، والرفق ما دخل في شيء إلا زانة، قد يقول قائل: أن هذا الكلام يفهم منه أن من يقوم بهذا الأمر اشتهر عنهم العنف لا، لا لا ليس هذا المقصود وليس هذا المراد، الأخوان مازالوا على خير وما زالوا على جادة ولله الحمد ويقومون بعمل - نسأل الله أن يكافئهم وأن يدفع عنهم كل سوء -، لا ليس هذا هو المفهوم لأنه حين يطرق باب الرفق يظن أن باب العنف موجود، لكن هو مجرد تذكير للإخوان ومن أجل أن يقبل هذا الحق لأن الظرف الذي نعيشه يختلف عن عقود مضت، يختلف عن عقود مضت، فنحتاج إلى شيء من الحكمة أكثر مما كنا نحتاجه من قبل، - والله المستعان - والموضوع لا يخفى على أحد لكن بعض الناس إذا سمع هذا الموضوع يطرق بكثرة ظن أن الواقع خلافه، لا ليس الواقع خلافه، لكن يقال مثل هذا الكلام لتذكير به ولو سكت عنه، يعني: أمر أهل العلم من يعلم الناس أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ظن خصمه أنه يؤلب الناس؛ لأن هذا الأمر مستهدف، هذا الموضوع مستهدف فلو لم نقل مثل هذا الكلام ونحن على يقين بأن الإخوان عندهم خبر وزاولوه على هذه الطريقة التي نشرحها ويشرحها غيرنا ولله الحمد لا يذكر شيء لا يكاد يذكر من مسائل التي قد يصاحبها شيء من الغيرة التي تحمل بعض الإخوان على أن يترك لبعض المغرضين شيء من الكلام في الموضوع، فإذا ذكر على هذا الموضوع عرف وأخذ عن الجميع صورة أن القصد هو الخير، وأن القصد رفع الشر ورفع الخبث الذي إذا كثر استحقت الأمة الهلاك بسببه، ((أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث)) فهذه المساهمة في رفع أو في بذل السبب الذي يؤخر فيه الهلاك، وليعلم كل أمر وكل ناهي أن النتائج ليست بيده، وأن الله - جل وعلا- ينجي الذين ينهون عن السوء ولو لم يرتفع المنكر،{أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا} فلا بد من النهي عن السوء لينجوا الجميع، وبقدر ما يبذل في الإنكار والأمر والنهي يدفع الله جل وعلا عن المجتمعات من الشرور ما لا يعلمه ولا يحيط به إلا ا لله - جل وعلا -؛ لأن الإنسان مأمور أن يبذل بما يستطيع وإذا بذل ما يستطيع عذر وثوابه كامل، سواء تغير الواقع أو لم يتغير لأننا مطالبون ببذل السبب والنتائج بيد الله، وإذا كان النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يستطيع أن يهدي من يحب فكيف بمن دونه، وهناك وسائل وهناك قنوات يمكن أن يؤخذ بها الصوت الذي لا يمكن أن يصل بمفرده، فطالب العلم يبلغ أهل العلم وأهل العلم يبلغون الولاة وحينئذ تتضافر الجهود ويقضى على المنكرات إن شاء الله – تعالى-.
أهل الحديث يتداولون أن النطق المعروف المتداول بينهم راهويه، ويروين في ذلك حديثاً ضعيفاً بل منكر أن ويه من أسماء الشيطان، ولذا المضطرد عند أهل اللغة راهويه مثل سيبويه ونفطويه، وهكذا هذه هي الجادة.
على كل حال أعراض المسلمين عموم المسلمين حفرة من حفر النار، حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد، وجاء في الغيبة ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، هذا إذا كان في عامة الناس، الذي لا يترتب على الكلام فيهم أثر بالغ عام يشمل الناس كلهم، فكيف إذا تعدى ذلك إلى العلماء المحققين الراسخين الكلام فيهم يزهد عوام الناس فيهم، وإذا زهد الناس في علمائهم فعلى من يعولوا في بيان الدين وتلقي العلم، والفتوى إذا زهد الناس في أهل العلم ضاعوا كما هو حال كثير من المسلمين في كثير من البلدان، في كثير من البلدان، فلا يجوز حينئذٍ أن يتكلم فيهم بكلمة كسائر الناس، أضف إلى ذلك أن الأثر المترتب على الكلام فيهم أبلغ وأشد من الكلام المترتب على غيرهم، فليتق الله -جل وعلا- من أخذ أعراضهم ونشرها بلسانه وتلقاها بلسانه يتق الله -جل وعلا- في ذلك.
نسأل الله -جل وعلا- أن يثبت العلم في قلبك، وأن يرزقك العلم الذي يدلك على العمل.
هذا العمل لا شك أنه لا ينبغي أن يخوض فيه إلا من أدرك الصفاء والمروة على حقيقتهما، قبل التصرف فيهما، لأن البينية في السعي لا بد من تحققها، لا بد من تحققها، والذي لم يدرك الصفاء والمروة على حقيقتهما لا يدرك المسافة التي يجوز فيها السعي، وحينئذٍ عليه أن يكف عن ذلك وعليه أن يقتدي بمن رأى وعلى كل حال عوام المسلمين من اقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده سواء كان في الفعل أو الكف، على كل حال تبرأ ذمته بذلك.