معرفة الصحيح والضعيف من الأحاديث

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد يسر مؤسسة الدعوة الخيرية في جامع الأمير فيصل بن فهد يرحمهم الله وفي برنامجها الدورة العلمية الأولى للدعاة أن تتشرف باستضافة أحد علمائنا الأجلاء وهو فضيلة الشيخ الدكتور العلامة عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة التدريس سابقة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفي محاضرة بعنوان: معرفة الصحيح والضعيف من الأحاديث قبل أن نبدأ في هذا اللقاء المبارك أنبه الإخوة على أنه تقرر في يوم السبت إن شاء الله تعالى أن تكون محاضرة معالي الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء محاضرة مع معالي الشيخ الدكتور سليمان أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أسأل الله عز وجل أن يوفق علماءنا في هذه اللقاءات المباركة وأن ينفعنا بما يقولون وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم إنه ولي ذلك والقادر عليه، طلب مني الشيخ أن أنبه الإخوة على ألا يسمح لأحد بالتصوير عن طريق الجوال أو تصوير آخر فرغبة أنبه على ما طلب الشيخ فأرجو من جميع الإخوة الالتزام بهذا الأمر موضوع الشيخ من أعظم الموضوعات المهمة في هذا المجال سيتحدث الشيخ عن موضوع مهم للداعية إلى الله عز وجل وهو معرفة الصحيح والضعيف من الأحاديث حول هذا الموضوع أترك فضيلة الشيخ فليتفضل مشكورًا مأجورًا أسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح إنه ولي ذلك والقادر عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فهذا الموضوع موضوع محاضرة اليوم وإن شئت فقل درس اليوم في غاية الأهمية للناس كلهم على كافة مستوياتهم فالذي لا يميز بين الصحيح والضعيف ولا يميز بين الغث والسمين فإنه بلا محالة سوف يقع في الخطأ سوف يقع في الخطأ حتى في أمور الناس العامة لا بد أن ينتبهوا لمثل هذا الأمر وأكثر الأحاديث التي تدار في المجالس ويترتب عليها ما يترتب من اتهام فلان أو علّان أو مخالفة فلان وإشاعة ذلك كله بسبب عدم تمييز المتكلم والمستمع للصحيح من الضعيف للمقبول من المردود لكن أهل العلم إنما يبحثون هذا الموضوع في السنة النبوية لأن القرآن الكريم محفوظ بين الدفتين مصون من الزيادة والنقصان لا يستطيع أحد أن يزيد فيه أو ينقص منه أما بالنسبة للسنة فوجد فيها الصحيح والضعيف لأن الله جل وعلا لم يتكفل بحفظها كالقرآن ولذا جاء في الحديث الصحيح المتواتر لفظه ومعناه «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» مما يدل على إمكان الكذب عليه عليه الصلاة والسلام والواقع يشهد بذلك فقد كذب عليه عليه الصلاة والسلام والمؤلفات في الأحاديث الموضوعة المكذوبة موجودة شاهدة على ذلك ولذا لما تكلم المتكلم من أهل الكلام وقال إن الوضع لا يمكن في السنة النبوية وأنكر أن يكون فيها شيء مكذوب على النبي عليه الصلاة والسلام لأنها وحي والوحي تكفل الله بحفظه انبرى له من يرد عليه ويقول ما رأيك في حديث: «سيكذب علي» كيف يكون الجواب؟ إن قال صحيح فقد انتهى كلامه يعني رد عليه من هذا الحديث بمنطوقه وإن كان الحديث أو الخبر ليس بصحيح كما هو واقعه فالرد عملي الرد العملي واقع إن كان بلفظه إن اعترف بصحته وإلا فبالواقع إن لم يعترف بصحته فالكذب لا محالة واقع على النبي عليه الصلاة والسلام ولذا انبرى الأئمة لوضع الموازين الدقيقة التي حفظ الله بها وبهم سنة نبيه عليه الصلاة والسلام فوضعوا الموازين للرواة وللمرويات من خلالها نعرف ما يقبل وما يرد نعرف ما يصح وما لا يصح هذه الموازين التي وضعها أهل العلم لقبول الحديث ورده ينبغي أن تطبق في كل العلوم إذا نسب للنبي عليه الصلاة والسلام خبر لا بد من تطبيق هذه الموازين نسب إلى صحابي خبر لا بد من تطبيق هذه الموازين نسب إلى إمام من الأئمة خبر لا بد من تطبيق هذه الموازين وهكذا الأخبار التي تشاع وتتناقل في المجالس ويبنى عليها أحكام في موالاة فلان أو معاداة فلان أو الوقوع في عرض فلان أو رفع فلان فوق منزلته لا بد أن تخضع لهذه الموازين كتب التواريخ المشحونة بالأخبار الصحيحة وغير الصحيحة لا بد أن تخضع لهذه الموازين لكن الأثر المترتب على كلام الناس العادي غير الأثر المترتب على كلام النبي عليه الصلاة والسلام يعني كم من خبر في كتب التواريخ مما يتداوله المؤرخون ليس بصحيح والناس يتلقونه بالقبول.

لا تقبلن من التوارخ كلما

 

جمع الرواة وخط كل بنان   .

لا بد أن تمحص أخبار التواريخ وفي بادرة طيبة خرج صحيح تاريخ الطبري وضعيف تاريخ الطبري يهمنا بالدرجة الأولى من هذه التواريخ ما يتعلق بالصحابة الكرام الذين يتشبث بأقوالهم وأفعالهم المغرضون مما لا يثبت عنهم في أيام الفتن يستدل الناس بفعل فلان من الصحابة مبررًا فعله بفعل فلان أو قول فلان من الصحابة فإذا تثبت في الخبر وجد الخبر غير صحيح فلا بد من تطبيق هذه الموازين كتب الأدب فيها أخبار وفيها إفك وبهتان ألصقت بالأخيار على سبيل النكت والطرائف بدون أسانيد فعلى هذا يجزم بكذبها لأن الخبر الذي لا إسناد له لا أصل له ولا يمكن أن يعرف ثبوت الخبر من عدمه إلا بالإسناد ولذا يقول أهل العلم بيننا وبين القوم القوائم يعني الأرجل التي تحمل هذه الأخبار بعضهم مع كونه يذكر هذه الأخبار بلا أسانيد لما سئل أين سند هذه القصة؟ لأنه يترتب عليها قدح في رجل صالح قال أخذ برقبته واسنده إلى الجدار قال هذه أسانيدنا فمثل هؤلاء يعتمد على أخبارهم وأقوالهم وما سطروه في كتبهم؟! أيضا يتداول الناس النكت والطرائف المضحكة والسخرية ببعض الأخيار لما ينسب عنهم من بعض الأقوال المكذوبة والله جل وعلا أرشدنا إلى القاعدة العامة    الحجرات: ٦  يعني تثبتوا كما في القراءة الأخرى فلا نقبل كل الأخبار لا بد من التثبت في الأخبار كيف يتم هذا التثبت؟ كيف نتثبت؟ العلماء ما قصروا في ضبط الرواة جميع من يحتاج إليه من الرواة مضبوط ولا يظن بهذه الأمة أنها فرطت في شيء من دينها فإنها معصومة من ذلك والدين محفوظ إلى قيام الساعة أو إلى قرب قيام الساعة العلماء ضبطوا الرواة في مدوّنات وجمعوا ما قيل في هؤلاء الرواة فتجد الكتاب فيه ألوف مؤلفة من الرواة وفي كل راوٍ الأقوال الكثيرة مما قيل فيه جرحًا وتعديلاً فهذا ييسر على طالب العلم النظر في الأحاديث وإن كان في بداية الأمر لا بد من التحري من طالب العلم فلا يهجم على الكتب التي لم يتطرق لها أهل العلم بالحكم على أحاديثها إلا بعد أن يتمكن ومع الأسف أنه يوجد من آحاد طلاب العلم ومن أفرادهم من صغار المتعلمين وأوساطهم من يجرؤ على التصحيح والتضعيف والتجريح والتعديل وقد يقرن قوله بأقوال الأئمة الكبار وهذا غرور ومثل هذا في الغالب أنه يحرم من بركة العلم والعمل قد سمعنا من يقول وهو مبتدئ من طلاب العلم يقول صححه أحمد وابن معين وأبو حاتم والذي أراه أنه غير صحيح أو العكس يعني وجد مثل هذا لا شك أن هذا غرور وإعجاب بالنفس وغمط للحق وأهل الحق فعلى طالب العلم أن يترسم خطى أهل العلم وهناك من ينادي الصغار والكبار ولا يفرق بين طلاب العلم المتأهل وغير المتأهل يناديه بمحاكاة الأئمة الكبار ودون هذا خرط القتاد، هذا العلم متين متين جدًا لا يدركه آحاد الناس فهو ذو فروع لو أفنى الإنسان عمره في فرع من فروعه ما أدرك جميع ما قيل فيه ولا بلغ المبلغ الذي يصل فيه إلى حد..، إلى درجة الاجتهاد في هذا الفرع من فروع هذا العلم وذلك من تحقيق قول الله جل وعلا: الإسراء: ٨٥  قد يوصف العالم بأنه من بحور العلم تسمعون هذه الكلمة في كتب التراجم والسير يوصف بأنه من بحور العلم لكنه مهما جمع وكيفما جمع لن يخرج عن قول الله جل وعلا: الإسراء: ٨٥  وهذا بالنسبة لعلم الله جل وعلا كما في قصة موسى والخضر أما بالنسبة لعلوم البشر بعضهم مع بعض فالأوصاف هذه نسبية هذه نسبية قد يدرك الإنسان أضعاف أضعاف ما يدركه غيره في الوقت نفسه وفي السن نفسه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. نعود إلى موضوع الدرس وهو التصحيح والتضعيف ومعرفة الصحيح من الضعيف المعوّل عليه في التصحيح والتضعيف الرواة الذين هم الواسطة بين الباحث إن كان مُسنِدًا أو بين المؤلف إن كان الباحث من المتأخرين بعد عصر الرواية وبين النبي عليه الصلاة والسلام وهذه الأسانيد تطول وتقصر تطول وتقصر فما قصر منها يسميه أهل العلم العوالي العوالي وهذه العوالي يقل فيها الوسائط ويقابلها النوازل فالإسناد العالي ما قلّ فيه الواسطة بينه وبين النبي عليه الصلاة والسلام بين المؤلف وبين النبي عليه الصلاة والسلام والنازل ضده فإذا افترضنا في صحيح البخاري من العوالي اثنان وعشرون حديثًا وكلها ثلاثيات يعني بين البخاري وبين النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة من الرواة وفيه نوازل وأنزل ما فيه حديث تساعي حديث تساعي وفيه أيضًا ثمانيات وفيه سباعيات وأما الرباعيات والخماسيات فهذا غالب ما في الكتاب نستفيد من هذا كما قال أهل العلم في تفضيلهم الإسناد العالي على الإسناد النازل أن الإسناد العالي فيه قلة الوسائط فإذا قلة الوسائط قل احتمال الخطأ من هذه الوسائط وإذا كثرت الوسائط كثر احتمال الخطأ يعني لو قال لك شخص واحد الخبر الفلاني ذكر لك خبر عن مسألة من المسائل أو أمر من الأمور المهمة أنت الآن تحتاج إلى معرفة حال هذا المخبر هل هو ثقة أو غير ثقة ضابط أو غير ضابط ولا تحتاج إلى أكثر من ذلك لكن لو قال لك إن فلانا قال لي تحتاج إلى أن تبحث في حال الاثنين ولو قال لك إن فلانا قال له إن فلانا قال لي تحتاج إلى أن تبحث في حال الثلاثة وهكذا إلى أن تحتاج في بعض الأحاديث إلى أن تبحث في عشرة إلى عشرين أحيانًا حديث فضل سورة الإخلاص في سنن النسائي أطول إسناد في الدنيا فيه أحد عشر راويًا وفيه من طبقة التابعين فقط ستة يروي بعضهم عن بعض لا شك أن البحث في الإسناد النازل أشق من البحث في الإسناد العالي من جهة والأمر الثاني أن كثرة الوسائط يكثر فيها احتمال الخطأ لأنه إن ضبطه الراوي الأول احتمال يرد الخطأ في الراوي الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس أو ما بعده بينما إذا قل العدد يقل هذا الاحتمال ولهذا فضّل أهل الحديث الأسانيد العالية على الأسانيد النازلة وإن كان بعضهم مما لا ناقة له ولا جمل في هذا العلم فضل النازل يقول بعض المتكلمين إن النازل أفضل لماذا؟ لأن التعب فيه أكثر إذًا الأجر فيه أعظم فالنازل أفضل هذا الكلام صحيح والا غير صحيح؟ المشقة لذاتها ليست من مقاصد الشرع المشقة لذاتها ليست من مقاصد الشرع لكن إذا جاءت تبعًا لما أمر به الشارع صارت مأمورًا بها فلا شك أن هذا القول لا حظ له من النظر والسبب ما ذكرنا نعود إلى الأسانيد هذه الأسانيد العالية وهذه الأسانيد النازلة نحتاج فيها إلى أكثر من نظر ننظر في هؤلاء الرواة من حيث التوثيق وعدمه ننظر في عدالتهم في ديانتهم وننظر أيضًا في ضبطهم وإتقانهم في ضبطهم وإتقانهم فإذا بحثنا في هؤلاء الرواة من خلال كتب الجرح والتعديل ووجدنا الأئمة اتفقوا على توثيقهم أو اتفقوا على تضعيفهم ما عندنا إشكال نحكم على الخبر بأنه صحيح أو نحكم على الخبر بأنه ضعيف من أجل أن الرواة كلهم ثقات بعد أن ننظر في هذه الأسانيد النظر الثاني من حيث الاتصال والانقطاع فلنا في كل إسناد أكثر من نظر فإذا كان هؤلاء الرواة كلهم ثقات حفاظ متقنون فإننا نكون قطعنا مرحلة ثم بعد ذلك النظر الثاني في اتصال الأسانيد بأن يكون كل راوٍ من رواة هذا الخبر قد تحمل الخبر عن شيخه في السند بطريق معتبر من طرق التحمل بطريق معتبر من طرق التحمل فإذا ضمنا أن الرواة كلهم ثقات وعرفنا أنهم من الحفظ والضبط والإتقان بمكان يصل إلى درجة القبول ونظرنا ما بين هؤلاء الرواة من سماع بعضهم لبعض لقاء بعضهم لبعض أو معاصرة بعضهم لبعض على الخلاف المعروف بين أهل العلم فإننا نحكم حينئذٍ بصحة إسناد الخبر ولنا نظر في متنه في متن الخبر فإذا سلم متن الخبر من المخالفة مخالفة من هو أوثق منه وسلم أيضًا من القادح الخفي من العلل الخفية فإننا لا نتردد في الحكم عليه بأنه صحيح فالأمور المطلوبة لتصحيح الخبر ثقة الرواة وتتمثل الثقة في عدالتهم في ديانتهم وفي ضبطهم وإتقانهم وفي اتصال الأسانيد وفي السلامة من الشذوذ والعلة القادحة ولذا يقول الحافظ العراقي رحمه الله تعالى:

وأهل هذا الشأن قسموا السنن

 

إلى صحيح وضعيف وحسن  .

فالأول المتصل الإسناد

 

بنقل عدل ضابط الفؤاد .

عن مثله من غير ما شذوذ  .

 

وعلة قادحة فتوذي

يعني تؤذي في الخبر تقدح فيه. نعود إلى الشروط التي ذكرها الحافظ رحمه الله تعالى: فالأول المتصل الإسناد يكون كل راوي من الرواة قد سمع هذا الخبر ممن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل وهي السماع من لفظ الشيخ أو القراءة على الشيخ وهذان الطريقان متفق عليهما أو الإجازة وهذه مختلف فيها لكن أهل العلم في العصور المتأخرة مشوها باعتبار أن الأمور ضبطت بالكتب فلا داعي لأن تسمع هذه الكتب أو تقرأ على الشيوخ مادم ضبطت صحيح البخاري مضبوط صحيح مسلم مضبوط السنن كلها مضبوطة المعاجم والجوامع والمسانيد مضبوطة فإذا أجيز بأحاديث هذا الكتاب لا تحتاج أن تقرأ على الشيخ ولذا كانت الإجازة مرفوضة لماذا؟ لأنها ليس فيها تحمل وليس في لغة العرب ولا في عرف الشرع أن تتحمل عن شخص بأنه حدثك أو أخبرك أو تروي عنه لأنه قال ارو عني ما تروي عنه إلا ما سمعته من لفظه كما هو الأصل في الرواية أو قرأته عليه كما هو شأن العرض كما في حديث ضِمام بن ثعلبة من طرق التحمل المناولة المقرونة بالإجازة أما إذا خلت عن الإجازة فهي باطلة.

وإن خلت عن إذن المناولة  .

 

قيل تصح والأصح باطلة    .

يعني لو أن شخصا من أهل العلم الذين يروون الكتب سلّم لطالبه كتاب قال خذ هذا الكتاب فقط ولم يقل له اروه عني هذا لا تجوز الرواية بها هناك أيضًا المكاتبة الطالب يكتب للشيخ والشيخ يكتب له مكاتبة وفيها أيضًا الوصية والإعلام والمناولة وهذه طرق من طرق التحمل التي لا يصحح أهل العلم بها في الرواية إذا تحمل كتب كل راوي من الرواة من هؤلاء الخبر بطريق معتبر عرفنا أن أن الإسناد متصل فتوفر لنا الشرط الأول فالأول المتصل الإسناد بنقل عدل العدل هو الذي عرف بملازمة التقوى والمروء يفعل الواجبات ويترك المحرمات ولا يفعل خوارم المروءة والتفصيل في هذه الأمور يحتاج إلى أوقات طويلة لكن من عُرف بملازمة التقوى والمروءة هذا هو العدل ويحتاج مع ذلك في قبول روايته إلى الضبط لأنه قد يكون عدلاً لكنه ليس بضابط ينسى أو لا يضبط ما ما يسمع حافظته ضعيفة فلا بد أن يكون ضابطًا وأهل العلم يجعلون الضبط ضبط الصدر هو الأصل وكان هو المعروف في عصر السلف من الصحابة والتابعين ثم بعد ذلك توسعوا في أمر الكتابة التي هي ضبط الكتاب فإذا اتصف الراوي بالصفتين العدالة والضبط عرفنا أنه ثقة فخبره صحيح فإذا اتصل السند بنقل العدل الضابط وانتفى الشذوذ من متنه المخالفة لمن هو أوثق وأيضًا العلة القادحة في الخبر الخفية التي لا يدركها كثير من المتعلمين فإننا حينئذٍ إذا توافرت هذه الشروط الخمسة فإننا نحكم بصحة الخبر الشذوذ تعريفه بالمخالفة مخالفة من هو أوثق منه هو الذي اعتمده الإمام الشافعي ومشى عليه المتأخرون.

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة    .

 

فيه الملا فالشافعي حققه      .

العلة هي: السبب الخفي الغامض الذي يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها سواء كانت في متنه أو في إسناده هذه الشروط الخمسة إذا توافرت في خبر من الأخبار فهو صحيح لذاته دونه الحسن الحسن لذاته ويقدم الكلام فيه على الصحيح لغيره لأنه يحتاج في الصحيح لغيره إلى معرفة الحسن لذاته فيقولون إذا خف الضبط وجد الاتصال ووجدت العدالة وانتفى الشذوذ وانتفت العلة، إذا خف الضبط فالخبر حسن لذاته حسن لذاته لا لشيء آخر والحسن من قبيل المقبول يحتج فيه في جميع أبواب الدين فإذا جاءنا حسن ثانٍ من طريق آخر ارتقى إلى ما يعرف عند أهل العلم بالصحيح لغيره ثم بعد ذلك نحتاج إلى معرفة الضعيف لنعرف بعده الحسن لغيره وهذا كله جريًا على طريقة المتأخرين في تقرير هذا الفن وهي التي ينبغي أن يربى عليها طالب العلم في بداية الطلب على طريقة المتأخرين لأنها مضبوطة ويمكن أن يربى عليها طالب علم الضعيف يقول ابن الصلاح في تعريفه أنه ما لم يجمع شروط الحديث الصحيح ولا شروط الحديث الحسن ما لم يجمع شروط الحديث الصحيح ولا شروط الحديث الحسن والحافظ العراقي ينتقد هذا التعريف ويقول: إذا لم يبلغ ولم تجتمع فيه شروط الحديث الحسن فإنه لا محالة لم تجتمع فيه شروط الحديث الصحيح لأن ما قصر عن رتبة الحسن فهو عن رتبة الصحيح أقصر بلا شك.

أما الضعيف فهو ما لم يبلغ

 

مرتبة الحسن وإن بسْط بغي

هذا لا يحتاج إلى البسط لأنه تعب ليس وراءه .. المقصود أننا إذا عرفنا الضعيف ما لم تتوافر فيه شروط الحسن ما لم تتوافر فيه شروط الحسن وكلام طويل حول إستدراك الحافظ العراقي على ابن الصلاح من أهل العلم من يؤيد ومنهم من يعارض بناء على الصحة والحسن هل هما هل ما بينهما من باب العموم والخصوص المطلق أو من باب العموم والخصوص الوجهي الحافظ العراقي يرى أن الصحيح الحسن الضعيف مراتب متدرجة لا تداخل بينها كما أن الشباب الكهولة الشيخوخة مراتب متدرجة لا تداخل بينها فإذا قلت الشاب من لم يبلغ سن الكهولة هل تحتاج إلى أن تقول ولا الشيخوخة تحتاج؟ ما تحتاج لأنه إذا لم يبلغ فلم يبلغ ذلك من باب أولى هذه وجهة من قال أن ذكر الصحيح لا داعي له ومن يقول أن ذكر الصحيح لا بد منه وينتصر لابن الصلاح يقول إن بينهما عموم وخصوص وجهي قد يوجد الحسن من غير صحة وقد توجد الصحة من غير حسن كيف؟ يقول بينهما عموم وخصوص وجهي فيجتمعان في الصحيح لغيره مع الحسن لذاته بينهما اتفاق وينفرد الصحيح لذاته عن الحسن لغيره بينهما بون لا اتفاق بينهما فيكون بينهما عموم وخصوص وجهي يلتقيان في صورة وينفرد كل واحد منهما في صورة والتفصيل في مثل هذا لا داعي له نعود إلى الفرق بين الصحيح والضعيف الصحيح عرفنا الشروط التي يشترطها أهل العلم لصحة الخبر فالذي اتصل إسناده مع بقية الشروط صحيح الذي لم يتصل إسناده تخلَّف فيه شرط من شروط القبول فهو ضعيف وعدم الاتصال يعني الانقطاع بالمعنى الأعم يعني الانقطاع بالمعنى الأعم وإن كان للانقطاع صور يشملها الاسم الأعم وهو الانقطاع فإن كان هذا الانقطاع من مبادئ السند من جهة المصنف سماه أهل العلم المعلق، المعلق ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر ولو إلى آخر الإسناد وإن كان الانقطاع في أثناء السند بواحد فقط أو بأكثر من واحد لا على التوالي فإن هذا يسمى عند أهل العلم المنقطع وإن كان باثنين فأكثر على التوالي سموه المعضل وإن كان الانقطاع في آخر السند يعني في آخر السند من حيث النظر في الإسناد مبادئ السند أوله في الكتابة غير أوله في الزمن وننتبه لهذا لما يقولون من مبادئ السند في أول الإسناد أو في آخره نفرق بينهما إذا قالوا من أوله مرادهم في الكتابة في الكتابة المصنف أول من يبدأ بشيخه فإذا سقط هذا الشيخ سميناه معلق وإذا أسقط آخر ما في الإسناد وهو الصحابي سماه أهل العلم المرسل وهو الذي يرفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

مرفوع تابع على المشهور    .

 

فمرسل أو قيده بالكبير       .

وإن كان بعضهم يستعمل الإرسال في جميع أنواع الانقطاع يجعلون بإزاء الانقطاع ولو من أثناء السند أو في آخره أو أوله ولذلك حينما يقولون أرسله فلان وأسنده فلان لا يريدون بذلك الإرسال الاصطلاحي وهو رفع التابعي الخبر إلى النبي عليه الصلاة والسلام إذا وجد الانقطاع على أي صورة من الصور التي ذكرت من الصور الظاهرة وهو ما يسمى عند أهل العم بالانقطاع الظاهر فإنه هذا يكون قدح في الخبر ويضعف بسببه لماذا؟ لأن هذا السقط وهذا الراوي الذي سقط أو أسقط احتمال أن يكون ثقة واحتمال أن يكون ضعيفًا ومادام الاحتمال قائم فإننا لا نصحح الخبر ولا نقبله حتى نقف على حال هذا الراوي الذي أسقط في الطرق الأخرى سواء كان هذا الانقطاع بالتعليق أو الإعضال أو الانقطاع العام أو الإرسال وهذا يسمى عند أهل العلم بالانقطاع الظاهر أو السقط الظاهر قسيمه السقط الخفي السقط الخفي ويندرج في هذا القسيم أو القسم من أقسام السقط في السند يندرج فيه التدليس والإرسال الخفي التدليس والإرسال الخفي تنظر في الإسناد فتجد أن كل واحد من هؤلاء الرواة قد عاصر من سمع منه تجد الراوي الأول عاش من مائتين إلى ميتين وسبعين والذي فوقه عاش مثلاً من مائة وخمسين إلى ميتين وعشرين والذي فوقه من مائة إلى مائة وسبعين وهكذا إذا نظرت في تواريخهم وجدت أن المسألة محتمِلة لأن يكون كل واحد سمع من الآخر لكن إذا كان أحد من هؤلاء الرواة قد وُصف بالتدليس فلا يكفي النظر في التواريخ لا بد أن يصرح بالتحديث لا بد أن يقول سمعت أو حدثني فلان لا سيما التدليس من المرتبة الثالثة والرابعة والخامسة لا بد أن يصرح فإن صرح بالتحديث وكان من المرتبة الثالثة قبلنا خبره وإن لم يصرح لم نقبل خبره وأما بالنسبة للمرتبة الثالثة الرابعة والخامسة فهذه تحتاج إلى نظر آخر وهو اقتران هذا التدليس بالضعف فلا يرتفع بمجرد التصريح هذا ما يسمى بالتدليس ويكون الراوي الموصوف بالتدليس ممن سمع ممن فوقه أو لقي من فوقه يعني سمع منه أحاديث وُصف بالتدليس لا بد أن يصرح بالسماع لاحتمال أن هذا الحديث لم يسمعه منه فإذا روى حديثًا ممن سمع منه وقد وُصف بالتدليس بصيغة موهمة فمثل هذا لا يقبل سواء ولا بد أن يكون مع وصفه بالتدليس أن يكون قد سمع ممن فوقه أحاديث أو لقيه فإذا ثبت السماع واللقاء من هذا بين هذين الراويين فإن هذا من ضرب التدليس أما إذا كان الراوي قد عاصر من نسب إليه هذه الراوية ولم يثبت أنه سمع منه ولا لقيه فإن هذا هو والإرسال الخفي لأن للراوي عمن يروي عنه أربع حالات للراوي عمن يروي عنه له أربع حالات الحال الأولى أن يكون قد سمعه سمع منه الثانية أن يكون قد لقيه الثالثة أن يكون قد عاصره الرابعة لا تثبت المعاصرة فإذا روى الراوي عمن سمع منه الراوي الموصوف بالتدليس إذا روى عمن فوقه بصيغة موهمة قد كان قد سمع منه أحاديث فإن هذا يسمى تدليس اتفاقًا إذا روى الراوي عمن لقيه وثبت لقاؤه له ولم يثبت سماعه منه مع إمكان ذلك وروى عنه بصيغة موهمة هذه أيضًا تدليس إذا روى الراوي عمن عاصره عمن عاصره مع إمكان لقائه به ومما لم يثبت فيه اللقاء لكن يثبت نفيه فإن هذا إذا روى عنه بصيغة موهمة هذا ليس من التدليس وإنما هو من الإرسال الخفي فالفرق بينهما خفي والخلط والوهم بينهما عند بعض العلماء موجود حتى عند الكبار الذين كتبوا في المصطلح بعضهم جعل بعض صور التدليس إرسال والعكس ولا يفرق بينهما إلا من هذه الحيثية الصورة الرابعة إذا لم يثبت أو لم يعاصره هذا ولد سنة ميتين وعشرين ويقول عن فلان الذي مات سنة ميتين فلان عن فلان هذه ليست من التدليس ولا من الإرسال الخفي هذا انقطاع ظاهر وإن جعله بعضهم كما ذكر ذلك ابن عبد البر في مقدمة التمهيد جعله من التدليس لمجرد إيهام الصيغة لمجرد إيهام الصيغة لكن هذا القول ليس بشيء إذا انتهينا من الانقطاع الظاهر والخفي فالأول المتصل الإسناد بنقل عدل الذي ينافي العدالة الكفر والفسق والبدعة والجهالة الفسق الكفر والبدعة والفسق والجهالة هذه أمور كلها مخلة بالعدالة فالكافر روايته مردودة فلا يقبل خبره لأن الله جل وعلا إذا حذرنا من قبول رواية الفاسق قبل التثبت فالكافر من باب أولى فالكافر من باب أولى وهذا الشرط إنما يطلب حال الأداء لا حال التحمل فقد يسمع الإنسان حال كفره خبرًا فيضبطه ويؤديه إذا أسلم فيقبل منه فيقبل منه وحديث جبير بن مطعم حينما سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ بسورة الطور حينما جاء في فداء الأسرى قبل أن يسلم ثم بعد أن أسلم أدى هذه السنة وتقبلها وتحملها أهل العلم وسطرت في الصحيحين وغيرهما فدل على أن هذه الشروط إنما إنما تشترط في حال الأداء لا في حال التحمل البدعة وهي ما عمل مما يتعبد به مما لم يسبق له شرعية في كتاب ولا سنة من تعبد لله جل وعلا بشيء لم تسبق له شرعية في الكتاب والسنة هذا مبتدع والبدع مراتب منها المغلظة المخرجة عن الملة ومنها المتوسطة ومنها البدع الصغرى والمبتدعة من تلبس ببدعة يقال له مبتدع مثل هذا الأصل فيه أنه فاسق فالفسق كما يكون بالعمل يكون بالاعتقاد وإذا وصل الحد إلى أن تكون بدعته مكفرة مخرجة من الملة فهذا كافر مثل هذا الأصل في خبره الرد الأصل في خبره الرد لكن إذا نظرنا إلى كتب السنة وجدنا أنهم يخرِّجون لمن رمي بنوع من البدع في البخاري بعض المبتدعة من الرواة في مسلم كذا في كتب السنة كلها كما يقول أهل العلم طافحة بالرواية عن المبتدعة فمن أهل العلم من يرد رواية المبتدع مطلقًا كالإمام مالك وجمع من أهل العلم ومنهم من يقبلها مطلقًا بما في ذلك من كفر ببدعته بما في ذلك من دعا إلى بدعته وهذان قولان متقابلان وكلاهما مردود يعني قول الإمام مالك لا شك فيه أن أن فيه تحري واحتياط للسنة وفيه أيضًا إخماد للبدعة إذا لم نرو عن المبتدع فإننا نخمد بدعته لكن ماذا نصنع بكتب السنة في البخاري مثلاً من أهل العلم من يرى أن الذي يرد من المبتدعة من بدعته كبرى وتقبل ويقبل من بدعته صغرى يفرق بين البدعة الكبرى والصغرى مع أنه قد يشترك تشترك البدعة الكبرى بالمكفرة مع أنه قد يكفر ببدعته تكون بدعته مكفرة ويعذر بأمر من الأمور كما هو مقرر عند أهل العلم تقبل رواية المبتدع بدعة صغرى ولا تقبل رواية المبتدع البدعة الكبرى منهم من يفرق بين الداعية وغير الداعية وهذا قول جمهور أهل العلم فيقبلون رواية المبتدع الذي لا يدعو إلى بدعته ويردون رواية المبتدع الذي يدعو إلى بدعته وهذا نقل عليه ابن حبان الاتفاق مع أنه وجد ما يخرمه فالبخاري رحمه الله تعالى خرّج لعِمْران بن حِطّان وهو من الخوارج الداعية إلى مذهبه داعية إلى مذهبه من رؤوس الخوارج ودافع ابن حجر رحمه الله تعالى عن تخريج الإمام البخاري لهذا المبتدع بقوله: أن الخوارج أصدق الناس لهجة وشيخ الإسلام أيضًا يقرر مثل هذا أنهم أصدق الطوائف المخالفة لماذا لأنهم يرون الكذب كبيرة والكبيرة مكفرة فلا يظن بهم أنهم يكذبون بخلاف من يتدين بالكذب كالروافض يختلفون اختلاف جذري بعض بعض من ينتسب إلى القبلة يتدين بالكذب حتى وُجد من من الزهاد والعباد من يتدين بالكذب على النبي عليه الصلاة والسلام ترويجًا للدين ورأى أن الناس انصرفوا عن القرآن مثلاً بمغازي ابن إسحاق وفقه أبي حنيفة فوضع لهم حسبة في فضائل السور هذا يتدين بهذا لكنهم شر الوضاعين لأن الناس يثقون بهؤلاء العباد ومع ذلك أحاديثهم لا شيء مكذوبة موضوعة الذي يتدين بالكذب مثل هؤلاء وقوم من الكَرَّامية أيضًا وضعوا الأحاديث حسبة وقالوا إننا لم نكذب على النبي عليه الصلاة والسلام وإنما كذبنا له هذا ضلال نسأل الله السلامة والعافية هذا خطر عظيم وهفوة وزلة عظيمة ممن يقرر مثل هذا الكلام النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» تقول نكذب له ما نكذب عليه الدين كمل قبل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام المائدة: ٣  وليس بحاجة إلى ترويج مروج وليس بحاجة إلى أن توضع له الدعايات من أجل أن يقبل الدين دين الفطرة وقد كمل قبل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فلسنا بحاجة إلى مثل هؤلاء ومع الأسف أن بعض المفسرين يودع هذا الحديث المكذوب بطوله في فضائل السور في تفسيره الزمخشري أودعه في كتابه البيضاوي الثعلبي كلهم يذكرون فضائل السور من هذا الحديث الموضوع مع الأسف وهؤلاء يذكرونه ولا يعلقون عليه لكن صاحب روح البيان إسماعيل حقي ذكر هذه الأحاديث واستدل بها وقال إن هذه الأحاديث إن كانت صحيحة فبها ونعمت وإن لم تكن صحيحة فقد قال القائل إننا نكذب له ولا نكذب عليه يعني يحتج بحجة الأفاك المفتري فلا شك أن في مثل هذا تضليل للقراء والقراء كثير منهم لا يميزون الصحيح من الضعيف وكم من البدع التي تسربت إلى إلى الدين وأهله بواسطة هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفي مقابل ذلك كم مات من السنن بسبب اعتماد بعض الجهال على مثل هذه الأحاديث لأن من أحيى بدعة لا محالة أن يموت في قلبه سنة نسأل الله السلامة والعافية الكفر والبدعة لا شك أن الخلل في الرواية كبير يلي ذلك الفسق والله جل وعلا قال في محكم كتابه:    الحجرات: ٦  والقراءة الأخرى وهي سبعية تثبتوا لا بد من التثبت في خبر الفاسق فالفاسق مردود الخبر لكن لو تحمل في حال فسقه ثم تاب وأناب وأدى الخبر في حال استقامته فإنه يقبل منه كالكافر بل أولى الراوي المجهول عندنا إسناد بحثنا عن رواته السبعة فعرفنا حال الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع وبقي عندنا واحد ما عرفنا عنه كشفنا عنه في كتب الرجال ما وجدنا من جرحه ولا من عدله لم نجد من جرحه ولا من عدله فإن كان لم يرو عنه إلا راو واحد فهو مجهول العين إن روى عنه أكثر من واحد ولم يعرف بجرح ولا تعديل فهو مجهول الحال وهناك مجهول الحال ظاهرًا وباطنًا ومجهول الحال باطنًا فقط وهو المستور كما يقول أهل العلم لا شك أن هذا لا بد من الوقوف فيه على قول لأهل العلم منهم من يتسامح إذا كان مثل هذا ممن تقادم العهد به في عصر التابعين الأوائل كبار التابعين ولم نقف فيه على جرح ولا تعديل يقول الغالب أن مثل هؤلاء حالهم على الاستقامة ويكتفي بمثل هذا ويصحح الخبر لكن إذا كان ممن دونهم ماذا نصنع إذا لم نقف في راو من الرواة على قول لا بقدح ولا مدح لا بجرح ولا تعديل؟ من أهل العلم من يرى أن الجهالة قادح تقول الخبر ضعيف لأن فيه فلان مجهول ومنهم من يرى أن الجهالة ليست بقادح وإنما هي عدم علمٍ بحال الراوي عدم بحال الراوي كوننا لم نقف فيه على قول لأهل العلم هل يعني هذا أنه أن واقع الرجل كذلك؟ أو أن فيه توثيق لم نطلع عليه أو فيه تجريح لم نطلع عليه؟ وما الذي يترتب على هذا؟ إذا قلنا تجريح قلنا على طول الخبر ضعيف لوجود فلان وهو مجهول وإذا قلنا عدم علم بحال الراوي فإننا نتوقف فيه في الحكم على الخبر ما نقول ضعيف لأن بعض طلاب العلم يقول بحثت عن حال هذا الراوي فلم أقف فيه على جرح ولا تعديل فهو ثقة أو ضعيف مثلاً لم أقف عليه فيما بين يدي من الكتب فمنهم من ينحى إلى أنه ضعيف أو إلى ثقة الواجب التوقف تتوقف حتى تعرف وكثيرًا ما يقول أبو حاتم الرازي في الرواة مجهول أي لا أعرفه على هذا لا تحكم أنت على الخبر بمجرد أنك ما عرفته ولم تقف فيه على قول وعلى هذا فالجهالة قسم من أقسام التجريح أو قسيم للتعديل والتجريح الحافظ ابن حجر حينما جعل الجهالة في مراتب التجريح في التقريب كأنه يميل إلى أنها جرح وحينما قال في النخبة: ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحًا أو جهالة جعل الجهالة قسم والا قسيم؟ قسيم جعلها قسيم ثالث ليست من التجريح ولا من التعديل وبعضهم ينحو إلى أن الراوي الذي يذكر في كتب الرجال بدون جرح ولا تعديل أنه ثقة وعلى هذا درج الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على هذا درج الشيخ أحمد شاكر رحمه الله قال في كثير من الرواة ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً فهو ثقة وربما قال فهذه أمارة توثيقه وهذا الكلام ليس بصحيح لأن ابن أبي حاتم ذكره في مقدمة الكتاب أنه بيض لبعض الرواة مما لم يقف فيه على جرح ولا تعديل عله أن يقف على شيء من ذلك فكونه بيض لبعض الرواة ما ذكر فيه جرح ولا تعديل هل نقول أن هذا تعديل من ابن أبي حاتم؟ لا ليس بتعديل هو ينتظر عله أن يقف على تعديل أو تجريح والساكت لا يمكن أن ينسب له قول لا يمكن أن ينسب له قول كيف وأبو حاتم يقول مجهول أي لا أعرفه فهذا قاطع في أن عدم ذكر الجرح والتعديل ليس بتعديل كما أنه ليس بتجريح إلا أن الظن الغالب مع حرص أهل العلم على تدوين جميع ما يتعلق بالرواة مما وقفوا عليه أن مثل أمر هذا الراوي ما يخفى على الأئمة الكبار الذين بحثوا عنه وسبروا أحوال الرواة مع مروياتهم أنهم ما توصلوا فيه إلى شيء إلا أن فيه شيء إلا أن فيه شيء على كل حال مثل هذا يوجب التوقف من طالب العلم فلا يحكم بصحته ولا يحكم بضعفه مع هذا التوقف إذا وجدنا مرجح لأحد الجانبين إذا وجدنا مرجح لأحد الجانبين فإننا حينئذٍ نستروح إلى الثبوت أو عدم الثبوت على مقتضى هذا المرجح هذه الشروط الاتصال وعدالة الرواة وتمام ضبطهم وانتفاء الشذوذ وانتفاء العلة القادحة سواء كانت في المتن أو في السند نحكم على الخبر بأنه صحيح قد لا يتأهل طالب العلم للنظر في المتون لا يتأهل للنظر في المتون والمتون أمرها في غاية المشقة لأنك تحتاج إلى أن تجمع جميع ما ورد في الباب ليتبين لك صحيح الخبر من خطئه فالباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ويحتاج إلى فقه نفس في هذا الباب ودقة نظر وشفوف نظر المقلوب عند أهل العلم من قسم الضعيف من قسم الضعيف الأحاديث المقلوبة ضعيفة عند أهل العلم لكن الحكم بالقلب وعدمه هذا يحتاج إلى نظر دقيق لأن تجمع الطرق وتنظر للجادة في رواية هذا الخبر وأنه لا يمكن توجيهه بحال من الأحوال فإذا توفر لك ذلك وصرت من أهل النظر في هذا الباب احكم كثير من أهل العلم حكموا على حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وهو مخرج في صحيح مسلم «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» الذي في الصحيحين وغيرهما العكس «حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» والإنفاق إنما هو باليمين قالوا مقلوب وش يعني بالمقلوب ضعيف ألا يمكن توجيهه لأنه مخرج في الصحيح وصيانة الصحيح وظيفة كل طالب علم غيور على السنة يمكن توجيهه كيف؟ نقول إن المتصدق أحيانًا يحتاج إلى أن يتصدق بالشمال لا سيما والمسألة مقرونة بإخفاء الصدقة قد يأتيه الفقير أو المسكين من جهة الشمال وعنده أناس من جهة الميمن ألا يحتاج أن يتصدق بشماله ولا يعلم بذلك من عن على يمينه ألا يحتاج أحيانًا لكونه مكثر من التصدق أن يتصدق بشماله كتصدقه بيمينه في الحديث الصحيح «ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهبًا تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه» يتصدق من جميع الجهات فأقول صيانة الصحيح وظيفة كل غيور على السنة لأنه إذا أسقط الصحيح سواء كان صحيح البخاري أو مسلم هذان الكتابان الذان تلقتهما الأمة بالقبول ما بقي بأيدينا شيء صار المغرضون يتطاولون على السنة ولا أريد أن أكثر من الأمثلة وإن كان فيها شيء من التوضيح وتولد عند طالب العلم مثل هذا النظر ابن القيم رحمه الله وهو ابن القيم في سعة علمه وإحاطته واطلاعه ودقة نظره حكم على حديث البروك بأنه مقلوب بأنه مقلوب والمقلوب من قَسم الضعيف حديث: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» يقول ابن القيم أنه إذا وضع قد يديه قبل ركبتيه برك بروك البعير فعلى هذا الخبر مقلوب فيكون ضعيفًا لكن من صححه من الأئمة الكبار يخفى عليه مثل هذا الكلام هل يخفى عليه مثل هذا الكلام؟ الصورة واضحة فنحتاج إلى تحرير معنى البروك معنى وش معنى البروك؟ هل المراد بالبروك تقديم اليدين على الركبتين طيب ماذا عن نصوص كثيرة فبرك على ركبتيه؟ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يوصي وكثر الكلام برك على ركبتيه هل نقول أن البروك مماثل لبروك عمر بن الخطاب حينما برك على ركبتيه؟ لا إذًا ما معنى البروك البروك هو النزول على الأرض بقوة سواء كان قدمت اليدين أو قدمت الركبتين فلا تبرك مثل بروك البعير بحيث تثير الغبار تفرق الحصى هذا البروك وعلى هذا إذا قدمت يديك قبل ركبتيك بهدوء ورفق فإنك حينئذٍ لم تبرك مثل ما يبرك البعير ويكون الخبر آخره يشهد لأوله ولا فيه قلب ولا فيه حاجة وبهذا نصون السنة عن مثل هذه الاعتراضات نعم ابن القيم تاج على العين والراس وأهل العلم كلهم يقلدونهم في هذا الكلام ثقة به وابن القيم إمام من أئمة المسلمين لكنه مع ذلك ليس بالمعصوم فنحرص حرصًا تامًا على صيانة السنة ولا نتسرع بالحكم بالتضعيف وبالحكم حتى بالتصحيح لأن الخطر الناجم من التسارع في التصحيح كالخطر أو كالزلل الحاصل والخطر المداهم بسبب التسارع في التضعيف كلاهما متوازيان فعلنا أن نتوسط ولذا يقول أهل العلم أن الضرر الحاصل بموضوعات ابن الجوزي نظير الضرر الحاصل بتساهل الحاكم، ابن الجوزي تساهل في إدخال أحاديث صحيحة في الموضوعة في الموضوعات والحاكم تساهل في إدخال أحاديث ضعيفة بل موضوعة في المستدرك الذي موضوعه استدراك على الصحيحين وصحح وقال على شرط الشيخين أو على شرط البخاري هذا الكلام ليس بصحيح، التساهل في التضعيف كالتساهل في التصحيح كيف؟ التساهل في التصحيح بحيث يصحح من يتصدى لهذا الأمر أحاديث غير صحيحة يجعل المسلمين يعملون بأحاديث غير صحيحة وهذا خطر يتدينون بدين لم يشرعه الله جل وعلا وبالمقابل الذي يضعف أحاديث صحيحة ماذا يترتب عليه؟ حرمان الأمة من هذه الأحاديث ومن هذه العبادات ومن هذه الأحكام التي يمكن أن تستنبط من هذه الأحاديث فالخبر..، فالخطر من هذين الفعلين متوازي خطر موازي ولذلك على طالب العلم أن يتمهل في حكمه على الأخبار أولاً يعرف الطريقة وإذا تربى على كتب المتأخرين وعلى قواعد المتأخرين وأتقن ما فيها وأكثر من المران صار يخرج الأحاديث ويحكم عليها من خلال هذه القواعد ثم بعد ذلك يطابق النتائج عنده من تصحيح أو تضعيف على أحكام الأئمة إن وافق حكمه أحكام الأئمة بها ونعمت وإن خالف حكمه أحكام الأئمة يعرف أن في وسيلته إلى هذا الحكم خلل في وسيلته إلى هذا الحكم خلل فإذا أكثر ضبط قواعد علوم الحديث وعرف كيف يصحح وكيف يضعف ثم بعد ذلك أكثر من تخريج الأحاديث والنظر في أسانيدها ومتونها بعد أن يكثر النظر في أحكام الأئمة ويترسم خطاهم شيئًا فشيئًا تدريجيًا تتكون لديه الأهلية حتى يصل إلى مصاف الأئمة وإن كان عاد هذا لا يمكن أن يحصل في الأزمان المتأخرة إلا لأفذاذ من الناس أن يحكم على الحديث بمجرد شمه إذا اختلط بلحمه ودمه وعرف ما يمكن أن يضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام وما لا يمكن أن يضاف إليه لا شك أن هذا يكون إمام من أئمة المسلمين في هذا الباب ويترك له المجال لأنه أهل للحكم على الأخبار أما في بداية الطلب فعليه أن ينظر في القواعد النظرية يضبط هذه القواعد ويخرج الأحاديث ويدرس الأسانيد على ضوء هذه القواعد لنفسه لا للنشر يستعجل بنشر ما يتوصل إليه لا، كم من إنسان ندم على ما نشر كم من من شخص صار هدفًا للنقد وغرضًا للسهام وضل بسببه أناس لا ستعجاله بالنشر وأهل العلم يحثون على التريث وأن طالب العلم لا يستعجل الثمرة قبل أوانها ولا يزبزب قبل أن يحصرم إذا أكثر من التخريج والنظر في الأسانيد وطبق ما عرفه من قواعد وعرض أحكامه على الأئمة وعلى من يعرفه من العلماء المختصين في هذا الشأن إذا وافقوه يحمد الله جل وعلا على صحة النتيجة ويعرف أنه على الجادة ثم يكثر من ذلك يستزيد من ذلك فيكون ديدنه تخريج الأحاديث والنظر في أسانيدها واستحضار أقوال أهل العلم ثم يكون بعد ذلك أهلاً لأن يسمى محدثًا ويحرص على حفظ المتون ويحرص على حفظ المتون لأن مجرد معرفة الصناعة والحكم عليها من غير حفظ هذا خلل لأن العلم ما حواه الصدر لا ما حوى القِمَطْر فيكون جامعًا بين النظر والتطبيق بين الحفظ والفهم والاستنباط وبهذا يكمل إذا توصل إلى النتائج في الأحكام على الأحاديث بنفسه ثم بعد ذلك حفظ هذه الأحاديث ثم بعد ذلك استنبط من هذه الأحاديث من الأحكام ما تشتمل عليه من أحكام وآداب فإن أمره يكون قد كمل بذلك ومع ذلك لا يتصور أنه في سنوات يسيرة يمكن أن يصل إلى الاجتهاد المطلق لا، لأن هذا العلم كما أسلفنا متين متين جدًا يعني لو نظرنا في الرواة فقط وجمعنا رواة الكتب الستة اثنا عشر ألف راوي هل يستطيع أن يقول طالب علم أنني مجتهد في الحكم على جميع هؤلاء الرواة ولا يمكن أن أقلد أحد هل يمكن؟! ينظر مثلاً في راو من الرواية ابن لهيعة فيه ثلاثة عشر قولاً لأهل العلم ثلاثة عشر قول منهم من وثقه بإطلاق وهذا قليل منهم من وثقه مقيدًا برواية العبادلة وهذا أيضًا قليل ومنهم من ضعفه وهم الأكثر هل يستطيع طالب علم أن يجتهد في كل راو من الرواة الذي هذه حاله يعني ابن ابن حجر رحمه الله تعالى من أهل الاستقراء في هذا الباب وتعب على هذا الأمر تعب شديد وصار يقرن الرواة بمروياتهم ويحكم على الراوي من خلال ما قيل فيه ومن خلال النظر في مروياته ومع ذلك هل نتائجه سليمة مائة بالمائة؟ استدرك عليه ابن حجر قال في التقريب ابن لهيعة صدوق له أوهام وقال في فتح الباري مرة صدوق بدون أوهام ومرة ضعيف بل أكثر من مرة قال ضعيف ثم يأتي طالب علم متوسط يقول أنه خلاص بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق هذا الكلام ليس بصحيح ابن حجر نفسه قال في عبيد الله ابن الأخنس في فتح الباري ثقة وشذّ ابن حبان فقال يخطئ وفي التقريب قال صدوق يخطئ نعلم أن مثل هذا العلم ما يدرك بإضاعة الأوقات بدون فائدة يحتاج إلى سهر ويحتاج إلى تعب ومع ذلك يؤخذ تدريجيًا كما أنه يؤخذ عن أهله الذي يتعلم على الكتب لا بد من الخلل في نتائجه لا بد أن يعرض علمه وأقواله ونتائجه على أهل الاختصاص أهل الخبرة لأنهم قد يرشدونه ويوجهونه إلى شيء قد غفل عنه وما أكثر الغفلة عند البشر من يعاني هذا العلم وغيره من العلوم والأوهام مضبوطة لكن كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه.

فيه وقت والا ما فيه وقت؟ فيه أسئلة تتعلق بالموضوع؟ لعلها تفتح لنا آفاق لأن موضوع الاسترسال في الكلام ما له حد ولا له نهاية فلعل الأسئلة تلبي رغبة بعض الإخوان.

 

شكر الله لفضيلة الشيخ على هذا البيان ونفعنا به وجعل ذلك في ميزان حسناته وأسأله سبحانه وتعالى أن يبارك في جهود الشيخ فهو معروف بتأصيله وبيانه ومثل هذه المسائل وأعلم أن الشيخ لا يحب الإطراء في هذا المجال ولعلي أترك المجال للأسئلة التي ربما تستوضح بعض المسائل المتعلقة المهمة فيما يتعلق بما يتعلق في هذا الموضوع في معرفة الصحيح والضعيف من الأحاديث وهذه من أهم المسائل التي تطرح في هذه الدورة لأن الدعاة إلى الله عز وجل أمس حاجة في معرفة هذا الفن لكي يكون نبراسًا لهم في طريقة دعوتهم إلى الله عز وجل ولعلي أترك المجال مع الشيخ عبد الله الصامل في عرض الأسئلة المتعلقة في هذه المحاضرة أسأل الله عز وجل للشيخ في مزيد من التوفيق والسداد وأن يبارك له في جهده ووقته وفي عمره وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.