فقه الإمام البخاري في الحج (05)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله أيها الإخوة المستمعون الكرام إلى هذا اللقاء مع فضية الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله الذي نرحب به في مطلع هذا اللقاء في هذه الحلقة حياكم الله شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وباركم فيكم وفي الإخوة المستمعين.

أيها الإخوة ولا يزال الحديث حول فقه الإمام البخاري في الحج وفي هذا اللقاء لعلكم فضيلة الشيخ تتعرضون لما ذكره الإمام البخاري في ترجمته حول الإحرام من الميقات وخاصة هل لأحد أن يحرم قبل الميقات أم لا؟

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

الإهلال قبل الميقات ترجم الإمام البخاري في باب ميقات أهل المدينة ولا يهل قبل ذي الحليفة ولا يهل قبل ذي الحليفة وذكر فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما في المواقيت وفيه أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة قال ابن حجر استنبط المصنف من إيراد الخبر بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعيُّن ذلك استنبط المصنف من إيراد الخبر بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعيُّن ذلك نعم يرد الخبر ويراد به الطلب يرد الخبر وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ} البقرة: ٢٢٨  هذا خبر لكن المراد به وجوب وجوب التربص وأيضًا يقول ابن حجر: وأيضًا فلم يقل عن أحد ممن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة ولولا تعين المواقيت لبادروا إليه لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجرًا هذه وجهة نظر البخاري رحمه الله تعالى كما يفسرها الحافظ ابن حجر شدد ابن حزم في هذه المسألة فقال في المحلى وللحج والعمرة مواضع تسمى المواقيت واحدها ميقات لا يحل لأحد أن يحرم بالحج ولا بالعمرة قبلها ثم قال فإن أحرم قبل شيء من هذه المواقيت وهو يمر عليها فلا إحرام له ولا حج ولا عمرة كذا قال وعد الألباني رحمه الله تعالى أن الإحرام قبل الميقات من بدع الإحرام فقال في حجة النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك تعلم قيمة الاتفاق المزعوم على جواز الإحرام قبل الميقات المذكور في شرح الهداية ومن ذلك تعلم يعني لما قرر النبي عليه الصلاة والسلام حج وأحرم من الميقات وحدد للجهات مواقيت قال ومن ذلك تعلم قيمة الاتفاق المزعوم على جواز الإحرام قبل الميقات المذكور في شرح الهداية ثم قال رحمه الله تعالى نية الإحرام لا تجوز على الراجح عندنا إلا عند الميقات أو قريبًا منه لمن كان في الطائرة وخشي أن تجاوز به الميقات ولما يحرم.

طبعا هذا من كلام الألباني.

نعم نعم لكن نقل غيره واحد من أهل العلم الاتفاق على الجواز على جواز أن يحرم الإنسان قبل الميقات قد نقل غير واحد من أهل العلم الاتفاق على جوازه غير صاحب الهداية وقد جاء عن غير واحد من الصحابة فعله أيضًا أحرموا قبل الميقات يقول ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات فهو محرم ونقله عنه ابن قدامة نقل هذا الإجماع ابن قدامة عن ابن المنذر وقال الحافظ ابن حجر وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز وقال النووي في المجموع أجمع من يعتد به من السلف والخلق من الصحابة فمن بعدهم على أنه يجوز الإحرام من الميقات وما فوقه يعني قبله وحكى العبدري وغيره عند داود أنه قال لا يجوز الإحرام مما فوق الميقات وأنه لو أحرم مما قبله لم يصح إحرامه ويلزمه أن يرجع ويحرم من الميقات وهذا الذي قاله مردود عليه بالإجماع أجمع من يعتد به مع أنه نقل عن داود أنه لا يجزي لأن النووي رحمه الله تعالى لا يعتد بقول داود نص في شرح مسلم وغيره أنه لا يعتد بقول داود لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد فلا يستدرك به عليه مع أنه نص عليه كما نقل الإجماع أيضًا القرطبي في تفسيره على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات أنه محرم والإجماع على الجواز وصحة الإحرام لا يعني أنه أفضل قد يقول قائل أن الأجر على قدر المشقة إذًا أحرم من بعيد نقول الأجر على قدر المشقة إذا كانت هذه المشقة من متطلبات العبادة أما المشقة لذاتها فليست بهدف شرعي.

فالجواز هنا لا لا يعني.

لا يعني أنه أفضل، والإجماع على الجواز وصحة الإحرام لا يعني أنه أفضل فقد كرهه مالك كما نقله ابن عبد البر في التمهيد وأنكر عمر بن الخطاب على عمران بن حصين إحرامه من البصرة وعن عثمان بن عفان أنه أنكر على عبد الله بن عامر إحرامه قبل الميقات وفي سبل السلام للصنعاني يقول دل الحديث يعني حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال يقول ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد متفق عليه دل هذا الحديث على أن الأفضل أن يحرم من الميقات لا قبله فإن أحرم قبله فقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم وهل يكره؟ -هذا كلام الصنعاني- وهل يكره فقيل نعم لأن قول الصحابة وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة يقضي بالإهلال من هذه المواقيت ويقضي بنفي النقص والزيادة يعني إذا كان لا يجوز الإحرام دون المواقيت إذًا لا يجوز الإحرام قبلها لكن الذي أشكل عليه وجود الإجماع فهل يكره؟ فقيل نعم لأن قول الصحابة وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة يقضي بالإهلال من هذه المواقيت ويقضي بنفي النقص والزيادة فإن لم تكن الزيادة محرمة فلا أقل من أن يكون تركها أفضل يقول الصنعاني ولولا ما قيل من الإجماع بجواز ذلك لقلنا بتحريمه لأدلة التوقيت ولأن الزيادة على المقدرات من المشروعات كأعداد الصلوات ورمي الجمار لا تشرع كالنقص منها وإنما لم يجزم بتحريم ذلك لما ذكرنا من الإجماع ولأنه روي عن عدة من الصحابة تقديم الإحرام على الميقات فأحرم ابن عمر من بيت المقدس وأحرم أنس من العقيق وأحرم ابن عباس من الشام وأهلّ عمران بن حصين من البصرة وأهل ابن مسعود من القادسية المقصود أنه مأثور عن السلف.

وهذا مرد الإجماع إلى وجود فعل الصحابة.

نعم نعم وورد في تفسير الآية أن الحج والعمرة تمامهما يعن في قوله جل وعلا {وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ } البقرة: ١٩٦  تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك هذا التفسير ورد عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما وإن قد تؤول هذا كلام الصنعاني وإن كان قد تؤول بأن مرادهما أن ينشئ لهما سفرًا من أهله فقد ورد أثر عن علي رضي الله عنه بلفظ تمام العمرة أن تنشئ لها من بلادك أي أن ينشئ لها سفرًا مفردًا من بلاده كما أنشأ النبي عليه الصلاة والسلام في عمرة الحديبية والقضاء سفرًا من بلده ويدل لهذا التأويل أن عليًا لم يفعل ذلك ولا أحد من الخلفاء الراشدين ولم يحرموا بحج ولا عمرة إلا من الميقات بل لم يفعله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون ذلك تمام الحج والعمرة ولم يفعله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الخلفاء ولا جماهير الصحابة؟ نعم الإحرام من بيت المقدس بخصوصه نعم الإحرام من بيت المقدس بخصوصه ورد فيه حديث أم سلمة تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهلًّ من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر له ما تقدم من ذنبه » رواه أحمد «من أهل من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر له ما تقدم من ذنبه » هذا الحديث مخرج في المسند وفي لفظ له «من أحرم من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه » قال الصنعاني فيكون هذا مخصوصًا ببيت المقدس فيكون الإحرام منه خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت ويدل له إحرام ابن عمر منه يعني من بيت المقدس ولم يفعل ذلك من المدينة يعني ما أحرم من المدينة أحرم من ذي الحليفة أحرم من بيت المقدس لبلوغ هذا الخبر له ويدل له إحرام ابن عمر منه ولم يفعل ذلك من المدينة على أن منهم من ضعّف الحديث على أن منهم من ضعف الحديث ومنهم من تأوله بأن المراد ينشئ لهما يعني للحج والعمرة السفر من هنالك من بيت المقدس يعني إذا أنشأ السفر للحج والعمرة من بيت المقدس صار أفضل فلهذا الثواب المرتب «غفر له ما تقدم من ذنبه » لا أنه يتلبس بالإحرام من هنالك على كل حال لولا ما ورد عن الصحابة وما جاء في بيت المقدس ما ورد عن الصحابة في كونهم أهلوا بالنسك قبل الميقات لما جاز أن يتقدم فعل النبي عليه الصلاة والسلام وإذا خطر ببال أحد أن عمله الذي تقدم فيه قبل الميقات أفضل من فعل النبي عليه الصلاة والسلام فهو على خطر بلا شك فلا أكمل من هديه عليه الصلاة والسلام لكن الجواز شيء والأفضلية شيء آخر والله المستعان.

 

أحسن الله إليكم فضيلة ونفعنا بما قلتم إنه سميع مجيب أيها الإخوة المستمعون الكرام في ختام هذا اللقاء أتقدم لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير بالشكر الجزيل فجزاه الله خيرًا عنا ونفع بما قال ونلقاكم بإذن الله تعالى في اللقاء المقبل لنتم مع فضيلته الحديث حول فقه الإمام البخاري في الحج فإلى لقاء مقبل نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"