التعليق على تفسير القرطبي - سورة القصص (08)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى} لَمَّا قَالَ تَعَالَى: {وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها} بَيَّنَ أَنَّ قَارُونَ أُوتِيهَا وَاغْتَرَّ بِهَا وَلَمْ تَعْصِمْهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ كَمَا لَمْ تَعْصِمْ فِرْعَوْنَ، وَلَسْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِأَكْثَرَ عَدَدًا وَمَالًا مِنْ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ، فَلَمْ يَنْفَعْ فِرْعَوْنَ جُنُودُهُ وَأَمْوَالُهُ، وَلَمْ يَنْفَعْ قَارُونَ قَرَابَتُهُ مِنْ مُوسَى وَلَا كُنُوزُهُ. قَالَ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: كَانَ ابْنَ عَمِّ مُوسَى لَحًّا، وَهُوَ قَارُونُ بْنِ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثِ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ، وَمُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ عَمَّ مُوسَى لِأَبٍ وَأُمٍّ. وَقِيلَ: كَانَ ابْنَ خَالَتِهِ. وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِلْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ. وَمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَاعُولَ أَعْجَمِيًّا لَا يَحْسُنُ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لَمْ يَنْصَرِفْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَانْصَرَفَ فِي النَّكِرَةِ، فَإِنْ حَسُنَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ انْصَرَفَ إِنْ كَانَ اسْمًا لِمُذَكَّرٍ نَحْوَ طَاوُسٍ وَرَاقُود، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلَوْ كَانَ قَارُونُ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ لَانْصَرَفَ."

لأنه يكون عربيًّا حينئذ إذا كان من القرن والاقتران فهو عربي؛ لأن المادة عربية.

" {فَبَغى عَلَيْهِمْ} بَغْيُهُ أَنَّهُ زَادَ فِي طُولِ ثَوْبِهِ شِبْرًا، قَالَهُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ :«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» وَقِيلَ: بَغْيُهُ كُفْرُهُ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: بَغْيُهُ اسْتِخْفَافُهُ بِهِمْ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَوَلَدِهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: بَغْيُهُ نِسْبَتُهُ مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكُنُوزِ إِلَى نَفْسِهِ بِعِلْمِهِ وَحِيلَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. وَقِيلَ: بَغْيُهُ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتِ النبوة لموسى والمذبح والقربان في هرون فمالي! فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا جَاوَزَ بِهِمْ مُوسَى الْبَحْرَ وَصَارَتِ الرِّسَالَةُ لِمُوسَى وَالْحُبُورَةُ لِهَارُونَ، يُقَرِّبُ الْقُرْبَانَ وَيَكُونُ رَأْسًا فِيهِمْ، وَكَانَ الْقُرْبَانُ لِمُوسَى فَجَعَلَهُ مُوسَى إِلَى أَخِيهِ، وَجَدَ قَارُونُ فِي نَفْسِهِ وَحَسَدَهُمَا، فَقَالَ لِمُوسَى: الْأَمْرُ لَكُمَا وَلَيْسَ لِي شي إِلَى مَتَى أَصْبِرُ. قَالَ مُوسَى: هَذَا صُنْعُ اللَّهِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُصَدِّقَنَّكَ حَتَّى تَأْتِيَ بآية، فأمر رؤساء بني إسرائيل أن يجيئ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَصَاهُ، فَحَزَمَهَا وَأَلْقَاهَا فِي الْقُبَّةِ الَّتِي كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَانُوا يَحْرُسُونَ عِصِيِّهِمْ بِاللَّيْلِ فَأَصْبَحُوا وَإِذَا بِعَصَا هرون تَهْتَزُّ وَلَهَا وَرَقٌ أَخْضَرُ- وَكَانَتْ مِنْ شَجَرِ اللَّوْزِ- فَقَالَ قَارُونُ: مَا هُوَ بِأَعْجَبَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنَ السِّحْرِ.

{فَبَغى عَلَيْهِمْ} مِنَ الْبَغْيِ وَهُوَ الظُّلْمُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانَ قَارُونُ غَنِيًّا عَامِلًا لِفِرْعَوْنَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ وَظَلَمَهُمْ، وَكَانَ مِنْهُمْ، وَقَوْلٌ سَابِعٌ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَجْمِ الزَّانِي عَمَدَ قَارُونُ إِلَى امْرَأَةٍ بَغِيٍّ وَأَعْطَاهَا مَالًا، وَحَمَلَهَا عَلَى أَنِ ادَّعَتْ عَلَى مُوسَى أَنَّهُ زَنَى بِهَا، وَأَنَّهُ أَحْبَلَهَا، فَعَظُمَ عَلَى مُوسَى ذَلِكَ، وَأَحْلَفَهَا بِاللَّهِ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى إِلَّا صَدَقَتْ. فَتَدَارَكَهَا اللَّهُ، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أنك بريء، وَأَنَّ قَارُونَ أَعْطَانِي مَالًا، وَحَمَلَنِي عَلَى أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ، وَأَنْتَ الصَّادِقُ وَقَارُونُ الْكَاذِبُ. فَجَعَلَ اللَّهُ أَمْرَ قَارُونَ إِلَى مُوسَى، وَأَمَرَ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَهُ. فَجَاءَهُ وَهُوَ يَقُولُ لِلْأَرْضِ: يَا أَرْضُ خُذِيهِ، يَا أَرْضُ خُذِيهِ، وَهِيَ تَأْخُذُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ: يَا مُوسَى! إِلَى أَنْ سَاخَ فِي الْأَرْضِ هُوَ وَدَارُهُ وَجُلَسَاؤُهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مَذْهَبِهِ.

وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى: اسْتَغَاثَ بِكَ عِبَادِي فَلَمْ تَرْحَمْهُمْ، أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ دَعَوْنِي لَوَجَدُونِي قَرِيبًا مُجِيبًا. قال ابْنُ جُرَيْجٍ: بَلَغَنَا أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةً، فَلَا يَبْلُغُونَ إِلَى أَسْفَلِ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".

أما البغي وصوره التي ذكرها المؤلف فاللفظ يحتمل هذا ويحتمل غيره، إلا أن الفاء {فبغى عليهم}  فاء تفريعيه على ما تقدم {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم}، والبغي له صور، وأصله الظلم والعدوان والكبر فكونه تكبر وطغى وبغى عليهم؛ لأن الله –جل وعلا – أتاه ما أتاه من الكنوز والأموال، وهذه عادة الإنسان { كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى } فالإنسان إذا رآه نفسه أنه استغنى لزم على ذلك أنه يبغي ويطغى، لكن إذا أغناه الله –جلا وعلا-، وعرف أن ما بيده هو مال الله، وأن ما وضعه الله بيده ليصنع به ما أمر به، مثل هذا لا يكون مقترنًا بالبغي، وإنما إذا رأى الإنسان أنه استغنى جره ذلك إلى أن يستغني عن ربه–جلا وعلا-، فيحمله ذلك على الأشر والبطر والبغي.

 بعض الأسباب التي ذكرها من الأسباب السبعة والثمانية بعضها لا وجه له، بل هو مما تُلِقّي عن بني إسرائيل. المقصود أن اللفظ واضح، بغى عليهم، بغى على بني إسرائيل، وهو منهم، وهو من قوم موسى، ونجا معهم حين جاوزوا البحر، ثم بعد ذلك حصل له ما حصل، وكان عاقبته الخسف –نسأل الله العافية –، خسف به وبداره الأرض، وجاء فيمن مشى ويتبختر في مشيته أنه خُسف به الأرض، وهو يتجلجل فيها إلى قيام الساعة، يتجلجل فيها إلى قيام الساعة ينزل. وقيل هنا: إنه ينزل قدر قامة إلى قيام الساعة، هنا ما فيه نص أنه إلى قيام الساعة، لكن الذي ينظر في عطفه ويتبختر ويتكبر على الناس خسف به، وجاء في هذا الوصف وهذا من باب أولى يعني قارون طغيانه أكثر من هذا الرجل المتكبر. ويعاير به، ويلمز به، ويقال: رجل كافر لا تأكل جسده الأرض، لا تأكل جسده الأرض، فهو الذي خسف به الأرض الذي يتجلجل فيها إلى يوم القيامة إلى قيام الساعة، هذا لا تأكل جسده الأرض؛ لأنه يتجلجل أي ينزل فيها – والله المستعان-.

طالب:..مفهوم الآية أن قارون كان في وقت فرعون خسف به قبل أن يدرك البحر.

لا ، لا، بعده.  

طالب:...من الآيات يا شيخ.

من السياق الذي معنا.

طالب: ذكر يا شيخ مع قارون فرعون، فرعون قارون..........

نعم، فليس اقتران هذه ضعيفة، ما يلزم أن يكونا في وقت واحد، حتى لو قلنا: إن الآية تدل على الاقتران فإما أن يكون مات قبلهم، خسف به قبلهم أو بعدهم، ما أُغرق معه في البحر. 

" وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْفَرَجِ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ بن مسلم، عن مروان بن جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ قَالَ: لَقِيَ قَارُونُ يُونُسَ فِي ظُلُمَاتِ الْبَحْرِ، فَنَادَى قَارُونُ يُونُسَ، فَقَالَ: يَا يُونُسُ: تُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ عِنْدَ أَوَّلِ قَدَمٍ تَرْجِعُ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ يُونُسُ: مَا مَنَعَكَ مِنَ التَّوْبَةِ. فَقَالَ: إِنَّ تَوْبَتِي جُعِلَتْ إِلَى ابْنِ عَمِّي فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنِّي. وَفِي الْخَبَرِ: إِذَا وَصَلَ قَارُونُ إِلَى قَرَارِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ نَفَخَ إِسْرَافِيلُ فِي الصُّوَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ السُّدِّيُّ: وَكَانَ اسْمُ الْبَغِيِّ سَبَرَتَا، وَبَذَلَ لَهَا قَارُونُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ. قَتَادَةُ: وَكَانَ قَطَعَ الْبَحْرَ مَعَ مُوسَى، وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوّرَ مِنْ حُسْنِ صُورَتِهِ فِي التَّوْرَاةِ."

صوته، صوته.

طالب: صوته؟

لأن التوراة، مناسب الصوت، ما هو الصورة.

طالب:....حسن صوته في التوراة.

هذا مناسب.

"وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوّرَ مِنْ حُسْنِ صُورَتِهِ فِي التَّوْرَاةِ.

طالب:  اسمه المنور يا شيخ.

نعم يناسب الصورة، النور يناسب الصورة، والتوراة تناسب الصوت، ما تجيء، إما هذا وإما هذا، التوراة تناسبها الصوت، والمنور...

طالب: لأن كلمة المنور من....

السياق سياق عربي.

طالب: ما ذكر من حسن صورته في التوراة، وكان يسمي في التوراة المنور من حسن صورته.

على كل حال هذا محتمل، اللفظ يحتمل الأمرين، أما التوراة فالمناسب لها الصوت، وأما بالنسبة للنور فيناسب حسن الصورة، وسواء كان هذا أو ذاك فلم ينفعه لا هذا ولا هذا، نسأل الله السلامة والعافية.

" وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ نَافَقَ كَمَا نَافَقَ السَّامِرِيُّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ} قَالَ عَطَاءٌ: أَصَابَ كَثِيرًا مِنْ كُنُوزِ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَرْوَانَ: إِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ الْكِيمْيَاءَ."

الكيمياء عند المتقدمين، والتي تكلم عليها أهل العلم وحرموها، هي قلب الأعيان، تقلب الحجر إلى ذهب، وهي ضرب من ضروب السحر والشعوذة، تكلموا عنها وحرموها وابن خلدون بسط القول فيها في مقدمته.

طالب:.........

قلب الأحجار إلى ذهب وما أشبه ذلك، المهم أنها تقلب الأعيان.

 "{مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ} " إِنَّ" وَاسْمَهَا وَخَبَرَهَا فِي صِلَةِ" مَا" و" ما" مفعولة" آتَيْناهُ". قَالَ النَّحَّاسُ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: مَا أَقْبَحَ مَا يَقُولُ الْكُوفِيُّونَ فِي الصِّلَاتِ، إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِلَةُ الَّذِي وَأَخَوَاتُهُ " إِنَّ" وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ، وَفِي الْقُرْآنِ: {مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ}".

يعني جاء القرآن بخلاف قولهم.

 "وَهُوَ جَمْعُ مِفْتَحٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا يُفْتَحُ بِهِ. وَمَنْ قَالَ: مِفْتَاحٌ قَالَ: مَفَاتِيحُ. وَمَنْ قال: هي الخزائن فواحدها مفتح بالفتح".

على كل حال مفتح ومفاتيح ومفاتح هي جمع مفتاح، كما أنها جمع مفتاح كمنبر ومنابر ومنابير، مساجد مساجيد، مصابح مصابيح، زنة منتهى الجموع.

"{لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ} أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى: لتَنِيء الْعُصْبَةَ".

لتُنِيء.

" أَنَّ الْمَعْنَى: لتُنِيء الْعُصْبَةَ أَيْ تُمِيلُهُمْ بِثِقَلِهَا، فَلَمَّا انْفَتَحَتِ التَّاءُ دَخَلَتِ الْبَاءُ. كَمَا قَالُوا هُوَ يَذْهَبُ بِالْبُؤْسِ ومذهب البؤس."

الفعل اللازم يُعدى إما بالهمزة أو بتغيير صيغته.

" فصار{ لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ} فَجَعَلَ الْعُصْبَةَ تَنُوءُ أَيْ تَنْهَضُ مُتَثَاقِلَةً، كَقَوْلِكَ: قُمْ بِنَا أَيِ اجْعَلْنَا نَقُومُ. يُقَالُ: نَاءَ يَنُوءُ نَوْءًا إِذَا نَهَضَ بِثِقَلٍ. قَالَ الشاعر:

تنوء بأخراها فلأيا قيامها ... وتمشي الهوينى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ

وَقَالَ آخَر:

أَخَذْتُ فَلَمْ أملك ونوت فَلَمْ أَقُمْ ... كَأَنِّيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مُقَيَّدُ

وَأَنَاءَنِي إِذَا أَثْقَلَنِي، عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَقَالَ أبو عبيدة: قوله: { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ} مَقْلُوبٌ، وَالْمَعْنَى لَتَنُوءُ بِهَا الْعُصْبَةُ أَيْ تنهض بها. قال أبو زيد: نؤت بِالْحِمْلِ إِذَا نَهَضْتُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّا وَجَدْنَا خَلَفًا بِئْسَ الْخَلَفْ ... عَبْدًا إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ وَقَفْ

وَالْأَوَّلُ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَالسُّدِّيِّ. وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ. كَمَا يُقَالُ: ذَهَبْتُ بِهِ وَأَذْهَبْتُهُ، وَجِئْتُ به وأجأته، ونؤت بِهِ وَأَنَأْتُهُ، فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَهُ وَنَاءَهُ فَهُوَ إِتْبَاعٌ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: وَأَنَاءَهُ، وَمِثْلُهُ هَنَّأَنِي الطَّعَامَ وَمَرَّأَنِي، وَأَخْذُهُ مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّأْيِ وَهُوَ الْبُعْدُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

ينأون عنا وما تنأى مودتهم ... فالقلب فِيهِمْ رَهِينٌ حَيْثُمَا كَانُوا

وَقَرَأَ بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ: " لَيَنُوءُ" بِالْيَاءِ، أَيْ لَيَنُوءُ الْوَاحِدُ مِنْهَا أَوِ الْمَذْكُورُ فَحُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قُلْتُ لِرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ فِي قَوْلِهِ:

فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ

إِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ الْخُطُوطَ فَقُلْ: كَأَنَّهَا، وَإِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ السَّوَادَ وَالْبَلَقَ فَقُلْ: كَأَنَّهُمَا".

يصحح، يصحح أبو عبيدة على رؤبة؛ لأنه قال: كأنه ما فيه ما يدل على تذكير الضمير مما تقدم، فإن أراد الخطوط قال: كأنها، وإن أراد السواد والبلق وهما مثنى قال: كأنهما، لكن رؤبة قال: أردت الجميع، والجمع أمره أسهل.

"فَقَالَ: أَرَدْتُ كُلَّ ذَلِكَ. وَاخْتُلِفَ فِي الْعُصْبَةِ".

والإتباع الذي أشار إليه- له عندي ما ساءه وناءه- تتبع الكلمة كلمة أخرى على زنتها ولو لم تشاركها في المعنى، تتبع كلمة تكون على وزنها وإن لم تشاركها في المعنى، قال: باب معروف في لغة العرب وفي المؤلفات، ومن أهمها كتاب الإتباع لأبي الطيب اللغوي الحلبي مطبوع في الشام أكثر من نفيس، في هذا الباب يحتاج إلى إطالة وعلم؛ لأنه أحيانًا تمر عليه كلمات لو بحث عنها ما يجدها في غيره، ما معنى نعيف؟ قالوا: ضعيف، نعيف، وثقة تقة مثل هذه الكلمات توجد في كتاب الإتباع. ثانيًا ما لها معنى إلا أنها أردف بها وأتبع بها اللفظ الأول؛ لأنها على زنتها.

طالب: فيه نموذج قياس يا شيخ.

حياك الله وبياك مثلاً يقول مثل هذا.

"وَاخْتُلِفَ فِي الْعُصْبَةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَتَعَصَّبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: ثَلَاثَةُ رِجَالٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا مِنَ الثلاثة إلى العشرة، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعُصْبَةُ هُنَا مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ. وَعَنْهُ أَيْضًا: مَا بَيْنَ الْعَشْرَةِ إِلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ. وَعَنْهُ أَيْضًا: مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى خَمْسَةٍ. ذَكَرَ الْأَوَّلَ الثَّعْلَبِيُّ، وَالثَّانِيَ الْقُشَيْرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالثَّالِثُ الْمَهْدَوِيُّ.

وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا. السُّدِّيُّ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ. وَقَالَهُ قَتَادَةُ أَيْضًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَرْبَعُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَبْعُونَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي صَالِحٍ إِنَّ الْعُصْبَةَ سَبْعُونَ رَجُلًا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ عَنْهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقِيلَ: سِتُّونَ رَجُلًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالتِّسْعَةِ، وَهُوَ النَّفَرُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: عَشَرَةٌ لِقَوْلِ إِخْوَةِ يُوسُفَ" وَنَحْنُ عُصْبَةٌ" وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ".

قول إخوة يوسف عشرة وهو الحادي عشر، إني رأيت أحد عشر، فعلى مقتضى قوله: عشرة وهو الحادي عشر، لكن الواقع من قوله {إني رأيت أحد عشر كوكبًا}.

طالب:.......

يكون كم؟

طالب: اثني عشر.

اثني عشر نعم، وكون العدد اتفق هنا أنهم إحدى عشر أو عشرة على قول المؤلف لا ينفي ما عداه، لا ينفي ما عداه، ولو كانوا خمسة عشر لقالوا: عصبة ولو كانوا عشرة لقالوا عصبة، فترجيح العشرة لقول إخوة يوسف هذا لا وجه له؛ لأنه لا يقتضي الحصر، لم يأتِ بأسلوب يدل على الحصر.

" وَقَالَ خَيْثَمَةُ: وَجَدْتُ فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ قَارُونَ وَقْرُ سِتِّينَ بَغْلًا غَرَّاءَ محجلة، وأنها لتنوء بها من ثِقَلَهَا، مَا يَزِيدُ مِفْتَحٌ مِنْهَا عَلَى إِصْبَعٍ، لِكُلِّ مِفْتَحٍ مِنْهَا كَنْزُ مَالٍ، لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ الْكَنْزُ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَكَفَاهُمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتِ الْمَفَاتِيحُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ. وَقِيلَ: مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ لِتَخِفَّ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تُحْمَلُ مَعَهُ إِذَا رَكِبَ عَلَى سَبْعِينَ بَغْلًا فِيمَا ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ."

الله المستعان، هذه المفاتيح، فكيف بالخزائن والأموال، والله المستعان.

طالب: صنف العصبة.

كل هذا قيل من أهل العلم، لكن ما فيه شيء يقطع العذر.

" وَقِيلَ: عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا. وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ أَيْضًا: إِنَّ مَفَاتِحَهُ أَوْعِيَتُهُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفَاتِحِ الْخَزَائِنُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ".

المفاتح واضح المراد بها لا يُحتاج إلى مثل هذا، المفاتيح غير الخزائن، المفاتيح تكون لأبواب الخزائن.

طالب: .........حديث صحيح.

هذه كلها متلقاة عن بني إسرائيل فلا تصدق ولا تكذب، إنما جاء فيما جاءنا في القرآن ما يدل على أن عنده الشيء الكثير من الأموال.

"{إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ} أَيِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: الْقَوْمُ هُنَا مُوسَى. وقال الْفَرَّاءُ: َهُوَ جَمْعٌ أُرِيدَ بِهِ وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ} وَإِنَّمَا هُوَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ."

من العام الذي يراد به الخصوص، من العام الذي يراد به الخصوص، فاللفظ عام والمراد به شخص واحد.

"{لَا تَفْرَحْ} أي لا تأشر ولا تبطر."

طالب:..........

كما في قوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} هذا واحد، واحد، ونعيم بن مسعود جاء إلى النبي-عليه الصلاة والسلام- وقال له: إن الناس قد جمعوا لكم، فلا يتصور أن الناس الذين أَخْبروا وبلغوا هم الناس الذين جمعوا، وهم الذين أخبروا، إنما هو شخص واحد بلغ عن هؤلاء الأناس الأعداء أنهم يعدون العدة لغزو النبي –عليه الصلاة والسلام-فأخبر النبي، فهو واحد، السنة والسيرة تدل على أنه واحد، فهذا ضرب من ضروب العام، فمنه العام المحفوظ الباقي على عمومه، ومنه العام المخصوص، ومنه العام الذي أريد به الخصوص.

"{لَا تَفْرَحْ} أي لا تأشر ولا تبطر. {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي البطرين، قاله مجاهد والسدي".

الكلمة ليست على إطلاقها {إن الله لا يحب الفرحين }؛ لأن هناك ما يُفرح به مما يفتحه الله على عبده من أمور الدين ومن أمور الخير، وما يوصل إلى الله –جل وعلا –، {فبذلك فليفرحوا}، نعم جاء الأمر به، لكن الفرح المقترن بالأشر والبطر والكبر والتغطرس هذا الذي لا يحبه الله- جل وعلا-.

" قَالَ الشَّاعِرُ: وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي وَلَا ضَارِعٌ فِي صَرْفِهِ الْمُتَقَلِّبِ

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لَا تَفْرَحْ بِالْمَالِ، فَإِنَّ الْفَرِحَ بِالْمَالِ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ. وَقَالَ مُبَشَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لَا تَفْرَحْ: لَا تُفْسِدْ. قَالَ الشَّاعِرُ

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَبْرَحْ تُؤَدِّي أَمَانَةً ... وَتَحْمِلُ أخرى أفرحتك الودائع

أَيْ أَفْسَدَتْكَ. وَقَالَ أَبُو  عَمْرٍو: أَفْرَحَهُ الدَّيْنُ أَثْقَلَهُ. وَأَنْشَدَهُ: إِذَا أَنْتَ ... الْبَيْتَ. وَأَفْرَحَهُ سَرَّهُ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْفَرِحِينَ وَالْفَارِحِينَ سَوَاءٌ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْفَرَّاءُ فَقَالَ:"

الفرِح صيغة مبالغة، صيغة مبالغة من اسم فاعل فارح فرِح، مثل حذِر من حاذر.

" مَعْنَى الْفَرِحِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي حَالِ فَرَحٍ، وَالْفَارِحِينَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَزَعَمَ أَنَّ مِثْلَهُ طَمِعٌ وَطَامِعٌ، وَمَيِّتٌ وَمَائِتٌ. وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ قَوْلُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وَلَمْ يَقُلْ مَائِتٌ.

إنك ميت يعني ستموت في المستقبل، وإنهم ميتون سيموتون عكس ما قاله.

 "وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: مَعْنَى" لَا تَفْرَحْ" لَا تَبْغِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أَيِ الْبَاغِينَ. وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: لَا تَبْخَلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْبَاخِلِينَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ} أَيِ اطْلُبْ فِيمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا الدَّارَ الْآخِرَةَ وَهِيَ الْجَنَّةُ، فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَصْرِفَ الدُّنْيَا فِيمَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ لَا فِي التَّجَبُّرِ وَالْبَغْيِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا} اخْتُلِفَ فِيهِ؛ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ: لَا تُضَيِّعْ عُمْرَكَ فِي أَلَّا تَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا فِي دُنْيَاكَ؛ إِذِ الْآخِرَةُ إِنَّمَا يُعْمَلُ لَهَا، فَنَصِيبُ الْإِنْسَانِ عُمْرُهُ وَعَمَلُهُ الصَّالِحُ فِيهَا. فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ شِدَّةٌ فِي الْمَوْعِظَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ:"

نعم؛ لأن نصيبه ما ينفعه، نصيبه ما ينفعه في الآخرة، وماله ما يقدمه لنفسه، وأما الباقي فمال الورثة، ولا تنس نصيبك يعني ما ينفعك في الآخرة؛ لأن الظاهر من اللفظ أنه أمر أن يستغرق فيما يوصله إلى الله -جل وعلا - والدار الآخرة، ثم بعد ذلك لا ينسى نصيبه من الدنيا بحيث يكون عالة على الناس، وهذه له ولغيره، الإنسان خلق لهدف تحقيق العبودية لله –جل وعلا –، فينبغي أن تكون أحواله وجميع تصرفاته على ما يرضي الله- جل وعلا-؛ {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}، بعض الناس إذا سمع مثل هذا الكلام انصرف بالكلية عن الدنيا وهذا مقتضاه، لكن جاء قوله –جل وعلا-: {ولا تنسي نصيبك من الدنيا } ليأخذ من دنياه ما يبلغه إلى أخراه، لكن مع الأسف أن الكثير من الناس الآن العكس، يحتاج أن يقال له: ولا تنس نصيبك من الآخرة، هذا واقع كثير من الناس.

 " وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مَعْنَاهُ لَا تُضَيِّعُ حَظَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ فِي تَمَتُّعِكَ بِالْحَلَالِ وَطَلَبِكَ إِيَّاهُ، وَنَظَرِكَ لِعَاقِبَةِ دُنْيَاكَ. فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِيهِ بَعْضُ الرِّفْقِ بِهِ وَإِصْلَاحُ الْأَمْرِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ. وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ الْمَوْعُوظِ خَشْيَةَ النَّبْوَةِ مِنَ الشِّدَّةِ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ.

يعني مثل هؤلاء الأغنياء أهل الثراء الطائل، يعني لو جاء إنسان شخص يملك مئات الملايين وقيل له: تبرع بنصف مالك ما يرضى، لكنه إذا تلطف به وأرفق به وطلب منه شيء يسير في أول الأمر ثم كذلك، كذلك إلى أن يتعود الجود والبذل والعطاء، ثم من نفسه يبدأ، ولذلك تُلطف به في هذا.

يقول: والكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به، معناه لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه، يعني اطلب الحلال وتمتع به، لكن انظر إلى عاقبتك في الدنيا، انظر للعاقبة، لا تنظر للحال فقط، فهذا فيه تلطف، بخلاف الأول ففيه صرف بالكلية عن الحياة الدنيا إلا أنه لا ينسى نصيبه الشيء اليسير منها.

طالب: لو أعطى الله –سبحانه وتعالى-.....

في دنياه في الحلال؟

طالب: ..........

 طريق السلف على غير هذا، يعطى من الأموال، لكن لا تدخل قلوبهم، يقدمونه لما ينفعهم في الآخرة والتوسع في حدود المباح لم ينسحبوا عليه إلا أنه يجبه إلى ما وراءه، فالذي توسع في المباح لا شك أن هذا المباح يتوسع له من وجه حلال فيطلبه في الشبهات والمكروهات، ثم بعد ذلك يضيق عليه الأمر فيطلبه في المحرمات؛ لأن النفس إذا عودت على شيء تحتاج إليه باستمرار، وفطامها عنه شديد، ولذلك جاء عن سلف هذه الأمة أنهم يتركون تسع أعشار الحلال؛ خشية أن يقعوا في الحرام –والله المستعان-.

 "قُلْتُ: وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ قَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: احْرُثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا".

هذا يُروى في المرفوع للنبي –عليه الصلاة والسلام-، لكنه لا أصل له حكم العلماء بوضعه مرفوعًا، ويُنسب إلى عيسى –عليه السلام-، فالله أعلم بما يراد من حقيقة الحال، لكن مطلوب العمل للدنيا والآخرة بالتوازن، بالتوازن يُعمل للدنيا ما يقيم وما يحقق الغرض والهدف، ويعينه على الهدف الحقيقي الذي هو العبودية.  

 "وَعَنِ الْحَسَنِ: قَدِّمِ الْفَضْلَ، وَأَمْسِكْ مَا يُبَلِّغُ. وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَرَفٍ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِنَصِيبِهِ الْكَفَنَ. فَهَذَا وَعْظٌ مُتَّصِلٌ".

 

وعظ متصل إلى آخر لحظة وعد متصل يعني إلى آخر لحظة من لحظات الحياة الذي هو الكفن.

 "كَأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَنْسَ أَنَّكَ تَتْرُكُ جَمِيعَ مَالِكَ إِلَّا نَصِيبَكَ هَذَا الَّذِي هُوَ الْكَفَنُ. وَنَحْوَ هَذَا قَوْلُ الشاعر:

نصيبك مما تجمع الدهر كله ... رداء ان تُلْوَى فِيهِمَا وَحَنُوطُ

وَقَالَ آخَرُ:

وَهِيَ الْقَنَاعَةُ لَا تَبْغِي بِهَا بَدَلًا ... فِيهَا النَّعِيمُ وَفِيهَا رَاحَةُ الْبَدَنِ

انْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا ... هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ الْقُطْنِ وَالْكَفَنِ

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَبْدَعَ مَا فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ قَتَادَةِ: وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ الْحَلَالَ، فَهُوَ نَصِيبُكَ مِنَ الدُّنْيَا وَيَا مَا أَحْسَنَ هَذَا. {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} أَيْ أَطِعِ اللَّهَ وَاعْبُدْهُ كَمَا أَنْعَمَ عَلَيْكَ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «مَا الْإِحْسَانُ؟» قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ"، وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ بِصِلَةِ الْمَسَاكِينِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِمَاعُهَا اسْتِعْمَالُ نِعَمِ اللَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وقال مالك: هو الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَرَى مَالِكًا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْغَالِينَ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقَشُّفِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، وَيَشْرَبُ الْعَسَلَ، وَيَسْتَعْمِلُ الشِّوَاءَ، وَيَشْرَبُ الْمَاءَ الْبَارِدَ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ".

خلافًا لمن غلا وبالغ وضيق على نفسه، والتراجم تراجم الصوفية تحمل من هذا الشيء الكثير، حتى قالوا: إن بعضهم يأكل من المزابل مع الكلاب، ويخاطب الكلب: دع لي دع لي وأدع لك. وجد هذا في طبقات من يعدّون أولياء، يعني ذكر في طبقات الأولياء، لكن الدين ما جعل المسلم ينزل إلى هذه المنزلة، نعم جعل همه الآخرة، وجعله يستفيد ويستمتع من دنياه بقدر ما يقيم صلبه، ويوصله إلى هدفه، لا أن يصل إلى حد يأكل من المزابل ويأكل مع الحيوانات وما أشبه ذلك، بحيث يُزري به ويقذره من يراه، وقل مثل هذا في جميع الأمور. يعني التوسط مطلوب حتى في الملبس والمسكن في المأكل والمشرب وغير ذلك، السرف ممنوع، والحلال حلال {قل من حرم زينة الله}.

 فمثل هذه الأمور ينبغي أن ينظر إليها بالتوازن، ومع ذلك لو مال قليلاً إلى التقليل من هذه الأمور بحيث لا يخل بهذا التوازن، ويضمن لنفسه أنه لا يتعدى المباح إلى ما يخالفه من مكروه أو حرام، هذا هو الأصل، فعلى الإنسان أن يتوازن في أموره كلها، نقول مثل هذا في مسكنه، بعض الناس يبالغ في تزويق المسكن وترتيبه، فيأخذ عليه أموالاً طائلة، وبعضهم يستدين من أجله، ويرهن ذمته طول عمره من أجل المسكن، وبعضهم يبالغ في السيارة، تجد دخله متوسطًا، وسيارته مثل سيارة أغنى الناس، وبعض الناس بالعكس هو من أغنى الناس، وإذا رأيت ملبسه، ورأيت هيئته ومركبه ومسكنه قلت: هذا من أهل الصدقة وأهل الزكاة. فالتوسط في الأمور كلها والله -جل وعلا- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، لكن مع ذلك عليه أن يختاط لنفسه؛ خشية الدخول فيما حرم الله عليه.

"{وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ} أَيْ لَا تَعْمَلْ بِالْمَعَاصِي {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي} يَعْنِي عِلْمَ التَّوْرَاةِ. وَكَانَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ أَقْرَأِ النَّاسِ لَهَا، وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِهَا. وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ السَّبْعِينَ الذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى لِلْمِيقَاتِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ؛ لِعِلْمِهِ بِفَضْلِي وَرِضَاهُ عَنِّي. فَقَوْلُهُ:" عِنْدِي" مَعْنَاهُ إِنَّ عِنْدِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَانِي هَذِهِ الْكُنُوزَ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِاسْتِحْقَاقِي إِيَّاهَا لِفَضْلٍ فِيَّ. وَقِيلَ: أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِنْدِي بِوُجُوهِ التِّجَارَةِ وَالْمَكَاسِبِ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى. وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَوْ لَمْ يُسَهِّلْ لَهُ اكْتِسَابَهَا لَمَا اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي بِصَنْعَةِ الذَّهَبِ. وَأَشَارَ إِلَى عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ. وَحَكَى النَّقَّاشُ: أَنَّ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَّمَهُ الثُّلُثَ مِنْ صَنْعَةِ الْكِيمْيَاءِ، وَيُوشَعُ الثُّلُثَ، وَهَارُونُ الثُّلُثَ، فَخَدَعَهُمَا قَارُونُ- وَكَانَ عَلَى إِيمَانِهِ- حَتَّى عَلِمَ مَا عِنْدَهُمَا وَعَمِلَ الْكِيمْيَاءَ، فَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ.

وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى عَلَّمَ الْكِيمْيَاءَ ثَلَاثَةً، يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، وَكَالِبَ بْنَ يُوفِنَا، وَقَارُونَ، وَاخْتَارَ الزَّجَّاجُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَعْمَلُ الْكِيمْيَاءَ. قَالَ: لِأَنَّ الْكِيمْيَاءَ بَاطِلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى عَلَّمَ أُخْتَهُ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ، وَكَانَتْ زَوْجَةَ قَارُونَ، وَعَلَّمَتْ أُخْتُ مُوسَى قارون، والله أعلم".

أما قوله: {قال إنما أوتيته على علم عندي} يعني على خبرة ومعرفة وحذق وذكاء ودهاء، هذا الذي يظهر من اللفظ، لكن ليعلم هو وغيره أن هذه الأمور في الغالب أنها لا تفيده شيئًا، ولا تزيده فيما كُتب له فيما كتب الله له من رزقه شيئًا، بل المستفيد عند الناس والمعروف عندهم أنه كلما زاد الذكاء قل الدخل؛ لأنه أحيانًا الذكاء يدل على الحرص، الحرص الشديد، بل الحريص في أمور التجارات قد لا ينجح؛ لأنه يحسب ألف حساب لكل صفقة، وتفوته الأرباح وهو من حساباته وحذقه وذكائه وحنكته تفوته هذه الأمور.

 ويُذكر من القصص أن شخصًا دخل إلى بلد ما، فاشترى عيش حب بُر ملء كيس كبير جدًّا، فلما حمله على الجمل أراد أن يعدله بكيس آخر، فملأ كيسًا آخر بقدره رملاً؛ ليعدله على الجمل، الجمل يحتاج إلى عدل حملين من أجل أن يثبت، فتعادل الحملان ومشى، فتبعه رجل فقال له: يا أخي، لماذا لا تقسم الحب على الكيسين، فيخف على الجمل فيتعادل، وتركب أنت بعد؛ لأن الجمل لا يستطيع أن يحمله معهما مع العيش والرمل، فقال: والله أنت رجل طيب ففعل، وبالفعل خف الحمل وركب، فلما انصرف دعاه قال: ماذا عندك من الأموال؟ فقال له: والله ما أملك إلا هذا العصا وهذا الثوب الذي تقطع، قال له: نعيد ما كنا عليه، دع عقلك ينفعك.

هو عنده مئات من الإبل أزواد من الإبل، هذه قضايا معروفة، وحتى الواقع يشهد بها، تجد كثيرًا من التجار الكبار يعني في أوقات الصفقات ينعسون، تجد هذا المسكين الذي ما عنده شيء تجده يتحرص حتى لا يفوته شيء، ومع ذلك ما يدرك شيئًا، هذا شيء واضح، هذا من حكمة الله –جل وعلا-؛ لئلا يقول الإنسان: إنما أوتيته على علم عندي، لئلا يقول: إنما أوتيته على علم عندي.

 وتجد بعض التربويين وبعض المربين الذين لهم أثر في الناس تجده ما نجح في تربية أولاده؛ لئلا يدعي أن ذلك من علمه الذي أُوتيه، فمثل هذه الأمور لابد من إدراكها، وأن الأمور كلها منوطة بالله -جل وعلا- الأمور، كلها منوطة بإذن الله -جل وعلا-، وأن الإنسان لا يستطيع أن يقدم ولا يؤخر لا لنفسه ولا لغيره أدني شيء إلا ما أُمر به من الأسباب.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ} أَيْ بِالْعَذَابِ. {مِنَ الْقُرُونِ} أَيِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ الْكَافِرَةِ. {مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا} أَيْ لِلْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ يَدُلُّ عَلَى فَضْلٍ لَمَا أَهْلَكَهُمْ. وَقِيلَ: الْقُوَّةُ الْآلَاتُ، وَالْجَمْعُ الْأَعْوَانُ وَالْأَنْصَارُ، وَالْكَلَامُ خرج مخرج التقريع من الله تعال لِقَارُونَ، أَيْ" أَوَلَمْ يَعْلَمْ قَارُونُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ؟ {وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}".

 وهذا تقريع، وإن كان في الأصل لقارون إلا أن قارون ذهب ولم يرد باللفظ هذا سوانا، نحن المرادون بهذا اللفظ، وأما قارون فقد ذهب وانتهى، نعم قُرع به في وقته، وخسف به وبداره وعُوقب وجُزي بسوء صنيعه، فكما قيل لعمر-رضي الله عنه-: هذه القصص في القرآن ماذا يراد بها؟ قال: مضى القوم ولم يرد بها سوانا. نحن المرادون بهذا القصص؛ لنعتبر وندكر وننظر لفعل من نجا فنفعل، وننظر إلى فعل من هلك فنترك –والله المستعان-.

 

"{وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} أَيْ لَا يُسْأَلُونَ سُؤَالَ اسْتِعْتَابٍ كَمَا قَالَ: {وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}، {فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}، وَإِنَّمَا يُسْأَلُونَ سُؤَالَ تَقْرِيعٍ وتوبيخ؛ لقوله: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تُسْأَلُ الْمَلَائِكَةُ غَدًا عَنِ الْمُجْرِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يُعْرَفُونَ بِسِيمَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ سُودَ الْوُجُوهِ زُرْقَ الْعُيُونِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يُسْأَلُ الْمُجْرِمُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ؛ لِظُهُورِهَا وَكَثْرَتِهَا، بَلْ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِلَا حِسَابٍ. وَقِيلَ: لَا يُسْأَلُ مُجْرِمُو هَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ ذُنُوبِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ الَّذِينَ عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: أَهْلَكَ مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْقُرُونِ عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِذُنُوبِهِمْ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ ذنوبهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} أَيْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيمَا رَآهُ زِينَةً مِنْ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، مِنَ الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالتَّجَمُّلِ فِي يَوْمِ عِيدٍ. قَالَ الْغَزْنَوِيُّ: فِي يَوْمِ السَّبْتَ. { فِي زِينَتِهِ} أَيْ مَعَ زِينَتِهِ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا مَا قُلُوبُ الْقَوْمِ طَارَتْ مَخَافَةً       مِنَ الْمَوْتِ أَرْسَوْا بِالنُّفُوسِ الْمَوَاجِدَ

 أَيْ مَعَ النُّفُوسِ. كَانَ خَرَجَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ تَبَعِهِ، عَلَيْهِمُ الْمُعَصْفَرَاتُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صُبِغَ لَهُ الثِّيَابُ الْمُعَصْفَرَةُ. قَالَ السُّدِّيُّ: مَعَ أَلْفِ جَوَارٍ بِيضٍ عَلَى بِغَالٍ بِيضٍ بِسُرُوجٍ من ذَهَبٍ عَلَى قُطُفِ الْأُرْجُوَانِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ عَلَى الْبِغَالِ الشُّهُبِ. مُجَاهِدٌ: عَلَى بَرَاذِينَ بِيضٍ عَلَيْهَا سُرُوجُ الْأُرْجُوَانِ، وَعَلَيْهِمُ الْمُعَصْفَرَاتُ، وَكَانَ ذلك أول يوم رُؤي فِيهِ الْمُعَصْفَرُ. قَالَ قَتَادَةُ: خَرَجَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دَابَّةٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ حُمْرٌ، مِنْهَا أَلْفُ بَغْلٍ أَبْيَضَ عَلَيْهَا قُطُفٌ حُمْرٌ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: خَرَجَ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهَا الْأُرْجُوَانُ، وَمَعَهُ ثَلَاثُمِائَةِ جَارِيَةٍ عَلَى الْبِغَالِ الشُّهُبِ عَلَيْهِنَّ الثِّيَابُ الْحُمْرُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: خَرَجَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الْمُعَصْفَرَاتُ. قال الْكَلْبِيُّ: خَرَجَ فِي ثَوْبٍ أَخْضَرَ كَانَ اللَّهُ أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى مِنَ الْجَنَّةِ فَسَرَقَهُ مِنْهُ قَارُونُ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: كَانَتْ زِينَتُهُ الْقِرْمِزَ. قُلْتُ: الْقِرْمِزُ صِبْغٌ أَحْمَرُ مِثْلُ الْأُرْجُوَانِ، وَالْأُرْجُوَانُ فِي اللُّغَةِ صِبْغٌ أَحْمَرُ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ."

القرمز معروف أم ليس بمعروف؟

طالب: لون.....

لون.

طالب: اسم.....

أقرب ما يكون إلى البنفسجي أو العنابي، أقرب ما يكون.

طالب: موجود الآن....

موجود أقرب ما يكون إلى العنابي أو البنفسجي يسمونه قُرمزًا وهنا يقول: أحمر.

 "{قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يَا لَيْتَ لَنا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أَيْ نَصِيبٍ وَافِرٍ مِنَ الدُّنْيَا. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا مِنْ قَوْلِ مُؤْمِنِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، تَمَنَّوْا مِثْلَ مَالِهِ رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ أَقْوَامٍ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْآخِرَةِ وَلَا رَغِبُوا فِيهَا، وَهُمُ الْكُفَّارُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} وهم أحبار بني إسرائيل لِلَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ {وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ} يَعْنِي الْجَنَّةَ. {لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ} أَيْ لَا يُؤْتَى الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، أَوْ لَا يُؤْتَى الْجَنَّةَ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا الصَّابِرُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَجَازَ ضَمِيرُهَا؛ لأنها المعنية بقوله:" ثَوابُ اللَّهِ".

جاز ضميرها يعني وإن لم تُذكر قبل، يعني جاز إعادة ضمير لها وإن لم تُذكر من قبل إلا أنه ذكر ما يدل عليها وهو ثواب الله.

طالب: قول قتادة السابق قد يقول المرء بالعجب .....

{لا يُسئل عن ذنوبهم المجرمون} يعني من معانيها أنهم يدخلون بلا حساب ما يُسئلون عن ذنوبهم، ولا يقررون بها، لكن الحساب الوارد في النصوص بدقة هل هو خاص بهذه الأمة أو لجميع الأمم؟ مسألة خلافية. وعلى كل حال اللفظ واضح.

طالب:.........

نعم، صح.

طالب: هنا علمه موسى.

لا ما هو بصحيح.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا أَمَرَ مُوسَى الْأَرْضَ فَابْتَلَعَتْهُ قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: إِنَّمَا أَهْلَكَهُ لِيَرِثَ مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَمِّهِ، أَخِي أبيه، فخسف اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ وَبِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى إِنِّي لَا أُعِيدُ طَاعَةَ الْأَرْضِ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَكَ أَبَدًا. يُقَالُ: خَسَفَ الْمَكَانُ يَخْسِفُ خُسُوفًا ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ خَسْفًا أَيْ غَابَ بِهِ فِيهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ}، وَخَسَفَ هُوَ فِي الْأَرْضِ وَخُسِفَ بِهِ. وَخُسُوفُ الْقَمَرِ كُسُوفُهُ. قَالَ ثَعْلَبُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ، هَذَا أَجْوَدُ الْكَلَامِ. وَالْخَسْفُ النُّقْصَانُ، يُقَالُ: رَضِيَ فُلَانٌ بِالْخَسْفِ أَيْ بِالنَّقِيصَةِ. {فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ} أَيْ جَمَاعَةٍ وَعصبَةٍ. {يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ} لِنَفْسِهِ أَيِ الْمُمْتَنِعِينَ فِيمَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْخَسْفِ. فَيُرْوَى أَنَّ قَارُونَ يَسْفُلُ كُلَّ يَوْمٍ بِقَدْرِ قَامَةٍ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَعْرَ الْأَرْضِ السُّفْلَى نَفَخَ إِسْرَافِيلُ فِي الصُّورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ} أَيْ صَارُوا يَتَنَدَّمُونَ عَلَى ذَلِكَ التَّمَنِّي وَ{يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} وَيْ: حَرْفُ تَنَدُّمٍ".

ويكأن هل هي كلمة واحدة أو كلمتان، وإذا قلنا: كلمتان فأين المفصل بين الكلمتين؟ هل هو وي ثم كأن أو ويك كلمة وأن كلمة أخرى؟ مسألة خلافية بين أهل العلم.

"قَالَ النَّحَّاسُ: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَيُونُسَ وَالْكِسَائِيِّ أَنَّ الْقَوْمَ تَنَبَّهُوا أَوْ نُبِّهُوا، فَقَالُوا: وَيْ، وَالْمُتَنَدِّمُ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ فِي خِلَالِ تَنَدُّمِهِ وَيْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيْ. كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ، وَيُقَالُ: وَيْكَ وَوَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ. وَقَدْ تَدْخُلُ وَيْ عَلَى كَأَنْ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُشَدَّدَةِ تَقُولُ: وَيْكَأَنَّ اللَّهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ مَفْصُولَةٌ، تَقُولُ: " وَيْ" ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَتَقُولُ: " كَأَنَّ". قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ كَلِمَةُ تَقْرِيرٍ، كَقَوْلِكَ: أَمَا تَرَى إِلَى صُنْعِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ، وَذُكِرَ أَنَّ أَعْرَابِيَّةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَيْنَ ابْنُكَ ويك؟ فَقَالَ: وَيْ كَأَنَّهُ وَرَاءَ الْبَيْتِ، أَيْ أَمَا تَرَيْنَهُ؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ: وَيْكَ كَلِمَةُ ابْتِدَاءٍ وَتَحْقِيقٍ تَقْدِيرُهُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ. وَقِيلَ: هُوَ تَنْبِيهٌ بِمَنْزِلَةِ أَلَا فِي قَوْلِكَ: ألا تفعل، وأما فِي قَوْلِكَ: أَمَّا بَعْدُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

سَألَتَانِي الطَّلَاقَ إِذْ رَأَتَانِي ... قَلَّ مَالِي قَدْ جِئْتُمَانِي بِنُكْرِ

وَيْ كَأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يحبب ... ومن يفتقر يعش عيش ضر

وَقَالَ قُطْرُبٌ: إِنَّمَا هُوَ وَيْلُكَ، وَأُسْقِطَتْ لَامُهُ وَضُمَّتِ الْكَافُ الَّتِي هِيَ لِلْخِطَابِ إِلَى وَيْ. قَالَ عَنْتَرَةُ:

وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمَهَا ... قول الْفَوَارِسُ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ

وَأَنْكَرَهُ النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ القوم لم يخاطبوا أحدًا فيقولوا له: ويلك، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ إِنَّهُ بِالْكَسْرِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ حَذْفَ اللَّامِ مِنْ وَيْلِكَ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّقْدِيرُ وَيْلَكَ اعْلَمْ أَنَّهُ، فَأُضْمِرَ اعْلَمِ. قال ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} أَيِ اعْلَمْ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: مَعْنَاهُ رَحْمَةٌ لَكَ بِلُغَةِ حِمْيَرَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَيْ فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ. وَيُرْوَى عَنْهُ أَيْضًا الْوَقْفُ عَلَى وَيْ وَقَالَ كَلِمَةُ تَفَجُّعٍ. وَمَنْ قَالَ: وَيْكَ فَوَقَفَ عَلَى الْكَافِ فَمَعْنَاهُ أَعْجَبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَأَعْجَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَافُ حَرْفَ خِطَابٍ لَا اسْمًا؛ لِأَنَّ وَيْ لَيْسَتْ مِمَّا يُضَافُ. وَإِنَّمَا كُتِبَتْ مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا جُعِلَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا كَشَيْءٍ واحد.

{لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا} بِالْإِيمَانِ وَالرَّحْمَةِ وَعَصَمَنَا مِنْ مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَارُونُ مِنَ الْبَغْيِ وَالْبَطَرِ { لَخَسَفَ بِنا}. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: " لَوْلَا مَنُّ اللَّهُ عَلَيْنَا". وَقَرَأَ حَفْصُ:" لَخَسَفَ بِنا" مُسَمَّى الْفَاعِلِ. والْبَاقُونَ: عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَفِي حَرْفِ عبد الله: "لانخسف بِنَا" كَمَا تَقُولُ انْطَلِقْ بِنَا. وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ. وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ أَبُو حَاتِمٍ؛ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ}، والثاني قول: {لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا} فَهُوَ بِأَنْ يُضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِقُرْبِ اسْمِهِ مِنْهُ أَوْلَى. {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} عند الله."

لكن كلامه هنا اختار قراءة الجماعة أبو حاتم قراءة الجماعة خَسف أو خُسِفَ؟ قرأ حفص خَسف، والباقون على ما لم يسم خُسِف، فقراءة الجماعة على قوله المبنى للمجهول خُسِف، هذه قراءة الجماعة، تأملوا، وقراء حفص: لخَسَفَ بنا، مسمى الفاعل، والباقون على ما لم يسم فاعله، وهو اختيار أبي عبيد، تكون قراءة الجماعة للمفعول أم للفاعل؟ للمفعول قراءة الأكثر ثم قال: واحتار قراءة الجماعة أبو حاتم لوجهين أحدهما قوله: { فخسفنا به وبداره الأرض} والثاني قوله: { لولا أن من الله علينا } فهو بأن يضاف إلى الله تعالى؛ لقرب اسمه منه أولى، وإضافته إنما تكون ببنائه للفاعل لا للمفعول.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} يَعْنِي الْجَنَّةَ. وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لَهَا وَالتَّفْخِيمِ لِشَأْنِهَا، يَعْنِي تِلْكَ الَّتِي سَمِعْتَ بِذِكْرِهَا، وَبَلَغَكَ وَصْفُهَا {نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} أَيْ رِفْعَةً وَتَكَبُّرًا عَلَى الْإِيمَانِ وَالْمُؤْمِنِينَ. {وَلا فَسادًا} عملاً بالمعاصي. قاله ابن جريح ومقاتل. وقال عكرمة ومسلم البطين: أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الدُّعَاءُ إِلَى غَيْرِ عِبَادَةِ اللَّهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: هُوَ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ. {وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} قَالَ الضَّحَّاكُ: الْجَنَّةُ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: الَّذِي لَا يُرِيدُ عُلُوًّا هُوَ مَنْ لَمْ يَجْزَعْ مِنْ ذُلِّهَا. وَلَمْ يُنَافِسْ فِي عِزِّهَا، وَأَرْفَعُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَشَدُّهُمْ تَوَاضُعًا، وَأَعَزُّهُمْ غَدًا أَلْزَمُهُمْ لِذُلٍّ الْيَوْمَ. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى مَسَاكِينَ يَأْكُلُونَ كِسَرًا لَهُمْ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَدَعَوْهُ إِلَى طَعَامِهِمْ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسادًا} ثُمَّ نَزَلَ وَأَكَلَ مَعَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَجَبْتُكُمْ فَأَجِيبُونِي. فَحَمَلَهُمْ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَطْعَمَهُمْ وَكَسَاهُمْ وَصَرَفَهُمْ. خَرَّجَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ.

وَقِيلَ: لَفْظُ الدَّارِ الْآخِرَةِ يَشْمَلُ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَالْمُرَادُ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِتِلْكَ الدَّارِ مَنِ اتَّقَى، وَمَنْ لَمْ يَتَّقِ فَتِلْكَ الدَّارُ عَلَيْهِ لَا لَهُ، لِأَنَّهَا تَضُرُّهُ وَلَا تَنْفَعُهُ.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها} تَقَدَّمَ فِي" النمل". وقال عكرمة: ليس شيء خَيْرًا مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَإِنَّمَا المعني من جاء بلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَهُ مِنْهَا خَيْرٌ. {وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ} أَيْ بِالشِّرْكِ {فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ}".

يعني لا شك أن أفضل الحسنات كلمة التوحيد، أفضل الحسنات كلمة التوحيد، لكن لمن يعرف معناها ويعمل بمقتضاها، ولا يأتي بما ينقضها، وقد رُئي بعض الشيوخ ممن توفي قبل ثلاثين سنة –رحمة الله عليه- يقول: كيف يشبع الناس من قول لا إله إلا الله؟ ومعروف بصلاحه وتقاه.

" {فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ}"َيْ يعاقب بما يليق بعلمه.

قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} خَتَمَ السُّورَةَ بِبِشَارَةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرَدِّهِ إِلَى مَكَّةَ قَاهِرًا لِأَعْدَائِهِ. وَقِيلَ: هُوَ بِشَارَةٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ. وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْقُتَبِيُّ: مَعَادُ الرَّجُلِ بَلَدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ ثُمَّ يَعُودُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَارِ لَيْلًا مُهَاجِرًا إلى المدينة في غير الطريق مَخَافَةَ الطَّلَبِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الطَّرِيقِ وَنَزَلَ الْجُحْفَةَ عَرَفَ الطَّرِيقَ إِلَى مَكَّةَ فَاشْتَاقَ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} أَيْ إِلَى مَكَّةَ ظَاهِرًا عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْجُحْفَةِ لَيْسَتْ مَكِّيَّةً وَلَا مَدَنِيَّةً. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " إِلى مَعادٍ" قَالَ: إِلَى الْمَوْتِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ: أَنَّ الْمَعْنَى لَرَادُّكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ. يُقَالُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ الْمَعَادُ، أَيْ يَوْمَ القيامة؛ لأن الناس يعودون فيه أحياء. و"فَرَضَ" مَعْنَاهُ أَنْزَلَ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَأَبِي مَالِكٍ وَأَبِي صَالِحٍ" إِلى مَعادٍ" إِلَى الْجَنَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ أَبَاهُ آدَمَ خَرَجَ مِنْهَا."

لأن العود إنما يكون إلى الشيء الذي دُخل قبل ذلك وأُتي قبل ذلك يعاد إليه مرة ثانية، فإذا قلنا المراد الجنة فالنبي-عليه الصلاة والسلام- دخلها ليلة الإسراء أو أنه ضمن من كان تابعًا لأبيه آدم -عليه السلام-.

 "{قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ} أَيْ قُلْ لِكُفَّارِ مَكَّةَ إِذَا قَالُوا إِنَّكَ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" أَنَا أَمْ أنتم.

قوله تعالى: {وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ} أَيْ مَا عَلِمْتَ أَنَّنَا نُرْسِلُكَ إِلَى الْخَلْقِ وَنُنَزِّلُ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ. {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ. {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكافِرِينَ} أَيْ عَوْنًا لَهُمْ وَمُسَاعِدًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} يَعْنِي أَقْوَالَهُمْ وَكَذِبَهُمْ وَأَذَاهُمْ، وَلَا تَلْتَفِتْ نَحْوَهُمْ، وَامْضِ لِأَمْرِكَ وَشَأْنِكَ. وقرأ يعقوب: " يصدنك" مجزوم النون. وقرئ: "يُصِدُّنَّكَ" مِنْ أَصَدَّهُ بِمَعْنَى صَدَّهُ، وَهَى لُغَةٌ فِي كَلْبٍ. قَالَ الشَّاعِر:

أُنَاسٌ أَصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمْ... صُدُودَ السَّوَاقِي عَنْ أُنُوفِ الْحَوَائِمِ

{وَادْعُ إِلى رَبِّكَ} أَيْ إِلَى التَّوْحِيدِ. وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْمُهَادَنَةَ وَالْمُوَادَعَةَ. وَهَذَا كُلُّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَسَبَبُ هَذِهِ الْآيَةِ"..

وجميع آيات المهادنة والموادعة هذه كلها منسوخة بآية السيف حتى قالوا: إنها نسخت أكثر من سبعين آية.

 "مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَدْعُو رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَعْظِيمِ أَوْثَانِهِمْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أَمْرَ الْغَرَانِيقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ."

يعني على ما تقدم في سورة الحج تقرر أنها قصة باطلة، لا أصل لها، وإن حسَّنها بعض أهل العلم كابن حجر، لكنها باطلة، لفظها منكر.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ} أَيْ لَا تَعْبُدْ مَعَهُ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، نَفْيٌ لِكُلِّ مَعْبُودٍ وَإِثْبَاتٌ لِعِبَادَتِهِ. {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ إِلَّا هُوَ. وَقَالَ الصَّادِقُ: دِينُهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَسُفْيَانُ: أَيْ إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، أَيْ مَا يُقْصَدُ إِلَيْهِ بِالْقُرْبَةِ. قَالَ:

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ ... رَبَّ الْعِبَادِ إِلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} فَقَالَ: إِلَّا جَاهَهُ، كَمَا تَقُولُ لِفُلَانٍ وَجْهٌ فِي النَّاسِ أَيْ جَاهٌ."

وعلى كل حال الآية فيها إثبات صفة الوجه لله –جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته كما دلت على ذلك النصوص الأخرى.

"{لَهُ الْحُكْمُ} فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. قَالَ الزَّجَّاجُ: "وَجْهَهُ" مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَانَ إلا وجهه بالرفع، بمعنى كل شيء غير وجهه هالك كَمَا قَالَ:

وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ ... لَعَمْرِ أَبِيكَ إِلَّا الْفَرْقَدَانِ

وَالْمَعْنَى كُلُّ أَخٍ غَيْرُ الْفَرْقَدَيْنِ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ. {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بِمَعْنَى تُرْجَعُونَ إِلَيْهِ. تمت سورة القصص. والحمد لله".

اللهم صلِّ على محمد وعل آله وصحبه.

 لحظة يا إخوان، في أيام العشر وقبل الحج إن رأيتم أن نستمر في درس التفسير يكون يوميًّا، ونكمل الجزء أو نجعل مكانه منسكًا مختصرًا يقرأ يوميًّا في العصر من أيام العشر إلى اليوم السابع إلى نهاية اليوم السابع، فالأمر إليكم إن أردتم أن نكمل الجزء نستمر على الدرس الجمعة وما بعده أو نبدأ من عصر الجمعة إلى أن يسافر الناس للحج، ما ترونه الخميس احتمال.

طالب: نقدم يا شيخ قول....

ما المناسب؟

طالب: الاستمرار.

طالب:......

الاستمرار ما رأي الإخوان.

طالب:.......

لكن أن نستمر في التفسير في هذه الأيام أو نترك التفسير إلى أن يعود الناس في هذه المدة؛ لأنه بالفعل فيه احتمال أن الناس يسافرون، أو نأخذ مكانه منسكًا صغيرًا يمكن أن يقرأ في خمسة أيام أو ستة من المناسك المختصرة سواء كان ضمن كتاب أو مستقل.

طالب:.......

يقول الإخوان بعضهم يسافر، إذا عطلوا يمشون.

طالب: يقرأ فيه......

بعد الحج يقرأ في الكتاب إن شاء الله في وقته في الإثنين والجمعة، حتى أيام الاختبارات بعض الإخوان ما عندهم اختبارات لن ينقطع التفسير إن شاء الله تعالى إذا رأيتم فالأمر لكم.

طالب:...........

لكن لو توقفنا فماذا ترون البديل؟

طالب: ........منسك..........

منسك مختصر ما يلزم أن يخبر عنه الآن ما المنسك المناسب ما رأيك يا شيخ؟

طالب:......

نعم، العصر من كل يوم من أيام العشر وإن رأى الإخوان الأيام شديدة البرد، والتردد شديد، ويتركون يعتذر إليهم أعطوني جوابًا يا إخوان.

طالب:..........

طالب: مناسب.

طالب:.....

الخميس احتمال يكون من العصر أو لا، الجمعة مؤكدة من عصر الجمعة إن شاء الله لسبعة أيام أو لستة إن كان تعجل، أما بالنسبة لسورة العنكبوت فمؤكد أنها في هذه الأيام، والمنسك ينظر في منسك مختصر أهلها.. أعطوني رأيًا جازمًا والاختلاف لابد منه، يعني ما يمكن إجماع على شيء.

طالب:...........

والله الإخوان يرون أن من المناسب أنه يقرأ في المناسك لاسيما أنه ما عندنا شيء قريب عليها الآن نقرأ في الكتب، يصير عندنا كتاب بدأنا فيه ونترك أبوابًا من المناسك، الآن ما عندنا شيء.

طالب:..........

هذا العشاء هذا العشاء العصر موجود.

طالب:......

منسك شيخ الإسلام من المفرد الصغير رأي مبارك، الجمعة بإذن الله، عصر الجمعة.

"