شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (315)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" في بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: مازلنا في حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، الحديث بحسب المختصر مائة وسبعة وعشرين، مائة وتسعة وخمسين بحسب الأصل، وهو في مسألة الوضوء، ونستكمل ما تبقى من هذا الحديث، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد..

فمضى الكلام في مسح الرأس في قوله: (ثم مسح برأسه)، وأن فرض الرأس المسح، لكن إن غسله بدل مسحه.

المقدم: يصح أو لا؟

يقول ابن قدامى في المغني: فصل فإن غسل رأسه بدل مسحه فعلى وجهين:

أحدهما: لا يجزئه؛ لأن الله تعالى أمر بالمسح، والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مسح رأسه، وأمر بالمسح، ولأنه أحد نوعي الطهارة فلم يجزئ عن النوع الآخر كالمسح عن الغسل، يعني كما لو مسح وجهه، ولأنه أحد نوعي الطهارة فلم يجزئ عن النوع الآخر كالمسح عن الغسل.

والثاني: يجزئ؛ لأنه مسح وزيادة، والثاني يجزئ؛ لأنه لو كان جنبًا فانغمس في ماء ينوي الطهارتين أجزئه مع عدم المسح، فكذلك إذا كان الحدث الأصغر منفردًا، ولأن في صفة غسل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه غسل وجهه ويديه، ثم أفرغ على رأسه ولم يذكر مسحًا، هذا في صورة الغسل، ولأنه في صفة غسل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه غسل وجهه ويديه، ثم أفرغ على رأسه ولم يذكر مسحًا، مثل لو انغمس في الماء ينوي الطهارتين، ولم يذكر مسحًا، هذا في الغسل، لكن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – إذا أراد أن يغتسل توضأ وضوءه للصلاة، بما فيه مسح الرأس، ولأن الغسل أبلغ من المسح، فإذا أتي به ينبغي أن يجزئه كما لو اغتسل ينوي به الوضوء، وهذا فيما إذا لم يمر يده على رأسه، فأما إن أمر يده على رأسه مع الغسل أو بعده أجزئه؛ لأنه قد أتى بالمسح، يعني إذا أتى بالقدر الواجب وزيادة، أتى بالقدر الواجب وزيادة.

المقدم: المسح بالنسبة للرأس.

الأصل المسح، يمسح رأسه مرة واحد،

المقدم: لو غسل مع إمرار اليد.

مع إمرار اليد.

المقدم: يكون مسح وغسل.

وزيادة.

المقدم: القدر الواجب وزيادة.

هل نقول: إن هذا مجزئ، والخلاف في الإجزاء، أما كونه خلاف السنة هذا لا إشكال فيه كما لو غسل وجهه أربعًا أو خمسًا، هذا لا إشكال كونه خلاف السنة، لكن المسألة في الإجزاء، القدر الزائد على الواجب يبحث في الأصول على أنه هل يلحق بالواجب أو يكون الواجب هو القدر الواجب ويبقى ما زاد عليه مسنونًا، هذا فيما تحتمل فيه الزيادة من غير الأمور التعبدية، يعني كما لو أدى دينارًا عن عشرين دينارًا.. العشرين زكاتها كم؟ نصف دينار، لكن لو أدى دينار؟ ماذا نقول؟  

المقدم: مجزئ وزيادة.

نقول: النصف هو الواجب، والقدر الزائد نفل.

المقدم: صدقة.

نعم صدقة، أو نقول: الدينار كله واجب، المسألة خلافية؛ لأنهم يفرقون بين المتميز بنفسه وغير المتميز، فلو أخرج في زكاة الفطر كيسًا عن واحد، أو أخرج صاعًا متميزًا بنفسه وصاعًا وآصعًا غير متميزة بنفسها أيضًا، نقول: إن الصاع هو الواجب، وبقية الآصع نفل، أما إذا دفع خمسة آصع مثلًا أو عشرة عن فطرة شخص واحد غير متميزة بنفسها فبعضهم يقول: إن الجميع واجب؛ لأن النفل لم يتميز عن الواجب، ولا يدخل بحث هذه المسألة في المسألة التي هناك؛ لأن هذه أمور تعبدية لا يجوز الزيادة عليها، يعني من فروع هذه المسألة، وإن كان استطرادًا إلا أنه نافع، يعني إذا كان القدر المتميز يقال: إن الزائد نفل وغيره،.. الأصل هو الواجب والزائد عليه نفل، وإذا كان لم يتميز الكل واجب على قول، أو يميز عند الله -جل وعلا- الواجب من النفل، إذا أطال الركوع مثلًا الإمام، فهل جميع الركوع واجب أو القدر الواجب هو الواجب، وما زاد على ذلك نفل؟ هذه زيادة غير متميزة، يعني على قولهم: إنه كله واجب، فلو لحق بالإمام الذي أطال الركوع مأموم مسبوق بعد أن فرغ من القدر الواجب.

المقدم: هل يعتد بركوعه أم لا؟

لاسيما عند من يقول: إنه لا تجوز إمامة المتنفل بالمفترض.

المقدم: نعم، فيكون القدر الزائد هو النفل.

نعم، هذه من فروع هذه المسألة، والمسألة طويلة الذيول، فروعها كثيرة جدًّا، ويحتاج إليها طلبة العلم حاجة ماسة، أقول: الخلاف في الإجزاء وعدمه لا يلغي أن المسح هو الأصل، حتى لو قيل إنه يجزئ يكون الأصل.

المقدم: يعني لا ينفي.

أو لا ينفي نعم، أن المسح هو الأصل، وأن الغسل مع إجزائه على القول به خلاف الأولى، وقد يدخل في حيز البدعة إذا كان مقصودًا كما لو زاد على الغسل ثلاثًا.

وأما الأذنان، فقال ابن رشد في "بداية المجتهد": اختلفوا في مسح الأذنين، هل هو سنة أو فريضة؟ وهل يجدد لهما الماء أم لا؟ فذهب بعض الناس إلى أنه فريضة، وأنه يجدد لهما الماء، وممن قال بهذا القول جماعة من أصحاب مالك، ويتأولون مع هذا أنه مذهب مالك؛ لقوله فيهما إنهما من الرأس، وقال أبو حنيفة وأصحابه: مسحهما فرض كذلك، إلا أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد، هناك القول الأول: ذهب بعض الناس إلى أنه فريضة كالقول الثاني، لكن يجدد لهما الماء، والقول الثاني قول أبي حنيفة وأصحابه: مسحهما فرض إلا أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد؛ لأنهما من الرأس، كغيرهما من أجزاء الرأس، وقال الشافعي: مسحهما سنة، ويجدد لهما الماء، وقال بهذا القول جماعة من أصحاب مالك، ويتأولون أيضًا أنه قوله أيضًا، القول الأول: قالوا: إن هذا قول مالك، يتأولون.

 عناية ابن رشد بمذهب مالك، وذكره جميع ما يتعلق بمذهب الإمام؛ لأنه مالكي، فذكر القول الأول قال: وممن قال بهذا القول جماعة من أصحاب مالك، ويتأولون مع هذا أنه مذهب مالك؛ لقوله فيهما: إنهما من الرأس، أبو حنيفة يقول: مسحهما فرض كالقول الأول إلا أنه ليس بماء جديد، بما بقي من ماء الرأس، والشافعي يقول: مسحهما سنة، ويجدد لهما الماء، وقال بهذا القول جماعة أيضًا من أصحاب مالك، ويتأولون أيضًا أنه قوله، لما روي عنه أنه قال: حكم مسحهما حكم المضمضة، يعني يجدد لهما الماء وأيضًا حكمهما سنة كالمضمضة عنده، وأصل اختلافهم، يقول ابن رشد: وأصل اختلافهم في كون مسحهما سنة، أو فرضًا اختلاف في الآثار الواردة بذلك، أعني مسحه -عليه الصلاة والسلام- أذنيه، هل هي زيادة على ما في الكتاب من مسح الرأس فيكون حكمهما أنه يحمل على الندب، لمكان التعارض الذي يتخيل بينها وبين الآية إن حملت على الوجوب، أم هي مبينة للمجمل الذي في الكتاب فيكون حكمهما حكم الرأس في الوجوب؟

 يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لما مسح مسحه أو فعله بيان للواجب، وفرق أن يكون بيانًا وبين أن يكون نسخًا، فمن أوجبهما جعلها مبينة لمجمل الكتاب، ومن لم يوجبهما جعلها زائدة كالمضمضة، والآثار الواردة بذلك كثيرة، وإن كانت لم تثبت في الصحيحين فقد اشتهر العمل بها، وأما الاختلاف في تجديد الماء لهما فسببه تردد الأذنين بين أن يكون عضوًا مفردًا بذاته من أعضاء الوضوء، أو يكون جزءًا من الرأس.

 وقد شذ قوم فذهبوا إلى أنهما يغسلان مع الوجه، وذهب آخرون إلى أنه يمسح باطنهما مع الرأس ويغسل ظاهرهما مع الوجه؛ وذلك لتردد هذين العضوين بين أن يكون جزءًا من الوجه أو جزءًا من الرأس، وهذا لا معنى له مع اشتهار الآثار في ذلك المسح، واشتهار العمل به، والشافعي يستحب فيهما التكرار كما يستحب في مسح الرأس على ما تقدم، الترمذي -رحمه الله تعالى- في جامعه روي عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، قال: وفي الباب عن الربيِّع قال أبو عيسى: وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما، والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان، ورواه النسائي وابن ماجه، ثم خرج بعده من طريق شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال: توضأ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا، ومسح برأسه، وقال: الأذنان من الرأس، قال أبو عيسى: هذا حديث إسناده ليس بذاك القائم، يشير إلى ضعفه، وهو ضعيف؛ لأن في إسناده شهر بن حوشب مضعف عند الجمهور، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، من أصحاب النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ومن بعدهم أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، يقول: والشافعي إلا أنها موضوعة بين معكوفين في طبعة الشيخ أحمد شاكر، ومن بعدهم أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق؛ لأنه سيفرد رأي الشافعي، دل على أن إدراج الشافعي عنها ووضعه بين قوسين...

المقدم: فيه.....

في بعض النسخ دون بعض، وبه يقول: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي– صلى الله عليه وآله وسلم – ومن بعدهم أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس، قال إسحاق: واختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه، وقال الشافعي: هما سنة، أفرد قوله مما يدل على أن ذكره مع الأولين مرجوح، يوجد في بعض النسخ دون بعض، لكنه مرجوح، وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما، يمسحهما بماء جديد. انتهى.

يقول ابن القيم في الهدي، زاد المعاد: لم يثبت عنه – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه أخذ ماءً جديدًا، وإنما صح ذلك عن ابن عمر، (ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين)، الكلام في إلى كما تقدم في قوله: (إلى المرفقين) إما بمعنى مع كقوله تعالى: {ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] أي مع أموالكم، وتقدم تفصيل القول في دخول المغيّا وعدم دخوله لغة أو يقف على ما ترجحه الأدلة الأخرى على ما سبق أن ذكرناه في اليدين.

 والكعبان هما العظمان المرتفعان عند مفصل الساق والقدم، يقول صاحب المصباح المنير: الكعب من الإنسان اختلف فيه أئمة اللغة، فقال أبو عمرو بن العلاء والأصمعي وجماعة: هو العظم الناشز في جانب القدم - يعني الكعب - هو العظم الناشز في جانب القدم عند ملتقى الساق والقدم، فيكون لكل قدم كعبان عن يمنتها ويسرتها، وقد صرح بهذا الأزهري وغيره، وقال ابن الأعرابي وجماعة: الكعب هو المفصل بين الساق والقدم، والجمع كعوب وأكعب وكعاب، ما الفرق بين القولين؟ القول الأول: أبو عمرو بن العلاء، والأصمعي، وجماعة: العظم الناشز في جانب القدم، والقول الثاني قول ابن الأعرابي وجماعة: الكعب هو المفصل بين الساق والقدم، والجمع كعوب وأكعب وكِعاب، قال الأزهري: الكعبان الناتئان في منتهى الساق مع القدم عن يمنة القدم ويسرتها، الآن القول الأول والثاني بينهما فرق؟ القول الأول: هو العظم الناشز في جانب القدم عند ملتقى الساق والقدم.

المقدم: فيكون هناك اثنان.

في كل قدم كعبان، القول الثاني قول ابن الأعرابي وجماعة: الكعب هو المفصل بين الساق والقدم.

المقدم: قد يكون مراده المفصل الخلفي.

المقصود أنه الفاصل بينهم.

المقدم: ولم يحدد فيه اثنين.

الفاصل، فيكون في كل قدم.

المقدم: فاصلًا واحدًا.

فاصل واحد يعني كعب واحد، واللغة لا تساعد على هذا، تساعد على الأول؛ لأن التكعب البروز معناه، الكعبة لبروزها.

المقدم: والآية يا شيخ، سبق أن تكلمنا عن الآية فيها دلالة واضحة.

على؟

المقدم: على أن الكعبين المراد بهما العظمان الناتئان، جاء في الآية: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ} فجاء بها بالجمع.

لأن في كل مرفق واحد، فيقابل الجمع بالجمع.

المقدم: بينما المرفقين، قال: {الكَعْبَيْنِ} في القدمين.

حتى اللغة، اللغة ما تساعد على القول الثاني، لا تساعد على القول الثاني، وإن كان مؤداهما واحدًا، الغسل إلى المفصل سواء سمينا المفصل هو الكعب أو العظم الناشز هو الكعب، يقول: وذهبت الشيعة إلى أن الكعب في ظاهر القدم، وأنكره أئمة اللغة كالأصمعي وغيره، قلت: ويرده حديث «ويل للأعقاب من النار» على ما لا يخفى، وفي المغني: فأما قول الخرقي: هما العظمان الناتئان فأراد أن الكعبين هما اللذان في أسفل الساق من جانبي القدم، وحكي عن محمد بن حسن أنه قال: هما في مشط القدم، وهو معقد الشراك من الرجل بدليل أنه قال: {إلَى الكَعْبَيْنِ} فيدل على أن في الرجلين كعبين لا غير، لكن حتى على القول: إن في الرجلين كعبين، يعني في كل رجل كعب واحد حتى على القول بأن في كل رجل كعبًا واحدًا؛ قول بين الأعرابي وجماعة إلى أنه مفصل ما بين الساق والقدم، فيجتمع مع القول الأول.

المقدم: نفس الخلاف يتطرقون إليه في مسألة اللبس، إزار المسلم نصف الساق وما أسفل من الكعبين ففي النار، في تحديد للكعبين هناك؟

ما أدري عن رأي الشيعة في هذا، وأما الجمهور وعامة أهل العلم على أنه المراد بهما العظمان الناشزان في هذا وفي هذا.

يقول: فيدل على أن في الرجلين كعبين لا غير، ولو أراد ما ذكرتموه كانت كعاب الرجلين أربعة فإن لكل قدم كعبين، يقول ابن قدامة: ولنا أن الكعاب المشهورة في العرف هي التي ذكرناها، قال أبو عبيد: الكعب الذي في أصل القدم منتهى الساق إليه، وقد روى أبو القاسم الجدلي عن النعمان بن بشير، قال: كان أحدنا يلصق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة، ومنكبه بمنكب صاحبه [رواه الخلال وقاله البخاري] هو معلق في صحيح البخاري، فكيف يلزق الكعب بالكعب في الصلاة والمراد به الذي في ظاهر القدم، يمكن؟ لا يمكن، وروي أن قريشًا كانت ترمي كعبي النبي -صلى الله عليه وسلم- من ورائه، هذا كلام ابن قدامة، وروي أن قريشًا كانت ترمي كعبي النبي -صلى الله عليه وسلم- من ورائه حتى تدميها، ومشط القدم أمامه وليس وراءه. وقوله: {إلَى الكَعْبَيْنِ} حجة لنا، فإنه أراد كل رجل تغسل إلى الكعبين، إذ لو أراد (كعاب) جمع الأرجل لقال: وأرجلكم إلى الكعاب، ولو أراد (كعاب) جميع الأرجل لقال: الكعاب، كما قال: {إلَى المَرَافِقِ}، ويلزمه إدخال الكعبين في الغسل كقولنا في المرافق فيما مضى، يعني {إلَى المَرَافِقِ} كما تقدم البحث في (إلى) وأنها غاية..

المقدم: نعم.

فيما تقدم {إلَى المَرَافِقِ}، أقول تقدم الكلام في البحث.

المقدم: عن المرافق.

عن (إلى) التي هي للغاية، وتدخل الغاية في المغيّا أو لا تدخل؟ كلام طويل ذكرناه، فلا نحتاج إلى إعادته، والحديث دليل على غسل القدمين لا مسحهما؛ لأنه قال: ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين.

المقدم: ثلاث مرات.

هذه مما تختلف فيه الروايات، والحديث دليل على غسل القدمين لا مسحهما، يقول ابن رشد في "بداية المجتهد": اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء الوضوء، هذا لا خلاف في كونه من الأعضاء، يعني ما يرد الخلاف في الأذنين، والخلاف في المضمضة والاستنشاق، لماذا؟ لأن القدمين منصوص عليهما في القرآن، وما في القرآن مجمع على أنه من فرائض الوضوء.

المقدم: لا في اللغة ما تأخذ.. ما تعمل عمل العاطف يا شيخ في مثل هذه المواضع؟ الدليل هنا على غسل الرجلين لا مسحهما الـ (لا) هنا تعمل عمل العاطف دائمًا؟

صحيح.

المقدم: تعمل عمل العاطف.

هنا عاطفة، بقي وقت لاستكمال المسألة؛ لأنها طويلة.

المقدم: نعيد فقط تجميعها، الآن الموضوع الذي سندخل فيه هو مسألة الغسل.

الغسل نعم.

المقدم: والخلاف في المسح والغسل.

تبعًا لاختلاف القراءات.

المقدم: نحن سبق أن تعرضنا لها إذا تتذكر يا شيخ في إحدى حلقات البرنامج، وأظنه كان في رمضان في شرح رمضان، لكن قبل ما ندخل في المسألة بالتفصيل فقط نعود نمر..

في رمضان أو في كتاب العلم.

المقدم: أو في كتاب العلم نعم.

رفع الصوت بالفتوى،.. «ويل للأعقاب من النار» احتمال هنا.

المقدم: وأطلنا فيها الكلام.

على كل حال هذا موضعها الحقيقي، سوف نبسط الكلام فيها؛ لأنها فيها إشكال كبير، فلابد من بسطها هنا، وهذا موضعها من أراد مراجعتها إنما يراجعها هنا لا في كتاب العلم.

المقدم: لكن يا شيخ نعود مرة أخرى لبعض المسائل السريعة، وباختصار نسأل عنها المضمضة والاستنشاق والاستنثار تذكير الإخوة بها فقط، نحن قلنا: إن هذه ثلاث السنة تكون ثلاث المضمضة والاستنشاق والاستنثار.

أصل المضمضة إدخال الماء في الفم وتحريكه ثم مجه، هذه حقيقة المضمضة الكاملة، والخلاف في كون المج من مسمى المضمضة أو لا، هذه المسألة ذكرناها، أما بالنسبة للاستنشاق والاستنثار من أهل العلم كما تقدم أن قال: الاستنثار هو الاستنشاق حتى من أهل اللغة هو الاستنشاق، لكن الواقع حينما تجمع المضمضة والاستنشاق والاستنثار.

المقدم: تدل على التغاير.

تدل على التغاير. الأمر الثاني: أن الاستنثار من النثر، وهو الإلقاء والطرح، فالاستنشاق هو جذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس، والاستنثار هو إخراجه من الأنف بالنفس.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في برنامج "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" لنا بكم لقاء بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة؛ لنستكمل ما تبقى من أحكام هذا الحديث، حتى ذلكم الحين نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.