شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (325)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلًا بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، في بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: كنا وعدنا الإخوة والأخوات أن نستكمل ما تبقى من ألفاظ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في باب الاستجمار وترًا، توقفنا عند قوله: «وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

ففي آخر الحلقة السابقة نقلنا كلامًا لابن قدامة في المغني في حكم غسل اليدين في أول الوضوء على سبيل العموم.

ثم قال بعد ذلك: فأما عند القيام من نوم الليل فاختلفت الرواية في وجوبه، فروي عن أحمد وجوبه، وهو الظاهر عنه، واختيار أبي بكر، وهو مذهب ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» [متفق عليه]، وفي لفظ لمسلم: «فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلهما ثلاثًا»، وأمره يقتضي الوجوب، ونهيه يقتضي التحريم، هذا دليل هذه الرواية التي تقول بوجوب الغسل، وتحريم الغمس من نوم الليل، إذا قام من نوم الليل، وروي أن ذلك مستحب وليس بواجب، وبه قال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وابن المنذر، مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، هل نستطيع أن نقول: هذا قول الجمهور؟

المقدم: بلى إذا كان كذا فهو الجمهور؟

الأئمة الثلاثة كلهم؟

المقدم: نعم.

عليه، وابن المنذر؛ لأن الله تعالى قال: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ...} [سورة المائدة: 6]، الآية، قال زيد بن أسلم في تفسيرها: "إذا قمتم من نوم" إذا كان المراد: إذا قمتم إلى الصلاة من النوم فهي نص.

المقدم: ظاهر.

نص في أن غسل اليدين ليس بواجب؛ لأن أول ما أمر به غسل الوجه، قال زيد بن أسلم في تفسيرها: "إذا قمتم من نوم، ولأن القيام من النوم داخل في عموم الآية، وقد أمره بالوضوء من غير غسل الكفين في أوله، والأمر بالشيء يقتضي حصول الإجزاء به، ولأنه قائم من نوم، فأشبه القائم من نوم النهار"، والحديث محمول على الاستحباب؛ لتعليله بما يقتضي ذلك، طيب إذا حملنا هذا الحديث على الاستحباب، فما الفرق بين القائم من نوم الليل وبين غيره المستيقظ من الأصل؟ وهو مستحب في الأمرين.

المقدم:...

ما فيه فرق؟

المقدم: إذا قالوا على الاستحباب.

إذا قالوا على الاستحباب وغسل اليدين.. الكفين قبل الوضوء مستحب مطلقًا، في الجملة على ما تقدم، سواء كان قائمًا أو مستيقظًا، ما الفرق؟ سيأتي تنبيه في غاية الأهمية لابن دقيق العيد وهو أنه بالنسبة للقائم من نوم الليل يستحب له أن يغسل، ويكره له أن يترك، بينما غيره فيستحب له أن يغسل ولا يكره له أن يترك، وهذا تنبيه في غاية الأهمية يستشكله كثير من طلاب العلم؛ لماذا؟ لأن حقيقة المندوب مضادة لحقيقة المكروه، فهل يلزم من انتفاء الضد ثبوت الضد أو لا يلزم؟ يعني حقيقة المندوب ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، والمكروه ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، نعم. هل هما متعاقبان؟ بمعنى هل هما ضدان أو نقيضان؟ بمعنى أنه يوجد شيء لا مكروه ولا مستحب، سيأتي تنبيه ابن دقيق العيد على هذا، وهو في غاية الأهمية، والحديث محمول على الاستحباب؛ لتعليله بما يقتضي ذلك، وهو قوله: «لا يدري أين باتت يده» وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها؛ لأنه لا يدري هذا شك، والطهارة متيقنة وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها كما لو تيقن الطهارة وشك في الحدث، فيدل ذلك على أنه أراد الندب.

يقول ابن قدامة: فصل: ولا تختلف الرواية في أنه لا يجب غسلهما من نوم النهار، وسوى الحسن بين نوم الليل ونوم النهار في الوجوب؛ لعموم قوله: «إذا قام أحدكم من نومه» يقول: ولنا – يعني يدل لقولنا – أن في الخبر ما يدل على إرادة نوم الليل؛ لقوله: «فإنه لا يدري أين باتت يده» والمبيت يكون بالليل خاصة، ولا يصح قياس غيره عليه؛ لوجهين:

أحدهما: أن الحكم ثبت تعبدًا فلا يصح تعديته، يعني لو كان مدركًا العلة، العلة غير مدركة؛ لأنه لا يدري، كونه لا يدري هل نقول: إنه أدرك العلة؟ لا، لا يدري، إذًا الأمر به للتعبد، ولو كان التعليل معقولًا يدرك بالعقل لما جاء بهذه الصيغة فإنه لا يدري، أحدهما: أن الحكم ثبت تعبدًا، فلا يصح تعديته.

الثاني: أن الليل مظنة النوم والاستغراق فيه، وطول مدته فاحتمال إصابة يده لنجاسة لا يشعر بها أكثر من احتمال ذلك في نوم النهار.

قال أحمد في رواية الأثرم: الحديث في المبيت بالليل فأما النهار فلا بأس به، وفي سبل السلام يقول: الحديث دليل على إيجاب غسل اليد لمن قام من نومه ليلًا أو نهارًا، وقال بذلك من نوم الليل أحمد، لقوله: «باتت» فإنه قرينة إرادة نوم الليل إلا أنه قد ورد بلفظ: «إذا قام أحدكم من الليل» عند أبي داود والترمذي من وجه آخر صحيح، إلا أنه يرد عليه أن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل، الأولى أن نقول: يَرُد أو يَرِد؟

المقدم: هنا كأنها يَرِد.

هو الظاهر؛ لأنه لا يمكن الرد بعلة على نص، لكن العلة ترد على النص، ثم بعد ذلك تُفند، إلا أنه يرد عليه أن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل، وذهب غيره يعني غير أحمد وهو الشافعي، ومالك، وغيرهما إلى أن الأمر في رواية «فليغسل» للندب، والنهي الذي في هذه الرواية: (فلا يغمس) للكراهة، والقرينة على ذلك ذكر العدد، ذكر العدد فإن ذكْره في غير النجاسة العينية دليل الندب.

المقدم: والعلة ذكر العدد؟

والقرينة عليه يعني القرينة على صرف الأمر من الوجوب إلى الندب، وعلى صرف النهي من التحريم إلى الكراهة.

المقدم: أنه قال فيغسلها...

القرينة عليه ذكر العدد.

المقدم: فليغسلها ثلاثًا.

نعم، فإن ذكره – يعني ذكر العدد – في غير النجاسة العينية دليل الندب.

المقدم: في غير حديثنا هذا.

أين؟

المقدم: ذكر العدد؟

الذي معنا، لا جاء في روايات صحيحة "فليغسلها ثلاثًا"، لا ما هي برواية الباب.

المقدم: ليست رواية الباب.

لا، لا، المقصود أن العدد ذكر في رواية صحيحة، فإن ذكره في غير النجاسة - العدد - في غير النجاسة العينية دليل الندب، قوله: النجاسة العينية هل المقصود النجاسة العينية أو النجاسة الحكمية، هنا ما نقول نجاسة أصلًا إنما هو احتمال نجاسة، لكن العدد في إزالة النجاسة العينية أو النجاسة الحكمية؟

المقدم: ثلاثة في العينية، مثل الاستجمار.

ما الفرق بين النجاسة العينية والنجاسة الحكمية؟ النجاسة العينية: التي لا يمكن إزالتها، والنجاسة الحكمية: ما يمكن إزالتها، يعني ما يرد على محل طارئ حكمية؛ لأنه يمكن إزالتها، أما النجاسة العينية فلا يمكن إزالتها، إلا عن المحل الذي طرأت عليه، فمثلًا النجاسة العينية البول يمكن تطهيره؟

المقدم: لا، يزال.

لابد من إزالته عما طرأ عليه، فباعتباره جرمًا مستقلًا عينية، وباعتباره طارئًا على محل حكمية، ولأنه عُلل بأمر يقتضي الشك، والشك لا يقتضي الوجوب في هذا الحكم استصحابًا لأصل الطهارة، ولا تزول الكراهة إلا بالثلاث الغسلات، والجمهور على أن النهي والأمر لاحتمال النجاسة في اليد، وأنه لو درا -يعني عرف– أين باتت يده كمن لف عليها خرقة فاستيقظ وهي على حالها، فلا يكره له أن يغمس يده، وإن كان غسلها مستحبًّا كما في المستيقظ، أنه لو درا أين باتت يده كمن لف عليها خرقة فاستيقظ وهي على حالها، ما تحركت، فلا يكره له أن يغمس يده وإن كان غسلها مستحبًّا كما في المستيقظ، الآن لما يقول النبي – عليه الصلاة والسلام -: «فإنه لا يدري أين باتت يده» وشخص يقول: أنا أدري أين باتت يدي فيلفها.

المقدم: هل الحكم معلق بيدري؟

الآن هل في هذا اعتراض على قوله: «لا يدري» ؟

المقدم: لا ما في اعتراض، وين الاعتراض؟

يقول: أنا أدري، الرسول يقول: لا يدري، وهو يقول: أنا أدري،

المقدم: أدري في حالة لو وضعت فيها قفاز مثلًا.

الرسول يقول: لا يدري – عليه الصلاة والسلام –.

المقدم: هذا الغالب أن النائم لا يدري يا شيخ لا يتخيل.

أنا أقول هذا الكلام؛ لأن ابن رجب والنووي وابن كثير وابن العماد في الشذرات، ذكروا قضايا ذكروها في شؤم مخالفة السنة والاعتراض على السنة، فذكروا منها هذه الصورة، أن رجلًا قال: أدري أين باتت يدي، فلف يده فلما أصبح وجدها في دبره، إذا قيل هذا من باب الاعتراض لا شك مثله من استاك في دبره، ذكره ابن كثير، وابن العماد، والنووي.

المقدم: من باب الاستهانة، والاستهتار.

المقصود أنهم قالوا وإن كان هذا الكلام قد لا يمشي على كثير من الناس الآن حينما أعملوا.. صار الناس ما يستسلمون ولا يسلمون لكل شيء، مع أن القدرة الإلهية صالحة لمثل هذا وأعظم، استهتر بالسنة واستاك في دبره، وكلهم يتواطئون على.. أئمة المؤرخين ابن كثير، وابن العماد، وغيرهم ذكروا هذه القصة، وابن تغري بردي في النجوم الزاهرة ذكروا أنه استاك في دبره، فوجد في بطنه حملًا.

المقدم: شبيه بالقرد.

قالوا: إنه حمله لمدة تسعة أشهر وتعب من حمله كما تتعب المرأة في حملها، وفي النهاية وضع قطعة لحم صارت تصرخ ثم قامت بنته فرضختها بحجارة..، المقصود أن هذا يذكر في باب الاستهتار بالسنة، والاستخفاف بها، الذي قال لما سمع حديث: «فإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم» رضا لما يصنع، قال: أنا هذا شخص وضع في نعليه المسامير ليطأ أجنحة الملائكة، فساخت به الأرض، يعني هل يمكن أن يقول قائل هذه مسائل يعني إما افتراضية أو غير معقولة أو غير مقبولة؟ يساق مثل هذا في حق من استخف بالسنة، وقدرة الله -جل وعلا- أعظم من ذلك، فلا يستبعد مثل هذا، والجمهور على أن النهي والأمر لاحتمال النجاسة في اليد، وأنه لو درى أين باتت يده كمن لف عليها خرقة فاستيقظ وهي على حالها فلا يكره له أن يغمس يده وإن كان غسلها مستحبًا كما في المستيقظ، وغيرهم يعني غير الجمهور يقولون: الأمر بالغسل تعبد، الأمر بالغسل تعبد فلا فرق بين الشاك والمتيقظ وقولهم أظهر كما سلف، تعبد لماذا؟

 لأن لو قلنا بأن العلة معقولة لأثّر هذا على القواعد، عندنا قواعد كلية الشك لا يرفع اليقين، لكن هذه لا تدخل في القاعدة باعتبار أن الأمر بغسلها تعبد، لكن ما الذي يفهم من التعليل «فإنه لا يدري أين باتت يده» أنه لا يفهم منه إلا مرورها على شيء مؤثر في الماء، لا يدري أين باتت يده يفترض أن يده باتت على صدره، باتت بجانبه، هو لا يدري أين باتت، لكن هل كونها باتت على صدره، أو بجانبه، أو تحت رأسه، أو تحت خده، هذا مؤثر في الماء؟

المقدم: لا غير مؤثر.

غير مؤثر، إذًا العلة.

المقدم: أن تبيت في أماكن نجاسة.

في أماكن مؤثرة على الماء، هذا هو الذي يظهر من التعليل، ومع ذلك لا نقول: إن للإنسان أن يربط يده في جانبه أو يدخلها في كيس؛ ليكون متيقنًا أنه يعلم أين باتت يده؛ لئلا يكون مصيره مصير من استخف بالسنة، وفي المغني يقول الموفق: فصل، لا فرق بين كون يد النائم مطلقة أو مشدودة بشيء، أو في جراب، أو كون النائم عليه سراويله أو لم يكن، ولا فرق بين كون يد النائم مطلقة أو مشدودة بشيء، أو في جراب، أو كون النائم عليه سراويله أو لم يكن، كأن الموفق يميل إلى قول من يقول إنه تعبد، قال أبو داود: سئل أحمد إذا نام الرجل وعليه سراويله قال: السراويل وغيره واحد، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا انتبه أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا» يعني هل السراويل تمنع طواف اليد على العورة؟ ما تمنع، يعني أن الحديث عامٌ فيجب الأخذ بعمومه، ولأن الحكم إذا تعلق على المظنة لم يعتبر حقيقة الحكمة كالعدة الواجبة لاستبراء الرحم تجب في حق الآيسة، التي انقطع عنها الحمل والولادة والحيض وغيره، تجب في حقها العدة، ما يقال: إنها من أجل معرفة براءة الرحم، هذه علة من العلل، وتجب على الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، وكذلك الاستبراء مع أن احتمال النجاسة لا ينحصر في مس الفرج، فإنه قد يكون في البدن بثرة، حبة ولا شيء ينقبها وهو يحك جسده يخرج منها دم.

المقدم: دم أو صديد.

نعم، بثرة أو دمل وقد يحك جسده فيخرج منه دمٌ بين أظفاره، أو يخرج من أنفه دم، وقد تكون نجسة قبل نومه، قد تكون اليد نجسة قبل نومه فينسى نجاستها لطول نومه، على أن الظاهر عند من أوجب الغسل أنه تعبد لا لعلة التنجيس، ولهذا لم يحكم بنجاسة اليد، ولا الماء، يعني هل الماء يتنجس لو غمسها؟

المقدم: وهل الوضوء يبطل أم ما يبطل؟

يعني ولذا لم يحكم بنجاسة اليد، بمعنى أنه لو قام من نومه فأكل مباشرة، ما غسلها ثلاثًا، نقول: تنجس الطعام؟ إذا قلنا تعبد ما يلزم منه النجاسة، أنها للوضوء فقط تغسل ثلاثًا، وإذا قلنا: إن العلة مظنة أو غالب على الظن ورتب الحكم على غلبة الظن قلنا: لابد أن يغسل يده ثلاث إذا أراد أن يمس أي شيء يتأثر، من رطب ونحوه، وقد تكون نجسة قبل نومه فينسى نجاستها لطول نومه على أن الظاهر عند من أوجب الغسل أنه تعبد لا لعلة التنجيس، ولهذا لم يحكم بنجاسة اليد، ولا الماء فيعم الوجوب كل من تناوله الخبر، في بداية المجتهد لابن رشد نقلنا منه مرارًا وهو يذكر المذاهب والخلاف بطريقة منطقية مرتبة، يستفيد منها طالب العلم ترتيب المعلومات، وبناءً بعضها على بعض، ومآخذ الأحكام، يعني على اختصاره في جزأين في مجلد، أو يأتي وقد يكون في مجلدين، لكنه على اختصاره نافع جدًّا، لكن ينبغي أن يكمل بذكر الأحاديث، وبذكر المذاهب التي أغفلها في بعض المسائل.

 في بداية المجتهد لابن رشد يقول: اختلف الفقهاء في غسل اليد قبل إدخالها في إناء الوضوء، فذهب قوم إلى أنهم من سنن الوضوء بإطلاق، وإن تيقن طهارة اليد، وهو مشهور مذهب مالك والشافعي، من سنن الوضوء بإطلاق وإن تيقن طهارة اليد، وهو مشهور مذهب مالك والشافعي، وقيل: إنه مستحب للشاك في طهارة يده، وهو أيضًا مروي عن مالك، مستحب للشاك، لكن غير الشاك... مفهومه: أنه لا يستحب، مع أنه يستحب للمتيقن.. للمستيقظ، كما في حديث عثمان وغيره ممن وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقيل: إن غسل اليد واجبٌ على المنتبه من النوم، وبه قال داود وأصحابه، يعني مطلق النوم، وفرّق قوم بين نوم الليل ونوم النهار، فأوجبوا ذلك في نوم الليل، ولم يوجبوه في نوم النهار، وبه قال أحمد، فتحصّل في ذلك أربعة أقوال:

- قول: إنه سنة بإطلاق.

- وقول: إنه استحباب للشاك.

- وقول: إنه واجب على المنتبه من النوم.

- وقول: إنه واجب على المنتبه من نوم الليل دون نوم النهار.

والسبب في اختلافهم - يعني منشأ الخلاف – والسبب في اختلافهم في ذلك اختلافهم في مفهوم الثابت من حديث أبي هريرة، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» وفي بعض روايته: «فليغسلها ثلاثًا»، فمن لم ير بين الزيادة الواردة في هذا الحديث على ما في آية الوضوء معارضة يقول: والسبب في اختلافهم في ذلك اختلاف في مفهوم الثابت من حديث أبي هريرة أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، وفي بعض روايته: «فليغسلها ثلاثًا»، فمن لم يرَ بين الزيادة الواردة في هذا الحديث من الأمر بغسل اليدين، من لم يرَ أن هذه الزيادة زيادة الحكم الوارد في هذا الحديث، معارضة بينه وبين ما جاء في الآية إذا قام أحدكم { إذا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا } الذي ما يرى معارضة يأخذ بها، والذي يقول: إنها زيادة على النص كما هو رأي الحنفية.

 الحنفية يقولون: إن الزيادة على النص نسخ، الزيادة على النص نسخ، فالآية نص عندهم، والحكم الذي تضمنه هذا الخبر زيادة على النص، فهو نسخ، والآحاد لا ينسخ المتواتر، السنة لا تنسخ القرآن، يقول: فمن لم يرَ بين الزيادة الواردة في هذا الحديث على ما في آية الوضوء معارضة وبين آية الوضوء، يعني هل فيها معارضة بينها وبين آية الوضوء، حمل لفظ الأمر هنا على ظاهره من الوجوب، وجعل ذلك فرضًا من فروض الوضوء، ومن فهم من هؤلاء من لفظ البيات نوم الليل أوجب ذلك من نوم الليل فقط، ومن لم يفهم منه ذلك، وإنما فهم منه النوم فقط أوجب ذلك على كل مستيقظ من النوم نهارًا أو ليلًا، ومن رأى أن بين هذه الزيادة والآية تعارضًا إذا كان ظاهر الآية المقصود منه حصر فروض الوضوء، الآية حاصرة لفروض الوضوء، التي هي غسل الوجه، واليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين، من رأى أن بين هذه الزيادة والآية تعارضًا إذا كان ظاهر الآية المقصود منه حصر فروض الوضوء كان وجه الجمع بينهما عنده أن يخرج لفظ الأمر عن ظاهره الذي هو الوجوب إلى الندب، ومن تأكد عنده هذا الندب بمثابرته -عليه الصلاة والسلام- على ذلك قال: إنه من جنس السنن، ومن لم يتأكد عنده هذا الندب قال: إن ذلك من جنس المندوب المستحب، المندوب عند المالكية، وابن رشد مالكي، يعني تختلف حقيقته عن السنة.

 يعني المندوب والمستحب عنده أقل عنده من السنة، لكن إذا أدخل يده في الإناء قبل غسلها، إذا أدخل يده في الإناء قبل غسلها في الماء قال في المقنع مع حاشية الشيخ سليمان: فإن غير- المقنع يقول-: فإن غيّر يعني المخالط للماء أحد أوصافه لونه أو طعمه أو ريحه أو استعمل يعني الماء في رفع حدث أو طهارة مشروعة كالتجريد وغسل الجمعة أو غمس فيه يده قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثًا فهل يسلب طهوريته؟ على روايتين، يعني في المذهب روايتان، يعني هل يستمر الطهور يرفع الحدث، أو يسلب الطهورية ويبقى طاهرًا، أو يكون نجسًا كما قال بعضهم؟

على روايتين يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حاشيته على المقنع: أحدهما – روايتين يعني المفروض إحداهما – إحداهما: تسلبه، اختارها أبو بكر، والقاضي، وكثير من الأصحاب، لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده» [متفق عليه]، ولأبي داود والترمذي وصححه من نوم الليل، ومقتضى ذلك الوجوب، وعليها أي على هذه الرواية غسلهما شرط لصحة الوضوء، شرط لصحة الوضوء، قالها ابن عبدوس، طيب هل هو شرط لصحة الوضوء أو شرط لطهارة الماء ؟ والماء طهارته شرط لصحة الوضوء، وعليها.. ومقتضى ذلك الوجوب وعليها أي على هذه الرواية غسلهما شرط لصحة الوضوء، يعني شرط مباشر أو شرط للشرط؟ وعليها، على هذه الرواية غسلهما شرط لصحة الوضوء، يعني لو قيل عدد شروط الوضوء، هل نقول منها غسل اليدين قبله؟

المقدم: لا.

إنما هي شرط لطهارة الماء، والماء استعماله شرط..، ما يمكن أن يكون وضوء بدون ماء، على كل حال الأمر سهل.

 المقصود: أنه إذا غمسهما قبل غسلهما الماء يتأثر على هذه الرواية، وهل هو تعبد فيجب إن شدت يداه أو جعلت في جراب أو نحوه أو يعلل بوهم النجاسة فيه وجهان، ويتعلق، وهذا الحكم بالنوم الناقض للوضوء، أما النوم اليسير فلا أثر له.

 قال ابن عقيل: ويتعلق هذا الحكم بالنوم الناقض للوضوء، قال ابن عقيل: وهو ما زاد على نصف الليل، واقتضى كلامه أن نوم النهار لا أثر له، قال في الشرح: رواية واحدة، هل النوم الناقض للوضوء هو ما زاد على نصف الليل؟ أو إذا استغرق ولو كان أقل بكثير من نصف الليل؟ المقصود أنه إذا استغرق يعني النوم بحيث لا يشعر بما حوله هو ناقض للوضوء على كل حال، ولا يلزم أن يزيد على نصف الليل.

والثانية: الرواية الثانية لا يسلبه، لا يسلبه الطهورية، اختارها الخرقي، والشيخان، الشيخان من؟ في كل فن..

المقدم: صحيح مصطلح.

مصطلح، شيخان إذا قيل: رواه الشيخان.

المقدم: إذا قال رواه الشيخان، فالبخاري ومسلم.

طيب، إذا قيل في كتب العقيدة حققه وقرره الشيخان؟

المقدم: كأنهم يريدون ابن تيمية وابن القيم؟

نعم، وهنا الشيخان.

المقدم: عند الشيخ سليمان معناها ابن القيم ابن تيمية ابن القيم.

لا يسلبه اختارها الخرقي، والشيخان؛ لأنه عند المتأخرين يطلقون هذا اللفظ أحيانًا على الموفق والمجد، مجد الدين بن تيمية، والموفق بن قدامة، وقولهم هو المذهب عند المتوسطين، وذكر في الشرح أنه الصحيح؛ لأنه ما لاقى أعضاء طاهرة فكان على أصله، ما لاقى أعضاء طاهرة.

المقدم: فكان على أصله.

كيف ما لاقى؟ أو لاقى، هو صحيح أنه لا يسلبه الطهورية؛ لأنه لاقى أو ما لاقى؟ لاقى، لاقى أعضاء طاهرة فكان على أصله، ونهيه -عليه الصلاة والسلام- عن غمس اليد إن كان لوهم النجاسة فهو لا يزيل الطهورية كما لا يزيل الطهارية، لا يزيل الطهورية كما لا يزيل الطهارية، وإن كان تعبدًا اقتصر على مورد النص وهو مشروعية الغسل، وحديث أبي هريرة محمول على الاستحباب. انتهى ملخصًا من المبدع.

 يقول الشيخ سليمان: وينظر في قوله: يقتصر أنا أقول: ينظر في قوله يقتصر على مورد النص في مسألة، أو تنظر مسألة الأكل بعد القيام من نوم الليل باليد هل يلزم غسلهما قبل الأكل محل بحث يأتي إن شاء الله تعالى.

المقدم: أحسن الله إليكم ونفع بما قلتم، أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة، نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لطيب المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.