شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (242)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلًا بكم إلى حلقةٍ جديدة في "شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الدكتور

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: للتذكير أيها الإخوة والأخوات لا زلنا في كتاب العلم، ونحن الآن في الحديث مائة وأربعة بحسب المختصر مائة وخمسة وعشرين بحسب الأصل، قال المصنف -رحمه الله-: عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- «قال: بينا أنا أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود فقال: بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال: بعضهم لا تسألوه، لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه، فقام رجلٌ منه فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ فسكت، فقلت: إنه يوحي إليه، فقمت فلما انجلي عنه قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85]».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقدم: اللهم صلّ على سيدنا محمد

أما بعد، الآية عندك قال: {وَيَسْأَلُونَكَ}.

المقدم: بالواو {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}.

بعد ذلك {قُلِ الرُّوحُ}.

المقدم: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ – أوتوا- مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85] هذا المكتوب

{وَمَا أُوتِوا مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} يعني في الأصل في البخاري، قال الأعمش: هكذا في قراءتنا.

المقدم: أوتوا.

نعم، قال: الأعمش هكذا في قراءتنا في الأصل في البخاري، راوي الحديث الصحابي الجليل، عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، صاحبي جليل من العلماء الصحابة وقراءهم مر ذكره مرارًا، وهذا الحديث ترجم عليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بقوله باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ}.

المقدم: {مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

{مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} يقول: العيني على الترجمة، باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} أي هذا باب قول الله تعالى، التقدير هذا باب؛ لأن باب في التراجم تعرب خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب...

المقدم: هذا باب.

هذا باب، باب مضاف وقول الله تعالى مضاف إليه، ومنهم من يقرأها.

المقدم: بابًا.

منصوبة ويقدر اقرأ.

المقدم: بابَ.

نعم، ومنهم من يقدر الخبر متأخر، وباب مبتدأ باب قول الله تعالى مقروء، أو فيه كذا من حديث أو ما شابه ذلك، أي هذا باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} الآن الترجمة على القراءة المعروفة.

المقدم: أُوتِيتُمْ.

{أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

المقدم: والذي في الحديث أوتوا.

نعم.

المقدم: الآية التي أوردته.

ما أورده في الحديث "ما أوتوا من العلم إلا قليلًا"، فكيف تكون المطابقة بين أوتوا وأوتيتم؟ البخاري أحيانًا.

المقدم: هذا من الأساليب التي ذكرناها أكثر من مرة.

نعم.

المقدم: الجسم والجسد في أحد أبواب الصيام الثلاثة.

نعم، البخاري له ملاحظ دقيقة، يعني في كتاب الآدب ترجم -رحمه الله- باب «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، بالكسر بدون ياء، باب «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، والحديث إذا لم تستحي.

المقدم: بالياء.

مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى.

المقدم: إذا لم تستحي.

 إذا لم تستحي بالياء فاصنع ما شئت»، يعني ما جاء الإمام البخاري في الترجمة بلفظ الخبر؛ ليجمع لك بين اللغتين، فتعرف اللغة قريش بالياء من خلال الحديث، ولغة تميم بدون ياء من الترجمة، لكن لو جاء به على وفق الخبر، يعني ما استفدت هذه الفائدة، والأصل أن أستحيى يستحيي بياءين {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي}.

المقدم: {لا يَسْتَحْيِي} [البقرة:26].

{لا يَسْتَحْيِي} ولم هذه حذفت واحدة فقط واحدة، بقيت واحدة، بقيت واحدة إذا لم تستحيي، فالبخاري -رحمه الله تعالى- يترجم بغير اللفظ ليفيد القارئ، القارئ بيستشكل ليش الترجمة بدون ياء؟ والحديث بياء ثم إذا بحث عرف السر، وهنا يترجم باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ويذكر الآية "وما أوتوا من العلم إلا قليلًا".

المقدم: إلا قليلًا.

فيلفت النظر القارئ إلى مثل هذه الفروقات ليسأل عنها ويتتبعها، يقول العيني: أي هذا باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، وأراد بإيراد هذا الباب المترجم بهذه الآية التنبيه على أن من العلم أشياء لم يطلع الله عليها نبيًّا ولا غيره، يعني من العلم ما استأثر الله به.

المقدم: نعم.

ولذا جاء في الأسماء الحسني، «أن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائه إلا واحدة» مع ذلك هذا الحصر...

المقدم: غير مراد.

غير مراد، بلا شك؛ لأنه جاء في الخبر، «أو استأثرت به في علم الغيب».

المقدم: «عندك».

عندك، فدل على أن العدة لا تنحصر في المائة أو إلا واحدًا على الخلاف هل مائة وتسعة وتسعين من خلال الخبر، وأراد بإيراد هذا الباب المترجم بهذه الآية، التنبيه على أن من العلم أشياء لم يطلع الله عليها نبيًّا، ولا غيره، ووجه المناسبة بين البابين، يعني هذا الباب، باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} مع ما فيه من الخبر عن النفر من اليهود، والباب الذي قبله، باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار، باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار من حيث.

المقدم: هذا الباب في الأصل وليس في المختصر.

نعم في الأصل الشراح يتكلمون عن الأصل ما لهم ارتباط بالمختصر.

المقدم: ما لهم ارتباط بالمختصر.

لا ارتباط لهم بالمختصِر، يعنى المختصَر هذا لو كان النقل من شروح المختصَر.

المقدم: نعم.

وشروح المختصَر منها، من باب التذكير، شرح عبد الله حجازي الشرقاوي، اسمه "فتح المبدي شرح المختصر الزبيدي"، شرح لا بأس به جيد؛ إلا أن فيه مخالفات عقدية كما هو معروف، وأنظف منهم بكثير شرح صديق.

المقدم: حسين خان.

نعم، شرح صديق، إلا أنه مختصر من إرشاد الساري، يعني لو قلت: إنه تسعون بالمائة من شرح صديق، عون الباري، عون الباري مختصر بنسبة تسعين بالمائة من إرشاد الساري، ميزة صديق -رحمه الله- أن عقيدته أنظف من غيره، فهو يتتبع القسطلاني، ويرد عليه، أو لا ينقل الكلام الذي فيه مخالفة.

المقدم: نعم.

وجه المناسبة بين البابين، يعني هذا الباب والذي قبله باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار من حيث إن كلًّا منهما مشتملًا على سؤالٍ عن علم، من حيث إن كلًّا منهما مشتملٌ على سؤال عن علم، غير أن المسؤول عنه قد بيَّن في الأول، في الأول بيَّن، السؤال والفتيا عند رمي الجمار، حديث عبد الله بن عمرو قال: «رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الجمرة وهو يسأل فقال رجل: يا رسول الله نحرت قبل أن أرمي، قال: ارمِ ولا حرج» أجاب -عليه الصلاة والسلام-، قال آخر: «يا رسول الله حلقت قبل أن أنحر قال: انحر ولا حرج» فما سئل عن شيء إلى آخر الحديث.

وفي حديث الباب يعني الترجمة الثانية لم يجب النبي -عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: اللهم صلِّ وسلم عليه.

 نعم، يقول غير أن المسؤول عنه قد بيَّن في الأول؛ لكونه مما يحتاج، مما يحتاج إلى علمه السائل، السائل يحتاج إلى الجواب، يحتاج إلى الجواب؛ لأنه وقع في ما يخالف فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو محتاج إلى الجواب؛ لأنه قدم وأخر، أما السؤال عن الروح فمثل هذا لا يحتاجه السائل؛ لكونه مما يحتاج إلى علمه السائل ولم يبين، ولم يبين في هذا لعدم الحاجة إلى بيانه؛ لكونه مما اختص الله سبحانه فيه، لكونه مما اختص الله سبحانه فيه، ما الذي يدرينا الآن أن هذا ما يحتاج إليه وذاك ما لا يحتاج إليه؟ يعني لو أن عالمًا سئل عن مسألة فقال: الجواب كذا، ومرةً عن سؤال آخر قال: لست بحاجة إلى الجواب، هذا لا تحتاج إليه، كم يسأل عن بعض المسائل الغريبة؟

المقدم: طيب كيف أعرف أنها مفيدة أم غير مفيدة؟

نعم متى يكون الجواب مما يحتاج إليه، ويكون الجواب في سؤال آخر غير محتاج إليه؟ هذا بالنسبة لما جاء في الأسئلة المنصوصة، نعرف أننا لسنا بحاجة إليه إذا لم يجب النبي -عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: من خلال الإجابة.

 لأنه لو كان مما يحتاج إليه لبيَّن، فإذا بُيِّن عرفنا أننا بحاجة إليه وإذا لم يبين..

المقدم: فلسنا بحاجة إليه.

فلسنا بحاجة إليه، فنقف مع النص حيث وقف، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، أما العالم أحيانًا يجيب السائل لحاجته إلى الجواب، وقد يسأل نفس السؤال من قبل سائلٍ آخر فلا يجيب؛ لأن هذا لا يعنيه.

المقدم: صح.

لأنه لا يعنيه كما لو سأل عن أمرٍ يختص بالنساء مثلًا وهو شاب لا علاقة له بهن، لا لديه زوجة و.. المقصود أنه ليس بحاجة لهذا السؤال.

المقدم: قضية عامة، يعنى تتعلق مثلًا بحاكم، قضية علاقة دولية سياسة شرعية، ويكون هو لا علاقة له بها.

أحيانًا يطرح بعض المسائل، أو بعض القضايا التي قد يراد منها تجهيل الناس ببعض الأبواب، يعني أبواب الآن لا أثر لها عملي في الوقت الحاضر، مثل الرق مثلًا فيقال: لماذا يدرس الرق؟ لماذا؟

المقدم: يحذف.

يحذف من كتب الفقه وكتب الحديث وكتب...؛ لأنه ليس له واقع عملي، طيب الحيض بالنسبية للرجال، الجهاد بالنسبة للنساء، نقول: لا بد من أن يدرس العلم متكاملًا الذي جاءت به النصوص ببيان أحكامه لا بد من دراسته، لا بد من دراسته، فكون المرأة تعرف من الأحكام ما يختص بالرجال؛ لتنشئ أولادها على هذا، وكون الرجل يعرف ما يختص بالنساء؛ ليربي بناته على هذا وزوجته وأخواته وما أشبه ذلك، المقصود أن مثل بعض الدعاوى أحيانًا تلقى رواجًا، الآن ما فيه رق، كيف ندرس أحكام الرق؟ ومسائل تتبع هذا وله نظائر، فنقول: كتب العلم تدرس كما هي، والأحكام هي أحكام الشرع لا تتغير ولا تتبدل، كونه لا يوجد مثلًا إذًا الفقير لماذا يدرس كتاب الزكاة؟ لماذا؟

نخصص فصولًا لأولاد الأغنياء مثلًا في المدارس وفي الجامعات وغيرها، وأولاد الفقراء يحذف عنهم، هذا يمكن أن يقبل مثل هذا الكلام؟ لا يقبل مثل هذا؛ لأن هذه أمور عوارض ليست ثابتة، أقول: أمور عارضة ليست طارئة، ليست ثابتة، بمعنى تطرأ وتزول يأتي في وقت من الأوقات الناس بأمس الحاجة إليها، فإذا العلم موجود، فبعض الدعاوى من بعض الناس أحيانًا قد تصدر عن حسن نية، تخفيف عن الطلاب فيما لا يحتاجونه، لكن هذه الدعوى لا شك أنها ليست بسليمة، فنعرف أن الناس بحاجة إلى هذا السؤال إذا أجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه، وليسوا بحاجة إلي جواب هذا السؤال؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- ما أجاب، ولو كانوا بحاجة إليه لما ترك بيانه؛ لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، أحيانًا بعض المفسرين بعضهم مغرم بالإغراب وذكروا أشياء الناس ليسوا بحاجة إليها، مثل اسم الكلب مثلًا الذي مع أصحاب الكهف، أو لونه، أو كذا، الناس بحاجة إلى مثل هذا؟

المقدم: أبدًا.

ليسوا بحاجة، لكن تجد في كتب التفسير مثل هذا الفضول، بعض الناس بعض المفسرون يغرم بمثل هذا، وبعض شراح الحديث يذكر بعض هذه الأمور، فحقيقة لا شك أنه تسويد الورقة مما لا فائدة فيه ولا طائل تحته.

يقول: ولم يبين في هذا لعدم الحاجة إلى بيانه؛ لكونه مما اختص الله -سبحانه وتعالى- فيه؛ ولأن عدم بيانه؛ ولأن عدم بيانه تصديقًا لنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال الواحدي: قال المفسرون: إن اليهود اجتمعوا، إن اليهود اجتمعوا فقالوا: نسأل محمدًا عن الروح، وعن فتيةٍ فقدوا في أول زمان، وعن رجلٍ بلغ مشرق الشمس ومغربها، قال المفسرون: إن اليهود اجتمعوا فقالوا: نسأل محمدًا عن الروح وعن فتية افتقدوا في أول زمان، وعن رجلٍ بلغ مشرق الشمس ومغربها، فإن أجاب في ذلك كله فليس بنبي، وإن لم يجب في ذلك كله فليس بنبي، وإن أجاب عن بعضٍ وأمسك عن بعضٍ فهو نبي، فسألوه عنها، فأنزل الله تعالى في شأن الفتية {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ } [الكهف:9] إلى آخر القصة، وأنزل في شأن الرجل الذي بلغ مشرق الشمس ومغربها {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف:83].

المقدم: ذي القرنين.

إلى آخر القصة، وأنزل في الروح قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85]، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} يعني تجد تعريف الروح عند كثير من أهل العلم يعرّفونها.

المقدم: تدخل في كتب العقائد.

نعم موجود وأُلف فيها مصنفات.

المقدم: نعم، الروح بنفس الاسم.

بنفس الاسم، لكن هل طرق ابن القيم -رحمه الله تعالى- للروح، هو طرقٌ لحقيقتها التي أبهم بها القرآن؟

المقدم: أبدًا.

 أو ما يتعلق بها من أحكام جاءت بها النصوص؟

المقدم: ما يتعلق بها.

نعم جاءت بها النصوص فلا، فلا إشكال في مثل هذا، لكن هناك من ألف عن الروح في حقيقتها، وماهيتها وغير ذلك مما حجب عنا علمه، فهذا هو المذموم، أما كونه يصنف عن الروح في أحكامها وما ذكر وما جاء فيها من النصوص، فهذا لا أشكال فيه، هو علم في خاتمة تفسير السيوطي للنصف الذي تولى تفسيره من تفسير الجلالين، تعرف أن تفسير الجلالين؟

المقدم: جلال الدين السيوطي.

جلال الدين المحلي.

المقدم: المحلي.

المحلي بدأ من الكهف، إلى أن أكمل القرآن وفسر الفاتحة، السيوطي بدأ من البقرة إلى آخر الإسراء، في نهاية تفسير سورة الإسراء ختم السيوطي بقوله، الآن التفسير الذي ألفه هذان العالمان عرف فيما بعد باسم...

المقدم: الجلالين.

الجلالين، وهو معروف عنه تفسير متين، ونافع في غاية النفع مع اختصاره، معتصر تفسير معتصر.

المقدم: مع بعض الملحوظات.

نعم معروف الملحوظات العقدية معروفة.

المقدم: هي عند المحلي أكثر من السيوطي يا شيخ؟

ما فيه فرق.

المقدم: ما فيه فرق.

أبدًا، بل السيوطي حذا حذو المحلي بالحرف، يعنى حتى أحيانًا هو اعتمد عليه اعتمادًا كليًّا.

المقدم: بعده.

بعده ولكنه اعتمد عليه واقتفى أثره ولم يخالفه إلا في يمكن عشرة مواضع.

المقدم: أقول نفس المثالب أيضًا في الدر المنثور إذًا؟

لا الدر المنثور تفسير نقلي، أخرج فلان عن فلان عن فلان، ما هو بـ.. مأثور فقط.

المقدم: بالتالي يكون فيه الخلل أيسر.

هو ما فيه من حيث جمعه للحديث بكافة أنواع الصحيح والحسن والضعيف، بل بعض الموضوعات هذا الإشكال، وأيضًا يلاحظ عليه أنه حذف الأسانيد، فالوصول إلى أحكام هذه الأحاديث فيه وعورة، لاسيما في الأحاديث التي مصادرها مفقودة، المقصود أن تفسير الجلالين متن، متن في التفسير يربى وينشأ عليه طالب علم مع بيان هذه الملحوظات.

المقدم: كان لكم عناية يا شيخ- ما شاء الله عليكم- ما استمررتم فيه؟

والله لنا عليه حاشية.

المقدم: لكن في شرح للطلاب أخرجتم الفاتحة؟

وفي أوائل البقرة وفي مواضع من التفسير.

المقدم: نعم.

والنية معقودة التكميل -إن شاء الله تعالى-، أقول هذا التفسير نافع للطلاب، صحيح أنه بالنسبة للطبقة الأولى قد يكون فيه صعوبة ووعورة عليهم، فيقرأ قبلهم مثل التفسير الشيخ فيصل بن مبارك، والشيخ ابن سعدي وغيرهم، من التفاسير المناسبة، في نهاية كلام السيوطي، يعني من باب المفارقات بين الشيخين المحلي والسيوطي، يعني هذا من باب الاستطراد، السيوطي معروف أنه من الحفاظ، حتى قال: إنه يحفظ مائتي ألف حديث، وأنه لو وجد غيرها لحفظها، ومصنفاته تشهد بهذا، المحلي على العكس تمامًا، قالوا: إن فهمه يثقب الفولاذ، وحافظته لا شيء، لا شيء، أخذ مدة طويلة لحفظ ورقة، مدة طويلة يقول: ارتفعت عليه الحرارة وخرج به بثور، وما أدري إيش، ومع ذلك يذكر من فقهاء الشافعية، يعنى يذكر بين علماء الشافعية.

المقدم: ليس مغمورًا، ليس مغمورًا.

بالنسبة لهم محقق، ولذا لا ييأس ضعيف الحافظة، إذا عجز عن الرواية وعجز عن الحفظ عليه بالفهم، يصحب الكتاب، ويشرح الكتاب، وينظر للكتاب، ويستفيد من الكتب، والمقصود أن ضعيف الحافظة لا ييأس؛ لأن بعض الطلاب يأتينا بكثرة من يقول: أنا الحافظة عندي ضعيفة، فمزاولة العلم عبث بالنسبة له، أبدًا، نقول: لضعيف الحافظة اصنع مثل ما صنع غيرك، لا تكلف فوق ما تطيق احفظ بالتدريج، احفظ شيئًا يسيرًا في اليوم، ومع الوقت يجتمع عليك إذا عجزت اعتمد على الفهم، والفهم إذا عُني وعولج الكلام الصعب الذي لا يمكن حفظه حتى من ضعيف الحافظة مع المعاناة يثبت.

المقدم: صحيح.

 وإلا كيف وصل جلال الدين المحلي إلى هذه المرتبة؟ من الإمامة عند الشافعية، إلا بهذا، من تسعفه الحافظة لا يعتمد عليها ويترك الفهم، بل عليه أن يلتفت إلى الفهم، وضعيف الحافظة أيضًا لا يعتمد على الفهم فقط، بل يجمع بينهما، نعود إلى كلام السيوطي، وبالمناسبة التفسير، تفسير الجلالين ذكرنا أنه مختصر جدًّا، وأن حروفه بقدر حروف القرآن إلى سورة المزمل، ومن المدثر إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلًا على حروف القرآن، ولذلك تجده في حاشية المصحف، وهذا العدد إنما قام به رجل من اليمن؛ لأنه أشكل عليه هل يقرأ في التفسير تفسير الجلالين بدون وضوء، أو لا بد أن يتوضأ.

المقدم: فعد الحروف.

فعد الحروف؛ لأن الحكم للغالب فرأى أن التفسير يزيد قليلًا عن حروف القرآن.

المقدم: كلام السيوطي -رحمه الله- في آخر تقول آخر تفسير لسورة الإسراء.

نعم.

المقدم: طويل يا شيخ؟

والله فيه طول ويحتاج إلى..

المقدم: إذًا نرجئه إن شاء الله إلى حلقة قادمة يكون بداية الحديث معكم، أحسن الله إليكم.

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لقاؤنا بكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.