شرح كتاب التوحيد - 31

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد،

فيقول الإمام المجدد -رحمة الله عليه-: "باب ما جاء في السِّحر" عرفنا في الدرس الماضي أن السحر ما لطف وخفي سببه، ومنه سمي السَّحر؛ لوقوعه في وقت يخفى على كثير من الناس؛ لأنهم في الغالب في النوم، ومنه وجبة السَّحر؛ لأنها تقع في هذا الوقت الخفي، ومنه سمي البيان سحرًا؛ لأنه يؤثر في النفوس تأثيرًا لا تدري كيف جاء هذا التأثير، ولأنه يعمل عمل السحر من التأثير في النفوس، وإن كان الحديث يحتمل أن يكون مدحًا، وأن يكون ذمًّا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إن من البيان لسحرًا»، فإذا كان هذا البيان لنصر الحق وإظهاره والرد على مخالفيه ومناوئيه فهذا مدح، وإذا كان بالعكس نصرًا للباطل وإخفاءً للحق فإن هذا يكون ذمًّا.

"وقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [سورة البقرة:102]" {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [سورة البقرة:102] اشتراه يعني يشتري السحر، بأي شيء يشتريه؟ بالتوحيد، برأس ماله؛ لأن السحر شرك، ولا يمكن أن يتوصل إليه إلا بتقديم شيء للشياطين {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [سورة البقرة:102] ليس له نصيب في الآخرة، والذي ليس له نصيب في الآخرة هو المفلس الحقيقي، نسأل الله العافية.

"وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [سورة النساء:51]" الآية تقدمت.

"وقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان" الجبت السحر، والطاغوت الشيطان، وهذا من تفسير الصحابي، وهو مرفوع عند الحاكم، الحاكم يقول: وتفسير الصحابي مرفوع، يعني له حكم الرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، كيف قال عمر ما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! يقول: لن يفسر الصحابي كلام الله -جل وعلا- إلا بشيء سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، الصحابي مع ورعه وملازمته للنبي -عليه الصلاة والسلام- كعمر مثلاً، ومعرفته بالتشديد، بتشديد النبي -عليه الصلاة والسلام- على من فسَّر القرآن برأيه يقول: هذا يجعلنا نجزم بأن الصحابي ما قاله من تلقاء نفسه، بل هو مرفوع، لكن إذا جاء التفسير عن صحابي بلفظ، وجاء عن آخر بلفظ فماذا يقول الحاكم؟ مما يدل على أنه فيه نوع اجتهاد، ومنه ما يجتهد فيه، ولذلك حملوا كلام الحاكم على أسباب النزول، يقول الحافظ العراقي:

وعد ما فسَّره الصحابي

 

 

 

رفعًا فمحمول على الأسباب

 

..........................

 

 

رفعًا فمحمول على الأسباب

 

يعني أسباب النزول يقولون مرفوعة، لماذا؟ لأنه لا بد أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- طرفًا فيها؛ لأنه عليه يتنزل القرآن، ولا شك أن عمر الصحابي الملهَم، يعني تفسيره إن لم نقل بأنه مرفوع فإنه مقدَّم على تفسير غيره، والتفسير إما أن يفسَّر القرآن بالقرآن كما قال شيخ الإسلام وغيره، وإما أن يفسَّر بالمرفوع من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وإما أن يفسَّر بأقوال الصحابة، ثم التابعين، وإما أن يفسَّر بما تعرفه العرب من لغتها، وهناك أشياء للنظر فيها مجال، ووجدت عند أهل العلم في تفاسيرهم وأقوالهم من سلف الأمة وأئمتها فمن بعدهم، ولكن وُجد من يفسِّر القرآن برأيه بعيدًا كل البعد عن مقاصد الشرع وعن مراد الله- عز وجل- في كتابه، ويوجد تفاسير في لاسيما عند المعاصرين وعند المبتدعة تفاسير لا يقبلها عقل، ولا تستند إلى نقل، وذكرنا بعضها في مناسبات كثيرة، وذكرنا منها بعض المواضع التي فسروا فيها ولا يقبلها عاقل فضلاً عن متديِّن.

طالب: ...........

لا، هو إذا نص الصحابي على أن سبب نزول هذه الآية كذا فما يمكن أن يكون أخذه من أهل الكتاب، هذا المراد.

قال عمر -رضي الله عنه-: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان" الجبت أعم من السحر، والسحر بعض أفراده، وكذلك الطاغوت أعم من الشيطان، والشيطان بعض أفراده، وتفاسير الصحابة فيها كثير من التفسير بالمثال، تفسير بالمثال، وقد يفسر عمر الجبت بالسحر، ويفسره غيره بشيء آخر مما يدخل ويندرج تحت هذا اللفظ، فيكون اختلاف تنوُّع، ولا يكون فيه تضاد كما في قوله -جل وعلا-: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [سورة فاطر:32] بعضهم فسَّر المقتصد بالذي يأتي بالفرائض ولا يتنفَّل، والظالم لنفسه الذي يخل بالصلوات أو يؤخرها عن وقتها، والمقتصد الذي يأتي بها على وجهها، لكنه لا يتنفَّل، والسابق بالخيرات الذي يضيف للفرائض النفل.

وفسَّره بعضهم الظالم لنفسه الذي يخل بالزكاة فلا يخرجها على وجهها، والمقتصد الذي يخرج الواجب فقط، والسابق بالخيرات الذي يتصدَّق ويتنفَّل بالصدقات زيادة على ما افتُرِض عليه، وهكذا..

هذه الأقوال صحيحة، ما فيها شيء، لكنها أفراد، أفراد تندرج تحت الآية، وقل مثل هذا في أشياء كثيرة.

والأصل في الطاغوت أنه كل ما تجاوز به المرء حده، كل ما تُجوز به الحد من معبود أو متبوع أو مطاع، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله- فإذا تجاوز الحد.. وذكر الإمام المجدد أن رؤوس الطواغيت خمسة الشيطان رأسهم، الشيطان الأكبر إبليس رأسهم، وذكر منهم من عُبد من دون الله وهو راضٍ بخلاف من عُبد من دون الله وهو لا يعلم، أو علم ولم يرضَ وأنكر، هذا لا يسمى طاغوت.

"وقال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان" قال جابر: الطواغيت كهان، وعمر يقول: الطاغوت الشيطان، مقتضى قول عمر أن الطواغيت الشياطين.

"قال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد" يعني في الجاهلية في كل حي واحد من هؤلاء الكهان الذين يدعون معرفة ما في الغيب، يخبرون الناس عن المفقودات وغير ذلك مما عُرف به الكهان في الجاهلية ويوجدون على مر التاريخ بين المسلمين مع الأسف، ولكن حكمهم معروف ضربة بالسيف كما تقدم، كهان؛ لأن الذي يدعي معرفة علم الغيب يكفر، كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»" اجتنبوا وابتعدوا، «السبع الموبقات» المهلكات قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ سألوه ما قال السبع الموبقات وسكتوا، استفصلوا ليجتنبوها.

"قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله»" أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك» هذا الشرك.

"«والسحر»" وهو من عطف الخاص على العام؛ لأنه نوع من الشرك، ولا يُتوصَّل إلى السحر وإلى خدمة الشياطين إلا بتقديم شيء مما لا يجوز صرفه إلا لله -جل وعلا- فيكون شركًا.

"«وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق»" من عظائم الأمور، «ولا يزال المسلم في فسحة من أمره حتى يصيب دمًا حرامًا»، وجاء في آية النساء الحكم الشديد عليه حتى قال ابن عباس ويُذكَر عن أبي هريرة أنه لا توبة له، وأنه يُخلَّد في النار، وأما آية الفرقان {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ} [سورة الفرقان:68-70] فأثبتت الآية له التوبة، وتُحمَل آية النساء على التغليظ والزجر، وفتوى ابن عباس محمولة على شخص سأل ابن عباس وهو يريد أن يقتل، ويريد أن يردعه ويزجره عن القتل، ويرده ويكفه عنه.

"«وأكل الربا»"..

طالب: ...........

هو أنت لو جاءك واحد من المرجئة تذكر له جميع النصوص في الباب من نصوص الوعد والوعيد أم تقتصر على نصوص الوعيد؟

طالب: ...........

على كل حال هذا المروي عنه، ومحمول على هذا، وإلا فابن عباس ما يخالف الجمهور في هذا، من باب الزجر له.

"«وأكل الربا»" والربا: معروف، وهو الزيادة في الثمنيات وفي الربويات الستة زيادة بعضها على بعض إذا اتحد الجنس أو النسأ، وهو التأخير بأن يدفع أحدهما في الحال ويؤجل الثاني إذا كان من جنسه وصنفه، فمنه ربا الفضل، ومنه ربا النسيئة، والربا من عظائم الأمور، وحرب لله ورسوله، ويُبعَث كما قال جمع من أهل العلم: مجنونًا {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [سورة البقرة:275] مجانين، نسأل الله العافية. أكل الربا، وعُبِّر بالأكل؛ لأنه أعظم وجوه الانتفاع، أعظم وجوه الانتفاع.

"«وأكل مال اليتيم»" أكل أموال الناس بالباطل كله محرَّم، لكن يزيد شدة إذا كان مال يتيم لا يجد من يدافع عنه، ولذلك أكد على اليتيم، وجاءت فيه النصوص الكثيرة.

"«والتولي يوم الزحف»" إذا حضر الصف وحضر القتال تولى وفر هاربًا.

"«والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»" قذف المحصنات الغافلات المؤمنات، والقذف شأنه عظيم، وجاء في عداد الموبقات، جاء في حديث، لكن فيه كلامًا «قذف المحصنة يُحبِط عمل ستين سنة» نسأل الله العافية، وأمره عظيم، لكن الحديث ضعيف، ويكفي ما جاء في هذه الآية، وما جاء في القرآن، والقذف قذف المحصنات يترتب عليه ثلاثة أحكام هي {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة النــور:4] ثلاثة أحكام، إلا الذين تابوا، فمن تاب استُثني، فهل يُستثنى من الأحكام كلها فلا يُجلَد؟

 

طالب: .......

بالاتفاق أنه لا يُعفى من الجلد، أنه لا بد أن يجلد؛ لأنه حق آدمي، والأخير اتفاق أنه يرتفع عنه وصف الفسق، بقي قبول الشهادة، بقي قبول الشهادة، فهل تقبل شهادته إذا تاب أو لا تقبل؛ لأنه متردد بين أمرين متفق عليهما، أحدهما لا يُعفى، والثاني يُعفى ويرتفع عنه الوصف، ولذلك يختلف أهل العلم في قبول شهادة القاذف إذا تاب والله -جل وعلا- يقول: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} [سورة النــور:4] مع التأبيد، لكن من أهل العلم من يرى أنه تقبل شهادته؛ لأن رد الشهادة؛ بسبب الفسق، لأنه فسق بقذفه هذه المحصنة، وإذا ارتفع الوصف بالتوبة ارتفع ما ترتب عليه، وهو الشهادة.

طالب: ...........

جاء في أحاديث أخرى ما وُصِف بأنه كبيرة، ولذا قالوا: هي إلى السبعين أقرب من السبع، وأُلِّف في الكبائر، بلغت المئات، ووضعوا لها حدودًا يختلفون فيها، ويندرج تحت هذه الحدود معاصٍ وذنوب كثيرة يمكن أن يطلق عليها أنها كبائر، لكن هذه موبقات وعظائم، وقد يُنَص على شيء؛ لانتشاره ووجوده، بينما ما هو مثله أو قريب منه أو أعظم منه؛ لعدم وجوده، قد لا يحرص عليه، ولا ينص عليه.

 المقصود أن هذه السبع موبقات، ومنها ما لا يغفر كالشرك والسحر إذا وصل إلى مرتبة الكفر، وأما ما بعدها فهي كبائر وأمر عظيم من عظائم الأمور هذه الأمور الخمسة، ولكنها تحت المشيئة {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء:48] والشاهد من الحديث قوله: «والسحر». السحر.. هل يُستدل بالحديث على أن السحر كفر؟

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

وعطف عليه قتل النفس وليس بكفر.

طالب: ...........

وقتل النفس عطفه على السحر من باب أيش؟

طالب: ...........

نعم هو الأصل المغايرة بالعطف، على كل حال النصوص تدل على أنه {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [سورة البقرة:102] ولا شك أن السحر أمره عظيم، ولا يمكن أن يُتوصَّل إليه إلا بشرك، هذا سحر العقد والتمائم.

وهناك سحر بالأدوية والتدخين وأمور أخرى وتعاويذ قد تخلو من الشرك، يُتردد في الحكم عليها بالكفر أو ما دونه، وعلى كل حال السحر كل ما يندرج تحته أمره عظيم، وشأنه خطير، وبعض العلماء لا يفرِّق إذا كان يسمى سحرًا فهو شرك، كفر.

وتعلُّم السحر حرام، تعلُّم السحر حرام، فلا يجوز تعلمه ولا تعليمه؛ لأن تعلمه يتوصل به إلى تطبيقه، وعند الشافعية يخففون من شأنه، لكنه..

طالب: ...........

هذا في الحكم عليه، فإن وصف في سحره ما يكفر به كفَّرناه وإلا فلا.

طالب: ...........

رقًى وتمائم وكلام ما يفهم وكذا.

طالب: ...........

هو إذا كان في اللفظ شرك يكون كفرًا، لكن إذا كان تمويهًا على السامع كما يفعله بعضهم، قد يبدأ بآية الكرسي، ويدخل فيها أشياء، على كل حال كله خطر، وكله ضرر، وبعضهم يطلق الكفر على السحر، وبعضهم يفصِّل، لكنه خطر عظيم.

طالب: ...........

تعلُّمه إذا ترتب عليه النطق بالكفر فهو كفر.

الرازي فيما مر علينا من كلامه أن تعلمه قد يُحمَد؛ لأن العلم في أصله شريف، وهذا نوع منه، وهذا كلام- نسأل الله العافية- ضلال، هو ما مر علينا في الأسبوع الماضي، ضلال نسأل الله العافية، والرازي متَّهم في هذا الباب، له كلام خطير جدًّا فيما يتعلق بالكواكب والنجوم، وألف كتابه إن صح نسبته إليه السر المكتوم، فهو خطر.

قال -رحمه الله-: "وعن جندُب مرفوعًا" جندب بن كعب المعروف بجندب الخير، وفي بعض مصادر التخريج جندب بن عبد الله البَجَلي، ولكن هذا الكلام ليس بصحيح، بل الصواب أنه من حديث جندب الخير.

"مرفوعًا" يعني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

"«حد الساحر ضربه بالسيف، ضربُهُ بالسيف» أو «ضربةٌ بالسيف» قال: رواه الترمذي وقال: الصحيح أنه موقوف" يعني على الصحابي جندب، هل يمكن أن يقال مثل هذا بالرأي؟

طالب: .........

الحدود كلها من عند الله، وتصحيح الموقوف معروف عند أهل العلم، والمرفوع مضعَّف.

"وفي صحيح البخاري عن بَجَالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن اقتلوا كل ساحر وساحرة" اقتلوا كل ساحر وساحرة، "قال: فقتلنا ثلاث سواحر" فقتلنا ثلاث سواحر، فحكمه القتل، حده القتل عن ثلاثة من الصحابة جندب وعمر وحفصة.

قال: "وصح عن حفصة -رضي الله عنها- أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقُتلت، وكذلك صح عن جندب" جندب الخير الذي قال: حد الساحر ضربة بالسيف.

"قال الإمام أحمد: عن ثلاثة، يعني صح عن ثلاثة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" أن الساحر يُقتَل، وهم من تقدَّم ذكرهم؛ عمر وحفصة وجندب.

قال الشيخ -رحمه الله-: "فيه مسائل":

"الأولى: يعني المسألة الأولى تفسير آية البقرة" تفسير آية البقرة {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [سورة البقرة:102] التي مطلعها {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [سورة البقرة:102] إلى آخرها {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [سورة البقرة:102] يعني ما له من نصيب، وقد تقدم الكلام فيها.

"الثانية: تفسير آية النساء" {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [سورة النساء:51] يعني ويقولون كما تقدم {لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} [سورة النساء:51].

"الثالثة: تفسير الجبت والطاغوت تفسير الجبت والطاغوت والفرق بينهما" فالجبت السحر والطاغوت الشيطان، وبينهما ارتباط، فالجبت الذي هو السِّحر لا يكون إلا عن طريق طاغوت، وهو الشيطان، لا يكون إلا عن طريق الشيطان.

"الرابعة: أن الطاغوت قد يكون من الجن، وقد يكون من الإنس" أن الطاغوت قد يكون من الجن في تفسير عمر -رضي الله عنه- الطاغوت الشيطان، وهو من الجن، والتفسير الذي فسَّر الطواغيت بأنهم كهان، كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد، وهؤلاء من أين؟ من الإنس من الإنس.

"الخامسة: معرفة السبع الموبقات المخصوصة" يعني المذكورة في الحديث المخصوصة "بالنهي" معرفة السبع الموبقات المخصوصات بالنهي، ومنها السحر محل الشاهد بالباب.

"السادسة: أن الساحر يكفر".

طالب: ...........

نعم، مرتد إذا قلنا: يكفر ردة، إذا قلنا: يكفر حده ردة، وإذا قلنا بقول من يقول: إنه لا يُقتَل إلا إذا قَتَل بسحره يكون قصاصًا لا يُقتَل إلا إذا قتل بسحره، ولا يكفر إلا إذا وصف في سحره ما يكفر به، هذا يختلف.

طالب: ...........

إذا سحر مسلمًا فقد نقض عهده.

طالب: ...........

إذا قتل مسلمًا فقد نقض عهده، كما أنه لو فجر بمسلمة فقد نقض عهده.

"السادسة: أن الساحر يكفر".

"السابعة: يُقتَل ولا يستتاب، يُقتَل ولا يستتاب" لماذا؟ لأن أمره خفي قد يظهر توبة وهو غير صادق فيها؛ لخفاء أمره.

طالب: ...........

أنهم استتابوا نعم، لا وهذا السبب أنه يعلن التوبة ويكذب.

طالب: ...........

مثل ما قالوا في الزنديق، وهو المنافق، والزنديق في عصرنا هو المنافق في عصر النبي- صلى الله عليه وسلم-.

"الثامنة: وجود هذا في المسلمين على عهد عمر، فكيف بعده" وجود هذا الأمر في المسلمين على عهد عمر، فكيف بعده، ولا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، والملاحَظ على مر العصور أن السحرة يزدادون- لا كثرهم الله- حتى في عصرنا هذا كثْرة متناهية، وضررهم بالغ، وأعرف شخصًا كان من طلابنا في الجامعة، وطالب علم جيدًا، ويزاول الدعوة، فحصل له ما حصل من السحر، فترك ذلك كله، وفي طريقه إلى بلده يقف مرارًا؛ ليقتل أولاده الصغار، وأي ضرر أعظم من هذا؟ نسأل الله العافية، وتحول أمهم دونه، ويحضر من يحضر من الناس، نسأل الله العافية، ويخلِّصوا الأولاد. المقصود أن ضرره عظيم، كم من إنسان حصل له بسبب السحر انتكاسة في حياته وتغيُّر شديد، وبعضهم ترك الصلاة، وبعضهم تعرَّض لوالديه،.. أمور لا يمكن حصرها ولا والحديث عنها يشيب الذوائب.

تفضَّل.

يقول: هل في الآية {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [سورة البقرة:102] دلالة على أن من يدفع المال للساحر؛ لكي يسحر فلانًا يكفر الكفر الأكبر؟

لا شك أنه مُقِر للكفر، هو مُقِر للكفر وساعٍ إلى هذا الظلم العظيم الذي يقع على أخيه، وهو على خطر عظيم جدًّا إذا أقره برضى، والغالب أنه يرضى به مادام يدفع من ماله لوجوده من أقر الكفر كفر، نسأل الله العافية.

لكن ما الذي يحصِّن من هذه الشرور وسحر السحرة وضررهم؟ الأذكار، وجاء شخص إلى ساحر ودفع له مالاً؛ ليسحر امرأة خطبها ورفضت، جاء للساحر وقال: هذا مبلغ مغرٍ من أجل أن يسحر هذه المرأة التي خطبها ورفضت، الساحر أخذ المال وقال: أنظرنا أسبوعًا، انتظر أسبوعًا ما حصل شيء، المسألة واقعية، فجاء إليه قال: أنظرنا أسبوعًا ثانيًا، وما حصل شيء. حاول الساحر وعجز ثم قال" أنظرنا أسبوعًا ثالثًا فأنظره، لما تم الأسبوع الثالث قال: والله عجزت، عجزنا، والحاصل أن السبب في ذلك أنها كانت ملازمة للأذكار في الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار النوم، وليت الأمر انتهى على هذا، لكنه السحر المعقود لهذه المرأة الصالحة حصل لأخت هذا الرجل الذي طلب السحر من الساحر لتلك المرأة، قصة واقعية؛ لأن هذه مفرِّطة في الأذكار والسحر يحوم حول.. الشياطين تحوم حول هذه البيوت، فوجدوها فرصة.

 والغريب أنه حينما يتكلم الشياطين يخبرون بأشياء غريبة جدًّا، ولد دخل فيه جني، فمن جيرانهم واحد من طلبة العلم، فطلبوا منه أن يقرأ على هذا الولد فقال الشيطان: أنظرته ليقرأ آية الكرسي حتى الساعة الثانية عشرة، ثم بعد ذلك دخلت فيه، طيب الثانية عشرة هي حد لشيء؟ يعني ينتهي الليل فيها؟ «لم يقربه شيطان حتى يصبح»، لكنه هذا في الإثبات، وأما في النفي في عدم وجودها هو عرضة، مادام ما قُرئت آية الكرسي هذا كله يبيِّن لنا أهمية الأذكار. والأذكار -ولله الحمد- مدوَّنة ومعروفة، ولها كتب خاصة، لكن الحرمان لا نهاية له، الحرمان ما له نهاية، فتجد الإنسان يسهل عليه كثرة القيل والقال، ولا ينام إلا في آخر الليل، ولا ينشط لصلاة ركعة أو ركعتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك؛ لأنه أضاع عمره فيما لا ينفع، وحينئذٍ لا يُعان على ما ينفع.

 نحن نجد كثيرًا من الشباب في استراحات يسهرون إلى الصبح، وقد ينامون عن صلاة الصبح، فالتفريط موجود، وهو كثير، والشياطين تسلطت على بني آدم وعلى المسلمين؛ لأنهم فرَّطوا في الأسباب التي تقيهم منهم، وأتوا بالموانع التي تمنع من دخولهم فيهم، فتجد الأذكار وقراءة القرآن والدعاء بإخلاص قليل إن وجد عند بعض الناس، بعض الناس لا يعرفونه أصلاً، وإن كانوا مسلمين، لماذا؟ لأنهم انشغلوا بالآلات والقنوات، ما فيه وقت، ولا عندهم من يذكرهم بأهمية هذه الأمور، وتجد الصور في كل مكان، وبعض الناس يقتنون كلابًا في بيوتهم، والصور في كل زاوية.. ما دخلنا مكانًا حتى الأواني فيها صور، والطاولات والكراسي يمكن ألف صورة في مكان واحد، ما الفائدة من هذا؟!

والملائكة لا تدخل بيتًا فيه.. كلب ولا صورة، إذا ما دخلت الملائكة فمَن يدخل؟ الشياطين، معروف هذا، والله المستعان.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، الشيخ يرى أن كل أنواع السحر كفر؟

مقتضى كلامه أن السحر كفر بدون تفصيل.

طالب: ...........

ما فرقت الأدلة، لكن من فرَّق يقول: فرق بين شخص يشرك ويقدِّم للشيطان ما لا يجوز صرفه إلا لله -جل وعلا-، وبين من نفث وتمتم ودخَّن وجاء بأمور تجلب الشياطين من غير أن يتلفظ بشرك.

طالب: ...........

هم يتصورون هذا، قالوا: إذا وُجد مثل هذه الطلاسم، فيه طلاسم توجَد في كثير من الكتب جداول فيها أحرف مقلوبة وأحرف عرضية وأحرف طويلة، وألفاظ هي عبارة عن أسماء شياطين، ويوجَد في حياة الحيوان كثير، والدميري من فقهاء الشافعية مع الأسف أنه قد يوجد عند السفَّاريني شيء من هذا، والسيوطي بكثرة، وفلان وفلان من أهل العلم توجَد هذه الطلاسم، ويعلَّق على الطفل كذا، ويوضع كذا، ويوضع تحت وسادته كذا، وفي حياة الحيوان خواص الحيوانات، فيذكر الحيوانات، ويذكر شيئًا من أخبارها وطرائفها، ويطيل في ذلك، وقصص، وكل ما يتعلق بها، ثم يذكر الحكم الشرعي هل تؤكل أو لا تؤكل، وهو من أنفع الكتب في هذا الباب في الحكم، ثم يذكر خواص هذا الحيوان رأسه إذا وُضع تحت وسادة كذا صار كذا، وأذنه إذا قطعت وحطت في كذا وضعت في كذا، وشعره إذا دخن به كذا، هذا الشرك، هذا شرك، فما أدري كيف يحصل هذا من فقهاء مثل الدميري من فقهاء الشافعية، والسفَّاريني على قلة وجدته في موضع أو موضعين، وهو من فقهاء الحنابلة.

 فالأمر خطير، وبعضهم يتساهل فيه، وبعضهم يتوارث، ويوجَد جيل يجده في بلده من غير نكير ومن غير رويَّة وكذا، وإلى وقت قريب والتمائم تُعلَّق إذا مرض الطفل أو شيء علقوا عليه حرزًا أو شيئًا مكتوبًا في داخله، الله أعلم ما هو مكتوب، ومخيط عليه في غلاف من جلد، ويُعلَّق على الطفل، كل هذا خطر على العقيدة.

طالب: ...........

هذا مفصَّل نحن ما نعرف شيئًا من هذا أنه ما يقدم للشياطين ويخدمونه.

طالب: ...........

إذا انطبق عليه الوصف أنه ساحر، فالصحابة ما فرقوا إلا عند الشافعي الذي يقول: صف لنا سحرك.

طالب: .. فك السحر بالسحر..

سيجيء بالنشرة في باب النشرة، لكن استفاض عند الناس أن بعض البلدان يكثر فيها السحر بكثرة، يقال: في إندونيسيا، ويقال: في المغرب، ويقال في كذا، ويقال.. يكثر، ورأينا بعض كبار السن من عوام المصريين وغيرهم قد يقعون في شيء من هذا.

طالب: ...........

النصارى؟ لكن عامة الناس.. مع الجهل مع الجهل..

طالب: ...........

هذا الذي تراه..

طالب: ...........

نعم، غضب عليها عثمان -رضي الله عنه- أخذ عليها، وأنها أقامت الحد من دون الرجوع إليه، فإقامة الحد لا شك أنه من اختصاص ولي الأمر.

طالب: ...........

السيد على.. يقيمها «إذا زنت أحدكم فتبين زناها فليقم عليها الحد ولا يثرِّب، فليجلدها الحد ولا يثرِّب عليها، ثم إذا زنت فليقم عليها الحد.. فليجلدها الحد ولا يثرِّب ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرِّب عليها.. ثم إذا زنت فليبعها ولو بضفير» فالسيِّد له سلطة، لكن القتل عثمان -رضي الله عنه- وجد على حفصة.

طالب: ...........

المشكلة أن السحر موجود ويُنشَر على الملأ، لكن يسمونه بغير اسمه، وفيه ما يلتبس بالسحر وليس بسحر من خفة واحتراف كما يقولون، لكن يجب منعه كله، وقطع دابر ما يشوِّش على المسلمين.

خليفة من الخلفاء جيء له بشخص يرمي.. يغرز الإبرة في الأرض ثم يرمي الثانية فتدخل في جوفها، ثم يرمي الثالثة فتدخل في جوف الثانية، إلى مائة إبرة، ماذا يصير هذا؟!

طالب: سحر

سحر أم خفة؟

طالب: ...........

نعم، هو محتمِل، لكن ماذا قال الخليفة؟ أعطوه مائة درهم واجلدوه مائة جلدة، لمَ يعطى مائة درهم؟ لأن عنده نوع تميُّز، ويُمكِن أن يستفاد منه في أمور أخرى، لكن يجلد مائة جلدة في إضاعة هذا التميز بهذا العبث.

طالب: ...........

يقولون: إنهم يأكلون الجن، والله أعلم بحقيقة الحال، إن كان سببًا عاديًّا ومتعارفًا عليه فما تقول يا أبا عبد الرحمن؟ ما عندك ذيب؟ إن كان سببًا عاديًّا ومتعارفًا عليه، وأن الجن ينفرون منه فهو سبب عادي، سبب من الأسباب، وإن كان لا، وفيه شيء خفي، فهو شرك.

طالب: ...........

يذكرون قصصًا أن..

طالب: ...........

جني يسبح في بركة، وجاءك ذئب وأكله وما أدري..! يذكرون مثل هذا، على كل حال مثل ما قلنا: إذا ثبت بأنه سبب مطرد عادي واطرد، فالأسباب معروفة، وإلا فهو من الشرك التعلُّق بغير الله.

طالب: ...........

عائشة -رضي الله عنها- نفثت في الماء والكتابة وغسلها.. مثل النفث حكمها حكم النفث، ما فيه شيء.

طالب: ...........

ما يدريك؟

طالب: ...........

أنت كذا رأيت جنًّا أنت؟ رأيت جنًّا؟

طالب: ...........

أنت أنت جرَّبت؟ ترقي أنت؟

طالب: ...........

ما شاء الله عليك، وجُرِّبت بالإصابة!

طالب: ...........

الله يعافينا وإياكم من الشرور، نعوذ بالله من حالهم.

طالب: ... مسحورة وزوجها ما يقربها... كانت صالحة، كانت تقرأ في اليوم خمسة عشر جزءًا .... من البقرة... أسبوع حتى رأت أن سبع شياطين.. سبع كلاب سوداء تحترق فشفاها الله -عز وجل-........

الحمد لله، الحمد لله.

طالب: القرآن..

{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [سورة الإسراء:82] {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [سورة فصلت:44].

طالب: أحسن الله إليك، الآن يا شيخ -أحسن الله إليك- برامج التلفاز من برامج أطفال وغيرها.

برامج أيش؟

طالب: برامج أطفال التي.. في قناة إسلامية ما أدري ماذا يسمونها تعرض برامج الأطفال.. صور ورسوم متحركة هذي هل تعتبر...؟

إذا كانت فيها مضاهاة لخلق الله فما فيه شك.

طالب: حتى إذا كانت الصورة حقيقية يا شيخ، ما تدخل الملائكة البيت؟

كيف صورة حقيقية؟

طالب: في التلفاز..

صورة.

طالب: ...........

صورة ما هي حقيقية.

طالب: الصورة الواقعية يا شيخ..

صورة الشيخ فلان أو صورة الأمير فلان هذه صور أو هو نفسه؟

طالب: ...........

هو أم صورته؟ واحد من المشايخ يقول: أنا إذا طلعت بالتلفزيون هذا أنا، ما هي صورتي. قلت: إذا طفا الكهرب أين تروح؟!

طالب: يا شيخ، ذكرت قلت الشافعية في السحر..

نعم يتساهلون..

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

طالب: بعض هذه الكتب التي قد يكون فيها السحر أو..

والله لا بد أن يحذَّر منها، الرحمة للسيوطي فيه سحر، وكتب الطب بعد فيها أكثر.