كتاب بدء الوحي (021)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

أما بعد:

فاستكمالاً لشروح مسلم، وما ترجموا به على الحديث، نكمل (إكمال الإكمال) عرفنا أن العلماء داروا في فلك (المعلم) للمازري، فأكمله القاضي عياض في (إكمال المعلم) ثم بعده الأبي في (إكمال الإكمال) ثم السنوسي في (مكمل إكمال الإكمال) ثم انقطعت هذه السلسلة فجاء من يجمع بين هذه الشروح بين (المعلم) وغيره وإكماله للقاضي عياض، النووي جمع بين (المعلم) وإكماله للقاضي عياض، و(التحرير) لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل الأصفهاني، والشروح التي وقف عليها، وأضاف إليها من ما اطلع عليه من كتب أخرى، ومن تحريراته ونقوله الفريدة، ومع ذلك هذه الشروح كلها شروح صحيح مسلم الموجودة الآن وقد تبلغ العشرة، لكنها لا تفي بالغرض، ومسلم لا يزال بحاجة ماسة إلى شرح يضاهي شروح البخاري، ففيه إشكالات في الأسانيد والمتون، إشكالات كثيرة تحتاج إلى حل، لا أقول: إشكالات تقدح في صحة الأحاديث أو تشكك فيها أبداً، إنما إشكالات بالنسبة لفهمها على كثير من طلبة العلم، فهو بحاجة إلى أن ينبري له بارع يحل هذه الإشكالات الإسنادية والمتنية، ومر بنا إن كان منكم أحد قد حضر شرح كتاب: المناسك من صحيح مسلم، وما فيه من إشكالات، وفقنا لحل بعضها، وبقي بعضها يحتاج إلى مزيد من العناية والحل.

أقول: صحيح مسلم كل شروحه لو جمعت ما عدلت شرح واحد من شروح البخاري، البخاري عني الناس به لوجود الفقه والاستنباط فيه؛ ولأنه أصح الكتب، وأما مسلم فيجمع الأحاديث في موضع واحد، ويرون أنه إذا تكلموا عليه إجمالاً باختصار، وحللوا بعض الشيء أنهم يكونوا قد وفوا بشرح مسلم وهذا لا يكفي، يعني وجد من يشرح سنن أبي داود بإفاضة، يعني وجد مثلاً شرح ابن رسلان على سنن أبي داود فيه شيء من البسط، والسنن شرحها أسهل بكثير من شرح الصحيحين مع مسيس الحاجة إلى ما يتعلق بالثبوت بالنسبة للسنن، وبالنسبة لسنن النسائي على وجه الخصوص فيه وعورة، ولذلكم تجدون الشروح عليه أقل؛ لأن فيه صعوبة، تراجم الإمام النسائي كلها علل، تحتاج إلى فذ ينبري لها، وجد شروح تعليقات ثم وجد شرح مبسوط حقيقة جمع فيه مؤلفه -وفقه الله- ما وجد في شروح الصحيحين وغيرهما، وترجم للرواة من كتب الرجال الموجودة، وهو شرح ييسر حقيقة على طالب العلم، لكنه أيضاً يحتاج إلى مزيد من التحرير البالغ بالنسبة لتراجمهم، تراجمهم سجلت رسائل، لكن تحتاج إلى ضم بعضها إلى بعض مع هذه الشروح الموجودة، فيستخلص شرح مناسب لسنن النسائي، ومسلم أيضاً بحاجة إلى شرح يحل كثير من الإشكالات.

هنا شرح السنوسي مكمل للأبي، والأبي مكمل لعياض، وعياض مكمل المازري، ثم بعد ذلك النووي جمع بين الشروح التي تقدمت، ثم جاء بعده من جمع، لكن يبقى الإشكال قائم، ففيه إشكالات كثيرة في صحيح مسلم تحتاج إلى حل، وأكرر أن هذه الإشكالات لا تقدح في صحة الأحاديث، وإنما هي إشكالات في الفهم، يعني قد يخفى كثير منها على كثير من طلاب العلم، فهي تحتاج إلى حل، يعني لو انبرى لها بارع لانتهى ما في إشكال، لكن بقيت في ظل هذه الشروح المختصرة ما وجد من يفي بجميعها، قد يتعرض النووي لبعضها، قد يتعرض القرطبي لبعضها، قد يتعرض القاضي عياض لبعضها، لكن شرح يحل جميع الإشكالات ما زلنا بحاجة ماسة إليه.

في السنوسي ترجم قال: باب: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات)) ويدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، هل هذه الترجمة من السنوسي أو من غيره أو ممن تقدمه من الشراح؟ ننظر في ترجمة القاضي عياض يقول: ((إنما الأعمال بالنية)) وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، وهنا يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) ويدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، الإكمال يقول: حديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات)) ولم يترجم بأكثر من هذا.

في شرح النووي أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الشافعي يقول: باب: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنية)) وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، يعني مثل ترجمة القاضي عياض.

في (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم) مختصر لصحيح مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، هذا صاحب (المفهم) وهو غير صاحب التفسير، شيخ لصاحب التفسير، ولذلك يكرر: صاحب التفسير، قال شيخنا أبو العباس، ورأيت شيخنا أبا العباس، وناقشت شيخنا أبا العباس، يكثر من هذه الكلمة مثل ما يقوله ابن القيم عن شيخه أبي العباس بن تيمية فقد يهم بعض..، وقد وهم بعض الطلاب بعض الباحثين، ونقل رأياً لشيخ الإسلام من تفسير القرطبي؛ لأنه قال: ولقد سمعت شيخنا أبا العباس يقول مراراً، مثل ما يقول ابن القيم، لكن إذا نظرنا التلميذ القرطبي التلميذ ما أدركه شيخ الإسلام، يعني عمره لا يتجاوز يمكن عشر أو أقل من السنة، يعني القرطبي التلميذ فضلاً عن الشيخ، فيحصل مثل هذا، يعني نظير ما يقال مثلاً في بعض الكتب ينقل عن بكر بن عبد الله المزني، ثم يأتينا من يقول يعني قد لا يتصور الآن لكن فيما بعد، يمكن ينسب لبكر بن عبد الله أبو زيد، ما يهم بعض الطلاب يحصل لهم مثل هذا الوهم، مثل ما وهم في القرطبي مع شيخ الإسلام ابن تيمية، دائماً تنقل أقواله وهو راوٍ من الرواة ثقة من الثقات بكر بن عبد الله وهو المزني، فمثل هذه الإشكالات يتقيها طالب العلم.

(في المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم) كلاهما لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة، وهذه السنة مات فيها كثير من أهل العلم، يعني المنذري، والقرطبي هذا، وجمع غفير من أهل العلم، لماذا؟ لأن هي السنة التي سقطت فيها بغداد على يد التتار، فمات فيها كثير من أهل العلم فضلاً عن غيرهم.

قال -رحمه الله- في كتاب الجهاد والسير: باب: الإخلاص وحسن النية، باب: الإخلاص وحسن النية، شرح القرطبي هذا المفهم يعني متميز عن كثير من الشروح، فيه فوائد لا توجد في غيره من الشروح، فيستفاد منه، وإن لم يكن على الأصل.

في سنن أبي داود وهو الذي يثلث به عند المخرجين وغيرهم من أهل العلم يثلثون بسنن أبي داود، ثم بعد ذلك يختلفون في الترمذي والنسائي، ثم المتفق عليه عند ابن ماجه هو السادس، المتفق عليه في الترتيب، وأما الخلاف في كون سادس الكتب ابن ماجه معروف، أول من أدخله في الكتب الستة أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة وفي الأطراف، وإلا كانوا يعدون مالك هو السادس، ومنهم من يعد الدارمي، على كل حال نمشي على رأي الجمهور وأن السادس هو ابن ماجه.

أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني أخرج الحديث في كتاب الطلاق، أخرج الحديث في كتاب الطلاق، في باب؟ بابٌ: فيما عني به الطلاق والنيات، بابٌ: فيما عني به الطلاق والنيات، يعني أن النية مؤثرة في الطلاق بلا شك، وهذا تقدم بحثه بالتفصيل.

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان، قال: حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

والمناسبة ظاهرة، دخول النية في الطلاق لا إشكال فيها على ما تقدم.

رابعـاًَ: الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي خرج الحديث في كتاب فضائل الجهاد، في كتاب فضائل الجهاد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب: ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا، باب: ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا.

يعني تعجب حينما يترجم بترجمة يوجد لها ما يشهد لها ويدخل هذا الحديث مع أن الحاجة إليه في أوائل الكتاب ماسة للعبادات، يعني دخول الحديث في العبادات متفق عليه، ومع ذلك يوجد أحاديث تدل على هذه الترجمة نص فيها، فيجعل الكتاب في آخر الكتاب برقم (2647) مع أن العبادات..، ويقال مثل هذا بالنسبة لأبي داود، يعني يؤجله إلى كتاب الطلاق مع أن العبادات بحاجة إلى دخوله، حيث تدخل فيه دخولاً أولياً.

قال -رحمه الله-: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

وقد روى مالك بن أنس وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة هذا عن يحيى بن سعيد، ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سعيد، وهذا تقدم تقريره في أوائل الدروس في شرح الحديث، يعني في شرح الإسناد تقدم أنه لا يعرف إلا من طريق عمر بن الخطاب عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعنه علقمة بن وقاص، وعنه محمد بن إبراهيم، وعنه يحيى بن سعيد، ولا يعرف غير هذا الطريق، ثم عن يحيى بن سعيد انتشر، وذكرنا عدة ما ذكره الأئمة ممن رواه عن يحيى بن سعيد، ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، قال عبد الرحمن بن مهدي: ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل باب، وهذا تقدم كلام ابن مهدي.

خامسـاً: الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي يؤخر عن أبي داود والترمذي لتأخره زمناً، يعني هو توفي سنة ثلاثمائة وثلاثة بعدهم بما يقرب من ثلاثين سنة، أخرجه النسائي في ثلاثة مواضع، في كتاب: الطهارة في باب: النية في الوضوء:

قال -رحمه الله-: أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد والحارث بن مسكين، عن حماد يعني بن زيد، والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، قراءة عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين هذا شيخ للإمام النسائي وهو من ثقات الرواة وأثباتهم، لكنه طرد النسائي عن السماع ولم يمكنه من السماع، فكان النسائي يختفي خلف اسطوانة وعمود فكان يسمع من غير إذن، والسبب في ذلك على ما قالوا: إن الحارث بن مسكين كان يأخذ على التحديث، كان يأخذ على التحديث والإمام النسائي -رحمة الله عليه- كان يهتم بمظهره اهتمام بالغ، يعني يعتني بمظهره، فلعل الحارث طمع فيه من هذه الحيثية، فالنسائي لم يبذل له شيئاً يرضيه فطرده من الدرس، وأهل الحديث كغيرهم بشر ينتابهم ما ينتاب البشر، والحارث يقول: أنا تفرغت للتحديث، وتركت أولادي دون نفقة، فلا بد من الأخذ، والمسألة على ما هو معروف خلافية بين أهل العلم، والورع ترك الأخذ، لكن إن احتاج الإنسان فجاء في ذلك: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) الإمام النسائي لإمامة الحارث بن مسكين نقل عنه وروى عنه، وباعتباره لم يأذن له في السماع يصدر الرواية عنه بدون صيغة، الآن عطف على حماد عن حماد والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، لو لم يعطف لقال النسائي -رحمه الله تعالى-: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الآن الحارث معطوف على حماد وإلا يحيى بن حبيب؟ هو معطوف على يحيى بن حبيب؛ لأنه شيخ للنسائي، ومع ذلك يقول: قراءة عليه وأنا أسمع، هو ليس معطوفاً على حماد، يقول: أخبرنا يحيى بن حبيب العربي عن حماد والحارث يعني وأخبرنا الحارث بن مسكين وهو في الغالب وهو الأصل أنه يذكره بلا صيغة، والنسائي المطبوع مشوا على الجادة ذكر أخبرنا، النسائي الكبرى القطعة المطبوعة منها في الهند جعلوا أخبرنا بين قوسين معكوفين؛ لأنها موجودة في المجتبى المطبوعة في مصر وليست موجودة في الأصل المخطوط فصاروا يكتبون أخبرنا، يعني يستغربون أن يوجد الحارث بن مسكين بدون حدثنا ولا أخبرنا فلعلها سقطت من النساخ، وهم لا يعرفون العلة، هذا الكلام ليس بصحيح، هو لورعه، النسائي -رحمه الله- لورعه لا يقول: أخبرنا، لماذا؟ لأنه لم يقصد بالإخبار، فيقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.

بعض النساخ والناشر والناشرين مشوا على الجادة فذكروا أخبرنا، وهي زيادة في الكتاب لا توجد في الأصول.

والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم حدثني مالك ح وأخبرنا سليمان بن منصور، تقدم الكلام على الحاء في روايات الإمام مسلم لهذا الحديث، وأخبرنا سليمان بن منصور قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك واللفظ له عن يحيى بن سعيد عن محمد..، مر بنا أن ممن يعتني بذكر صاحب اللفظ يعتني به بدقة الإمام مسلم، أبو داود أيضاً ينبه على صاحب اللفظ، النسائي ينبه على صاحب اللفظ، الإمام البخاري لا ينبه على صاحب اللفظ، فيروي الحديث عن اثنين وثلاثة ولا يذكر صاحب اللفظ، مما جعل بعض طلاب العلم يقدم مسلم عليه بالنسبة للألفاظ وحسن الصناعة والصياغة على ما قالوا، لكن هذا الكلام ذكرناه في موطنه ورددناه، لماذا؟ لأن كون الإمام مسلم يبين صاحب اللفظ من شيخيه أو شيوخه لا يعني أن اللفظ المذكور هو اللفظ النبوي، لماذا؟ لأن عامة أهل العلم أو جمهور أهل العلم يجيزون الرواية بالمعنى، وما يدريك أن هذا هو لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ كون مسلم يميز صاحب اللفظ من شيوخه طيب ما بعدهم؟ حتى من شيوخه هو انتقى لفظ أحد الشيوخ، وما الذي يدرينا أن هذا اللفظ الذي انتقاه مسلم هو لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فيبقى المسألة على تجويز الرواية بالمعنى لا فرق بين تنبيه مسلم -رحمه الله تعالى- على صاحب اللفظ وعدم تنبيه البخاري لا أثر له؛ لأنهم كلهم يجيزون الرواية بالمعنى، فلعل من اختير لفظه رواه بالمعنى، ومن ترك لفظه رواه بلفظ أقرب أو باللفظ، فلا يعني هذا ترجيح صحيح مسلم من حيث الصياغة أو الصناعة على ما قالوا، بل يبقى الأصل والأس في الباب هو البخاري، وينبغي أن يكون هو المحور لبحوث طلاب العلم، ولتدريس أهل العلم، يبقى الأصل البخاري ثم يدار في فلكه من بقية الكتب، والله المستعان.

قال: حدثني مالك ح وأخبرنا سليمان بن منصور، ذكرنا أن الإمام البخاري لا يعنى بصاحب اللفظ، وأنه إذا روى اللفظ أو روى الحديث عن شيخين فأكثر أن اللفظ للأخير منهما، اللفظ للأخير منهما كما قرره ابن حجر بطريق الاستقراء، يقول: ظهر لنا بطريق الاستقراء أن الإمام البخاري إذا روى الحديث عن شيخين أو أكثر فإن اللفظ للأخير منهما، أو للآخر منهما، ومع ذلك ضبطنا عليه أشياء اللفظ للأول، فتكون القاعدة أغلبية.

وأخبرنا سعيد بن منصور قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك واللفظ له عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذه الألفاظ يعني بـ(إنما) وترك (إنما) وإفراد النية وجمع النية، وذكر لـ(كل) أو حذف لـ(كل) هذه تقدمت الإشارة إليها في مواضعها من تخريج الإمام البخاري للحديث في مواضعه السبعة.

الموضع الثاني من تخريج الإمام النسائي لهذا الحديث: في كتاب: الطلاق في باب: الكلام إذا قصد به فيما يحتمل معناه:

قال -رحمه الله-:

أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة -هو القعنبي- قال: حدثنا مالك والحرث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم قال: أخبرني مالك، النسائي يروي الحديث عن مالك بطريقين: الأول: من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، والثاني: عن ابن القاسم، وكلاهما من خواص الإمام مالك، قال: أخبرني مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وفي حديث الحارث أنه سمع عمر يقول، في حديث الحارث أنه سمع عمر، يعني حديث عمرو بن منصور عن عمر بن الخطاب، وفي حديث الحارث أنه سمع، يعني صرح بالسماع، ومر بنا أنه مصرح بالسماع في جميع طبقاته، وأنه لا إشكال في ثبوته، وأنه مجمع على صحته بين أهل العلم، فالتصريح وعدمه سواء، أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) الآن ترجم عليه في كتاب الطهارة وفي كتاب الطلاق، وفي الموضع الثالث: قال -رحمه الله تعالى-: في كتاب الأيمان والنذور، في باب النية في اليمين.

قال -رحمه الله-:

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا سليم بن حيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

هذه ثلاثة مواضع، ومسلم ذكر لفظ سند واحد وأحال في الأسانيد الباقية عدة أسانيد وبعد ذلك البخاري سبعة مواضع، وأبو داود في موضع، والترمذي في موضع، والنسائي في ثلاثة، وابن ماجه أيضاً في موضع، فيكون عدة تخريجه في الكتب الستة كم موضع؟

طالب:.......

كم؟

طالب:.......

نعم، أربعة عشر أو خمسة عشر؛ لأن مسلم متداخلة أسانيده.

على كل حال بالفراغ من شرح حديث: (الأعمال بالنيات) نكون فرغنا من خمسة عشر حديثاً من أحاديث الكتب الستة، يعني لا يضيق صدر طالب العلم أننا أمضينا هذه المدة في شرح حديث واحد، نكون بذلك أتينا على هذا الحديث في جميع مواطنه من الكتب الستة، وهو من الأحاديث العظيمة التي ينبغي أن يعنى بها طالب العلم، وليس بكثير أن يشرح الحديث في ثلاثة أشهر أربعة أشهر سهل، نعم، بعد هذا، نعم؟

طالب:......

ذكره في الموطأ برواية محمد بن الحسن كما أشرنا إليه سابقاً، وأما سائر الموطئات لا يوجد فيها حديث: (الأعمال بالنية) مع أنه وجد من ينفي مطلقاً وجود الحديث في موطأ الإمام مالك، ووجد من يثبته في موطأ مالك بناءً على أن الأئمة رووه من طريقه، بناءً على أن الأئمة من طريقه، وذكرنا نقلاً عن السيوطي في تنوير الحوالك أن رواية محمد بن الحسن انفردت بأحاديث منها حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) وذكرناه في موضعه، وخرجناه بإسناده، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا، الطرق والمواضع.

طالب:.......

الطرق؟

طالب:.......

إي تزيد، تزيد؛ لأن مسلم ذكر طرق كثيرة، إذا ما نظرنا إلى نقاط الالتقاء في الأسانيد يعني مسلم يرويه من طرق كثيرة كلها تجتمع في يحيى بن سعيد، وعلى كل حال إحنا يعنينا عدة أحاديث الكتب الستة بالتكرار ننسب إليها هذه الطرق، يعنينا المرقم في هذه الكتب، يعني حينما يقال: صحيح مسلم ثمانية آلاف على عد بعضهم، أو سبعة آلاف وسبعمائة على عد بعضهم، أو اثنين عشر ألف على عد ابن سلمة على ما قالوا، هذه يذكرون فيها الطرق، نعم، يذكرون الطرق على سبيل البسط، وأما من ذكرها على سبيل الإجمال ما تصل إلى هذا الحد، فنحن إذا أتينا على هذا الحديث بطرقه في الكتب الستة نكون أنجزنا بالنسبة لعدة الأحاديث في هذه الكتب بالتكرار.

سادسـاً: أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قبل أبي داود بسنتين، وقبل الترمذي بست سنوات، وقبل النسائي بثلاثين سنة، فتأخيره أولاً: للخلاف في كونه سادس الكتب، فمنهم من يجعل السادس الموطأ كما فعل رزين العبدري في (تجريد الأصول) وابن الأثير (في جامع الأصول) ومنهم من جعل السادس الدارمي، ومنهم كما قلنا: ابن طاهر حيث أدخل السادس..، أدخل ابن ماجه ضمن الكتب الستة وهو أول من فعل ذلك.

قال -رحمه الله- في كتاب: الزهد باب: النية:

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون ح وحدثنا محمد بن رمح قال: أنبأنا الليث بن سعد قالا: أنبأنا يحيى بن سعيد أن محمد بن إبراهيم التيمي أخبره أنه سمع علقمة بن وقاص يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) ومر بنا أنه كان أيضاً من قبله -عليه الصلاة والسلام- في الخطبة، لم يصرح أنه خطب به على المنبر، لكن في بعض الروايات في الصحيح ((أيها الناس إنما الأعمال بالنيات)) وهذه إنما تقال في الخطب غالباً، يستشكل بعضهم كونه يخطب به ولا ينقله إلا عمر، ويخطب به عمر ولا ينقله إلا علقمة وهكذا، وهذا ليس بمشكل؛ لأن الأمة تلقت الحديث بالقبول، والتلقي بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق، على ما قرره أهل العلم.

يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته لدينا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

الحديث أيضاً خرجه الحميدي في مسنده في أوائل المسند برقم (28) نحتاج الحميدي، والتنصيص عليه، وتفصيل كلام الحميدي، لماذا؟ لأن البخاري خرجه من طريقه في أول موضع.

قال -رحمه الله-: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، هنا يقول: حدثنا الحميدي، والبخاري يقول: حدثنا الحميدي، البخاري ماشي على جادة المتأخرين في التصنيف، والحميدي مشى على جادة المتقدمين الذين هم شيوخ الأئمة الستة الذين يذكرون المؤلف في السند، وبعضهم يذكر من بعد المؤلف، من بعد المصنف يذكر في المسند: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، والمسند من تصنيف الإمام أحمد.

في الموطأ للإمام مالك: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك، وهذه طريقة المتقدمين، والذي لا يعرفها يستشكل، ولذا كتب من كتب عن إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي، لماذا؟ لأنه يقول: حدثنا الربيع قال: حدثنا الشافعي، إيش لون الشافعي يقول: حدثنا الربيع ثم حدثنا..، هذا كلام ما يمكن يصير؟ هذا مشى على طريقة المتأخرين في تصانيفهم، لكن المتقدمون لهم طريقتهم في ذكر..، نعم هم يملون إملاءاً ثم يتلقاه عنهم الطلاب، ثم يذكر كل واحد يذكر روايته للكتاب، يعني كل واحد قد يضبط ويحفظ عن الإمام ما لا يضبطه الآخر، فتكون رواياتهم متنوعة، لكن لما صارت الكتب تدون بأقلام مؤلفيها على رواية واحدة ما صار الناس بحاجة إلى هذه الروايات.

البخاري له روايات كثيرة كما مر بنا، ومع ذلك لا يذكرون في صلب الكتاب؛ لأن التأليف في أول الأمر..، أنتم تعرفون أن التصنيف والكتابة للحديث كانت ممنوعة في أول الأمر ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب شيئاً سوى القرآن فليمحه)) كتب الصحابة بعد ذلك، وأجمعوا على الكتابة، ((اكتبوا لأبي شاه)) "ليس أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني حديثاً" يقوله أبو هريرة "إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" يعني فيما بعد سمح بالكتابة وأجيزت وأقرت، وأجمع عليها أهل العلم، فكتبوا شيئاً يسيراً، ثم بعد ذلك صارت تزيد قليلاً قليلاً إلى أن وصلت إلى الحد الذي نراه بين أيدينا من أمهات الكتب، فالكتابة أول ما تبدأ تبدأ قليلة، ثم بعد ذلك يتوسع فيها وينتشر العلم وتتحرر أيضاً معالم التصنيف، ما كان هناك..، الأصل في العرب أنهم أمة أمية لا يقرؤون ولا يكتبون، تحررت معالم التصنيف ثم صار التصنيف على الوضع الذي وصل إلينا، وتدرج عليه الناس، إشكالنا هنا في مسند الحميدي يقول: حدثنا الحميدي، فمثل هذا يستشكله بعض طلاب العلم، كيف مسند الحميدي؟ من الذي يقول: حدثنا الحميدي؟ الراوي عنه، ومن الذي يقول: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك؟ الراوي عنه، من الذي يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي؟ هو الراوي عنه، وسببه ما سمعتم.

حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي هنا يقول -هذا هو إسناد البخاري-: سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يخبر بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته...)) نقف عند هذا، البخاري خرج الحديث بهذا الإسناد، وليست فيه هذه الجملة، ليست فيه هذه الجملة: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) هذا موجود ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) وبهذا نعرف أن حذف هذه الجملة من الحميدي وإلا ممن؟ من سفيان وإلا من يحيى بن سعيد؟ ممن؟

طالب:........

من البخاري نفسه؛ لأنه رواه عن الحميدي، والحميدي خرجه في مسنده كاملاً، إذن الإسقاط من الإمام البخاري، وعرفنا السبب حيث أسقط هذه الجملة في الموضع الأول وذكرها في بقية المواضع.

((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) يعني احتجنا إلى تصوير هذا الموضع من الحميدي لبيان أن الإمام الحميدي -رحمه الله- رواه كاملاً من غير حذف، مما يدل على أن الذي حذفه -حذف الجملة- الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-.

خرجه الحميدي كما سمعتم، وأخرجه الإمام أحمد في المسند في موضعين من مسند عمر بن الخطاب، يعني هل البخاري يترجم عليه بأحكام باب كذا؟ لا، المسند الإمام أحمد هل يترجم بأحكام كما يترجم أصحاب الكتب الستة؟ لا؛ لأنه مسند، وطريقة المسانيد تترجم بأسماء الصحابة، ودونها..، ولذا جعل أهل العلم رتبة المسانيد دون رتبة السنن:

ودونها في رتبةٍ ما جعلا
جج

 

على المسانيد فيدعى الجفلا
جج

لماذا؟ لأن الذي يترجم بحكم شرعي، الذي يترجم بحكم شرعي يحتاج أن ينتقي أقوى ما عنده من الروايات؛ لأنه يثبت هذا الحكم الشرعي بأقوى ما يجد، بينما من يترجم لصحابي مثلاً هل يلزمه أن ينتقي أقوى ما يجد؟ ما يلزم، إنما يجمع تحت هذه الترجمة ما وقع له من الروايات عن هذا الصحابي، الإمام أحمد خرج الحديث برقم (168) في مسند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- يقول:

حدثنا سفيان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله -عز وجل- فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) كلها، كلا الجملتين: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وتقدم أنه في البخاري: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) فأعاد جواب الشرط بلفظه قالوا: للتلذذ بذكر الله وذكر رسوله، وأيضاً القصد محدد، محدد بإرادة ما عند الله -جل وعلا-، وما يرضي رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ما يرضي الله -جل وعلا-، فهو محدد فلا يؤتى به بصيغة العموم، كما جاء في قوله: ((ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) هذا عموم، الدنيا أفرادها لا يمكن حصرها هجرته إلى ما هاجر إليه من أفراد ما ينضوي تحت هذا العموم من أمور الدنيا، وتقدم أن المرأة فرد من أفراد هذا العموم عند أكثر الشراح، وأن في كلام الغزالي ما سبق نقله أنها ليست من أفراد الدنيا، وقد رد عليه أهل العلم في ذلك.

الموضع الثاني من مواضع تخريج الحديث، أو من موضع تخريج الحديث في المسند: في رقم ثلاثمائة، يقول: حدثنا يزيد قال: أنبأنا يحيى بن سعيد، أن محمد بن إبراهيم أخبره أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس وهو يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

يعني اختلف الشيخ، في الموضع الأول من حديث سفيان، والموضع الثاني من حديث يزيد، يزيد بن هارون، في حديث سفيان قال: ((فمن كانت هجرته إلى الله -عز وجل- فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ومعروف أنه عن سفيان في الصحيح في البخاري: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) لفظ سفيان: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) وهنا لفظ يزيد: ((فهجرته إلى الله وإلى رسوله)) يعني الأولى أن يكون الموضع الأول: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) كما في البخاري مما يدل على أن الرواة يتوسعون في مثل هذا ما لم يخل بالمعنى، ما لم يخل بالمعنى، هناك دقائق يختلف فيها لفظ من لفظ لا تؤثر في المعنى العام على الحديث، لا تنقض معنىً رواه الثقات الأثبات، وإنما إما لطيفة مثل ما قالوا: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) صرح بذكر الله ورسوله من أجل التلذذ بلفظ الجلالة وبلفظ الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أو لأن المقصد واحد والهدف واحد فيكون محدداً، بخلاف المقاصد الدنيوية فباعتبارها متنوعة فيقول: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) لأنه لا يمكن حصرها، هذه المعاني الدقيقة تؤثر في المعنى العام للحديث؟ لا تؤثر، ولذلك ما ينتقض كلام أهل العلم في إجازتهم للرواية بالمعنى بمثل هذا التغيير، بمثل هذا التغيير، ولذلك الإمام أحمد يرويه مباشرة عن سفيان، يعني إذا قلنا: هل نستطيع أن نضعف هذا اللفظ وهو في المسند؟ السند كالشمس، يعني ما في وسائط يمكن تضعيفها، الإمام أحمد إمام جبل من جبال الحفظ والإتقان والدين والورع، عن سفيان مباشرة الذي خرج عنه البخاري الحديث في صحيحه، فما يمكن أن تضعف هذه الرواية، يعني إذا قارنا الإمام أحمد الذي خرج هذا اللفظ بالحميدي الذي خرج اللفظ الثاني هل نقول: إن الحميدي أفضل من الإمام أحمد أو العكس؟ يعني إذا أردنا أن نفاضل أيهما أقوى هذه اللفظة التي خرجها الإمام أحمد عن سفيان، أو اللفظ الذي في البخاري خرجه البخاري من طريق الحميدي عن سفيان؟ أقوى، من حيث المعنى عرفنا أن ما أثبته البخاري من حيث المعنى أقوى؛ لأنه يشتمل على معنىً زائد، لكن إذا أردنا أن نرجح نقول: هذه أرجح لأن فيها معنىً زائد هذا ما فيه إشكال، لكن إذا أردنا أن نرجح باعتبار الإسناد هل نقول: الإمام أحمد؟ مسألة علو، علو ونزول العلو بتقدم الزمن لا يفيد، العلو بتقدم الزمن لا يفيد، إنما العلو بقلة الوسائط، العلو بقلة الوسائط، إيش معنى هذا؟ يعني لو أن يحيى بن سعيد له مصنف ثم قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي قال: سمعت الليثي.. إلى عمر نقول: هذا ثلاثي وفي البخاري خماسي إذاً هو أقوى.

مسألة تقدم الزمن غير قلة الأسانيد مع تأخر الزمن، يعني سباعيات البخاري مثل ثمانيات أو تساعيات الحافظ العراقي؟ أيهما أعلى؟ عشاريات الحافظ العراقي أو ما يرويه الحافظ العراقي بواسطة اثنا عشر والإمام البخاري بواسطة سبعة أو ثمانية متساوية؛ لأن الزمن له حظه من النظر، له حظ، لا يمكن أن يصل إلى العراقي بهذه المسافة، نعم وافق البخاري له تساعيات، وفي البخاري حديث تساعي، هل نقول: إن هذه موافقة؟ ما يمكن نقول: هذه موافقة، لماذا؟ الزيادة في الإسناد اضطر إليها بسبب تأخر الزمان، فلا نقول: إنه أرجح لأنه أعلى، لا نقول: أرجح لأنه أعلى، إنما الترجيح بكون اللفظ خرج في كتابٍ تلقته الأمة بالقبول، وكررنا مراراً أنه لا يمكن الترجيح بين حديث رواه البخاري في صحيحه وبين حديث صححه إمام من أئمة الحديث ولو كان جبل مثل الإمام أحمد، والتصحيح ليس في صحيح البخاري، يعني ما يمكن أن نرجح بين صحيح البخاري وبين غيره من الكتب، وضربنا مثال: في حديث ابن عمر في رفع اليدين بعد الركعتين بعد التشهد، الإمام أحمد رجح الوقف، والبخاري رجح الرفع، هل نقول: إن الإمام أحمد أرجح من البخاري أو هما سيان فنقول: الإنسان مخير؟ أو نقول: ما وجد في صحيح البخاري أقوى للتلقي؟ ولو صحح البخاري الحديث خارج الصحيح نظرنا في الأرجح، لكن داخل الصحيح ما يمكن أن نرجح.

طالب:.......

ظهر شروح إلى الآن لم تكمل، ما كملت.

طالب:......

ما في شك أن كل شرح يساهم، لكن شرح يأتي على جميع الإشكالات ما زلنا بحاجة إليه، يعني من سمع الإشكالات التي أوردناها في شرح كتاب: المناسك من صحيح مسلم عرفها، نعم؟

طالب:.......

الإشكال الذي أورده المستشكل في أننا لا نستطيع أن نوازن بين الروايتين باعتبار أن البخاري تصرف وحذف، تصرف في رواية الحميدي وحذف، نقول: ليس كلامنا في الإمام الحميدي إنما الكلام في سفيان، سفيان في المواضع الأخرى ((فهجرته إلى الله ورسوله)) يعني الإمام أحمد يرويه عن سفيان وقال: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) يرويه عن سفيان، فقال: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) والإمام البخاري يرويه عن سفيان بن عيينة وسفيان الثوري كلاهما؛ لأنه احتمال أن يقول قائل: إن سفيان هنا هو الثوري، مع أنه لا يمكن لأن إدراك الإمام أحمد -رحمه الله- حيث ولد سنة مائة وواحد وستين، وسفيان الثوري سنة مائة وثمان وستين، هاه؟

طالب:.......

نعم أربعة وستين الإمام أحمد، المقصود أنه ما أدركه، فالمقطوع به أنه سفيان بن عيينة، ولفظ سفيان بن عيينة كما في البخاري: ((فهجرته إلى الله ورسوله)) وفي المسند: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) إذا نظرنا أردنا أن نرجح باعتبار الرواة ووضعنا الإمام أحمد كفة والبخاري في كفة اعتدل، يعني هما من الأئمة اللي لا يمكن الترجيح بينهم باعتبار قوة الحفظ والضبط والإتقان، لكن يبقى أن ما خرجه الإمام البخاري وما صححه الإمام البخاري في صحيحه لا يعادل بأي تصحيح كان، اللهم لو أن البخاري صحح هذا الحديث فيما نقل عنه، لو قال: الترمذي سألت محمد بن إسماعيل فقال: كذا، نعم لنا أن نوازن بين تصحيح البخاري في الترمذي، وتصحيح الإمام أحمد، أما ما ذكره البخاري في صحيحه فلا يمكن أن يعدل به شيء، نعم؟

طالب:........

إيش؟

طالب:........

إيه، إيه هو في الموضع الثاني حينما رواه عن يزيد نعم حينما رواه عن يزيد رقم ثلاثمائة....، قال: ((فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله)) نعم، الموضع الأول حينما رواه عن سفيان مثل ما ذكرنا، ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

طالب:.......

الله أعلم، هذا ما نص عليه، نحتاج إلى أن نتتبع الكتب الأخرى، فإن نقل عن سفيان بهذا اللفظ قلنا: إن سفيان مرة يرويه كذا ومرة يرويه هكذا، وإذا لم نجد غلب على الظن أن التصرف من الإمام أحمد، نعم إذا لم نجد هذا اللفظ مروي عن سفيان من غير طريق الإمام أحمد، يعني إن وجدناه بهذا اللفظ: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) مروي عن سفيان في ديوان آخر من دواوين الإسلام قلنا: إن سفيان مرة يرويه هكذا ومرة يرويه هكذا، وإذا لم نجد غلب على الظن أنه من تصرف الإمام أحمد.

الحديث أيضاً خرجه ابن جارود، والقضاعي في مسند الشهاب، والبيهقي في السنن الكبرى من طريق سفيان أيضاً بهذا الإسناد، طريق سفيان عن يحيى بن سعيد.. إلى آخره.

وأخرجه مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن كما سبق ذكرها، وابن المبارك في الزهد، والطيالسي، والإمام أحمد في الموضع الثاني من طريق يزيد، هناك من طريق سفيان، التخريج الأول من طريق سفيان، والبزار، وابن الجارودي أيضاً، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن حبان، والدارقطني في السنن، وفي العلل، وأبو نعيم في الحلية، وفي أخبار أصفهان، والقضاعي، والبيهقي في سننه، وفي المعرفة، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والبغوي في شرح السنة من طرق، يعني إضافة إلى ما ذكرنا من تخريج الإمام البخاري في مواضع أخرى، وتخريج الإمام مسلم من طرق متعددة، وبقية السنن من طرق كثيرة عن يحيى بن سعيد الأنصاري؛ لأنه انتشر عنه انتشاراً بالغاً.

وبهذا نكون انتهينا من شرح الحديث على هذا الوجه الذي أرجو ألا يكون مخلاً في اختصاره، وإلا فالحديث يحتمل أكثر من ذلك، وما أدري هل نستطيع أن نكمل شرح الحديث الثاني؟ لأن الامتحانات أزفت أو لا نستطيع؟ لأن شرح الأحاديث اللاحقة تختلف اختلاف كبير عن شرح الحديث الأول.

الأحاديث اللاحقة موضوعاتها محصورة في بابها، يعني ما هي متشعبة الموضوعات، يعني هذا الحديث لو شرح في سنة أو سنتين ما هو بكثير، يعني لو أن إنسان صنف في شرح الحديث وأدخل العلم كله في هذا الحديث، يعني كما صنع الوزير ابن هبيرة حينما شرح حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) أدخل الفقه كله في شرح هذا الحديث، ومن شرح حديث: (الأعمال بالنيات) كل جزئية من جزئيات العلم يمكن أن تدخل في شرح هذا الحديث، لكن اقتصرنا على شيء من الكليات التي يستدل بها على باقي المسائل، ونكون بهذا انتهينا من هذا الحديث، وأما بقية الأحاديث لن تشرح بهذه الطريقة، لماذا؟ لأن كل حديث في موضوع خاص، له دلالته الأصلية على موضوعه الخاص، قد يكون هناك دلالات فرعية يشار إليها في وقتها، ومعلوم الخلاف بين أهل العلم في حكم الاستدلال بالنصوص على الدلالات الفرعية التبعية غير الدلالات الأصلية، وهذه مسألة تعرضنا لها في درس الموافقات، وذكرناها في المناسبات، يعني الخلاف في الاستدلال بالنصوص على الدلالات الفرعية التبعية، ولا شك أنها إذا لم تعارض بما هو أقرب منها للدلالة الأصلية فإنها حينئذٍ تكون معتبرة، ولذا نجد أهل العلم نجد أهل العلم يستنبطون من الآية والحديث أحكام متعددة، لكن إذا عروضت هذه الدلالة التبعية بما هو أقوى منها فإننا حينئذٍ لا نلتفت إليها، ولذا يكون القول المرجح في هذه المسألة أننا لا نستدل بها مطلقاً، ولا نرفضها مطلقاً، وإن كان ميل الشاطبي إلى عدم الاستدلال بها، ويمكن توجيه كلام الشاطبي في الدلالة التبعية مقصوده بذلك المعارضة بدلالة أصلية، وأما الدلالة التبعية الفرعية التي لا تكون معارضة بدلالة أصلية فإنها معتبرة على كل حال، نعم؟

طالب:........

الدلالة خلنا نضرب مثال: يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) قال من قال: إن الحائض تقرأ القرآن، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((افعلي ما يفعل الحاج)) والحاج يقرأ القرآن، هذه دلالة تبعية وليست أصلية، لكن لو لم يوجد ما يعارض هذه الدلالة، وإن كان في كلام لأهل العلم يمكن اعتبارها، وإن كان محل النزاع لا يدخل في عموم ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يفعله الحاج، نعم؛ لأن الحاج يفعل أشياء وكل حاج يفعل أشياء تناسبه لا يفعلها غيره، وليست من الأعمال التي يفعلها جميع الحاج، يعني لو كانت من الأعمال المطلوبة للنسك قلنا: تدخل فيما يفعله الحاج، تدخل فيما يفعله الحاج، يعني استدلال الحنفية على أن وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل كل شيء مثليه بحديث: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً إلى الزوال بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بدينارين، فقال أهل الكتاب: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) يقول: كيف يتم استدلال النصارى الذين عملوا إلى منتصف النهار هذا المثل لليهود والذين عملوا إلى دخول وقت العصر هذا مثل النصارى، والذين عملوا إلى غروب الشمس مثل المسلمين؟ فكيف يقول النصارى: نحن أكثر عملاً ووقت الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثله؟ هذا لا يمكن؛ لأنه إنما يكونون أكثر عملاً إذا قلنا: إن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثليه، هذه دلالة تبعية، إذا سلمت فهي دلالة تبعية لم يورد الحديث من أجلها، لم يورد الحديث من أجلها، وإنما أورد لبيان فضل هذه الأمة، وأيضاً هذه الدلالة يعني مقابلة بدلالة أصلية وهي حديث عبد الله بن عمرو: "ووقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله" وغيره من الأحاديث، المقصود أن الدلالة التبعية إذا عورضت بدلالة أقوى منها فإنها حينئذٍ تكون غير معتبرة، وإذا لم تعارض فيمكن أن يستنبط من الخبر أحكام وآداب وأشياء، ويزيد بعض أهل العلم في الاستنباط، وكم ترك الأول للآخر! ورب مبلغ أوعى من سامع، نعم يستنبط من..، ما زال العلماء يستنبطون من الأدلة أحكام زائدة على ما تقدم من النوازل وغيرها.

طالب:........

هم يريدون بالدلالة الأصلية ما سيق الخبر لأجله، وما يدرك من لفظه ومفهومه القريب، هناك مفاهيم تدرك لكنها بعيدة، يعني مثل ما فهم الحنفية من هذا الحديث: ((إنما مثلكم)) أن وقت العصر يمتد، يعني يمكن يخطر على بال أحد قريب الفهم نعم، يعني قد يضطر الإنسان وهذا نجده يعني إلى أن يتكلف دلالة من خبر يعني ينازع فيها، يعني قد تلوح لبعض الناس لا سيما إذا احتاج إلى ذلك نصرة لمذهب له، يعني حين يوغل الإنسان في الاستنباط بواسطة الدلالة الفرعية إذا اضطر إلى هذا وضاق عليه المسلك إلا من هذه الوجهة، وهذا موجود كثير في كلام كثير من أهل العلم في الشروح وفي التفاسير تجدهم لا سيما أهل الأهواء يرتكبون مثل هذه الأمور، وأتباع الأئمة أيضاً ممن ابتلي بالتعصب تجده يسلك مثل هذه الأمور، ويترك الأشياء الواضحة؛ لأن بعضهم يسلك الأشياء المشتبهة، يذهبون إلى المتشابه ويتركون المحكم من أهل الأهواء بهذا السبب، نعم؟

طالب:........

نعم مثله، مثله، التعلق بأستار الكعبة قال بعضهم بجوازه؛ لأن عبد الله بن خطل تعلق بأستار الكعبة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد أمر بقتله، قد أمر بقتله، قال بعضهم: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليه.

الحديث سيق لأن مثل هذا يقتل في الحل والحرم، وأنه لا ينفعه التعلق بأستار الكعبة، ولا ينفعه وجوده في الحرم، نعم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اقتلوه ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة)) ولم يورد النص لبيان حكم التعلق بأستار الكعبة، طيب ما المعارض لهذه الدلالة التبعية؟ المعارض حماية جناب التوحيد بنصوص كثيرة، نعم، المقصود أنه حماية جناب التوحيد، وهذا فرد من أفرادها، هذا فرد من أفرادها، نعم؟

طالب:......

يعني عموماً لا يتعلق بالدلالات.

طالب:......

يعني الخطوات، يعني لو نظرنا في مناهج العلماء في شروح الحديث، وجدنا منهم من يشرح شرحاً تحليلياً ومنهم من يشرح الأحاديث شرحاً موضوعياً، وهذا له ما يسنده، وهذا له ما يؤيده، منهم من يشرح على ترتيب الألفاظ فيما يراد شرحه، شرحاً مزجياً، ومنهم من يرتب شرحه على الفنون، يعني مثل العيني يرتب على الفنون، يبدأ بالرجال، أولاً: يبدأ بالمناسبة ثم الرجال ثم يبدأ بفنون العربية من المعاني والبيان والبديع والإعراب وما أشبه ذلك، ثم يشرح الغريب، غريب الحديث، ثم يتكلم على أحكامه، ثم يأتي بالأسئلة والإشكالات، هذا ترتيب لو وجد في الكتاب كله لصار الكتاب متميزاً بهذه الطريقة، لكنه وجدت في الربع الأول ثم خف جداً في الربع الثاني، ثم النصف الأخير يعني ما فيه شيء من هذا إلا القليل النادر، بحيث صار أشبه ما يكون بالحاشية، وهي طريقة ترتب المعلومات، الشروح المزجية التي يوضع فيها أفراد وألفاظ المتن مفردات المتن بين قوسين ثم يسبك معها الشرح، بحيث لو أزيلت هذه الأقواس، لظن الكتاب واحد، يعني تفسير الجلالين مثلاًَ تستطيع أن تقرأ المفردات والجمل من القرآن مع ما يليها من كلام المفسر ما تشعر بأن هناك فواصل إلا أن القرآن معروف ومحفوظ في النفوس لا يمكن أن يختلط بغيره، فلو رأينا بعض..، مثلاً الروض المربع، الروض المربع لا تكاد تميز المتن من الشرح لو أزيلت الأقواس، شرح القاموس كذلك، كثير من الشروح على هذه الطريقة، لا يستطيع طالب العلم لو أزيلت هذه الأقواس أن يميز كلام الماتن من كلام الشارح، هناك من يميز قوله كذا ثم يشرح، وهذا أقرب ما تكون إلى الحواشي، وهي التي يقولون عنها: أنها تبدأ بالقولات، الحواشي إنما تبدأ بقوله كذا، وأما الشروح المرتبة على الفنون مثل شرح العيني فطريقة جميلة وفذة وترتب المعلومات في الذهن، لكن ما يوجد شرح متكامل بهذه الطريقة.

هناك من يفسر القرآن على طريقة تعليم الطلاب فتجده المفردات، المعنى الإجمالي، الفوائد، ووجد للطلاب من يشرح الأحاديث بهذه الطريقة في التعليم النظامي المتأخر، يعني يشرحون الأحاديث يذكرون المفردات، وترجمة الراوي، مفردات الحديث، المعنى الإجمالي، فوائد الحديث، ويوجد في تفسير المراغي بهذه الطريقة، لكنها لا تحس أنها طريقة متينة لتربية طلاب العلم على طريقة أهل العلم، تجده في المعنى الإجمالي قد يأتي بألفاظ مترادفة وأشياء اضطره المنهج الذي اختطه لنفسه، وإلا إذا بين هذا في المفردات ثم مر على بيان ذلك مزيد بيان ذلك في الأحكام لما يتطلبه الأحكام من مزيد بيان ما احتجنا إلى معنى إجمالي.

طيب الاختبارات متى تبدأ؟ كم باقي عليها؟ شهر؟ شهر؟

طالب:........

طيب شهر، هاه؟

طالب:.......

الشهر فيه ثمانية، طيب إذا قلنا: شهر قلنا: بالعادة نقف أسبوعين، أسبوعين.

طالب:.......

ما تصفي للطلاب أربعة أبداً، الجامعة تبدأ بثلاثة أسابيع، ستة، ثلاثة هي، الجامعات ثلاثة أسابيع، هاه؟

طالب:.......

كم؟

طالب:.......

يقدمون، يقدمون أسبوع أنا أعرفهم.

طالب:.......

لا أنا أريد أن أستغل الأسبوعين الأخيرين لإكمال الألفية، بقي فيها شيء يسير ودنا نكمله، نعم ألفية العراقي، الدروس هذه غير المنتظمة ما يهمنا أن الطلاب يروحون اختبارات ويجلسون، لكن البخاري مشكلة أن الطلاب مرتبطين باختبارات.

طالب:........

لا، أنا ما عندي إشكال ممكن نشرح حديث، حديث عائشة اللاحق، ممكن نشرحه بأربعة دروس أو كذا، نعم، ثم الباقي للألفية، والله المستعان.

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"