كتاب بدء الوحي (051)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا سؤال يتكرر كثيرًا يقول: صدم شخص سيارتي وبحسب تقرير المرور يتحمل كافة إصلاحات السيارة، وعند مراجعة شركة التأمين التابع لها صُرف لي تعويض وقدره أربعة وخمسون وثمانمائة وألف ريال، وذلك بعد الرجوع إلى تقديرات الورش، وتم إصلاح السيارة بمبلغ ثمانمائة وخمسين، يعني زاد من المبلغ الذي اتخذه من شركة التأمين ألفي ريال، فهل علي إرجاع باقي المبلغ إلى صاحبه أو شركة التأمين التابع لها أو أحتفظ بالمبلغ؟ أوّلًا الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة هو الأرش، أن تُقوِّم السيارة قبل الحادث وبعده، فكونها تُقوّم بما تُصلح به هذا فيه حيف، بعض السيارات إذا صُدمت يتم إصلاحها بألف ريال، لكن تنزل قيمتها عشرة آلاف؛ لأنها مصدومة، فالآن إذا كانت سيارتك قيمتها بعد الصدمة تنزل عن قيمتها قبل الصدمة بهذا المبلغ لا ترجع شيئًا، وإن كانت قيمتها لا تنزل شيئًا كثيرًا أو بقدر ما تنزل، يعني أنت قوِّم السيارة قبل، وقوِّمها بعد، ثم بعد ذلك خذ نفس المبلغ الذي هو الأرش، وقد تُقوّم بثلاثين ألف قبل الصدمة ثم بعد الصدمة وبعد الإصلاح أيضًا تقوّم بخمسة وعشرين، فلا ترجع شيئًا في مثل هذه الحالة؛ لأنك خسران على أي وجه، فالحكم الشرعي في مثل هذه الحالة هو الأرش فتقوم السيارة قبل الحادث وبعد الحادث، ويكون لك الفرق.

طالب:...

لا الشركة، من مال الشركة.

طالب:...

لا لا، الكلام على الحكم، الكلام على الحكم.

طالب:...

سواء قوّمها قبل أو بعد المقصود أنه يُقوِّمها.

طالب:...

أين؟ هو ما أخذ، هو أحاله، هو خصمه الذي صدم، فهذا الذي صدم هو أحاله على الشركة حوالة.

طالب:...

هذا المُؤمِّن.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فانتهى الكلام على تراجم الرواة بالنسبة للحديث الخامس، ومناسبة الحديث حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُعالج من التنزيل شدة إلى أن نزل قوله -جل وعلا-: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16]، كان يعالج وكان يُحرِّك لسانه وشفتيه، كان وكان في الماضي وهو مناسب جدًّا لبدء الوحي؛ لأنه بعد أن نزلت هذه الآية، والآية من سورة مكية، فكان هذا في أول الأمر هو مناسب جدًّا لبدء الوحي، في قوله تعالى عن ابن عباس في قوله تعالى أي في تفسير قوله تعالى أو في معنى قوله تعالى أو فيما يتعلق بقوله تعالى.

 وسبب النزول يعدونه من التفسير، وهو في حكم المرفوع عند أهل العلم؛ لأن الحاكم جزم بأن تفسير الصحابي مرفوع، جزم بأن تفسير الصحابي مرفوع لكن أهل العلم قالوا: إن كلام الحاكم محمول على أسباب النزول.

 وعدوا ما فسره الصحابي       رفعًا فمحمول على الأسباب

 لماذا؟ لأن السبب الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيه طرف؛ لأن النازل إنما ينزل على النبي- عليه الصلاة والسلام-.

في قوله تعالى في رواية الأصيلي عز وجل بدل قوله تعالى، والخطب في هذا سهل، فلو لم يذكر أصلاً لا تعالى ولا عز وجل للراوي وللمحدِّث وللناقل من الكتاب أن يضيف؛ لأنه ليس من باب الرواية، وإنما هو من باب الثناء على الله -عز وجل-، ومثله الصلاة على النبي- عليه الصلاة والسلام-، ومثله الترضي عن الصحابة رضوان الله عليهم، لو لم تجد عن ابن عباس في قوله تعالى، لو قلت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- تكون زدت في صحيح البخاري؟ لا؛ لأن هذا ليس من باب الرواية، وإنما هو من باب الدعاء، ومثله لو أضفت بعد كل راوٍ من الرواة: رحمه الله، هذا لا مانع منه ولو لم يوجد في الأصل.

في قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة:16] أي بالقرآن الكريم، هذه الآية {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] في مناسبتها لما قبلها من الآيات إذا تصورنا الآيات التي قبلها يعني أقرب الآيات مثلاً {كَلَّا لا وَزَرَ. إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ. يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ. بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ. لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] تظهر مناسبة بين هذه الآية والتي قبلها؟

طالب:...

ما تظهر، من أهل العلم من يتكلف المناسبات، وألّف برهان الدين البقاعي كتابًا في المناسبات بين الآيات والسور اسمه: نظم الدرر، طبع في اثنين وعشرين مجلدًا، كتاب كبير في كثير منه تكلف، وكثيرٌ منه أيضًا فيه ما هو ظاهر، وفي بعضه ما هو براعةٌ من المؤلف، براعة من المؤلف، يعني أمور قد لا تخطر على بال طالب العلم، وبرع في إيجاد المناسبات والربط بين الآيات والسور، لكن منها ما هو تكلف بلا شك. الشوكاني -رحمه الله تعالى- يرى أن هذا العمل عبث، وأنه لا مانع أن تُذكر الآية بعد آية قبلها لا تمُت لها بصلة من حيث المعنى، وأن القرآن ينتقل من أسلوب إلى أسلوب بحسب الحاجة، ولا ينظر لا من قريب ولا من بعيد إلى الرابط، هذا كلام الشوكاني في أوائل تفسيره، ونعى على البقاعي ورأى أنه أضاع عمره فيما لا ينفع ولا يفيد، وأنه إذا التزم بأن هناك مناسبات وروابط ثم عجز عن إيجاد الرابط أوجد الخلل في القرآن والمناسبات.

يعني الإنسان إذا عجز مثلاً قال: إن القرآن كله مرتبط بعضه ببعض، ثم انبرى لذلك، وعجز ماذا يقول القارئ مثلاً أو المُغرِض دع من الممتثل؟ الممتثل لا يقول شيئًا في كلام الله -جل وعلا-، يقول هذا الكلام الذي تقولونه مترابط، الشوكاني -رحمه الله- يقول: إن هذا أسلوب مألوف عند العرب، ينتقلون من قصة إلى قصة، ومن موضوع إلى موضوع لا رابط بينها، وذكر أمثلة من أساليب العرب في أوائل التفسير، يعني في الخمسين الصفحة الأولى من فتح القدير، الآن نسيت الآية التي يتحدث فيها.

طالب:...

لا، هو خطاب لبني إسرائيل يعني أول خطاب لبني إسرائيل.

طالب:...

نعم، أول موضع فيه ذكر لبني إسرائيل في القرآن، المقصود أن الحق مع الشوكاني أم مع البقاعي، وإذا التزم الإنسان بشيء هل يلزمه أن لا يختلّ نظامه فيما قرره، أو أنه يبدأ المشروع ثم يأتي من يُكمل؟ يعني في تصنيف الموطأ الذي هو من أوائل المصنفات إذا قارنته بتصنيف البخاري أو من جاء بعده تجد شيئًا من النقص، ثم جاء من يكمل، هذه المشروعات لا شك أنها تبدأ على مستوى المصنف، والبشر مهما كانوا لا بد أن يقع الخلل في كلامهم، والخلل الذي يقع في مثل هذا الكتاب إنما يضاف لمؤلفه، إنما يضاف لمؤلفه لا للقرآن، كونه يعجز البشر كلهم تُحدُّوا أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فالقرآن معجز بلا شك، وكونه يتصدى لهذا الموضع لا شك أن الكتابة في المناسبات مما يعين على فهم القرآن وعلى تدبره، لكن لا يتصور في شخص أن يفي بكل شيء في هذا الباب.

 الآية التي معنا {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] يقول الرازي في تفسيره، ولم أبحث يعني هذه السورة هل هي من تفسير الرازي نفسه أو مما أُتم به التفسير؛ لأن تفسير الرازي حصل فيه نقص اختُلف فيما وصل إليه الرازي في تفسيره ثم أُكمل، على اختلاف بين أهل العلم في الحد الذي وصل إليه من القرآن في تفسيره، ثم أكمل، منهم من يقول: إن النقص يسير، ومنهم من يقول: يعدل ربع القرآن أو أكثر.

 على كل حال في تفسير الرازي يقول: قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16]  فيه مسائل المسألة الأولى: زعم قومٌ من قدماء الروافض أن هذا القرآن قد غُيِّر وبُدِّل وزيد فيه ونُقص، واحتجوا عليه بأنه لا مناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها، ولو كان هذا الترتيب من الله تعالى لما كان الأمر كذلك. هذا الكلام ناشئ عن تدبر القرآن {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}[النساء:82] نعم هذا كلام من لم يذعن لله ولم يسلم لله، ولم يسلم الإسلام الحقيقي الذي هو الاستسلام لله -جل وعلا-، ولو كان هذه حقيقة من قال هذا الكلام لقال سمعنا وأطعنا، وأعاد القصور أو التقصير لنفسه، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}[النساء:82]، وهذا يقول زعم قوم من قدماء الروافض أن هذا القرآن قد غُيِّر وبُدِّل عقيدتهم هذا عندهم وألّفوا فيه، ألفوا في نقص القرآن وفي تغيير القرآن، وفي تبديله ما ألفوا ما مسألة سر، ليس سرًّا، هذا عندهم من عقيدتهم، قد غُيّر وبدل وزيد فيه ونقص عنه واحتجوا عليه بأنه لا مناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها، ولو كان هذا الترتيب من الله تعالى لما كان الأمر كذلك.

يقول المُفسر: واعلم أن في بيان المناسبة وجوهًا، واعلم أن في بيان المناسبة وجوهًا، أولها: يحتمل أن يكون الاستعجال المنهي عنه إنما اتفق للرسول عليه السلام عند إنزال هذه الآيات، عند إنزال هذه الآيات، عند إنزال هذه الآيات القارئ ما يدري عن الذي حصل، يعني مثل ما يقال والشيخ يشرح الدرس في كلام متسلسل ثم يتحرك طالب أو يتصرف تصرفًا غير مناسب فيقول له جملة مناسبة له، ثم يستمر في كلامه، وهذا يبين في الأشرطة ما يبين في الدروس في الأشرطة يأتي كلام ما يدري السامع كيف جاء هذا الكلام.

 يقول: واعلم أن في المناسبة وجوهًا أولها: يحتمل أن يكون الاستعجال المنهي عنه إنما اتفق للرسول عليه السلام عند إنزال هذه الآيات عليه فلا جرم نُهي عن ذلك الاستعجال في هذا الوقت وقيل: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] وهذا كما أن المدرس نفس الكلام، كما أن المدرس إذا كان يلقي على تلميذه شيئًا فأخذ التلميذ يلتفت يمينًا وشمالاً فيقول المدرس في أثناء ذلك الدرس: لا تلتفت يمينًا ولا شمالاً ثم يعود إلى الدرس فإذا نقل هذا الدرس مع هذا الكلام في أثنائه فمن لم يعرف السبب يقول إن وقوع تلك الكلمة في أثناء ذلك الدرس غير مناسب، ولكن من عرف الواقعة علم أنه حسن الترتيب. وثانيها أنه تعالى نقل عن الكفار أنهم يحبون السعادة العاجلة وذلك هو قوله: {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}[القيامة:5] ثم بيّن أن التعجيل مذموم مطلقًا حتى التعجيل في أمور الدين العجلة من الشيطان، يعني حتى في الجهاد الذي يتطلب شيء من العجلة في بعض الأحوال والصور لأنها أمور آنية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول لعلي: «انفذ على رسلك» يعني لا تستعجل، ثم بين أن التعجيل مذموم مطلقًا حتى التعجيل في أمور الدين فقال: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] قال في آخر الآية: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}[القيامة:20] وثالثها: أنه تعالى قال: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}[القيامة:14] فها هنا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يظهر التعجيل في القراءة مع جبريل وكان يجعل العذر فيه خوف النسيان، فكأنه قيل له إنك إذا أتيت بهذا العذر لكنك تعلم أن الحفظ لا يحصل إلا بتوفيق الله وإعانته، فاترك هذا التعجيل واعتمد على هداية الله تعالى، وهذا هو المراد من قوله: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}[القيامة:17]، ورابعها كأنه تعالى قال: يا محمد إن غرضك من هذا التعجيل أن تحفظه وتبلغه إليهم لكن لا حاجة إلى هذا فإن الإنسان على نفسه بصيرة وهم بقلوبهم يعلمون أن الذي هم عليه من الكفر وعبادة الأوثان وإنكار البعث منكر باطل فإذا كان غرضك من هذا التعجيل أن تُعرفهم قبح ما هم عليه ثم إن هذه المعرفة حاصلة عندهم فحينئذٍ لم يبق لهذا التعجيل فائدة فلا جرم قال لا تحرك به لسانك. وهذا بعيد يعني فيه بُعد، وخامسها أنه تعالى حكى عن الكافر أنه يقول: أين المفر، ثم قال تعالى: {كَلَّا لا وَزَرَ. إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}[القيامة:12] فالكافر كأنه كان يفر من الله تعالى إلى غيره فقيل لمحمد إنك بطلب حفظ القرآن تستعين بالتكرار وهذه استعانة منك بغير الله فاترك هذه الطريقة واستعن في هذا الأمر بالله فكأنه قيل إن الكافر يفر من الله إلى غيره وأما أنت فكن كالمضاد له فيجب أن تفر من غير الله إلى الله وأن تستعين في كل الأمور بالله حتى يحصل لك المقصود، على ما قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}[القيامة:17]، وقال في سورة أخرى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه:114] أي لا تستعن في طلب الحفظ بالتكرار بل اطلبه من الله تعالى. وسادسها ما ذكره القفّال وهو أن قوله: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] ليس خطابًا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل هو خطاب مع الإنسان المذكور في قوله: {يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ}[القيامة:13] فكأن ذلك الإنسان فكان ذلك للإنسان حال حال ما ينبؤ بقبائح أفعاله وذلك بأن يعرض عليه كتابه فيقال له: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء:14] فإذا أخذ القراءة تلجلج لسانه من شدة الخوف، وسرعة القراءة، فيقال: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] فإنه يجب علينا بحكم الوعد أو بحكم الحكمة أن نجمع أعمالك عليك وأن نقرأها عليك فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه، بالإقرار بأنك فعلت تلك الأفعال ثم إن علينا بيان أمره وشرح مراتب عقوبته، وحاصل الأمر من تفسير هذه الآية أن المراد منه أنه تعالى يقرأ على الكافر جميع أعماله على سبيل التفصيل وفيه أشد الوعيد في الدنيا، وأشد التهويل في الآخرة ثم قال القفّال: فهذا وجه حسن ليس بالعقل ما يدفعه وإن كانت الآثار غير واردة به. وأقول إن الآثار واردة بخلافه، الآثار واردة بخلافه حديث ابن عباس يرد هذا، وهو خطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني هذا الكلام فيه في بعضه قوة، يعني كلام الرازي في بعضه قوة، وبعض المتوسطين من طلاب العلم إذا سمعوا مثل هذا الكلام قد يفتنون بمثل هذا الكتاب وفيه ضررٌ عظيم على المتوسطين، يعني الطالب غير المتمكن لا يصلح له أن يقرأ في هذا الكتاب لأن فيه شُبه قوية جدًّا، لأن الرجل مذهبه أشعري وهو يُنظِّر للأشعرية وفي القدر جبري وعنده أشياء، يعني قد تمشي وقد تلزق هذه الشُبه في ذهن طالب العلم المتوسط لكن الحق يقبل ممن جاءه وهذا حق بلا شك، وفيه أيضًا فوائد ونفائس يعني ينبغي للمتمكن من طلاب العلم أن يطلع عليها، نعم هو تفسير بالرأي لكن في بعض المواطن للرأي فيها مجال، على كل حال مثل هذا الكلام يستفاد من هذا الكتاب، وجادة أهل العلم إذا خافوا من كتاب أن يتضرر به صغار الطلاب أن يبهموه في بعض الكتب أو قال بعضهم نعم، وفي بعض التفاسير أو ما أشبه ذلك، لئلا يفتتن طلاب العلم الصغار الذين لا يدركون حقيقة الأمر ولا خطر مثل هذه الشُبه التي يوردها بقوة ويجليها ثم أحيانًا يضعف في ردها قد يتضرر بها طالب العلم، على كل حال كلامه هذا جيد، ومناسب جدًّا لأن الكلام مع طائفة ضالة نفذوا من هذه الآية وعدم ارتباطها في ظاهر الأمر بما قبلها من الآيات إلى أن القرآن تطرق إليه الخلل، والله -جل وعلا- تكفل بحفظه، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، تكفل الله بذكره بحفظه فهو محفوظ بحفظ الله -جل وعلا- إلى أن يُرفع في آخر الزمان، وهناك القصة التي ذكرناها مرارًا ليحيى بن أكثم أنه دعا يهوديًا إلى الإسلام فلم يسلم، وبعد سنة جاء فأعلن إسلامه، فسأله لماذا تأخرت سنة؟ لماذا تأخرت سنة يعني يكفيك أن تتأمل أقل من السنة قال: أثناء هذه السنة عمدتُ إلى التوراة فكتبت منها نسخًا وقدمت وأخرت وزدت ونقصت وذهبت بها إلى سوق اليهود فبعتها عليهم فتلقفوها مني وقرؤها وعملوا بما فيها، ثم عمدتُ إلى الإنجيل فنسخت منه نسخًا وصنعت فيه مثل ما صنعت في التوراة، وذهبت به إلى سوق النصارى فتلقفوه مني وأخذوه، وقرؤه وعملوا بما فيه، ثم عمدت إلى المصحف إلى القرآن فغيّرت أشياء يسيرة جدًّا لا تكاد ينتبه لها إلا الحُذاق من الحُفاظ، أشياء يسيرة، وفي سوق الورّاقين عرضت النسخ التي معي كل من نظر فيها رماها في وجهي، كل من نظر فيها رماها في وجهي، فعلمت أن هذا الكتاب حق وأنه لا يتطرق إليه باطل وأنه من عند الله -جل وعلا- وأنه محفوظ، فحج يحيى بن أكثم وذكر القصة لسفيان بن عيينة في مكة، فقال هذا منصوص عليه في القرآن ما نحتاج إليه، كتابنا تكفل الله بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، وأما بالنسبة للكتب السابقة من التوراة والإنجيل استحفظوا عليها، استحفظوا عليها فلم يحفظوها، فحصل فيها التغيير والتبديل، والتغيير والتبديل والتحريف ما هو يعني شيء اجتهاد وشيء، شيء منصوص عليه في القرآن {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}[النساء:46]، المقصود أن كتابنا محفوظ ونقرؤه غضًا كما أُنزل، لم يتطرق إليه تغيير ولا تحريف وأجمع الصحابة على ما بين الدفتين فليس لأحد أن يشك أو يتطرق إليه أدنى شك في أي حرف من حروفه المثبتة بين الدفتين، يبقى القراءات التي تنقل فيما هو خارج ما بين الدفتين إن كانت أسانيدها صحيحة فلا شك أنها كانت لما كانت القراءة واسعة على سبعة أحرف، ثم اتفق الصحابة إلى بعد ذلك على نسخ ما زاد على ما بين الدفتين، ويعامل هذا المقروء المنقول عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بأسانيد صحيحة على أنه معاملة الأخبار النبوية. معاملة الأخبار النبوية فتثبت بها أحكام لكن لا تثبت بها قراءة، نعم.

طالب:...

هذه تدل على الالتزام بالأوامر من أي وجه؟ بعيد بعيد، فيه بعد. لا تحرك به أي بالقرآن الكريم، لسانك يقول الألوسي في تفسيره: الخطاب في قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة:16]  للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والضمير للقرآن لدلالة السياق الآية نحو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ}[القدر:1] يعني ولو لم يتقدم له ذكر، ولو لم يتقدم له ذكر إذا كان معلوم عند المخاطب يجوز إعادة الضمير والكناية عن شيء لم يُذكَر حتى توارت بالحجاب ما هي؟ تقدم لها ذكر ولّا ما تقدَّم لها ذكر؟ لم يتقدم لها ذكر لكن ما في عاقل يبي يشك في هذه التي توارت بالحجاب، {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة:16] للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والضمير للقرآن لدلالة السياق الآية نحو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:1] أي لا تحرك بالقرآن لسانك عند إلقاء الوحي من قبل أن يقضى إليك وحيه، لتعجل به أي لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك على ما يقتضيه كلام الحبر يعني ابن عباس في الحديث الصحيح الذي معنا، وقيل لمزيد حبك له، وحرصك على أداء الرسالة، روي عن الشعبي ولا ينافي ما ذُكر، والباء فيهما للتعدية، الآن تجدون بعض الناس حينما يقدم للصلاة مثلاً وهو حافظ لكنه ما تعوّد الإمامة يسمَع بعضهم يقرأ حتى الفاتحة والمأموم يستفتح، يستذكرها بسرعة، هذا سُمع من بعض الأئمة، من بعض من قُدم وما تعود، ثم بعد ذلك يقرأ ما يريد قراءته بعد الفاتحة في السكتة التي بين الفاتحة والتي بعدها بسرعة يقرؤها يتعجل، مع أنه لو تأنى كان أضبط له، يعني إذا قرأ القرآن وكلٌ على عادته التي تعود القراءة بالترسُل الترسل أنفع له في حفظه، والذي تعود القراءة بالعجلة إذا ترسّل ضاع، والثاني إذا استعجل ضاع، كلٌ على عادته، والأصل أن القراءة تُقرأ بالتدبر والترتيل والترسُّل على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى ما أُمر به يعني على الوجه المأمور به شرعًا. فيقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في الآية {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] يقول: هذا تعليم من الله -عز وجل- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في كيفية تلقي الوحي من الملَك فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملَك في قراءته فأمره الله -عز وجل- إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه وأن يبينه له، ويفسره ويوضحه فالحالة الأولى جمعه في صدره، الثانية تلاوته، الثالثة تفسيره وإيضاح معناه، ولهذا قال: لا تحرك به لسانك لتعجل به، أي بالقرآن كما قال: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه:114]. الرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يضمن له الحفظ كغيره من البشر قبل أن يضمن له الحفظ ويثبت في صدره ويجمع له في صدره كغيره، والإنسان الذي يستمع الكلام مرة واحدة ويطلب منه حفظه لا بد أن يلقي بنفسه بكليته ويستمع باهتمامٍ بالغ لما يلقى إليه، ثم بعد ذلك تجده يكرر الكلام لئلا ينساه، في حق الناس كلها، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ضُمن له جمعه في صدره صار يستمع وظيفته الاستماع، فإذا ذهب جبريل قرأه لأنه قال: كان بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق قرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قرأه كما قرأه، قرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني كما قرأه جبريل، لأنه ضُمن له الحفظ.

طالب:...

نعم.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

من؟

طالب:...

النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني هو المصدر بالنسبة للبشر هو المصدر، فهل يحتاج إلى أن يحفظ من غيره غير القرآن؟

طالب:...

لا، هذا من بيان إعجاز القرآن في كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يُعلَّم الشعر، ما علم الشعر، ما علمناه الشعر، ولا يعني أنه إذا سمع كلامًا أحيانًا يسمع سؤال مطول أو قصة مطولة من بعض الصحابة ثم بعد ذلك، نعم يسكت -عليه الصلاة والسلام- انتظارًا للوحي، إذا سُئل يسكت انتظارًا للوحي كما قول عامة الشُرّاح أو ليربي من يُسأل بعده ليتأمل في السؤال؛ لأن بعض الناس إذا سئل أجاب بسرعة قبل أن يكمل السؤال فيقع الخلل في كلامه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كونه يسمع السؤال من أول مرة ثم يجيب عليه وقد يكون فيه طول ويسمع القصة ويرد حافظته -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للبشر حتى في غير القرآن. نعم.

طالب:...

كان جبريل يدارسه القرآن، يدارسه القرآن أوّلًا ليسُن المدارسة في أمته -عليه الصلاة والسلام-، الأمر الثاني: ليترتب ما نزل في هذه السنة قبل رمضان مع ما نزل قبله، ولذلك القرآن الذي دارسه فيه جبريل في آخر سنة مرّتين أكمل من القرآن الذي دارسه فيه قبل تلك السنة؛ لأنه نزل في أثناء المدة التي بين الرمضانين قرآن ما كان موجودًا قبل ذلك، والمقصود أن المدارسة لها فوائد كثيرة جدا منها ولو لم يكن منها إلا أن هذه سُنَّة، مدارسة القرآن في ليالي رمضان سُنَّة.

طالب:...

السورة مكية ومن أوائل السور. قال هنا في قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] قال، من القائل؟ ابن عباس نعم الحبر ابن عباس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لفظة كان بمثل هذا التركيب تفيد الاستمرار يعني قبل أن ينزل الآية في كل مرة يفعل هذا، تفيد الاستمرار وأعاده في قوله: وكان مما يحركه كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحركه، أعاد كان مرة ثانية وأعاده في قوله: وكان مما يحرك مع تقدمه في قوله: كان يعالج لطول الكلام، كما في قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ}[المؤمنون:35] أعاد أنكم مرة ثانية لطول الكلام. يعالجُ يعالجُ المعالجةُ المحاولة أي يحاول من تنزيل القرآن عليه شدة لماذا؟ لأنه ثقيل ثقيل {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل:5] نعم، المقصود أن هذه المعالجة والمحاولة والمعالجة لا تأتي إلا في محاولة شيء فيه الشدة، أي يحاول من تنزيل القرآن عليه شدة ومنه ما جاء في حديث آخر: «ولي حرّه وعلاجه»، «ولي حرّه وعلاجه» هذا في الطُباخ يُطعم منه لماذا؟ لأنه ولي حرّه وعلاجه أي عمل هو تعب فيه، ومنه قوله: «من كسبه وعلاجه» أي من محاولته وملاطفته في اكتسابه ومنه معالجة المريض وهي ملاطفته بالدواء حتى يقبل عليه، والمعالجة الملاطفة، الملاطفة في المراودة بالقول والفعل ويقال: محاولة الشيء بمشقة كذا قال العيني. وقال ابن حجر: المعالجة محاولة الشيء بمشقة أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين، أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه، أو ما موصولة وأطلقت على من يعقل مجازًا كذا قرر الكرماني، الكرماني لفظه ابن حجر نقله بمعناه، يقول: المعالجة محاولة بمشقة محاولة الشيء بمشقة أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين، أي مبدأ العلاج منه، فتكون ابتدائية، أو ما موصولة أو ما موصولة وأُطلقت على من يعقل مجازًا هكذا قرر الكرماني، عبارة الكرماني ولفظه يقول: وكان مما يحرك أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه أو ما بمعنى من إذ قد تجيء للعقلاء أيضًا، وكان ممن يحرك وكان ممن يحرك، هذا كلام الكرماني. يقول ابن حجر في كلام الكرماني نظر؛ لأن الشدة حاصلة له قبل التحريك، الشدة حاصلة له قبل التحريك، والصواب ما قاله ثابت السرقسطي، ثابت السرقسطي، هذا له كتاب في الغريب اسمه: الدلائل في غريب الحديث من أنفس الكتب في اسمه الدلائل، الأصل أصل الكتاب للابن قاسم بن ثابت فمات الابن ولم يكمله فأكمله الأب، ولعل هذا الكلام عرف الحافظ ابن حجر أنه من كلام الأب، والصواب ما قال ثابت السرقسطي ما يستغرب أن الأب يشرح كتاب ولده؛ لأنه ما عُمٍّر طويلاً ثم عُمِّر الأب بعده وهكذا، ولا يستغرب أن يشرح الشيخ كتاب تلميذه للأمر نفسه؛ لأن التلميذ مات قبل الشيخ أو ألّف الكتاب ثم رأى أنه لا يحتاج إلى شرح فرأى شيخه أنه يحتاج إلى شرح، مثال ذلك المشكاة، المشكاة للخطيب التبريزي ألفها الخطيب بإشارة من شيخه الطيبي، ثم شرحها شيخه، ولا غضاضة ولا ضير في أن يشرح الشيخ كتاب تلميذه. نعم قد يستنكف بعض الناس أن يشرح كتاب لمتأخر لمتأخر، فيرى أن هذا الشيخ من أقرانه فيستنكف من هذا، ووجه الاستنكاف إن كان لمجرد تصور أن صاحب الكتاب من أقرانه ولو كان الكتاب مستحقًا للشرح فهذا لا شك أنها خلل، هذا خلل، لكن إن كان نظره إلى الكتاب باعتبار أنه ليس بحاجة إلى شرح يعني كما يقال الآن: ليس مناسب أن تُشرح الكتب كتب المعاصرين، يعني الشيخ مثلاً ابن باز ألّف متن قالوا ليس من المناسب أن يُشرح ويقدم على كتب المتقدمين، الشيخ ابن سعدي مثلاً ليس من المناسب أن يشرح كتابه وتترك كتب المتقدمين، ابن عثيمين غيرهم من أهل العلم، لماذا؟ لأن هذه الكتب صيغت بأسلوب يفهمه الناس كلهم، ليست بحاجة إلى شرح، يعني الطلاب بحاجة إلى شرح الكتب التي لا يدركونها بأنفسهم، إذا كان الهدف من عدم التعرض لشرحها هو هذا هذا وجيه، وإلا فما معنى أن فلان من الناس أستاذ في الجامعة يؤلف كتاب صغير متن، ثم يُطلب من نفس الأستاذ أن يشرحه في دورة علمية، وبإمكان أي طالب علم يقرأ في هذا الكتاب ويفهمه بسرعة؟ ما يحتاج إلى شرح، لذلك تجدون ضعف الدورات التي تبنى على هذه الكتب، بينما الكتب القوية المتينة التي ألّفها العلماء بأساليب لا يفهمها آحاد المتعلمين تجدون فيه قوة وعليها إقبال كبير، ففرقٌ بين أن لا يتصدى الشيخ لشرح كتب المتأخرين لوضوحها وسهولتها، وبين أن يستنكف أن يشرح كتابًا لشخص متأخر يعتبره من زملائه أو دونه في المرتبة، مع أن هذا الكتاب بحاجة إلى شرح هذا خلل بلا شك، والاحتمال الأول عذر قوي مقبول. ما الذي دعانا إلى هذا الكلام؟ ثابت السرقطسي الأب أكمل كتاب ولده القاسم بن ثابت وهو كتاب عظيم من أفضل كتب الغريب، طُبع منه ثلاثة مجلدات هي رسالة دكتوراة، والكتاب يعني ما زال مخطوط لم يطبع بعد. ونظيره كتاب المطالع يعني على الرغم من استفادة العلماء والشُراح من هذين الكتابين ولا يخلو بحث أو مناسبة من النقل عن هذين الكتابين ومع ذلك تأخر طبع هذا الكتاب إلى هذا الوقت ولمّا يكمل إلى الآن، وأما بالنسبة للمطالع فلم يطبع إلى الآن، نعم بلغنا أنه تحت الطبع لكن ما رأى شيء، والمطالع هو مختصرٌ من المشارق، مشارق الأنوار مطبوع قديمًا أكثر من مئة سنة مطبوع بالمغرب ومطبوع بمصر، وهو كتاب نفيس مشارق الأنوار للقاضي عياض، والمطالع لابن قرقور مختصر منه مختصر منه، ومع ذلك في المطالع أشياء لا توجد في الأصل، والمشارق كتابٌ عظيم للقاضي عياض لكن يعوق دون الإفادة منه أنه رُتبت حروفه على طريقة المغاربة، وهي تختلف عن طريقة المشارقة، والذي يبحث يصعب عليه إلا إذا رُتبت الحروف على طريقة المشارقة وقد قام به من عرض علينا عمله، فرتّبه، وأنا أقول أنه لو لم يرتب الكتاب كاملاً ورتب الفهرس فقط ذُكرت المواد على طريقة المشارقة لكفى، ما يلزم أن يغير الكتاب مثل ترتيب القاموس، غلط، نترك القاموس على ما هو عليه أو ترتيب لسان العرب اتركه على ما هو عليه ورتّب الكلمات في فهرس كما فعلوا في تهذيب اللغة للأزهري، تهذيب اللغة للأزهري ترتيبه على كتاب العين والجمهرة وغيرها من الكتب التي في الرجوع إليها عسر، بل لا يكاد طالب العلم يهتدي إلى الكلمة في هذه الكتب حتى يقرأ الكتاب كله، إلى أن يقف على هذه الكلمة ثم بعد ذلك فُهرس في مجلد كبير، فسهُل أمره، أفضل بكثير من التصرف في الكتاب وترتيبه؛ لأن الكتاب فيه إحالات، فإذا تصرف نقول تقدَّم وين تقدَّم؟ نعم نظيره ترتيب التمهيد على طريقة رتبوها عليها نعم على طريقة الأصل على طريقة الموطأ أفضل من أن يخترع ترتيب آخر، يعني يُطبع الموطأ وشرحه من التمهيد هذا مناسب، لكن يبقى أنه لو أُبقي كما هو الطبعة المغربية ورُتبت الأحاديث والمباحث على الطريقة المعروفة عند أهل العلم.

يقول ابن حجر متعقبًا الكرماني قال: وفيه نظر؛ لأن الشدة حاصلة له قبل التحريك، قبل التحريك، يعني هل الشدة الحاصلة قبل التحريك بفعل بتحريك الشفتين واللسان أو بالهم الذي يحمله لما يتوقعه من نزول الكلام الثقيل عليه؟ نعم، هذا الذي يظهر، الإنسان إذا كان موعود بشيء أو ينتظر شيء فيه عليه شدة لا شك أنه يعاني من الأمور في أموره النفسية شيء من الشدة. يقول: والصواب ما قاله ثابت السرقسطي أن المراد كان كثيرًا ما يفعل ذلك، أن المراد كان كثيرًا ما يفعل ذلك، ورودهما في هذا كثيرًا ورودهما في هذا يعني مما الحرفين، ورودهما في هذا كثيرًا منه حديث الرؤيا كان مما يقول لأصحابه: «من رأى منكم رؤيا» يعني كثيرًا ما يقول لأصحابه: «من رأى منكم رؤيا» ومنه قول الشاعر:

وإنا لمن ما نضرب الكبش ضربة

 

على وجهه يلقي اللسان من الفم

وإنا لمن ما يعني كثيرًا، ما نضرب الكبش ضربة، وإنا لمن ما نضرب الكبش ضربة على وجهه يلقي اللسان من الفم، قلتُ –ابن حجر-: ويؤيده أن رواية المصنف في التفسير من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة عن موسى بن أبي عائشة الذي معنا في طريق في الطريق الذي نشرحها، عن موسى بن أبي عائشة ولفظها: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل جبريل بالوحي فكان مما يحرك به لسانه، فكان مما يحرك به لسانه يعني دون قوله: مما يعالج من التنزيل شدة، فكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فأتى بهذا اللفظ مجردًا عن تقدّم العلاج الذي قرره الكرماني، يعني فأتى بهذا اللفظ مجردًا عن تقدم العلاج الذي قدره الكرماني فظهر ما فظهر ما قال ثابت، ووجَّهها غيره أن من إذا وقع بعدها ما كانت بمعنى ربما، ووجَّهها غيره أن من إذا وقع بعدها ما كانت بمعنى ربما، وهي تطلق على القليل والكثير، وفي كلام سيبويه مواضع من هذا منها قوله: اِعلم أنهم مما يحذفون كذا، والله أعلم. من إذا وقع بعدها ما كانت بمعنى ربما. وهي تطلق على القليل والكثير، الأصل فيها التقليل، الأصل فيها التقليل لكن تأتي للتكثير، قال هنا: تطلق على القليل والكثير، يعني كأن العبارة توحي بأنهما على حد سواء، لكن الأصل فيها التقليل. والتكثير يرِد {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر:2]، فهي تأتي للتكثير كما أنها تأتي للتقليل أكثر.

يقول: وفي كلام سيبويه مواضع من هذا منها قوله: اِعلم أنهم مما يحذفون كذا، يعني كثيرًا ما يحذفون كذا، والله أعلم.

طالب:...

أو ربما يحذفون لكنها للتكثير. نعم.

طالب:...

اِعلم أنهم ربما يحذفون كذا، في مكانها لكن هل هو قليل ولّا كثير؟ كثير، في كلامه كثير. ومنه حديث البراء: كنا إذا صلينا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- مما نحب أن نكون عن يمينه، مما نحب أن نكون عن يمينه، الحديث من حديث سمرة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الصبح مما يقول لأصحابه: «من رأى منكم رؤيا؟»، مما يقول لأصحابه: «من رأى منكم رؤيا؟» الكلام وجيه ولّا غير وجيه؟ أو نصبر وش يقول العيني؟ نعم.

طالب:...

نعم.

طالب:...

إي.

طالب:...

إي، لكن إعادة مما للشدة يعالج من التنزيل شدة، وفي الرواية التي في كتاب التفسير ما فيها شِدة أصلاً، ابتدئ بها بدون يعالج من التنزيل شدة، هل نقول إن مما يعالج من التنزيل شدة موجودة في كل الروايات هذا الأصل فيها أنها موجودة وحُذفت من بعض الروايات من تصرُّف الرواة؟ لا سيما وأن الطريق واحد، فكونها محذوفة في رواية موسى بن أبي عائشة من كتاب التفسير لا يعني أنها غير موجودة في أصل الحديث؛ لأن الحديث واحد، هاه؟

طالب:...

على إيش؟

طالب:...

الكرماني. طيب.

طالب:...

طيب، يقول الكرماني: الشدة وُجدت أو حذفت لا بد من اعتبارها لأنه موجودة في أصل الحديث.

طالب:...

إي معتبرة هي كالموجودة لأنها موجودة في الحديث في أصله، هو الحديث طريق من طرق حديث الباب. وهو حديث واحد بلا شك.

طالب:...

هذا لا بد أن نقول بهذا الكلام إذا كان الحديث حُجّة في العربية، مسألة الاحتجاج بالحديث في العربية محل خلاف بين أهل العلم لماذا؟ لأنه تصرُّف الرواة الذي معنا.

طالب:...

أوائلهم قبل الاختلاط. أوائلهم قبل الاختلاط.

طالب:...

لذلك، الخلاف في أواخرهم الذين بعد اختلاطهم بالأعاجم تغيرت لغتهم.

طالب:...

هاه؟

طالب:...

لا، بشار، هم حتى إلى بشار.

طالب:...

لا لا لا، إلى بشار وين الرابع، لا لا، الاختلاط قبل ذلك، الاختلاط قبل ذلك.

طالب:...

نحن مسألة خلافية اِقرأ مقدمة خزانة الأدب شوف الكلام الطويل في المسألة.

طالب:...

هذا الذي هذا الذي نقول به لكن ما يعني أننا نلزم غيرنا به، يعني كون ابن حجر يرد على الكرماني ونحن مع ابن حجر؛ لأن الحديث حجة لا يعني أن الكرماني يلزَم بهذا الكلام؛ لأنه مسألة خلافية.

طالب:...

يعني ما وجد لحن في أوائل القرن الثالث وُجد كثير كثرة، وُجد اللحن. على كل حال المسألة مسألة أخرى، لكن الذي يعنينا أن هل الحذف في الرواية الثانية في حكم المذكور في حكم الموجود باعتبار أنه في أصل الحديث؟ والحديث واحد، ما نقول إنه في مناسبات متعددة هي مناسبة واحدة. والاقتصار على بعض الحديث دون بعض جائز عند البخاري وغيره، ومرّ بنا حذف جملة من حديث الأعمال بالنيات، فهل نقول إن المحذوف في حكم المذكور؟ فلا يرِد اعتراض ابن حجر أو نقول إن الراوي يحتمل أن يكون من المتقدمين الذي في الصدر الأول الذين لا يمكن أن يحذفوا ويعتمدوا على محذوف؟ على كل حال العيني ماذا يقول؟ هل يقف في صف ابن حجر ولّا في صف الكرماني؟ الغالب أنه في صف ابن حجر، يعني إذا كان في صف الكرماني في صف الكرماني لأنه منافسة بينه وبين ابن حجر، العيني تعقّب ابن حجر بقوله: في نظره نظر. في نظره نظر؛ لأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريك ولكنها ما ظهرت إلا بتحريك الشفتين، ما ظهرت إلا بتحريك الشفتين، ننتبه لهذا!

يقول: لأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريم ولكنها ما ظهرت إلا بتحريك الشفتين؛ لأن هذا أمرٌ مُبطَن يعني خفي كونه يحمل همّ والهمّ شديد عليه هذا خفي، لا يمكن أن يُعبر عنه إلا بشيء محسوس، يُرى، لأن هذا أمرٌ مبطَن ولم يقف عليه الراوي إلا بالتحريك، طيب الراوي من هو؟ ابن عباس أدرك التحريك ولّا ما أدرك؟ إذا كان بالأمر المُبطَن حتى ما أدرك الأمر المُبطن ولا أدرك التحريك إلا فيما بعد فيما بعد، يعني وقت قبل نزول الآية يدرك ابن عباس ولّا ما يدرك؟ ما يدرك ابن عباس؛ لأن ولادته كانت بعد نزول الآية، إنما أدرك بالتحريك، ويحتمل أن يكون أدرك أيضًا بقولٍ من النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أدرك بالفعل مما لم ينقله، أيضًا جاء في نصوص ما يدل على هذه الشدة، وسيذكرها ابن حجر في رده على العيني؛ لأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريم ولكنها ما ظهرت إلا بتحريك الشفتين؛ لأن هذا أمرٌ مُبطَن ولم يقف عليه الراوي إلا بالتحريك، ثم استصوب ما نقل هؤلاء من المعنى المذكور ومع هذا فيه خدش؛ لأن من في البيت لأن مِن في البيت وفي كلام سيبويه ابتدائية، لأن مِن في البيت وفي كلام سيبويه ابتدائية وما فيهما مصدرية، وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب خلقوا من الضرب أوجدوا من الضرب، والحذف في مثل {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء:37] ثم الضمير في كان على قولهم: يرجع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى تأويل الكرماني يرجع إلى العلاج الذي يدل عليه قوله: يعالج، والأصوب أن يكون الضمير للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ويجوز هنا تأويلان آخران، يعني استصوب أن مما من هذه ابتدائية بداية الشدة بداية المعالجة أو بداية الشدة من المعالجة، فيكون موافقًا لكلام الكرماني، رادًّا على ابن حجر، قال: ويجوز هنا تأويلان آخران أحدهما أن تكون كلمة مِن للتعليل وما مصدرية، وفي حذفهٌ والتقدير: وكان يعالج أيضًا من أجل تحريك شفتيه ولسانه، وكان يعالج أيضًا يعالج من التنزيل شدة، ويعالج أيضًا من تحريك شفتيه ولسانه أيضًا شدة، هل في تحريك الشفتين واللسان شدة؟ نعم.

طالب:...

يعني الكلام ليس بشديد إنما إلا إذا طال وكثُر وحصل فيه شيء من المنازعة والمُشادّة قد يتعب الإنسان من كثرة الكلام، قال: أن تكون مِن للتعليل وما مصدرية وفيه حذفٌ والتقدير: وكان يعالج من أجل تحريك شفتيه ولسانه كما جاء في رواية أخرى للبخاري في التفسير من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة لفظه كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل جبريل بالوحي فكان مما يحرك به لسانه وشفتيه وتحريك اللسان مع الشفتين مع طول القراءة لا يخلو عن معالجة الشدة. والآخر أن يكون كان بمعنى وُجد بمعنى ظهر تقول: كان تامة.

طالب:...

نعم.

طالب:...

مع ما شدة إلا شدة القول الثقيل، إي نعم. متى توجد هذه الشدة؟ متى يحصل ما يحصل من شيء من الغشي والإغماء والاضطراب كما جاء في حديث عمر لما طُلب منه أن يرى النبي -عليه الصلاة والسلام- في حال التنزيل هذا في الصحيح، يأتي بعض هذا. والآخر أن يكون كان بمعنى وُجد بمعنى ظهر وفيه ضميرٌ يرجع إلى العلاج والتقدير وظهر علاجه الشدة من تحريك شفتيه، وظهر علاجه الشدة من تحريك شفتيه، ابن حجر في انتقاض الاعتراض وهذا كتاب ألّفه ليرد الاعتراضات التي أوردها عليه العيني، ردّ على العيني بقوله: قلتُ: هذا الحصر يعني قوله لم يقف عليه الراوي إلا بالتحريك هذا الحصر مردود، فجائز أن يكون عرفه بإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه، يعني أخبره عن الشدة وأخبره بالفعل بتحريك اللسان والشفتين مردود فجائز أن يكون عرفه بإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه، والأحاديث المصرِّحة بثقل الوحي وشدته شهيرةٌ ومنها قول زيد بن ثابت: حتى كاد يُرَضّ فخذي. الرسول -عليه الصلاة والسلام- متكئ عليه وهو ينزل عليه وزيد من كُتاب الوحي، حتى كان يُرضّ فخذي، وحديث الناقة عند نزول سورة الفتح، وحديث عائشة الماضي قريبًا: فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا، ولم يذكر في شيء منها تحريك الشفتين يعني الشدة معروفة ولو لم يذكر تحريك اللسان والشفتين وهذا كلام ظاهر جاءت به النصوص القطعية، شدة بالنصب وهو مفعول يعالج يقول الكرماني: يجوز أن يكون مفعولاً مطلقًا، يجوز أن يكون مفعولاً مطلقًا أي يعالج معالجة شديدة.

طالب:...

يضعف يضعف يضعف.

طالب:...

هاه؟

طالب:...

إي.

طالب:...

إي.

طالب:...

مثل ما يقول مثل ما يقول العيني وقبله الكرماني، الشدة هي من تحريك المعالجة يعود إلى الشدة والشدة كما يقول العيني إنما عُرفت بتحريك الشفتين واللسان.

طالب:...

يضعف إيش؟

طالب:...

معروف هذا، كل هذا سيق من أجله، لا شك أن كلام ابن حجر وجيه، شدة بالنصب مفعول يعالج، ويقول الكرماني يجوز أن يكون مفعولاً مطلقًا يعني يُعالج معالجة شديدة والجملة في محل نصب خبر كان. الجملة في محل نصب خبر كان.

ونطتفي بهذا لأن الكلام في الشفة والشفتين فيه طول والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"