شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1425 هـ) - 03

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 أهلاً ومرحبًا بكم إلى حلقاتنا ضمن برنامجكم شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، والتي نخصصها لشرح كتاب الصوم من هذا الكتاب، مع بداية حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبدالله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال المصنف- رحمه الله- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

راوي الحديث الصحابي الجليل حافظ الأمة أبو هريرة، تقدم التعريف به. والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب فضل الصوم، يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ذكر فيه حديث أبي هريرة من طريق مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عنه، وهو يشتمل على حديثين أفردهما مالك في الموطأ، يقول الحافظ: فمن أوله إلى قوله: الصيام جنة حديث، أين تقع هذه الجملة؟ الصيام جنة؟

المقدم: في أول الحديث.

في أول الحديث، فمن أوله إلى قوله: الصيام جنة حديث.

المقدم: ما يمكن.

نعم، ما يمكن، ومن ثم إلى آخره حديث، وجمعهما عنه هكذا القعنبي، وعنه رواه البخاري؛ البخاري رواه من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، لكن الذي في الموطأ، وهو الذي يقصده الحافظ ابن حجر...

من أوله من قوله: الصيام جنة إلى قوله: والذي نفسي بيده، حديث.

ومن ثم يعني من قوله: والذي نفسي بيدي إلى آخره حديث.

المقدم: حديث.

وهنا يستقيم الكلام.

وكنت أظن أن هذا..

المقدم: في الموطأ -أحسن الله إليك- في موضعين جاء، يعني متواليين.

نعم، يقول: وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-  قال: «الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم».

المقدم: وينتهي هنا.

انتهى، وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم... » إلى آخره.

المقدم: ويستقيم هكذا.

نعم، هذه رواية يحيى بن يحيى، لكن القعنبي جمع بين الروايتين، عبدالله بن مسلمة القعنبي جمع بين الحديثين وجعلهما حديثًا واحدًا، والسياق واحد، وعنه أخذ البخاري؛ لأنه روى الحديث من طريق عبد الله بن مسلمة وهو القعنبي.

المقدم: جيد.

يقول القسطلاني: اعلم أن الصوم لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، البخاري- رحمه الله- ترجم على هذا الحديث بقوله: باب فضل الصوم، الصيام جنة، الصيام لي وأنا أجزي به، هذا يدل على فضل عظيم لهذه العبادة، فالمناسبة ظاهرة.

 قوله: «الصيام جنة»: يقول ابن حجر:  زاد سعيد بن منصور: «جنة من النار» جنة من النار، وللنسائي من حديث عائشة مثله، وله من حديث عثمان بن أبي العاص: «الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال»، ولأحمد: «جنة وحصن حصين من النار»، وله من حديث أبي عبيدة بن الجراح: «الصيام جنة ما لم يخرقها»، زاد الدارمي: « بالغيبة»، جنة من النار، يعني من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا، والصيام جنة ما لم يخرقها، يخرقها بأي شيء؟ بارتكاب المحرمات لا سيما ما نُصّ عليه كالغيبة. والجنة كما في الصحاح يقول الجوهري: جننت الميتة وأجننته أي واريته، وأجننت الشيء في صدري أي أكننته، وأجنت المرأة ولدًا، يعني اختفى أو أخفته في بطنها؛ لأنه مجن مختفٍ عن الأنظار، والجنين: الولد ما دام في البطن، والجمع أجِنّةٌ، والجنين: المقبور؛ لأنه موارى، جننت الميتة أي واريته، والجُنَّة بالضم: ما استترت به من سلاح، والجُنة: السترة، والجمع الجُنَنٌ، يقال اسْتَجَنَّ بجنة أي استتر بسترة، والمِجَن بالكسر الترس، والجمع مَجَان بالفتح، المَجَان جمع المِجَن بالفتح، المجن جمع مجان، جاء في الحديث: «تقاتلوا قومًا صغار الأعين وجوههم كالمجان المطرقة»، الشراح يقولون إنهم الترك. وفي النهاية: الصوم جنة أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات. وقال عياض: معناه سترة من الآثام أو من النار أو من جميع ذلك، وبالأخير جزم النووي، من جميع ذلك، سترة من الإقدام على ما يوجب له أو ما يستحق عليه العقاب.

 « فلا يرفث»: بتثليت الفاء كما قال العيني: يرفُث، ويرفِث، ويرفَث، ولم يذكر الحافظ الفتح، بل اقتصر على الضم والكسر، ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد بالرفث: الكلام الفاحش، ويطلق على هذا، وعلى الجماع، وعلى مقدماته، وعلى ذكره مع النساء أو مطلقًا.

المقدم: في ماضيه التثليث يا شيخ يجوز، هكذا نص عليه.

 ويجوز في ماضيه التثليث، نعم.

المقدم: رفَث- رفِث- رفُث.

نعم، يطلق على هذا، يعني على الكلام الفاحش، وعلى الجماع، وعلى مقدماته، وعلى ذكره مع النساء أو مطلقًا، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها. يطلق على هذا، وعلى الجماع، وعلى مقدماته، وعلى ذكره مع النساء أو مطلقًا، يعني إذا ذكرت مقدمات الجماع والحديث عنه مع الرجال، يُسمى رفثًا، أو ما يُسمى؟ لا يُسمى على قوله وعلى ذكره مع النساء، أما على قوله مطلقًا أو مطلقًا يدخل، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها. يقول الأزهري في تهذيبه: قال الليث، من الليث؟ الليث بن أيش؟ ابن المظفر.

المقدم: نعم.

قال الليث: الرفث: الجماع، وأصله قول الفحش، قال تعالى: { فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [ سورة البقرة 197]. وقال الزجاج: أي لا جماع ولا كلمة من أسباب الجماع، أي لا جماع ولا كلمة من أسباب الجماع، قال: والرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من أهله، وذكر عن ابن عباس ما يدل على أن الرفث خاص بما خُوطبت به المرأة، ذكره ابن عباس وذكره غيره، ذكره صاحب الجمهرة، وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره، وذكر عن ابن عباس ما يدل على أن الرفث خاص بما خوطبت به المرأة، ولذا نقلوا عنه بيتًا يذكر فيه هذا النوع من الكلام، لكنه لا يخاطب به امرأة قاله في الحج، لكن لا يجوز ذكره في مثل المجال، خاص، ولا أعلم ثبوته عن ابن عباس أيضًا؛ لأن في أوله قال: إن تصدق الطير، ولا يليق بابن عباس أن يقول مثل هذا.

المقدم: طيرة.

نعم، وهذه عمدتهم على ما نقلوه عن ابن عباس هذا البيت، ما يدل على أن الرفث خاص بما خوطبت به المرأة، أما أن يرفث في كلامه، ولا تسمع امرأة رفثه فغير داخل في قوله تعالى: {فَلا رَفَثَ}، ونحو هذا الكلام الذي قاله الأزهري في الجمهرة لابن دريد، وفي الموطأ: الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث، والذي عندنا...

المقدم: الصيام جنة.

الصيام جنة فلا يرفث، ولا يجهل أي لا يفعل فعل الجهال كالصياح والسخرية أو يسفه على أحد، ويقول القرطبي: ولا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يُباح فيه ما ذكر، وإنما المراد المنع من ذلك يتأكد بالصوم، المنع من ذلك يتأكد بالصوم.

المقدم: بالصوم.

يعني لا شك أن الممنوع...

أصله في الشرع يتأكد منعه بالنسبة لشرف الزمان.

المقدم: أشد.

 والمكان، الزمان والمكان، أيضًا مزاولة ما نُهي عنه أثناء تلبس الشخص بالعبادة لا شك أنه يزداد فيه الأمر أعظم.

المقدم: المنع.

نعم.

المقدم: في قوله: فلا يرفث ولا يجهل، ورواية: ولا يصخب، هذه في مسلم يا شيخ؟

نعم؟

المقدم: في قوله: فلا يرفث ولا يجهل، ورواية: ولا يصخب هذه في مسلم؟

تأتي الإشارة إلى شيء من هذا، لعلها تأتي. أقول: الأمور الممنوعة في الشرع أصلها ممنوع، كلها ممنوعة هذه؛ الرفث والجهل والمشاتمة والمقاتلة كلها ممنوعة، لكن تزداد في ..

المقدم: في أوقات.

نعم، تتغلظ في الأوقات الفاضلة، والأماكن الفاضلة، ولذا أُكد إليها، وإلا فالأصل أنها ممنوعة أصلاً، ما تحتاج أن ينص عليها، لكن لأنها تتأكد بالصوم يعني أثناء عبادة، وفي شهر فاضل، وقد تكون في مكان...

المقدم: فاضل.

فاضل، فلهذه الأمور الثلاثة يعني الأمر في نهار رمضان ..

المقدم: أشد.

وهو صائم أشد، في ليله أخف من كونه وهو صائم، لكنه يبقى أنه أشد من غير رمضان،

في المكان الفاضل كالحرمين مثلاً.

نعم، الأمر أعظم.

«وإن امرؤ» كلمة إن مخففة موصولة بما بعده، تقديره: وإن قاتله امرؤ، وإن قاتله امرؤ، ولفظ قاتله يفسره، وإن امرؤ قاتله، التقدير: وإن قاتله امرؤ يفسره ما بعده، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [ سورة التوبة 6]، أي إن استجارك أحد من المشركين، ومعنى «قاتله»: نازعه ودافعه، ويكون بمعنى شاتمه ولاعنه، يعني يأتي القتال والمقاتلة بمعنى السب والشتم، «قاتل الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أي لعنهم، أو شاتمه، لكن لا يرد هنا كما قال بعضهم في حديث: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه...»

المقدم: فليمنع.

نعم، فليدفعه

المقدم: فإن أبى..

 فإن أبى فليقاتله قال بعضهم: يقاتله بالسب والشتم.

المقدم: ما يمكن.

لكن هذا ما يمكن؛ لأنه في عبادة يبطلها مثل هذا الكلام. «أو شاتمه» أي أو تعرض للمشاتمة، وقد استشكل ظاهر ذلك، وقد استشكل ظاهر ذلك؛ لأن المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين، تقتضي وقوع الفعل من الجانبين، والصائم لا تصدر منه الأفعال التي رُتب عليها الجواب، والصائم لا تصدر منه الأفعال التي رُتب عليها الجواب خصوصًا المقاتلة، مقتضى الصيغة أن المفاعلة تكون من الطرفين، كل واحد يفعل مع الآخر ما ذُكر.

هذا مقتضى الصيغة مفاعلة مضاربة، مشاتمة، مقاتلة.

المقدم: مذاكرة.

كلها، تقتضي أن الفعل من الطرفين، لكن هل...

المقدم: ما يستقيم أن يكون الصائم...

ما يستقيم أبدًا؛ لأن مقتضاه إذا شتمك فاشتمه لتكون مفاعلة، لكن هذا مشكل، استشكل ظاهر ذلك؛ لأن المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين، والصائم لا تصدر منه الأفعال التي رُتب عليها الجواب، خصوصًا المقاتلة، والجواب عن ذلك أن المراد بالمفاعلة التهيؤ لها، أي إن تهيأ أحد لمقاتلته أو مشاتمته ..

المقدم: فليقل..

 «فليقل إني صائم»، لكن كيف إن تهيأ أحد لمقاتلته؟ ما معنى هذا الكلام؟ هل المقصود أنه تهيأ من الطرفين لتتم المفاعلة؟ وإذا لم يكن الأمر ذلك ما أجيب عن الإشكال، وهل للصائم أن يتهيأ للمكافأة بمثل هذا الكلام؟ ليس له ذلك، أقول: عندي أن المفاعلة هنا ليست على بابها، كالمسافرة، سافر، ما معنى سافر؟ وحده يسافر، ما تقتضي من طرفين، والمطارقة يقال: طارقت النعل من طرف واحد، والمكاتبة يقال: كاتب زيد عمرًا، كاتبه، يعني كتب إليه.

نعم، والمعالجة الطبيب يعالج المريض، والمريض يعالج الطبيب أم ما يعالج؟

المقدم: ما يعالج.

إذًا من طرف واحد، والمعافاة أنت تسأل الله- جلا وعلا- المعافاة، وهي من طرف واحد. إذًا المعافاة هنا ليست على بابها. فليقل: إني صائم أي فليقل ذلك بلسانه؛ لأنه الأصل في القول.

المقدم: لكن ما يمكن أن يقال يا شيخ كما قال بعضهم: إن قاتله أو شاتمه يعني صدرت من الطرف الأول المقاتلة والمشاتمة التي في ظاهرها تستدعي أن هذا فعلاً من شدتها يكاد يكون من طرفين، لكنه أمسك نفسه بسبب الصيام، فيكون داعي مقاتلة هذا ومشاتمته تدعو الآخر الذي هو الصائم يعني لشدته...

المقصود أنه التهيؤ.

المقدم: أن يتهيأ.

التهيؤ من طرف واحد أم من طرفين؟

المقدم: هذا فعل، قاتله وشاتمه.

أنا أتكلم عن التهيؤ.

المقدم: نعم.

يعني كأن المقاتلة والمشاتمة هنا مهايأة، إذًا المهايأة تحتاج إلى أن تكون من طرفين، فلابد أن نصرف المفاعلة عن بابها، وله نظائر.

كالمسافرة والمطارقة والمكاتبة مثل ما ذكرنا المعالجة والمعافاة ونحوها. «فليقل: إني صائم» أي فليقل ذلك بلسانه كما اختاره النووي في الأذكار، أو بقلبه كما جزم به غيره، وسيأتي في ترجمة عند البخاري: هل يقول: إني صائم إذا شُتم؟

المقدم: باللفظ؟

باللفظ.

المقدم: يعني يرفع به صوته.

نعم، هل يخبر أنه صائم؟ يعني الصيام اكتسب مزيد الفضل: الصوم لي وأنا أجزي...

المقدم: لأنه عبادة خفية.

خفية، إذا قلت: إني صائم...

المقدم: أظهرته.

نعم، أظهرته.

المقدم: لكن في رمضان؟

 يقول الروياني: إن كان رمضان فليقل بلسانه؛ لأن الناس يشتركون في الصيام، إن كان في رمضان فليقل بلسانه، وإن كان في غيره فليقله في نفسه، وادعى ابن العربي أن موضع الخلاف في التطوع، وأما في الفرض فيقوله بلسانه قطعًا، موضع الخلاف في التطوع، وأما في الفرض فيقوله بلسانه قطعًا، ما الفرق بين هذا وغيره، والذي قبله؟

المقدم: هذا وسع في الفرض.

يعني قد يكون قضاءً.

المقدم: يعني قد يكون رمضان، قد يكون قضاءً، قد يكون نذرًا.

نعم، «مرتين» تكرار القول يتأكد الانزجار منه أو ممن يخاطبه بذلك، منه: يعني إن قاله في نفسه، أو ممن يخاطبه بذلك: إن قاله بلسانه، ونقل الزركشي أن المراد بقوله: «فليقل: إني صائم»: مرتين يقوله مرة بقلبه، ومرة  بلسانه.

فيستفيد بقوله بقلبه كف لسانه عن خصمه، وبقوله بلسانه كف خصمه عنه، يبدأ بنفسه يقول: إني صائم، فلا أجيب مثل هذا الكلام، ثم يقوله بلسانه؛ لينكف وينزجر الخصم.

 « والذي نفسي بيده»: فيه القسم على الأمور المهمة، ولو من غير استحلاف، وفيه إثبات اليد لله- تعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته، الكثير من الشراح إذا جاؤوا لمثل هذا القسم" والذي نفسي بيده" يقولون: والذي روحي في تصرفه؛ فرارًا من إثبات اليد لله- جلا وعلا-. « لخلوف»: بضم الخاء المعجمة لا غير هذا هو المعروف في كتب اللغة والحديث، ولم يحكِ صاحب المحكم والصحاح غيره.

المقدم: يعني خلُوف مثلًا.

نعم، وخُلوف لا غير.

المقدم: يعني ما حُكي خَلوف أبدًا.

وقال عياض: وكثير من الشيوخ يروونها بفتحها، قال الخطابي: وهو خطأ، طيب نحتاج إلى صاحب المحكم من هو؟

المقدم: ابن سيده.

ابن سيده، والصحاح؟ مر ذكره منسوبًا لصاحبه في هذه الحلقة، الجوهري.

المقدم: نعم.

وقال عياض:

المقدم: صحاح اللغة يعني؟

نعم، وقال القاضي عياض: وكثير من الشيوخ يروونها بفتحها، قال الخطابي: وهو خطأ، قال القاضي: وحكي عن القابسي فيه الفتح والضم، وقال: أهل المشرق يقولونه بالوجهين، والصواب الأول، كذا في عمدة القاري، وفي فتح الباري: وبالغ النووي في شرح المهذب، فقال: لا يجوز فتح الخاء، واحتج غيره لذلك بأن المصادر التي جاءت على فَعول، بفتح أوله، قليلة، ذكرها سيبويه وغيره، وليس هذا منها، واتفقوا على..

المقدم: القليل فُعول أم فَعول؟

فَعول.

المقدم: فَعول.

واتفقوا على أن المراد به، أن المراد به – الخلوف- تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام، هذا اتفقوا على معناه أن المراد به تغير رائحة الفم بسبب الصيام. « فم الصائم» قال ابن حجر: فيه رد على من قال: لا تثبت الميم في الفم عند الإضافة، هنا فيه ولخلوف فم الصائم: ثبتت الميم مع الإضافة، الأصل مع الإضافة أن يقال..

المقدم: في الصائم.

في الصائم، إلا في ضرورة الشعر؛ لثبوته في هذا الحديث الصحيح وغيره ، وهذا بناءً على أن الحديث يُحتج به في ...

المقدم: في اللغة.

في اللغة، وهذا قول معتمد عند أهل العلم، وإن خالف بعضهم، والبغدادي في مقدمة الخزانة بسط المسألة. في التهذيب للأزهري نقلاً عن ابن السكيت قال الفراء: يقال: هذا فَمٌ، فَمٌ مفتوح الفاء مخفف الميم، وكذا في النصب رأيت فَمًا، وفي الخفض مررت بفَم، نعم مفتوح الفاء مخفف الميم، ومنهم من يقول: هذا فُمٌ، ومررت بفُم، ورأيت فُمًا، وأما التشديد فإنه يجوز في الشعر، تشديد أيش؟ الميم، نعم يجوز في الشعر. قال: وأما فُو، وفِي فإنما يقال في الإضافة، وأما فُو، وفِي، وفا فإنما يقال في الإضافة الذي هو أحد الأسماء الخمسة، نعم إنما يقال في الإضافة. فمفهوم كلامه أنه إذا أريد الإضافة جيء بفي الذي هو أحد الأسماء الخمسة، وإذا قُطع عن الإضافة جيء بالميم، لكن ليس فيه ما يدل على أنه لا يقال بالميم؛ لأنه يقول: قال: وأما فُو، وفِي، وفا فإنما يقال في الإضافة.

المقدم: وهذا غير صحيح يا شيخ؟

هذا كلام أهل اللغة، هذا التهذيب للأزهري إمام من أئمة أهل اللغة.

المقدم: لكنها...

لكنه جاء هنا في الحديث الصحيح.

المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا نستكمل بإذن الله وبالذات هذه القضية نجعلها مبدأ الحديث في الحلقة القادمة؛ لانتهاء حلقتنا لهذا اليوم، أيها الإخوة والأخوات كنا مع صاحب الفضيلة الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير نتحدث في كتاب الصوم من كتاب شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، نستكمل حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- بإذن الله في حلقة قادمة، وأنتم على خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.