شرح كتاب التوحيد - 70

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في المصورين: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» أخرجاه.

ولهما عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القيامةِ الذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللهِ».

ولهما عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما-: سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: «كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ يُعّذَّب بها في جهَنَّم».

ولهما عنه مرفوعًا: «مَنْ صَوَّرَ صُورةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافخٍ».

ولمسلمٍ عن أبي الهياج قال: قال لي عليٌّ –رضي الله عنه-: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله- صلي الله عليه وسلم-؟ ألا تدع صورةً إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.

فيه مسائل:

الأولى: التغليظ الشديد في المصورين.

الثانية: التنبيه على العلة، وهو ترك الأدب مع الله؛ لقوله: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟».

الثالثة: التنبيه على قدرته وعجزهم، بقوله: «فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ شَعِيرَةً».

الرابعة: التصريح بأنهم أشد الناس عذابًا.

الخامسة: أن الله يخلق بعدد كل صورةٍ نفسًا يُعذَّب بها في جهنم.

السادسة: أنه يُكلف أن ينفخ فيها الروح.

السابعة: الأمر بطمسها إذا وجدت".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في المصورين" يعني من الوعيد الشديد كقوله: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القيامةِ الْمُصَوِّرُونَ» هذا وعيدٌ شديد، نسأل الله العافية.

ولعن المصور، لعنه النبي في البخاري، ولعن المصور أو ما جاء في المصورين.

قد يقول قائل: التصوير مسألة ليست من أصول الدين لتُذكر في كتاب التوحيد إنما هي معصية من المعاصي يستحق عليها اللعن كما يستحق اللعن على معاصي أخرى، نقول: التصوير كان سببًا في أول شركٍ وقع في الأرض في قوم نوح، فهو وسيلةٌ إلى الشرك، وصار له دور كبير في حدوث الشرك في الأرض في قوم نوح، هذا من جهة.

الأمر الثاني: أنه مضاهاة لخلق الله، يزعم أنه يخلق كخلق الله، وهذه منازعةٌ في الربوبية.

المقصود أن دخوله في كتاب التوحيد ظاهر؛ لأنه من جهة فيه مضاهاة للربوبية، وكونه وسيلة إلى الشرك في العبادة مضاهاة أيضًا في الألوهية؛ ولذا قُرن في حديث أبي الهياج: "ألا أبعثك"– في كلام علي –رضي الله عنه- "على ما بعثني عليه رسول الله- صلي الله عليه وسلم-؟ ألا ترى صورةً إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته" ورفع القبور من وسائل الشرك الموضوعة واضح في كثيرٍ من بلدان المسلمين –نسأل الله العافية- وسيأتي الكلام عليها.

قال –رحمه الله-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى» مثل هذا يُسمى الحديث القدسي، وهو المضاف إلى الله –جلَّ وعلا- ولفظه من النبي –عليه الصلاة والسلام- ومعناه من الله –جلَّ وعلا-، بدليل أن الحديث يُضيفه النبي –عليه الصلاة والسلام- إلى الله، فيُروى في كُتب السُّنَّة ودواوينها بألفاظٍ مختلفة، لكن المعاني متفقة، مما يدل على أنه كالحديث النبوي تجوز روايته بالمعنى، ولو كان لفظه من الله –جلَّ وعلا- كالقرآن لما جازت روايته بالمعنى.

«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ» أي: لا أحد أظلم «مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» أخرجاه" يعني: في الصحيحين.

«وَمَنْ أَظْلَمُ» أي: لا أحد أظلم، مع أنه جاء له نظائر {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة:114] أيهما أظلم المُصوِّر أم الذي يمنع مساجد الله؟ الصيغة واحدة تدل على أن الظلم واحد هنا وهناك، يعني لا أحد أظلم منه، فكونه لا أحد أظلم من هذا في موضعه، ولا أحد أظلم من هذا في موضعه، لا أحد أظلم ممن يمنع الناس أن يعبدوا الله –جلَّ وعلا- ممن منع مساجد الله، ولا أحد أظلم ممن يُضاهي خلق الله –جلَّ وعلا- ممن يخلق كخلقه إلى آخره، إلى غير ذلك مما قاله أهل العلم.

على كل حال الصيغة فيها وعيدٌ شديد.

طالب:.......

نعم لا أحد أظلم منه.

طالب:.......

هو مُحرَّم غاية، لكن المحرَّم الغاية قد تُبيحه الضرورة والحاجة، الحاجة العامة.

على كل حال الكلام فيما خلا عن ذلك.

«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟» إطلاق الخلق على غير الله –جلَّ وعلا- كثيرًا ما يقولون: الحل في هذا أن تُخلق وظائف، أن تُخلق كذا -يقولونه- فيه إطلاق الخلق على غير الله –جلَّ وعلا-، لكن الأدب أن الخلق من خصائص الرب –جلَّ وعلا- لكن مع ذلك لو قيلت فلها مُستند.

«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟» يزعمون وهؤلاء الزاعمون ليخلقوا ذرة صغار النمل، «فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً» وإذا عجزوا عن صغار النمل فهم عما سواه أعجز.

قد يقول قائل: إن الأكبر أيسر في الخلق، وهذا الدقيق جدًّا فيه صعوبة، فهل يستطيعون أن يخلقوا ذبابة؟ {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج:73] كلهم يجتمعون ليخلقوا الذباب وما يستطيعون.

«فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» الحبة عموم الحبوب، والشعيرة خاص بالشعير.

المقصود أن هذا تعجيزٌ لهم، وهل استطاعوا على مر العصور أن يخلقوا ما تحداهم الله به؟ هل استطاعوا؟ يسمون الرجل الآلي الذي بعض الجهات يستعملونه في البيوت في التنظيف، في الطبخ وأشياء، ويذكرون أشياء الله أعلم بها، لكن هذا الرجل الآلي فيه أدنى نسبة من الإعجاز الذي في الذباب الذي إن سلبهم شيئًا لا يستنقذوه منه وهو ذباب؟! والتصوير {لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:73] كأنك ترى هذا الذباب أخذ شيئًا فتبعه صاحبه ليأخذه منه {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:73] ولا يستطيع أن يستنقذه منه.

يقولون: إن الذباب إذا أخذ شيئًا يسيرًا جدًّا ماذا يأخذ؟ يأخذ شيئًا يسيرًا وفورًا يتحول إلى مادةٍ ثانية إذا اختلط بلعابه، وهذا يؤكد أنهم لن يستطيعوا، خلاص، يأس، ترك، تأكيد لما جاء في القرآن {لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج:73]. 

«أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً».  

طالب:........

ماذا يفعلون؟

طالب:........

لا لا، استنساخ يعني تصرف في الجنس، يكون خلايا ينقلون من هذا إلى هذا، وهذا إن صح أنا ما أدري عنه.

طالب:.........

هي صورة، المجسَّم ما هو بصورة؟ هو الخلق هنا أعم من أن يكون بما له جسم أو غيره.

المقصود أنهم يُوجدون ذرة، والذرة لها جسم.

طالب:.......

تأتيك النصوص وغيره هل نحن انتهينا؟

"«أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» أخرجاه".  

"ولهما عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القيامةِ الذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللهِ»" أيهم أشد عذابًا هؤلاء المصورون أو فرعون وآل فرعون؟ {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] أيهما أشد؟ العبارة أفعال تفضيل «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القيامةِ الذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللهِ» ولا شك أن الشرك أشد، والمشرك عذابه أشد وهو مؤبد، ومثل هذا إذا كان من المسلمين، فإنه من نصوص الوعيد التي تُمر كما جاءت ولا يُحكم بخلوده.

طالب:.......

المشكلة أننا إذا نظرنا إلى أشد الناس بمن فيهم فرعون وقومه هذا أشد الناس، وهناك أشد العذاب بالنسبة لهم.

المقصود أننا ما نحن ندخل في تفاصيل ما بين عذاب الكافر وعذاب المسلم، لكن هذا نص وعيد تقشعر منه الأبدان، نسأل الله العافية.

 «الذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللهِ».

"ولهما عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما-: سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: «كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ» عموم نسأل الله العافية، «كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ يُعّذَّب بها في جهَنَّم»".

"ولهما عنه" يعني عن ابن عباس "مرفوعًا: «مَنْ صَوَّرَ صُورةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافخٍ»".

«يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ يُعّذَّب بها في جهَنَّم» وهنا يُكلَّف «أنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافخٍ» هذا تعجيز، تكليف بما لا يُطيقه، يخلق الله –جلَّ وعلا- من الأرواح بعدد هذه الصور التي صورها، يُعذَّب بها، ويُكلَّف أن ينفخ فيها الروح، ولن يستطيع، نسأل الله العافية.

طالب:.......

نعم يروح يصور صورة، ما الإشكال؟

طالب:.......

طيب لو ما صور إلا صورة واحدة ماذا يصير حُكمه؟ يُعذَّب بالروح التي خُلقت لهذه الصورة فقط، لكن متى ينتهي هذا العذاب؟ الله أعلم؛ ولذلك العذاب يتعدد، ويستمر بقدر هذه الأرواح؛ حتى يُعذَّب بها، إلا أن يعفو الله عنه، هو تحت المشيئة؛ لأنه ما هو صاحب كبيرة تحت المشيئة.

طالب:........

المصوِّر، والمصوَّر تعاونوا على الإثم والعدوان، من باب التعاون على الإثم والعدوان، والله أعلم بحال المصوَّر، لكن النصوص في المصوِّر، والمصوَّر إذا رضي فهو متعاونٌ مع المصوِّر، وإذا كره ولم يرضَ برئ.

طالب:.......

الله المستعان، ماذا يسمونه هذا التصوير؟

طالب: سيلفي.

الله يهديك.

طالب:........

لكن تسمعه.

طالب:......... 

ويأتيك في جوالك.

طالب:........

الكلام طويل على الباب.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

سيأتي الكلام بالتفصيل، انتظروا فقط.

قال: "ولمسلمٍ عن أبي الهياج قال: قال لي عليٌّ -رضي الله عنه-" أبو الهياج الأسدي قال له عليٌّ -رضي الله عنه-: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله- صلي الله عليه وسلم-؟" أمره ألا يدع صورةً إلا طمسها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سواه بالأرض، يعني كغيره من المقبورين، لا يرتفع القبر عن غيره، ولا يزيد على ترابه، وقرن التصوير أو الصورة مع القبر المشرف الذي تجب تسويته؛ لأن التصوير من وسائل الشرك، ورفع القبور وتشريف القبور -مشرف يعني: مرتفع- أيضًا من وسائل الغلو والشرك.

الصور أنواع:

الصور التي لها ظل يُسمونها تماثيل هذه مُجمع على تحريمها، ودخولها في النصوص مُجمع على ذلك.

والصور التي لا ظل لها وهي منقوشةٌ باليد هذه أيضًا مُحرَّمة؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام-رأى الصورة في القرام، القرام مُجسم؟ ستار، ستار فيه صورة، فتغير –عليه الصلاة والسلام- وقال: «إن الْمَلَائِكَةُ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»، فدخلت الصور غير المجسمة، يبقى النزاع الطويل في الصور التي من خلال الآلات وليس للعامل فيها إلا تحريك الآلة.

يقول بعضهم: إن هذه ليست من تصوير المصوِّر، هذا من فعل الآلة وهي أيضًا ليست مضاهاة لخلق الله، بل هي خلق الله.

التكليف إذا اتجه إلى غير أهلٍ للتكليف يعني مثل التصوير فاعله ليس بمكلَّف، المباشر له الذي هو الآلة، والمتسبب مكلَّف، والقاعدة عند أهل العلم أنه إذا لم يكن المباشر لا يُمكن تضمينه، ولا يُمكن مخاطبته؛ لأنه غير مكلَّف ينتقل الحكم إلى المتسبب.

يقولون: أشد الناس عذابًا مع ما ورد في ذلك ولعن المصور بسبب ضغطة زر هذا ما يُمكن، هذا ما يُناسب هذا، طيب الذي ضغط زر المسدس وقتل مسلمًا ما هو مثله؟ 

طالب:........

ضغطة واحدة مثل ضغطة زر الجوال كيف يقتل؟ بسبب ضغطة زر.

طالب:........

في حكم المباشر؛ لأن المباشر الذي هو المسدس الذي قتل، والمباشر الذي هو الجوال الذي صوَّر لا يُمكن توجيه الخطاب إليه، فينتقل الحكم إلى المتسبب، فيه فرق بين زر المسدس وزر الجوال؟  هم يقولون: ما يمكن تقبلها النصوص الشديدة على من ضغط زر وطلع صورة، نظير هذا من ضغط زر المسدس وقتل مسلمًا، هل يستطيع أن يقول أحد: الذي قتله المسدس، أو دهسه كفر السيارة، يقول: عندك مركبة.

على كل حال السلامة لا يعدلها شيء، والبحث عن الرخص نعم عمَّت بها البلوى، وتصور وأنت ما تدري، وترتب على هذا التصوير أمور وعظائم، وطُلِّق بسببها نساء كثير، بل قُتِل نساء بسببه؛ لأنها صُوِّرت على غرةٍ منها في مناسبة أو في شيء، وساوم عليها الخبيث المجرم المصوِّر أو من وصلت إليه، ووصلت إلى أبيها، وإلى أخيها، وإلى زوجها حصل الشر المستطير.

لو واحد منكم...

أبا عبد الرحمن انظر لنا في كلام طنطاوي جوهري عن حكم التصوير، أظن في سورة الأنفال.

طالب:.........

يُعاد؟ فيديو؟ أنت متى أردت أن تُعيده، تُعيده متى شئت؟!  

طالب:.........

إذًا أنت حفظته بجوالك.

طالب:........

على كل حال نحن ما نُريد أن نحجر على الناس ما تبعوا فيه علماء تبرأ الذمة بتقليدهم، لكن كل إنسان يُقرر على حسب ما يدين الله به.

من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم قالوا بأن هذا ما هو بتصوير، حبس ظل يقولون، سواءٌ أصابوا أو أخطئوا هم من أهل العلم.

طالب:........

أين؟

طالب:........

ماذا يقول؟

طالب:.........

هو بكاميرا فوتوغرافي، بكاميرا.

طالب:.........

هو الشيخ يمنع من الاحتفاظ بالصور، ويمنع من تعليق الصور، وصور الذكرى، كل ما يُحرمه الشرع.

على كل حال المسألة عمَّت وطمَّت، والاحتياط في ذلك في غاية الصعوبة، يعني في المناسبات لا يستطيع أن يحتاط إلا بألا يحضر وإلا فسيُصوَّر، ويُصوَّر وهو في بيته، ويُصوَّر وهو في درسه، ماذا تفعل؟ إما أن تنقطع بالكلية أو تقول: أنا والله ما رضيت، والإثم على من رضي بذلك، والله المستعان.      

طالب:.........

نعم يمنعه إذا أراد أن يصوِّره بنفسه يمنعه.

على كل حال المنع الآن غير ممكن؛ لأنه عمَّت به البلوى، وتواطأ عليه الناس، وقلَّدوا فيه من قلَّدوا، ويبقى أن المتحرِّج والمتأثِّم لا يتعرض للتصوير، ولا يُمكّن أحد من تصويره، وإن أمكنه منع من أراد أن يُصوره فليفعل.

طالب:.........

على حسب ما تعتقد وتدين الله به.

طالب:........

المسألة خلافية، أما أنت فاصنع ما شئت، لكن أنا ما أنا مصوِّر ولا أرضى أن أُصوَّر، والذي عندي وأدين الله به أنه لعن، ولعن المصوِّر «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا» هذه صورة أم ليست صورة؟

طالب:........

يُسمونها صورة.

طيب جاءني واحد من المشايخ وقال لي: شيخك فلان صار يظهر في التلفزيون، ما لك حُجة حتى ما تطلع، وهذا الله يهديك -يقول لي-: هذا ليس بصورة، أنا إذا طلعت في التلفزيون -وهذا مُكثر من الخروج في القنوات- أنا إذا طلعت في التلفزيون ورأيتني، قلت: هذا فلان أم صورة فلان؟ أقول: هذا فلان، لكن إذا انطفأت الكهرباء أين يذهب فلان؟

طالب:.......

إذا طاح التلفزيون وانكسر ماذا يصير عليه صاحبك؟

طالب:........

ماذا فيه؟

طالب:.......

الله المستعان، سل ربك الثبات.

وأنا أعرف ممن ينتسب إلى العلم يضحك علينا إذا سمع هذا الكلام؛ لأن الأمور ما يُتصور أو يتخيل أنها تمتنع، أو أنها تنتهي، والله إني نسيت، بعيد العهد جدًّا، لكن يبدو والله أعلم {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} [الأنفال:43] هذا بعيد العهد جدًّا، يقول طنطاوي جوهري...

طالب:.......

نعم لكن من أي وجه؟

يقول: ما يُمكن أن يُقلل العدد أو يُكثَّر أو يُكبَّر أو يُصغَّر إلا بالتصوير، الحقيقة لا تتغير، إذا كانت صورة تثبت فهو تصوير.

طالب:.........

نعم الحفظ مثل الوثائق وما الوثائق هذه يحتاجوها للضرورات، تصور واحد مثل الأول بطاقة ما فيها صورة، اليوم هذا صعب فيه صعوبة.

طالب:.........

خليك على صورة الجوال، أليست حقيقة؟

طالب:........

حتى في العُرف.

طالب:.........

أنت تقول: ليس كما فعل قوم نوح.

طالب:.........

هذه الصور أدق في المضاهاة من عمل قوم نوح، حصى وحجارة وأزميل وغيره ويطلعون منها تماثيل.

المقصود أن المسألة واضحة كلٌّ على اجتهاده؛ لأن بعض الناس يسلك المسلك ويختار الرأي؛ لأنه ما هو متصور أنه غير موجود.

أنت قُل ما تعتقده وتدين الله به، وإذا اضطُررت إليه أو عجزت، لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها.

طالب:........

نفس الشيء.

طالب:........

لا شك أن الأمور بمقاصدها، لكن كما قال عمر: "فإن ما عند الله لا يُنال بسخطه".

طالب:.......

على كل حال الحجج كثيرة، وكلٌّ يؤجر على قدميته واجتهاده.

يقول –رحمه الله-: "فيه مسائل: الأولى: التغليظ الشديد في المصورين"؛ لكونهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة.

"الثانية: التنبيه على العلة، وهو ترك الأدب مع الله؛ لقوله: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟»" وهو يُضاهون بخلق الله، هذه هي العلة، مضاهاتهم لخلق الله.

"الثالثة: التنبيه على قدرته وعجزهم، بقوله: «فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ شَعِيرَةً»" لن يستطيعوا.

"الرابعة: التصريح بأنهم أشد الناس عذابًا" عذابًا يوم القيامة الذين يُضاهون بخلق الله، أشد الناس عذابًا -نسأل الله العافية- المصورون.

"الخامسة: أن الله يخلق بعدد كل صورةٍ نفسًا يُعذَّب بها في جهنم.

السادسة: أنه يُكلف أن ينفخ فيها الروح" «وَلَيْسَ بِنَافخٍ».

"السابعة: الأمر بطمسها إذا وجِدت"؛ لحديث أبي الهياج عن علي –رضي الله عنه-: ألا أرى صورةً إلا طمستها، وألا أرى قبرًا مشرفًا إلا سويته.

تصوير غير ذوات الأرواح، تصوير ما لا روح فيه، النصوص كلها بتصوير ما فيه الروح، لكن اختلفوا في تصوير ما لا روح فيه، هل يدخل في عموم تحريم التصوير أو لا؟

قالوا: ما ينمو كالحبة والشعيرة ما ينمو مما لا روح فيه، ومثله الشجر، بعضهم أطلق التحريم عليه؛ لأنه مضاهاة لخلق الله، والتمثيل بالشعيرة والحبة يدل عليه.

وجماهير أهل العلم يخصون التحريم بما فيه الروح، خلاف ما لا روح فيه.

نعم.

"باب ما جاء في كثرة الحلف: وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة:89].

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: «الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْكَسْبِ» أخرجاه. 

وعن سلمان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ بِضاعتَه؛ لا يَشْتَري إلَّا بيَمينِه، ولا يَبِيعُ إلَّا بيَمينِه» رواه الطبراني بسندٍ صحيح.

وفي (الصحيح) عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثًا؟ «ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ».

وفيه: عن ابن مسعودٍ –رضي الله عنه- أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ».

قال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.

فيه مسائل:

الأولى: الوصية بحفظ الأيمان.

الثانية: الإخبار بأن الحلف منفقةٌ للسلعة، ممحقةٌ للبركة.

الثالثة: الوعيد الشديد فيمن لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بها.

الرابعة: التنبيه على أن الذنب يعظم مع قلة الداعي.

الخامسة: ذم الذين يحلفون ولا يستحلفون.

السادسة: ثناؤه -صلي الله عليه وسلم-".

الخامسة؟

طالب: "الخامسة: ذم الذين يحلفون ولا يُستحلَفون".

نعم.

"السادسة: ثناؤه -صلي الله عليه وسلم- على القرون الثلاثة، أو الأربعة، وذكر ما يحدث بعدهم.

السابعة: ذم الذين يشهدون ولا يُستشهدون.

الثامنة: كون السلف يضربون الصغار على الشهادة والعهد".

يقول –رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في كثرة الحلف"، والحلف إن كان بالله –جلَّ وعلا- فله حكم، وإن كان بغير الله فله حكم، يكون شركًا، والمترجم عليه أو المترجم به المراد به الحلف بالله.

كثرة الحلف تدل على عدم تعظيم الله –جلَّ وعلا-، ولو عظَّموه في نفوسهم ما جعلوه عُرضةً لهم عند أدنى شيء يحلف، ولأمورٍ تافهة يحلف بالله –جلَّ وعلا-، فتجده مع ذلك إذا حلف حنث وفعل ما حلف عليه، أو ترك ما حلف به، وإذا حنث تجد مثل هذا لا يُكفِّر عن يمينه.

فالحلف أولاً: اليمين يجب حفظها؛ لقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة:89] احفظوها فلا تحلفوا إلا لأمرٍ يستحق التعظيم والحلف بالله- جلَّ وعلا-.

الأمر الثاني: إذا حلفت فاحفظ يمينك ألا تحنث إلا إذا كان غيرها خيرًا منها «إِنِّي لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلا كَفَّرْتُ عن يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، وإذا حنث يجب عليه كفارة على التفصيل المعروف عند أهل العلم، فعليه أن يُكفِّر.

وكفارة اليمين {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:89] هذه الخصال على التخيير {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة:89] إذا لم تجد الخصال الثلاث، فانتقل إلى المرتبة الثانية وهي صيام ثلاثة أيام.

وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة:89] يعني لا تكثروا من الأيمان بالله –جلَّ وعلا- ولو كنتم صادقين؛ لأن الحلف وتوثيق الكلام باسم الله –جلَّ وعلا- أو اسم من أسمائه أو صفة من صفاته كل هذا من أجل تعظيم الله –جلَّ وعلا-، فلا ينقلب التعظيم إلى ابتذال فيُكثَر من ذلك، بسبب وبغير سبب.

الله –جلَّ وعلا- يقول: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة:89] فلا تحلفوا إلا لأمرٍ يستحق أن يُحلف عليه، ويُعظَّم بذكر الله –جلَّ وعلا- وباسم الله -جلَّ وعلا-.

فإذا حلف الإنسان فعليه أن يحفظ يمينه، فلا يفعل خلاف ما تدل عليه فعلاً أو تركًا إلا إذا كان خيرًا مما حلف عليه، كما جاء في الحديث الصحيح «والله إِنِّي لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلا كَفَّرْتُ عن يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» إذا رأى أن غيرها خيرًا منها فعليه أن يُكفِّر عن يمينه، يجب عليه أن يُكفِّر عن يمينه، والواجبات عند أهل العلم على الفور فيُكفِّر عن يمينه فور وقوع الحنث؛ خشية أن تسبقه المنية فيأثم بعدم تكفيره عن يمينه.

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: «الْحَلِفُ» يعني اليمين «مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْكَسْبِ» إذا حلف أن هذه السلعة من نوع كذا الجيد وهي ليست كذلك أو أنه اشتراها بكذا وليس الأمر كذلك، أو أنه أُعطي فيها كذا وليس الأمر كذلك يقتطع بها مال مسلم –نسأل الله العافية- هذه تُسمى اليمين الغموس، وهذه جاء الوعيد الشديد فيها.

«مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ» إذا حلفت ظن بك أخوك المسلم خيرًا وصدَّقك واشترى، لكن أنت ما قصدك بتلفيق سلعتك بالكذب أن تستفيد من قيمتها، ومن زيادة ثمنها، والنتيجة «مُمْحِقَةٌ لِلْكَسْبِ» وفي رواية: «مُمْحِقَةٌ للبركة» يعني افترض أنك بعت هذه السلعة حلفت عليها أنك اشتريتها بألف أخذها منك بزيادة وأنت مشتريها بخمسمائة أو سبعمائة أو ثمانمائة بأقل من ذلك، وثِق بك أخوك المسلم وصدَّقك، ودفع لك من المال ما طلبت؛ لأنك حلفت.

طالب:.........

حلفت ظاهرًا أنت الآن اشتريتها بألف دفع لك من الكسب فوق الألف، وأنت ما دفعت ألفًا ولا قريبًا منه، أو حلفت أنها يُسمونها ماركة أو يُسمونها ما شاءوا من النوع الجيد، وأنت المسكين هذا ما يعرف ولا يُفرِّق بين الأصلي من التقليد، اشتراها بناءً على يمينك، النتيجة أن هذا المال الذي حرصت عليه وكسبته بيمينك الكاذبة تُعاقب بنقيض قصدك، فبدلاً من أن تستفيد من هذا الألف تُنزع بركته، وكثيرًا ما يذهب من بين يديك بدون فائدة، وما ابتُلي الناس بأمورٍ ما كانوا يعهدونها يحرص على جمع الحطام، ويلهث ورائه، ثم النتيجة أن يكسب مبلغًا، وفي الليل يمرض واحد من أبنائه، أو يمرض هو، فيذهب عليه بالعلاج، وهذا كثير، نسأل الله العافية.

طالب:........ 

الحديث عام، لكن إذا كان كاذب فهو غموس لا شك، إذا كان كاذبًا فهو غموس، فإن لم يكن كاذبًا فمحق البركة حتى ولو كان صادق إذا أكثر من ذلك، ومشى سلعته باليمين. 

"أخرجاه" يعني البخاري ومسلم.

باليمين الكاذب، نعم هو كاذب، لكن هذا عمومه واضح، هذا الباب عمومه واضح.

"وعن سلمان" الفارسي "رضي الله عنه أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ» فيه إثبات صفة الكلام لله –جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته إذا كان لا يُكلم أُناسًا أو بعض الناس لغضبه عليهم، فمن رضي عنه يثبت له الكلام، مثل الرؤية {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] لما حجب الكفار دل على أن المؤمنين يرونه يوم القيامة.

«لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يُزَكِّيهِمْ» يعني يُعدِّلهم ويُوثقهم، ويجعل ويبعث أو ينشر في الناس توثيقهم.

«وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» شديد مؤلم.

«أُشَيْمِطٌ زَانٍ» الأشيمط من اختلط شعره الأبيض بالأسود، الشمط: الشيب، اختلط شعره بالشيب يعني كبير، «زَانٍ» نسأل الله العافية، ولا شك أن الكبير الداعي إلى الزنا عنده ضعيف مما يدل على أن وقوعه في الفاحشة لخُبثٍ في نفسه وطويته وإلا فالزنا مُحرَّم على الكبار والصغار، لكن الصغير عنده الشهوة أقوى، وقد تغلبه في وقتٍ من الأوقات، لكن الكبير ما الذي دعاه إلى الزنا إلا خبث منغرس في نفسه، خُبث طوية، نسأل الله العافية. 

«أُشَيْمِطٌ زَانٍ» في بعض ألفاظ الجرح والتعديل عند أهل الحديث يقولون: شيخٌ يتصابى، ما معنى هذا؟ يتشبه بالصبيان، ويفعل أفعالهم، ويُظهر نفسه خلاف ما هو عليه. 

«وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» عائل: يعني فقير كثير العيال، ومع ذلك هو مُستكبر، يترفع على الناس، ويتكبر عليهم، «وَالْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» مع أنه عائل فقير ما يملك من مقومات الكِبر، يعني الغني والقوي في بدنه أو كذا عنده شيء يدفعه إلى ذلك، لكن العائل الفقير الذي ليس عنده شيء، مما يدل على أن الكِبر غريزةٌ في نفسه.

«وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ بِضاعتَه؛ لا يَشْتَري إلَّا بيَمينِه، ولا يَبِيعُ إلَّا بيَمينِه» وهذا هو الشاهد من الحديث للباب يُكثر الحلف بالله –جلَّ وعلا-، «لا يَشْتَري إلَّا بيَمينِه» إن اشترى والله، والله إني وجدت هذه السلعة بكذا بأقل مما عُرِضت به، وإن باع اشتريتها بأكثر.

على كل حال المعنى واضح، وفيه مما تقدم ما يُوضحه. 

"«ولا يَبِيعُ إلَّا بيَمينِه» رواه الطبراني بسندٍ صحيح".