شرح مختصر الخرقي - كتاب الأيمان والنذور (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "وإذا حلف بيمينٍ فقال: إن شاء الله، فإن شاء فعل، وإن شاء ترك"؛ لأنه إن فعل فقد شاء الله، وإن لم يفعل فإن الله –جلَّ وعلا- لم يشأ، قد علق ذلك على المشيئة، ومشيئة الله –جلَّ وعلا- يُبينها الواقع، فإذا وقع الشيء فقد علمنا بأن الله –جلَّ وعلا- شاءه، وإذا لم يقع علمنا أن الله –جلَّ وعلا- لم يشاءه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فإذا علق بالمشيئة فإنه مُخير إن شاء فعل وإن شاء ترك، ولن يخرج -إذا استثنى وعلق أمره على المشيئة- لم يخرج من قدر الله ومشيئته مثل ما قلنا: وقاله غيرنا: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

"ولا كفارة عليه إذا لم يكن بين اليمين والاستثناء كلام" وإذا كان الاستثناء متصلًا بالكلام فهذا لا إشكال فيه، وإذا تأخر الاستثناء عن الكلام فإن طال الفصل فله حكم، وإن قصر الفصل وكان الفاصل أمرًا اعتياديًّا سُعالًا أو عُطاسًا أو ما أشبه ذلك فهذا له حكم.

"وإذا استثنى في الطلاق أو العتاق فأكثر الروايات عن أبي عبد الله –رحمه الله- أنه توقف عن الجواب"، وهذا من ورعه كثيرًا ما يتوقف –رحمه الله- من باب الورع، وقد قطع في موضعٍ أنه لا ينفعه الاستثناء، ومسألة الاستثناء عمومًا تعليق الأمور بالمشيئة ما جاء في حديث سليمان –عليه السلام- في الصحيحين حلف أن يطأ نساءه، وأن يأتين بمائة ولدٍ؛ لأنهن مائة، كلهم يغزون في سبيل الله ولم يقل: إن شاء الله، فلم تأتِ واحدةٌ منهن بمولود إلا واحدة جاءت بشق مولود –نصف- لو استثنى لنفعه ذلك كما قال المَلَك.

"وقد قطع في موضعٍ أنه لا ينفعه الاستثناء" يعني: في الطلاق أو العتاق؛ لأن الطلاق جِد ومتعلق بطرفٍ آخر من المخلوق، والعتاق يتشوَّف إليه الشرع، ولن يخرج عن دائرة القدر سواءً أمضيناه عليه أو لم نمضه عليه، إن أُمضي عليه ولم ينفعه استثناؤه كما قال الإمام أحمد في رواية: يكون الله –جلَّ وعلا- قد شاءه وعلى كل حال الاستثناء نافع.

وفي الحديث هنا عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «من حلف على يمينٍ فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه» رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن حِبان، قال الترمذي: لا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني، قال ابن عُلية: كان أيوب يرفعه تارةً، وتارةً لا يرفعه، قال البيهقي: لا يصح رفعه إلا عن أيوب مع أنه شك فيه.

ولا يخفى...قال: كأنه قلت –يقول الصنعاني- كأنه يُريد أن رفعه تارةً ووقفه أخرى أن رفعه، ولا يخفى أن أيوب ثقة حافظ –السختياني- لا يضر تفرده برفعه، وكونه وقفه تارةً لا يقدح؛ لأن رفعه زيادة عدلٍ مقبولة، وقد رفعه عبد الله العمري -عرف إن كبَّر فيه كلام لأهل العلم- وموسى بن عقبة، وكثير بن فرقد، وأيوب بن موسى، وحسان بن عطية كلهم عن نافعٍ مرفوعًا، فقوي رفعه على أنه وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع إذ لا مسرح للاجتهاد فيه، وإلى ما أفاده الحديث ذهب الجماهير. يعني: كون الاستثناء ينفع.

وإلى ما أفاده الحديث ذهب الجماهير، وقال ابن العربي: أجمع المسلمون بأن قوله: (إن شاء) الله يمنع انعقاد اليمين بشرط أن يكون متصلاً، قال: ولو جاز منفصلاً كما قال بعض السلف لم يحنث أحدٌ في يمينه، ولم يحتج إلى كفارة. يحلف وبعد مدة إذا تبين له أنه قد يحنث فيه أو تلزمه الكفارة، قال: إن شاء الله، يعني لو وُجِد الفاصل، ولو جاز منفصلاً كما قال بعض السلف؛ لأنه أجازه بعض السلف، ولابن عباس مدة طويلة في الاستثناء.

 

كما قال بعض السلف لم يحنث أحدٌ في يمين، ولم يحتج إلى كفارة، واختلفوا في زمن الاتصال، وقال الجمهور: هو أن يقول: إن شاء الله متصلاً باليمين من غير سكوتٍ بينهما ولا يضره التنفس، قلت: وهذا هو الذي تدل له الفاء في قوله: فقال: وعن طاووس، والحسن، وجماعةٍ من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه كأنه مازال في الخيار، قياسًا على الخيار في البيع.

وقال عطاء: قدر حلبة ناقة، قال سعيد بن جبير: بعد أربعة أشهر، قياسًا على الإيلة، قال ابن عباس له الاستثناء أبدًا. مادام على قيد الحياة يستثني متى يشاء، ويخرج من يمينه.

طالب:.........

كل أيمانك التي أنت حلفت منذ وُلِدت إلى اليوم، تقول: إن شاء الله لجميعها وتخرج منها.

قال ابن عباس له الاستثناء أبدًا متى يذكر، قلت: وهذه تقادير خاليةٌ عن الدليل، وقد تأوَّل بعضهم هذه الأقاويل بأن مرادهم: أنه يُستحب له أن يقول: إن شاء الله تبركًا، أو يجب على ما ذهب إليه بعضهم؛ لقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:24] فيكون الاستثناء رافعًا للإثم الحاصل بتركه، أو لتحصيل ثواب الندب على القول باستحبابه، ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث، واختلفوا هل الاستثناء مانعٌ للحنث في الحلف بالله وغيره من الطلاق والعتاق-؛ لأن المسألة التي ذُكِرت، وأن الإمام أحمد توقف فيها- دون غيره، واستقواه ابن العربي، واستدل بأن قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة:89] فلا يدخل في ذلك اليمين الشرعية والحلف بالله، كيف؟

 وذهب أحمد إلى أنه لا يدخل العتق لما أخرجه البيهقي من حديث معاذٍ مرفوعًا: إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، لم تطلق، وإذا قال لعبده: أنت حرٌّ إن شاء الله فإنه حر، لماذا؟ لأن الطلاق مكروه في الشرع والعتاق محبوب ومرغوب فيُيسَّر أمره فإنه حر، إلا أنه قال البيهقي: تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول. يعني: هل عليه إذا قال لعبده: أنت حرٌّ إن شاء الله فإنه حر، إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، لم تطلق. هذا كلام فقهاء، وأشبه بكلام الفقهاء منه بكلام النبوة؛ لأن البيهقي قال: تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول، واختُلف عليه في إسناده، وذهبت الهادوية إلى أن الاستثناء بقوله: إن شاء الله معتبرٌ فيه أن يكون المحلوف عليه فيما شاءه الله أو لا يشاؤه، فإن كان مما يشاءه الله بأن كان واجبًا أو مندوبًا أو مباحًا في المجلس أو حال التكلم؛ لأن مشيئة الله حاصلةٌ في الحال. يعني: المشيئة شرعية، لكن يُنازع في هذا؛ لأنه قد تكون المراد بالمشيئة القدرية.

لأن مشيئة الله حاصلةٌ في الحال  فلا تُبطل اليمين، بل تنعقد به، وإن كان لا يشاؤه بأن يكون محظورًا أو مكروهًا، فلا تنعقد اليمين، فجعلوا حكم الاستثناء بالمشيئة حكم التقييد بالشرط، فيقع المعلق عند وقوع المعلق به، وينتفي بانتفائه، وكذا قوله إلا أن يشاء الله حكمه حكم إن شاء الله، ولا يخفى أن الحديث لا تطابقه هذه الأقوال، وفي قوله: فقال: إن شاء الله دليلٌ على أنه لا يكفي في الاستثناء النية، يعني لو نوى في نفسه، استثنى في نفسه. وهو قول كافة العلماء، وحُكي عن بعض المالكية صحة الاستثناء بالنية من غير لفظ، وإلى هذا أشار البخاري وبوب عليه باب النية في الأيمان بفتح الهمزة، ومذهب الهادوية صحة الاستثناء بالنية، وإن لم يلفظ بالعموم إلا من عددٍ منصوصٍ فلابد من الاستثناء باللفظ. إذا ذكر عدد وأراد أن يستثني من هذا العدد لابد أن يلفظ.

طالب:..........

من هو؟

طالب:..........

البخاري، والهادوية.

"وإذا قال: إن تزوجت فلانةً فهي طالقٌ لم تطلق إن تزوج بها" لماذا؟ لأن الطلاق وقع عليها وهي في غير عصمته.

"وإن قال: إن ملكت فلانًا فهو حر فملكه صار حرًّا" ما الفرق؟

طالب:..........

نعم تشوُّف الشارع إلى العتق بخلاف الطلاق كما تقدَّم، "ولو حلف ألا ينكح فلانة أو لا يشتري فلانًا، فنكحها نكاحًا فاسدًا أو واشتراه شراءً فاسدًا لم يحنث" لماذا؟ لأن الفاسد لا تترتب عليه آثار، إنما الآثار تترتب على الصحيح.

"ولو حلف ألا يشتري فلانًا أو لا يضربه فوكَّل في الشراء أو الضرب حنث" لماذا؟ لأن الآمر حكمه حكم الفاعل، ويُسند الفعل كثيرًا إلى الآمر وإن لم يُباشر، كثيرًا ما يُقال: فعل الأمير كذا وهو ما باشر يأمر بذلك، فهذا أمرٌ معروفٌ متداول.

 "ولو حلف ألا ينكح فلانة أو لا يشتري فلانًا فنكحها نكاحًا فاسدًا أو واشتراه شراءً فاسدًا لم يحنث" أما كونه فاسدًا أو نكاحًا باطلًا أو عقدًا باطلًا اشتراه بعقدٍ باطل يختلف الأمر أم ما يختلف؟

هذا يترتب على التفريق بين الباطل والفاسد، لكن على كل حال كلٌّ من الباطل والفاسد وقت اليمين أو إذا ملك ما تترتب عليه آثار حتى يُصحَّح الفاسد، مادام ما صححه على القول بالتفريق بينهما مادام ما صحح العقد الفاسد أو النكاح الفاسد لو حلف ألا ينكح فلانة فنكحها بغير ولي «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطلٌ باطل باطل» يحنث أم ما يحنث؟

طالب:..........

فاسد عند من يشترط الولي.

طالب:..........

أين؟

طالب:..........

الفاسد لا ما تترتب عليه أحكام، لكن يُمكن تصحيحه بخلاف الباطل.

طالب:..........

لا، لو حملت ما جهلهم نِكاح شبهة الولد له، فيكون نكاح شبهة.

"ولو حلف ألا يشتري فلانًا أو لا يضربه فوكَّل في الشراء أو الضرب حنث ما لم يكن له نية، وإذا حلف بعتقٍ أو طلاقٍ أن لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا حنث" لا يضرب فلانًا ولا...إذا كان له نية إذا كان وقت الحلف قاصد ألا يضربه بنفسه مباشرةً، فوكَّل من يضربه -على كلام المؤلف- أنه لا يحنث.

طالب:..........

نعم وكَّل، لكنه ناوٍ أنه يضربه بنفسه.

"حنث ما لم يكن له نية، وإذا حلف بعتقٍ أو طلاقٍ أن لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا حنث" لأنه باشره ما هو مثل الذي وكَّل حنث ناسيًا {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] يعني النسيان هل يرفع مثل هذه الأمور؟

طالب:..........

"ففعله ناسيًا" إذا كان يُنزِّله منزلة المعدوم، قلنا: ما عليه شيء، لكن هنا يقول: "حنث" ما وجهه؟ إذا قلنا بالقاعدة أن النسيان يُنزِّل الموجود منزلة المعدوم.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

ماذا يقول؟

طالب:..........

الذي هو العتق الطلاق، ما معنى "حلف بعتقٍ أو طلاق"؟ 

طالب:..........

لا.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

حلف أن يعتق.

طالب:..........

لا، حلف أن يفعل كذا فنسي، أو إن فعلت كذا فعبدي حر، إن فعلت كذا فزوجته طالق "ففعل ذلك ناسيًا" وماذا عن الجاهل الحكم حكم الناسي أم لا؟ ماذا يقول عندك شيء؟

طالب:..........

قال ماذا؟

طالب:..........

لا، الأخير..الأخير.

طالب:..........

"وإذا حلف بعتقٍ أو طلاق" الحلف بالطلاق معروف المراد به الحث والمنع كاليمين فيأخذ حكمه، ففعل ما عُلِّق عليه الطلاق ناسيًا، يقول: "حنث" الآن مع حرص الشارع على الائتلاف وعدم الفُرقة، هل يُقال: أنه يحنث في هذا والمسألة مسألة يمين، وهل المؤلف ممن يقول: بأن إطلاق اليمين أو تعليق اليمين على شيءٍ فيه حثٌّ أو منع يُكفِّر كفارة يمين ولا يقع؟

طالب:..........

عند مَن؟ عند شيخ الإسلام، غيره المذهب ما المذهب في هذه يا شيخ؟

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

قلنا: إن الحلف باليمين وكفارته كفارة يمين بالطلاق، إذا حلف إن خرجتِ فأنتِ طالق، ويُريد منعها من الخروج تُكفِّر كفارة يمين عند مَن؟ عند شيخ الإسلام، والمذهب؟

طالب:..........

يقع الطلاق..يقع الطلاق، لكن هل نُنزِّل كلام المؤلف على مذهبه أو على كلام شيخ الإسلام؟ لا يكون الكلام لابد أن يكون متسقًا.

طالب:..........

ماذا؟

 طالب:..........

ما يجيء، ما يلفقون تراهم.

طالب:..........

ردَّ المسألة كلها إلى النسيان، ما هو لأنه قلَّد شيخ الإسلام في هذا، لا، أو وافق شيخ الإسلام في هذا لا، مرد ذلك إلى القاعدة قاعدة النسيان، وأن الناسي غير مكلَّف ومثله الجاهل، والإفتاء به كثيرًا في كثيرٍ من المسائل، لكن الإشكال عدم الاطراد، فمرةً يُفتي بمقتضى المذهب، ومرة يُفتي...يعني آحاد طلاب العلم أنا ما أقصد المؤلف، كثير من طلاب العلم تجده أحيانًا يُفتي بالمذهب، وأحيانًا في بعض المسائل يُفتي بقول شيخ الإسلام، والأصل الاطراد، ترى رأي شيخ الإسلام قُل بمقتضاه في كل شيء، نعم قد يكون هناك أمور وقرائن تقتضي تخصيص هذه المسألة بحكم، وإمضاء بقية المسائل على الأصل ممكن هذا، لكن نرى الاضطراب عند كثيرٍ من طلاب العلم، تجده إما أن يُفتي في الجملة بقول شيخ الإسلام، ثُم يغفل عن ذلك ويُفتي ببعض المسائل على مقتضى قول الجمهور أو العكس.

على كلٍ نرجع إلى مسألتنا "وإذا حلف بعتقٍ أو طلاقٍ أن لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا حنث" تعليل صاحب المغني أن هذا يتعلق به حق مخلوق، لكن في حق مخلوق آخر، فأيهما الذي يُحتاط له هل يُحتاط للزوجة أو للزوج؟

طالب:.........

يُحتاط للزوجة؛ لأن المُتسبب الزوج، لكن....

طالب: الضرر يلحق الزوج أكثر.

ما هو بالأصل بقاء العقد ورفعه مقطوعٌ به أو مشكوك فيه؟

طالب:.........

مشكوك فيه، في كلام للمغني غير الذي أنت قرأته؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

طيب، الزركشي عنده شيء؟

طالب:.........

عندك شيء؟ اقرأ علينا، حافظ جزء من الصفحة؟

طالب:.........

لا..لا، "ومن حلف أن يفعل شيئًا فلم يفعله ولا يفعل شيئًا ففعله فإنه فعله ناسيًا فلا شيء عليه إذا كانت اليمين بغير الطلاق والعتاق" هذه المسألة المتقدمة.

"فإن فعله ناسيًا فلا شيء عليه إذا كانت اليمين بغير الطلاق والعتاق" واستثنى الطلاق والعتاق في مسائل، لماذا؟ مثل ما تقدَّم أنه يتعلق بحق مخلوق، وهو الزوجة أو العبد، لكن هل هذا من مصلحة المرأة، فيُقال: حق مخلوق؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

ترغب في الطلاق نعم، لكن لا يطرد أن يُقال: حق مخلوق، وهي قد يكون ليس من صالحها.

طالب:.........

لأن هذا حكم بحكم مطرد.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

وهذا فيه إطلاق؟

طالب:.........

نعم أنا أقول: إذا كان حق مخلوق هل هو حقٌّ له أو عليه في مثل هذه المسألة؟

طالب:.........

العتق واضح.

طالب:.........

لا، ولا هو بمسألة عتق الآن، المسألة الكفارة.

طالب:.........

لا في الأول فيما تقدَّم فيه كفارة.

طالب:.........

ما فيه من الشروح غيرهم؟

نرجع إليها حتى لا ينتهي الوقت.

"ومن حلف فتأوَّل في يمينه فله تأويله إذا كان مظلومًا" إذا كان مظلومًا نفعه التأويل. شخص يُريد أن يغصب منه مالاً أو شخص مظلوم عند القاضي ادُعيَّ عليه بشيء، فالمدعي ما عنده بينة، ثم ردت اليمين على المدعى عليه فحلف مُتأوِّلاً، متى يحلف مُتأوِّلًا وهو مظلوم؟ الآن شخص مدين بمبلغ، وحلف بالله أن هذا المبلغ ليس تحت يده إن كان مظلومًا، وأراد باليد الحسية نفعه ذلك، وإن كان ظالمًا لا ينفعه ذلك؛ لِما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» هنا في البلوغ وشرحه يقول الحافظ –رحمه الله-: وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ»، وفي روايةٍ «اليمين على نية المستحلف» أخرجهما مسلم. الحديث دليلٌ على أن اليمين تكون على نية المُحلِّف، ولا ينفع فيها نية الحالف إذ نوى بها غير ما أظهر وظاهره الإطلاق، سواءٌ كان المحلِّف له الحاكم أو المدعي للحق.  

والمراد: حيث كان المحلِّف له التحليف، كما يشير إليه قوله: «عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» فإنه يفيد أن ذلك حيث كان للمحلِّف التحليف، وهو حيث كان صادقًا فيما ادعاه على الحالف، وأما لو كان غير ذلك كانت النية نية الحالف، واعتبرت الشافعية أن يكون المُحلِّف الحاكم، وإلا كانت إليه نية الحالف.

قال النووي: وأما إذا حلف بغير استحلاف ورَّى، فتنفعه ولا يحنث، سواءٌ حلف ابتداءً من غير تحليفٍ، أو حلَّفه غير القاضي، أو غير نائبه، ولا اعتبار في ذلك بنية المُحلِّف -بكسر اللام- غير القاضي.

والحاصل أن اليمين على نية الحالف في جميع الأحوال، إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوىً توجهت عليه، فتكون اليمين على نية المستحلف، وهو مراد الحديث.

أما إذا حلف بغير استحلاف القاضي أو نائبه أو دعوىً توجهت عليه، فتكون اليمين على نية الحالف، وسواءٌ في هذا كله اليمين بالله تعالى أو بالطلاق أو العتاق، إلا أنه إذا حلَّفه القاضي بالطلاق والعتاق فتنفعه التورية، ويكون الاعتبار بنية الحالف؛ لأن القاضي ليس له التحليف بالطلاق والعتاق، وإنما يستحلف بالله.

قلت: ولا أدري من أين جاء تقييد الحديث بالقاضي أو نائبه، بل ظاهر الحديث أنه إذا استحلفه من له الحق فالنية نية المستحلف مطلقًا.

إذا جاء الحاكم في أمور بيع أو شِبهها وحلَّف الناس عليها أو في أمورٍ يراها هو وهي ليس لها مخرج شرعي، وألزم الناس بها، وحلفوا على ما طُلِب منهم، وليس لها وجهٌ شرعي، فما الحكم؟ له أن يُورِّي، ويكون على نيته هو، أما إذا طلب منه الحاكم أمرًا شرعيًّا أو طلبه صاحب الحق الذي ثبت دينه، لكن يعتقد أن له دَينًا عنده، لكن البينة غير كافية في إثبات هذا الحق، فحينئذٍ لا ينفعه تأويله ولا توريته، ويكون حينئذٍ على نية المُستحلِّف.

في مسألة بذل الكفارة قبل الحنث؛ لأنه قال عندنا: "ومن حلف فهو مخيرٌ في الكفارة قبل الحنث أو بعده سواءٌ كانت الكفارة صومًا أو غيره إلا في الظهار والحرام فعليه الكفارة قبل الحنث" يعني: إذا حلف وحنث أو أراد أن يحنث، هل يبذل الكفارة قبل اليمين أو بعد اليمين وقبل الحنث أو بعدهما، العبادات والمعاملات لها أسباب، ولها أوقات، سبب وجوب ووقت وجوب، فقبل السبب...

أذِّن... أذِّن.

معك المغني يا شيخ؟

طالب:........

في مسألتنا التي هي....

طالب: تفسير القرطبي.

ماذا فيه؟ أي مسألة؟

طالب:.........

أي مسألة؟ القرطبي..القرطبي.

طالب:.........

هناك القرطبي.

في قواعد ابن رجب معروف أنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب فإنه تختلف الأحوال قبل اليمين تُكفِّر؟ لا، وهذا ليس محل خلاف، وبعد الحنث محل اتفاق، وبينهما هو محل الخلاف، ومرد ذلك إلى الحديث «إني والله لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفَّرت عن يميني، ثُم أتيت الذي هو خير»، وفي بعض الروايات «إلا أتيت الذي هو خير وكفَّرت عن يميني»، وعلى كل حال يجوز هذا وذاك.

ومن فروع هذه المسألة هدي المتعة والقِران، السبب الإحرام بالعمرة أو بالحج؟

طالب:.........

بالعمرة، وهو وقت الوجوب، وهو وقت الأضحية عند أهل العلم، منهم من يقول: يجوز أن يُذبح الهدي بين السبب والوقت، وهذا معروف عند الشافعية أنهم يجوز عندهم ذبح الهدي قبل وقت وجوبه، والجمهور لا أن وقتها وقت الأضحية ولا يجوز تقديمها كما أنه لا يجوز تقديم الأضحية، ذبح الأضحية.

طالب:.........

لا من فروع القاعدة يذكرها ابن رجب اقرأ يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. قال -رحمه الله تعالى-:

 "القاعدة الرابعة: العبادات كلها سواءٌ كانت بدنيةً أو ماليةً أو مركبةً منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب، ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة".

طالب: شيخ نقرأ المسائل المتفرعة؟

أقرأ منها أو اقرأ ما يتعلق بموضوعنا.

"ومنها: كفارة اليمين يجوز تقديمها على الحنث بعد عقد اليمين ماليةً كانت أو بدنية.

ومنها: صيام التمتع والقِران".

يعني: ولا يجوز تقديمها على السبب الذي هو الحلف، ويجوز تأخيرها على الحنث كما هو الأصل.

"ومنها: صيام التمتع والقِران فإن سببه العمرة السابقة للحج في أشهره، فبالشروع في إحرام العمرة قد وُجِد السبب، فيجوز الصيام بعده، وإن كان وجوبه متأخرًا عن ذلك، وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره".

يعني: مثل الصيام يُجوِّزه قبل وقته، نحر الهدي عنده يجوز قبل وقت نحره، وأُلِّف في ذلك للمتأخرين "القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر" وردَّ عليه بكتابٍ اسمه: "إيضاح ما توهمه صاحب اليُسر في يُسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره".

"ولنا روايةٌ أنه يجوز ذبحه لمن دخل قبل العشر؛ لمشقة حفظه عليه إلى يوم النحر، وعلى المشهور لا يجوز في غير أيام النحر؛ لأن الشرع خصَّها بالذبح".

غيره.

"ومنها: إخراج كفارة القتل أو الصيد بعد الجرح وقبل الزهوق".

انظر عند القرطبي ماذا يقول؟

قال القرطبي –رحمه الله تعالى-: "التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ} [المائدة:89] اختلف العلماء في تقديم الكفارة على الحنث هل تجزئ أم لا؟  بعد إجماعهم على أن الحنث قبل الكفارة مباحٌ حسن، وهو عندهم أولى على ثلاثة أقوالٍ:

أحدها: يُجزئ مطلقًا، وهو مذهب أربعة عشر من الصحابة، وجمهور الفقهاء، وهو مشهور مذهب مالك، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تُجزئ بوجهٍ، وهي رواية أشهب عن مالك، وجه الجواز ما رواه أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفَّرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير» خرَّجه أبو داود، ومن جهة المعنى أن اليمين سبب الكفارة؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة:89] فأضاف الكفارة إلى اليمين، والمعاني تضاف إلى أسبابها، وأيضًا فإن الكفارة بدلٌ عن البِر فيجوز تقديمها قبل الحنث، ووجه المنع ما رواه مسلمٌ عن عدي بن حاتمٍ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من حلف على يمينٍ ثم رأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير» زاد النسائي: «وليكفر عن يمينه».

هذا دليلٌ لمن؟ من يرى المنع في التقديم «فليأت الذي هو خير».

"ومن جهة المعنى أن الكفارة إنما هي لرفع الإثم، ولم يحنث، ولم يكن هناك ما يُرفع فلا معنى لفعلها، وكان معنى قوله تعالى: {إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة:89] أي: إذا حلفتم وحنثتم، وأيضًا فإن كل عبادةٍ فُعِلت قبل وجوبها لم تصح اعتبارًا بالصلوات وسائر العبادات، وقال الشافعي: تُجزئ بالإطعام والعتق والكسوة، ولا تُجزئ بالصوم; لأن عمل البدن لا يُقدَّم قبل وقته، ويُجزئ في غير ذلك تقديم الكفارة، وهو القول الثالث".

طالب: انتهى كلامه.

ما الذي بعده؟

طالب: الذي بعده "الموفية عشرين: ذكر الله سبحانه في الكفارة الخلال الثلاث فخير فيها".

اختار الكفارة.

طالب: نعم.

طالب:........

لكن مقتضى كلامه أنه لا يقع، يصير يمينًا، يعني مقتضى السياق. أحضر المسألة أربعمائة ستة وأربعين، انظر هذا يا شيخ.

قال –رحمه الله تعالى-: "مسألةٌ: قال: وإن فعله ناسيًا فلا شيء عليه إذا كانت اليمين بغير الطلاق والعتاق، وجملة ذلك أن من حلف ألا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا فلا كفارة عليه. نقله عن أحمد الجماعة، إلا في الطلاق والعتاق، فإنه يحنث".

مَن الجماعة الذين ينقلون عن أحمد، الجماعة المراد بهم؟

طالب:.........

معروفون؟

طالب: هو اختُلف فيهم هل هم معروفون أو إذا نقله جماعة يُطلق عليه جماعة.

لا، الجماعة هم مُعينون.

طالب: هو فيه خلاف هل فرق بين....؟

في حاشية ابن مفلح على المحرر ذكرهم.

طالب: أنا رأيت أحد الزملاء له بحثٌ في هذا الموضوع نقله الجماعة أو نقله جماعة.

هذه الجماعة معروفة، سهل.

طالب: فهو جعلهما شيئًا واحدًا.

لا..لا، ابن مفلح في حاشيته على المحرر ذكرهم. نسيت الموضِع معلمًا عليه عندي في نسخة الشيخ عبد الله بن جاسر، هذه فائدة كتب أهل العلم.

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

له هو ما ليس بشرك؛ لأنه لا يحلف بالطلاق يقول: والطلاق أو بالطلاق ليس بشرك، لكن العدول عن الحلف بالله أو تعظيم الله إلى تعظيم غيره كالطلاق وغيره لا شك أنه لا ينبغي، وأنه ليس بشرك، إنما هو مجرد تعليق يُراد منه الحث أو المنع على رأي شيخ الإسلام.

طالب:.........

العدول مثل ما يفعل بعض القضاة يُحلِّف الناس، ويجعلهم يذكرون أشياء، والمسألة تقدمت عندنا بالكتاب حينما حلَّف القاضي رجلاً هندوسيًّا يعبد البقر ممن يعبد البقر في بلدٍ مجاور يُؤمَّن، فأومِّن على مبلغ من المال، فلما جاء صاحبه أنكر، فذُهِب به إلى القاضي، وقال: عندك بينة، لصاحب الوديعة، قال له: والله ما عندي بينة، قال: مع الكل يمينه، قال: هندوسي يحلف!! قال: أأتوا بسكين، فجاء بالسكين، وقال للهندوسي: امسك السكين هكذا، فمسك السكين، وقال له: قُل: ورب البررة مُهلك الفجرة -اليمين بالله ما فيه شك- لئن كنت كاذبًا لأخذن هذه السكين وأذبح البقرة، قال: خلاص، فلوس يدفع، بقرة ما يذبح.

القضاة عندهم أحيانًا ما كلهم، لكن موجود من قديم الزمان.

طالب:.........

هذا ما يجوز الحلف بغير الله الشرك لا، ما يُمكَّن من الشرك هو حلف بالله رب البررة مُهلك الفجرة.

نعم.

طالب: نُكمِل يا شيخ؟

نعم.

وجملة ذلك أن من حلف ألا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا فلا كفارة عليه. نقله عن أحمد الجماعة، إلا في الطلاق والعتاق، فإنه يحنث هذا ظاهر المذهب، واختاره الخلال وصاحبه، وهو قول أبي عبيدٍ، وعن أحمد روايةٌ أخرى أنه لا يحنث في الطلاق والعتاق أيضًا، وهذا قول عطاءٍ، وعمرو بن دينارٍ، وابن أبي نجيحٍ، وإسحاق قالوا: لا حنث على الناسي في طلاقٍ ولا غيره، وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»، ولأنه غير قاصدٍ للمخالفة، فلم يحدث، كالنائم والمجنون؛ ولأنه أحد طرفي اليمين فاعتُبر فيه القصد كحالة الابتداء بها.

وعن أحمد روايةٌ أخرى: أنه يحنث في الجميع، وتلزمه الكفارة في اليمين المُكفَّرة. وهو قول سعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، والزهري، وقتادة، وربيعة، ومالكٍ، وأصحاب الرأي، والقول الثاني للشافعي؛ لأنه فعل ما حلف عليه قاصدًا لفعله، فلزمه الحنث كالذاكر، وكما لو كانت اليمين بالطلاق والعتاق".

يعني يطردون الباب، يطردونه في النسيان، فيحنث سواءً كان بالعتاق أو الطلاق وغيره في جميع الأبواب، والقول الذي قبله فيه اطراد وأنه لا حنث على الناسي.

والقول المُقدَّم الذي ذكره المؤلف أنه يُفرَّق بين الطلاق والعتاق وغيرهما.

"ولنا على أن الكفارة لا تجب في اليمين المُكفَّرة ما تقدم؛ ولأنها تجب لرفع الإثم ولا إثم على الناسي، وأما الطلاق والعتاق فهو معلقٌ بشرطٍ، فيقع بوجود شرطه من غير قصدٍ كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن طلعت الشمس أو قدم الحاج".

طالب: انتهى الفصل.

اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد.

طالب:..........

إجازة الأسبوع القادم.