شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى حدثني عمرو الناقد وأبو بكر بن النضر وعبد بن حميد واللفظ لعبد" حدثه عمرو وأبو بكر وعبد ثلاثة وبين صاحب اللفظ كعادته رحمه الله وأما الاثنان الآخران فحدثاه بالمعنى لأنه إذا بُيِّن صاحب اللفظ فمن عداه يكون بالمعنى "قالوا" أي الثلاثة "حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أَبي عن صالح بن كيسان عن الحارث" وهو ابن فُضَيل الخطمي الأنصاري "عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن مسور" أربعة هؤلاء كلهم تابعيون صالح بن كيسان تابعي الحارث بن فضيل تابعي جعفر بن عبد الله بن الحكم كذلك عبد الرحمن بن مسور هو الرابع أربعة في طبقة واحدة أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض وهذا قليل وأقل منه أن يوجد خمسة من التابعين يروي بعضهم عن بعض والنادر في حديث واحد وُجد ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في حديث يتعلق بفضل سورة الإخلاص وهو مخرج عند النسائي وأفرده ابن عَدي في جزء والخطيب في جزء خاص وهو أطول إسناد في الدنيا كما قال الإمام النسائي فالذي عندنا أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض ويترتب على ذلك نزول الإسناد يعني هل هي مزية أن يكون أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض؟ لا، ليست مزية.

طالب: .............

لا، في النزول هذا هذا نزول وليس بعلو هذا نزول وليس بعلو ولذلك كم في الإسناد من راوي؟! الإمام مسلم عنده الرباعيات أعلى ما عنده الرباعيات في طبقته من الاثنين الآخرين قال "وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، صالح بن كيسان، الحارث بن فضيل، جعفر بن عبد الله بن الحكم، عبد الرحمن بن مسور عن أبي رافع عن عبد الله بن مسعود" ثُماني يعني ثمانية رواة فهو إسناد نازل هذا من نوازل مسلم وعواليه رباعية فكونه أربعة من التباعين لا شك أنه من لطائف الإسناد يسمونه يسمونها لطائف لكن ليست ميزة لأن الميزة في العلو والنزول مفضول عند أهل العلم كما هو معروف لأنه فيه كثرة الوسائط بين المؤلف والنبي -عليه الصلاة والسلام- وإذا كثرت الوسائط كثر احتمال الخطأ لأنه ما من راوي من هؤلاء الرواة إلا ويحتمل أنه وهم فيه أو غلط فيه لكن رواة الصحيح جازوا القنطرة لكن الكلام على أصل المسألة وعمومها ولذلك يفضِّل أهل العلم العلو هذا سند ثماني وعند مسلم رباعيات وما بين ذلك هو الكثير الغالب، البخاري عنده أعلى من مسلم ثلاثيات وعنده أنزل حديث تساعي.

طالب: .............

هات عمرو الناقد يعقوب..

طالب: .............

عن أبيه نعم عن الأربعة عن أبي رافع عن.. تساعي نعم هذا نازل جدًا نازل جدًا والحديث التساعي عند البخاري حديث زينب «ويل للعرب من شر قد اقترب» وعنده الثلاثيات معروفة وعدتها اثنان وعشرون حديثًا ورباعيات مسلم هي العوالي عنده هذه من لطائف الإسناد أن يكون أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض وعرفنا أن فيه خمسة وفيه ستة ولكنه نادر الأربعة موجودون يعني في مسلم وغيره لكن الخمسة قليل والستة نادر "عن أبي رافع" مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واسمه على المشهور أسلم وقيل غير ذلك "عن أبي رافع عن عبد الله بن مسعود" رضي الله عنه ابن غافل الهذلي ابن أم عبد الصحابي الجليل "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ما من نبي ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون»" الآن نكرة في سياق النفي ومؤكدة بمِن «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون» أصفياء خلصاء "«وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره»" هل الحديث باقي على عمومه أو مخصوص؟ مقتضى ذلك أنه ما من نبي إلا وله تبع ومن هؤلاء الأتباع الحواريون لكن أما ثبت في الصحيح أنه يأتي النبي وليس معه أحد؟ أين الحواريون؟ مخصوص حديث الباب مخصوص بالحديث الآخر يعني يخرج من هذا العموم من يأتي يوم القيامة وليس له أحد يعني ليس له أتباع حواريون يعني خلصاء أصفياء وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره يعني أصحاب الأنبياء هم خلاصة أممهم والصحابة هم خلاصة هذه الأمة ثم إنها»" قالوا هذا ضمير الشأن والقصة لو قال ثم إنه قلنا ضمير الشأن وإنها ضمير القصة لأنه ما فيه شيء يعود عليه تخلف»" يعني بعد هؤلاء الحواريين وهؤلاء الأصحاب تخلف من بعدهم خلوف»" تحدث يوجد أناس ثانيين بعدهم تخلف من بعدهم خلوف خُلُوف جمع خَلْف بإسكان اللام وهو الخالف بالشر بخلاف خَلَف {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [سورة مريم:59] هذا ذم وخَلَف مدح «يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله» وقال بعضهم أنه يطلق على على الخالِف بخير والخالِف بشر الخَلَف ومنه.

ذهب الذين يعاش في أكنافهم

 

وبقيت في خَلَف كجلد الأجرب

المقصود أن الذي عندنا خُلُوف شر ولذا وصفهم بقولهم "«يقولون ما لا يفعلون يقولون ما لا يفعلون»" {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [سورة الصف:3] ليس بالأمر السهل أن يقول الإنسان ويتفوه في مجالسه وفي دروسه إذا كان من أهل التعليم أو غير ذلك بكلام يُظَن به أنه يفعله ويمَوِّه على الناس أنه من أهله وهو في الحقيقة ليس بذلك {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [سورة البقرة:44] لكن اتفق أهل العلم على أنه لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون معصومًا بل ولو كان يزاول بعض المخالفات عليه أن يأمر وينهى لئلا يجمع بين الأمرين يرتكب المحظورات ويترك الشعيرة "«يقولون ما لا يفعلون»" أحيانًا الشيخ وهو يقرر في درسه ويحث الطلاب ومن يسمع ومن يسمع الدرس على بعض الأفعال والأعمال من أعمال السلف من حرص على التعبد حتى يُخيَّل لبعض السامعين أنه متَّصِف بهذا إذا كان منه ما يجعلهم يتخيلون ذلك فيدخل في هذا ويُذَم على ذلك لكن إذا كان مجرد يسوق ما ينبغي أن يفعل من النصوص ومن الأفعال التي أُثرِت عن سلف هذه الأمة ويبرأ من عهدتها بحيث لا يشعِر السامع أنه ممتثل لكل ما يقول، ابن القيم رحمه الله لما وصف حال المقربين بالتفصيل بدقة كأنه بينهم في طريق الهجرتين قال إنه ما شم لهم رائحة ليبرأ من عهدة يقولون ما لا يفعلون والمظنون به رحمه الله أنه يطبق ما يبلغه من العلم لأنه مشهود له بالعلم والعمل وكثرة التعبد رحمه الله "«يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون»" يتركون أوامر ويرتكبون نواهي "«فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن»" فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن وهذا عند الاستطاعة "«ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن»" ولا شك أن الظروف والأحوال تختلف منها ما يقتضي الجهاد باليد ومنها ما يقتضي الجهاد باللسان يعني أنكر عليهم وهذا في معنى حديث «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه» قال "«ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل»" مثل مراتب الإنكار "قال أبو رافع" الراوي عن ابن مسعود وهو صحابي أيضًا خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومولاه قال أبو رافع فحدَّثتُه عبد الله بن عمر فأنكره عَلَيّ" فحدثته عبد الله بن عمر فأنكره عَلَيّ لماذا؟ لماذا أنكره؟ لأنه جاء الأمر بالصبر على مثل هؤلاء إذا كانوا ولاة يُصبَر عليهم لأن مجاهدتهم هذه وجهة عبد الله بن عمر لأن الإنكار عليهم باليد واللسان لا شك أنه يثير فتن لأن الحديث يشمل الولاة وغير الولاة ونحن مأمورون بالصبر على جَور الولاة ومخالفاتهم نعم النصيحة كما سيأتي مطلوبة ولا يُعذر فيه أحد ممن يستطيعها لكن مجاهدتهم باللسان باليد واللسان هذا قد يثير العامة عليهم ويحصل من جراء ذلك ما يحصل هذه من وجهة نظر عبد الله بن عمر ولذلك أنكر على أبي رافع أبو رافع لا شك أن هذا يوجِد في قلب الراوي شيء أن يكَذَّب وهو صحابي ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه من باب حرصه من باب حثه على التثبت كحال أبيه رضي الله عنهما أبو موسى الأشعري لما استأذن على عمر ثلاث مرات ثم انصرف استدعاه عمر فذكر له الحديث أنه إن أذن له في الثالثة وإلا ينصرف قال لا بد أن تحضر من يشهد لك فجاء بأبي سعيد الخدري شهد له هذا من أجل التثبت وإلا فالصحابة كونهم علوم عدول يعني حصول هذه القضايا اليسيرة يعني قضيتين ثلاث أربع خمس في عموم ألوف مؤلفة من الأحاديث ما طلب فيها مثل هذا لا يعني أن خبر الواحد غير مقبول أبدًا يعني كل أحاديث أبي موسى الأشعري ردها عمر ما هو بصحيح ولا كل حديث أبي رافع رده عبد الله بن عمر لكن قد يوجد عند الإنسان شيء يوجِب التثبت لأن لما يعارض عنده لوجود المعارِض عنده فيتثبت "قال أبو رافع فحدثته عبد الله بن عمر فأنكره عَلَيَّ فقدم ابن مسعود فنزل بقناة" ذقناة قنى وادٍ من أودية المدينة وفي بعض النسخ بفنائه "فنزل بفنائه" في بعض النسخ وعلى كل حال المصحح عند الرواة بقناة "فنزل بقناة فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر" فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده ذهب إلى ابن مسعود يعوده عبد الله بن عمر وهو أكبر منه سنًا ابن مسعود أكبر بكثير من من عبد الله بن عمر يعوده فاستتبعني طلب مني أن أتبعه يعوده "فانطلقت معه فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثته ابن عمر قال ابن صالح" وهو ابن كيسان الراوي "وقد تُحُدِّث بنحو ذلك عن أبي رافع" وقد تُحُدث بنحو ذلك عن أبي رافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دون ذكر لابن مسعود ولا يمنع أن يكون أبي رافع سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة وسمعه من ابن مسعود أو سمعه من ابن مسعود أولاً ثم سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة فصار أحيانًا يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ويرفعه إليه وأحيانًا يذكر الواسطة وهذا موجود في الرواة كلهم من طبقة الصحابة ومن دونهم قال "وحدثنيه أبو بكر بن إسحاق بن محمد قال أخبرنا ابن أبي مريم قال حدثنا عبد العزيز بن محمد" وهو الدراوردي قال حدثني أو أخبرني "قال أخبرني الحارث بن الفضيل الخطمي" الذي تقدم "عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبي رافع"، ثلاثة تابعين؟ الحارث بن فضيل وجعفر بن عبد الله بن الحكم وعبد الرحمن بن مسور ثلاثة "عن أبي رافع مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ما كان من نبي ما كان من نبي إلا وقد كان له حواريون يهتدون بهديه»" يعني يقتدون بطريقته وسنته ويعملون بها "«ويستنون بسنته»" مثل حديث صالح الرواية الأولى يقول مثل حديث صالح مثل يقتضي أنه بلفظه ولو أريد المعنى لقيل بنحو حديث صالح لكن هذا الطريق المتن فيه مختصر بمثل حديث صالح "ولم يذكر قدوم ابن مسعود واجتماع ابن عمر معه" واجتماع ابن عمر معه يعني اقتصر على المرفوع فقط ولم يذكر بقية القصة الحريري في الدرة درة الغواص وهو كتاب مفيد نافع فيه ألفاظ وجمل وتراكيب أنكرها الحريري على خواص أهل اللغة فكان مما أنكره الحريري أن يقال اجتمع فلان مع فلان والأصح أن يقال اجتمع فلان وفلان ولكن الجوهري صاحب الصحاح جوز أن يقال أن يقال اجتمع مع فلان اجتمع مع فلان ولا بأس بذلك حينئذٍ والجوهري من أئمة اللغة لكن في مثل هذا التركيب هل يتجه قول الحريري في مثل التركيب الموجود معنا "ولم يذكر قدوم ابن مسعود واجتماع ابن عمر" وش يبي يقول؟

طالب: .............

وش هو؟

طالب: .............

وش بيقول بس؟

ضع الواو مكان مع على كلام.. وش بيصير اللفظ؟

طالب: .............

لا، ما يقول به.. هو يجيز الحريري به اجتمع به اجتمع بفلان؟ لا، إذًا لا بد أن يغير التركيب بما يتفق مع رأيه وعلى كل حال الأمر فيه سعة مادام أجازه الجوهري وهو من أئمة اللغة فلا تثريب حينئذٍ ثم قال رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة" وهو عبد الله بن محمد أبو بكر اسمه عبد الله وأبو شيبة اسمه محمد "قال حدثنا أبو أسامة" واسمه حماد بن أسامة "ح وحدثنا ابن نُمير" محمد بن عبد الله والحاء هذه مرت بنا مرارًا وهي حاء التحويل من إسناد إلى آخر مرت بنا مرارًا ومسلم رحمه الله يستعملها بكثرة وكذلك أبو داود وهي قليلة عند البخاري وقد لا يكون معناها عند البخاري مثل معناها عند مسلم لأن فائدتها اختصار الأسانيد تختصر الإسناد بدلاً من أن يذكر الإسناد كامل ثم يذكر الإسناد الثاني كامل يقتصر على ما لا بد من ذكره وأما ما ذكر سابقًا يستغنى عنه ويحول الإسناد إلى الثاني البخاري يذكر الإسناد كامل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يقول ح ولعل هذا ما يقوي قول المغاربة في أنها تعني الحديث ومنهم من يقول أن هذه الحاء ليست بحاء إنما هي خاء التي عند البخاري يعني رجع السند إلى البخاري والخاء رمزه على كل حال التي عندها هي المعروفة عند أهل العلم بحاء التحويل وتقرأ هكذا حاء حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا "ح وحدثنا ابن نمير" وهو محمد بن عبد الله "قال حدثني أَبي ح وحدثنا أبو كُريب وهو محمد بن العلاء "قال حدثنا ابن إدريس وهو عبد الله كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد" واسم أبو خالد واسم أبي خالد هرمز "ح وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي واللفظ له" وعرفنا أنه إذا بيَّن صاحب اللفظ فالبقية لهم المعنى قال "حدثنا معتمر" بن سليمان "قال سمعت قيسًا يروي عن ابن أبي.. يروي عن أبي مسعود"..

طالب: .............

قال حدثنا معتمر عن إسماعيل إيه..

طالب: .............

أسقطته؟

طالب: .............

إيه سهو.

"ح وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي واللفظ له قال حدثنا معتمر عن إسماعيل" وهو ابن أبي خالد السابق "قال سمعت قيسا يروي عن أبي مسعود" وهو البدري عقبة بن عمرو البدري أبو مسعود اسمه عقبة ابن عمرو البدري منسوب إلى بدر منسوب إلى بدر والأكثر على أنه لم يشهد بدرًا الغزوة وإنما نزل المكان المسمى بهذا الاسم فنُسِب إليه وأثبته البخاري رحمه الله فيمن شهد بدرًا لكن الأكثر على أنه لم يشهد بدر قال أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده "قال أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده نحو اليمن" نحو اليمن يعني إلى جهة الجنوب وهو بالمدينة ومنهم من قال إنه في تبوك وأشار بيده إلى جهة اليمن ما الداعي إلى أن يقال إنه في تبوك؟ وأشار بيده نحو اليمن يأتي مع الكلام فقال "«ألا إن الإيمان هاهنا ألا إن الإيمان هاهنا»" يعني في جهة اليمن الجهات الأخرى وسيأتي أن الإيمان في أهل الحجاز يأتي في الرواية فالذي يقول أنه كان في تبوك ليدخل الحجاز في الإشارة لأن الحجاز بين تبوك واليمن فإذا أشير إلى جهة اليمن دخل الحجاز «ألا إن الإيمان هاهنا» يعني من هذه الجهة في هذه الجهة لكن هل يستقيم إدخال أهل الحجاز في هذا الحديث وأن الإشارة كانت وهو في تبوك؟ سيأتي في الروايات الأخرى «جاءكم أهل اليمن» وين جوهم في تبوك والا في المدينة؟ أين جاؤه؟ في المدينة جاؤوه في المدينة جاءكم أهل اليمن وهم أرق قلوبنا و... إلى آخره في بعض طرق الحديث فلا يتجه القول أنه إشار من تبوك وإن كان أهل الحجاز فيهم الإيمان والإيمان يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها وجاء في مدح أهل الشام وجاء.. مدح البلدان فإذا مدح بلد لا يعني سلب الوصف عن غيره لا يعني سلب الوصف عن غيره لأنه فيما يقول أهل العلم يكون من مفهوم اللقب هل أنت إذا مدحت زيد من الناس أنت تذم عمرو؟ لا، أنت لا تذم عمرًا بمدح زيد فإذا مدح أهل اليمن ليس معناه ذم لأهل الشام وليس معناه ذم لأهل الحجاز نعم جاءت نصوص بذم بعض الجهات على ما سيأتي "«ألا إن الإيمان هاهنا»" قد يقول قائل أن التخصيص يؤخذ من الأسلوب الحصري من الأسلوب الحصري في تعريف جزئي الجملة ولكن الحصر والقصر منه ما هو حقيقي ومنه ما هو إضافي منه ما هو حقيقي بحيث ينفى الوصف المذكور عما عدا من حصر عليه ومنه ما هو حصر إضافي إذا قلت إنما الشاعر زيد وإنما العالم عمرو هذا حصر إضافي وليس بحقيقي وإنما المال الإبل هذا من الحصر الإضافي الذي لا يقتضي القصر على من حصر عليه الوصف "«وإن القسوة وغلظ القلوب القسوة وغلظ القلوب»" القسوة لا شك أنها ذم القسوة أبعد القلوب من الله القلب القاسي "«وغلظ القلوب»" الشدة والفضاضة "«في الفدادين»" وهو من الفديد بمعنى الصوت الشديد "«في الفدادِين عند أصول أذناب الإبل»" يعني في رعاة الإبل والمخالطين له باستمرار الذين يملكون منها المئين العدد الكبير "«عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان»" وهما جانبا رأسه "«في ربيعة ومضر»" وأشار بيده في بعض الروايات إلى جهة المشرق وجاء في بعض الروايات نجد قرن الشيطان ومن أين جاءت الفتن كلها من جهة المشرق أو جلها من جهة المشرق والمحن التي مرت بالأمة إنما مبدؤه من جهة المشرق فالتتار الذين قضوا على الدولة الإسلامية وفعلوا في الأمة الأفاعيل وقتلوا من المسلمين الملايين قتلوا في بغداد في ثلاثة أيام مليون وثمانمائة ألف على يد هولاكو ومن شايعه وأعانه من الروافض وغيرهم في العصور المتأخرة في القرن وما بعده الثامن في نهاية الثامن وأول التاسع تيمور ماذا فعل في بلاد الشام؟ جاي من المشرق فالإشارة إلى جهة المشرق تؤكِّد أن المراد ما وراء ما وراء الجزيرة وأنه من العراق وما وراءه ويأتي الدجال في آخر الزمان ومعه سبعون ألفًا من يهود أصبهان في إيران ونجد وصف لكل ما علا وارتفع من الأرض المقصود أنه إذا نظرنا في تاريخ الأمة وجدنا أن الشر كله جاء من تلك الجهات "«حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر»" وكانت مساكنهم هناك ولهم فروع يعني ممتدة فيما بين تلك الجهات والحجاز لكنهم قلة ثم قال رحمه الله "حدثنا أبو الربيع الزهراني أنبأنا حماد قال حدثنا أيوب السختياني قال حدثنا محمد وابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «جاء أهل اليمن»" هذا يرد قول من قال أن الإشارة كانت من تبوك لأنهم جاؤوه بالمدينة «جاء أهل اليمن» "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة»" يعني قلوب "«الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانيَة الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانيَة» الإيمان معروف سبق بيانه والفقه الفهم في الدين لجميع أبوابه «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»" الفقه في الدين بجميع أبوابه ولذا لما سأل جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» فالفقه في الدين يشمل جميع أبوابه "«والحكمة يمانيَة»" والحكمة هي التي تمنع صاحبها من قول أو فعل ما يعاب ويذم به شرعًا أو عقلاً أو عرفًا فالحكيم الذي لا يأتي ما يعاب عليه ويذم به فالحكمة هي التي تمنع والأصل في المادة حكم المنع فالحاكم يمنع.

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم

 

......................

يعني امنعوهم «والحكمة يمانية» وإذا نسب إلى اليمن فقيل يمنيّ بتشديد الياء ويمنيّة كذلك لأن ياء النسب مشددة.

ياء كيا الكرسي زيدت للنسب

 

.........................

لكن إذا وجدت الألف الأصل بدونها لكن إذا وجدت الألف صحت النسبة لكن تقوم مقام إحدى الياءين إحدى الياءين لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين أولهما ساكن فالياء الأولى مكانها بدلها الألف فقالوا ينطق بتخفيف الياء يمانيَة «الإيمان يمان والحكمة يمانيَة» وجوّز بعضهم التشديد لكن رُد عليه "قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي ح وحدثني عمرو الناقد قال حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق كلاهما عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثله" يعني بمثل السياق الذي تقدم "وحدثني عمرو الناقد وحسن الحلواني قالا حدثنا يعقوب" وهو ابن إبراهيم بن سعد "قال حدثنا أَبي عن صالح" وهو ابن كيسان "عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز قال قال أبو هريرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبًا وأرق أفئدة»" يعني ضعف القلب هل هو صفة مدح ولا ذم؟ «أضعف قلوبًا وأرق أفئدة» إذا سيق بمعنى يناسب رقة الأفئدة فلا شك أنه مدح لكن إذا ضعُف القلب عن تحمل ما أوجب الله عليه يضعف عن قتال الكفار يضعف عن إقامة الحدود إذا قيل له اقتل هذا المرتد أو ارجم هذا الزاني المحصَن قال لا أنا ما اتحمل أو غسل هذا الميت قال والله ما أتحمل هذا مدح؟ لا، ليس بمدح وهو ضعف في القلب لكن إذا كان في سياق «وأرق أفئدة» يعني الرقة من الخشية والخضوع واللين بأيدي إخوانه من المسلمين هذا مطلوب «هم أضعف قلوبًا وأرق أفئدة» والمشهور أن القلب هو الفؤاد وقيل الفؤاد عين القلب وخلاصته وقيل باطنه «الفقه يمان والحكمة يمانيَة»" وهذا تقدم ثم قال "حدثنا يحيى بن يحيى" وهو التميمي وأما الليثي فهو راوي الموطأ غيره "قال قرأت على مالك" الليثي راوي الموطأ المشهور ويحي بن يحيى التميمي أيضًا يروي عن مالك مثل يحيى بن يحيى الليثي لكن ذاك ما له رواية في الكتب الستة راوي الموطأ "حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك" وهذه عادته مالك لا يقرأ على أحد وإنما يُقرأ عليه "عن أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «رأس الكفر نحو المشرق»" يعني كما في الحديث السابق "«والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفخر والخيلاء»" هناك الغلظة غلظ القلوب والقسوة فيهم وهنا الفخر والخيلاء الفخر عد المآثر القديمة له أو لمن سبقه من آبائه وأجداده هذا الفخر، والخيلاء الكِبْر واحتقار الناس الكِبْر واحتقار الناس "«في أهل الخيل والإبل»" أنتم ما تسمعون ما يقام في اللي يسمونه المسابقات والمزايين والإبل وكذلك كيف يفتخرون بها ويحتقرون غيرهم يحصل شرور من هذا وسمعنا أمور من أشعار تعيد ما كان في الجاهلية من الفخر والخيلاء ويلمزون غيرهم والله المستعان والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل وقل مثل هذا في وسائل الانتقال الحديثة يعني شخص معه سيارة بمليون ريـال أو أكثر وقد يوجد من يتواضع لكن في الغالب أن مثل هؤلاء يداخلهم ما يداخلهم والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل "«الفدادين أهل الوبر والسكينة الفدادين في أهل الوبر والسكينة»" جاء إضافة البقر إلى الخيل والإبل وجاء في إضافة.. وجاء في بعض الروايات في إضافة الحُمُر النبي -عليه الصلاة والسلام- ركب الإبل وركب الخيل وركب الحمار لكن الكلام فيمن يكثر منه معاشرة هذه الأشياء وتكون ديدنه وعمله هذا الذي يتأثر من كثرة المخالطة حتى قال بعضهم إن المراد المكثر من ذلك الذي يملك المئين يعني من المائتين إلى الألف قالوا هذا الذي يحصل عنده مثل هذا لو أن الإنسان ربط له في مكان ما ذود من الإبل ثلاث أربع خمس وصار يتردد إليها ويخرج للنزهة عندها على كلامهم ما يدخل لأنه لا يسمى من أهل الإبل ولو ربط فرسًا يعدها للعدو ما يدخل في هذا "«الفدادين أهل الوبر»" الوبر هو ما يغطي جلد الإبل يسمى وبر "«والسكينة وهي الطمأنينة في أهل الغنم»" في أهل الغنم ما من نبي إلا رعى الغنم فهي تكسب نوع من السكينة فهي في أصلها وطبعها ساكنة وأما الإبل جاء في بعض الأحاديث أنها جِنٌّ خُلِقت من جِنّ جن خلقت من جِنٌّ وفيها نفور وفيها هيجان يعني ما هي مثل الغنم الغنم بطبعها ساكنة والأخلاق تكتسب قال "حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة" وهو ابن سعيد "وابن حجر" علي بن حجر "عن إسماعيل بن جعفر قال ابن أيوب حدثنا إسماعيل" ابن أيوب يحيى بن أيوب الذي صدره الإمام مسلم في السند "قال ابن أيوب حدثنا إسماعيل قال أخبرني" قال أخبرني العلاء "عن ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «الإيمان يمان والكفر قِبَل المشرق الإيمان يمان والكفر قِبَل المشرق والسكينة في أهل الغنم.. والكفر قبل المشرق والسكينة في أهل الغنم»" كل هذا تقدم "«والفخر والرياء في الفدادين أهل الخيل والوبر»" الوبر كناية عن الإبل "وحدثني حرملة بن يحيى" التُّجيبي "قال أخبرنا ابن وهب" وهو عبد الله الإمام قال "أخبرني يونس" بن يزيد الأيلي "عن ابن شهاب" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري "قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم» وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي" صاحب المسند والسنن الإمام المعروف "قال أخبرنا أبو اليمان" وهو الحكم بن نافع "قال أخبرنا شعيب" وهو ابن أبي حمزة "عن الزهري بهذا الإسناد مثله وزاد «الإيمان يمان والحكمة يمانيَة»" وهذا تقدم أيضًا ثم قال "حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن" وهو الدارمي المذكور في الإسناد السابق "قال أخبرنا أبو اليمان" وهو الحكم بن نافع "عن شعيب عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول «جاء أهل اليمن..»" الزهري عن سعيد أن أبا هريرة وهناك قال أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وهنا الزهري قال حدثني سعيد بن المسيَّب أن أبا هريرة فهذا الحديث مروي من طرق كثيرة جدًا عن أبي هريرة قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول "«جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة وأضعف قلوبًا الإيمان يمان والحكمة يمانيَة والسكينة في أهل الغنم والفخر والخيلاء في الفدادِين أهل الوبر قِبَل مطلع الشمس قبل مطلع الشمس يعني من المشرق»" ثم قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهو أبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية" يعني الضرير محمد بن خازم "عن الأعمش" واسمه سليمان بن مهران ومر مرارًا "عن أبي صالح" وهو ذكوان السمان "عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبًا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانيَة رأس الكفر قِبَل المشرق»" يعني حيث يطلع قرنا الشيطان "وحدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب قالا حدثنا جرير عن الأعمش بهذا الإسناد ولم يذكر «رأس الكفر قبل المشرق» وحدثنا محمد بن الثنى قال حدثنا ابن أبي عدي ح وحدثنا بشر بن خالد قال حدثنا محمد" يعني بن جعفر الملقب بغندر "قالا حدثنا شعبة عن الأعمش بهذا الإسناد مثل حديث جرير وزاد «والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أصحاب الشاء»" في حديث «بين المشرق والمغرب قبلة بين المشرق والمغرب قبلة» قال ابن المبارك لأهل المشرق المعروف عند عامة أهل العلم بأن هذا خاص بالمدينة وما كان على سمتها يعني قبلتهم بين المشرق والمغرب فكيف يكون بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق؟ يعني في الحديث أراد بأهل المشرق..

طالب: .............

وش هو؟

طالب: .............

وراه؟

طالب: .............

«بين المشرق والمغرب قبلة» قال ابن المبارك لأهل المشرق يعني كونه خطاب لأهل المدينة وما كان على سمتها هذا واضح إذا جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره صارت قبلتهم جنوب كما هو الواقع لا شك أن أهل المشرق على كلام ابن المبارك إذا أريد بهم العراق وما والاها من تلك الجهات أنه يبقى للمشرق ذكرٌ عن يساره لأنها جهة العراق ليست نص المشرق نص المشرق العراق بين الشمال والمشرق فإذا كان من أهل تلك الجهات يبقى للمشرق قدر إذا جعله عن يساره وجعل مثله من القدر عن يمينه من جهة المغرب أصاب القبلة لتوجيه كلام ابن المبارك بما يتمشى مع ما سقناه من كلام في إشارة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل المشرق وأن هناك يطلع قرن الشيطان والفتن والشرور جلها أو كلها تأتي من تلك الجهات "«والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة»" والوقار يعني الهدوء والطمأنينة "«في أصحاب الشاء» وحدثنا إسحاق بن إبراهيم" الحنظلي ابن راوهويه الإمام المعروف قال "أخبرنا عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن ابن جريج" عبد الملك اسمه ابن عبد العزيز "قال أخبرني أبو الزبير" واسمه محمد بن مسلم بن تدرس المكي "أنه سمع جابر بن عبد الله" أنه سمع جابر بن عبد الله وفي كثير من رواياته عن جابر في صحيح مسلم بالعنعنة عن جابر أبو الزبير عن جابر ومعلوم أن أبا الزبير مدلس ومكثر من التدليس ولو كانت روايته بالعنعنة خارج الصحيح قلنا لا بد أن يصرح لكن مادام وجدت في الصحيح في كتاب التُزمت صحته وتلقته الأمة بالقبول يكفي هذا وهنا صرّح بالسماع من جابر بن عبد الله "أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «غلظ القلوب والجفاء في أهل المشرق والإيمان في أهل الحجاز»" في الأحاديث السابقة والإيمان يمان والإيمان في أهل اليمن وهنا قال في أهل الحجاز وهذا هو الذي دعا من قال بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال هذا الحديث كان في تبوك لتشمل الإشارة الحجاز مع اليمن كل ما كان جهة الجنوب تشملهم الإشارة ويدخل فيهم أهل الحجاز كما هو نص في هذا الحديث وقلنا أن قوله «أتاكم أهل اليمن» وهم جاؤوه في في المدينة لا في تبوك ينفي أن تكون تلك الإشارة وتلك المقالة قيلت في تبوك وإنما قيلت في المدينة وكونه يثبت لهم منقبة أو فضيلة لا يستلزم أن تُنفى عمن عداهم لا يستلزم ذلك أن تُنفى عمن عداهم وتقدم هذا.

قال رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية" وهو الضرير محمد بن خازم "ووكيع" وهو ابن الجراح "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن أبي صالح" ذكوان السمان "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا»" لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا هذا أمر مقرر ومعروف أن من شرط دخول الجنة الإيمان فلا يدخلها إلا مؤمن وثبوت النون لأن لا نافية «ولا تؤمنوا» هل هذا نهي والا نفي؟ نفي إذًا لماذا حذفت النون؟ كثير من النسخ فيها إثبات النون وهو الصحيح ومنهم من ينقل أن حذف النون لغة، لغة عند بعض العرب يحذفون النون ولو كانت في سياق النفي كالنهي «حتى تحابوا» حتى تحابوا أي لا يكمل إيمانكم حتى يسود المودة والحب بينكم إذا عرفنا هذا فما السبيل إلى هذه المودة والمحبة بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال "«أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم»" هناك أدغم الباء بالباء تحابوا وهنا فك الإدغام إذا فعلتموه تحاببتم "«أفشوا السلام بينكم»" لا شك أن إفشاء السلام يزرع المحبة والمودة ويعطي الأمان للمسلَّم عليه لأنه من السلامة «أفشوا السلام بينكم» "وحدثني زهير بن حرب قال أنبأنا جرير عن الأعمش بهذا الإسناد قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «والذي نفسي بيده والذي نفسي بيده»" فيه إثبات اليد لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته كما هو المقرر عند أهل السنة وبعض الشراح أو كثير من الشراح يقول والذي روحي في تصرفه وهم يقولون مثل هذا للفرار من إثبات الصفة وإن كان هذا اللازم صحيح المعنى ما فيه أحد روحه خارجة عن تصرف الله جل وعلا لكن إذا سُلك هذا المسلك للفرار من الصفة رد والنبي -عليه الصلاة والسلام- أقسم وكثيرًا ما يقسم بهذا القسم والذي نفسي بيده ومن غير استحلاف يقسم على الأمور المهمة من غير استحلاف وثبت عنه فيما يقرب من ثمانين حديثًا أنه حلف ولا يدخل ذلك في قوله جل وعلا {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [سورة البقرة:224] لأن هذه الأمور مهمة أما أن يُجعل في سائر الكلام الذي لا فائدة فيه ويكثر من اليمين أو في البيع والشراء أو غير ذلك هذا لا شك أنه امتهان "«والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا» بمثل حديث أبي معاوية ووكيع" إبراهيم عليه السلام لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الإسراء قال أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان نصيحة لهذه الأمة عليه السلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وجاء في الحديث أن إفشاء السلام على الكل على العالَم وعلى من عرفت ومن لم تعرف ومع الأسف أن كثير من الناس اليوم ما يسلم إلا على من يعرف ولا شك أن هذا خلل لأنه إذا كان السلام هو الجالب للمودة والمحة وهذه المحبة مطلوبة لدخول الجنة فكيف تحصر على أناس يعرفهم وأضعاف أضعافهم لا يعرفهم لا يسلم عليهم لا شك أن هذا زهد فيما عند الله وإذا قلت السلام عليكم عشر حسنات وإذا قلت ورحمة الله عشرون حسنة وبركاته ثلاثون فمن يزهد بهذا الأجر العظيم إلا محروم «أفشوا السلام بينكم» السلام على العالَم السلام على من عرفت ومن لم تعرف لما ذكرنا أنه جالب أو ما ذُكر في الحديث أنه جالب للمودة والمحبة التي هي من متطلبات دخول الجنة.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"