شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (29)

بسم الله الرحمن الرحيم

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام مسلم -رحمه الله- تعالى في صحيحه في كتاب الحج:

"حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة».

وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد المدني عن يزيد بن الهاد عن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد الأنصاري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة».

حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي»".

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة»".

وهذا الحديث متفق عليه، وجاء بلفظ: «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة» وهذا اللفظ ليس بمحفوظ، ولو صح لكان معناه صحيحاً؛ لأن قبره في بيته، فهذه المسافة التي بين المنبر وبين البيت هذه روضة من رياض الجنة.

ويختلف أهل العلم في المراد بهذا الحديث، هل هذه البقعة تنقل من الدنيا، من هذا المكان بعينه إلى أن تكون وتوضع، إلى أن توضع في الجنة؟ وهذا المعنى الحسي للخبر، وهناك معنى معنوي، وهو أن ملازمة هذا المكان يؤدي إلى رياض الجنة، ومثل هذا الخبر: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» تتباين فيه الأقوال تبايناً بعيداً، فمن أهل العلم من يقول: إن هذا المكان لا مزية له، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «روضة من رياض الجنة»، وأنه لا فضل للتعبد، لا مزيد فضل للتعبد في هذا المكان، وإنما هذا مجرد خبر، يعني مثلما قيل عن النيل والفرات وسيحان وجيحان أنها من أنهار الجنة، يعني هل لهذه الأنهار مزيد فضل؟ هل لها مزيد فضل؟ ويش تسوي بالنيل؟

طالب....

إذا رحت للنيل ويش تبي تسوي؟

طالب.......

هذا قول لبعض أهل العلم، وأن هذا مجرد إخبار، ولا شك أن مثل هذا القول يعطل الخبر عن فائدته، يعطل الخبر عن فائدته، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» لا شك أنه مزية لهذه البقعة، مزية لهذه البقعة، لكن ما الفائدة من ذكر هذه المزية وهذا الفضل؟ لا شك أن الفائدة لا بد أن تكون متعدية وإلا فلا فائدة في الخبر، إذا كان مجرد إخبار، تكون متعدية، وعلى هذا يكون للعبادة في هذا المكان مزيد فضل، المسجد على ما سيأتي الصلاة فيه بألف صلاة، وإذا صلى الإنسان وتحرى هذا المكان بين البيت والمنبر لا شك أنه فيه مزيد فضل، فيه مزيد فضل، وجاء في الحديث: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قيل: وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر» التنصيص على حلق الذكر، وتفسير رياض الجنة بها، هل يقتضي هذا التخصيص أو لا يقتضي؟ نعم.

طالب: قد يخصصه، والروضة تكون من الرياض التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرتع فيها.

يقول: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قيل: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر».

طالب: هذا يا شيخ بالنظر إلى الأحاديث الأخرى، بالنظر إلى الأحاديث الأخرى يا شيخ تفيد العموم.

إيه، قيل: وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر» يعني التنصيص على بعض الأفراد عند بعض أهل العلم لا يقتضي التخصيص، كما جاء في التفسير النبوي لقول الله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] صح الخبر بأن القوة الرمي، «ألا إن القوة الرمي» يعني ما نستعد للعدو إلا بالرمي؟ نعم.

طالب....

كيف؟

طالب....

التنصيص على فرد من أفراد العام لا يقتضي التخصيص، لكن إذا نص على بعض الأفراد لا شك أنه يدل على أن دخوله في النص العام قطعي، وأن له مزيد فضل، والتنصيص عليه من باب الاهتمام بشأنه، والعناية به، وهذا مثله، وعلى هذا يحرص الإنسان أن يصلي في هذه البقعة، ويتلو في هذه البقعة، لكن إذا ترتب على ذلك مفسدة إما زحام شديد، بحيث لا يتمكن من خشوع، أو صار بحيث يقلد، يقلد ويقلده من لا يفهم مقصده، ممن يغلو بهذه البقعة، ويتبرك بهذه البقعة، إذا خشي ذلك فحماية جناب التوحيد أولى من تحصيل مثل هذا الأجر، ويكتب له أجر الفعل بالترك لهذا القصد، يعني إذا قيل: والله الشيخ فلان ملازم ها المكان ذا، فيأتي العوام، من عامة الناس والجهال فيجلسون في هذا المكان ويتبركون به؛ لأن الشيخ يجلس فيه، إذا خشي مثل هذا يترك، حماية لجناب التوحيد، وإلا فالأصل أنه ما ذكر إلا لأن له مزيد فضل، ولا مزيد في فضل التراب، وإنما هو لفضل العمل به، العمل فيه، طيب هذه البقعة مجاروة لبيته الذي فيه القبر، ويسمح للنساء ساعة من أول النهار، وساعة من المساء بدخول هذه البقعة، هل في هذا من بأس أو لا بأس به؟

طالب: أقول: الأولى المنع ولكن بالنسبة للزائر على حسب المقصد إن كان قصده...

لا، لا، المقاصد ولو بالهند تؤثر، ولو هو جالس بالهند ويقول: لا، أنا باستقبل القبر ما أستقبل القبلة، هذا شيء، لا، لا، دعنا من..، لكن الأصل في العمل الظاهر، يعني هل للنساء أن تصلي في هذه البقعة كما يصلي الرجال، ويفسح لهن المجال؟ وإلا نقول: لا، النساء يمنعن باعتبار مجاورة القبر، وليس للنساء زيارة؟

أولاً: الجالس في الروضة ليس بداخل على القبر أصلاً، حتى قرر شيخ الإسلام أن زيارة القبر ممتنعة بعد هذه الأسوار التي لا يمكن دخولها.

طالب: بس الآن التوسعة على الداخل، ولو كانت التوسعة بالجهة.....

ما أنت بلمنا يا أبو رضوان الله يهديك، ما أنت بلمنا، انتبه انتبه، انتبه هذه مسألة ثانية، يمكن نعرض لها -إن شاء الله-، لا، لا مسألتنا عندنا هذه البقعة بين الحجرة هذه وهذا المنبر وهذه البقعة روضة من رياض الجنة، واضحة الصورة وإلا لا؟

طالب: واضحة.

يفتح للنساء من هذه الجهة تجي وتجلس تصلي هنا، وهذا البيت الذي فيه القبر محاط بالأسوار الثلاثة، هل نقول: إن النساء بوجودهن في هذه زوارات قبور، أو ما له علاقة بالقبر تزور هذه البقعة المباركة المفضلة؟ ما له علاقة، ليس لها علاقة، لكن إذا وجد من يستقبل مُنع سواءً كان رجل أو امرأة، وقد وجد من يستقبل القبر، فهذا يمنع في أي جهة كانت، وجد خارج المسجد من يصلي إلى القبر من يمين من شمال، وهذا يمنع، سجود لغير الله شرك، نسأل الله العافية، لكن زيارة هذه البقعة للرجال والنساء على حد سواءً، فلا إشكال في هذا؛ لأنهن لم يزرن القبر، حتى قرر شيخ الإسلام في كتاب الزيارة من الفتاوى أن القبر زيارته مستحيلة، بعد إحاطته بالأسوار، إلا لو فتح الباب ووقف الإنسان على القبر.

ولذا يقرر بعض العلماء أن المار بالمقابر لا يسلم، المار بالمقابر يعني مع الشارع، مررت بسور المقبرة ما تسلم: السلام عليكم أهل الديار؛ لأنك ما زرت، ما دخلت، وهذا إن كان ممن يرى أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يزار، ويسلم عليه من خارج الأسوار من لازمه أن يسلم على القبور من خارج السور، ولا فرق ؛ لأنه بعد إحاطته بالجدران صار مثل سور المقبرة! فإن كان يزار أو يسلم عليه كما كان يفعل ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- إذا قررنا هذا حكم شرعي، وأن الزيارة شرعية قلنا: إن السلام على القبور إذا مررت بها من خارج السور شرعي، ولا فرق، هل يوجد من فرق؟ إذا ولجت مع باب المقبرة، وقفت على القبور يقابله فيما لو فتح لك الباب ودخلت، وإذا سلمت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعلى صاحبيه -رضي الله تعالى عنهما- خارج السور، ولو وجد فتحات صغيرة، هي لا تؤدي إلى المراد، فيه حواجز، نعم، فكأنك سلمت على المقبرة من خارج السور، وهذه حجة من يقول: إن الزيارة ممتنعة، شيخ الإسلام قرر في كتاب الزيارة أنها ممتنعة؛ لأنه لا يمكن الوصول إلى القبر.

أقول: هذه البقعة التي نص على فضلها، وأنها روضة من رياض الجنة، يتحرى الإنسان الصلاة فيها والذكر والتلاوة مع استصحاب ما تقدم ألا يؤذي ولا يتأذى بنفسه، وأن يكون بحيث يحضر قلبه هذه العبادة لا يتشوش؛ لأن أحياناً الزحام يذهب الخشوع، يذهب حضور القلب، فإذا ذهب الخشوع الذي هو لب الصلاة، فالصلاة في أبعد الأماكن أفضل، بلا شك، وإذا ترتب على ذلك، إذا كان هذا الذي قصد هذا المكان ممن يقتدى به، وينظر إليه، ينظر إليه العارف وغير العارف من الجهال، ولا يتمكن من البيان للناس كلهم ممن يقتدي به، بحيث يتبرك الناس بهذا المكان بسبب فعله فإن مثل هذا يترك، حماية لجناب التوحيد.

طالب: ما يقال بالنسبة لزيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة أن هذا هو.....

لا إذا كان من مسماها اللغوي....

طالب....

لا، من مسماها اللغوي ما تسمى زيارة، يعني لو جاء واحد ووقف عند الباب، وكلمك من رواء الباب، قد زارك؟

طالب: هذا القياس يا شيخ.

لا، لغوي، المسألة لغوية، يعني هل يتأدى بذلك أن تزور المقبرة من خارج السور؟

طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»

أنا أقول: من يقتدي بابن عمر ويقول: هذه زيارة من لازم ذلك أنه إذا مر مع سور المقبرة يقول: السلام عليكم، إيش المانع؟

طالب: سور المقبرة يا شيخ.....

ما هي مسألة يقدر، المسألة تنظير شرعي، مدعوم بلغة، بلغة العرب، وما فعله إلا ابن عمر ترى، ما عرف إلا عن ابن عمر.

طالب: يعني قول النبي: «فأتوا منه ما استطعتم» والقرآن يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] هذا الذي استطاع.

طيب الذي ما استطاع يسافر إلى المدينة، يزوره في بلده؟ ما استطاع أبداً يزوره في بلده؟ ما استطاع، ما تيسر له يزور المدينة.

طالب:......

اللهم صلي على محمد، على كل حال أينما كنت يبلغه سلامك، وتبلغه صلاتك، على كل حال أنا ممن يزور، وأقف، وأقتدي بابن عمر في مثل هذا، وإذا مررت بالقبور سلمت، وفضل الله واسع، يعني ما يضر -إن شاء الله-، لكن المسألة مسألة التفريق بين هذا وهذا يحتاج إلى نص.

طالب: منع النساء من زيارة القبور يشمل قبر النبي؟

يشمله.

طالب: بس الآن يفسح للنساء؟

ما يفسح لزيارة القبر، للروضة يجون، لمه أنت ما تشوف التصوير الذي أنت تصورت، الآن شوف هذا الكتاب هو الحجرة جيد، والروضة هذه، وهذا هو المنبر، المسافة التي بين المنبر والقبر روضة من رياض الجنة للرجال والنساء جميعاً، ما يتمكن النساء من زيارة القبر، ما في زيارة، حتى ولا يمكن من الفتحات التي في الجهة القبلية، ما يتمكنون فلا محظور في هذا.

طالب.......

إيش هي؟

طالب........

 الروضة موجودة، يعني المنبر موجود، والبيت موجود.

طالب.....

فرشاة لون أبيض، ووضع مدة طويلة فرشاة باللون الأبيض تحت المكبرية بالمسجد الحرام، وجاء من يسأل هل هذه روضة؟ لأنها تشابه فرشة الروضة بالمدينة، ثم بعد ذلك شيلت، وكانت موجودة، وعلى كل حال هم يقبلون يعني مثل هذه الأمور والتوجيهات، والأمور بحمد الله، يعني بالمقدور، نعم.

طالب: هل علم أو حفظ عن أحد الصحابة المخالفة لابن عمر؟

ما حفظ فعل، يعني ما نقل فعل.

طالب: مخالفة يا شيخ؟

يعني إنكار عليه؟ أما ابن عمر في مثل هذه المواطن والأماكن والبقاع فهو مُخالف من جماهير الصحابة؛ لأنه يقصد ما كان يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويكفكف دابته حتى تقع مواطئ قدميها أو خفيها على مواطئ دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، هو لم يوافق على هذه الاختيارات، ومع ذلك هو مجتهد، وبحار الحسنات المعروفة عنه التي يغمر فيها مثل هذه الأمور، والمسألة اجتهاد، ولم يصل إلى حد غلو، أو تبرك في بقاع أو آثار.

طالب: تسمية الناس ما يكون خلف الإمام روضة له أصل؟

لا ما له أصل، يعني روضة المسجد التي خلف الإمام يسمونه روضة، ما له أصل.

طالب: شيخ أحسن الله إليك، هل يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة يكون له مزيد فضل؟

ما في شك أن المزيد بموافقة حجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، والأمر الثاني أنه يكون فيه أكثر من سبب لإجابة الدعاء، كونه آخر ساعة من الجمعة، وكونه عشية عرفة.

قال: "وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد المدني عن يزيد بن الهاد" الأصل الهادي بالياء، وتحذف الياء تخفيفاً مثل العاص، وإلا فالأصل أنه بالياء، مثل العاصي، هذا الأصل؛ لأنه منقوص مقترن بـ(أل) فلا تحذف الياء إلا في حالتي الرفع والجر مع التجرد من (أل) مررت بقاضٍ، جاء قاضٍ، نعم.

طالب.......

إيش فيه؟ هذا مشترك، هذا مشترك، الاسم مشترك، مثل: كريم، ما في إشكال، وأُثبتت الهداية لبعض الخلق،   {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} [(52) سورة الشورى] فهو هادٍ، قال: "وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد المدني عن يزيد بن الهاد عن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد الأنصاري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة»".

ثم قال: "وحدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي»".

كيف يكون المنبر على الحوض؟ يعني هل مقتضاه يعني كما قيل في البيت المعمور: إنه مسامت للكعبة؟ فيكون هذا مقلوب، يكون الحوض على المنبر، لكن ليس هذا المراد، وإنما منبر النبي -عليه الصلاة والسلام- إما أن يكون هذا الذي في الدنيا ينقل ليكون على الحوض، أو ينصب له منبر على الحوض، هو أفضل المنابر؛ لأنه ثبت أن المقسطين على منابر من نور، والأنبياء أولى من غيرهم، وهو -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق أولى بذلك من غيره، فيكون على منبر يذود الناس عن الحوض، يذود من يستحق أن يذاد، فيأتون للشرب منه، ثم يذودهم، كما يذود الراعي إبل غيره عن حوضه، ثم بعد ذلك يذادون، فيقول: «أصحابي أصحابي» وفي بعض الروايات: يذود بعضهم هو، ممن عرف أنه غيّر، أو تغير، نعم.

طالب:........

على منابر من نور، لا، ما يلزم، إنما يلزم منه ارتفاع على الناس.

طالب: لا، لا، الحوض، «منبري على حوضي»؟

لا المسألة مسألة ارتفاع على المنبر، يكون مرتفعاً عن غيره.

طالب: يُرى؟

يُرى نعم، هذا تكرمة، تكرمة، «المقسطون على منابر من نور».

طالب: بس هذا داخل الجنة يا شيخ والحوض خارج؟

معروف، لكنه يبقى أنه مثلما قرر هناك منبر، يوجد منابر في العرصات.

طالب: قوله: خطيبهم......

ما أعرف في هذا معروف، لكنه يذكر هذا، يذكره أهل العلم في فضائله، وفي مناقبه -عليه الصلاة والسلام-، في شمائله يذكر مثل هذا.

طالب: يا شيخ بالنسبة للحوض يذود الناس عنه لأهل اليمن؟

ويش فيهم؟ يذود أهل اليمن وإلا يذود الناس عنهم؟ يعني هذه مزية لأهل اليمن؟

طالب: أنا أسأل يا شيخ؟

أنت اللي وردت، لا شك أن فضائل أهل اليمن ثابتة في الأحاديث الصحيحة، لهم فضائل ثابتة «الإيمان يمان، والحكمة يمانية»، «يأتيكم أهل اليمن أرق الناس قلوباً، وأعمقهم إيماناً» إلى آخره، على كل حال الفضائل ما تُنكر، نعم.

طالب: ما المقصود من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-......

كل ما كان في جهة الجنوب مما يسامت اليمن الحالي إلى الطائف أو قريب منه، في العرف القديم كله يمن،

نعم.

"حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، وساق الحديث وفيه: ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي، ومن شاء فليمكث» فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة، فقال: «هذه طابة، وهذا أحد وهو جبل يحبنا ونحبه».

 حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا قرة بن خالد عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أحداً جبل يحبنا ونحبه».

وحدثنيه عبيد الله بن عمر القواريري قال: حدثني حرمي بن عمارة قال: حدثنا قرة عن قتادة عن أنس قال: نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أحد فقال: «إن أحداً جبل يحبنا ونحبه»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، وساق الحديث" يعني بطوله بالتفصيل وفيه: "ثم أقبلنا" يعني رجعنا، قفلنا "حتى قدمنا وادي القرى" أين يقع وادي القرى؟

طالب: في الشمال يا شيخ.

طالب آخر: في المدينة.

هو بينهما، لكن بالتحديد، ويش يصير؟

طالب........

يعني ما في بلد دخل في هذا الوادي وصار معروف؟

طالب........

عليه قرى، لكن المكان الذي أسرع فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، «إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي»؟

طالب: العلاء.

العلاء، نعم بالعلاء، والعلاء موطن حصل فيه عذاب لقوم، ومع الأسف أنه يزار الآن، بدل من أن يسرع الناس يزورونه، ولا شك أنه محاط بسياج وشبوك، وما أشبه ذلك، وهناك مسجد قديم يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى فيه، ولا يثبت هذا الخبر، وقد رمم وجدد، وأعيد بناؤه، نعم.

طالب: في العلاء؟

بالعلاء إيه، وفي مطالبات الآن بهدمه، وإزالة معالمه؛ لأن البيوت المجاورة لها كلهم انتقلوا ما في أحد. "«فمن شاء منكم فليسرع معي، ومن شاء فليمكث» فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة فقال: «هذه طابة»" تقدم بعض أسمائها، ومنها طابة "«وهذا أحد، وهو جبل يحبنا ونحبه»".

وقعت حوله المشهورة، الغزوة المشهورة بغزوة أحد، ولا شك أن أحد جماد، ومحبة بعض الأماكن، وبعض البقاع لا شك أن منها ما هو شرعي، مما جعل الله له مزية، شرّف الله -جل وعلا- بعض البقاع على بعض، وهذا الجبل يحبه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو يحب النبي وأصحابه، ولما صعد عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر وبعض الصحابة ارتجف، فقال: «اثبت أحد، فأنما عليك نبي وصديق وشهيدان» اللهم صلي عليه، فثبت، "«يحبنا ونحبه»" محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- للجبل ما فيها إشكال، ظاهرة؛ لأنه محل للحبة، لكن محبة الجبل للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهو جماد، منهم من يقول: يحبنا يعني يحبنا أهله، الذين يسكنون حوله، ومنهم من يقول: لا مانع من أن يجعل الله -جل وعلا- في هذا الجماد تمييزاً، تصدر منه علامات المحبة، لا سيما وقد استجاب لطلب النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اثبت» فثبت، والقدرة الإلهية ما في شك في صلاحيتها لمثل هذا، فالجمادات تتكلم {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [(11) سورة فصلت] ولا مانع أن يوجد فيها هذا الميل القلبي، والمحبة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ووجد من بعض الجمادات قريب من هذا، مثل حنين الجذع، الذي كان يخطب إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومثل تسبيح الحصى، ومثل أمور كثيرة، رد السلام عليه -عليه الصلاة والسلام-، السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنها أمور كثيرة ذكرت في شمائله، كثير منها صحيح، وأكثرها لا يثبت، نعم.

"حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب واللفظ لعمرو قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام».

حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد: أخبرنا وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام».

حدثني إسحق بن منصور قال: حدثنا عيسى بن المنذر الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر مولى الجهنيين، وكان من أصحاب أبي هريرة أنهما سمعا أبا هريرة يقول: "صلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء، وإن مسجده آخر المساجد"، قال أبو سلمة وأبو عبد الله: "لم نشك أن أبا هريرة كان يقول عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنعنا ذلك أن نستثبت أبا هريرة عن ذلك الحديث، حتى إذا توفي أبو هريرة تذاكرنا ذلك، وتلاومنا أن لا نكون كلمنا أبا هريرة في ذلك، حتى يسنده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن كان سمعه منه فبينا نحن على ذلك جالسنا عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، فذكرنا ذلك الحديث، والذي فرطنا فيه من نص أبي هريرة -رضي الله عنه- فقال لنا عبد الله بن إبراهيم: "أشهد أني سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد».

حدثني محمد بن المثنى وابن أبي عمر جميعاً عن الثقفي قال ابن المثنى: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سألت أبا صالح: هل سمعت أبا هريرة يذكر فضل الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: لا، ولكن أخبرني عبد الله بن إبراهيم بن قارظ أنه سمع أبا هريرة يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة، أو كألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا أن يكون المسجد الحرام».

وحدثنيه زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد ومحمد بن حاتم قالوا: حدثنا يحيى القطان عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام».

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن نمير وأبو أسامة ح وحدثناه ابن نمير قال: حدثنا أبي ح وحدثناه محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب كلهم عن عبيد الله بهذا الإسناد.

وحدثني إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن موسى الجهني عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول بمثله، وحدثناه ابن أبي عمر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله.

وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعاً عن الليث بن سعد قال قتيبة: حدثنا ليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: إن امرأة اشتكت شكوى فقالت: إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تسلم عليها، فأخبرتها ذلك، فقالت: اجلسي فكلي ما صنعتِ، وصلي في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة».

اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب واللفظ لعمرو" وإذا كان اللفظ لعمرو فما لزهير؟ له المعنى "قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-" وهذه الصيغة كما قرر أهل العلم صيغة رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»".

"«مسجدي هذا»" يقتضي أن يكون المراد به المسجد الذي بناه النبي -عليه الصلاة والسلام- بحدوده دون ما زيد فيه؛ لأنه أشار إلى موجود، وحينما أراد بيان فضل المسجد الحرام قال أطلق، ولم يقل المسجد المعروف المحدود فتدخل فيه زياداته، وهذا اختيار جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: المسجد هو مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- مهما زيد فيه، فالزيادة لها حكم المزيد.

"«أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»"

«أفضل من ألف صلاة» ومعلوم أن هذا الفضل إنما هو في الأجر المرتب على الصلوات، لا في ما يعادلها من الصلوات، بمعنى أنه لو كان عليه قضاء صلوات ألف يوم، وذهب إلى المسجد النبوي، وصلى فيه الفرائض الخمس تكفي وإلا ما تكفي؟ ما تكفي إجماعاً، كما أن من قرأ: قل هو الله أحد، وإن كانت تعدل ثلث القرآن إلا أنها لا تكفي لمن نذر أن يقرأ القرآن، أو يختم ختمة، أو ما أشبه ذلك.

"«إلا المسجد الحرام» «أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»".

الحديث يستدل به المالكية على تفضيل المسجد النبوي على جميع المساجد حتى المسجد الحرام، ويستدل به الجمهور على تفضيل المسجد الحرام على المسجد النبوي، كيف؟

طالب:.......

كيف؟ قرر.

طالب:.......

يعني واضح أن الفريقين كلهم يستدلون بالاستثناء؟

طالب:........

احتمال أن يكون يفضل عليه بتسعمائة، أقل، تسعمائة مثلاً، أو خمسمائة، نعم.

طالب:........

فيما هو أقل من ألف، والاحتمال الثاني، وهو قول الجمهور، صلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فإنه يفضل أكثر من ذلك، فإن فضله أكثر من ذلك.

"حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد: أخبرنا وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام»" يعني لو لم يرد إلا هذا اللفظ لكان لقول المالكية وجه، يعني لصار القولان متساويين؛ لأن الاحتمالين على حد سواء، لكن جاء ما يرجح الاحتمال الثاني، وهو أن المسجد الحرام أفضل من المسجد..، الصلاة في المسجد الحرام أفضل من المسجد النبوي بمائة صلاة، فيكون صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قال: "حدثني إسحق بن منصور قال: حدثنا عيسى بن المنذر الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر مولى الجهنيين، وكان من أصحاب أبي هريرة أنهما سمعا أبا هريرة يقول: "صلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يقول: صلاةٌ، ما رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني في هذا الطريق ما رُفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "صلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "آخر الأنبياء، وإن مسجده آخر المساجد" يعني هل هذه علة مطردة في التفضيل؟

طالب:...... في حالة واحدة المساجد المفضلة مثلاً، أو مساجد المدينة.......

يعني هل كونه آخر المساجد؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كونه خاتم النبيين من مناقبه ومن فضائله وشمائله وخصائصه، لكن كون المسجد آخر المساجد، العلماء يقررون أن القدم له مزية على التأخر، فالمسجد القديم أكثر أجراً -من يصلي فيه- من المسجد الجديد، هذه أمور زائدة على القدر الذي يشترك فيه جميع الناس مما يحصلون عليه من أجر الصلوات، يعني لو قُدر أن إنسان مع آخر حضور القلب بالنسبة لهما على حد سواء، وكل منهما يحصل من الأجر على نصف الصلاة، إلا أن هذا صلى في المسجد قديم، وهذا صلى في مسجد جديد، أو هذا صلى في مسجد تكثر فيه الجماعة، وهذا صلى في مسجد تقل فيه الجماعة، أو أن هذا صلى في مسجد يؤمه إمام من أئمة المسلمين، وهذا يؤمه شخص عادي، ففضل الإمام له مزية بلا شك على من دونه.

العلة المنصوصة هذه "فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء، وأن مسجد آخر المساجد" يعني هل هذه مطردة، والتأخر له مزية؟ لا.

طالب:.......

ما في شك أن هذه مطابقة، نعم.

طالب: كونه بناه هو النبي بنفسه، وآخر مسجد بني بيد نبي.....

طيب لو انهدم وبني بيد غيره؟

طالب: هذا لا بأس، بس الأصل التأسيس.

لا هنا عندنا العلة المذكورة المنصوص عليها في كونه -عليه الصلاة والسلام- آخر الأنبياء هذا ما فيه إشكال، كونه آخر المساجد، والمقصود بذلك مساجد الأنبياء، وإلا المساجد ما زالت تعمر إلى قيام الساعة، آخر المساجد، لا شك أن هذه مطابقة من وجه، هذا اشتركا في الآخرية، لكن لا يلزم من الآخرية الفضل المطلق.

قال أبو سلمة وأبو عبد الله: "لم نشك أن أبا هريرة كان يقول عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمنعنا ذلك أن نستثبت أبا هريرة" يقولون: نحن نجزم أن أبا هريرة لا يمكن أن يقول هذا الكلام من تلقاء نفسه، لا يمكن أن يقول هذا التفضيل من كيسه، إنما يأوي فيه إلى شيء يأثره عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا الأمر تركوه ما سألوه، "فمنعنا ذلك أن نستثبت أبا هريرة عن ذلك الحديث حتى إذا توفي أبو هريرة تذاكرنا ذلك وتلاومنا" كل منهم قال: ليتنا سألنا، "وتلاومنا أن لا نكون كلمنا أبا هريرة في ذلك حتى يسنده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني صراحة، "إن كان سمعه منه، فبينا نحن على ذلك" على ذلك المجلس والتلاوم "جالسنا عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، فذكرنا ذلك الحديث، والذي فرطنا فيه" قلنا له: إننا ما استثبتنا، سمعنا أبا هريرة يقول، ولم يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا تثبتنا منه حتى مات، فتلاومنا على ذلك، لام بعضنا بعضاً "والذي فرطنا فيه من نص أبي هريرة عنه فقال لنا عبد الله بن إبراهيم: "أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد»".

كونه آخر الأنبياء، يدل على أن شريعته نسخت الشرائع، وهذه فائدة عملية من كونه آخر الأنبياء، لكن ماذا عن آخرية المسجد؟ لا سيما وأن عامة أهل العلم على تفضيل المسجد الحرام على المسجد النبوي، نعم.

طالب: الأول: آخر الأنبياء تفضيل، آخر المساجد فُضّل.

فُضِّل بكونه آخر، طيب.

طالب: المساجد فناءً، تفنى، تفنى المساجد كلها في الأرض فيكون مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر مسجد.

لا، هو السياق، سياق تفضيل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- فضل لكونه آخر الأنبياء، وشريعته نسخت الشرائع، والمسجد النبوي فضل لكونه آخر المساجد.

طالب:........

كيف له؟

طالب: مساجد يصلي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيها هذا الفضل الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن صلاة فيه تعدل ألف صلاة.

يعني كون آخر الأنبياء يصلي في آخر مسجد هذه ميزة، يعني كونه انتقل من المسجد الحرام إلى المسجد النبوي هذه ميزة، لكن متى تكون ميزة؟

طالب:........

لا، لا، متى تكون ميزة؟

طالب:........

لا، إذا انتقل عن الأول رغبة عنه، وانتقل منه إلى الثانية رغبة إليه، تكون ميزة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لمكة: «إنك لأحب البقاع إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت» فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما خرج من مكة، ولا ترك مسجدها رغبة عنها، فتكون الميزة فيما لو خرج رغبة عن المسجد الأول إلى الثاني، لا شك أن كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي في هذا المسجد، وتطول صلاته فيه، وتطول ملازمته له، لا شك أنها ميزة، ميزة لهذا المسجد، نعم.

ما يقال: إن المسجد....... من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى......

لكن السياق سياق تفضيل، تفضيل أو فضل؟

طالب:.......

هل السياق سياق تفضيل أو سياق فضل؟ كونه سياق فضل ما في إشكال.

طالب: تفضيل نسبي يا شيخ، قد يكون تفضيل نسبي، بعض الصحابة......

كونه فضل...

طالب:...... ولكن أبو بكر أفضل منه وجهاً، مثل أبي في القرآن، وزيد في الفرائض، وأبو بكر أفضل.....

شوف ترى مثل هذا الكلام يقوله بعض الغلاة، يقول: هو أفضل من المسجد الحرام نسبياً؛ لوجود البقعة الطاهرة التي هي أفضل من كل بقعة، أفضل حتى من العرش، نعم.

طالب:.......

القبر.

طالب: لا أنا ما أقصد.

أنا أعرف أنك ما تقصد، يعني كونه سياق فضل لا إشكال فيه، لكن كونه سياق تفضيل لا يمنع، يكون هذا فضل عام، نعم، يخص بما جاء في فضل المسجد الحرام، فضل عام يخص بما جاء في فضل المسجد الحرام

وإشارتك إلى الفضل النسبي نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- آخر الأنبياء وأفضل الأنبياء بلا شك، وسيد ولد آدم، ولا أحد يشك في هذا، لكن الأمور النسبية، يعني هذا من حيث الإطلاق، لكن في أمور نسبية، كون إبراهيم يكسى قبل محمد -عليه الصلاة والسلام-، نسبي، لا يقتضي التفضيل المطلق، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أول من تنشق عنه الأرض، فإذا قام إذا موسى آخذ بقائمة العرش، هذا تفضيل نسبي، لكن يبقى أن محمد -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وما قررته قريب ترى، ما هو بعيد، لكن نريد أن نفرق بين من يتجه الاتجاه المبني على قواعد علمية، وبين من يبني على لا شيء، يعني من فضل المسجد النبوي لأن فيه هذه البقعة التي لا يعدلها شيء، بل هي أفضل البقاع وأحبها إلى الله -جل وعلا-؛ لوجود الجسد الطاهر فيها، نعم إذا كان على ما قال أهل العلم إذا كان المراد هذه البقعة بما تضمه من هذا الجسد فالكلام صحيح، لكن إذا كانت البقعة مجردة فلا، إذا كان مجرد..، القبر مجرد، أما وفيه هذا الجسد الطاهر فلا أفضل منه ولا أشرف من أي مخلوق، فالكلام الذي أشار إليه الشيخ وأن المسألة نسبية كلام صحيح ما في إشكال، فهو من هذه الحيثية كونه آخر أفضل، ويبقى تفضيل المسجد الحرام عليه من جهات أخرى.

قال: "حدثنا محمد بن المثنى وابن أبي عمر جميعاً عن الثقفي قال ابن المثنى: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت أبا صالح: هل سمعت أبا هريرة يذكر فضل الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: لا، ولكن أخبرني عبد الله بن إبراهيم بن قارظ أنه سمع أبا هريرة يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة، أو كألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا أن يكون المسجد الحرام»".

قال: وحدثنيه زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد ومحمد بن حاتم قالوا: حدثنا يحيى القطان عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

قال: وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام».

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن نمير وأبو أسامة ح وحدثناه ابن نمير قال: حدثنا أبي" إلى آخر الطرق كلها بمثله، أو نحوه.

ثم قال: "وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعاً عن الليث بن سعد قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا ليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس" قالوا: الصواب ابن عباس، إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، هكذا قال الدار قطني، والبخاري في تاريخه الكبير، "أنه قال: إن امرأة اشتكت شكوى فقالت: إن شفاني" يعني مرضت فنذرت إن شفاها الله -جل وعلا- لتخرجن فلتصلين "في بيت المقدس فبرأت، ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تسلم عليها فأخبرتها ذلك فقالت: اجلسي فكلي ما صنعت" إيش كلي ما صنعت؟ يعني ما أعددته لسفرها كليه هنا، وارتاحي، "كلي ما صنعت، وصلي في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة».

وهذا بالنسبة لمن نذر أن يصلي في أي مسجد لا مزية له لا يلزمه الوفاء بالنذر، يصلي في أي مسجد، فإن كانت له مزية لا يكفي أو لا يفي بنذره حتى يصلي فيه، أو فيما هو أفضل منه، فإن نذر أن يصلي في بيت المقدس فله أن يصلي فيه، وله أن يصلي في المسجد النبوي والمسجد الحرام، لكن إن نذر أن يصلي في المسجد النبوي لا يكفيه أن يصلي في بيت المقدس، وإن صلى في المسجد النبوي أجزأه، وإن صلى في المسجد الحرام أجزأه، وإن نذر أن يصلي في المسجد الحرام فلا يجزيه أن يصلي إلا أن يصلي في المسجد الحرام، نعم.

طالب:........

وكذلك الاعتكاف إذا نذره.

طالب:........

لا، إذا قلنا: إن الصلاة في المسجد النبوي بألف، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف، نقول: مائة، مائة مرة بالمسجد النبوي.

طالب:.......

لا، لا، نشوف ما قال الشيخ في هذه الملاحظة يقول: كون مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر المساجد أي آخرها يفضل، فلا يفضل مسجد بعده، وهذا فيه إغلاق لباب الابتداع في مساجد أخرى، يزعم المبتدعة أن لها فضل، السياق ظاهر؟

طالب: واضح الكلام.

وهو متجه وإلا ما هو بمتجه؟

طالب: احتمال.

يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- آخر نبي، وفُضّل بكونه آخر..، هل من أجل أن يسد الباب على ألا يدعي أحد الأفضلية؛ لأن السياق واحد، كون مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-..، لا شك ملحظ جميل هذا، لكن هل السياق يدل عليه؟ كون مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر المساجد، أي آخرها يفضل، يعني آخر مسجد له فضل، ومزية على غيره، فلا يفضل مسجد بعده، وهذا فيه إغلاق لباب الابتداع في مساجد أخرى يزعم المبتدعة أن لها فضل.

طالب: مسجد يا شيخ قباء فيه فضل؟

لكنه قبله، بني قبله، ما يرد.

طالب:........

ما يرد، ما يرد، ما يرد على كلام الشيخ، وعلى كل حال كل هذه احتمالات، وكلها مقبولة، والأمر قد يعلل بأكثر من وجه، هذا التفضيل لهذه المساجد، المسجد الحرام عند الجمهور بمائة ألف صلاة، والمسجد النبوي بألف صلاة، وجاء في المسجد الأقصى أنه بخمسمائة صلاة، لكن ما جاء في المسجدين، أو في الحرمين أكثر، وإذا قال أهل العلم: أكثر، يعني أقوى، نعم.

طالب:.........

لا بد من جمع الروايات كلها، لا بد من جمعها، وباجتماعها يتبين هذا، أن المسجد النبوي بألف صلاة، والمسجد الحرام بمائة صلاة بالنسبة للنبوي، ومائة ألف من حاصل الضرب بالنسبة لغيره، وبيت المقدس إن ثبت فيه الخبر ففيه خمسمائة صلاة.

طالب:.......

وين؟

طالب:........

وهم من راويها، وهم، سمع المائة ألف فظنها على الجميع.

طالب: بس يا شيخ ما جاء عدد أقل من الخمسمائة يا شيخ؟

الأقصى؟

طالب:........

كم؟

طالب: مائتين وخمسين.

اللي أحفظ خمسمائة، على كل حال الثابت في المسجدين، وأما المسجد الأقصى ففيه، جاء في فضله أحاديث، وهي الأرض المباركة {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [(1) سورة الإسراء].

المراد بالصلاة في هذا التفضيل، منهم من حملها على عمومها، قال: جنس الصلاة، حتى من يقول: إن سجدة الشكر أو سجدة التلاوة صلاة تفضل بمائة ألف سجدة في المسجد الحرام، ومنهم من يحمل الحديث على عمومه فيقيس سائر العبادات على الصلاة، الجنازة وغير الجنازة، ومنهم من يخص ذلك بالفرائض، الصلوات المفروضة التي تؤدى في المساجد، أما ما جاء تفضيل فعله في البيوت فهي في البيت أفضل من فعلها في المسجد، ولو حصلت هذه المضاعفات، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال: «صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة» أين قال هذا الكلام؟ في المدينة، فهل نقول: إن الإنسان يحرص على النوافل في المسجد النبوي؛ ليحصل على مائة ألف صلاة، ويترك البيت؟ لا،

طالب: بألف صلاة.

ألف صلاة نعم، أفضل من البيت؟ لا، يصلي النوافل في البيت وهي أفضل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها في بيته، لا سيما ما كان منها بالليل، راتبة المغرب، راتبة العشاء، راتبة الصبح، كلها يصليها في بيته، ويصلي بقية النوافل، وحث على ذلك، فلا تدخل في هذا عند جمع من أهل العلم، وإن قال بعضهم: الحديث على إطلاقه، فما كان في المسجد فضله في فعله في المسجد، وما كان في البيت فضله في فعله بالبيت بنفس النسبة، أما بالنسبة للمسجد الحرام ومكة كلها حرم عند جمهور أهل العلم، هذا ما فيه إشكال، يعني تصلي في بيتك بمائة ألف صلاة، عند عامة أهل العلم، عند جماهير أهل العلم.

وأما من يخص المسجد الحرام بالمسجد، مسجد الكعبة، المحوط بالأسوار بزياداته مهما زيد فيه على قول الجمهور، فإنه يجعل البيوت بمكة كغيرها من البلدان، لكن فضل الله واسع، والأدلة تضافرت على إرادة جميع الحرم بهذا التفضيل.

طالب: يقول مسجد الكعبة.

بلد الكعبة بعد، إيش يصير؟ لو قال: بلد الكعبة إيش يصير؟

طالب:........

ما في إشكال {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] من أين أُخرجوا من المسجد وإلا من مكة؟ من البيوت، من مكة.

طالب:.........

لا عاد كونه أسري به من بيت أم هانئ فيه ضعف.

طالب: فيه ضعف يا شيخ؟

فيه ضعف نعم، وأنه كان نائم في المسجد، لكن "إخراج أهله" من أين أخرجوهم؟

طالب:..... في مسجد الكعبة.

وأخرجوهم من المسجد؟ مسجد الكعبة وإلا من مكة؟

طالب: ..... الأحاديث في المسجد الحرام...

لا، لا، النصوص تجمع بكاملها، وفيه أكثر من دليل على أن المراد مكة، وهو قول جماهير أهل العلم.

طالب: الصحابة، من الصحابة...

ابن عباس، ابن عباس انتقل من مكة إلى الطائف، وجاء في قصة الحديبية أنهم إذا جاء وقت الصلاة دخلوا إلى الحرم.

طالب:.........

المقصود أن الأدلة متضافرة على هذا، والتحجير، تحجير الواسع، وفضل الله -جل وعلا- أعظم من أن يحد بمثل هذه الأقوال.

طالب: هل يفرق بين الزائر، يقول: أنا أمكث بضعة أيام فأصلي النوافل في الحرم بدل ما أصليها في البيت؟

هذا إذا قلنا: إن النوافل تشرع في حقه، اقرأ الباب الأخير خلينا نشوف.

"حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعاً عن ابن عيينة قال عمرو: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة: مساجد مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى».

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد غير أنه قال: «تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد».

وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يخبر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعاً عن ابن عيينة قال عمرو: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»" هذه هي المساجد التي يجوز أن تشد الرحال إليها، وما عدى ذلك لا يجوز السفر إليها باعتبارها لذاتها، لكن إذا سافر إلى مسجد لأن إمامه متميز، فيه ميزة عن غيره، إما بصوته المؤثر، أو لعلمه الذي يبذله لمن يصلي معه، يعني المسألة مسألة بقاع، البقاع لذاتها لا تشد إليها الرحال إلا إلى هذه البقاع الثلاث، لكن لو وجد إمام مؤثر بالخرج مثلاً، وقال: أنا أذهب إلى الخرج، وأعتكف هناك، أو في القصيم، أو في الشمال، أو في الجنوب، أو حتى في مكة، أو في المدينة غير المسجدين، يقول: في إمام مؤثر، وإذا ابتعدت عن بلدي لا شك أنه.. أتفرغ للعبادة أكثر مما لو اعتكفت في بلدي، لهذه المقاصد، لا لذات البقعة، مبرر وإلا غير مبرر؟ يعني المنع من مثل هذا الاحتمال، من مثل هذا الإيراد، لذات المقصد، أو لما يجر إليه.

طالب:.......

إيه؛ لأنه أحياناً يكون مقصد الإنسان حسن، في باطنه، لكنه في الظاهر يفتح باب، يعني لو وجد مثلاً إمام في جهة ما، يعني مسافة قصر أو أكثر، لكن هذا الإمام يحضر قلبك عند قراءته، بغض النظر عن المسجد، يقول: لو أنا قصدت المسجد ما ذهبت، أنا أذهب لهذا الإمام، يعني كما تذهب إلى زيارة فلان، أو صلة فلان، أو الصلاة على فلان، يعني أنت ما قصدت البقعة، يعني حينما صلي على الشيخ مثلاً بالمسجد الحرام مثلاً، أنكر بعض الناس، من أنكر أن يُسافر من أجل هذا، لكن افترض أنه صلي عليه بالطائف حيث مات، يسافر الناس وإلا ما يسافرون؟ يسافرون؛ لأنه ليس المقصود البقعة، المقصود الصلاة براً بهذا الشيخ، كما لو كان حياً في زيارته، أو كان مريضاً في زيارته، ونقول مثل هذا: لو توفي الأب أو الأم في بلد آخر، نقول: ما يجوز أن تسافر تصلي على أبيك أو على أمك؟ ما يقول بهذا أحد، وقد وجد من ينكر، لكن لا وجه للإنكار؛ لأنه ليس المقصود السفر إلى البقعة، والإجابة بأن الصلاة عليه، السفر للصلاة عليه من أجل المسجد الحرام، لا، يعني لو كان بالطائف مثلاً، سافر الناس للصلاة عليه، يموت العلماء في الرياض، ويفد طلاب العلم من الجهات إلى الرياض، لم يسافروا من أجل تقديس بقعة، بل سافروا لأمر شرعي نظير الصلة، ونظير الزيارة، وزيارة المريض، وزيارة العالم، والرحلة في طلب العلم، المقصود أن المراد بذلك الأجر المرتب، والأمور بمقاصدها، لكن لو زار بقعة لا يعرف، أو لا يُعرف السبب، لا يعرف السبب إلا هو، إمام عادي عند الناس كلهم، يوجد في الخرج إمام عادي أو في القصيم الناس ما يعرفون له مزية، فسافر قال: أنا والله أرتاح لهذا الإمام، أنا ما ذهبت من أجل البقعة، إنما ذهبت من أجل الإمام أرتاح له، وهذا يخفى على الناس كلهم، لا شك أن مثل هذا يُمنع، مثل هذا يمنع، لماذا؟ لأنه يفتح باب، والأحكام الشرعية ينبغي أن تكون معللة بعلل ظاهرة، لا تربط بعلل خفية، كثير من الناس ورأيناهم يذهبون من الرياض ومن الشرقية ومن الشمال والجنوب يعتكفون بمسجد الذي يصلي فيه المحيسني بمكة، ما ذهبوا إلى المسجد الحرام، نعم لو ذهبوا إلى المسجد الحرام، وأدوا العمرة، سافروا من أجل العمرة والاعتكاف هناك لا يحتاج إلى شد رحل ما في إشكال.

طالب:........

لا، بس ما في ذهنه أنه يعتمر، هو من الأصل رائح يبي يعتكف في مسجد المحيسني، وقال: ما دام رايح رايح...

طالب:........

هذه علل مقبولة وهي الظاهر، ولا يظن بهم إلا هذا، لكن أنت افترض أن شخصاً قال: المسجد الحرام، مكة كلها حرام، في مسألة الشد خاص بالمسجد، والمضاعفة عامة في البلد، فلا يشد إلا إلى المسجد الحرام، فلا يشد الرحل من أجل أن يعتكف في المكان الفلاني أو العلاني، لا، طيب ذهب إلى مكة واعتمر وانتهى، وأهله في الرياض، وفي القصيم شخص يتأثر بقراءته وهو راجع راجع من مكة يا إلى الرياض، أو إلى القصيم، وقال: بدل ما أروح للرياض أروح للقصيم، هو شد الرحال من أجل إيش؟

طالب:.........

يجوز وإلا ما يجوز، نعم؟

طالب:.........

خلونا نتجاوز هذه المرحلة هذه قررناها، مسألة مفترضة في شخص اعتمر وبدلاً من أن يأتي إلى مسكنه بالرياض قال: أذهب إلى القصيم، وأعتكف هناك لأتفرغ للعبادة، وأسمع صوت هذا العبد الصالح، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟

طالب: ما في إشكال لأنه سافر من أجل سماع صوته...

لكن لو رجع إلى الرياض ثم سافر إلى القصيم؟ مسألة الأمور الخفية لا شك أنه لا يعلق عليها حكم شرعي، وسد الذرائع في مثل هذا الباب أمر مطلوب، وأردت أن أنتقل في العشر الأواخر إلى مسجد معين في القصيم ثم تركت، من أجل سد الذريعة؛ لأني أعرف طلاب من طلابنا يمكن في السنوات القادمة يسوون مثل هذا، وقد تختلف مقاصدهم، أنت ما تضمن قلوب الناس، فمثل هذا لا بد من سده، والرحال لا تشد إلا إلى المساجد الثلاثة، ولو وجد مثل هذا المبرر يحتسب الإنسان، ويتجاوزه لينال من الأجر أعظم مما قصد -إن شاء الله تعالى- في فعله هذا.

شد الرحال إلى المساجد الثلاثة، البقع الثلاث، شد الرحال لطلب العلم في أي بقعة كانت هذا شرعي، شد الرحال للجهاد للتجارة لأي مقصد للسياحة إنما من أجل الصلاة في بقعة معينة غير البقاع الثلاث هذا ممنوع، وجاء: «لا تشد الرحال» شد الرحال إلى الأضرحة والمزارات والبقاع والعتبات وما أشبه ذلك مما وقع فيه كثير من المبتدعة، إذا منع من شد الرحل إلى مسجد فلأن يمنع من شد الرحل إلى قبر أو مزار أو عتبة أو ما أشبه ذلك من باب أولى.

وأفتى جمع من أهل العلم بتحريم ذلك، منهم أبو محمد الجويني وشيخ الإسلام ابن تيمية وعامة أهل العلم، شد الرحل إلى زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- لزيارة قبره، وجاء فيها أحاديث كثيرة، وكلها ضعيفة جداً، بل حكم جمع من أهل العلم بوضعها، وقرر شيخ الإسلام هذا في رسائل، ليس في رسالة واحدة، وهي مجموعة، جمع بعضها في المجلد السابع والعشرين من مجموع الفتاوى، وقرر أن شد الرحل لزيارة القبر لا تجوز، قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن غيره، وإن جاء ما فيه من الأحاديث الضعيفة، فإنها لا تقوى على أن تكون أصلاً يعتمد عليه في هذه المسألة.

رد عليه السبكي في شفاء السقام بمشروعية زيارة خير الأنام -عليه الصلاة والسلام-، رد على شيخ الإسلام، وأورد من أقوال أهل العلم، وأورد أيضاً من الأحاديث الضعيفة، وأورد أيضاً عموم الأمر بزيارة القبور، «زوروا القبور»، «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» شيخ الإسلام ما يمنع زيارة القبور، إنما يمنع شد الرحل للقبور، هذا الذي يمنعه شيخ الإسلام، لكن من كان بالمدينة ولا يحتاج إلى شد رحل من أفضل الأعمال، مأمور بها، من أهل العلم من أوجب زيارة القبور، وهذا منها، بل من أهمها وأشرفها، فشيخ الإسلام لا يمنع من زيارة القبور، وإنما يمنع من شد الرحال إلى القبور، فلا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.

السبكي رد على شيخ الإسلام بمجلد، ثم جاء ابن عبد الهادي فرد على السبكي في كتاب سماه: (الصارم المنكي أو المبكي في الرد على السبكي) رحم الله الجميع، ثم جاء بعد ذلك من ينتصر للسبكي في رسالة، في مجلد صغير اسمه: (نصرة السبكي) وأورد ما أورده السبكي، وزاد عليه من الأخبار والآثار التي لا تثبت، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ} [(64) سورة النساء] جاءوك شامل لما كان في حياته وبعد مماته، لكن عامة أهل العلم على أنه في حياته، كيف يستغفر لك الرسول وهو ميت؟ نعم وقصة العتبي وإن أوردها الحافظ بن كثير لا تثبت.

طالب.....

إيه موضوعة بلا شك.

طالب: وإن ثبتت فهي رؤيا منام، هل يحكم فيها؟

على كل حال مثل هذه الأمور لا يثبت فيها حكم.

قال: "وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد غير أنه قال: «تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد»".

تشد الرحال، واللفظ الأول الذي فيه الحصر أقوى في الدلالة على المنع.

قال: "وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما يسافر –حصر- إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء»".

إيلياء: بيت المقدس، وتقال بهذا الضبط بالهمزة في أولها مع الياء مع الياءين واللام والمدة في آخره، ويقال: إليا، بدون الياء الأولى، ويقال: إيليا بدون همز، ثلاث لغات.

طالب:........

لا، لا ما يمنع، مادام قصده العمرة، لكن ماذا عما لو شد الرحل من هنا من الرياض إلى زيارة المسجد والقبر؟ زيارة مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- والصلاة فيه مع القبر، هل يقال: ممنوع؟ التشريك في مثل هذه النية؟ تشريك مأمور بمحظور، ما يصلح، فيمحض الزيارة للمسجد، وإذا وصل يزور بدون شد.

طالب: بس النية مبيتة مسبقاً.

نعم؟

طالب: يخطر على الإنسان ولكن لا يعزم.....

شوف النيات إذا هجمت على القلوب فلا يخلو: إما أن يكون هو أحد أمرين: إما أن يكون ممن يرى تحريم شد الرحل، فهذا يبي يشد إلى المسجد، أو يرى جواز شد الرحل فهذا لو تقول له: مساجد الدنيا ما عدلت القبر عنده، والله المستعان.

طالب: فعل مسلم الآن، الحديث الأول: قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» هنا النهي المؤكد، ثم خفف النهي بقول: «تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد»؟

هذا من تصرف الرواة، المسألة حصر، كل الطرق لا تشد، أو إنما يسافر، اقرأ الباب.

قال: "حدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد الخراط قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: «هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة، قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره.

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن عمرو الأشعثي قال سعيد: أخبرنا وقال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد عن أبي سلمة عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله، ولم يذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد في الإسناد".

يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد الخراط قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟" يعني أي المسجدين؟ مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو مسجد قباء؟ لا شك أن مسجد قباء بني قبل المسجد النبوي، بناه النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل دخوله المدينة، ثم دخل المدينة فبنا مسجده، فالأولية المطلقة لمسجد قباء، وإذا قلنا: إن أول مسجد أسس على التقوى هو المسجد النبوي، فماذا عن مسجد قباء؟ هو أول، لكن هل نقول: إنه لم يؤسس على التقوى؟ إذا قلنا: إن أول مسجد أسس على التقوى هو مسجد قباء خالفنا هذا الحديث، مع أنه جاء في سنن أبي داود وفيه ضعف لما نزلت الآية: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل قباء: «إن الله أثنى عليكم فما صنيعكم؟» قالوا: كنا نتبع الحجارة الماء، لكن الحديث ضعيف، ولا يقاوم مثل هذا الخبر الذي بين أيدينا، فإذا قلنا: إن أول مسجد أسس على التقوى كما هو مقتضى وصريح حديث الباب وهو أصح ما ورد في الباب فماذا عن مسجد قباء؟ لا نستطيع أن نقول: إنه قبل المسجد النبوي؛ لأن الواقع يرد هذا، ولا نقول: إنه لم يؤسسه النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي امتلأ قلبه بالتقوى، فماذا نجيب؟ فبماذا نجيب؟ نعم.

طالب:........

شوف السياق: فقلت: يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى؟

طالب: يعرف أول مسجد في الإسلام، من هذا الطريق أنه هذا أسس الذي هو مسجد قباء، ما يكون دفع توهم، دفع توهم.

كيف؟

دفع توهم إن كان توهمه بعض الناس في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مسجد قباء، فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذا مؤسس على التقوى.

إيه لو كان السياق أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ مفهوم الكلام أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ ألا يفهم منه أن الثاني ما أسس على التقوى؟ تحليل ألفاظ، الذي نعتقده وندين الله بغير هذا، لكن الكلام في التعامل مع اللفظ.

طالب: هذا يسأل عن......

الله يزيد فهمك يا أبو رضوان، مريح فهمك، ما يشكل عليك، أقول: ما تتعب مع النصوص ما شاء الله عليك.

طالب: أول مسجد أسس على التقوى........

صحيح كلامك، ما هو ببعيد، كلها أسست على التقوى، لكن المراد بالآية هو المسجد النبوي، وأكد ذلك، ما قال: مسجدي هذا وسكت، أخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: "«هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة، فقال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره" انحل الإشكال وإلا ما انحل؟

طالب: طيب يا شيخ لو أوردنا الآية {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [(108) سورة التوبة] لو توقفنا هنا لكان تفضيل ظاهر تفضيل مسجد المدينة على المسجد الذي أنشأه المنافقون، ثم لما أكملنا الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [(108) سورة التوبة] فيه إلماح هذه يا شيخ، هل الكلام على غير مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

فهمنا الكلام، يقول: المعادلة والمفاضلة ليست بين مسجد قباء ومسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، المسألة بين أي المسجدين الذي أسس على التقوى، مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- ومسجد الضرار؟ ولذا قال: {أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [(108) سورة التوبة] من مسجد هؤلاء المنافقين الذين بنوه ضراراً.

طالب:........

لو تلوت الآية ما صار في بعد، قد يسأل سائل أي سائل، يعني أنت رأيك في أي المسجدين الذين أسس؟ هو الإشكال وارد هنا وهناك، الإشكال وارد، يعني مفاده أن مسجد قباء ما أسس على التقوى.

طالب: ما يلزم.

ما يلزم؟ يا الله خرج لنا، الله يقويك.

طالب: لا هو قوله: أيهما اللي تتناوله الآية؟ أيهما الذين نصت عليه ونعتته الآية بالتقوى؟

طالب آخر: الآية يا شيخ في مقابل مسجد الضرار.

طالب: من أول يوم ما تدل على أولوية؟

من أول يوم مسجد قباء، من أول يوم.

طالب:........

لكان هو المراد مسجد قباء، ما قال: مسجدي هذا، يعني لو قال: مسجد قباء ما حصل أدنى إشكال؛ لأن كونه أسس على التقوى لا ينفي أن يكون المسجد النبوي أسس على التقوى؛ لأن المسألة مسألة أولية، نعم.

طالب: نص الحديث أن الذي أسس على التقوى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنص الحديث الذي معنا؟

نعم، صح.

طالب: هذا هو.

إيه لكن في مقابل، لكن هو في مقابل مسجد قباء وإلا في مسجد الضرار؟

طالب: مسجد الضرار انتهينا منه، وهو أن الله -سبحانه وتعالى- فضح أمورهم، ما يحتاج لأن يتفاوض مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يلزم من ذلك المفاضلة ما بين يعني مسجد قباء ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن السائل سأل على ما هو المقصود بالآية هنا؟

اسمع يقول الشارح: "«هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة" يقول: "هذا نص بأنه المسجد الذي أسس على التقوى" لأن تعريف الجزأين يقتضي الحصر، المسجد الذي أسس على التقوى المذكور في القرآن وردٌ لما يقول بعض المفسرين: إنه مسجد قباء، وأما أخذه -صلى الله عليه وسلم- الحصباء وضربه في الأرض فالمراد به المبالغة في الإيضاح لبيان أنه مسجد المدينة، والحصباء بالمد الحصى الصغار.

إحنا ما عندنا إشكال في فهم الحديث، الحديث واضح، الحديث ظاهر ما في فهمه إشكال، إلا أنه قد يفهم منه أن مسجد قباء لم يؤسس على التقوى بس لا أكثر ولا أقل.

طالب:........

كلام صحيح، نعم.

طالب: مسجد المدينة؟

لا هو أخذ كف من حصى وضرب به مسجده هو، مسجدكم هذا، ليس المراد بالحديث مسجد قباء، أبداً، قطعاً، وإن جاء في بعض الأحاديث التي فيها كلام أن المراد به مسجد قباء، نعم.

طالب:.........

هو الإشكالات ما تنحل إلا إذا قلنا مثل ما قال الأخ: منطوق الحديث معتبر ومفهومه ملغى: لأنه معارض، وله نظائر كثيرة، يعني يعمل بالمنطوق، ويلغى المفهوم.

نقول: أن صفة أخرى لا تنضبط على المسجد النبوي، وهو أنه أول يوم؟

أول يوم من دخولك المدينة، أما كونك في الطريق ما بعد دخلت؛ لأنه كان خارج.

طالب: هل يقال: أول يوم في الدولة الإسلامية؟

أول يوم من دخولك واستقرارك في هذه البلدة، ما في إلا مثل هذا الجواب يدفع الإشكال.

طالب: من بناه؟

ويش هو؟

طالب: قباء؟

بناه النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: بيده؟

نعم بإعانة من معه.

طالب:.......

إيش يقول؟

أقول: لا معارضة بين حديثين مسجد قباء والمسجد النبوي إلى أنه أسس على التقوى من أول يوم؟

يعني مسجد قباء هو المراد في الآية لقوله: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [(108) سورة التوبة]؟

طالب: دفع توهم يا شيخ صار في نفوس الصحابة فسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ تروا زاد إشكال، ما انحل إشكال.

طالب: إذا كان هذا فمسجد قباء على المنافقين وعلى مسجد الضرار......

لا إله إلا الله، ما شاء الله عليك.

طالب: ما يكون هذا يا شيخ لا يكون الجواب بزيادة يا شيخ تعليم للصحابة أن هذا لا ينافي أن هذا المسجد لم يؤسس فعلمهم أن.. ولكن لم يجب على الآية على أنها تنطبق على المسجد النبوي؟

أي المسجدين؟ إما أن نقول: المفاضلة بين قباء والمسجد النبوي، أو نقول: المفاضلة الآن بين مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسجد الضرار، فإذا قلنا: أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ تعريف الجزأين لغة يقتضي الحصر، ومفهوم الحصر معروف، السياق ما زال مشكل إلا إذا قلنا: بأن المفهوم غير مراد.

طالب:... مفاضلة بينهما فقال: كأنه يقول: للأتقى أو الأكثر؟

الذي أسس على التقوى، أنا ما يتجه لي حل إلا ما ذكره الأخ من أن المفهوم غير مراد، وأن غيره لا يلزم أن يكون غيره غير مؤسس على التقوى، وإلا تعريف الجزأين يقتضي الحصر، ومفهوم الحصر أن الثاني لم يؤسس على التقوى، فإما أن نقول: إن المراد بالثاني مسجد الضرار، وهو غير مؤسس على التقوى، أو نقول: إن الثاني مسجد قباء، ونقول: المفهوم غير مراد، وكثير من النصوص ألغيت مفاهيمها لمعارض راجح، كثير من النصوص ألغيت مفاهيمها لمعارض راجح.

قال: "فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال: «هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة، فقال: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره.

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن عمرو الأشعثي قال سعيد: أخبرنا وقال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد عن أبي سلمة عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله، ولم يذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد في الإسناد".

هات الباب الأخير؟

أحسن الله إليك.

"حدثنا أبو جعفر أحمد بن منيع قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر

-رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يزور قباءً راكباً وماشياً.

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي مسجد قباءٍ راكباً وماشياً، فيصلي فيه ركعتين، قال أبو بكر في روايته: قال ابن نمير: فيصلي فيه ركعتين.

وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباءً راكباً وماشياً.

وحدثني أبو معن الرقاشي زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة قال: حدثنا خالد يعني ابن الحارث عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث يحيى القطان.

وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكباً وماشياً.

وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي قباء راكباً وماشياً".

وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يأتي قباءً كل سبت، وكان يقول: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه كل سبت".

وحدثناه ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباءً يعني كل سبت كان يأتيه راكباً وماشياً".

قال ابن دينار: وكان ابن عمر يفعله.

وحدثنيه عبد الله بن هاشم قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن دينار بهذا الإسناد، ولم يذكر كل سبت".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو جعفر أحمد بن منيع قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يزور قباءً" قباء موضع قريب من المدينة، ينال بالمشي والركوب، ولا يشق المشي إليه، وهو مضبوط بالمد والقصر، والصرف وعدمه، والتذكير والتأنيث، لكن الصحيح المشهور المد والتذكير والصرف، المد والتذكير والصرف "راكباً وماشياً" يعني حال كونه راكباً، وحال كونه ماشياً.

طالب:........

قباء.

طالب: بالكسر؟

لا، هو ضبط بضبوط كثيرة، لكن هذا الصحيح المشهور قُباء، "راكباً وماشياً" وهذه الواو للتقسيم، يعني أحياناً يزوره راكباً، وأحياناً يزوره ماشياً.

قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي مسجد قباءٍ راكباً وماشياً" في الطريق الأول كان يزور قباء، قد يفهم منه الحي، الطريق الثاني مفسر كان يأتي مسجد قباء "راكباً وماشياً، فيصلي فيه ركعتين، قال أبو بكر في روايته: قال ابن نمير: فيصلي فيه ركعتين.

وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى حدثنا عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباءً راكباً وماشياً".

ثم قال: "وحدثني أبو معن الرقاشي زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة" هذا من كلام الإمام مسلم على الرواة، أبو معن الرقاشي، زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة، ويتكلم الإمام مسلم على الرواة، لكنه قليل، يعني مثلاً في الجزء الذي يلي هذا في طلاق الحائض، نعم حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير الباهلي، وكان ذا ثَبَتْ، يعني هذا توثيق له، وهذا من كلام الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- عن رواته، وهو قليل، قليل في هذا الكتاب في أثناء الكتاب، حدثني حجاج الشاعر وكان ثقة؛ لأنه يظن بالشعراء على ما جاء في وصفهم في القرآن، أنهم يقولون ما لا يفعلون، وأنهم مظنة للتزيد، فالتنصيص على توثيقه مطلوب.

"وحدثني أبو معن الرقاشي زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة حدثنا خالد يعني ابن الحارث عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث يحيى القطان.

ثم قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكباً وماشياً.

وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي قباء راكباً وماشياً".

 في الطريق الذي يليه أن ابن عمر كان يأتي قباء كل سبت، وكان يقول: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه كل سبت، ثم قال بعد ذلك، أن ابن عمر..، "عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباءً، يعني كل سبت، كان يأتيه راكباً وماشياً"، قال ابن دينار: وكان ابن عمر يفعله" إلى آخره.

هذا الحديث، وهو حديث واحد كله من طريق ابن عمر بروايته وطرقه يدل على فضل هذا المسجد، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه كل سبت، ويصلي فيه ركعتين، فقصده لصلاة ركعتين في ضحى يوم السبت من كل أسبوع، ويأتيه مرة راكباً، ويأتيه مرة ماشياً، لا شك أنه عمل خير وفاضل، وجاء عدله بإيش؟ بعمرة، جاء عدل زيارة مسجد قباء بعمرة، وحكم هذا الخبر؟ من عنده؟

طالب: ابن ماجه في السنن.

عند ابن ماجه، ودرجته؟

طالب: صححه الشيخ الألباني في.......

نعم على كل حال هو قابل للتحسين، وإذا كان يعدل عمرة المسألة مسألة عشرة كيلو، أو حدود عشرة كيلو، ما تضر الإنسان، يعني أن يذهب إليه كل سبت.

الشيخ كتب حول أول مسجد يقول: "لعله -والله أعلم- أن أول مسجد أسس على التقوى في الآية مسجد قباء، يعني هل في هذا مخالفة للآية؟ لا، وأنا أنقدح في ذهني بعد تبعاً لما كتبه الشيخ شيء.

"أن أول مسجد أسس على التقوى في الآية مسجد قباء بدليل {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [(108) سورة التوبة] لأن المسجد النبوي هو قائم فيه، -صلى الله عليه وسلم-، وقباء صار بعد ذلك يزوره -صلى الله عليه وسلم-، ويقوم فيه، فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- على السؤال أنه مسجدي، وليعلم أنه أسس على التقوى، وأن الآية تشمله كذلك في المعنى، والله أعلم" لكن يرد على هذا أي المسجدين؟

طالب: أي المسجدين ما هو كلام الرسول هو كلام السائل.

السائل، أي المسجدين؟

طالب: الرسول صرفه، صرفه كما كان يصرف كثير من السائلين إلى الأهم، كسؤال الأعرابي الذي سأله متى الساعة؟ الرسول أجابه: «ما أعددت لها؟» فهذا صرفه؛ لأن هذا المسجد أسس على التقوى؛ لأن الرسول لما رآهم يسألون وكأنهم يريدون تفضيل مسجد قباء أراد..... إلى فضل هذا المسجد، وأنه أسس على التقوى.

كلام الشيخ متجه بلا شك وواضح، لكن يبقى في زيادة إيضاحه أنه إذا توهم التنقص منع التفضيل، إذا توهم التنقص منع التفضيل، كما جاء في حديث: «لا تفضلوني على يونس بن متى»، «ولا تفضلوا بين الأنبياء» مع أنه جاء في القرآن التصريح بالتفضيل: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(253) سورة البقرة] والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «لا تفضلوا بين الأنبياء» هذا إنما يقال مع توهم التنقص، إذا قرن ذلك بالتنقص، اليهودي لما قال: والذي فضل موسى على البشر، المسلم قال: والذي فضل محمد على البشر، فقال: «لا تفضلوا بين الأنبياء» يونس بن متى حصل منه ما حصل، وليم على ذلك، وعوتب على صنيعه -عليه الصلاة والسلام-، فجاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا تفضلوني على يونس بن متى» وهذا في الصحيح، «لا تفضلوني» يعني أشرف الأنبياء، وهذا حصل منه ما حصل، يقول: «لا تفضلوني» لأن هذا التفضيل مقرون بالتنقص، فإذا تنقص، حصل التنقص لا بد من رفع شأن المتنقص، لا بد من رفع شأنه، فإذا كانت المفاضلة بين المسجدين من قبل بعض الصحابة، وأن الصحابة فهموا من الآية أنه مسجد قباء؛ لأنه هو الذي أسس على التقوى من أول يوم نعم، قد يدعوهم ذلك إلى الزهد في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم، إذا توهم ذلك رفع من شأنه، وذكرت مآثره ومناقبه؛ ليرد على من يريد تنقصه، أو يتوهم تنقصه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"