شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (313)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لتنبيه الإخوة وتذكيرهم، الإخوة الذين يتصلون يسألون عن بث الحلقات، وإعادتها، وكيفية الحصول عليها نخبر الجميع أن هذه الدروس موجودة عبر موقع الشيخ/ عبد الكريم الخضير، عن طريق الأرشيف الموجود في الموقع الخاص، من أراد الحصول على أي حلقة من الحلقات الماضية بإمكانه أن يحصل عليها بالرجوع إلى الموقع، وسبق أن ذكرنا الموقع للإخوة، shkhudheir.com، نذكر الإخوة والأخوات أيضًا بأننا في الحديث رقم مائة وسبعة وعشرين في المختصر، مائة وتسعة وخمسين في الأصل، وهو حديث عثمان بن عفان في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، توقفنا عند قوله: فغسلهما، نستكمل فضيلة الدكتور، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

أما بعد،

المقدم: اللهم صلِّ عليه وسلم.

في حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه دعا بإناء فأفرغ على يديه ثلاث مرات فغسلهما، أي الكفين، أو اليدين؛ لأن هنا فأفرغ على يديه، وهناك في الأصل على كفيه، يقول الكرماني: وهذا دليل على أن غسلهما في أول الوضوء سنة، من أين أخذ الكرماني أن غسل اليدين في أول الوضوء سنة؟

المقدم: فعل.

الحديث كله فعل.

المقدم: هي سنة هنا؛ لأنها ما ذكرت في الآية.

يعني زائدة عن الآية؟

المقدم: زائدة عن الآية.

كل ما زاد على الآية بالتنصيص، مثل المضمضة والاستنشاق مثلًا تقول: سنة؟

المقدم: المضمضة والاستنشاق داخلة في غسل الوجه.

يعني في مسمى الوجه؟

المقدم: في مسمى الوجه، والكفان داخلة في مسمى اليدين، فلما خصهما بالغسل قبل الوضوء دل على السنية، لكن لو غسل اليدين وترك الكفين ما يجزئ، رغم أنه غسلهما قبل.

هذا يفصل في غسل اليدين، لكن الآن وجه الدلالة من قوله: فغسلهما، دليل على أن غسلهما في أول الوضوء سنة، يقول الكرماني يعني مطلقًا ولو قام من نوم ليل، والأمر بذلك صريح، الأمر سيأتي.

المقدم: وجوب.

المسألة خلافية على ما سيأتي، ولا خلاف في أن غسلهما في هذا الموضع من غير القائم من نوم الليل أنه سنة.

المقدم: والقائم من نوم الليل وجوب الغسل.

سيأتي سيأتي.

المقدم: لكن هذا لإدخالهما في الإناء.

المقصود أنه لابد حتى يغسلهما.

المقدم: هذا إذا أراد إدخالهما، لو لم يرد إدخالهما في الإناء لو كان الحنفية هي التي تصب الصنبور.

على كل حال سيأتي الكلام بالتفصيل، إن شاء الله تعالى.

قال: ثم أدخل يمينه في الإناء، أي يده اليمنى؛ لأن يمينه يشمل الجهة اليمنى كلها، والمقصود به اليد، في الإناء: الذي فيه الوضوء، فمضمض يقول الكرماني: الفاء فيه فصيحة، وتقديره: فأخذ الماء منه وأدخله في فيه فمضمض به، يعني تعطف على مقدر، تُفصح عن مقدر.

قال العيني: المضمضمة: تحريك الماء في الفم.

وقال النووي: حقيقة المضمضة وكمالها أن يجعل الماء في فمه، ثم يديره فيه، ثم يمجه، حقيقة المضمضة وكمالها أن يجعل الماء في فيه، ثم يديره فيه، ثم يمجه، يعني المضمضمة وأصل الصيغة تدل على التحريك، لكن هل من مسمى المضمضة المج أو لا؟ لغة المضمضمة: التحريك، وجاء في كتب اللغة ما يدل على المج؛ لأنها يترتب على هذا أنه لو مضمض حرك الماء في فيه، ثم ابتلعه، هل يكون أتى بالسنة أو لا؟ هذا ينبني على كون المج من مسمى المضمضة.

المقدم: يمُجّه أم يَمَجّه؟

يَمَجُّه.

يقول العيني: وقال الزُّندستي، الزندستي من أصحابنا، أن يدخل أصبعه في فمه وأنفه والمبالغة فيهما سنة، وقال الصدر الشهيد: المبالغة في المضمضة الغرغرة، لكن إدخال الإصبع لا شك أنه تكلف، ولم يأت به دليل، إنما تحريكه يكون بالشدخين.

المقدم: نعم.

نعم.

واستنثر، قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون: الاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق، استنثر لأن عندك فمضمض واستنشق واستنثر، كذا؟ والذي في الأصل تمضمض واستنشق، بدون استنثر.

المقدم: نعم.

واستنثر قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون الاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق.

وقال ابن الأعرابي وابن قتيبة: الاستنثار هو الاستنشاق؛ لأن بعض الروايات تمضمض واستنثر، ما فيه استنشق، بعض الروايات: فمضمض واستنثر، ما فيها استنشق، وهذا الذي حمل ابن الأعرابي وابن قتيبة على قولهم: إن الاستنثار هو الاستنشاق، لكن هو لازمه.

المقدم: ما يمكن أن يكون مضمض بدون أن يستنثر.

ما فيه استنثار دون أن يستنشق.

قال النووي: الصواب: هو الأول أن الاستنثار غير الاستنشاق، ويدل عليه الرواية الأخرى: استنشق واستنثر فجمع بينهما، وقال أهل اللغة: هو مأخوذ من النثرة، وهي طرف الأنف، وقال الخطابي وغيره: هي الأنف.

وقال الأزهري: روى سلمة عن الفراء أنه يقال: نثر الرجل وانتثر، واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة، وقال ابن الأثير: نثر ينثر بالكسر إذا امتخط، واستنثر استفعل منه، أي استنشق الماء، ثم استخرج ما في أنفه فينثره، وقيل: هي من تحريك النثرة، وهي طرف الأنف.

لكن إذا قلنا: إن الاستنشاق هو جذب الماء بالنفس إلى داخل الأنف، والاستنثار إخراجه بالنفس لا نحتاج إلى مثل هذا كله، لكن الخلاف في الاستنثار هل هو الاستنشاق أو لا، خلاف معروف في اللغة على ما ذكرنا.

يقول العيني: الصواب ما قاله ابن الأعرابي، أن المراد من قوله: "واستنثر" الاستنشاق، لكن ماذا عن رواية الجمع بين الاستنشاق والاستنثار؟ الاستنثار ليس هو الاستنشاق، وإنما هو من لازمه، وقال النووي: الصواب هو الأول، وقوله يدل عليه الرواية الأخرى: "واستنشق واستنثر" لا يدل على ما ادعاه، العيني يرد على النووي، وقوله يدل عليه الرواية الأخرى: "واستنشق واستنثر" أي الجمع بينهما، لا يدل على ما ادعاه؛ لأن المراد من الاستنثار في هذه الرواية الامتخاط، وهو أن يمتخط بعد الاستنشاق.

 كلامه أظن أنه ينقد بعضه بعضًا، العيني يقول: الصواب ما قاله ابن الأعرابي من أن المراد من قوله: "واستنثر" الاستنشاق، ثم قال في الأخير: لأن المراد من الاستنثار في هذه الرواية هو أن يمتخط بعد الاستنشاق، كأنه يقول: إذا أفرد الاستنثار فالمراد به الاستنشاق، وإذا جمع بينهما فالمراد به الامتخاط بعد الاستنشاق، ولا داعي لهذا، الاستنثار معروف له حقيقته، وهو إخراج الماء بالنفس، لكن إذا أفرد صار من لازم الاستنشاق، يعني إذا استنشق فلابد أن يستنثر، وإذا استنثر كان استنشق قبل ذلك.

يقول ابن حجر: قوله: "فمضمض واستنثر" وللكشميهني: واستنشق بدل واستنثر، والأول أعم، وثبتت الثلاث في رواية شعيب الآتية في باب المضمضة، ولم أرَ في شيء من طرق هذا الحديث تقييد ذلك بعدد ما قال ثلاثًا، نعم ذكر ابن المنذر من طريق يونس عن الزهري، وكذا ذكره أبو داود من وجهين آخرين عن عثمان، واتفقت الروايات على تقديم المضمضة، مضمض واستنشق.

"ثم غسل وجهه" قال ابن حجر: فيه تأخيره عن المضمضة والاستنشاق، فيه تأخيره – تأخير غسل الوجه - عن المضمضة والاستنشاق، وقد ذكروا أن حكمة ذلك اعتبار أوصاف الماء؛ لأن اللون يدرك بالبصر، والطعم يدرك بالفم، والريح يدرك بالأنف، فقدمت المضمضة والاستنشاق وهما مسنونان قبل الوجه، وهو مفروض احتياطًا للعبادة؛ لأنه قد يقول قائل: يكفي أحدهما، بل المبصر يكفيه أن يرى، لكن قد لا يتغير لونه، وإنما يتغير طعمه، وقد لا يتغير طعمه، وإنما تتغير رائحته.

 يقول القسطلاني: حد الوجه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن طولًا، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضًا، وفيه تأخير غسل الوجه عن السابق، كما دل عليه العطف بثم المقتضية للمهلة والترتيب احتياطًا للعبادة.

 ويديه ثلاثًا إلى المرفقين، يقول ابن حجر: أي كل واحدة، ويديه ثلاثًا إلى المرفقين، هل يحتاج أن يقال: ويديه ثلاثًا ثلاثًا؟ كل واحدة ثلاثًا، هل يحتمل أن يقال في قوله: ويديه ثلاثًا إلى المرفقين أن إحداهما واحدة والثانية اثنتين؟

المقدم: ما يحتمل.

ويديه ثلاثًا إلى المرفقين، أي كل واحدة، كما بينه المصنف في رواية معمر عن الزهري في الصوم، وكذا لمسلم من طريق يونس، وفيها تقديم اليمنى على اليسرى، والتعبير في كل منهما بثم، وكذا القول في الرجلين أيضًا.

قال في المصباح: المرفق ما ارتفقت به، ويقول بفتح الميم الـمَرفق، مَرفِق، الـمَرفِق: ما ارتفقت به، بفتح الميم وكسر الفاء كمسجد، وبالعكس مِرفَق كمِنبر، لغتان، وأما مرافق الدار يقول: ومن مرفق الإنسان، يعني ما ارتفقت به مرفِق، وكذلك مرفق الإنسان، وقد يقال بالعكس مرفَق، وأما مرافق الدار كالمطبخ والكنيف ونحوه فبكسر الميم وفتح الفاء إلى غير مِرفَق، على التشبيه باسم الآلة وجمع المرفق مرافق، وإنما جمع المرفق في قوله تعالى: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ} [المائدة: 6]؛ لأن العرب إذا قابلت جمعًا بجمع حملت كل مفرد من هذا على كل مفرد من هذا، يديه إلى المرافق، ما قال: إلى المرفق؛ للدلالة على مقابلة المرافق باليدين، وإنما جمع الـمِرفق في قوله والـمَرفِق في قوله تعالى: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ}، انظر عندنا ويديه إلى المرفقين، مثنى مع مثنى، وهنا في الآية: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ}.

المقدم: جمع مع جمع.

مقابلة جمع بجمع؛ لأن العرب إذا قابلت جمعًا بجمع حملت كل مفرد من هذا على كل مفرد من هذا؛ لأن القاعدة: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا.. آحادًا، وعليه قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ}، {وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، {ولْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]، {ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22]، وليأخذ كل واحد منكم سلاحه، ولا ينكح كل واحد ما نكح أبوه من النساء، ولذلك إذا كان للجمع الثاني متعلق واحد، فتارة يفردون المتعلَّق باعتبار وحدته بالنسبة إلى إضافته إلى متعلقه، نحو: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]، ما قال صدقات، أي: خذ من كل مال واحد منهم صدقة، وتارة يجمعونه؛ ليتناسب اللفظ بصيغ الجموع، قالوا: ركب الناس دوابهم برحالها، وأرسانها، أي ركب كل واحد منهم دابته برحلها ورسنها، ومنه قوله تعالى: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ}، أي ليغسل كل واحد كل يد إلى مرفقها؛ لأن لكل يد مرفقًا واحدًا.

 وإن كان له متعلقان ثنوا المتعلق في الأكثر، من كان له متعلقان ثنوا المتعلق بالأكثر، قالوا: وطئنا بلادهم بطرفيها، لهم متعلقان طرف أيمن وطرف أيسر، أو شمال وجنوب، لكن هل هما طرفان أو أطراف باعتبار الجهات؟ وإن كان لهم متعلقان ثنوا المتعلق في الأكثر، قالوا: وطئنا بلادهم بطرفيها، أي كل بلد بطرفيها، ومنه قوله تعالى: {وأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ}، ما قال كعاب، وجاز الجمع فيقال: بأطرافها، وغسلوا أرجلهم إلى الكعاب أي مع كل طرف ومع كل كعب، لكن نكتة الكعبين، {وأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ} لو قال: إلى الكعاب في مقابل الأرجل لاقتضت القسمة أفرادًا.

المقدم: كل واحد كعب.

نعم، لكل رجل كعب، وهذا الكلام قيل به، لكنه ليس بصحيح، قال: من يزعم من المبتدعة أن الرجل تمسح إلى الكعب، وهو العظم الناتئ على ظهر القدم يكون معقد الشراك، يعني لو قال: إلى الكعاب صح قولهم من الآية، لكن قال -جل وعلا-: {وأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ}؛ لأن التثنية نص لا يقبل تأويل، بخلاف الجمع والمفرد، الجمع قد يؤتى به مفردًا لإرادة الجنس، والمفرد يؤتى به مجموعًا إما من باب تعظيم المتحدث نفسه، وإما من باب التأكيد؛ لأن العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، ولو قال هنا: وأرجلكم إلى الكعاب، لتقابل الجمع مع الجمع فاقتضى القسمة أفرادًا، وكان لكل رجل كعب واحد، لكن لما قال: {إلَى الكَعْبَيْنِ} صارت الآية غير محتملة لذلك القول، إضافة إلى قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ويل للأعقاب من النار»، مما يبطل قول من يقول: إن الغسل أو مسح الرجل إلى معقد الشراك، إلى العظم الناتئ في ظهر القدم.

 إلى المِرفَقين أو المَرفِقين دخول المرافق في الغسل، عندنا غاية إلى المرفقين هذه غاية، لكن هل تدخل المرافق في الغسل أو لا تدخل؟

المقدم: هذا موضع الخلاف، هل... للغاية أو لا؟

هي للغاية، لكن هل المغيّا يدخل، الغاية يدخل في المغيّا أو لا، هذا محل خلاف.

دخول المرافق في الغسل مبني على دخول الغاية في قوله تعالى: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ}، يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره: قوله: {وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ} أي: مع المرافق، مع المرافق، كما في قوله -جل وعلا-: {ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ إنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]، يعني مع أموالكم، لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم، وقد روى الحافظ الدارقطني، وأبو بكر البيهقي من طريق القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جده عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، ولكن القاسم هذا متروك الحديث، وجده ضعيف، والله أعلم.

يقول الحافظ ابن كثير أيضًا: ويستحب للمتوضئ أن يشرع في العضد فيغسله مع ذراعيه، لما روي البخاري ومسلم من حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل»، يعني على الخلاف في قوله: «فمن استطاع...» إلى آخره هل هو مرفوع أو مدرج؟

وفي صحيح مسلم عن قتادة عن خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: سمعت خليلي – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء»، هذا كله من كلام ابن كثير -رحمه الله-.

 في تفسير القرطبي -رحمه الله- يقول: اختلف الناس في دخول المرافق في التحديد، فقال قوم: نعم؛ لأن ما بعد إلى إذا كان من نوع ما قبلها دخل فيه، قاله سيبويه وغيره، وقد مضى هذا في البقرة مبينًا. يقوله القرطبي في تفسيره.

وقيل: لا يدخل المرفقان في الغسل، والروايتان مرويتان عن مالك، والثانية لأشهب، والأولى عليها أكثر العلماء، الأولى التي هي ماذا؟

المقدم: الدخول.

 الدخول نعم، والأولى عليها أكثر العلماء وهو الصحيح؛ لما رواه الدارقطني فذكر حديث جابر، لكن حديث جابر ضعيف، وقد قال بعضهم: إن إلى بمعنى مع، كقولهم: الذود إلى الذود إبل، يعني الذود مع الذود إبل، أي مع الذود ولأن اليد عند العرب تقع على أطراف الأصابع إلى الكتف، كلها يقال لها يد، وكذلك الرجل تقع على الأصابع إلى أصل الفخذ، فالمرفق داخل تحت اسم اليد، فالمرفق داخل تحت اسم اليد، فلو كان المعنى مع المرافق لم يفد، فلما قال: إلى، اقتطع من حد المرافق عند الغسل، وبقيت المرافق مغسولة إلى الظفر، وهذا كلام صحيح يجري على الأصول لغة ومعنى، يعني يقول: إن الأصل.. القرطبي يرى أن الأصل ما يحتاج أن تذكر؛ لأنها داخلة أصلًا؛ لأنها من اليد من أطراف الأصابع إلى المنكب.

المقدم:.....

فهي داخلة داخلة، ما نحتاج أن نقول: مع، هي منها، لا نضيف المرافق إلى اليد؛ لأنها منها، لا نحتاج أن نضيف، لكن لما قال: إلى المرافق، دل على أن ما وراء المرافق لا يدخل في الغسل.

المقدم: وماذا يقول هؤلاء بالنسبة للقطع؟ يستدلون بالسنة؟

القطع لا شك أن اليد مطلقة، {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، هذه مطلقة، واليد تحتمل من أطراف الأصابع إلى المنكب، وجاءت مقيدة في آية الوضوء بالمرافق، ولا يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، لماذا؟ للاختلاف في الحكم، كما أنه لا تحمل اليد في التيمم على اليد في الوضوء لاختلاف الحكم أيضًا، فإذا اختلف الحكم لا حمل، لا تحمل على أنها تقطع إلى المرافق، ولا إلى المناكب، وقد بينتها السنة بالقطع إلى الكوع الذي هو المفصل.

المقدم: بقي كثير في مسألة المرافق يا شيخ؟

بقي شيء يسير، بقي النقل عن ابن العربي والزمخشري.

المقدم: إذًا نرجئه بإذن الله على أن يكون هو مطلع حلقتنا القادمة.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".

 تذكير الإخوة والأخوات للذين يسألون عن الحلقات موجودة في أرشيف الموقع الخاص بالشيخ عبد الكريم الخضير، بإمكان الإخوة والأخوات الحصول على هذه الحلقات من خلال الموقع.

 شكرًا لطيب المتابعة، نلقاكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.