كتاب بدء الوحي (053)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: لم تتطرق للكلام على سيرة الإمام البخاري ومنهجه في الصحيح وفقهه في صحيحه في بداية الكلام عن الصحيح، فهل يكون هناك درس لذلك؟ لعلها تكون مكتوبة، مسودات لمناهج الأئمة في كتبهم سواء كان ذلك المتون أو الشروح بدءًا بالبخاري إلى غيره من الأئمة من أصحاب الكتب الستة وغيرهم مع شروحها.

يقول: في بداية السلسلة تفضلتم أن الدرس ربما يستغرق سبع إلى عشر سنين، ونحن بعد أكثر من سنة لا زلنا في بضعة أحاديث، فهل سنسرع مع الوقت حتى يتم لنا إنهاء الكتاب؟ كان التخطيط على أنه ينتهي فيما ذُكر من السنين، لكن العلم يجرّ بعضه بعضًا، العلم يجرّ بعضه بعضًا، والفائدة تقول أختي وأختي، والمسألة كذلك، فصرنا إذا وقفنا على فائدة يغلب على الظن أن طلاب العلم ينتفعون بها نحرص على إيرادها ونقلها من مصادرها التي قد يكون بعضها بين يدي الطلاب، وبعضها لا يكون بين أيديهم. إضافة إلى ما هو من خصائص الدرس الذي هو أشبه ما يكون بالمحاورة مع الطلاب، بالمحاورة مع الطلاب، وهذا لا شك أنه يأخذ وقتًا طويلًا، لكنه مع ذلك يجلي المعلومات، ويوضحها، ويبينها، يعني أنا يتبين لي من خلال المحاورة ومناقشة الطلاب ما كان يخفى في الأصل، يعني كانت المسألة فيها شيء من الخفاء أو هي ظاهرة أظهر من أن تُبين، ثم بعد ذلك تبين فيها إشكالات من خلال النقاش، وهذا لا شك أنه يأخذ وقتًا.

 هذه الطريقة تحتاج إلى وقت، لكنها نافعة جدًّا، وإذا تربى عليها الطالب يكفيه أن يُشرح له كتاب واحد من كتب صحيح البخاري، يعني إذا أنهينا بدء الوحي تكون المعالم واضحة لدى طالب العلم الذي يريد أن يشرح الصحيح أو يشرح غيره من الكتب، فهذه تربية في منهج الشرح أكثر منها تلقين معلومات، وعندنا دروس سريعة، وفيها شيء من الإنجاز لا بد أن تتنوع الدروس، يعني شرح الترمذي وشرح الموطأ كلها يعني نأخذ باليوم الواحد خمسة أحاديث، ستة أحاديث، وماشية، لكن البخاري الذي جمع فيه كل العلوم، فيه التفسير، وفيه الكلام على مفردات القرآن، وفيه الكلام على غريب الحديث، وفيه الفقه بأنواعه، فيه التوفيق بين النصوص بالإشارات لا بالصحيح، كل هذا يحتاج إلى معاناة، وأنا كررت مرارًا أن الدرس ليس بدرس تلقين بقدر ما هو تعليم طريقة ومنهج للشرح بحيث يتمكن طالب العلم أن ينفرد بنفسه ويشرح ويراجع الشروح، وينتقي منها ما يمكن أخذه للفائدة، على كل حال مسألة الوقت أنا لا تهمني كثيرًا لا سيما في البخاري.

طالب:...

نعم، بعضهم يقترح أننا إذا أنهينا القرطبي في تقديره أنه يحتاج إلى سنتين، ولو درسان في الأسبوع أن تضم إلى البخاري بدل من أن أبدأ في تفسير آخر، فيكون البخاري أربعة دروس في الأسبوع نعم. الله يقدر الصالح.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما نغير الطريقة حتى لو بدي أتغير ما قدرت، لا أستطيع. صحيح لا أستطيع.

طالب:...

يا إخوان أنا أعرف من شيوخنا من أنهى البخاري في سنتين، واستفاد الطلاب فائدة عظمى؛ لأنهم تصوروا صحيح البخاري كاملاً، لكن نحن نريد بسط مسائل، ما نريد تصورًا إجماليًّا للكتاب، لا.

 يقول: هل أنكر على من يصوِّر أولاده أو ذوات الأرواح في جواله سواء للذكرى أو غيرها صورة متحركة أو ثابتة؟ علمًا أن الجم الغفير اليوم من العلماء وطلبة العلم يخرجون في الشاشات أمام الناس ويفتون بجوازه، ولا تخفى فتوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في هذا، فهل لي الإنكار وأنا طالب علم وأنا محجوج بفعل هؤلاء وقولهم وذلك من العامة؟ ثم ما هو الرد إذا كان مثل هذا التصوير حرامًا؟ ما الرد العلمي الذي نرد به على فتوى الجواز؟ أفيدونا.. إلى آخره.

يقول: علمًا أني لا أرى التصوير من باب السلامة لا يعدلها شيء.

 كأن المسألة اضطربت عنده، كانت ثابتة عند جماهير الأمة بمن فيها العلماء الكبار، وأن هذا تصوير، وأنه مُحرم، وأنه لا يجوز إلا للحاجة، وحيث تنزل الحاجة منزلة الضرورة وإلا فمعلوم أن ما حُرم بالنص لا يبيحه إلا الضرورة، لكنهم أنزلوا الحاجة الشديدة في مثل الإثباتات ونحوها بطاقات الأحوال والجوازات وغيرها أنزلها منزلة الضرورة وقالوا: إنه يترتب على تركها فساد ذريع، وأوجدوا مسائل حصل فيها مشاكل لم يحلها إلا التصوير، غافلين أو متغافلين عن مسألة البصمة التي تستعمل في كثير من الدول التي لا تنتمي ولا تنتسب إلى الإسلام، ولا تتدين بدين، ومع ذلك اعتمدوها، ووجدوها أضبط من الصورة، ومع ذلك نقول: لو اقتصرنا على محل الحاجة كما أفتى بذلك جمع من أهل العلم فالأمر سهل.

 لكن الناس توسعوا توسعًا غير مرضي، توسعوا في ذلك توسعًا غير مرضي، فأباحه من أباحه لحفظ العلم ألا بأس بصورة الفيديو لحفظ العلم، أباحه من أباحه وقال: هذا ينفع في حفلات التخريج والتحفيظ وغيرها؛ لأن المتبرعين إذا رأوا الصورة تحمسوا وتبرعوا، يعني توسعنا إلى هذا الحد، ثم بعد ذلك رأوا أن المسألة أوسع من ذلك وقالوا: إن هذا لا يدخل في التصوير أصلاً، ينازعون في دخوله في النصوص حتى قال قائلهم: إن النصوص الواردة في التصوير شديدة جدًّا «أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون»، يقال لهم يوم القيامة: أحيوا ما خلقتم، يكلف أن ينفخ فيه الروح وليس بنافخ، هذه نصوص شديدة، يعني إذا قلنا أشد من أن تقع على شخص ضغط زرًّا في آلة فأخرجت له صورة، المسألة عظيمة، الوعيد شديد جدًّا، وكان الرد على هذا سهلًا جدًّا، لكن الذي أوقع الناس في حيرة خروج بعض أهل التحري، يعني عُرفوا من عقود بالتحري والتثبت ومع ذلك في الأخير خرجوا في القنوات، ويوجد من أهل التحري من هو ثابت على قوله، ولا يرى التصوير، ويرى أن هذا داخل التصوير، وأنه محرم، فهذا الذي جعل الناس يتساهلون، العامة يتشبثون بأدنى شيء، طلاب العلم يقلدون يقلدون في مثل هذه المسألة؛ لأنهم يقولون: إن هذا ليس بتصوير، ويفتى به على الملأ أن هذا ليس بتصوير، لكن ما الذي يخرجه من التصوير؟ ألا تستطيع أن تقول: هذا فلان من خلال الصورة، بمعنى أنك لو آذيت الصورة يتأذى فلان هذا هو نفسه أو صورته؟ هذه صورة، هذه صورته مهما قلنا، فهي داخلة في النصوص شئنا أم أبينا، كونها فرضت نفسها أو عمت بها البلوى هذا شيء آخر، مع أن البلوى لم تعم، يعني بالإمكان أن يحتاط الإنسان لنفسه، فعليك أن تنكر، لكن بالدليل، تقول: إن هذا داخل في التصوير، وما دام المسألة يدخل أو لا يدخل، فما الذي يحدك على أن تقول يدخل وأن ليس معك بينة اللهم إلا أن فلانًا قال يدخل أو لا يدخل، فلان اجتهد، وهو من أهل الاجتهاد ومعذور في اجتهاده، لكن أنت! والله المستعان.

طالب:...

نعم، عن علي -رضي الله عنه- قال، يحدث عن علي -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: «ألا أبعثك بما بعثني به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ألا تروا صورة إلا طمستها» الصورة تنطمس، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى الصور التي في القرام فقال: «أميطي عنا قرامك».

طالب:...

 لا، المتحرك إذا كان يعاد في أي وقت مع عدم وجود المصور فهو تصوير.

طالب:...

إذا كان لا يحصل إلا به فهو تصوير. إذا كان لا يحصل طمس إلا بإتلاف الشريط يُتلف الشريط، لكن الإشكال أن الناس الآن تعودوا واستمرؤوا هذا، وعرفنا شبابًا عندهم شيء من التحري فاقتنوا هذه الآلات الجوالات التي يسرت هذه المعصية، يسرتها جدًّا، ثم تجد في أول الأمر يقتصر على تصوير المناظر وعلى تصوير الربيع وما أشبه ذلك، ثم بعد ذلك ينجر شعر أو لم يشعر إلى تصوير ذوات الأرواح، ثم بحث عن الأقوال، فوجد هناك مندوحة، واستمر في ذلك، يعني تجد طالب علم متحريًا قد يصفه بعض الناس أنه متشدد، ثم يقتني هذه الآلة التي تيسر له هذا التصوير، ثم يلجأ إلى مثل هذا التصوير بأن يرى ابنه أو بنته، يرى ولده وهو يحبو مثلاً أو يجلس لأول مرة أو يخطو خطوتين ويتعثر، ثم يقول: هذه فرصة لا تعوض ولن تتكرر، والمسألة خلافية، هذا حصل من كثير، ثم بعد ذلك سهُل عليه الأمر، والله المستعان.

طالب:...

والله إذا كان يراه منكرًا، إذا كان يراه منكرًا فيجب عليه تغييره، لكن يبقى أنهم إذا حجوه بما هو أكثر منه علمًا بالاستفاضة، استفاض بين الأمة أنه أعلم منك ونحن مقلدون، وهل يلزم تقليد الأب دون غيره؟ لا ما يلزم، يلزم تقليد الأعلم، إذا وُصل إليه، على كل حال المسألة شائكة، والناس مقبلون على هذا الأمر، والله يجعل العواقب حميدة.

طالب:...

يعني الخروج من الخلاف، مسألة الخروج من الخلاف لا شك أن هذا أبرأ للذمة حتى ولو لم يقل بالتحريم وأراد أن يقلد من قال بأنه لا يدخل في التصوير لا شك أنه أبرأ للذمة.

طالب:...

يعني إذا كان التصوير محرمًا، فالمصور والمصوَّر لا شك بدخولهما المصوَّر بطوعه واختياره داخل في التحريم، لكن النظر إلى الصور، الوصية النبوية بطمس الصور، أن لا ترى صورة إلا طمستها، لكن إذا لم يمكن طمسها وهناك آلات يعني في اجتهاده وتقديره أن مصلحتها راجحة، فهو لم يصوِّر بنفسه، ولم يصوَّر ولا رضي بالتصوير، وأراد أن يستفيد هذه الفائدة من هذه الآلة، ورأى أن مصلحة الفائدة العلمية التي يمكن أن لا تعوض تأتي من خلال قناة إسلامية، ورأى أنها لا تعوض راجحة على مسألة امتثال الطمس، الطمس إذا لم يمكن إلا بالإتلاف لا يتحقق إلا له ما لا يتم الواجب إلا بهو فهو واجب.

 لكن يبقى أننا نتذرع بهذا ونتساهل في هذا، وما عند الله لا ينال بسخطه، يعني هناك وسائل علمية خالية من المحظور، ثم يبقى النظر من جهة أخرى وهي ارتكاب أخف الضررين، يعني مسألة اقتناء بعض القنوات مثل قناة المجد التي الآن دخلت في بيوت الصالحين، كل هذا من باب ارتكاب أخف الضررين؛ لأن السلامة في الأصل لا يعدلها شيء، وهي لا تسلم من كل وجه، يبقى أن ضررها يقولون أخف من ضرر خروج الولد أو البنت إلى الجيران أو المقاهي مقاهي الإنترنت أو إلى أناس عندهم قنوات إباحية لا شك أنهم ينازعونه في هذا، والرقابة الآن ضعفت، والأغلاق في البيوت ما يمكن أن تغلق البيوت على الناس اليوم، أطفال في الصف الأول والثاني الابتدائي يخرجون من المدرسة، ولا يأتون إلا بعد الدراسة بساعة، ويحاول أهلهم جاهدين في منعهم من هذا التسكع والذهاب مع فلان أو علان لا يستطيعون، فكيف بمن يملك السيارة، ويملك الآلة، ويذهب ويروح ويأتي، فكيف بالبيوت التي دخلت وغزيت بوسائل الترف والحضارة؟ أمور يعني تركب بعضها على بعض، يعني ظلمات بعضها فوق بعض. وصرنا استسلمنا لهذه الظلمات، فصارت مما عمت به البلوى، فالذي يفتي بجواز اقتناء مثل هذه القنوات إنما هو من باب ارتكاب أخف الضررين.

طالب:...

نقل مباشر ولا يُعاد في أي وقت ثانٍ؟

طالب:...

يعاد أم ما يعاد؟

طالب:...

الذي يشاهده مباشرًا فهو يُصوَّر مباشرًا يُصوَّر، المباشر الآن هو يُصوَّر ليعاد مرة أخرى، فالمحرم حاصل حاصل. يقول: ما رأيكم في صنيع ابن مالك مع اليونيني، حيث كان اليونيني يقرأ وابن مالك يصحح أحاديث الصحيح بحسب ما يترجح له من اللغة، أليس ترك اللفظ كما روي أولى؟

أوّلًا هذا الكلام ليس على إطلاقه، يعني ابن مالك يستفيد الرواية للصحيح عن طريق اليونيني، واليونيني يصحح الألفاظ العربية، ويرجح بعضها على بعض في إطار الروايات، في إطار الروايات، ما يأتي بلفظ غير وارد في الروايات ويقول ابن مالك: هذا أصح فأثبته، لا، هو من حيث الروايات هو يخرِّج ما ظاهره مخالف للغة، ابن مالك ما يأتي بكلام خارج عن مجموع روايات الصحيح أبدًا.

طالب:...

استطاع يعني مع أن بعضها فيه تكلف، بعضها فيه تكلف.

طالب:...

نعم. هذا يقول: رأيت جدلاً بين إخواننا في مسألتين الأولى: الدعاء على كافر بعينه. النبي- عليه الصلاة والسلام- دعا على قبائل وعلى أشخاص: «اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك» دعا عليه، و«قاتل الله اليهود والنصارى»، واللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا، وإن نزل بعد ذلك قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران: 128] المقصود أن مثل هذه لها أصل، وابن أبي مليكة كما في الموطأ يقول: أدركنا الناس -يعني الصحابة- وهم يلعنون اليهود والنصارى، وابن كثير –رحمة الله عليه- في البداية والنهاية بالجملة فلان بن فلان لعنه الله بالجملة، في الأصل أن المسلم ليس بالطعان ولا باللعان، لكن من استطار شرّه وعمّ المسلمين، وتضرر الناس بوجوده مثل هذا يتسامح بعض أهل العلم في لعنه، على كل حال على الإنسان أن يحفظ لسانه، وليس المسلم باللعان ولا بالطعان، لكن يبقى أن الدعاء على الكفار شرعي.

طالب:...

على كافر بعينه إذا آذى الناس يدعى عليه.

طالب:...

على كل حال هؤلاء الذين أفسدوا، وعمّ فسادهم، وتضرر المسلمون بشرهم ضررًا بالغًا هؤلاء كثير من أهل العلم ما يتردد في هذا.

طالب:...

على كل حال المسألة معروفة، ولا تثريب.

الثانية: وُصف الحجاج بأنه عدو لله، فهل من توجيه يزيل جدلهم؟ نعم، المخالف عدو فيما خالف فيه، وتزيد عداوته بقدر مخالفته، ومن قرأ في ترجمة الحجاج في البداية والنهاية وغيرها لم يتردد في وصفه بذلك، حتى المسلم قد يقول كلامًا يقال له: عدو الله من هذا الباب، قد يقال: كذب عدو الله، في البخاري: كذب عدو الله، وهو مسلم.

 يقول: عُقد البارحة لقاء علمي حول الإفتاء والخروج في القنوات الفضائية، وغاية ما استدل به المجيزون المصالح العظيمة الدعوية المترتبة على الظهور فيها بالنظر إلى عموم الناس في العالم، وحاجتهم، وأن هذه المصالح مقدمة على المفاسد، وهي أقل، أليس هذا استدلالًا وجيهًا؟

هذا على كل حال مما تتجاذبه وجهات النظر، وجهات النظر، ولا شك أن في الخروج في هذه القنوات مصالح؛ لأنها تصل إلى أماكن لا تصل إليها الدروس أو اللقاءات أو الندوات أو خطب الجمعة أو غيرها، تصل إلى أناس لا يجيئون إلى المساجد، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم، لكن يبقى أن هناك مفاسد ولو لم يكن منها إلا الصبغة الشرعية لهذه القنوات بسبب ظهور فلان وفلان، يعني ما جرأ الناس على اقتناء التلفزيون حتى ظهر المشايخ فيه، قالوا لو حرم ما طلع المشايخ، وهكذا تتدرج الأمور إلى أن يقتني الإنسان السم القاتل، القنوات التي فيها الخنا والفجور والشبهات والشهوات والسحر بحجة أن فلانًا يخرج في هذه القناة. الناس يتشبثون بأدنى شيء، المشكلة أن مثل هذا لا يعرف أن أوزار هؤلاء الذين اقتنوا القناة بسببه قد يحملها يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية. ومثل ما قلنا ما عند الله لا ينال بسخطه، الدعوة عبادة، التعليم عبادة، فهذه العبادات لا بد أن تكون مباحة الوسائل.

طالب:...

يدعى له بالهداية، يدعى له بالهداية إن هداه الله وإلا بالهلاك.

 يقول: سألني أحد الشباب عن الاستمناء، هل هو من الكبائر أو من صغائر الذنوب اللمم التي قد تغفر بالصلاة أو الاستغفار أو الذكر أو قراءة القرآن، يقول: نرجو توجيه نصيحة لمثل هذا الشاب؛ لأن هذه العادة مع الأسف من الأمور التي عمت بها البلوى.

 لا شك أن المثيرات التي وجدت في هذا العصر أكثر من غيره، لا شك أنها تلهب هذه الغريزة عند الشباب، وقد تلهب عند الشيوخ؛ لأن هذه غريزة مغروزة في الجميع، نعم الشباب أشد شهوة من الشيوخ، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «يا معشر الشباب»، والمقرر تحريمها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «ومن لم يستطع فعليه بالصوم»، وهذا البديل ولا غيره، {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [سورة المؤمنون: 5-6] ومع ذلك يرى جمع من أهل العلم أنها من الصغائر، وأن الحاجة تدفعها، الزاد من متون الحنابلة: من استمنى بيده لغير حاجة عُذِّر، ولا شك أنها أيضًا داخلة في ارتكاب أخف الضررين، يعني الإنسان إذا تعرض لفتنة مثلاً فلم يكن خيار إلا أن يرتكبها أو يرتكب المحرم الفاحشة ارتكاب أخف الضررين، مقرر في الشرع، ويبقى أنه محرم يستغفر ويتوب ويدافع نفسه ألا يرتكبها، لكن إذا كان ما فيه مفر إلا هذا أو هذا فهي أسهل من الفاحشة.

ويجب على الإنسان ألا يعرض نفسه للفتن، لكن إذا تعرض من غير قصد، إذا رأى امرأة مثلاً فليأت أهله، لكن ما عنده أهل ماذا يفعل؟ لا شك أنها ليست من الكبائر عند أهل العلم، صغيرة وتدفعها الحاجة، وفيها التعزير سمعنا كلام الزاد يقول: من استمنى بيده لغير حاجة عُزِّر، يعزر يدل على أنها محرمة، لكن الحاجة إذا وجد حاجة فإنه لا يعزر، وبهذا تكون ليست من الكبائر. ومع ذلك الإصرار عليها والمداومة عليها إضافة إلى الأضرار الصحية، ومن استعملها في أول عمره لا شك أنه يفقد هذه الغريزة، بل هذه المتعة في آخر عمره، في أثناء عمره، منهم من قبل الأربعين انتهى، لماذا؟ لأنه كان يستعملها قبل أن يتزوج، هناك أضرار صحية ونفسية ذكرها الأطباء مترتبة عليها، لكن يبقى أنه إذا كان ما هناك خيار إلا هذه أو الفاحشة فهي أسهل من الفاحشة، والله المستعان.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 يقول ابن عباس في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [سورة القيامة: 16] قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه قال ابن عباس: فأنا أحركها لكم كما كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يحركهما، وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه، فأنزل الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [سورة القيامة: 16]، هذا انتهينا منه. {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [سورة القيامة: 17].

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

لا، انقطع انقطع، انقطع تسلسله، {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [سورة القيامة: 17] يقول العيني: إن علينا جمعه في صدرك وإثبات قراءته في لسانك، وقرآنه أي قراءته، يقول القسطلاني: قرآنه أي قراءته، فهو مصدر مضاف للمفعول، مصدر مضاف للمفعول، قرآنه أي قراءته، قال: فهو مصدر مضاف للمفعول، والفاعل محذوف، والأصل قراءتك إياه، قراءتك إياه، فالقارئ هو الفاعل، والمقروء هو المفعول، والمحذوف القارئ أم المقروء؟ القارئ، تقدير قراءتك إياه، في تفسير ابن عطية يقول: قرآنه يحتمل أن يريد قراءته أي تقرؤه أنت يا محمد، والقرآن مصدر كالقراءة، ومنه قول الشاعر حسان بن ثابت -رضي الله عنه- في عثمان -رضي الله تعالى عنه-:

ضحوا بأشمط عنوان السجود به

 

يقطع الليل تسبيحًا وقرآنًا

يعني قراءة، قال: ويحتمل أن يريد علينا جمعه وتأليفه في صدرك فهو مصدر من قولك: قرأتُ أي جمعت، ومنه قوله في المرأة التي لم تلد: ما قرأت نسلاً، ما قرأت نسلاً قط، يعني ما جمعت، قال -أي ابن عباس- في تفسير جمعه: جمعه أي جمَعَه بفتح الميم والعين لك صدرك، إن علينا جمعه وقرآنه قال: جمْعُه له في صدرك، جمْعُه له في صدرك هذا الذي في الصحيح، انظروا إلى الفروق، رقم تسعة أي جمعُه تعالى للقرآن في صدرك، وعليها صح لجمع من الرواة، والروايات في هذه الجملة كثيرة يأتي بيانها.

 بفتح يقول بفتح الميم والعين جمَعَه لك صدرك، قال ابن حجر: كذا في أكثر الروايات، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر، جَمَعَه لك صدرك، وهذا في أكثر الروايات على ما قال ابن حجر، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز كقوله: أنبت الربيع البقل، جمعه لك صدرك، يعني إذا قلت: أنبت المنبت في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وإذا قلت: أنبتت الأرض، أنبت الربيع، أنبت المطر كل هذا من بابا الإسناد المجازي عند من يقول بالمجاز، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بمجاز كقوله أنبت الربيع البقل، أي أنبت الله في الربيع البقل، واللام في لك للتبيين أو للتعليل. نعم؟

طالب:...

جمعه. أين؟

طالب:...

أنبت الربيع البقل، أنبتت الأرض الربيع، أنبت المطر الربيع، نعم؟

طالب:...

لا، إقامة المفعول مقام الفاعل يعني الإسناد إلى المفعول أو إلى الظرف أو إلى الظرف يعني تقول: مات فلان، مات فلان، أو تقول: توفى الله فلانًا، وتُوفي فلانٌ، الله يتوفى الأنفس هذا لا إشكال فيه، وكون الوفاة تسند إليه من باب الإسناد المجازي عند من يقول به. لأن الحقيقة أن الفاعل هو الله -جل وعلا-، واللام في ذلك للتبيين أو للتعليل، وفي رواية كريمة والحمّوي: جمعه لك في صدرك، وهو توضيح للأول، وهذا من تفسير ابن عباس –رضي الله عنهما-، يقول الكرماني: وفي بعض الروايات: صدرُك بالرفع بإسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز لملابسة الظرفية، إذ الصدر ظرف الجمع، يعني هو مجموع في الصدر، يقول: ومثله: أنبت الربيع البقل يعني أنبت الله في الربيع البقل، والمراد منه جمع الله في صدرك جمعه الله في صدرك، وتقدم النقل عن الشعبي أنه –صلى الله عليه وسلم- يعجل بذكره من حبه له، وحلاوته في لسانه، يقول ابن الملقن: فنهي عن ذلك حتى يجتمع؛ لأن بعضه مرتبط ببعض، لأن بعضه مرتبط ببعض. أو لأنه ضُمن له الحفظ.

طالب:...

يعني لأنه ضُمن له الحفظ أو لأن بعضه مرتبط ببعض، فعلى هذا لو تعجل النبي –عليه الصلاة والسلام- قراءة جملة كاملة تامة المعنى تعجلها لا يدخل في هذا على كلام صاحب التوضيح؛ لأنه يقول: فنُهي عن ذلك حتى يجتمع؛ لأن بعضه مرتبط ببعض. نعم، ترك فرصة ليجتمع ما ارتبط بعضه ببعض ثم تعجل، يرد على كلام ابن الملقن، والذي دلّت عليه النصوص أنه لا يتعجل لأنه ضُمن له حفظه، على ما سيأتي، وفي إرشاد الساري ذكر الروايات، وهذا مما يمتاز به هذا الكتاب، يعني يستوعب الروايات، ذكر الروايات فقال: لك صدرُك بالرفع على الفاعلية كذا في أكثر الروايات، وهي في اليونينية للأربعة أي جمعه الله في صدرك، وفي إسناد الجمع إلى الصدر المجاز على حد أنبت الربيع البقل، يتناقلون بعضهم من بعض، أي أنبت الله بالربيع البقل. واللام للتعليل أو للتبيين.

 ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: جمعه لك صدرك بسكون الميم وضم العين مصدرًا، ورفع راء صدرُك فاعل، جمْعُه بسكون الميم لك صدرُك فيكون فاعلًا للمصدر؛ لأن المصدر يعمل عمل فعله، ولكريمة والحموي مما ليس في اليونينية جمعه لك في صدرك جمعه لك في صدرك، مما ليس في اليونينية جمعه لك في صدرك بالجيم وإسكان الميم وزيادة في وهو يوضح الأول. وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر أيضًا مما في الفرع كأصله، مما في الفرع كأصله جمعه له جمعه له بإسكان الميم أي جمعه تعالى للقرآن في صدرك وهي المثبتة عندنا: جمعه له في صدرك.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

قال: جمعه له في صدرك في المتن، ما هو بعندك؟

طالب:...

جمعه له في صدرك.

طالب:...

جمعه له في صدرك، ما هو بعندك هذا؟

نعم. في رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر، وللأصيلي وحده: جمعه له في صدرك وللأصيلي وحده: جمعه له في صدرك، رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر بدون في، ورواية الأصيلي بزيادة في، ماذا عليها عندكم رمز؟

طالب:...

سقط هذه ليست عندهم إذًا هي للأصيلي وحده، وتقرأه، من الذي يقول جمعه؟

طالب:...

أين؟

طالب:...

أي كتاب؟ لكن الذي معنا اليونينية، معنا الأصلية السلطانية، كيف؟

طالب:...

هذه رواية، لكن المثبت عندنا في المتن جمعُه، نعم هذا المثبت هذا المثبت، يعني هذا المترجح عند اليونيني هذا المترجح عنده، قال: وتقرأه أي وقال ابن عباس –رضي الله عنهما-.

طالب:...

نعم.

طالب:...

يقول كلام أسلوب من أساليب العرب يضيفون الشيء لغير، يسندون الشيء إلى غير أدنى ملابسة مثل ما تقول مات فلان.

طالب:...

نعم، ماذا فيه؟ جمعه أي جمع القرآن.

طالب:...

يعني جمع الله -جل وعلا- للقرآن في صدرك يا محمد. وتقرأه أي وقال ابن عباس –رضي الله عنهما- في تفسير قرآنه أي تقرؤه بفتح الهمزة باليونينية، وقال البيضاوي: إثبات قرآنه في لسانك إثبات قرآنه في لسانك وهو تعليل للنهي، إن علينا جمعه وقرآنه جملة تعليل لنهيه عن الاستعجال، قال: وقال البيضاوي: إثبات القرآن بلسانك وهو تعليل النهي، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [سورة القيامة: 18] عليك بواسطة جبريل –عليه السلام- فاتبع قرآنه، قال ابن عباس في تفسيره: فاتبع أي فاستمع له، فاتبع أي فاستمع له، ولأبي الوقت فاتبع قرآنه فاستمع له من باب الافتعال المقتضي للسعي، الافتعال غير الفعل، الافتعال فيه معاناة، والفعل قد يخلو من المعاناة، قال: المقتضي للسعي في ذلك أي لا تكون قراءتك مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها؛ لأنه قال: فاتبع، فأنت تابع وجبريل متبوع، أي لا تكون قراءتك مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها. قال: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال: فاستمع له وأنصت، وأنصت بهمزة القطع مفتوحة من أنصت ينصِت إنصاتًا، وقد تكسَر من نصت ينصِت.

طالب:...

نعم، من نصت ينصِت نصتًا إذا سكت واستمع؛ لأنه قال: بهمزة القطع مفتوحة من أنصت يُنصِت إنصاتًا، وقد تكسر ما الذي تكسر؟ إنصِت يعني الهمزة من نصت ينصِت نصتًا إذا سكت واستمع للحديث أي تكون حال قراءته ساكتًا، والاستماع والاستماع أخص من الإنصات؛ لأن الاستماع الإصغاء والإنصات كما مرّ السكوت ولا يلزم من السكوت الإصغاء، كذا في القسطلاني قلتُ: ولذا جاء الجمع بين الاستماع والإنصات في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [سورة الأعراف: 204].

طالب:...

الاستماع بني على الإنصات.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

لأنه قد يلقي باله للكلام، وهو يتكلم، يعني يتكلم مع الذي يقرأ، يستمع له حال قراءته ويقاطعه، ما ينصت، ما يرد هذا؟

طالب:...

يستمع يستمع يصغي له ويقاطعه إلا أنه جاء الجمع بينهما في الآية في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة الأعراف: 204] ، يقول الكرماني: الفرق بين السماع والاستماع أنه لا بد في باب الافتعال الذي هو الاستماع من التصرّف والسعي في ذلك الفعل، ولهذا ورد في القرآن {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} بلفظ الاكتساب في لفظ الشر؛ لأنه لا بد فيه من السعي بخلاف الخير فالمستمع هو المصغي القاصد للسماع، وقال الفقهاء: تسن سجدة التلاوة للمستمع دون السامع، يقول: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [سورة البقرة: 286]  بلفظ الاكتساب عليها بلفظ الاكتساب في لفظ الشرِ؛ لأنه لا بد فيه من السعي بخلاف الخير فالمستمع هو المصغي القاصد للسماع، بخلاف الخير الخير لا يحتاج إلى كسب؟

طالب:...

يحتاج إلى كسب، يحتاج إلى كسب وتعب ومعاناة، نعم ينوي التقوي على العبادة، خير ويؤجر عليه، يعني ليس من لازمه ذلك، يعني ليس من لازمه ذلك، يؤجر على قصده ونيته، وهذه لا تحتاج إلى معالجة مثل ما يحتاجه ما يأثم به؛ لأنه إذا نوى الخير أُجِر عليه، لكن إذا نوى الشر ولم يعمل ما يكتب عليه. المقصود أن الشر يحتاج إلى معاناة، وهذا من فضل الله -جل وعلا- والخير يؤجر على أدنى ملابسة له.

طالب:...

نعم أيضًا من يدخل في هم القوم لا يشقى بهم جليس، لا يشقى بهم جليس ما فعل شيء، المقصود أن أسباب الخير كثيرة، منها ما يحتاج إلى معاناة، ومنها ما لا يحتاج إلى معاناة ألبتة، ولذلك قال: كسبت، بينما الشر: اكتسبت، والافتعال يحتاج إلى معاناة، يقول: وقال الفقهاء: تُسن سجدة التلاوة للمستمع لا للسامع، يقول العيني: قلت: هذا لا يمشي على مذهب الحنفي قلت: هذا لا يمشي على مذهب الحنفية، فإن قصد السماه ليس بشرط في وجوب السجدة يعني بمجرد السماع يلزمه أن يسجد، وعند الحنفية سجود التلاوة واجب أم سُنة؟ لا، واجب معروف، شيخ الإسلام يميل إليه، وهذا مما يوافق فيه شيخ الإسلام الحنفية، يعني وافقهم في كثير من المسائل كما مر بنا في صلاة العيد.

 يقول: قلت هذا العيني وهو من فقهاء الحنفية يقول: قلت هذا لا يمشي على مذهب الحنفية فإن قصد السماع ليس بشرط في وجوب السجدة، مع أن هذا يخالف ما جاء في الحديث «السجدة على من تلاها وعلى من سمعها» يخالف ما جاء في الحديث: «السجدة على من تلاها وعلى من سمعها»، يقول الزيلعي في نصب الراية: هذا حديث غريب، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عمر أنه قال: السجدة على من سمعها، انتهى، وفي صحيح البخاري: وقال عثمان: إنما السجود على من استمع إنما السجود على من استمع، انتهى. وهذا التعليق رواه عبد الرزاق في مصنفه قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان مرّ بقاصٍ فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان فقرأ سجدة هذا القاص فقرأ سجدة ليسجد معه ثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد. يعني يكفيه هذا القاص أن يقول والله صرت إمامًا لعثمان ولو في هذه السجدة لكن عثمان -رضي الله عنه- قال: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد. انتهى.

يعني مسألة السماع والاستماع معلومٌ أن استماع المحرم حرام، لكن سماعه؟

طالب:...

سماعه استماعه مع القصد والتحري واستماعه من غير قصد.

طالب:...

استماع المحرم استماعه حرام، وسماعه؟

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم، سماعه لأول وهلة من غير قصد هذا ما فيه شيء؛ لأنه غير قاصد، لكن إذا استمر يخرَّج على:«لك الأولى وليست لك الثانية» يعني منعه مثل النظر السمع مثل النظر يخرّج، يعني بعض الناس يقول ما استمعت، ما كان في بالي ومنشغل عنه.

طالب:...

كيف ما استطاع؟

طالب:...

لا، ما استطاع لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

ماذا؟

 على كل حال هذه المسألة يعني بعض الناس يقول: والله أنا مجلس وفيه موسيقى فيه أغاني، أنا ما أستمع، ولا أهتم، ولا أكترث، أنا منشغل، لكن مكان تزاول فيه المعصية، ويُخشى عليك أن تسمع اليوم وتستمع غدًا، لكن تحوّل عن المكان، تحوّل عن المكان الذي فيه المعصية.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم معروف أنه يغالط نفسه، يغالط نفسه في النهاية، على كل حال أنا أقول: هو يُخرَّج على: «لك الأولى، وليست لك الثانية» يعني إذا فتحت تريد أخبارًا فتحت المذياع فإذا فيه موسيقى.

طالب:...

عليك أن تغلقها فورًا، تغلقها، يعني سماعك الأول لا تؤاخذ عليه مثل ما ترى من محاسن امرأة مثلاً فجأة هذه لك، نظرة الفجأة، لكن إن استمر بك الحال وأنت تنظر فليست لك الثانية وإن استمر بك الحال تستمع أو تسمع هذه الموسيقى وتقول: والله ما أنا بمستمع، لكن أنا أسمع إلى أن تنتهي الموسيقى يفوت الخبر الأول، نقول: ليست لك الثانية عليك أن تتحول.

طالب:...

ماذا حصل من ابن عمر بعد ذلك؟

طالب:...

طيب.

طالب:...

هو سمع في أول الأمر سمع، أول الأمر ثم بعد ذلك منع من دخوله إلى أذنه، فامتثل، كما لو قام.

طالب:...

حتى لو، هل مطلوب من المسلم أن يغمض عينيه أو يغض من بصره؟ يغض من بصره هذا المطلوب ومع ذلك إذا لم تستطع ففارق، إذا لم تستطع إغلاقه ففارق المكان.

طالب:...

مثل ما تفتح المذياع يا أخي، أنت ما تحتاج مجاوزة إلى غيره، تفتح المذياع، الأخبار عادة يكون قبلها موسيقى، فتقول: والله ما أقدر أن أقفله، إني ما أسمع ولا أقدر أقفله يفوت الخبر الأول، وأنا مقفله، نقول: يلزمك لك الأولى وليست لك الثانية، الفجأة الأولى لك، ولا تؤاخذ عليها، لكن الثانية لا، لا يجوز أن تستمر.

طالب:...

كان في حلقة تعليم، والآية تُردد مرارًا، يعني يرد على ذلك أسئلة منها هل يسجد المعلِّم الذي يستمع لقراءة الطالب؟ جاء ما يدل على ذلك في صحيح مسلم، عن ... لعله عن ابن أبي مليكة قال: كنت أقرأ على أبي، فإذا مرّت بنا الآية سجدنا، لكن ما أحفظه الآن، ممكن أحضره غدًا أو الأسبوع القادم، وهو في صحيح مسلم، لكن إذا طلب من الطالب أن يكرر سجد مرة أولى، لكن الباقي كلما كرر يسجد؟ لا، إذا سجد مرة واحدة تمّ الامتثال، وإذا كان على حالٍ لا يناسب للسجود، فالسجود سنة عند جماهير أهل العلم. خلونا نرى؛ لأنه باقٍ مسألة وهي مهمة أو نتركها.

إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [سورة القيامة: 19] مسألة البيان وتأخيره عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، أو تأخيره عن وقت الحاجة مسألة {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [سورة القيامة: 19] فسره ابن عباس: ثم إن علينا أن تقرأه، فسره ابن عباس بقوله: ثم إن علينا أن تقرأه، وفسره غيره ببيان ما أشكل عليك من معانيه، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [سورة القيامة: 19] ببيان ما أشكل عليك من معانيه، وقال هذا الغير: وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب عن وقت الخطاب، ثم لأن ثم تدل على التراخي، ثم إن علينا بيانه أمور مجملَة نزل بها القرآن ما نزل بيانها إلا بعد وقت؛ لأن الحاجة ما دعت إليها، وهذه مسألة مهمة جدًّا، قال: وفسره غيره ببيان ما أشكل عليك من معانيه قال: وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب أي لا عن وقت الحاجة، قال القسطلاني: وهو الصحيح عند الأصوليين، ونصّ عليه الشافعي لما تقتضيه ثم من التراخي، ويقول القسطلاني: وأول من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب المعروف أبو بكر بن الطيب.

طالب:...

أشهر من نار على علم.

طالب:...

ابن البَاقِلانِي بالتخفيف. مالكي من أئمة المالكية.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

كان شافعيًّا ثم صار مالكيًّا، فيه مجموعة من أهل العلم تحولوا من مذاهبهم، تحولوا من مذاهبهم، ابن دقيق العيد كان مالكيًّا ثم صار شافعيًّا وهكذا، جمع الناجي الذي له تعليقات على الترغيب والترهيب، لماذا سُمّيَ ناجيًا؟ نعم، نجا بنفسه على ما اتهموه به الحنابلة من التشديد قالوا: قيل له الناجي؛ لأنه نجا بنفسه، يعني من تشديد الحنابلة إلى تسهيلات الشافعية صار شافعيًّا.

قال: وأول من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب وتبعوه، وهذا لا يتم إلا على تأويل البيان بتبيين المعنى، البيان بتبيين المعنى، وإلا فإذا حُمل على أن المراد استمرار حفظه له بظهوره على لسانه فلا، والسياق يدل على الأول أم على الثاني؟ السياق يدل على الثاني. فلا يتم الاستدلال بالآية على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب. المسألة تحتاج إلى مزيد بيان وتوضيح، لعلنا نرجئها إلى الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

"