شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الحج - 10

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا ومرحبًا بكم وطابتكم أوقاتكم جميعًا بكل خير ونحييكم إلى حلقة جديدة إلى شرح كتاب الحج من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لا زلنا في كتاب الحج كما أشرنا، ويسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، ونشكر له تفضله بقبول دعوتنا في شرح أحاديث هذا الكتاب فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال المصنف- رحمه الله-: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: سمعت النَّبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».

الحمد لله ربِّ العالمين، صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فراوي الحديث أبو هريرة الدوسي حافظ الأمة مرَّ ذكره مرارًا، والحديث ترجم عليه الإمام البخاري- رحمه الله- بقوله: باب فضل الحج المبرور الترجمة السابقة.

المقدم: نعم.

من حج.

المقدم: الحديث الأول لعائشة والثاني لأبي هريرة في نفس الباب؟

في نفس الباب، نعم، (من حج) يعني حج البيت الحرام مخلصًا لله- عز وجل- من مال حلال بحيث تتوافر الأسباب، وتنتفي المونع- موانع القبول- باستيفاء الشروط والأركان والواجبات، وعدم ما ذُكر من الموانع في الحديث غيرها فإنه يرجع كيوم ولدته أمه في الوعد المذكور.

في قوله: (فلم يرفث) الفاء عطف على الشرط «من حج لله فلم يرفث» الفاء عاطفة وجوابه رجع (فلم يرفث) بتثليث الفاء (يرفُث) و(يرفَث) وماذا؟ و(يرفِث) نعم، بتثليث الفاء قاله العيني، ولم يذكر الحافظ الفتح، بل اقتصر على الضم والكسر في كتاب الصيام، في كتاب الصيام لم يذكر الفتح، وإنما اقتصر على الضم والكسر.

المقدم: في كتاب الصيام؟

نعم.

المقدم: هذا الحديث؟

المادة: رفث، يرفُث.

المقدم: نعم.

نعم، ما مرَّ بنا الرفث في كتاب الصيام؟

المقدم: بلى، بلى، نعم.

هنا قال: فأما فاء الرفث فمثلثة في الماضي والمضارع، الأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل. إذا كانت مثلثة في الماضي ماذا نقول؟ رَفَثَ.

المقدم: رَفِثَ.

ورفُثَ.

المقدم: ورفُثَ.

وفي المضارع؟

المقدم: يرفَث، يرفِث، يرفُث.

نعم، الأفصح في الماضي الفتح: رَفَثَ.

المقدم: رَفَثَ.

والأفصح في المستقبل الضم: يرفُث، نعم.

المقدم: في المستقبل؟

نعم، المضارع، مضارع.

المقدم: يُرفَث.

يَرفُث.

المقدم: الراء يعني، نعم.

الفاء، الكلام كله على الفاء.

المقدم: على الفاء، نعم.

نعم.

المقدم: فاء الفعل.

تصير فاء الفعل.

المقدم: فاء الفعل الأصلي ذاته وليس الوزن.

الفاء الذي معنا.

المقدم: الفاء الذي معنا.

نعم، فعلًا، ما هو ما يكون ماذا؟ الفاء بالنسبة؟

المقدم: العين.

العين.

المقدم: نعم.

عين الكلمة.

المقدم: عين الفعل، نعم.

والمراد.

المقدم: في التثليث بالنسبة للماضي يا شيخ؟

رَفَثَ.

المقدم: نعم.

رَفُثَ، رَفِثَ، لكن الأفصح فيه الفتح.

المقدم: في الماضي.

نعم، والمضارع كما ذكرنا.

المقدم: يَرفُث.

يَرفُث، يَرفَث، يَرفَث، فهي مثلثة، والمراد بالرفث الكلام الفاحش، ويطلق على هذا يعني على الكلام الفاحش وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقًا، على ذكره مع النساء يعني مواجهة النساء بالكلام؟

المقدم: الفاحش.

الفاحش المتعلق بهن وبالصلة بهن أو مطلقًا يعني حتى مع الرجال، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها.

يقول الأزهري في تهذيبه، قال الليث، من الليث؟ مرَّ بنا مرارًا.

المقدم: المحدث.

اسمه سعد؟

المقدم: الليث بن سعد.

لا، ما يجيء.

المقدم: أو اللغوي يا شيخ.

اللغوي، لكن إيش؟ الليث ابن؟ مرَّ بنا مرارًا.

المقدم: نعم، صحيح، الليث اللغوي.

نعم، الليث إيش؟ ذكرنا مرارًا أن من يعاني تحقيق الكتب.

المقدم: يقع في...

إذا مرَّ به ترجمة لليث بن سعد، إذا مرَّ به في كلمة لغوية، وفي نقل عن كتب أهل اللغة.

المقدم: فليس المراد به الليث بن سعد.

لا أبدًا.

المقدم: نعم.

هو الليث بن المظفر، وذكرنا أنه قد يتكايس بعضهم، فيقول: إن لم يكن ابن سعد فلا أدري من هو؟ وهذا كله دليل على عدم معاناة.

المقدم: البحث.

البحث من مظانه وأهله يعني التفنن في العلوم، فكل علم يؤخذ من أهله.

قال الليث: الرفث: الجماع، وأصله قول الفُحش، قال الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} [البقرة:197] وقال الزجاج: أي لا جماع، ولا كلمة من أسباب الجماع، وأنشد عن اللغى ورفث التكلم.

 قال: والرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من أهله، وذُكر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- ما يدل على أن الرفث خاص بما خوطبت به المرأة، أما إذا كنت تتحدث مع الرجال؟

المقدم: ما تقول رفث.

لا، افعل ما شئت، لا تواجه النساء بالكلام هذا، بهذا الكلام الرفث، وينسب له حتى ابن كثير- رحمه الله- ذكره في تفسيره، وذكره الأزهري في تهذيبه، وذكره ابن دريد في الجمهرة، ذكروا بيتًا لا أدري يثبت عن ابن عباس أو لا يثبت إن تصدق الطير .. فأتى بكلمة سافلة لا تليق بمقامه -رضي الله عنه-.

المقدم: فضلًا عن إن تصدق الطير.

نعم، عن كونه تشاؤمًا.

المقدم: ولذلك يذكرها بعض المفسرين مع الأسف في كتبهم.

يذكرونها، لا شك. الكلمة مجيئها في مثل هذا البيت يختلف عن مجيئها في حديث ماعز مثلًا، الكلمة الفاحشة مثلًا.

المقدم: نعم.

نعم، يعني لو أن شخصًا يقرأ في تفسير أو في أي كتاب في المسجد مثلًا يقرأ على الناس ويأتي بهذه الكلمة في مثل هذا البيت.

المقدم: يختلف..

يختلف عن حديث؛ لأن الحديث التصريح بالكلمة مقصد.

المقدم: صحيح.

وهدف، نعم.

المقدم: صحيح.

التصريح بالكلمة يترتب عليها الحد، ولذلك من الأدب في الكلام ألا تنسب لنفسك قولًا ترويه عن غيرك ولو كنت ناقلًا أو آثرًا، ما تقول: يقول فلان كذا وكلامًا ليس بطيب.

المقدم: نعم.

كما في حديث (هو على ملة عبد المطلب).

المقدم: صحيح، قال: (هو أنا).

هو نفسه ماذا قال؟

المقدم: هو قال: أنا.

لكن الناقل ما يقول: أنا.

المقدم: ما يجيء بضمير المتكلم.

نعم؛ لأن هذا يقبح به أن يتلفظ بمثل هذا الكلام.

المقدم: مثل كلام الفقهاء مثلًا عن المرأة إذا تحدثت عن أن زوجها واقعها وصرحت بالفعل الذي يدل على مواقعة الزوج لزوجته، عندما ينقل الفقهاء هذا الكلام ينقلونه على ضمير المتحدث الغائب.

المناسب لها.

المقدم: نعم، لا ينقلونه على المتكلم.

لكن في حديث ماعز كل الرواة يتتابعون على الرواية في قوله: (إني زنيت).

المقدم: نعم.

إذًا ما يترتب على هذا الحد؟ لو قال الرواة مثلًا: قال إنه زنى، والمسألة تحتاج إلى.

المقدم: دقة في النقل.

نعم، لابد من أن يكون اللفظ يترتب عليه حكم لا يحتمل.

المقدم: نعم.

ومثل هذا الكلام أنا في شك من ثبوته عن ابن عباس.

ذكر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- ما يدل على أن الرفث خاص بما خوطبت به المرأة، فأما أن يرفث بكلامه ولا تسمع امرأة رفثه فغير داخل في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ} ونحوه والجمهرة، نحو هذا الكلام المذكور في تهذيب اللغة في جمهرة إيش؟

المقدم: جمهرة اللغة.

جمهرة اللغة لمن؟ لابن دريد كتاب مشهور في اللغة، والكلام فيه وفي مؤلفه أيضًا معروف، لكنه كتابه نفيس يعني من أمهات كتب اللغة مهما قيل يعني.

المقدم: متقدم هو.

نعم، جدًّا.

المقدم: يعني الذين أتوا بعده استفادوا منه كثيرًا.

بلا شك، نعم نقلوا عنه.

المقدم: أيهما الأول هو أم القزاز يا شيخ؟

القزاز سيأتي.

المقدم: نعم.

سيأتي.

يقول ابن حجر: الذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحى القرطبي، وهو المراد بقوله في الصيام: «فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث»  يعني يراد به العموم، الكلام الفاحش والبذيء من القول سواء كان وجهت به النساء أو الرجال.

المقدم: نعم.

«ولم يفسق» قال الراغب: فسق فلان: خرج عن حجر الشرع، فسق فلان: خرج عن حجر الشرع، وذلك من قولهم: فسق الرطب إذا خرج عن قشره وهو أعم من الكفر، لأن الكافر يقال له: فاسق، مرتكب الذنب يقال له: فاسق، فهو أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنب وبالكثير، لكنه تعورف في ما كان كثيرًا نتتبع كلام الراغب: الفسق يقع بالقليل من الذنب وبالكثير، لكن تعورف بماذا؟ كان كثيرًا يعني مع الإصرار والاستمرار عليه يوصف بالفسق، هذا كلامه، لكن القلة والكثرة هو لا ينظر إليها إلا من جهة أن صاحب السوابق أعظم من الذي تقع منه الهفوة، لكن المنظور إليه من الجهة الأخرى إلى عظم الذنب، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه، يعني الفاسق شخص غير ملتزم بأحكام الشرع، غير الملتزم بأحكام الشرع بالكلية هذا لا يقال له فاسق في الغالب، على الخلاف في اشتراط العمل.

المقدم: يقال له ماذا؟

نعم، هم عندهم من لا يشترط العمل في مسمى الإيمان، قد يسميه فاسقًا من هذه الحيثية، لكن الذي يشترط العمل وهو القول المرجح عند أهل السنة وعند سلف هذه الأمة، الذي يترك العمل بالكلية يسميه كافرًا.

المقدم: آنعم.

لأنه.

المقدم: ترك الصلاة.

على القول الراجح المرجح والمفتى به أنه يكفر، ولذلك قال في الأول: وأكثر ما يقال، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقرَّ به، ثم أخلَّ بجميع أحكامه أو ببعضه، بجميع أحكامه كيف يسمى فاسقًا وهو يقول إن الفسق أعم من الكفر أو باعتبار أن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان عنده.

المقدم: نعم.

احتمال، وسميت الفأرة فويسقة؛ لما اعتقد فيها من الخبث والفسق، وقيل لخروجها من بيتها مرة بعد أخرى.

يقول ابن الأعرابي.

المقدم: يعني لكثرة خروجها من بيتها تسمى فويسقة؟

نعم، هذا كلامه، هذا كلامه.

قال ابن الأعرابي، لعل المأخذ الأصلي في كونها مؤذية كالفساق.

المقدم: نعم.

نعم، وجاء في الحديث: «خمس كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم» ويأتي إن شاء الله تعالى.

المقدم: ومنها الفأرة.

ومنها الفأرة.

يقول ابن الأعرابي.

المقدم: الفأرة، عفوًا أحسن الله إليك، الفأرة المراد بها فأرة المنازل؟

جميع ما يطلق عليه الفأرة، هذا الاسم.

المقدم: حتى فأرة البر؟

كيف؟

المقدم: الفأرة التي في البر.

الفأرة، فرق بين الفأرة والجربوع، اليربوع.

المقدم: أشبه ما تكون بالفأرة.

المقصود أنها إذا كانت فأرة وإلا فالجرذان من الفئران، نوع كبير من الفئران.

المقدم: لكنه في البر، ليس مثل الجربوع أبدًا.

المقصود أنه تختلف حقيقته عن حقيقة الجربوع.

المقدم: طبعًا.

فالفأر كله فواسق سواء كبر حجمه أو صغر، ويشترك في الأذى، قال ابن الأعرابي: لم يُسمع الفاسق في وصف الإنسان في كلام العرب، وإنما قالوا: فسقت الرطبة عن قشرها، يريد أن يقول إن هذا الاصطلاح أو هذا اللفظ إسلامي، نعم، لا يعرفه العرب في بني آدم، في من خرج عن طاعة الله- عز وجل- من بني آدم، إنما يقولون للرطبة إذا خرجت عن قشرها فسقت، وتعقبه ابن حجر بأنه كثر استعماله في القرآن، وحكايته عمن قبل الإسلام.

المقدم: سؤال حول ما دمنا نتكلم عن (يرفث ويفسق) يعني يكثر الكلام العلماء هذا من باب (ضرب).

الموازين الصرفية.

المقدم: هل القياس مطرد، أنا أعرف مثلًا في كل الأفعال أعرف مثلًا أن فسق، يفسق، رفث، يرفث، هل لها ميزان متسق أعرفه بحيث إني أعرف...؟

نعم، هم قد يختلفون في بعض الكلمات، لكنه عندهم مطرد.

المقدم: نعم، لذا قال.

ولا يمكن أن يتعلم الطالب إلا على هذه الطريقة، يتعلم الصرف إلا إذا عرف الموازين.

المقدم: نعم.

عندنا الكلام يحتاج إلى إبضاح لابن الأعرابي يقول: لم يُسمع الفاسق في وصف الإنسان في كلام العرب، وإنما قالوا: فسقت الرطبة عن قشرها، تعقبه ابن حجر بأن كثر استعماله في القرآن وحكايته عمن قبل الإسلام.

المقدم: يحتاج إلى؟

يحتاج إلى مزيد إيضاح، يعني كون القرآن يطلق على بعض الكفار أو بعض الأمم بأنها فسقت أو فاسقة، هل يعني هذا أن العرب يعرفون هذا اللفظ وأنه مقترن بمن اتصف بهذا الوصف؟ إذا نظرنا إلى الأمم السابقة التي لا تنطق بالعربية مثلًا، نعم، ووُصِفت بهذا الوصف.

المقدم: معناها أنهم يعرفون؟

كيف؟

المقدم: أقول معنى ذلك أنهم يعرفون أم ما يعني هذا؟

هل هذا الوصف الذي جاء في القرآن ينطبق على ما نزل على الأنبياء السابقين أنهم وُصفوا في وقتهم على ألسنة أنبيائهم بالفسق؟

المقدم: لا، ليس بالضرورة يا شيخ.

لأن كثيرًا منهم ليسوا من العرب، لا ينطقون العربية.

المقدم: نعم ليس بالضرورة، لكن في المقابل هل كونه أطلق في القرآن أنه حادث لن يستخدم قبله عند العرب ولا تعرف أن معناه كذا؟

أولًا لا سيما العرب الذين هم قُرب عهد النبوة- أهل الفترة- كيف يصفون الرجل بأنه فاسق؟ يعني خرج عن المألوف عندهم؛ فقالوا فاسق أو أن الحقيقة المعروفة في الشريعة.

المقدم: حققت هذا اللفظ.

لا، أنا أقول اللفظ الفاسق الذي يطلق على المخالف لأحكام الله -جل وعلا-.

المقدم: هذا شرعًا يعني.

هذا معروف، لكن إذا قلنا: إن العرب أطلقوه على من خرج عن أمر الله- جل وعلا- كلهم فساق.

المقدم: صحيح.

أما الواصف والموصوف؛ لأنهم جلهم خرجوا عن...

المقدم: لكنهم يطلقون على من خرج عن شيء مألوف عندهم أو عُرف عنه التمرد الظاهر يطلقون عليه فاسقًا وفسقًا وفسوقًا.

على كلامهم لا، على كلام ابن الأعرابي لا.

المقدم: هذا هو السؤال.

نعم، على كلام ابن الأعرابي لا؛ لأنه اسم إسلامي.

المقدم: نعم.

اسم إسلامي.

المقدم: مع أن ألفاظ القرآن في مسألة الفسق كثيرة.

نعم بلا شك.

المقدم: {وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ } [المائدة:3].

نعم، لكن هذا الوصف إسلامي لذلك الفعل الذي حصل في الجاهلية.

المقدم: يعني حتى إطلاقه في بعض أفعالهم {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ } [الأنعام:121].

نعم.

المقدم: هل المراد فقط إشعار العرب بأن هذه اللفظة (الفسق) جاءت بدلالة شرعية جديدة؟

ابن حجر لما تعقب ابن الأعربي بأنه كثر استعماله في القرآن وحكايته عمن قبل الإسلام، يعني هل القرآن يحكي عمن قبل الإسلام أو يصف من قبل الإسلام؟

المقدم: لا، يصف.

فرق بين هذا وهذا كونه يصف لا يلزم أن يكون معروفًا عند العرب.

المقدم: وهذا ممكن جدًا.

نعم، لكن يقول: وحكايته عمن قبل الإسلام، هل القرآن حكى عمن قبل الإسلام أنهم تكلموا بهذه الكلمة؟

المقدم: لا.

يقول الكرماني: (ولا فسوق) نعم، في تفسير (لم يفسق) أي لا خروج عن حدود الشريعة.

الآية فيها، {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} [البقرة:197] الحديث اقتصر على ماذا؟

المقدم: الرفث والفسوق.

فقط.

المقدم: وليس هناك جدال.

نعم، يقول الكرماني: إنما لم يُذكر الجدال في الحديث اعتمادًا على الآية، يعني من باب الاكتفاء، الآية التي يعرفها الخاص والعام؛ فهي في حكم المذكور اكتفاءً بالآية.

أفاد الطيبي كما نقله ابن حجر عن غيره عنه أن الحديث إنما لم يذكر الجدال كما ذُكر في الآية على طريق الاكتفاء، بذكر البعض وترك ما دلَّ عليه ما ذُكر.

المقدم: نعم.

{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل:81]

المقدم: ولم يذكر...

ولم يذكر البرد.

المقدم: نعم.

نعم.

المقدم: من باب أولى.

من باب الاكتفاء، يقول فيما نُقل عن الطيبي أن الحديث إنما لم يذكر الجدال كما ذُكر في الآية على طريق الاكتفاء بذكر البعض وترك ما دلَّ عليه ما ذُكر، لكن يحتمل أن يقال إن ذلك الجدال مراتبه تختلف بالقصد.

المقدم: بعض الجدال قد يكون حقًّا.

نعم، بعض الجدال لا يؤثر في المغفرة، لأن وجوده قد لا يؤثر في ترك المغفرة إن كان المراد به المجادلة في أحكام الحج بمعنى المناقشة، يعني مدارسة العلم في هذه الأحكام، (فلا جدال في الحج) يعني لا مناقشة في مسائل الحج، هذا المقصود به في الآية؟ لا، إنما الجدال هو المناقشة في مسائل الحج للوصول إلى الحق هذا مطلوب، هذا علم، هذا دين، هذه عبادة.

يقول: لأن وجوده لا يؤثر في ترك المغفرة إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحج فيما يظهر من الأدلة أو المجادلة بطريق التعميم فلا يؤثر أيضًا؛ فإن الفاحش داخل في عموم الرفث، ماذا قالوا في تعريف الرفث؟ أنه القول الفاحش.

المقدم: القول الفاحش.

نعم، إذًا إذا كان الجدال فاحش دخل في (فلا يرفث) نعم.

المقدم: وإذا كان حق؟

والحسن منه ظاهر في عدم التأثير، والمستوي الطرفين يعني ليس بفاحش وليس بحسن إنما هو من الكلام والجدال المباح، لا يؤثر أيضًا، لكن لا شك أن تركه أولى.

المقدم: يظهر والله أعلم أن تركه هو الأولى.

بلا شك.

المقدم: وغير ذلك لعله لم يذكر استنادًا لأدلة أخرى يا شيخ إذا استوى «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر».

«فليقل خيرًا أو ليصمت»، ولذا الخلاف معروف عند أهل العلم فيما يكتب.

هل يُكتب كل شيء؟  {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴿١٨﴾}[ق:18] هذا الأصل يُكتب كل شيء حتى الكلام المباح يُكتب، منهم من يقول إنه ما يُكتب إلا ما يُحسب، ملك اليمين أو ملك الشمال؛ لأنه إن كان حسنًا كتبه؟

اليمين، وإن سيئًا؟

المقدم: كتبه الشمال.

وإن كان لا هذا ولا هذا؟

المقدم: لا يُكتب.

هذا قول.

 كيوم قرأت أنت ماذا؟

المقدم: كيومَ وكيومِ، أنا قرأتها بحسب التشكيل كيومِ، وهي تُقرأ كيومَ ولدته أمه.

طيب لماذا؟ الكاف حرف جر.

المقدم: يوم على الظرفية.

كيف؟

المقدم: يوم.

هو ظرف على كل حال.

المقدم: صح على الوجهين يا شيخ يومَ ويومِ.

لماذا؟ كيومَ ولدته أمه أو كيومِ.

المقدم: كيومِ.

أو كيومِ، أي صار بلا ذنب. يقول الكرماني: تقديره رجع مشابهًا لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه.

في يوم ولدته أمه أو هو بمعنى صار.

المقدم: ما رأيك يا شيخ أن نترك الإجابة عليه في الحلقة القادمة بإذن الله.

نعم.

المقدم: تشويقًا الإخوة خصوصًا: كيومَ ولا كيومِ؟ ولماذا؟ هذا ما سيكون في مطلع الحلقة القادمة، بإذن الله تعالى.   

أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب الحج في كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

نستكمل بإذن الله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الحلقة القادمة وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.