شرح كتاب التوحيد - 63

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملاً يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "باب قول اللهم اغفر لي إن شئت، في الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يَقُولن أَحَدُكُمْ: اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اَللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ؛ فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ».

ولمسلم: «وَلْيُعَظِّمْ اَلرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ».

فيه مسائل:

الأولى: النهي عن الاستثناء في الدعاء.

الثانية: بيان العلة في ذلك.

الثالثة: قوله: «لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ».

الرابعة: إعظام الرغبة.

الخامسة: التعليل لهذا الأمر".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت" باب كما تقدم مرارًا خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وباب مضاف، وقول مضافٌ إليه.

"اللهم" أصلها يا الله، فحُذِفت ياء النداء، وعوِّض عنها الميم، ولم تُجعل في موضعها في بداية الكلام تبركًا وتيمنًا باسم الله (الله).

"اللهم" يشذ الجمع بين ياء واللهم من ذلك قول الشاعر:

إني إذا ما حدثُ ألمَّا

 

أقول: يا اللهم يا اللهما

والأصل أن (ياء) لا تجتمع مع (أل) إلا مع الله "وفي اضطرارٍ جمع ياء وأل إلا مع الله ومحكي الجُمل" فتقول: يا الله، وفيه (أل) وأما ما عدا ذلك غير محكي الجُمل التي يُسمى بها فإنك تُنادي مثلاً الحسن تقول: يا الحسن، "محكي الجُمل" إذا سميت شخصًا بجملة فيها (أل) فإنك تُناديه وتضع حرف النداء في بدايته.

وأما الجمع بين البدل والمُبدل ياء والميم المشددة التي يؤتى بها عِوضًا عن ياء هذا شاذٌ جدًّا، ومنهما كل ما ذكرنا من البيت:

إني إذا ما حدثٌ ألمَّا

 

أقول: يا اللهم يا اللهما

"اغفر لي" الغفر: الستر والمحو، ستر الذنب ومحوه عن العبد، كما جاء في الحديث الذي فيه أن الله –جلَّ وعلا- يُقرر عبده بذنوبه «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ» يعني من التقرير الذي جاء في الخبر يقول: فعلت كذا في يوم كذا، فعلت كذا في يوم كذا، فيعترف بذلك ويخاف من العقوبة، فيقول له الله –جلَّ وعلا-: «أَنَا سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَغْفِرُهَا لَكَ الآن» والله –جلَّ وعلا- هو الغفور الرحيم.

"اللهم اغفر لي إن شئت" (إن) شرطية فيها نوع استثناء، فالشرط متضمنٌ للاستثناء، ومن ذلك قوله –عليه الصلاة والسلام- لضباعة بنت الزبير بنت عمه الزبير، قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، قال: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي» شرط يعني أن محلي حيث حبستني «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» هذا شرط مُضمنٌ للاستثناء.

 "إن شئت" و(إن) من حروف الشرط التي ليس فيها جزم، فيها جزم للفعل، لكن ليس فيها جزم للمطلوب، ليس فيها جزمٌ في المطلوب الذي هو ما دخلت عليه، فإذا قلت: إن يقُم زيد أقُم، تجزم الفعل، لكن ليس فيها جزم بتحقق الفعل بخلاف (إذا) عكسها، فيها جزم بتحقق الفعل إذا قام زيدٌ قمت، فيه تحقيق، ولكن ليس فيها جزم للفعل، وفي هذا يقول الشاعر:

أَنا إِن شَكَكتُ وَجَدتُموني جازِمًا

 

وَإِذا جَزَمتُ فَإِنَّني لَم أَجزِمِ

ما معناه؟ يا أبا عبد الرحمن ما معنى هذا الكلام؟ اشرح البيت، أنت ما معنا أنا أعرف إنك ساهٍ.

طالب:........

اشرح.

طالب:........

"وَجَدتُموني جازِمًا".

طالب:........

بمعنى اليقين صح.

طالب:........

ولا الظن أقل من الظن، وفرضنا أن يكون يقينًا، الشك أقل من الظن؛ لأن الظن الاحتمال الراجح، والشك الاحتمال المساوي، والوهم الاحتمال المرجوح.

كمِّل.

طالب:........

المصوب صوبه "كذا له ولم يصوِّب صوبه".

طالب:.......

رأيت ماذا يقول جارك بعد عِشرةٍ طويلة، يعني زملاء من عشر سنين؟

طالب:........

أكثر، متقاربين في السِّن؟

طالب:........

كبير، لا، ما هو بأكبر منك.

على كل حال لم يُصوِّب صوبه مثل قلت، وإن كان الكلام قيل في غيره، قيل في ابن الصلاح، وهو أعلم من أبو عبد الرحمن.

طالب:........

صح أو فيه شك؟ "كذا له ولم يصوِّب صوبه".

كيف انتبهت إلى هذا في هذا الموضع المناسب؟

طالب:........

الله يعينك على الجواب يا أبا إبراهيم، تفضل هذا البيت.

طالب:........

تُريد الشك في المعنى، وتجزم في الإعراب عكس (إذا) تُفيد الجزم في المعنى ولا تُفيد الجزم في الإعراب، فهمتها؟

بيت العراقي "كذا له ولم يصوِّب صوبه" أعطنا إياه.

طالب:........

تذكره أنت؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

ما ودنا أن نتعداه.

طالب:........

ماذا.

طالب:........

أنَّ وعن.

نتوسع في هذه الأمور؛ لأن الأبواب قصيرة، وقلنا للشيخ إبراهيم: نُريد أن نجمع بابين بابين، وهو قال: لا؛ لأنه إذا جمعنا اضطررننا للاختصار أحيانًا، والتوسع والاستطراد ما يضر في شيء.

طالب: ينفع إن شاء الله.

هل من أحد عنده في علم الحديث يد، علوم الحديث؟

طالب: ...

حتى الذي عنده ما هو مجاوب، ما أدري لماذا؟ وفي النهاية سأقول: جزاك الله خيرًا.

من صيغ الأداء (عن وأنَّ) (عن) تُفيد الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم، و (أنَّ) حُكمها حُكم عن. 

 فالجُل سووا وللقطع نحى البرديجي

 

حتى يبين الوصل في التخريج

فبعضهم يرى أن (أنَّ) تُفيد القطع، ابن الصلاح نقل عن الإمام أحمد، ويعقوب بن شيبة أن (عن) تُفيد الاتصال، و(أنَّ) تفيد الانقطاع، ما تفيد الاتصال، بدليل أن حديثًا عن محمد بن الحنفية، عن عمار أن النبي -صلى الله عليه وسلم-...

طالب:.......

لا يلزم المتن، عن محمد بن الحنفية عن عمار، والرواية الثانية عن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر بالنبي –صلى الله عليه وسلم- هناك عن عمار أنه مر بالنبي –عليه الصلاة والسلام- قالوا: هذا متصل، وهذا مُنقطع، وابن الصلاح يرى أنهم قالوا هذا الكلام؛ لأن الطريق الأولى رُويت بــــــ(عن) وهي تُفيد الاتصال، الطريق الثانية رُويت بــــــــ(أن) وهي لا تُفيد الاتصال.

يقول: "كذا له ولم يصوِّب صوبه" يقول لابن الصلاح: ما فهم السبب، سبب التفريق ما فهمه ابن الصلاح؛ لأنه في الطريق الأولى التي فيها عن محمد بن الحنفية عن عمار أنه مر بالنبي– صلى الله عليه وسلم- محمد بن الحنفية يروي القصة عن صاحبها الذي هو عمار، محمد بن الحنفية عن عمار، الطريق الثاني منقطعة؛ لأن محمد بن الحنفية يحكي قصةً لم يشهدها، عن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر بالنبي –عليه الصلاة والسلام-، محمد بن الحنفية ما شهد القصة؛ ولذلك حكموا عليها بالانقطاع هذا هو السبب.

كنت ستقول هذا؟

طالب:.......

ما يضيع –يا ابن الحلال- أنت سمعتها يمكن مائة مرة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

الراجح نعم الاحتمال المساوي، والوهم الاحتمال المرجوح.

طالب:........

{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] هذا جزم عقيدة الإيمان بالبعث.

طالب:........

{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام:116] {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس:36].

طالب:........

نعم الظن، لكن الاصطلاح استقر على هذا.

طالب:........

لا، الظن الاصطلاح استقر على هذا، والنصوص تُفسَّر بحسب سياقها، فهمت؟ الاصطلاح استقر على أن الظن الاحتمال الراجح؛ ولذلك يقولون: الأحكام الشرعية أكثرها بأدلةٍ ظنية لا قطعية، يعني احتمال راجح لا يلزم أن يكون هذا الحكم مقطوعًا به؛ لأن دليله فيه احتمال لوجود مُعارض مثلاً، لكن هذا المُعارض أقل منه وهكذا.

وإلا في قوله –جلَّ وعلا-: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] يظنون احتمال؟ ما فيه احتمال، هذه عقيدة لا بُد من الجزم.

"إن شئت، في الصحيح" والمراد بالصحيح يعني: الحديث الصحيح المُخرَّج في الصحيحين في البخاري ومُسلم.

"عن أبي هريرة –رضي الله عنه-، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يَقُولن»" «لا» ناهية، ويقول: فعل مضارع مجزوم، وهو مبني على الفتح،  لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد.

طالب:.......

مُشددة، لكن الوصف المؤثر هنا ماذا يقول؟ المباشرة، مباشرة ما فيه فاصل بينها وبين الفعل، وإلا لو خطاب للجماعة، والفاصل بواو الجماعة لرُفِع ليقُولُن.

وَأَعْـرَبُوا مُضَـارِعًا إِنْ عَـرِيَا مِنْ نُـونِ تَوْكِـيدٍ مُبَاشِر
 

«أَحَدُكُمْ» هذا الفاعل، وهذا يشمل وهو في الأصل خطاب للرجال، ويدخل فيه النساء كما هو معلوم من خطابات الشريعة تدخل النساء تبعًا.

«اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ» «اَللَّهُمَّ» تقدمت، «اِغْفِرْ لِي» في الترجمة.

«إِنْ شِئْتَ» كأن طالب المغفرة متردد، كما يقول الواحد لزميله أو لأحد: أعطني كذا إن كان ودك، إن أردت أو كان ودك، كأنه يقول له: الذي بهواك، هذا يدل أيش؟ على تردد.

طالب:........

ممكن؛ لأنه مادام ما جزم المسألة فهو ليس بحريص عليها، وإذا قال ذلك بالنسبة للمخلوق الذي قد يُعطي عن إكراه، وقد يُعطي عن مُجاملة، وقد يُعطي بعد تردد، لكن بالنسبة لله –جلَّ وعلا- «لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ؛ فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» كما جاء في الحديث.

«اَللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ» مثلها.

«لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ» يجزم بها، ولا يتردد فيها.

طالب:........

كذلك، إذا استعظم كذلك.

بعض الناس يقول: اللهم أدخلني الجنة ولو عند الباب، والرسول –عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا سأل أحدكم الجنة فليسأل الفردوس» أنت تسأل كريمًا.

طالب:........

يأتي هذا.

واحد عبَد الله سبعين سنة، ويقول: إني ما سألت الجنة قط؛ لأنه في قرارة نفسه لا يستحقها، وإنما يكفيه أن ينجو من النار، يستعيذ من النار فقط، ولا يسأل الجنة، يزعم أنه ليس بكفءٍ للجنة، هذا صحيح؟ لا، ما هو بصحيح، نعم قد يقولها الشخص من باب التواضع، يعني في مقابل هذا الشخص الذي تعبَّد سبعين سنة يقول: ما سألت الجنة قط، وإنما أكتفي بالاستعاذة من النار في مقابل شخص إذا جلس في المسجد يقرأ القرآن انتظر التسليم، ولو أحد طرق الباب قال: تدخل علي الملائكة جاؤوا يُسلمون، فرق بين هذا وهذا.

هذا الذي يجب عليه أن يعرف قدر نفسه.

طالب:........

لكن، يقول: أنا لست بكفؤ للجنة، يكفيني أن أنجو من النار.

طالب:........

ما يدري هو ما قصده جنة ولا شيء، يكفيه أنه ما يُعذَّب فقط، يعني كأنه يُخاطب مخلوقًا، مخلوق حُكِم عليه بجلد أو سجن ما يستطلع أنه يُعطى هبة ولا شيئًا إذا ذهب إلى الحاكم ما يتوقع أنه سيُعطيه هبة ولا عطية ولا شيئًا، يكفيه أنه ينجو من هذا الجلد أو من هذا السجن، لكن ما هكذا يتعامل مع الخالق- جلَّ وعلا-.

«لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ» اللام «لِيَعْزِمِ» لام الأمر، والفعل مجزوم، وحُرِّك بالكسر؛ لالتقاء الساكنين، طيب حُرِّك بالكسر، لماذا ما حُرِّك بفتحٍ أو ضم؟

طالب:........

لا يُجر، لما عُدِل من الحركات المُمكنة في الفعل؛ لئلا يُظن أن العامل ملغي، فعاد الفعل إلى أصله في حال الرفع أو انتقل إلى تأثير غيره من حروف النصب، فلما عُدِل منه إلى حركةٍ لا تدخل على الفعل في الأصل عُرِف أن الفعل مُتغير؛ بسبب العامل الداخل عليه عن أصله، وأن العامل أثَّر فيه.

«لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» الله –جلَّ وعلا- إذا أراد شيئًا يقول له: كُن فيكون «فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ».

طالب:........

ولو كان بغير صيغة الأمر؟

طالب:.........

هو طلب على أي حال سواءً كان بصيغة الأمر أو بصيغة الخبر، غفر الله لك ما معناها؟ رحمه الله؟

طالب:........

هو طلب على كل حال، لكن بصيغة الخبر.

«اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ» يعني الدعاء بصيغة الطلب لا يجوز أن يُقرن بالمشيئة، لكن جاء بصيغة الخبر، «طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ»، «ثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» هل هو يُخبر أنه طهور أو يدعو له بأن يُطهَّر من ذنوبه؟

طالب: ...

دعاء، وكذلك «ثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فإذا جاء بصيغة الخبر في مثل هذين الحديثين جاز أن يُقرن بالمشيئة.

طالب:.........

ليس من باب التعليق، من باب التبرك.

طالب:........

مرتب، ولكن لا يُوجد مانع من ترتب الأثر عليه؟

طالب:........

لما زار المريض وقال له: «ثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» أليس يدعو له؟

طالب:.......

وفي الصيام كذلك يدعو لنفسه «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّه»، ولما زار المريض قال: «طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ».

طالب:.......

إذا جاء بصيغة الخبر، ولو اقتُصر على مورد النص في مثل هذه الأمور لكان أولى؛ لأن هذا مجرد تفريق بالصيغة، ما فيه ما يدل عليه من قوله –عليه الصلاة والسلام- لا، التفريق بمجرد الصيغة.

في حديث الاستخارة «اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاجل أمري» فيه جزم؟ «إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاجل أمري وآجله فاقدره لي» ما فيه تعليق بعلمه- جلَّ وعلا-؟ في تعليق.

طالب:........

الله –جلَّ وعلا- قطعًا يعلم ما يؤول إليه بالنسبة لهذا الأمر المُستخار فيه، لكن على حد علم المخلوق بسبب تردد المخلوق فيما سيحصل حصل هذا التعليق، فليس لترددٍ في علم الخالق، الله –جلَّ وعلا- يعلم قطعًا، والمخلوق ما يدري ماذا سيحصل له، ما هو مسألةٍ عند الله –جلَّ وعلا- يطلبها منه، الأمر مطلوب من مخلوقٍ آخر، لكن هل يُقدم عليه أو لا يُقدم؟ في الاستخارة لكن تيسير الأمر «فيسره لي، واقدره لي، واقدر لي الخير حيث كان» ما فيها إن شاء الله.

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

في أمور الدنيا.

طالب:........

لا، يدخل، اللهم ارزقني إن شئت؟

طالب:........

لا لا، ما يصح، «لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ».

طالب:........

نعم.

طالب:.........

هو مترددٌ بين أمرين بالنسبة لعلم المخلوق، والله –جلَّ وعلا- يعلم قطعًا أنه خير حتمًا أو شرٌّ حتمًا؛ ولذلك طلب من الله –جلَّ وعلا- على مقتضى علمه –عزَّ وجلَّ- أنه إن كان خيرًا يقدره له، وإن كان شرًّا يصرفه عنه، فلا تعارض.

"ولمسلم: «وَلْيُعَظِّمْ اَلرَّغْبَةَ»" فيما عند الله- جلَّ وعلا- «فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ» افترضنا أن شخصًا مطلوب منه مبالغ كبيرة، لا يقول: الآن أطلب بعضها، وإذا تيسرت أطلب الباقي، تطلب مِمَن؟ صحيح أنت لو جئت إلى مخلوق والمطلوب مبالغ كبيرة، تذكر له بعض الشيء؛ لئلا يرفض؛ لأن بعض الناس إذا طلبت منه مبلغًا كبيرًا يرفض، فبدلاً من أن يرفض تطلب نصفه ثُلثه رُبعه، ثم تُعاود فيما بعد، لكن الذي عند الله خزائنه لا تنفذ، يمينه سحاء الليل والنهار.

طالب:........

نعم هو الحديث نفسه، هو نفس الحديث.

طالب:........

يعزم المسألة ويُعظم الرغبة.

طالب:........

ماذا تقول؟

طالب:.........

نفسك ما ارتاحت لا تشغل نفسك، إذا ما ارتحت فالنتيجة أن الله –جلَّ وعلا- صرفك عنها.

طالب:........

قد تستخير مرة فلا يتبين لك الوجه الراجح، ثم تُكرر ثانية وثالثة، قالوا: إلى سبع مرات، ثم يتبين لك، وقد لا يتبين لك لحكمةٍ إلهية.

طالب:........

أنا ما فهمت الفرق غير ما يظهر. 

طالب:........

إذا أقدم عرف أن الله –جلَّ وعلا- اختار له هذا الأمر، لكن قد يجد في نفسه بعد الاستخارة صرفًا عن هذا الموضوع، عن هذه المرأة، ولا يجد ارتياحًا، لكن هناك صفات تجعله يُقدم، ماذا يصير؟

طالب:........

هو ما يجد ارتياحًا، استخار كم مرة وما هو مرتاح، وقد يتعارض ذلك مع رؤى، وقد رأى ومُدِحت هذه المرأة، واتفق الناس على أنها من خيرة النساء في دينها وفي جمالها...إلى آخره، ثم يُقدِم من أجل هذا، وهو في حقيقته بعد الاستخارة ما رأى ارتياحًا لها،  ماذا يطلب منه حينئذٍ؟

طالب: يترك.

يترك؛ لأن عدم الارتياح نوع توجيه من الله –جلَّ وعلا- أنه ما اختارها له، لكن أحيانًا قد يكون تعلق قلبه بها، فيجد في نفسه من الصراع ما يجد، حينئذٍ عليه أن يُكرر الاستخارة؛ حتى يترجح الأمر.

هذا نقل عن ابن القيم في (جلاء الأفهام) في شرح لفظة (اللهم) وقيل: زيدت الميم للتعظيم والتفخيم، ما هو بواضح الكلام.

طالب:........

هذا الذي وقفوا عليه.

طالب:........

ما فيه إلا الذي كَتبه.

طالب:........

أين صاحبها؟

طالب:........

أنت؟ ما كتبتها زرقم؟ من قال هذا؟

طالب:........

نعم مثل المكتوب، لكن أنا أتعجب من زرقم، أي: شديد الزُّرقة، وبعده ابنم مذكورة ابنم معروفة، أكمل.

طالب:........

المعروف المتداول عند أهل العلم أنها بدلٌ من ياء النداء.

طالب:.........

اختيار الله –جلَّ وعلا- أنت بين أمرين، إما أن تجد في نفسك ارتياحًا لأحد الأمرين، الإقدام أو الترك، أو لا توجَّه لهذا، ولا لهذا، فالذي تفعله هو ما اختاره الله لك، هذا كلام أهل العلم.

طالب:.........

لا، هو من الأصل ارتياح إذًا ما يحتاج إلى استخارة، إذا كان الارتياح بسبب أمرٍ خارجي وأنه رآها وفُتِن بها لماذا يستخير؟ إلا إذا استخار وصُرِف عنها وتركها.

على كل حال أمور الاستخارة....

طالب:........

أين؟

طالب:........

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "فيه مسائل: النهي عن الاستثناء في الدعاء" النهي المؤكد بنون التوكيد عن الاستثناء في الدعاء، فلا يقول حينئذٍ: اللهم اغفر لي أن شئت، وهذا النهي يدل على التحريم؛ لأنه مقتضى النهي.                      

"الثانية: بيان العلة في ذلك"، والعلة منصوصة أو مُستنبطة؟

طالب: منصوصة.

«فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» فالعلة منصوصة، «فَإِنَّ اَللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ».

"الثالثة: قوله: «لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ»" ويجزم بها، ويلح على الله في ذلك، والله –جلَّ وعلا- يُحب المُلحين بالدعاء.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

أم سلمة في كتاب الجنائز من صحيح مسلم قالت هذه الكلمة: "عزم الله لي"، أنت من هذا أخذت من هذا الموضع؟

طالب:........

والإمام مسلم –رحمه الله تعالى- يقول في مقدمة صحيحه: فإذا عُزِم لي تمامه فأول مستفيدٍ منه أنا" يعني تمام الكتاب عُزِم، مَن الذي يعزم؟ الله -جلَّ وعلا-.

وأهل العلم يختلفون في إثبات صفة العزم لله –جلَّ وعلا- كلام أم سلمة: "عزم الله لي فقلتها" في كلمةٍ جاءت في الحديث.

يختلفون في إثبات صفة العزم لله –جلَّ وعلا-، هي ليس فيها شيء مرفوع عن النبي –عليه الصلاة والسلام-، ولا في كتاب الله ما يدل عليها، والإثبات إنما يكون بكتابٍ أو سُنَّة، فذكر شيخ الإسلام في المُجلد السادس عشر من (الفتاوى) القولين، وذكر القول الأول وهو عدم الإثبات؛ لعدم الثبوت، والقول الثاني، وهو الأصح –كما قال شيخ الإسلام- إثبات صفة العزم لله –جلَّ وعلا-، واستدل بقول أم سلمة، وأن مثل هذا الكلام لا يُقال بالرأي، ما تجزم أم سلمة بكلامٍ تُضيفه إلى الله –جلَّ وعلا- من تلقاء نفسها، إلا أن يكون عندها شيء من النبي- عليه الصلاة والسلام-.

طالب:........

عزم يليق بجلاله وعظمته، لكن... يعني في معنى –والله أعلم- قُدِّر.

طالب:........

قُدِّر لي تمامه.

طالب:........

صفة من صفات الله.

طالب:.......

يعني قُدِّر "إذا عُزِم لي تمامه" يعني قُدِّر لي تمام هذا الكتاب، هذا من حيث المعنى، والإثبات كما هو على طريقة أهل السُّنَّة كما يليق بجلال الله وعظمته.

خلاص، انتهى الإشكال؟

"قوله: «لِيَعْزِمِ اَلْمَسْأَلَةَ»" يعني يجزم بها، ويُلح فيها.         

"الرابعة: إعظام الرغبة" إعظام الرغبة في الله –جلَّ وعلا- وفيما عنده، يعني يأتيه وهو مُحسنٌ الظن بالله –جلَّ وعلا- طامعٌ فيما عنده، ما يدعو وهو غافل أو يأتي وهو متردد أن هذا الأمر سوف يحصل أو لا يحصل «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ».

"التعليل لهذا الأمر" «فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ» يعني لا شيء عظيمًا بالنسبة إلى الله –جلَّ وعلا-، فكل ما دون الله هينٌ على الله.

بعث الخلائق كلهم بأيش؟ بكلمة، البعث، وخلق الخلق كلهم كنفسٍ واحدة، والسماوات والأرضون على عظمها لا شيء بالنسبة لله، السماوات السبع والأرضون السبع كسبعة دراهم أُلقيت في فلاة، وسيأتي في آخر الكتاب ما يدل على عظمة الله- جلَّ وعلا-.

الكرسي بالنسبة للعرش؟

طالب: كحلقةٍ ألقيت في فلاة.

لا إله إلا أنت سبحانك ما أعظمك!

"المسألة الخامسة: التعليل لهذا الأمر" بقوله –عليه الصلاة والسلام-: «فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أعطاه» يُعطي، إذا كان بعض المخلوقين يُعطي، والنبي –عليه الصلاة والسلام- يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وغيره يُعطي العطاء الجزيل، وما هؤلاء بالنسبة إلى الله إلا أفراد من آحاد خلقه جلَّ وعلا.