كتاب بدء الوحي (086)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا سؤال له علاقة فيما تحدثنا عنه سابقًا في درسٍ سابق، هذا يقول: بالنسبة للفهارس والبرامج الحديثة ألا يُقال: إن الخطأ هو في تضييع الوقت المتوفر من استخدام هذه التسهيلات، تضييعه في غير العلم، وأما إن كان الطالب ملازمًا لطلب العلم، ويستفيد من هذا الوقت المتوفر في بحث وتحقيق مسائل أخرى، فالأمر أخفُّ ضررًا.
كلامنا فيما سبق فيمن يعتمد عليها، فيما يعتمد عليها في تحصيل العلم وتأصيله، وتأسيسه، أما الاستفادة منها مع أنه ماضٍ في طريقه على الجادَّة المعروفة، فهذا لا يلومه أحد.
هذا يقول: من احتاج إلى غسيل الكلى في نهار رمضان، هل يفطره ذلك؟ وما صحة هذا الحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم»؟

أما على القول بأن الحجامة تفطر، القول بأن الحجامة تفطر ويستدل بحديث شداد بن أوس، «أفطر الحاجم والمحجوم» فلا إشكال في كونها تفطِّر؛ لأنهم يخرجون الدم، يخرجون ما في البدن ثم يُعاد إليه ثانية، هذا لا إشكال في كونه يفطِّر، أما على القول بأن الحجامة لا تفطِّر، مجرد الإخراج مثل إخراج الدم بالحجامة، يبقى مسألة الإضافات التي يضيفونها إلى ما يخرجونه ثم يعيدونه، هذا لا شك أن فيه إخلالًا بالصيام، وإن كان بعضهم يرى أن هذا ليس مقصودًا لذاته، وليس من باب الأكل ولا الشرب، ويستروح بعضهم إلى أنها لا تفطر. على كل حال الأحوط أن لا تفعل في نهار رمضان، وأما حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فهو حديث مقبول عند أهل العلم، ويستدلون به، وأقل أحواله الحسن، لكن النبي –عليه الصلاة والسلام- قاله في زمن الفتح، وفي حجة الوداع، احتجم النبي –عليه الصلاة والسلام- وهو صائم محرم، كما في حديث ابن عباس في الصحيح.
طالب:....
نعم؟
طالب:....
من باب الاحتياط؛ لأن الحجامة عندي الذي أميل إليه أنها لا تفطِّر.
يقول: عندنا يوجد ضريبة على المحلات التجارية، ويوجد إعفاء ضريبي لمدة سنة على المحلات الجديدة، ويوجد إعفاء ضريبي لمدة خمس سنين على من يأخذ قرضًا من مكانٍ يُسمى التأمينات التجارية.
تقريبًا وهو قرض ربوي.
فهل يجوز أخذ القرض؛ للإعفاء لمدة خمس سنين، ثم سداده بعدها مباشرة؟
لا شك أن التحايل على التنصل من المحرم شرعي، والحيلة التي تتخذ من أجل الوصول إلى فعل الواجب أو ترك المحظور هذه شرعية، لكن إذا كانت الحيلة بهذه الطريقة ربا –نسأل الله العافية- حرب لله ورسوله، فهذه لا تجوز بحال.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 في حديث هرقل الطويل، الذي ما زال الحديث بصدده، أرسل النبي –عليه الصلاة والسلام- الخطاب، وفيه: و{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64]، هذه الآية ثبت في صحيح مسلم أن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان يقرأها في ركعتي الصبح، في الركعة الثانية من ركعتي الصبح، والأولى الآية التي في البقرة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة:136]، مع أنه في صحيح مسلم أيضًا في الموضع نفسه أنه كان يقرأ في الركعة الثانية {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران:52] إلى آخر الآية، وقدم هذه في الرواية على تلك مع أن رواة تلك أكثر، يعني الآية الأولى متفق عليها التي في البقرة، والآية الثانية إما هذه، وإما الآية التي ذكرنا، مع أنه قدَّم هذه في الرواية وأخر تلك مع أنَّ رواتها أكثر من رواة هذه، ولو قرئت هذه أحيانًا وهذه أحيانًا في الركعة الثانية لحصل المقصود، ولا يلزم أن نرجح بين الروايتين؛ لأن تقديم مسلم للرواية له شأن عنده، وكثرة الرواة أيضًا من المرجحات.
الحافظ ابن كثير –رحمه الله- في تفسير الآية يقول –رحمه الله-: "هَذَا خطابٌ يَعُمّ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ {قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة}  وَالْكَلِمَة: تُطْلَق عَلَى الْجُمْلَة الْمُفِيدَة، وَالْكَلِمَة: تُطْلَق عَلَى الْجُمْلَة الْمُفِيدَة".

كلامنا لفظ مفيد كاستقم

 

واسم وفعلٌ ثم حرف الكلم

واحده كلمة واللفظ عم

 

وكلمة بها كلامٌ قد يؤم

كلمة التوحيد، كلمة الإخلاص، هي: عبارة عن كلمة مفردة أم جملة؟ جملة، على كل حال: الكلمة تطلق على الجملة المفيدة "كَمَا قَالَ: هَهُنَا، ثُمَّ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: {سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُمْ}: أي نستوي فيه". ما هو بكلام مفهوم عندنا وأنتم لا تفهمونه أو العكس، يكون المقصود لما يدعى إليه واضح بين الفريقين.

"{سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُمْ} أَيْ: عَدْل وَنِصْف نَسْتَوِي نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا، ثُمَّ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: {أَنْ لَا نَعْبُد إِلَّا اللَّه وَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئًا} لَا وَثَنًا، وَلَا صَنَمًا، وَلَا صَلِيبًا، وَلَا طَاغُوتًا، وَلَا نَارًا، وَلَا شَيْئًا، بَلْ نُفْرِد الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ، وَهَذِهِ دَعْوَة جَمِيع الرُّسُل". يعني دعوة المخالف، ينبغي أن يكون على هذا الأساس، ينبغي أن تكون الدعوة على هذا الأساس، لا على أساس التنازل عن شيء مما أوجبه الله –جل وعلا- أو التفاوض على ارتكاب ما حرمه الله –جل وعلا-، فيكون من باب قوله –جل وعلا-: { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9] على هذا يكون التفاوض، وعلى هذا يكون الحوار، {إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ} إذا تحقق التوحيد تبعه ما بعده.
 "قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]، وَقَالَ –جلَّ وعلا-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمَّة رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} [النحل:36]، ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يَتَّخِذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه} [آل عمران:64]. قَالَ اِبْن جُرَيْج: يَعْنِي يُطِيع بَعْضنَا بَعْضًا فِي مَعْصِيَة اللَّه.
وَقَالَ عِكْرِمَة: يعني يَسْجُد بَعْضنَا لِبَعْضٍ {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اِشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} أَيْ: فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ هَذَا النِّصَف وَهَذِهِ الدَّعْوَة فَأشهدوهم أَنْتُمْ عَلَى اِسْتِمْرَاركُمْ عَلَى الْإِسْلَام الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لَكُمْ". يعني: اعتزوا بدينكم، وأظهروا وأشهروا أنكم مسلمون، بخلاف ما يفعله كثير ممن ينتسب إلى الإسلام في بلاد الكفار مثلاً، وقد يُحس بشيء من الضَّعَة أمام هؤلاء الكفار، فتجده إذا سئل عن ديانته، إما يجيب بإجمال، أو بشيء ما هو بصريح، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33]، مع الأسف، بعض النَّاس تجده يستخفي بهذا، ولا..، بعض الناس في بعض شعائر الدين تجده يستحي، لكن الإسلام، والانتساب إليه مصدر عزَّة، العزَّة لله وللرسول، وأما الاستحياء والاستخفاء فيجب وينبغي أن يكون مما يخالف الإسلام، بعض الناس يجاهر بما يخالف الإسلام، وينزع جلباب الحياء؛ لأنه يرى أن مثل هذا يحقق له مصالح أو يدرأ عنه مفاسد، هذا لا يُجدي عن الله شيئًا، «ومن أرضى الناس بسخط الله سخط عليه وأسخط عليه الناس»، والله المستعان.
طالب:....
نعم.
طالب:....
نعم.
طالب:....
{أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} إذا استجابوا خلاص انتهى، سئل واحد من الدعاة، في قناة من القنوات قال: هل يمكن التقارب بين الإسلام والنصرانية؟ قال: إذا قال النصراني: لا إله إلا الله صار مسلمًا، وأنا إذا قلت: عيسى ابن الله صرت نصرانيًّا. يمكن التنازل عن هذا؟ وذكر أن شخصًا صلى صلاة ووراءه مسلم ويهودي ونصراني، وهو ينتسب إلى الإسلام من العلماء، ممن يزعم أنه من أهل العلم، رضي بها الثلاثة! هل هذا دين؟! «صلوا كما رأيتموني أصلي» تُرضي اليهودي، أو ترضي النصراني؟ ما يمكن.
طالب:....
ليس هناك ولا واحد بالمائة نلتقي معهم فيه، في الصلاة، والله المستعان.
هذا مستحيل.
طالب:....
نعم.
طالب:.....
نعم.
طالب:...
مسألة التعايش، التعايش هذه يعني مع وجود غير المسلمين في بلاد المسلمين بقرار شرعي وإقرار شرعي لا شكَّ أنَّهُ تعايش ممكن، لكن على أي أساس؟  حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. أما أن يصيروا هم أهل العزة في بلاد المسلمين، فهذا مستحيل، وليس بشرعي.
طالب:.....
نعم.
طالب:....
في بلده ما الذي جعل المسلم يضطر إلى أن يجلس في بلاد مشركين، هذا حرام عليه. على كل حال: الظرف الذي نعيشه من الضعف قد يفرض علينا بعض الأشياء، هذا أمور مقررة شرعًا، قد يفرض علينا بعض الأمور، ألا نصارم، ولا نجهر بما يكرهونه؛ خشية علينا وعلى من بين أظهرهم من المسلمين، هذه أمور تفرض علينا بعض الأمور، لكن يبقى أن ما في القلوب، وما في... والعقائد ثابتة، ليس معنى هذا أننا نحبهم ونودهم من أجل أن نتعايش، لا، لكننا لا نحرش أمورًا، أو نثير أمورًا تعود علينا بالضرر الأكبر، كل الأمور تقدر بقدرها، وكل مشكلة لها حل في الدين، يعني: لو مررت بأسد نائم فضربته برجلك، فما النتيجة؟ النتيجة يأكلك، إلا لو كان معك سلاح، وتجزم بأنك تتخلص منه، وتقي الناس من شره.
"{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اِشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} أَيْ: فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ هَذَا النِّصَف وَهَذِهِ الدَّعْوَة فَأشهدوهم أَنكم عَلَى اِسْتِمْرَاركُمْ عَلَى الْإِسْلَام الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لَكُمْ".
في شرح الكرماني، قوله: {تَعَالَوْا}، بفتح اللام، أصله: تعالوَوْا؛ لأنه من العلو، فأُبدلت الواو ياءً؛ لوقوعها رابعة، فصارت: تعالَيَوْا، فقلبت الياء ألفًا، فاجتمع الساكنان، فحذف الألف وهو إن كان –يعني: الطلب تعالوا- لطلب المجيء إلى علو، يعني: المادة تعالوا هي طلب مجيء، لكن في مكان مستوٍ، الأصل فيها: أنها تفيد شيئًا من العلو، تعالوا إلى مكان مرتفع، إلى مكان عالٍ، ومناسبة أو اختيار هذه اللفظة دون طلب المجيء ودون ما يقوم من مقام هذه اللفظة من ألفاظ مرادفة، أنَّ الالتقاء على هذه الكلمة عُلو وارتفاع، وهو إن كان لطلب المجيء إلى علو، لكنه صار أعمَّ من ذلك في الاستعمال. وسواءٌ: أي مستوية، وتفسير الكلمة قوله: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}، إلى: قوله {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، إلى قوله: {مِنْ دُون اللَّه}، إلى قوله: {مِنْ دُون اللَّه}، هذا كلام الكرماني، تعالَوا".

لا بد أن يكون طالب العلم عنده معرفة بالتصريف؛ ليفرِّق بين الأمر والماضي؛ لأننا نسمع في كلام بعض من ينتسب إلى العلم عدم التفريق بين الأمر والماضي، يسمع واحدًا من العلماء، ما هو من طلاب العلم فقط، تراصَّوْا: هذا أمر أم ماضٍ؟ ماضٍ هذا، هذا مسموع في المحراب يقولها شيخ كبير، هذا حقيقةً، هذه سُبَّة فيه وخلل في طلبة العلم، يعني طالب العلم كما يقرأ في النحو، يقرأ في الصرف؛ ليكون على الجادة، وتكون علومه متوافقة ومتناسقة، أما أن يهتم بعلم ويصير إمامًا فيه، وفي غيره يساوي الأحداث والأغرار، هذه وصية لكل طالب علم أن يكون طلبه للعلم متوازنًا؛ لأن كل هذه العلوم يُحتاج إليها.
يقول الخطابي في "أعلام الحديث"، قلت مرارًا: إن هذا هو المطبوع على الكتاب، المحقق في جامعة أم القرى "أعلام الحديث"، وهو موجود في بعض النسخ مع أن أهل العلم يسمونه، وموجود في كثير من النسخ: "أعلام السنن"، في مقابل معالم السنن، يقول الخطابي: "في الخبر دليل على أن النهي عن أن يُسافر بالقرآن". يقال: تُسافِر، "عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، إنما هو في حمل المصحف من القرآن المجموع فيه السور، إنما هو في حمل المصحف من القرآن المجموع فيه السور، والآيات الكثيرة دون الآية والآيتين؛ لأن الخطاب فيه"..
طالب: آية.
آيتان كاملتان أم جزء من آيتين؟
من يرى أن البسملة آية في كل سورة، أو من الفاتحة يقول: كاملة، والذي يرى أنها ليست بآية يقول: جزء من آية من سورة النمل، وأما الآية الثانية فقد ترك منها: "قل" انتهى كلام الخطابي. "وقد روى الشيخان من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، قال مالك: أراه مخافة أن يناله العدو. أراه مخافة أن يناله العدو. وقال ابن بطال: وأما بعثه –عليه السلام- إلى هرقل بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، وآية من القرآن، وقد قال –عليه السلام-: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو»".

الخطابي شافعي، ومذهبه أن البسملة آية من سورة الفاتحة، وابن بطال مالكي وهم لا يرون البسملة مطلقًا من القرآن، فننتبه في كلامهم إلى كلٍّ، إلى أن كل واحد منهما قد أثَّر عليه مذهبه، والتأثير -تأثير المذاهب- لا شك أنه موجود، تأثير المذاهب موجود ينتبه له عند عزو الأقوال، وتحرير المسائل، وأما بالنسبة لمسائل العلم الفرعية فهذه مسألة ظاهرة ومعروفة، لكن تأثير المذاهب على الأمور العامة، كالاصطلاحات العلمية مثلاً، المفردات اللغوية، أحيانًا تؤثر فيها المذاهب والإنسان ما يشعر، يعني قد يبحث في معنى كلمة من كتاب الله أو من سنة رسوله –عليه الصلاة والسلام- عند الزمخشري والفائق مثلاً، وهو لغوي بارع في اللغة، لكن تجد تأثير المذهب موجودًا، وقُلْ مثل هذا في المذاهب الفرعية، المذاهب الفرعية أثرت حتى في كتب اللغة.

 ولذا الذي يوصى به طالب العلم: أن لا يرجع إلى كتب المتأخرين التي تأثرت بالمذاهب، يرجع إلى كتب المتقدمين، أو أقل الأحوال يوازن بين مجموعة من الكتب، ولا شك أن الحقائق الشرعية التي يختلف فيها أهل العلم من أهل المذاهب لها ارتباط وثيق بالحقائق اللغوية؛ لأن الحقيقة الشرعية احتوت واشتملت على الحقيقة اللغوية وزادت شيئًا من القيود، كما قرر ذلك شيخ الإسلام –رحمه الله- في كتاب "الإيمان".
وقال ابن بطال: "وأما بعثه –عليه السلام- إلى هرقل فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، وآية من القرآن، وقد قال –عليه السلام-: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو»، وقال العلماء: لا يمكن المشركون من الدراهم التي فيها اسم الله تعالى، وإنما فعل ذلك -والله أعلم-؛ لأنه في أول الإسلام، ولم يكن بد من أن يدعو الناس إلى دين الله كافةً، ولم يكن بد من أن يدعو الناس إلى دين الله كافة، وتبليغهم توحيده كما أمره الله تعالى، {لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام:19]". لا بد أن يبلغ، والبعيد الذي لا يسمع التلاوة لا بد أن يُرسل له بشيء من القرآن ليبلغه، وهذا يكثر السؤال من مكاتب الدعوة: أن بعض من ينتسب إلى الأديان الأخرى يطلب مصحفًا ليتأمل، يطلب مصحفًا ليتأمل، ولا شك أنه يتأثر؛ القرآن مؤثر بذاته، وسماعه مؤثر.

 حكى لنا بعض الدعاة قرأ القرآن في محفل فيه خليط من أهل الأديان، وتلا مقطعًا أدبيًّا بنفس النغمة التي تلا بها القرآن، ظهر الفرق حتى عند بعض النصارى، قال له: أعد لي المقطع الأول، الذي هو من القرآن، ثم أعاده ثالثة، فتأثر وأسلم، أما ذاك فما ألقى له بالًا، ولذا بعض الناس يؤثر فيه الصوت، يسمع القرآن من فلان ويتأثر، ويسمعه -نفس المقطع- من فلان ولا يتأثر، فيظن أن التأثير للصوت، التأثير للصوت، يُقال: لا، التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت؛ بدليل أن صاحب هذا الصوت لو قرأ غير القرآن ما أثر مثل هذا التأثير؛ ولذا جاء الأمر بتزيين القرآن بالأصوات، وجاء التغني بالقرآن؛ لأنه مؤثر، ولا يعني أن التأثير للصوت إنما هو للقرآن المؤدى بهذا الصوت.
طالب:....
عمومًا من يتوقع منه الإساءة إلى القرآن، عموم من يُتوقع منه الإساءة إلى القرآن، ولذا قال مالك: "أراه مخافة أن يناله العدو".
طالب:...
سهل، يطبع في بلادهم، أول مصحف طبع في روما، قبل أربعمائة سنة، لكن ليس بالشأن أنهم يحصلون عليه بطريقتهم، الشأن أننا نمكنهم منه؛ لأن كل شخص له من خطاب الشرع ما يخصه، كونهم تمكنوا..
طالب:....
حامل القرآن؟ لا، لا يقاس عليه.
طالب:....
نعم، يستفتون في تمكينهم من القرآن، فإذا غلب على الظن إجابته، وأمكن أن لا يعطى القرآن بهيئته المستقلة، إما يعطى مع تفسير فيكون مغمورًا في التفسير الكثير، أو تعطى بعض التراجم التي حروفها أكثر من حروف القرآن.
طالب:....
يسمع، لكن ما يتمكن منه؛ لأنه إذا سمع ما يسيء...
طالب:....
على كل حال: تحقق المصلحة وتدرأ المفسدة بقدر الإمكان، لما سئل مالك: أمرني أبي فنهتني أمي، قال: أطع أباك ولا تعصِ أمك.
طالب:....
ما فيه إشكال، ما فيه إشكال؛ لأن ما في الشريط من القرآن كما في جوف الحافظ من القرآن؛ مهما بذلت لن تصل إلى القرآن.
طالب:....
هو ما جاء في هذا الحديث، ما جاء في هذا الحديث.
طالب:.....
لا، لا، أكثر من آية، وأكثر مما جاء في هذا الحديث هو محل الخلاف، في كلام ابن بطال أيضًا: "وقال العلماء: لا يمَكَّن المشركون من الدراهم التي فيها اسم الله تعالى، وإنما فعل ذلك- والله أعلم- لأنه في أول الإسلام، ولم يكن بد من أن يدعو الناس إلى دين الله كافةً، وتبليغهم توحيده كما أمر الله تعالى". وقال النووي في شرح القطعة من أوائل الصحيح، في "فوائد الحديث": "منها أنه يجوز أن يُسافر إلى أرض الكفار، ويُبعث إليهم بالآية من القرآن ونحوها، وإنما جاء النهي عن المسافرة بالقرآن، أي: بكلِّه، أو بجملة منه، وذلك أيضًا محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار".
طالب:....
نعم، من سافر بالقرآن، نهى أن يسافر بالقرآن، على كل حال: القرآن، ما حقيقته، هل المقصود به ما بين الدفتين كاملًا، أو يطلق على بعضه القرآن؟ يطلق على هذا وهذا.
طالب:.....
لا، هم كلهم يدورون حول ما ذُكر في هذا الحديث، يدورون حول ما ذكر في هذا الحديث، يقول: "ومنها ما استدل به أصحابنا، أنه يجوز للمحدث والكافر، يجوز للمحدث والكافر مسُّ كتاب فيه آية، أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن، يجوز للمحدث والكافر مسُّ كتاب فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن". يعني: لك أن تقرأ -وأنت محدث- في كتاب تفسير مثلاً، في تفسير ابن كثير؛ التفسير أضعاف أضعاف القرآن، هذا ما فيه إشكال؛ لأنك تقرأ التفسير، والقرآن المتلو، المتلو معه إنما جاء تبعًا، لو أردت القرآن ذهبت تقرأ في المصحف.
طالب:....
يبقى أن القرآن يسير بالنسبة للتفسير، لكن الإشكال فيما إذا كان القرآن مساويًا للتفسير أو أكثر؛ لأن بعض المصاحف عليها تفسير بعض الكلمات، هذا الحكم للغالب للمصحف، تفسير ابن سعدي الحكم للتفسير؛ لأنه أكثر. تفسير "الجلالين" تفسير "الجلالين" متقارب جدًّا، القرآن مع التفسير. قلنا مرارًا: إنَّ من طلاب العلم من أهل اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير "الجلالين" وقيل له: إنَّ الحكم للغالب، فعد حروف التفسير وحروف القرآن، يقول: إلى آخر المزمل العدد واحد، ومن المدثر إلى آخر القرآن زاد عدد حروف التفسير فانحلت عنده المشكلة.
ويبقى أن هناك فرقًا بين أن يكون القرآن متميزًا بنفسه، وبين أن يكون ممزوجًاا مع غيره، يعني تفسير الجلالين في طبعاته القديمة ما فيه أحد يقول: لا تقرأ فيه؛ لأن القرآن غير متميز، أما طبعه على هامش القرآن فهذا محل النظر، إن كنت تريد التفسير، تريد القراءة في التفسير، ولا تمس الباطن –الورق- الذي فيه القرآن، فهذا ما فيه إشكال، لكن إذا كنت تريد تلاوة القرآن وبدلاً من أن تقرأ في مصحف مجرد من أجل أن لا تتوضأ تقرأ في تفسير الجلالين وأنت مرادك القرآن، هذا محل النظر الذي يحتاج إلى مزيد عناية، والاحتياط أن يتوضأ.
طالب:....

كيف؟
طالب:....
ماذا فيه؟
طالب:....
تغليف المصحف كاملًا أم تغليف الأوراق بورق شفاف؟
طالب:....
هذه الصورة، تغليف كل ورقة بورق شفاف، يقول: أنا ما لمست المصحف، من حائل. سيأتي هذا إن شاء الله.
طالب:....
ونقل الكرماني عن النووي مما لم يذكره في كتابه هذا، قال: "ومنها دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، ومنها دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، وهذا مأمور به، وهذا مأمور به، فإن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام، كان الأمر به واجبًا، وإن كانت بلغتهم كان مستحبًّا، فلو قوتلوا قبل إنذارهم ودعائهم إلى الإسلام، جاز، لكن فاتت السنة والفضيلة بخلاف الضرب الأول".
يعني: إذا عرفنا الهدف الشرعي من الجهاد، هل الهدف الشرعي من الجهاد التسلط على الكفار، أو الإفادة من أموالهم، ونسائهم، وذراريهم، وغنائمهم؟ كلا، الجهاد إنما شرع؛ لإدخال الناس في هذه الرحمة، ولإنقاذهم من عذاب الله –جل وعلا-، ولذا يقادون إلى الجنة بالسلاسل، هذا هو الهدف من الجهاد، من شرعية الجهاد في الإسلام، قد يقول قائل: إذا كان الجهاد من أجل مصلحتهم، ورفضوا أن يدخلوا الإسلام فلماذا تقتلهم، هل من مصلحته أن تقتله؟

نقول: نعم، هذه مصلحة ظاهرة له ولغيره، مثل ما يقتل الجاني، مثل ما يقتل مرتكب الحد؛ لأنك إن تركته أثَّر على غيره وازداد من كسب الذنوب، ويكون عائقًا عن دخول غيره في الإسلام.
"ومنها: دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، وهذا مأمور به، فإن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام، كان الأمر به واجبًا، وإن كانت بلغتهم كان مستحبًّا، فلو قوتلوا قبل إنذارهم ودعائهم إلى الإسلام جاز، لكن فاتت السنة والفضيلة، بخلاف الضرب الأول".

 زاد العيني: " هذا مذهب الشافعي، وفيه خلاف للجماعة ثلاثة مذاهب، حكاها المازري والقاضي عياض، أحدها: يجب الإنذار مطلقًا، قاله مالك وغيره". يعني سواء بلغتهم أو لم تبلغهم. "والثاني: لا يجب مطلقًا. والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ومن بلغته فيستحب، وبه قال نافع، والحسن، والثوري، والليث، والشافعي، وابن المنذر، قال النووي: وهو قول أكثر العلماء". وهو الصحيح.

يقول العيني: "قلت مذهب أبي حنيفة –رحمه الله- أنه يستحب أن يدعو الإمام من بلغته مبالغة في الإنذار، ولا يجب كمذهب الجمهور". "وفي صحيح مسلم وغيره". في صحيح مسلم: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا." يعني: يعني بمَ يستعان على العدو؟ بتقوى الله، وما الذين يعين العدو على المسلمين؟ المعاصي. ثم قال: «اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلو، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا».

الآن حروب الكفار للمسلمين حروب إبادات جماعية بأسلحة لا تفرق بين وليد، وبين شيخ كبير، وبين امرأة، وبين محارب وغير محارب.

"«وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم منهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم». الحديث بطوله.
ومن فوائد الحديث، كما قرر أهل العلم: وجوب العمل بخبر الواحد، وجوب العمل بخبر الواحد، وإلا فلم يكن في بعثه مع دحية فائدة، دحية واحد، وهذا إجماع من يُعتد به، لكن هل هذا الخبر ثبت بدحية أو بالخطاب؟ الدعوة، تبليغ الدعوة، تصديق هذا الخبر من النبي –عليه الصلاة والسلام- هل حصل بكتابه أو بدحية؟ بالكتاب، لكن... هو بالكتاب، ويبقى أن دحية يشهد على هذا الكتاب، ويخبر عن هذا الكتاب أنه كتاب النبي –عليه الصلاة والسلام- فهو خبر واحد على أي حال. وأيهما أقوى: العمل بخبر الواحد، أو الوجادة؟ خبر الواحد لا شك أنه أقوى، وهو الأصل في الرواية، لكن الوجادة التي لا يشك في نسبتها إلى من نسبت إليه، مقبولة عند أهل العلم، مقبولة الوجادة، نعم: يقررون أنها منقطعة، وفيها شوب اتصال. يعني: أن تعرف خط شيخ الإسلام لا تشك فيه، أو خط عالم من العلماء وبينك وبينه مفاوز، قرون، هل تروي عن هذا العالم؟
طالب:....
ما تروي عنه، إلا أن تقول: وجدت بخطه، كثيرًا ما يقول عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت بخط أبي، فالوجادة إذا كان لا يشك في نسبة الكتاب إلى قائله، إلى كاتبه معمول بها عند أهل العلم، "ومنها وجوب العمل بخبر الواحد وإلا فلم يكن في بعثه مع دحية فائدة، وهذا إجماع من يعتد به".
طالب:....
هو إذا أُمن واطمئن إليه، سواء أكان بختم أو بغير ختم، لكن يبقى أنه إذا أمكن تزويره، يعني: صار فيه شيء من التردد، احتمال قائم، فدحية يشهد على الخطاب أنه خطاب النبي –عليه الصلاة والسلام-، قال: "وجوب العمل بالخبر الواحد" هذا قول أهل العلم قاطبة ممن يعتد بقولهم في مسائل العلم في جميع أبواب، في العقائد خلافًا لطوائف البدع، وفي الأحكام، وفي التفسير، وفي جميع أبواب الدين.

طيب، عمر –رضي الله عنه- في خبر الاستئذان، في حديث أبي موسى، ما قبل هذا الخبر إلا بعد أن شهد أبو سعيد مع أبي موسى، هل نقول: إن عمر لا يقبل خبر الواحد، أو عمر من باب التثبت ولا يتهم أبا موسى؟ عمر يحتاط للسنة، ويريد أن يتثبت، وإلا فالأصل أن جميع الأخبار التي وردته قبلها، يعني: كونه يطلب التثبت في خبر واحد، هل يعني أنه لا يقبل الأخبار كلها إلا إذا شهد؟ ما حفظ عنه أنه يرد الأخبار، المقصود أنه إذا حصل عنده شيء من التردد، تثبت، لكن الأصل أنه يقبل، يعني ما روى عمر عن الصحابة إلا هذين الحديثين أو الثلاثة؟ وما نقل إلا في هذين الخبرين.
 كون المعتزلة يردون خبر الواحد وأنه لا بد من التعدد في الرواية لا بد أن يحمل الخبر أكثر من واحد، استدلالًا بصنيع عمر، هذا لا شك أنه من باب التلبيس على الناس، يعني هل عمر ما روى إلا ثلاثة الأحاديث أو الأربعة التي تثبت فيها؟ روى أحاديث كثيرة عن الصحابة، وقبلها عن الواحد منهم، لكن إذا وجد شيء في النفس أو عنده شيء يعارضه أو..، تثبت، كما هو الشأن في جميع المسائل العلمية لابد من التثبت.
طالب:...
نعم.
طالب:....
نعم.
طالب:....
نعم، قبِلَه وكان في ضيعةٍ له خارج المدينة، وينزل هو يومًا، وجاره يومًا ويقبل منه، وأخبره جاره في يوم من الأيام أن النبي –عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه فقبل منه.

 المقصود: أن مثل هذا الاستغلال من المعتزلة غير مسلَّم، وكون أهل العلم من أهل السنة يردون على المعتزلة لا يعني أنهم يردون على عمر، لا يعني أنهم يردون على عمر، وأقول: مثل هذا في كون الإمام مسلم يرد على مبتدعٍ -يشترط اللقاء بين الرواة- ويشنع عليه، لا يعني أنه يرد على البخاري أو علي بن المديني، يرد من أراد أن يستغل مذهب البخاري وعلي بن المديني في رد السنة، كما أننا إذا رددنا على المعتزلة فإننا لا نرد على من احتاط كعمر –رضي الله عنه-؛ لأن بعض الناس يقول: مستحيل أن يخاطب البخاري بهذا الأسلوب مسلم، وهو تلميذه وخريجه، مبتدع وغير مسبوق وكذا، وخرق إجماعًا، يمكن أن يقول هذا في البخاري أو حتى في علي بن المديني؟

 لا يمكن، نقول: لا، مسلم يرد على مبتدع أراد أن يستخدم هذا التصرف من الإمام البخاري إلى نصر بدعته في رد السنة، فإذا رد مسلم على هذا المبتدع لا يعني أنه رد على البخاري؛ لأنه يعرف مذهب البخاري ومنهج البخاري، مثل ما قلنا: نظيره إذا رددنا على الجبائي أو الحسين البصري أو غيره ممن لا يرى قبول الخبر إلا إذا رواه اثنان فأكثر، فإننا لا نرد على عمر –رضي الله عنه-، فننتبه لمثل هذه المسائل؛ لأن بعض الناس يلبِّس، وهذا الآن زاد التلبيس.
الإشكال في كون مثل بعض شراح البخاري، ابن العربي، الكرماني، ويشم من كلام البيهقي، والحاكم، أن شرط البخاري في الصحيح أن لا يخرِّج إلا ما رواه اثنان عن اثنين عن اثنين فأكثر، هذا الإشكال، لكن هل هذا حق واقع الصحيح؟ إذا نظرنا أول حديث وآخر حديث يرد هذه الدعوى، لما الصنعاني في "نظم النخبة" لما ذكر العزيز وهو: مروي اثنين فأكثر، قال:

وليس شرطًا للصحيح فاعلمِ

 

وقد رمي من قال بالتوهمِ

بعض النسخ قال:

وليس شرطًا للصحيح فاعلم

 

وقيل شرطٌ وهو قول الحاكمِ

على كل حال: هذا ليس بالشرط للصحيح، حديث «إنما الأعمال بالنيات» كما مر بنا، كم رواه في الطبقات الأربع؟ عمر، وعنه علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم، وعنه يحيى بن سعيد، ما شاركهم أحد في روايته، وآخر حديث، أبو هريرة، وعنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وعنه محمد بن فضيل، وعنه، لا القعقاع ثم محمد بن فضيل، وعنه انتشر بعد الطبقات الأربع، كأن البخاري –رحمة الله عليه- بافتتاح هذا الكتاب بهذا الحديث وختمه، يريد أن يقوض هذه الدعوى من أساسها، الكرماني أين أنت يا كرماني، فيه مواضع تكرر عنده، في أربعة مواضع، قال: هذا شرط البخاري في صحيحه.
طالب:.....
نعم.
طالب:....
ينظر متبوعًا، إذا كان متبوعًا، نعم.
طالب:....
كل التعامل مع الرأس في جميع الأبواب؛ لأنه لو لم يوافقوه لما أقروه، لأنه لو لم يوافقوه لما أقروه، كون الأتباع يوافق من يوافق منهم ولا يستطيع الإعلان...
طالب:....
هؤلاء أمرهم إلى الله –جل وعلا- يبعثون على نياتهم، لا يظلم ربك أحدًا.
طالب:....
على كل حال: مستحيل أن تعلق الأمور بالأفراد، مستحيل أن يبلغ كل شخص بعينه.
يقول: من هو المبتدع الذي يرد عليه الإمام مسلم؟
يكفينا وصفه، يكفينا وصفه؛ لأن بعض المبتدعة، وبعض المغرضين –وهذه طريقة المستشرقين وطريقة المناوئين من الصدر الأول- يتتبعون مثل هذه الأمور؛ ليركبوا عليها ما يريدون، يركبوا عليها ما يريدون.
يقول ابن حجر: "فائدة: قيل في هذا دليل على جواز قراءة الجنب للآية والآيتين، وبإرسال بعض القرآن إلى أرض العدو وكذا السفر به، وأغرب ابن بطال فادعى أن ذلك نسخ بالنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، ويحتاج إلى إثبات التاريخ بذلك، ويحتمل أن يقال: إن المراد بالقرآن في حديث النهي عن السَّفر به أي: المصحف، وأما الجنب فيحتمل أن يُقال: إذا لم يقصد التلاوة جاز".  إذا لم يقصد التلاوة، يعني: مثل ما يفتى به من بعض أهل العلم في الآيات التي تذكر في الأذكار، في أذكار الصباح والمساء مثلاً، وأذكار النوم، يتخللها آيات يقول تقرأه لا بقصد التلاوة على أنه ذكر، فلا مانع من أن تقرأ وأنت جنب، هذا يفتي به بعض الناس.

 "وأما الجنب فيحتمل أن يقال: إذا لم يقصد التلاوة جاز على أن في الاستدلال بذلك من هذه القصة نظرًا؛ فإنها واقعة عين لا عموم فيها، فيقيد الجواز على ما إذا وقع احتياجٌ إلى ذلك كالإبلاغ والإنذار -كما في هذه القصة- وأما الجواز مطلقًا حيث لا ضرورة فلا يتجه".
يقول ابن حجر: "وقد اشتملت هذه الجمل القليلة التي تضمنها هذا الكتاب على الأمر بقوله: أسلم، والترغيب، والترغيب بقوله: تسلم.
طالب:...
نعم.
ويؤتك الله..
طالب: أجرك مرتين.
والترهيب بقوله: فإن عليك..
طالب: إثم الأريسيين.
نعم، "والدلالة بقوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى وكيف لا وهو كلام من أوتي جوامع الكلم!" عليه الصلاة والسلام.
وقال العيني: "فيه دليل لمن قال بجواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوشة فيها اسم الله تعالى لضرورة، وإن كان -يعني يروى عن مالك: الكراهة-؛ لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذه النقوش من ذكر الله تعالى، وفيه: أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا –عليه الصلاة والسلام- فآمن به فله أجران.

ثم قال العيني في ضمن ما يستنبط من الحديث: الثالثَ عشر، قال بعض الشارحين استدل به بعض أصحابنا على جواز مسِّ المحدث، والكافر، كتابًا فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن، قلت-يقول العيني-: قال صاحب "الهداية": لا يقرأ الحائض والجنب شيئًا من القرآن، لا يقرأ الحائض والجنب شيئًا من القرآن" معروف أن هذا عند الترمذي وابن ماجه بسند فيه إسماعيل بن عياش وهو مضعف، لا سيما في روايته عن غير الشاميين، يقول: "بإطلاقه يتناول ما دون الآية، أراد أنه لا يجوز للحائض والنفساء والجنب قراءة ما دون الآية خلافًا للطحاوي، وخلافًا لمالك في الحائض، ثم قال: وليس لهم مس المصحف إلا بغلافه". هذا كلام صاحب الهداية "إلا بغلافه". ويأتي ما في البخاري بلفظ آخر. "ولا يمس المحدث المصحف إلا  بغلافه، ويكره مسه بالكم وهو الصحيح، بخلاف الكتب الشرعية حيث يرخص في مسها بالكم؛ لأن فيه ضرورة، ولا بأس بدفع المصحف إلى الصبيان؛ لأن في المنع تضييع حفظ القرآن، وفي الأمر بالتطهر حرجًا لهم، هذا هو الصحيح". هذا من شرح "فتح القدير" مع "الهداية".
الآن يفتي كبار المشايخ عندنا بأن الحائض تقرأ القرآن، لكن لا تمسه إلا بحائل، فبالقفازين ينتهي المحظور، هذا على التسليم بجواز قراءة الحائض القرآن، هذا على التسليم بذلك، والمسألة فيها الخلاف المعروف عند أهل العلم، والأكثر على المنع، والأكثر على المنع.
ترجم الإمام البخاري في كتاب الحيض: "باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض" "باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض"، وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين، فتأتيه بالمصحف فتُمسكه بعِلَّاقَتِه –ما يعلق فيه من حبل ونحوه-، وهناك فيه كلام صاحب "الهداية": "بغلافه". يعني: المصحف جرت العادة أنه يحفظ في كيس ويربط بخيط، وبعضهم يجعل له علاقة، يعلق بها.

"وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ثم ذكر حديث عائشة، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن، ثم يقرأ القرآن".

الآن كون الحائض تمسّ بدن القارئ والقرآن في جوفِه قلنا: هذا أصلٌ لمس الشريط من غير حائل؛ لأن الغلاف حائل، وما في الشريط مثل ما في جوف الحافظ؛ لأنه لا يمكن الوصول إلى حقيقته، مهما شرَّحت قلب الإنسان ما وجدت قرآن، ومهما فعلت بالشريط ما تجد شيئًا.
قال ابن حجر: "قوله: بعِلاقته بكسر العين، أي: الخيط الذي يربط به كيسه، وذلك مصيٌر منهما إلى جواز حمل الحائض المصحف، لكن من غير مسِّهِ، ومناسبته لحديث عائشة من جهةِ أنَّه نظَر حمل الحائض العلاقة التي فيها المصحف بحمل، أنه نظَّر حمل الحائض العلاقة التي فيها المصحف بحمل الحائض المؤمن الذي يحفظ القرآن؛ لأنه حامله في جوفه، وهو موافق لمذهب أبي حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، وفرقوا بأن الحمل". يعني بالكيس أو بالعلاقة  "هذا مخل بالتعظيم، والاتكاء لا يسمى في العرف حملاً، والاتكاء لا يسمى في العرف حملًا". قوله: "ثم يقرأ القرآن، وللمصنف في "التوحيد": كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض، فعلى هذا فالمراد بالاتكاء: وضع رأسه في حجرها، وضع رأسه في حجرها، قال ابن دقيق العيد" هذا من دقائق العلوم "قال ابن دقيق العيد: في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن". هل هي التي تقرأ أم الرسول –عليه الصلاة والسلام-؟ الرسول الذي يقرأ –عليه الصلاة والسلام-.

"في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها، حتى احتيج إلى التنصيص عليها. لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها، حتى احتيج إلى التنصيص عليها". هذا ما نقله ابن حجر عن ابن دقيق العيد، وفي "الأحكام" "أحكام لابن دقيق العيد"، يقول: "وفيه إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قولها: فيقرأ القرآن، إنما يحسن التنصيص عليه إذا كانت ثمة ما يوهم المنع، ولو كانت قراءة القرآن للحائض جائزة لكان هذا الوهم منتفيًا". ما يحتاج تنص عليه، "وأنا حائض" ماله داعي.

"ولو كانت قراءة القرآن للحائض جائزة لكان هذا الوهم منتفيًا، أعني: توهم امتناع قراءة القرآن في حجر الحائض، ومذهب الشافعي الصحيح امتناع قراءة الحائض القرآن، ومشهور مذهب أصحاب مالك: جوازه". يقول الصنعاني في "حاشيته": "وفي هذه الإشارة خفاءٌ لا يخفى، وفي هذه الإشارة خفاء لا يخفى، وأدلةُ المنع ضعيفة، والأصل: الجواز".
على كل حال: قراءة الحائض للقرآن هو الآن المعمول به والمفتَى به، وإن كنت لا أجرؤ أن أقول بالجواز مطلقًا، حتى ولا  مع الحاجة التي هي مجرد تحقيق أمر دنيوي، اختبار وما اختبار هذا لا يؤثر عندي، لكن خشية النسيان، خشية النسيان، هذا هو المؤثر في تقديري. "وأدلة المنع ضعيفة، والأصل: الجواز".
طالب:..........
يعني تريد الرد على أولئك؟
طالب:....
ولا يمنع أن تريد الرد على من أجاز للحائض قراءة القرآن، وهذا أقرب.
يعني: هذه دلالة بعيدة، وهذه دلالة قريبة، هذه دلالة أصلية، وهذه دلالة فرعية، عرفت الفرق؟ نعم.
أما مذهب الحنابلة فهو معروف، قال في "الزاد وشرحه": "وتقضي الحائض والنفساء الصوم لا الصلاة، ولا يصحَّان منها، بل يحرُمان عليها كالطَّواف، وقراءة القرآن، واللبث في المسجد لا المرور به إن أُمن تلويثه" ".  "وتقضي الحائض والنفساء الصوم لا الصلاة، ولا يصحَّان منها بل يحرمان عليها كالطَّواف، وقراءة القرآن، واللبث في المسجد لا المرور به إن أمن تلويثه".
مر علينا في درس الفقه مسّ المحدث للمصحف، وقلنا: إن المعوَّل عليه في الباب حديث عمرو بن حزم، والمرجَّح أنه مرسل، لكن أهل العلم تلقوه بالقبول كما قرروا ذلك، فهو أصلٌ في المسألة، وأما الآية: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] فالمرجَّح عند المفسرين أن المراد به اللوح المحفوظ، اللوح المحفوظ، وحينئذٍ فلا يتم الاستدلال به على منع مسّ المصحف، مسّ المصحف من قبَل المحدث.

 لكن شيخ الإسلام ذكر كلامًا -يعني في دقته- مثل كلام ابن دقيق العيد، كلام شيخ الإسلام، يقول: "صحيح المراد {لَّا يَمَسُّه} يعني اللوح المحفوظ {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} يعني الملائكة، فإذا نص على المطهرين أصلًا بحيث لا يفارقون هذا الوصف، وأنَّهم لا يمسون اللوح المحفوظ الذي فيه القرآن فمنع غيرهم ممن يتصور منه الحدث، من مسِّ المصحف الخالص من باب أولى". يعني: استنباط دقيق جدًّا، والذي لا يتأمله ولا يستوعبه لا يقدره قدره، ولذلك يورَد على بعض المشايخ الذين يتساهلون في هذا الباب ثم... ما يعطيك فرصة ليفهم، يعني بعض المسائل الدقيقة حين تناقش فيها ما يلتفت إليها، مرة في مجلس في مجموعة من طلاب العلم وفيهم كبار، قلت: هل الممنوع في قوله –جل وعلا-: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج:25]، هل الممنوع إرادة الإلحاد ولو كان الظلم في غير الحرم، إرادة الإلحاد في الحرم، ولو كان الظلم في غير الحرم، أو الممنوع الظلم في الحرم ولو كانت الإرادة خارج الحرم؟ ولا رفعوا بهذا الكلام رأسًا؛ لأنَّ الآية محتملة حسب متعلق الجار والمجرور، حسب متعلق الجار والمجرور فيه، ما الذي فيه، هل الإرادة فيه والظلم لا يلزم أن يكون في الحرم، أو الممنوع بقوله: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ} الممنوع الظلم، ولو كانت الإرادة خارج الحرم؟ والفرق بينهما أن شخصًا في مكة، يقول: إذا رجعت إلى الهند سأفعل كذا، يدخل أم ما يدخل؟ أو شخص في الهند يقول: إذا رحت مكة سأفعل كذا، أيهما المراد؟

أما كونه يريد ويظلم في الحرم فهذا محل اتفاق هذا، لكن ماذا عمن تكون الإرادة خارج الحرم والظلم في الحرم، أو العكس؟
طالب:....
هو حسب متعلق الجار والمجرور، هل الجار والمجرور متعلق بالإرادة أو متعلق بالظلم؟
طالب:......
ما جاوبوا، ما التفتوا أصلا.
طالب:....
نعم.
طالب:....
نعم.
خروجه من مكة، لكن هل يبرر له خروجه من مكة -دعنا من ابن عباس، غير ابن عباس- أن ينوي الظلم في الحرم وهو في الطائف ويخرج من المسؤولية، يعني هذا ما يرد على صنع ابن عباس وغير ابن عباس.
طالب:....
اثنين مطبق عليه، هذا مجمع عليه إذا..
طالب:.....
ويكون الجار والمجرور من باب التنازع، ما معنى التنازع؟ أن يقتضي العاملان معمولاً واحدًا، فيكون من هذا النوع، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"