شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (297)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الخضير فأهلاً ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لا زلنا في حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –  مائة وخمسين بحسب الأصل، ومائة واحدة وعشرين في المختصر وما بعده أيضًا في الرواية الأخرى.

كنا توقفنا في الحديث عند لفظة يستنجي به الخلاف هل هي لأنس أو لغيره كلام أهل العلم لعلنا نعيد تحرير هذه المسألة أحسن الله إليكم؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد،

فمضى القول بأن المطابقة من الحديث للترجمة هي فيما تركه المختصر، من قوله في الأصل بعد ذكر الخبر يعني يستنجي به، يقول أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – : كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذا خرج لحاجه أجيء أنا وغلامٌ معنا إداوةٌ من ماء هذا الذي في المختصر.

المطابقة فيما تركه المختصر في قوله: " يعني يستنجي به " وقائل " يعني " هو أبو الوليد هشام بن عبد الملك، فقد رواه المصنف بعد هذا عن سليمان بن حرب فلم يذكرها.

قائل يعني غير فاعل يعني، قال هشام بن عبد الملك يعني أنس الفاعل يعني أنس يستنجي به؛ لأن حتى بعض الشراح لما نظروا في الروايات وأنها موجودة عند هشام وليست موجودة عند غيره فظنوا أن القائل "يعني يستنجي به " هو هشام، قائل يعني هو هشام، وقائل يستنجي به هو أنس بن مالك، يعني فاعل يعني.

ثم في كلام ابن حجر وقائل يعني كما في "الفتح" هو هشام قد رواه المنصف بعد هذا عن سليمان بن حرب فلم يذكرها، -إن الرقم الذي يليه مائة وواحد وخمسون- لكن رواه عقبة من طريق محمد بن جعفر عن شعبة فقال: يستنجي به فتكون داخلة في الخبر، والإسماعيلي من طريق ابن مرزوق عن شعبة فأنطلق أنا وغلامٌ من الأنصار، نحتاج إلى كلمة غلام في المتن في الأصل المشروح ونحتاج أيضًا إلى وصفه بكونه من الأنصار؛ لأن فيها كلامًا طويلًا.

فأنطلق أنا وغلامٌ من الأنصار معنا إداوةٌ فيها ماءٌ يستنجي منها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–، وللمصنِّف البخاري من طريق رَوح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة «إذا تبرز لحاجته أتيته بماءٍ فيغسل به»، يعني من حديث أنس أيضًا.

ولمسلم من طريق خالد الحذاء عن عطاء عن أنس فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وقد استنجى بالماء، يقول ابن حجر: وقد بان بهذه الروايات أن حكاية الاستنجاء من قول أنس راوي الحديث، ففيه الرد على الأصيلي حيث تعقب على البخاري استدلاله بهذا الحديث على الاستنجاء بالماء.

قال: لأن قوله: يستنجي به ليس هو من قول أنس، وإنما هو من قول أبي الوليد، أي أحد الرواة عن شعبة، قال: رواه سليمان بن حرب عن شعبة فلم يذكرها، قال: فيحتمل أن يكون الماء لوضوئه انتهى.

من أين جاء اللبس؟ حتى ابن حجر قائل: يعني، هشام، فرق قائل: يعني، وبين فاعل يعني، فالذي يأخذ الكلام بسرعة يلتبس عليه الأمر؛ لأنه كيف يقول: قائل "يعني" هشام ثم يرد عليه.. وإنما هو من قول أنس؟

قال ابن حجر: وقد انتفى هذا الاحتمال بالروايات التي ذكرناها «إذا تبرَّز لحاجته أتيته بماءٍ فيغسل به»، نعم في الرواية الأخرى فيها «معنا إداوةٌ من ماء يستنجي منها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–»، يعني ما فيه احتمال مع هذه الروايات.

قال: وقد انتفى هذا الاحتمال بالروايات التي ذكرناها وكان فيه الرد على من زعم أن قوله: يستنجي بالماء مدرجٌ من قول عطاء الراوي عن أنس، عطاء بن أبي ميمونة الراوي عن أنس، فيكون مرسلاً فلا حجة، أن يكون يستنجي به يعني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لكن قائل يستنجي به عطاء بن أبي ميمونة هو تابعي، فيكون ما يرفعه عن النبي – عليه الصلاة والسلام – مرسلاً.

وكذا في الرد على من زعم أن قوله: يستنجي به مدرجٌ من قول عطاء الراوي عن أنس فيكون مرسلاً هل توجد حجة فيه كما حكاه ابن التين عن عبد الملك البوني، فإن رواية خالد يعني الحذاء الذي خرجها مسلم، التي ذكرنها تدل على أنه قول أنس، حيث قال: فخرج علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– وقد استنجى بالماء، هذا من كلام أنس.

وفي شرح الكرماني قوله: يعني، فاعله أنس، وفاعل يستنجي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –وهو من كلام أحد الرواة والظاهر أنه من كلام عطاء، وقال ابن بطال، قال المهلّب، قال أبو محمد الأصيلي: الاستنجاء بالماء ليس بالبين في هذا الحديث.

قال أبو محمد الأصيلي: الاستنجاء ليس بالبيِّن في هذا الحديث؛ لأن قوله: يعني يستنجي به ليس من قول أنس، وإنما هو من قول أبي الوليد الطيالسي؛ لأن قوله: يعني يستنجي به ليس من قول أنس، وإنما هو من قول أبي وليد الطيالسي، هذا كلام صحيح أو ليس بصحيح؟

المقدم: غير صحيح.

بدءًا من قوله يعني؛ لأن قوله يعني يستنجي به ليس من قول أنس، وإنما هو من قول أبي الوليد الطيالسي.

المقدم: الكلام يعني.

بدءًا من يعني وقرره ابن حجر، لكن لا يعني "أن يستنجي به" ليس من قول أنس، قال: وإنما هو من قول أبي الوليد الطيالسي، وقد رواه سليمان بن حرب عن شعبة وقال شعبة: تبعته أنا، قال شعبة في روايته: تبعته أنا وغلامٌ معنا إداوةٌ من ماء ولم يذكر فيستنجي، فيحتمل أن يكون الماء لطهوره أو لوضوئه، فقال له أبو عبد الله بن أبي صفرة: قد تابع أبا الوليد النضر وشاذان عن شعبة وقالا: يستنجي به.

فقد تواترت الآثار عن أبي هريرة وأسامة وغيرهما من الصحابة على الحجارة، نعم فقال: تواترت الآن ابن أبي صفرة يناقش الأصيلي، قال: فيحتمل أن يكون الماء لطهوره أو لوضوئه فقال له أبو عبد الله بن أبي صفرة: قد تابع أبا الوليد النضر وشاذان عن شعبة وقالا: يستنجي به، فقال يعني ردًّا عليه: تواترت الآثار عن أبي هريرة وأسامة وغيره من الصحابة على الحجارة، يعني مع تواتر الآثار تواتر الأخبار الصحيحة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه كان يستجمر بالأحجار، هل يعني أنه لا يستنجي بالماء؟

المقدم: ما يعني.

ما يعني أبدًا، وفي التنقيح للزركشي يعني يستنجي به هذا من قول أبي الوليد شيخ البخاري، كذا قاله الإسماعيلي، وقدح بذلك في تبويب البخاري.

الآن الزركشي صاحب "التنقيح" مختصر جدًّا أشبه ما تكون.. هو نكت على البخاري، يعني يستنجي هذا، قول أبي الوليد شيخ البخاري، هذا متفقون عليه أنه من قول أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي.

كذا قاله الإسماعيلي، وقدح بذلك في تبويب البخاري، من الذي قدح في تبويب البخاري من أجل هذه الكلمة هل هو الأصيلي أم الإسماعيلي؟ الذي تقدم الأصيلي، الذي تقدم معنا الأصيلي.

قال المهلب، قال أبو محمد الأصيلي: الاستنجاء إلى آخره، وعلى هذا لا يكون فيه رابط بين الحديث والترجمة، الكلام للأصيلي، والزركشي يقول: كذا قاله الإسماعيلي، وقدح بذلك في تبويب البخاري قال ابن حجر: وهو تصحيف، وإنما هو للأصيلي لا الإسماعيلي.

في شرح العيني تعقب العيني على ابن حجر، قلت: ومثل هذا لا يسمى تصحيفًا، مثل هذا لا يسمى تصحيفًا، يعني إبدال الأصيلي أو إبدال الإسماعيلي بالأصيلي لا يسمى تصحيفًا هذا تعقب العيني.

قلت: مثل هذا لا يسمى تصحيفًا؛ لأن التصحيف الخطأ في الصحيفة؛ لأن هذا كلام العيني في...

المقدم: في معنى التصحيف.

نعم لكن في "عمدة القارئ" الخطأ في الصحيفة كذا في الصحيفة وفي "انتقاض الاعتراض" لابن حجر بدل الصحيفة قال: لأن التصحيف الخطأ في النقط، والمثال الذي ذكره العيني يدل على أن الكلام ليس الخطأ في الصحيفة، إنما الخطأ في النقط بأن يذكر موضع الحاء المهملة مثلاً الخاء، وموضع العين المهملة غير المعجمة ونحو ذلك.

وأصل التعقيب المذكور للأصيلي أيضًا وإنما هو للمهلَّب كما ذكرناه، وابن بطال وغيره نقلوه هكذا، ولم يذكر المقولة منه، فبهذا لا يتوجه عليهم التشنيع.

المقدم: في المحاكمات قال: الصحيفة أم التنقيط لما نقل العبارة؟

أين؟

المقدم: صاحب المحاكمات.

ما ذكره.

المقدم: لأنه يمكن أن تكون فاصلًا بينهما.

الآن العيني ما هو بالخطأ منه، الخطأ إما من ناسخ أو طابع وما أشبه ذلك.

تعقب العيني يتلخص في خلافه مع ابن حجر في مسمى التصحيف، ابن حجر سمى إبدال الإسماعيلي بالأصيلي تصحيفًا، والعيني يقول: التصحيف الخطأ في الصحيفة، هذا في العمدة والذي يظهر أنها خطأ، بدليل المثال بأن يذكر موضع الحاء المهملة مثلاً الخاء وموضع العين المهملة أو الغين المعجمة.

ولذا قال ابن حجر في الانتقاض، نقل كلام العيني بحروفه وقال: لأن التصحيف الخطأ في النقط، ثم ذكر المثال الذي ذكره، قال: العيني من جهةٍ أخرى التعقيب المذكور ليس للأصيلي، تعقبه في كون هذا يسمى تصحيفًا، ثم قال: إن التعقيب المذكور ليس للأصيلي أيضًا وإنما هو للمهلب.

أيهما المؤول المهلب أم الأصيلي؟

المقدم: الذي اعترض يعني في الأول؟

يعني في الوجود بحيث ينسب له الكلام والثاني ناقل، نسمع كلام الشرح، وإنما هو للمهلب كما ذكرناه، وابن بطال وغيره نقلوه هكذا، ولم يذكر المقولة منه بهذا لا يتوجه عليهم التشنيع، ابن حجر في انتقاض الاعتراض يقول: الحصر الذي ادعاه مردود، يعني الحصر في التصحيف أنه هذا معناه فقط مردود؛ لأن التصحيف له معنى خاص ومعنى عام، عموم التغيير يسمى تصحيفًا بالمعنى العام، والتغيير في النقط تصحيف بالمعنى الأخص، ولذا معنى التصحيف عند ابن حجر في شرح النخبة ماذا يقول؟ فإن كان، يعني التغيير، فإن كان ذلك بالنسبة إلى النقط فالمصحف، وإن كان بالنسبة إلى الشكل فالمحرف.

يعني كلام العيني صحيح في الجملة، يعني إذا حاكمنا ابن حجر إلى كلامه في شرح النخبة، وأردنا التصحيف بمعناه الأخص فكلام العيني صحيح ومتجه، وإذا أردنا التصحيف بمعناه الأعم وهو عموم التغيير قلنا: كلام ابن حجر متجه، وعلى كل حال إذا حاكمناه إلى كلامه، ابن حجر في شرح النخبة يقول: فإن كان يعني التغيير، فإن كان ذلك بالنسبة للنقط فالمصحف، فكلام العيني صحيح في مكانه، وإن كان بالنسبة إلى الشكل فالمحرف.

يحتاج إلى المعنى الأخص؟ من يحتاجه؟ لا يحتاجه من يريد تمشية الكلام وليس همه التعقب، ولكن من كان همه التعقب يرد عليه من كلامه.

في انتقاض الاعتراض لابن حجر الحصر الذي ادعاه مردود، يعني من حصر التصحيف في تغيير النقط، لكن وجدنا في كلامه في شرح النخبة أن التصحيف هو التغيير في النقط، فكلام العيني متجه إذا نظرنا إلى التصحيف بمعناه الأخص، أما إذا نظرنا إليه بالمعنى الأعم فالكل متجه.

قال: والتصحيف يطلق على أعم من ذلك، وقوله ليس للأصيلي مكابرةٌ وغفلة عن مراتب النقلة، فإن المهلب ينقل عن الأصيلي لا عكس ذلك.

الآن المهلب ينقل عن الأصيلي، المهلب الشارح ينقل عن  الأصيلي، ونقله عن المهلب ابن بطال، قال المهلب: قال الأصيلي، فكيف ننسب الكلام إلى الواسطة، إلى  النازل؟ ولو وافقه في نقده إنما الكلام لمن قاله ابتداءً لا لمن نقله ولو كان مقرًا له.

يقول: وقوله: ليس للأصيلي مكابرةٌ وغفلةٌ عن مراتب النقلة، فإن المهلب ينقل عن الأصيلي لا عكس ذلك، طيب في شرح الترجمة باب الاستنجاء بالماء للعيني يقول العيني: باب الاستنجاء بالماء أي هذا بابٌ في بيان حكم الاستنجاء بالماء، قال الخطابي: الاستنجاء في اللغة  الذهاب إلى النجوة من الأرض لقضاء الحاجة.

والنجوة المرتفعة من الأرض كانوا يستترون بها إذا قعدوا للتخلي، قد يقول قائل: إن هذا الكلام يخالف الأصل في الغائط أنه المكان المطمئن المنخفض.

المقدم: كيف يكون كلامه كان مرتفعًا؟

يقول الخطابي: الاستنجاء في اللغة الذهاب إلى النجوة من الأرض لقضاء الحاجة، والنجوة المرتفعة من الأرض كانوا يستترون بها إذا قعدوا للتخلي.

ما معنى يستترون بها؟ المكان المرتفع يستتر به أو الذي يرتفع عليه يكون بارزًا للناس، فلعل من أراد قضاء الحاجة يقف دون هذه النجوة أو قبلها؛ لتستره عن الناس، فيتجه الكلام حينئذٍ.

وفي المطالع مطالع ماذا؟

المقدم: الأنوار.

لمن؟

المقدم: للقزاز.

لا، الجامع للقزاز. المطالع لابن قرقول، وقلنا مرارًا إنه مختصر من " مشارق الأنوار " للقاضي عياض.

المقدم: في ضبط ألفاظ الصحيحين.

نعم الصحيحين والموطأ، والشراح يعتنون في الفرع الذي هو المطالع أكثر من عنايتهم بالمشارق مع أن كتاب " المشارق"  كتاب متين عظيم.

وفي المطالع: الاستنجاء إزالة النجو، وهو الأذى الباقي في فم المخرج، وأكثر ما يستعمل في الماء، وقد يستعمل في الأحجار، وأصله من النجو، وهو القشر والإزالة، وقيل: من النجوة لاستتارهم به، وقيل: لارتفاعهم وتجافيهم عن الأرض عند ذلك.

لعل قصد النجوى المكان المرتفع إما أن يكون للاستتار بها يعني دونها أو وراءها، أو لينحدر إذا كان الخارج من البول ينحدر إلى جهة ثانية غير من يقضي حاجته؛ لأنه قد يقصد مثل هذا من أجل هذه العلة.

وقال الأزهري عن شَمِر: الاستنجاء بالحجارة مأخوذٌ من نجوت الشجرة وأنجيتها واستنجيتها إذا قطعتها، كأنه يقطع عنه بالماء أو بحجرٍ يتمسح به، يقطع عنه الأثر أثر الخارج.

قال: ويقال: استنجيت العقب إذا خلصته من اللحم ونقيته منه، وقال الجوهري: استنجى مسح موضع النجو أو غسله، والنجو ما يخرج من البطن.

يعني هل هو الإزالة؟ أو هو نفس الخارج؟

وفي اصطلاح الفقهاء: الاستنجاء إزالة النجو من أحد المخرجين بالحجر أو بالماء، فإن قلت: الاستفعال للطلب، فكيف يكون معناه طلب النجو؟

يعني الاستشفاء طلب الشفاء، الاسترقاء طلب الرقية، هل الاستنجاء طلب النجو؟

المقدم: لا، هو الفعل ذاته.

نعم، فيكون معناه طلب النجو، قلت- كلام العيني هذا- قلت: الاستفعال قد جاء أيضًا لطلب المزيد فيه نحو الاستعتاب لطلب العتب بل لطلب العتاب، والهمزة فيه للسلب، فكذا هذا هو لطلب الإنجاء، وتجعل الهمزة للسلب والإزالة.

قول أنس: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – . يقول الكرماني: هذه اللفظة مشعرةٌ باستمرار ذلك واعتياده له، مشعرة باستمرار ذلك، يعني كان كذا تدل على الاستمرار، هذا الغالب واعتياده له.

إذا خرج، خرج لحاجته لكن خرج من أين؟

المقدم: من البنيان من العمران.

إذا خرج من بيته أو ما هو أعم من ذلك، لحاجته أراد ها هنا الغائط أو البول، أجيء أنا وغلامٌ، أنا ضمير رفع ضمير مرفوع أبرز لماذا؟ لماذا ما قال: أجيء وغلامٌ؟ يؤتى بمثل هذا الضمير ليصح العطف على ضمير الرفع المتصل.

ليصح عطف غلام على مضير الرفع المتصل إذ لابد من الفاصل كما قال ابن مالك:  

          وإن علا ضمير رفعٍ متصل           عطفت فافصل بالضمير المنفصل

          أو فاصلٍ ما وبلا فصلٍ يرد              في النظم فاشيًا وضعفه واعتقد

يقول العيني: أبرز الضمير المرفوع ليصح عطف غلام على ما قبله، ليصح غلام على ما قبله هذا كلام صحيح أم لا؟ نعم على ما قبله الذي هو الضمير في "أجيء"  لكن العيني يقول: لئلا يلزم عطف اسم على فعل؛ لئلا يلزم عطف اسم على فعل.

المقدم: الفعل أجيء؟

أجيء أنا وغلامٌ، لو قال: جئت أنا .

المقدم: لو قال: أجيء وغلامٌ كان يصير عطف الاسم على الفعل هذا المراد.

لا، الغلام معطوف على أجيء والا على الضمير في أجيء؟

المقدم: على الضمير لكن هو يقول: إنه أظهر جاء على الضمير.

كلامه ليس بظاهر، كلهم يطبقون على أن ضمير الفصل يؤتى به ليصح العطف على الضمير المتصل يعني المستتر في الفعل لا أنه عطف على الفعل.

المقدم: نعم لكن هو يقول: إنما جاء بالضمير المنفصل..

هذا كلامه صح، لكن هل يلزم من كلامه أن يكون صحيحًا؟

لئلا يلزم عطف اسم على فعل، هو الآن عطف الغلام، الغلام مثل أنس يضاف إليه المجيء فهو فاعل للمجيء في الحقيقة، فهو معطوفٌ على الضمير في أجيء، وليس بمعطوف على الفعل.

ويجوز وغلامًا "أجيء وغلامًا " على أن تكون الواو بمعنى "مع" يكون غلام مفعول مع، وغلام قال الكرماني: مرفوع ويحتمل النصب؛ لأنه مفعولٌ فيه، كذا في شرح الكرماني، ولعله أراد معه، يعني مفعول فيه الظرف، أما المفعول معه فهو من يقارن المسند إلى الفعل.

يقول الكرماني: مرفوع ويحتمل النصب؛ لأنه مفعولٌ فيه، وما أظن هذا إلا من الناسخين أو الطابع كذا ولعله أراد معه.

المقدم: أحسن الله إليكم نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقةٍ قادمة.

أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح " .

لنا بكم لقاء بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة، وأنتم على خير، شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.