تعليق على تفسير سورة البقرة (58)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) } [البقرة:178-179] يقول تعالى: كتب عليكم العدل في القصاص أيها المؤمنون، فاقتلوا حركم بحركم، وعبدكم بعبدكم، وأنثاكم بأنثاكم، ولا تتجاوزوا وتعتدوا كما اعتدى من قبلكم وغيروا حكم الله فيهم، وسبب ذلك قريظة والنضير، كانت بنو النضير قد غزت قريظة في الجاهلية وقهروهم، فكان إذا قتل النضري القرظي لا يُقتل به، بل يُفادى بمائة وسق من التمر، وإذا قتل القرظي النضري قُتل به، وإن فادوه فدوه بمائتي وسقٍ من التمر ضعف دية قريظة، فأمر الله بالعدل في القصاص، ولا يُتبع سبيل المفسدين المجرمين، المخالفين لأحكام الله فيهم كفرًا وبغيًا، فقال تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ} [البقرة:178]".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

ففي قول الله –جلَّ وعلا-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ } [البقرة:178] يعني فرض، فرض عليكم القصاص في النفس، وما دون النفس إذا توافرت الشروط كما في هذه الآية، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فهو مفروضٌ مكتوب كسائر الفرائض لا يجوز أن يُغير ولا يُبدَّل، فمن غير وبدَّل فقد صار شريكًا لله في تشريعه { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ } [الشورى:21] فالأمر خطير، ومع الأسف الشديد أن الأمم أمم الأرض بما فيها كثيرٌ ممن ينتسب إلى الإسلام غيروا وبدَّلوا، وحرَّفوا وانحرفوا، فغاب التطبيق للشريعة عن كثيرٍ من أقطار الأرض؛ ولذلك شاعت الفوضى، حتى قيل من تشاريعهم وتشريعاتهم: إن الإنسان إذا حصل منه حادث على شخص، فإن بقي مشلولاً أُلزم بنفقته إلى أن يموت، فيعمد بعضهم إلى الإجهاز عليه بالسيارة التي صدمته يُجهز عليه ولا في قصاص، يتخلص منه في وقته، لكن هكذا يُعامَل الإنسان، هكذا يُعامَل الإنسان؟ وقد يكون مسلمًا يعبد الله –جلَّ وعلا- وينطق بكلمة التوحيد، والإنسان السوي إذا دهس كلبًا أو قطةً تحسَّر عليها، فكيف بمسلمٍ يصدر منه مثل هذا الفعل، كل هذا بسبب التغيير لأحكام الله، وفي شرع مَن أنه يُنفق عليه إلى أن يموت؟ يأخذ جزاءه في وقته إن كان عمدًا له حكم، وإن كان خطأً فله حكم، وإن كان في النفس، فله شأن، وفيما دون النفس له أحكام.

على كل حال شرع الله كامل وشامل وعادل منصف { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [النساء:40] وإذا كانت السجون أو الغرامات بديلةً لشرع الله، فالحاصل أن هذه السجون وهذه الغرامات يدخلها ما يدخلها، فهذه حقوق خاضعة للأنظمة والقوانين كما خضع الحكم الأصلي حكم الله –جلَّ وعلا- كما أخضعوه، وإذا كان له أدنى قرابة أو وساطة مع مسئول يخرج من السجن ولو حُكِم عليه بالسجن الأبدي.

العرب تقول: القتل أنفى للقتل..القتل أنفى للقتل، يعني: قتل الجاني ينفي تكرر القتل مرةً ثانية ويقطع دابر القتل، القتل أنفى للقتل هذا تقوله العرب في الجاهلية، لا يتدينون بدين، لكن رأوا الواقع يشهد بهذا، والله –جلَّ وعلا- يقول: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179] وفي معنى الآية قول العرب: القتل أنفى للقتل { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } [البقرة:179] يعني القصاص قتل، إيش معنى حياة؟ في قتل واحد يحيى خلائق، فالمعنى يؤدي لكن عُقد مقارنة بين الآية، وبين ما قالته العرب فُوجِد هناك فوارق بلاغية وعربية، وأيضًا كلام الله يبقى هو الذروة في البلاغة والفصاحة، وفي شمول المعاني؛ لأن الله –جلَّ وعلا- الخالق البصير اللطيف الخبير { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [المُلك:14] يعلم من خلق، ويعرف ما يؤول إليه الأمر قبل القتل وبعده، وفي تنفيذ القصاص، وفي أخذ الدية، وفي تغاير الدية من خطأ وشبه عمد إلى غير ذلك من التفاصيل التي معروفة عند أهل العلم.

{ الْحُرُّ بِالْحُرِّ } [البقرة:178] فيُقتل الحر بالحر، ولا يُقتل الحر بالعبد؛ لأنه كما عند جمهور أهل العلم بأنه يُقوَّم بالدراهم، ولا يُقوَّم بالدية لو كان القتل خطأً، فكذلك إذا كان عمدًا.

{ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ } [البقرة:178] مقتضى الآية أن الذكر لا يُقتل بالأنثى، لكن هذه الآية منسوخة بقوله –جلَّ وعلا-: { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45].

طالب: ولماذا لا يدخل العبد فيها { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45]؟

لو قُتِل خطأً ما الذي يصير دية أم دراهم قيمة؟

طالب: دراهم.

هو يُقوَّم بالقيمة هو في حكم السلعة، والخلاف في مسألة إلحاق العبد دعونا من الطنطنات التي نسمعها حقوق الإنسان وغيرها، المسألة أحكام شرعية عندنا شرع نتدين به، العلماء قالوا: يُستعمل في العبد قياس الشبه، فكون العبد تردد بين أصلين، وهذه حقيقة قياس الشبه أن يتردد فرعٌ بين أصلين فيُلحق بأقربهما شبهًا، يعني في كثرة الأحكام، فإذا نظرنا إليه من جهة فهو إنسان شبيه بالحر، وإذا نظرنا إليه من جهة أحكامٍ كثيرة جدًّا في كونه يُباع، ويُشترى، ويُعتق يُتَصرَّف فيه تصرف الملاك بأملاكهم، وجد العلماء أنه أقرب شبهًا بالحيوان، النفس تتقزز من هذا الكلام، لكن شرع هذا شرح حكم، ومن أئمة ومبني على أصول وقواعد شرعية، وسيأتي في كلام المؤلف الخلاف في المسألة.

 وعلى كل حال يقول: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ } [البقرة:178] { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ } [البقرة:178] أي: القاتل { مِنْ أَخِيهِ } [البقرة:178] من ذوي المقتول فهو أخٌ  له، مما يدل على أنه وإن قتل عمدًا، فإنه لا يزال في حظيرة الإيمان، وأنه لم يخرج من إيمانه، فهو أخٌ له، والمسلم أخو المسلم { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا } [الحُجُرات:9] فكلهم مؤمنون وإن تقاتلوا.

{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة:178] يعني يدفع  بدون مماطلة، وبدون أذى { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } [البقرة:178] يعني أن جعل البديل عن القصاص الدية، وهذه الدية معروفة ومقررة دية الخطأ معلومة، ودية شبه العمد معروفة جاءت بها النصوص.

بقي ما يُدفَع في مقابل العفو عن القصاص، هل تجوز الزيادة على الدية أو لا تجوز؟ الجمهور على أنها تجوز، لكن المبالغات التي نسمعها خمسين مليونًا، ستين مليونًا، أربعين مليونًا هذه هي محل النظر، وهي محل دراسة الآن من الجهات، ولعل الله أن يُوفِّق أهل العلم للخروج بما ينفع.

وإن هذا ترتب عليه آثار منها: مسائل الفخر والخيلاء، وأن قاتِلنا يجب أن يُفدى بأي ثمنٍ كان، وأنه لا يُمكن أن يُقتل بسبب فلان أو علان، نحن ندفع الدراهم ويخرج، ثم بعد ذلك يطوفون على الناس يسترفدونهم، ثم بعد ذلك يخرج هذا القاتل منتصرًا.

طالب:.........

ثم لا يمنع أن يقتل مرةً ثانية، إذا وجد من يُدافع عنه.

وأيضًا يسألون عن أخذ الزكاة في هذه الأموال التي تُدفع في مقابل العفو، لا شك أن هذه الأموال الطائلة تضيق على الفقراء والمساكين الذين هم بأمس الحاجة إلى القوت، خمسون مليونًا كم تُعيش من أسرة  السنة كاملة؟

وعلى كل حال فرقٌ بين قاتلٍ وقاتل، قد يكون القاتل -والشيخ عندنا- قد يكون القاتل جانيًا معروفًا بفساده، وقد صال على شخصٍ يُريده بسوء، ثم يقتله مثل هذا يُفدى؟ والعكس قد يكون القاتل مجنيًّا عليه أو مبتغىً به السوء، فيُدافع عن نفسه ولا تحصل بينات تؤكد صحة ما يقول، ففرقٌ بين شخصٍ وآخر، والقضايا كما هو معلوم تتفاوت، وحيثياتها تختلف، والمسألة قضائية.

نسمع.

طالب:........

نعم.

طالب:........

الله المستعان، هو فرق بين شخص وشخص، يعني.....

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

لا..لا، لا هو إذا كان مجنيًّا عليه، وصال عليه فاجر يفجُر به ودافع عن نفسه، وليس عنده بينة تُبين صدقه إلا قرائن لا تقوى على أن يُدرأ عنه القصاص، فمثل هذا قد تستروح النفس بالنسبة لمن يعرفه، وبعض الناس العكس مجرم مُفسد، ثم تُدفع الأموال الطائلة من أجل أن يُقال: عتق!! والمشايخ موجودون، شيخ أبو سليمان عندكم هذه الأمور، الله يعينكم.

طالب: يختلف القتلى والقضايا.

يختلفون صحيح.

نعم.

"وذُكِر في سبب نزولها ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني عبد الله بن لهيعة، قال: حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، في قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } [البقرة:178] يعني: إذا كان عمدًا { الْحُرُّ بِالْحُرِّ } [البقرة:178] وذلك أن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل، فكان بينهم قتلٌ وجراحات، حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعضٍ حتى أسلموا، فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العُدة والأموال، فحلفوا ألا يرضوا حتى يُقتل بالعبد منا الحر منهم، والمرأة منا الرجل منهم، فنزل فيهم { الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ } [البقرة:178] منها منسوخة، نسختها { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45].

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: { وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ } [البقرة:178]: وذلك أنهم لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، فأنزل الله: { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ } [المائدة:45] فجعل الأحرار في القصاص والعبيد سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس، وفيما دون النفس، وجعل العبيد مستويين فيما بينهم".

إذًا العبيد في الجملة السابقة زائدة "فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس، وفيما دون النفس، وجعل العبيد مستويين فيما بينهم" نعم.

"وجعل العبيد مستويين فيما بينهم من العمد في النفس، وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم، وكذلك روي عن أبي مالكٍ أنها منسوخةٌ بقوله: { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45].

مسألة: مذهب أبي حنيفة إلى أن الحر يقتل بالعبد".

ذهب أبو حنيفة، كانت مذهب أبي حنيفة أن الحر يُقتل، ثم ذهب أبو حنيفة إلى.

طالب:........

فيه دقيقة يجب التنبه لها في آية المائدة { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45] قد يقول قائل: آخر ما نزل أو من أواخر ما نزل سورة المائدة، لكن سورة المائدة وهي كما قال جرير في التيمم لمَّا قيل له: قال: إنه إنما أسلم بعد المائدة، فهم يستدلون بتأخر نزول سورة المائدة على أن ما فيها من أحكام ناسخٌ لِما تقدمها من السور التي نزلت قبلها كالبقرة، ولكن آية المائدة { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45] يعني في إيش؟ في التوراة، وهذا قبل شرعنا، فهل ينطبق مثل هذا على القول بالنسخ؟ يعني هل الحكم متعلق بالنزول أو في واقع الأمر وحقيقته؟ هذه يجب التنبه لها، هل نقول: إن آخر ما نزل ناسخ باضطراد، أو نقول: ننظر إلى حقيقة الأمر، فإن كان حقيقته متقدمة، وإن كان النص متأخر النزول؟ ترى هذه من الدقائق، بعضهم يقول: المائدة نزلت متأخرة، وهذا كلام صحيح نزولها متأخر، لكن حكمها متقدِّم في التوراة { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } [المائدة:45] إلى آخر الآية { فِيهَا } [المائدة:45] يعني: في التوراة.

طالب:........

نعم.

طالب:........

أنت أدركت الذي أُريد خلاص الآن انتهى الإشكال، إذا أدركت الذي أنا أُريده نأتي إلى الخطوة الثانية، يعني هل العبرة بالنزول والعلماء يربطون الناسخ والمنسوخ بالتقدُّم والتأخر في التاريخ مربوطة بهذا، أو نقول: إن هذا حكم متقرر سابق، وما في البقرة حكم جديد بالنسبة لنا، فيكون ناسخًا لِما في التوراة؟ لكن لو كان الحكم الأول في التوراة ولم يرد تقريره وإقراره في شرعنا في سورة المائدة التي هي آخر ما نزل أو من آخر ما نزل، لقلنا: كلام صحيح حكم ناشئ ناسخ لشريعة التوراة وما جاء في التوراة، لكن جاء في آخر ما نزل إلينا إقرار ما في التوراة، ظاهر؟

إذًا العبرة بالإقرار فهو إقرارٌ لحكم التوراة متأخر عما جاء في شرعنا في سورة البقرة فلا يرد مثل هذا الإشكال، ظاهر يا شيخ؟

هو محل إشكال بلا شك، لكن إذا تصورنا الإشكال، وقلنا: إن العبرة بإقراره في شرعنا، وليس العبرة في كتابته بالتوراة، فإقراره في شرعنا في سورة المائدة التي من آخر ما نزل، خلصنا؟ خلاص.

طالب:........

أين؟

طالب:........

نعم، لكن { وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ } [البقرة:178] ماذا تفعل بها؟ يعني ما يُقتل الرجل بالأنثى ولا العكس؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

الذي يعشق الكلام في الأقوال والمذاهب...

نعم.   

"مسألة: ذهب أبو حنيفة إلى أن الحر يُقتل بالحر؛ لعموم آية المائدة".

بالعبد..بالعبد، هذا ما هو بأبي حنيفة هذا الخلق كلهم.

"إلى أن الحر يُقتل بالعبد؛ لعموم آية المائدة، وإليه ذهب الثوري، وابن أبي ليلى، وداود، وهو مروي عن عليٍّ، وابن مسعودٍ، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والحَكم، قال البخاري، وعلي بن المديني، وإبراهيم النخعي، والثوري في روايةٍ عنه: ويقتل السيد بعبده؛ لعموم حديث الحسن عن سمرة: ومن قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه، ومن خصاه خصيناه.

 وخالفهم الجمهور، وقالوا: لا يُقتل الحر بالعبد؛ لأن العبد سلعةٌ لو قُتل خطأً لم يجب فيه دية، وإنما تجب فيه قيمته؛ ولأنه لا يُقاد بطرفه ففي النفس الأولى، وقد حكى أبو ثورٍ الإجماع على أنه لا يُقاد".

ففي النفس بطريق الأول.

الحديث الذي استدل به من قال: يُقتل السيد بالعبد هو من طريق الحسن عن سمرة، ومعروف أن الجمهور لا يثبتون سماع الحسن من سمرة إلا في حديث العقيقة، وما عداها فإن الحسن مُدلِّس شديد التدليس؛ ولذا لما سُئل الحسن عمن سمع حديث العقيقة، قال: من سمرة، وبعضهم يقول: مادام سمع منه حديثًا واحدًا يكفي لإثبات السماع لإمكان السماع، السماع ممكن، نعم الحسن مُدلِّس ولابد أن يُصرِّح بالتحديث، وهنا كلام يستسيغه المحدِّثون، وقد لا يستسيغه آحاد طلاب العلم وهو جارٍ على أصولهم وقواعدهم، ويعرفون كيف يتعاملون مع هذه التصرفات من الكبار، قد يقول الحسن: حدَّثنا أبو هريرة، أنت ماذا تقول: متصل أم غير متصل؟

طالب:........

لماذا؟

طالب:........

يقول: حدَّثني ما يقول: كاذب ولا....المسألة مفترضة في إمام.

طالب:........

نعم.

طالب:........

لا ما هو بتدليس شيوخ، الحسن –رحمه الله- عاش في عصرٍ يُدرك أهل العلم فيه من النقاد والجهابذة هذه التصرفات التي يتصرفها مما لو فعله غيره في وقتٍ من الأوقات لاسيما متأخرة رمي بالكذب، يقول: حدَّثنا أبو هريرة، وقد حدَّث أهل المدينة وهو فيها؛ فمن أجل هذا قالوا: لابد أن يُصرِّح، تدليسه شديد، ومرسلاته شبه الريح، هل أحد يطعن في الحسن البصري؟  يعني كون الإنسان يتخذ ويتجه وينحى منحى ما يستوعبه من يجيء بعد هو بهذا لا ذنبه ولا ذنب العلماء في وقته، رُمي بالتدليس سفيان الثوري، لكن كان هذا مُستساغًا عندهم، والقواعد ماشية على الجميع، وبعضهم إذا كان تدليسه يسيرًا في جانب إمامته يحتمل الأئمة تدليسه، ولا يشترطون تصريحه بالسماع، قد يكون قليلاً في جانب إمامته، وفي جانب كثرة ما روى، فمثل هذا يحتملونه، نعم عقولنا الصغيرة قد تستشكل مثل هذه الأمور، لكن هذا ماشٍ عندهم.

طالب:........

نعم.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

عندهم لم يعرفون ما يخفى عليهم شيء؛ لأن الرواة كلهم جيرانهم، ويعرفون هذا فلان، وهذا فلان، وهذا يسكن في كذا، نحن بعد ألف ومائتي سنة من أصل الرواية أو أكثر يخفى علينا الشيء الكثير، يخفى علينا الموجود تصريحه بعد صفحة، بعض الحُفاظ من المتأخرين يشمون مثل هذه الأمور شمًّا، ويعرفونها معرفة تامة، وإن لم يصلوا إلى لحاق المتقدمين، لكنهم أفضل من كثيرٍ ممن يقرأ قراءة سطحية، ونظرية في كتب. باب الأمر بقتل الكلاب يأخذ مسدسًا ويطلع وكل ما رأى من كلب فرَّغ برأسه رصاصة، والذي بعده الباب الثاني باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، الأئمة يعرفون هذه الأمور ما تخفى عليهم، ما تخفى عليهم مثل هذه الأمور، فهم يشمونها شمًّا ويعرفون والرواة معاصروهم وجيرانهم، ويعرفون خطأ فلان من صوابه، فمثل هذه الأمور صحيح أن المتأخرين لا يستوعبونها؛ ولذا قال الحافظ الذهبي في (تذكرة الحفاظ) في ترجمة الإسماعيلي قال: ومن عرف حال هذا الرجل جزم يقينًا أن المتأخرين على يأسٍ تام من لحاق المتقدمين، وهذه التصرفات تعيش لها الجهابذة، وهم أفراد من يتعاطى هذا العلم أو حتى أنصافهم، والأئمة ما يخفى عليهم مثل هذه الأمور.

وبعض من يُعلق على الكتب ويزعم التحقيق وكذا يستشكل هذه الأمور ويظنها هفوات.

عائشة –رضي الله عنها- لمَّا سمعت الحسن البصري قالت: من هذا الذي يُشبه كلامه كلام النبوة، يُنقل عن الحسن البصري جُمل قوية ما يُدركها كثيرٌ من الناس.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

نعم ، ماذا فيه؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

الراوي عنه أبو مالك عن ابن مسعود الذي تكررت إسنادها عنه في الطبري وغيره.

"وقد حكى أبو ثور الإجماع على أنه لا يُقاد الحر بطرف العبد، وقد خرق هذا الإجماع أبو داودٍ الظاهري".

داود..داود.

"أبو داود الظاهري؛ لقوله –عليه السلام-: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»، وذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يُقتل بالكافر، كما ثبت في البخاري عن عليٍّ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا يقتل مسلمٌ بكافر» ولا  يصح حديثٌ، ولا تأويلٌ يخالف هذا، وأما أبو حنيفة فذهب إلى أنه يُقتل به؛ لعموم آية المائدة.

مسألة: قال الحسن وعطاء: لا يُقتل الرجل بالمرأة لهذه الآية، وخالفهم الجمهور لآية المائدة؛ ولقوله -عليه السلام-: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»".

أنت عندك كلام داود؟

طالب: ما هو موجود.

الذي قرأه الشيخ: أبو داود؟

طالب: ما هو موجود؟

طالب:........

نعم.

ومشكلة الشيخ، وقال أبو داود، التي قبل ورقة.....

طالب: "وقد خرق هذا الإجماع".

الذي قبله.

طالب: "الذي قبله مسألة ذهب أبو حنيفة".

انتهت ومن جدع عبده إلى آخر الحديث، وخالفهم الجمهور.

"وقالوا: لا يُقتل الحر بالعبد؛ لأن العبد سلعةٌ لو قُتل خطأً لم يجب فيه دية، وإنما تجب فيه قيمته؛ ولأنه لا يُقاد بطرفه ففي النفس الأولى".

بطريق الأولى.

"وقد حكى أبو ثورٍ الإجماع على أنه لا يُقاد الحر بطرف العبد، وقد خرق هذا الإجماع أبو داود الظاهري؛ لقوله –عليه السلام-: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»".        

"وذهب الجمهور" لا هذا ما هو موجود.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

لا..لا، "ولأنه لا يُقاد بطرفه ففي النفس بطريق الأولى، وذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يُقتل بالكافر" طويل هذا؟

طالب: سطر.

كم؟

طالب: سطر أو سطرين.

حتى ولا يُوجد في هذا، من أي النُّسخ؟ ها يا شيخ الزيادة، عندك أبو عبد الله؟

طالب:........

طالب: زيادة من.....

تفضل.

نعم.

"وقد خرق هذا الإجماع أبو داودٍ الظاهري؛ لقوله –عليه السلام-: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يُقتل بالكافر، كما ثبت في البخاري عن عليٍّ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا يقتل مسلمٌ بكافر» ولا يصح حديثٌ، ولا تأويلٌ يخالف هذا، وأما أبو حنيفة فذهب إلى أنه يُقتل به؛ لعموم آية المائدة.

مسألة: قال الحسن وعطاء: لا يُقتل الرجل بالمرأة لهذه الآية، وخالفهم الجمهور لآية المائدة؛ ولقوله -عليه السلام-: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»

وقال الليث: إذا قتل الرجل امرأته لا يُقتل بها خاصة.

مسألة: ومذهب الأئمة الأربعة والجمهور أن الجماعة يقتلون بالواحد، قال عمر في غلامٍ قتله سبعة، فقتلهم، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم. ولا يُعرف له في زمانه مخالفٌ من الصحابة، وذلك كالإجماع، وحُكي عن الإمام أحمد رواية: أن الجماعة لا يُقتلون بالواحد، ولا تُقتل بالنفس إلا نفسٌ واحدة، وحكاه ابن المنذر عن معاذٍ، وابن الزبير، وعبد الملك بن مروان"

لكن إذا اجتمع مجموعة على شخصٍ فاشتركوا في قتله، فمن الذي يُقتل منهم أو يتركون؟ على هذا القول المنسوب للإمام أحمد، فيكون في هذا حيلة للقتل من غير قصاص، إذا قلنا: لا يُقتل إلا واحد مَن الذي يُقتل من هؤلاء إذا لم يتميز أحدهم؟

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

الإيقاع بينهما.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

ماذا؟

طالب:..........

يُقتلون، هذا الكلام الذي قرره كلام الجمهور، فعل عمر وسكوت الصحابة عليه؛ فلذا القول الثاني لا وجه له.

طالب:..........

كما في قول الليث: "إذا قتل الرجل امرأته لا يُقتل بها خاصةً".

طالب:..........

أيضًا لا وجه له، وقول أبي حنفية: "يُقتل المسلم بالكافر" كلها فيها نصوص، فيها نصوص صحيحة.

طالب:..........

ماذا؟

طالب:..........

ماذا فيها؟

طالب:..........

أي حديث؟

طالب: الذي هو «ولا يقتل مسلمٌ بكافر» حتى نقول: إنه ناسخ لها.

هذا ما فيه اختلاف، هذا تخصيص.

طالب:..........

خالف أبو حنيفة وهذا رأيه، الآن لو عرضوا المسألة مع حقوق الإنسان والإثارات التي تُثار كثُر المخالفون.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

على كل حال الحديث موجود، والحديث في البخاري ولا لأحدٍ كلام.

طالب:..........

ماذا؟

طالب:..........

لابد منها هي موجودة ما رويتها أنت، رواه غيرك، كونك ترويها أنت ويتداولها أهل السُّنَّة، وأهل العلم، وأهل النَّص، وينظرون فيها من وجوه، ويتعاملون معها على أساسٍ علميٍ صحيحٍ متين أحسن من أن يتداولها السفهاء، والرعاع.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

نعم، ذكرها ما فيه شك أنها الناس إلى وقتٍ قريب لا يعرفون الخلاف، وتجدهم على قولٍ واحد، وعلى قلب رجلٍ واحد، وإذا قال العالم قالوا: سمعًا وطاعة، ويقتدون به، والعالم محل قدوة صاحب علم وعمل وإن لم يكن هناك توسع في العلم وتفنن، لكن العلم المقرون بالعمل، وقد يكون ما يراه من القول مرجوحًا، لكنه اجتمعت عليه الكلمة، ثم بعد ذلك توسع الناس في العلم، واطلع الطلاب على الأقوال، وتشوشت أذهانهم، وساءت الظنون بالشرع، وغُيِّروا وتغيروا وكذا وكذا، الناس يتحدثون عوام الناس جاءهم شيءٍ ما ألفوه ولا عرفوه.

يأتي يقول: الحُلي فيه زكاة، والثاني يقول: الحلي ما فيه زكاة، والثالث يقول كذا، والرابع يقول كذا.

دخلت امرأة كبيرة السِّن، فدعت لواحد من المشايخ –تخاطبني- قالت: تدري عن فلان جزاه الله خيرًا، يقول: الحُلي ما فيه زكاة، قلت: اتقي الله يا فلانة، المسألة دين، أنا ما أرى فيه زكاة، لكن ضعيني أنا وصاحب القول بكفة، وابن باز، وابن عثيمين بكفة المسألة دين دليل، ما هو يقول لفلان ما فيه زكاة، وفلان يقول: فيه زكاة، ويضيع العامة بهذه الطريقة، المسألة مبدأ دين، هذا لو واحد يتَّبع الرُّخص والشهوات، والذي يُقلد أوثقهم علمًا عنده، وعل كل حال المسألة توسعت جاءت القنوات، وجاءت وسائل الإعلام والتواصل، وكل يوم يخرجون لنا قولًا، الأقوال موجودة في الكتب من القديم ما هي بجديدة، لكن التنبيش عنها إما بقوة دليل، فعلى العين والرأس، أما هوى وتضييع للعامة اتباع للهوى، ويقولون أنتم جعلوكم على قولٍ واحد وضحكوا عليكم، هذا الذي يُشاع في بعض الأوساط، والأصل أن الدِّين يسر «ولا يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه»، ثم بعد ذلك يضيعونهم من كل شيء، هذه مشكلة يعيشها عامة الناس الآن.

 العامة أُطلِعوا على الخلاف، طيب لماذا لا يُطلَعون على أسباب الخلاف؟ لئلا يكون هذا الاختلاف اضطرابًا في الشرع، كل شيء يغيرونه يقولون حتى الصلوات غيروها، ظهرت سُنن ما كان معمولًا بها في البلد؛ لأنها لا تجري على مذهب الإمام أحمد مثلاً، فصار الناس جلسة استراحة، ولا رفع يدين بعد الركعتين، كلها مسائل عليها أدلة صحيحة، فيقول: تغير الدِّين، حتى الصلوات غيروها أو تجافي؛ لأن البعض ما يحتمل مثل هذه الأمور بعد، فهم كبار السِّن.

ينبغي أن يُطلَعوا على الخلاف بدليله، الآن ما فيه سر، يعني عقولهم قد لا تحتمل كل شيء، لكن ما فيه سر يعرفون الأشياء، ويسمعون فلانًا يقول كذا، ويسمعون حلقات الإفتاء في القنوات، والله يجعل العواقب حميدة، ويقينا شر الأشرار وكيد الفُجار.  

"وحكاه ابن المنذر عن معاذٍ، وابن الزبير، وعبد الملك بن مروان، والزهري، ومحمد بن سيرين، وحبيب بن أبي ثابت، ثم قال ابن المنذر: وهذا أصح، ولا حُجة لمن أباح قتل الجماعة بواحد، وقد ثبت عن ابن الزبير ما ذكرناه، وإذا اختلف الصحابة فسبيله النظر".

يعني ثبت عن ابن الزبير عدم قتل الجماعة بالواحد، لكن ثبت عن عمر بمحضر الصحابة أنه قتل الجماعة بالواحد، وأيهما أولى بالاتباع؟ الخليفة الراشد الذي أُمِرنا بالاقتداء به، فالذي لا يقول بقتل الجماعة بالواحد إما أن يقول: لا يقتل واحد منهم، أو يقول: ويُقتل واحد بالتشهي أو بالقرعة، المقصود أنه وسيلة إلى أن يجتمع الجماعة ويقتلوا شخصًا، ثم بعد ذلك يضيع دمه هدرًا.

"وقوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } [البقرة:178] فالعفو أن يقبل الدية في العمد، قال مجاهدٌ عن ابن عباس: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } [البقرة:178] فالعفو أن يقبل الدية في العمد.

تكرار هذا، بعد الآية "قال مجاهد" على طول "عن ابن عباس".

طالب: وكذا روي عن أبي العالية.

نعم، لكن الذي قبله عندك، قبل قال مجاهد.

طالب: "فالعفو أن يقبل الدية في العمد".

هذا تكرار، هذا مُكرر.

"قال مجاهدٌ عن ابن عباس: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } [البقرة:178] فالعفو أن يقبل الدية في العمد، وكذا روي عن أبي العالية، وأبي الشعثاء، ومجاهدٍ وسعيد بن جبير، وعطاءٍ، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وقال الضحاك عن ابن عباس: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة:178] يقول: فمن تُرك له من أخيه شيء، يعني: أخذ الدية بعد استحقاق الدم، وذلك العفو { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة:178] يقول: فعلى الطالب اتباعٌ بالمعروف إذا قبل الدية، { وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } [البقرة:178] يعني من القاتل من غير ضررٍ ولا معك، يعني المدافعة.

 وروى الحاكم من حديث سفيان عن عمروٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس: ويؤدي المطلوب بإحسان، وكذا قال سعيد بن جبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، والحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراساني، والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان.

مسألة: قال مالكٌ -رحمه الله- في رواية ابن القاسم عنه، وهو المشهور، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي في أحد قوليه: ليس لولي الدم أن يعفو على الدية إلا برضا القاتل".

الشافعي وأحمد.

طالب: وأحمد؟

نعم، يعني كلهم.

"والشافعي وأحمد في أحد قوليه".

الجادة أن يقولوا: أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في رواية، هذه هي العادة.

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

ما هو عندك؟

طالب:.........

لا، عندنا: وأحمد "والشافعي وأحمد في أحد قوليه"، لكن جرت العادة في تعبيرهم أن يقولوا: والشافعي في أحد قوليه؛ لأن له قولين، وأحمد في رواية، يعني من الروايات المروية عنه.

طالب:.........

لا لا.

طالب:.........

بلى فيه منهم.

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

نعم.

"والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في رواية: ليس لولي الدم أن يعفو على الدية إلا برضا القاتل، وقال الباقون: له أن يعفو عليها وإن لم يرضَ" يعني إذا طلب أولياء المقتول الدية، وقد استحقوا القصاص؛ لأن القتل عن عمد للقاتل أن يقول: لا، اقتصوا، له أن يقول: اقتصوا ما عندي دية، على ماذا؟ القول الثاني.

وأما على القول الأول مادام استحقوا القصاص فاستحقاقهم للدية من باب أولى؛ لأن القتل الخطأ مُوجب للدية فالعمد أولى.

"وذهب طائفةٌ من السلف إلى أنه للنساء عفو".

ليس. عندنا: ليس للنساء عفو.

"إلى أنه ليس للنساء عفو منهم: الحسن، وقتادة، والزهري، وابن شبرمة، والليث، والأوزاعي، وخالفهم الباقون" العفو من حق مَن من الورثة، من حق العصبة، العفو هل هو خاصٌّ بالعصبة أو لجميع الورثة؟ كل من له نصيب في الميراث له نصيب في العفو، أو يُقال: هذا من حق العصبة، والوارث ليس له حق إذا لم يكن من العصبة ومنهم الزوجة، ماذا عندكم يا شيخ لها نصيب في العفو؟

طالب: نعم.

إذًا لجميع الورثة.

طالب: نعم.

لأن الذكور قد يعفون إلى الدية، وقد لا يعفون، فيُحرم غيرهم ممن لم يعفُ من الدية بسبب غيرهم، يقولون: نريد دراهم ما نُريد قصاصًا، ماذا نستفيد؟

نعم.

"وقوله: { ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } [البقرة:178] يقول تعالى: إنما شُرع لكم أخذ الدية في العمد؛ تخفيفًا من الله عليكم، ورحمةً بكم مما كان محتومًا على الأمم قبلكم من القتل أو العفو، كما قال سعيد بن منصور: حدَّثنا سفيان عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني مجاهدٌ عن ابن عباسٍ، قال: كُتب على بني إسرائيل القصاص في القتلى، ولم يكن فيهم العفو، فقال الله لهذه الأمة: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة:178]، فالعفو أن يقبل الدية في العمد ذلك تخفيفٌ مما كُتب على من كان قبلكم".

نعم.

طالب:.........

فيه قبل ولم يكن فيهم العفو، فقال الله تعالى لهذه الأمة الآية إلى أن قال: "{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة:178] فالعفو أن تُقبل الدية في العمد" هكذا؟

طالب:.........

"كُتب على بني إسرائيل القصاص في القتلى، ولم يكن فيهم العفو".

طالب:.........

مطلقًا الظاهر.

طالب:.........

"من القتل أو العفو، كما قال سعيد بن منصور" هذا كلام سعيد بن منصور.

"ذلك تخفيفٌ مما كتب على من كان قبلكم { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } [البقرة:178]، وقد رواه غير واحدٍ عن عمرو، وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمرو بن دينارٍ به، وقد رواه البخاري والنسائي عن ابن عباس، ورواه جماعةٌ عن مجاهدٍ عن ابن عباسٍ بنحوه، وقال قتادة: ذلك تخفيفٌ من ربكم رحم الله هذه الأمة، وأطعمهم الدية، ولم تحل لأحدٍ قبلهم، فكان أهل التوراة: إنما هو القصاص، وعفوٌ ليس بينهم أرش، وكان أهل الإنجيل: إنما هو عفو أُمروا به، وجُعل لهذه الأمة القصاص والعفو والأرش، وهكذا روي عن سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس نحو هذا.

وقوله: { فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة:178] يقول تعالى: فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها، فله عذابٌ من الله أليمٌ موجعٌ شديد، وهكذا روي عن ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس والسدي، ومقاتل بن حيان: أنه هو الذي يقتل بعد أخذ الدية، كما قال محمد بن إسحاق عن الحارث بن فُضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريحٍ الخزاعي، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة، فخذوا على يديه» يعني يأخذ الدية ويقتل.

«ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالدًا فيها» رواه أحمد، وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن، عن سمرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا أُعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية» يعني لا أقبل منه الدية، بل أقتله.

وقوله: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } [البقرة:179] يقول تعالى: وفي شرع القصاص لكم، وهو قتل القاتل حكمةٌ عظيمةٌ لكم وهي بقاء المُهج وصونها؛ لأنه إذا علم القاتل أنه يُقتل انكف عن صنيعه، فكان في ذلك حياةٌ للنفوس، وفي الكتب المتقدمة: القتل أنفى للقتل، فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح وأبلغ وأوجز { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } [البقرة:179] قال أبو العالية: جعل الله القصاص حياة، كم من رجلٍ يريد أن يقاتل".

أن يقتل.

"كم من رجلٍ يريد أن يَقتل، فتمنعه مخافة أن يُقتل. وهكذا روي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبير، وأبي مالكٍ، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنسٍ، ومقاتل بن حيان.

مسألة: ذهب مالكٌ، وأبو حنيفة، والأوزاعي، والليث، وحماد بن أبي سليمان إلى أنه إذا قتل الرجل أو المرأة وله أولادٌ كبارٌ وصغار".

هذا غير موجود.

طالب:.........

طويل؟

طالب: لا.

نعم.

"وله أولادٌ كبارٌ وصغار أن للكبار أن يقتلوا القاتل، ولا يُنتظر بلوغ الصغار؛ لأن الحسن بن علي قتل عبد الرحمن بن ملجم ولم ينتظر بلوغ أولاد عليٍّ الصغار، وقال الشافعي وأحمد- في المشهور عنه- وطائفة من العلماء: بل يُنتظر بلوغ الصغار؛ لأن لهم حقًّا، وربما عفا بعضهم، وقد قال الله تعالى: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة:178] الآية.

مسألة: إذا عفا ولي الدم عن القصاص والدية أُطلق القاتل في مذهب الشافعي وأحمد والجمهور وقال مالكٌ، والليث، والأوزاعي: بل يُضرب مائةً، ويُحبس سنة، وقال أبو ثور: إن كان مشهورًا بالشر أدبه الإمام بحبسه، وقد استحسن قول أبي ثورٍ القرطبي في تفسيره. { يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:178] يقول: يا أولي العقول والأفهام والنُّهى، لعلكم تنزجرون وتتركون محارم الله ومآثمه، والتقوى اسمٌ جامعٌ لفعل الطاعات وترك المنكرات".

العبارة السابق ذكرها بالنقل عن الشافعي وأحمد في هذه الطبعة القديمة "مسألة: قال مالك– رحمه الله-: في رواية ابن القاسم عنه وهو المشهور، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وأحمد في أحد قوليه" هذه المسألة التي عندنا؟

طالب:.........

المسألة نظير على ما قلت الشافعي في أحد قوليه، وأحمد في رواية نفس الصفحة، الطبعات هذه...

نراها الدرس القادم إن شاء الله.

والله أعلم.

وصلى الله على محمد.