شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (117)

 المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

وأهلًا بكم إلى حلقةٍ جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع بداية حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لا زلنا وإياكم أيها الإخوة والأخوات في حديث أنس -رضي الله عنه-، «قال: كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- كتابًا، أو أراد أن يكتب، فقيل له: إنهم لا يقرئون كتابًا إلا مختومًا، فاتخذَ خاتمًا من فضة نقشه محمدٌ رسول الله، كأني أنظر إلى بياضه في يده».

أسلفتم شيئًا من ألفاظ هذا الحديث في الحلقة الماضية، لعلنا نستكمل ما تبقى فيه، أحسن الله إليكم يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

المقدم: اللهم صلِّ وسلم عليه.

 سبق الكلام في بعض ألفاظ الحديث، «كتب النبي –عليه الصلاة والسلام- كتابًا»، أو «أراد أن يكتب»، ثم ذكر السبب في اتخاذ الخاتم، سبق الكلام أيضًا في ضبطه، والكلام في خاتم الذهب والحديد، وهنا يقول الخطابي -رحمه الله تعالى-: لم يكن لبس الخاتم من عادة العرب، لم يكن لبس الخاتم من عادة العرب، فلما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم-..

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

 أن يكتب إلى الملوك اتخذ الخاتم، واتخذه من ذهبٍ، ثم رجع عنه؛ لما فيه من الزينة، ولما يُخشى من الفتنة، وجعل فصه مما يلي باطن كفه؛ ليكون أبعد من التزين.

قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: دعواه أن العرب لا تعرف الخاتم عجيبة، فإنه عربي، وكانت العرب تستعمله، انتهى، لكنه لم يذكر دليلًا على إثباته الاستعمال، كما أن الخطابي قبله لم يذكر دليلًا على النفي، اللهم إلا إن كان استشفه من كون النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن في أول الأمر عنده خاتم، وإنما اتخذه لما دعت الحاجة إليه.

قال الحافظ بن حجر: ويحتاج إلى ثبوت لبسه عن العرب، ويحتاج إلى ثبوت لبسه عن العرب، وإلا فكونه عربيًّا، واستعمالهم له في ختم الكتب لا يرد على عبارة الخطابي، يعني كونه عربيًّا، كون اللفظ عربيًّا، هل يعني هذا أنهم يستعملونه؟ نعم، هل يمكن أن يسموا شيئًا، أو ينطقوا به..

المقدم: وهم لا يستعملونه.

 وهو لا يستعملونه؟

المقدم: ممكن يكون معروفًا عند غيرهم، ولكنهم لا يستخدمونه.

الخاتم سبق أنه لفظٌ عربي، من الختم، مأخوذ من المصدر الذي هو المادة الختم، وعرفنا ما في ضبطه من..

المقدم: لغات.

لهجات العرب ولغاتهم، وأما النفي كونهم لا يستعملونه فيحتاج إلى دليل، لكنه لا يستلزم كونهم لا يعرفونه، نعم، لا يستلزم كونهم لا يعرفونه.

المقدم: يعني ممكن يكون معروف ولا يُستخدم عندهم.

نعم، معروف عند المجاورين، عند الأمم المجاورة، يقول: ويحتاج إلى ثبوت لبسه عن العرب، وإلا فكونه عربيًّا، واستعمالهم له في ختم الكتب لا يرد على عبارة الخطابي، يعني قول الخطابي: لم يكن لبس الخاتم من عادة العرب؛ لأن العادة تدل على..

المقدم: الاستمرار.

 الاستمرار واللزوم، وهنا كونهم يعرفونه ويستعملونه في ختم الكتب لا يعني أنه يكون عادةً وديدنًا لهم.

وقد قال الطحاوي بعد أن أخرج الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي ريحانة، قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان»، يقول: ذهب قومٌ إلى كراهة لبس الخاتم إلا لذي سلطان، وخالفهم آخرون فأباحوه، وحجتهم حديث أنس، «أن النبي -صلى الله عليه وسلم-

المقدم: -عليه الصلاة والسلام-.

لما ألقى خاتمه ألقى الناس خواتيمهم»، نعم، فدلّ على أنهم يتختّمون.

الأخ الحاضر: بعد تختم النبي وقومه.

نعم؟

المقدم: بعد تختّم النبي-عليه الصلاة والسلام-.

يقول: وحجتهم حديث أنس، «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ألقى خاتمه ألقى الناس خواتيمهم»، يعني يلبسه من يحتاجه ومن لا يحتاجه؛ لأن الناس لفظٌ عام يشمل الجميع، فإنه يدل على أنه كان يُلبس الخاتم، أو كان يلبس الخاتم في العهد النبوي من ليس ذا سلطان، من ليس..

المقدم: ذا سلطان.

 ذا سلطان، فإن قيل: هو منسوخ، قلنا: الذي نُسخ منه لبس خاتم الذهب.

المقدم: نعم.

 مع أنه ألقاه النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن لبسه، فكان هذا نسخًا، قلت: القائل ابن حجر، أو لبس خاتم منقوش عليه نقش خاتم النبي -صلى الله عليه وسلم-، محمدٌ رسول الله، هذا منهيٌ عنه كما سيأتي.

ثم أورد –يعني الطحاوي- عن جماعةٍ من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يلبسون الخواتم ممن ليس له سلطان، قال الحافظ: ولم يجب –يعني الطحاوي- من حديث أبي ريحانة، حديث أبي ريحانة الذي فيه نهي من ليس ذي سلطان أن يلبس الخاتم، قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

 عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان»، الطحاوي لم يُجب عنه، والذي يظهر أن لبسه، يقول ابن حجر: والذي يظهر أن لبسه لغير ذي سلطان خلاف الأولى، يعني لا يُقال: إنه مكروه ولا محرم، بل خلاف الأولى.

خلاف الأولى؛ لأنه ضربٌ من التزين، واللائق بالرجال خلافه، هذا كلام ابن حجر، ضربٌ من التزين، واللائق بالرجال خلافه، كيف يكون اللائق بالرجال خلافه وقد لبسه النبي -عليه الصلاة والسلام- ؟ لبسه النبي -عليه الصلاة والسلام- فكيف نقول اللائق بالرجال..

المقدم: خلافه.

خلافه؟ لأن المقرر أن كل كمالٍ بشري يُطلب من الأمة فنبيها أولى به، هذا مقرر.

الأخ الحاضر: أليس يقصد ابن حجر، أن تختم النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لعلة الختم؟ أما الصحابة فيقول: ربما أنهم كانوا للتزين فقط، ومن وضعه للتزين فقط فهذا الذي يقصده.

هو الإشكال: اللائق بالرجال خلافه، يعني نظير ما قيل في كشف الفخذ، عندنا «غطِّ فخذك، فإن الفخذ..

المقدم: عورة.

عورة»، وعندنا حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه، فقالوا: الحسر خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والنهي للأمة، نقول: هل تغطية الفخذ أكمل أو ليست بأكمل؟

المقدم: أكمل.

أكمل، إذًا الكمال الذي يُطلب من الأمة في تغطية الفخذ، النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، نقول هذا في مسائل كثيرة، وإن قالوا: إن هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- لكن أقول: لا يسهل مثل هذا الكلام، اللائق بالرجال خلافه، يعني المسألة تعود إلى الوصف، وصف الكمال، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بهذا الكمال، مفهومه أنه يليق بالنساء، مفهومه إذا كان اللائق بالرجال خلافه فهو يليق ..

المقدم: بالنساء.

بالنساء، كيف نقول مثل هذا الكلام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لبسه؟

وتكون الأدلة الدالة على الجواز هي الصارفة للنهي عن التحريم، ويؤيدها أن في بعض طرقه نُهي عن الزينة والخاتم، نُهي عن الزينة والخاتم، الحديث، يعني في بعض طرق حديث أبي ريحانة السابق، ويمكن أن يكون المراد بالسلطان من له سلطنةٌ على شيءٍ، على شيءٍ ما، ويمكن أن يكون المراد بالسلطان من له سلطنةٌ على شيءٍ ما، يعني يحتاج إلى الختم، وأشرنا في درسٍ مضى أن صاحب المؤسسة مثلًا يحتاج إلى توثيق العقود، ويحتاج إلى توثيق الخطابات بالختم، يتخذ خاتمًا.

المقدم: القاضي مثلًا.

الحاكم، القاضي، السلطان؛ لأنه نائب عن الإمام.

الأخ الحاضر:...

هو إذا كان يحتاجه لتوثيق الناس والتعريف بهم فما المانع؟

الأخ الحاضر: إذا كان الخاتم...

المقدم: الأختام المنتشرة يقصد، يقول الأخ: إذا كانت الأختام المنتشرة الآن المعروفة.

هي ما كانت معروفة في السابق، لكن الآن إذا كانت تقوم مقامه، فلا شك أنها تُغني عنه.

الأخ الحاضر:

من؟

الأخ الحاضر: إذا كان عنده خاتم يُغني عن الختم، إذا الآن قليل من يختم بالخاتم.

هو سيأتي، وإذا نظرنا إلى الأصل، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما اتخذه إلا لما قيل له: إنهم لا يقرؤون إلا ما كان مختومًا، قلنا: لا يلبسه إلا من كان محتاجًا إليه، لكن من لبسه اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: اللهم صلِّ وسلم عليه.

اقتداءً مجردًا، هو لا يحتاجه، يقول: لبس الخاتم، أنا ألبس الخاتم، يُمنع من ذلك؟ ابن حجر يقول: خلاف الأولى، لكن لا يمنع أن يُقال: يؤجر على قدر هذه النية، نية الاقتداء، لكن شريطة ألا يحمله ذلك على الكبر والترفع، يعني بعض الناس إذا اتخذ بعض هذه الأمور..

المقدم: ترفع عن الناس.

ترفّع عن الناس، فمثل هذا الأمور بمقاصدها، والله المستعان.

الأخ الحاضر: لا بد الخاتم يا شيخ.. أن يكون مختومًا؟

كيف مختوم؟

الأخ الحاضر: وأن يكون مجردًا مثل الفص.

كتابة؟

الأخ الحاضر: نعم، الكتابة.

إذًا يكون سائغًا لمن لا يحتاجه.

المقدم: نعيد سؤال الأخ لو سمحت يا شيخ لأجل الإخوة، يقول: إذا كان الخاتم مجردًا من الكتابة وأنه مثل الفص الآن المعروف.

إذا قلنا: إنه يسوغ لمن لا يحتاجه أن يلبسه اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، مجرد لبس، فلا مانع..

المقدم: نعم.

 ولو كان لم يُنقش عليه شيء، ويمكن أن يكون المراد بالسلطان من له سلطنةٌ على شيءٍ ما يحتاج إلى الختم، لا السلطان الأكبر خاصةً، والمراد بالخاتم ما يُختم به، فيكون لبسه عبثًا، إذا كان لا يحتاجه، وأما من لبس الخاتم الذي لا يُختم به، وكان من الفضة للزينة، فلا يدخل في النهي، وهذا كله كلام ابن حجر، وعلى ذلك يُحمل حال من لبسه، يعني من الصحابة والتابعين، لبسه جمعٌ غفير، ويؤيده ما ورد من صفة نقش خواتم بعض من كان يلبس الخواتم، مما يدل على أنها لم تكن بصفة ما يُختم به؛ لأنهم نقشوا خواتيمهم بغير أسمائهم، الملك لله، العزة لله، ثم هكذا، أُثر عن بعضٍ منهم أنه نقش هذا، مثل هذا ينفع يُختم به أو لا؟ يعني يُنبئ عن صاحبه ما يُنبئ عن صاحبه.

يقول: وأما من لبس الخاتم الذي لا يُختم به وكان من الفضة للزينة، فلا يدخل في النهي، كيف يقول: يؤيده، أن في بعض طرقه نُهي عن الزينة والخاتم؟ وقال: هو ضربٌ من التزين اللائق بالرجال خلافه، ثم يقول: أما من لبس الخاتم الذي لا يُختم به، وكان من الفضة للزينة، فلا يدخل في النهي، وعلى ذلك يُحمل حال من لبسه، ويؤيده ما ورد من صفة نقش خواتم بعض من كان يلبس الخواتم، مما يدل على أنها لم تكن بصفة ما يُختم به، لكن نأتي إلى الأصل، حديث أبي ريحانة الذي هو مدار الكلام كله، صحيح أم ليس بصحيح؟

الأخ الحاضر: تخصيص للسلطان.

الذي فيه تخصيص، يقول: سُئل مالك عن حديث أبي ريحانة فضعّفه، سُئل مالك عن حديث أبي ريحانة فضعّفه، وقال: سأل صدقة بن يسار سعيد بن المسيب، فقال: البس الخاتم وأخبر الناس أني قد أفتيتك، البس الخاتم وأخبر الناس أني قد أفتيتك، وهذا يدل على أنه يُضعِّف حديث أبي ريحانة.

في الحديث: «نقشه محمد رسول الله»، أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في كتابه فرض الخُمُس، باب ما ذُكر في درع النبي -صلى الله عليه وسلم-..

المقدم: صلى الله عليه وسلم.

وعصاه، وسيفه، وقَدَحه، وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يُذكر قسمته، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس -رضي الله عنه-، أن أبا بكرٍ -رضي الله عنه- لما استُخلف بعثه إلى البحرين، يعني بعث أنسًا إلى البحرين، وكتب له هذا الكتاب، وختمه بخاتم النبي- صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

وختمه بخاتم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر، لكن مرتّب على سبيل الترقّي أم التدلّي؟

المقدم: الترقّي.

الترقي؛ لأن لفظ الجلالة فوق.

المقدم: فوق.

 ومحمد تحت، -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل: كيف يختم أبو بكر بخاتم نقشه: محمد رسول الله؟ هل هذا الخاتم يُنبئ عن أبي بكر؟

المقدم: لا.

الأخ الحاضر:......

نعم، يُنبئ عن الوصف،

المقدم: نعم، خليفته.

خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخرج البخاري أيضًا في كتابه اللباس، في باب خاتم الفضة، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتمًا من ذهب، أو فضة، وجعل فصه مما يلي كفه، مما يلي..

المقدم: كفه.

 كفه، ونقش فيه محمد رسول الله، فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به، وقال: لا ألبسه أبدًا» يعني خاتم ذهب، ثم اتخذ خاتمًا من فضة، فاتخذ الناس خواتيم الفضة، قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي- صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، حتى وقع من عثمان في بئر أريس، يعني كون الفص مما يلي الكف، مما يلي الكف، من أجل ماذا؟

المقدم: حفظه عن الدخول في أماكن معينة مثلًا؟

ليقبض عليه مثلًا.

المقدم: أو أسلم له من أن يناله شيء مثلًا.

لا، هو إذا دخل في الأماكن وأراد أن يستنجي، لا بد أن..

المقدم: ينزعه.

يفتح يده، من أجل أن يقبضها، ونزعه حديثٌ منكر، نزع الخاتم، قلت: فماذا بالحديث نزع خاتمه عند الخلاء، ووضعه مثالًا للمنكر، مثلوا به المنكر، وهل يأخذ حكم الخاتم، وأن الفص يكون من الداخل؟ الساعة بعض الناس يجعل الساعة..

المقدم: من الداخل.

 من الداخل، وهو موجود عند كثير من الناس؟

المقدم: بلى هكذا.

إذا أراد أن ينظر إليها نظر إلى باطن ذراعيه.

المقدم: صح.

نعم، وهذا يكون من باب الاقتداء؟ يظهر هذا أم ما يظهر؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ..

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

جعل الفص مما يلي الكف، وجعل فصه مما يلي كفه، الآن الكف تُطلق على ماذا؟

الأخ الحاضر: الأيدي.

أو الجميع، يعني من الرسغ فما فوق إلى أطراف الأصابع، هذا كف.

المقدم: نعم، لكن قوله يلي، كيف عرف أنه في هذه المنطقة؟

هو في الكف.

المقدم: نعم.

 لكن كيف؟ لا وجاء في بعض الروايات: في باطن كفه، في بعض الروايات تُفسّر بهذا، في باطن كفه، ولا ما يلي كفه، كيف ما يلي كفه؟

الأخ الحاضر: من الداخل.

نعم.

الأخ الحاضر: من الداخل

 باطن الكف يكون من الداخل.

المقدم: نعم.

نعم.

الأخ الحاضر: ليضع الخاتم ليس من باب الاقتداء.

كيف؟ نعم ليس من باب الاقتداء، إلا إذا كان غفلة يمكن، الأصل أنه يوضع فصه مما يلي باطن الكف، يعني من الداخل، ولعل السبب في ذلك ألا يتعرض للخدش وشبهه؛ لأن فيه نقشًا، فيه اسم.

المقدم: نعم.

 نعم، يعني حفظًا له، كونه في باطن الكف أحفظ له.

يقول: كأني أنظر إلى بياضه في يده، في كتاب اللباس، في باب نقش الخاتم: فكأني بوبيص، فكأني بوبيص، أو ببصيص الخاتم في إصبع النبي -عليه الصلاة والسلام-..

المقدم: صلى الله عليه وسلم.

 أو في كفه، إذا عُلم هذا، فمن كان ذا سلطان أو ممن يحتاج إلى الخاتم، فلا إشكال في استحبابه بالنسبة له، نعم؛ لأنه يظهر هنا الاقتداء، يظهر هنا تمام الاقتداء، وإذا كان لا يحتاج فلبسه اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، فأرجو أن يُثاب على نيته، وإن لبسه رياءً أثم، فالأمور بمقاصدها، والأصل في مثل هذا الإباحة.

ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى، باب الخاتم في الخنصر، يعني في أي إصبع يُلبس؟

الأخ الحاضر: الصغير الخنصر.

نعم، الصغير الخنصر، وفي أي يدٍ يُلبس؟

الأخ الحاضر: في اليمنى أو اليسرى؟

 في اليمنى أو اليسرى؟

الأخ الحاضر: جاء هنا وهناك.

المقدم: تختم هنا وهنا.

طيب، وفيه، ذكر حديث أنس، وفيه: فإني لأرى بريقه في خنصره، وهل يُلبس في اليمين أو الشمال؟ ذكر البخاري في صحيحه عن جويرية، راوي حديث ابن عمر، قال جويرية، أو قالت؟ قال جويرية ابن أسماء الراوي، ولا أحسبه إلا قال: «في يده اليمنى»، ولا أحسبه إلا قال: «في يده اليمنى»، وأخرج مسلم حديث ابن عمر وفيه: «وجعله في يده اليمنى»، وورد التختّم في اليسار من حديث أنس أخرجه مسلم أيضًا، من طريق حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان خاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه، وأشار إلى الخنصر اليسرى.

وجمع البغوي في شرح السنة، وجمع البغوي في شرح السنة بأنه -صلى الله عليه وسلم- تختّم أولًا في يمينه، ثم تختّم في يساره، وكان ذلك آخر الأمرين، قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعه عن اختلاف الأحاديث في ذلك، فقال: لا يثبت هذا ولا هذا، ولكن في يمينه أكثر، ما معنى كلامه لا يثبت هذا ولا هذا؟ يعني ما ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام-..

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

 لا تختّم باليمين ولا تختّم باليسار، هذا مقصوده؟

المقدم: لا أنكر.

 ولكن في يمينه أكثر، يعني هذا الكلام ينقض هذا الفهم، ما معنى كلامه؟ يقول: سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك، فقال: لا يثبت هذا ولا هذا.

الأخ الحاضر: الاتزان.

نعم، أو الرجحان، لا يثبت رجحان هذا ولا رجحان هذا، لكن قوله: في يمينه أكثر.

المقدم: يدل على الرجحان.

كيف؟ يدل على الرجحان، نعم.

المقدم: نعم.

 فلا نستطيع أن نقول إنه لم يثبت ألبتة؛ لأنه قال: في يمينه أكثر، ولا نستطيع أن نقول: إنه لا يثبت رجحان هذا ولا رجحان هذا.

المقدم: لأنه رجّح.

نعم، إنما لعل المراد الالتزام في هذا ولا هذا، لم يثبت التزامه في اليمنى ولا التزامه في اليسرى، ونقل الترمذي عن الإمام البخاري أن أصحّ شيءٍ ورد في هذا الباب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتختّم في يمينه.

الأخ الحاضر: البغوي له مستند، أحسن الله إليك؟

نعم؟

الأخ الحاضر: البغوي له مستند، أحسن الله إليك؟

أولًا في كذا، ما أراد أن يجمع، أراد أن يوفق بين هذه الأحاديث، أراد أن يوفق.

 قال ابن حجر: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد، يختلف باختلاف القصد، فإن كان اللبس للتزين فاليمين أفضل؛ لأنها هي اللائقة بالتزين، وإن كان للتختم به فاليسار أولى؛ لأنه كالمودع فيها، ويحصل تناوله منها باليمين.

المقدم: من أجل الختم.

نعم، ويحصل تناوله منها باليمين، وكذا وضعه فيها، ويترجّح التختّم في اليمين مطلقًا؛ لأن اليسار آلة الاستنجاء، فيُصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، يقول: ويترجّح التختّم في اليسار بما أشرت إليه من التناول؛ لأنه لا بد أن يختم بيمينه،

المقدم: فيتناول بيساره.

 فيتناوله بيمينه من إصبعه اليسرى، يعني يحتاج إلى أكثر من حركة، يأخذه بيساره من يمينه، ثم يعيده إلى..

المقدم: اليمين.

اليمين، لكن أنت لو نظرت إلى عامة الناس في البخور مثلًا، إذا استلمت المدخنة..

المقدم: باليمن.

 باليمين، تبخر شقك الأيمن أو الأيسر قبل؟ لأن هذا يحتاج إلى أكثر من حركة.

الأخ الحاضر: الأيسر.

 نعم، تدخن الأيسر، تبخر الأيسر قبل الأيمن؛ لأن هذا يحتاج إلى أكثر من حركة، مع أن الأولى في مثل هذا، لاسيما وهو من الأمور الطيبة أن يُبدأ باليمين قبل اليسار.

المقدم: لو أخذه باليسار.

كما أنه يُنظف جانب الفم الأيمن بالسواك قبل اليسار، قبل الأيسر، فيحتاج مثل هذا إلى أكثر من حركة، فيغفل حينئذٍ إلى أن يعيده إلى يده اليمنى، فيحتاج إلى أن يختمه بيده اليسرى، لكن هل في هذا من حرج؟ كونه يختم بيده اليسرى.

المقدم: أبدًا.

نعم؟ المسألة عادة مثلًا، أو قل إن هذا يتبع العمل، عمل الرجل، جُلّه بيمينه أو جلّه بيساره، فإن كان أيمن، فيحتاج إلى أن يختم باليمين، وإن كان أعسم، أعسر، يختم باليسار، لكن مثل هذه الأمور، لاسيما إذا كان ليُختم بها أحكام شرعية، أو مثلًا مسائل علمية، أو كتاب من عالم إلى عالم أو ما أشبه ذلك، ينبغي أن يكون ختمه..

المقدم: باليمين.

 باليمين؛ لأنه أكمل.

الأخ الحاضر:......

لكن ما يمنع أن الإنسان لا يقرأ ويُقال له، يعرف مكان الخاتم، ما يمنع.

المقدم: مثل بعض العامة الآن يعرفون مكان التوقيع وهم لا يقرؤون ولا يكتبون.

نعم، وجنحت طائفةٌ إلى استواء الأمرين، وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود، حيث ترجم باب التختّم في اليمين واليسار، ثم أورد الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح، يدل على أنه يستوي عنده الأمران، ونقل النووي وغيره الإجماع على الجواز، ثم قال: ولا كراهة فيه، يعني عند الشافعية، وإنما الاختلاف في الأفضل، وقال البغوي: كان آخر الأمرين التختم في اليسار، وتعقّبه الطبري، وهذا تقدّم الإشارة إلى كلام البغوي، تعقّبه الطبري بأن ظاهره النسخ، وليس ذلك مراده، بل المراد هو الإخبار بالواقع اتفاقًا، كان آخر الأمرين التختم في اليسار، تعقّبه الطبري بأن ظاهره النسخ، يعني نُسخ التختم باليمين، لكن هذا ليس مرادًا للبغوي، بل مراده الإخبار بالواقع، أنه حصل هذا، تختّم أولًا باليمين، ثم تختّم باليسار، ولا يعني هذا أن التختم باليمين مكروه، إنما يجوز هذا وهذا.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، نلقاكم بإذن الله تعالى في حلقةٍ قادمة، وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.