شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (318)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" في بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: في حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عند قوله - صلى الله عليه وسلم-: «من توضأ نحو وضوئي هذا» توقفنا عند كلمة (نحو) ولفظة (مثل) يوجد خلاف بينهما، لعلنا نستكمل، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الحديث يقول: ثم قال- يعني عثمان بن عفان -رضي الله عنه- راوي الحديث- قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «من توضأ وضوءًا نحو وضوئي هذا»، قال القسطلاني: أي: مثله، لكن بين نحو ومثل فرق من حيث إن لفظ مثل يقتضي المساواة في كل وجه، إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين، بحيث يخرجان عن الوحدة، يعني لو أتيت بصورة لزيد صورة مكررة التقطتا في لقطة واحدة تجد بينهما فرقًا؟

المقدم: لا.

أبدًا، لا فرق بينهما أبدًا، لكن الفرق بينهما يأتي من ماذا؟

المقدم: المغايرة.

من جهة ما يقتضي الخروج عن الوحدة، هما اثنتان على كل حال، وذكرنا ما يتعلق بشرط الشيخين عند الحاكم، الذي استقر عليه القول، وهو المرجح، وهو الذي يشهد له واقع المستدرك؛ لأن المستدرك إذا خرج حديثًا، خرج لرواته الشيخان قال: على شرط الشيخين، وإذا خرج حديثًا خرج لرواته البخاري دون مسلم، أو لأحدهم قال: على شرط البخاري، وكذلك على شرط مسلم، نعم، وإذا خرج حديثًا من طريق من لم يخرج له البخاري، ولا مسلم قال: صحيح الإسناد، ولا يقول: على شرط هذا، ولا على شرط هذا، هذا هو الذي ترجح من خلال الاستقراء لكتاب المستدرك، وهو الذي رجحه عامة المتأخرين، بالاستقراء من كتاب المستدرَك، وإن كان هناك أقوال في المسألة، لكن هذا هو الراجح، بدليل أن الحاكم يقول هذا الكلام، حينما يكون مطابقًا لما ذكرنا.

وفي حديث من الأحاديث قال: وأبو عثمان ليس هو النهدي، ولو كان هو النهدي لقلت: صحيح على شرط الشيخين؛ لأن الشيخين خرجا لأبي عثمان النهدي، لكنهما لم يخرجا لأبي عثمان التبان، فدل على أنه يريد بشرط الشيخين رجال الشيخين، إذا تقرر هذا نأتي إلى المقدمة.

المقدم: مقدمة كتابه.

مقدمة المستدرَك حينما يقول: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث احتج بمثلها الشيخان، إرادة مثل الأحاديث هذا ما هو بوارد؛ لأنه يستدرك على الصحيحين، فهي غيرها بيقين، إذًا ما بقي إلا الرواة، هل هو يحتج بمثلهم أو بهم أنفسهم؟

المقدم: إن احتج بهم أنفسهم صار على شرط الشيخين.

نعم، لكن هو يخرج أحاديث احتج بمثلهم الشيخان، احتج بمثلهم، والمثلية غير المطابقة غير أنفسهم، كيف يجاب عن مثل هذا؟!

المقدم: هذا ما طلبنا الإخوة والأخوات أن يبحثوه خلال مدة.. البرنامج.

لأنه ما قال: أنا أستعين الله في إخراج أحاديث احتج برواتها الشيخان، نقول: أنفسهم احتج بمثلهم، احتج بمثلهم، والمثل غير الشيء، ظاهر؟

المقدم: ظاهر.

الحافظ ابن حجر يقول: إن الحاكم استعمل هذه الكلمة المثل في حقيقتها ومجازها، في حقيقتها ومجازها في آن واحد، كيف؟ يقول: إذا خرّج الحديث من طريق رواة احتج بهم الشيخان أنفسهم صار استعماله للمثلية حقيقة أم مجازًا؟

المقدم: حقيقة.

لا؛ لأن "مثل" غير النفس، يعني إذا خرج الحديث عن طريق رواة لم يحتج بهم الشيخان، ليس لهم ذكر في الصحيحين، لكنهم يساوونهم في المرتبة من وجهة نظر الحاكم، استعمال المثلية هنا حقيقية، وإذا خرج أحاديث لرواة احتج بهم الشيخان أنفسهم...

المقدم: ما تكون مثلية.

ما تكون مثلية، تكون مطابقة، إذًا استعمل المثلية فيما هو أعم من حقيقتها ومجازها، ويذكر في ترجمة القاضي شريح أنه جاءه شخصان خصمان، فادعى المدعي قال: إني قلت لفلان الماثل بين يدي القاضي المدعى عليه، وقد رأيت في يده ثوبًا اشترِ لي مثل هذا الثوب، فاشترى لي الثوب نفسه، الآن نفذ المطلوب أم ما نفذ؟

المقدم: نفذ وزيادة.

لا، هو يقول أريد مثل..، حينما يبين له أنه مغبون أو يريد أو يرغب عن السلعة يحتج بمثل هذا، يقول: أنا ما قلت له: اشترِ لي الثوب، قلت: اشتر لي مثل هذا الثوب، فحكم القاضي شريح بإلزامه بأخذ الثوب، وقال: لا أشبه بالشيء من الشيء نفسه، فالحاكم حينما يقول: احتج بمثلها ويقول: على شرط الشيخين، والرواة هم أنفسهم، استعمل المثلية في غير حقيقتها، وإذا كانوا غيرهم، غير هؤلاء، غير من يحتج بهم الشيخان مع المماثلة في الأوصاف لا في الأشخاص صارت المثلية حقيقية.

 نعود إلى الحديث، قال القسطلاني: ولفظ نحو لا يقتضي ذلك، يعني لا يقتضي المساواة مثل مثل، ولعلها استعملت هنا بمعنى المثل مجازًا، أو لعله لم يترك مما يقتضي المثلية إلا ما لا يقدح في المقصود، قاله ابن دقيق العيد، أو لعله لم يترك مما يقتضي المثلية إلا ما لا يقدح في المقصود، قاله ابن دقيق العيد، يعني بعض الوسائل وسائل الوضوء لا توجد المماثلة فيها، كونه يغسل العضو مثلًا اليد يبدأ بها من الأصابع، ويسبغ فيها الوضوء، يغسلها ثلاثًا، أو يبدأ بها من المرفق إلى الأصابع.

المقدم: هذه مثلية أم لا؟

هذه ليست مثلية، لكن ترك المثلية هنا قادح في تحقيق الموعود أم لا؟

المقدم: لا، غير قادح.

طيب، يعني من الطرائف أن يذكر في تفسير سورة النمل لما أرسلت الهدية بلقيس، لما أرسلت الهدية وفيها جوارٍ وغلمان كذا جارية وكذا غلمان، وألبستهم لباسًا واحدًا، وقالت: إن فرق بينهم فهو نبي، هذا يذكر في التفسير، وما يذكر في التفسير لا يلزم أن يكون صحيحًا، لاسيما أنه لا يستند إلى..

المقدم: دليل شرعي.

لا يستند إلى قول معصوم، طيب الشكل ما يمكن أن يفرق بينهم، على حد ما جاء في القصة، لكن سليمان أمرهم بالوضوء، فقال: إن بدءوا بالمرافق فهم إناث، وإن بدءوا بالأصابع فهم ذكور.

المقدم: والسبب؟

الله أعلم، لكن هذا كلام لا أصل له، ولا قيمة له، لكن هذا مما يتعلق بموضوعنا يقول: أو لعله لم يترك مما يقتضي المثلية إلا ما لا يقدح في المقصود، قاله ابن دقيق العيد.

قال البرماوي في شرح العمدة: وإنما حمل نحو على معنى مثل مجازًا أو على جل المقصود؛ لأن الكيفية المرتب عليها ثواب معين باختلال شيء منها يختل الثواب المرتب، قال البرماوي في شرح العمدة: وإنما حمل نحو على معنى مثل مجازًا أو على جل المقصود؛ لأن الكيفية المرتب عليها ثواب معين باختلال شيء منها يختل الثواب المرتب بخلاف ما يفعل لامتثال الأمر مثل فعله -عليه الصلاة والسلام- فإنه يكتفى فيه بأصل الفعل الصادق عليه الأمر، يعني من توضأ مرة مرة يحصل له الثواب الموعود في الحديث؟ ما توضأ ثلاثًا، يعني ما يحصل له.

المقدم: النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – توضأ مرة مرة.

لكن في هذا الحديث الثواب مرتب في هذا الحديث.

المقدم: على ثلاث.

يحصل له امتثال الأمر {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا...} إلى آخره [سورة المائدة 6]، يحصل له الثواب المرتب على مطلق الوضوء، لكن المرتب على هذا الفعل لا يحصل له؛ لتخلف المثلية، لأنه يقول – كلام دقيق -: وإنما حمل نحو على معنى مثل مجازًا أو على جل المقصود؛ لأن الكيفية المرتب عليها ثواب معين باختلال شيء منها يختل الثواب المرتب، لو قلت مثلًا: من أحضر لي كذا بعدد معين فله كذا، من أحضر لي مائة نسخة من كتاب مثلًا التجريد هذا الذي بين أيدينا، فله ألف ريال، جاء واحد بتسعة وتسعين نسخة يستحق الألف؟ لا يستحق، لماذا؟ لأنه اختل ما رتب عليه، فيختل المرتب، وإنما يقول: أو على جل المقصود؛ لأن الكيفية المرتب عليها ثواب معين باختلال شيء منها يختل الثواب المرتب بخلاف ما يفعل لامتثال الأمر، الأمر مطلق ما فيه كيفية معينة، تبرأ العهدة بتحقيقه على الوجه الشرعي، سواء كان كاملًا أو مجزئًا، بخلاف ما يفعل لامتثال الأمر مثل فعله -عليه الصلاة والسلام- فإنه يُكتفى فيه بأصل الفعل الصادق عليه الأمر. انتهى.

 يعني ما تتحقق فيه.. ما يترتب عليه صحة الفعل، بغض النظر عن كماله وإجزائه، يقول النووي في شرح مسلم: إنما قال – صلى الله عليه وآله وسلم -: «نحو وضوئي هذا» ولم يقل مثل؛ لأن حقيقة مماثلته – صلى الله عليه وآله وسلم – لا يقدر عليها غيره.

المقدم: اللهم صلّ عليه وسلم.

إنما قال – صلى الله عليه وآله وسلم -: «نحو وضوئي» ولم يقل مثل؛ لأن حقيقة مماثلته صلى الله عليه وآله وسلم – لا يقدر عليها غيره.

 يقول ابن حجر: قلت: لكن ثبت التعبير بها في رواية المصنف في الرقاق من طريق معاذ بن عبد الرحمن عن حمران عن عثمان ولفظه: من توضأ مثل هذا الوضوء، وله في الصيام من رواية معمر: من توضأ وضوئي هذا، وهذه تقتضي المطابقة، ولمسلم من طريق زيد بن أسلم عن حمران: (توضأ مثل وضوئي هذا) وعلى هذا فالتعبير بـ "نحو" من تصرف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا، ولأن "مثل" وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرًا، لكنها تطلق على الغالب، فبهذا تلتئم الروايتان، ويكون المتروك بحيث لا يخل بالمقصود، والله تعالى أعلم.

 يقول: وعلى هذا فالتعبير بنحو من تصرف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا، فـ الراوي مادام رأى أنها تطلق على المثلية لم يمنع من إطلاقها لاسيما على القول بجواز الرواية بالمعنى كما هو مقرر عند جمهور أهل العلم، ولأن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرًا، لكنها تطلق على الغالب؛ لأن المثلية مماثلة فعله -عليه الصلاة والسلام- مستحيلة؛ لأن المماثلة تقتضي المماثلة في الظاهر والباطن، حتى في النية، في الإخلاص، في القصد.

المقدم: وهذا مستحيل.

مستحيل، ولأن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرًا، لكنها تطلق على الغالب، فبهذا تلتئم الروايتان، ويكون المتروك بحيث لا يخل بالمقصود، والله تعالى أعلم.

 العيني يستدرك على ابن حجر كالمعتاد، يقول العيني: وقال بعضهم: فالتعبير بنحو من تصرّف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا ليس بشيء؛ لأنه ثبت في اللغة مجيء نحو بمعنى مثل، يقال: هذا نحو ذاك أي مثله، يعني لما أسس علم النحو، سواء كان سببه قول: انح هذا النحو..، هل المراد بالنحو المثل أو مثل ما عندنا.. نحو.. قريب منه، قريب منه، والأمثلة التي تذكر في أبواب النحو لابد أن تكون متماثلة، لكن لا يلزم أن تكون متطابقة.

 ابن حجر رد على العيني في انتقاض الاعتراض، قلت: كأن المعترِض معتقد أن المجاز ليس من اللغة وإلا فما وجه اعتراضه؟ الاعتراض قال بعضهم في التعبير بنحو من تصرف الرواة لأنها تطلق على المثلية مجازًا يقول: ليس بشيء؛ لأنه ثبت في اللغة مجيء نحو بمعنى مثل، يقال: هذا نحو ذاك أي مثله، الآن اعتراض العيني واضح؟

المقدم: نعم.

واضح، يقول: التعبير بنحو من تصرف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا، ليس بشيء؛ لأنه ثبت في اللغة مجيء نحو بمعنى مثل، يقال: هذا نحو ذاك أي مثله، طيب المجاز يقول ثبت في اللغة، المجاز أليس من اللغة؟

المقدم: بلى، هل هو ممن يراه يا شيخ؟

من؟ كلاهما يراه، يرونه لا.. العيني وابن حجر يرون المجاز، لكن كون المجاز وهو من علم البلاغة، البلاغة فرع من فروع اللغة، رد عليه ابن حجر في انتقاض الاعتراض بقوله: قلت: كأن المعترض معتقد أن المجاز ليس من اللغة، فما وجه اعتراضه؟ لا شك أن المراد باللغة ما هو أعم من الفروع الاثني عشر، بحيث يشمل النحو والصرف والبيان والبديع والمعاني والوضع والاشتقاق وغيرها من الفروع، فالبلاغة من اللغة، وهذا يقول: لأنه ثبت في اللغة، ابن حجر يقول: ثبت في اللغة، مجاز، والمجاز من اللغة، قد يقال:..... أراد العيني بالإطلاق اللغة العرفية، بما يشمل متنها وفقهها، متن اللغة يعني معاني المفردات وفيه المعاجم، وفقه اللغة ما هو بخلاف ذلك، يعني متن اللغة، عندك الكلمة مشكلة، تريد معناها ترجع إلى القواميس والمعاجم، لكن فقه اللغة، عندك معنى من المعاني، وليست عندك اللفظة التي تدل عليه، فترجع إلى كتب فقه اللغة.

ثم صلى ركعتين يقول ابن حجر فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء ويأتي فيهما ما يأتي في تحية المسجد، فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء، ويأتي فيهما ما يأتي في تحية المسجد، فيه كلام طويل في مشروعية ركعتي الوضوء، هل تثبت مشروعيتها بهذا الحديث؟ لنقول: إن الركعتين من أجل الوضوء، أو الوضوء من أجل الركعتين؟ الحديث الثواب في الحديث مترتب على الأمرين، على ما سيأتي بسطه، الثواب مرتب على الأمرين سواء قلنا: إن الوضوء من أجل الركعتين، أو الركعتين من أجل الوضوء، لكن ما الذي يحل الإشكال؟ الذي يحل الإشكال حديث أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال لبلال عند صلاة الصبح: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي، صنيع بلال هل هو ما رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- من وجود بلال في الجنة دخول بلال الجنة، نعم هذا حق وحي نبي هل هو لوضوئه أو لصلاته بعد الوضوء؟ السياق يدل على أنه للصلاة بعد الوضوء، هل يكفي هذا الحديث لثبوت مشروعية وسنية الصلاة بعد الوضوء؟     

المقدم: الأصل ذلك لو لم يكن مشروعًا لـ..

يعني هل فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ما توضأ وضوءًا إلا ويصلي ركعتين؟

المقدم: قد يكون ولم ينقل لنا. 

هل فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعله غير بلال؟

المقدم: لكن لو كان غير مشروع لبين لبلال.

الآن بلال فعله بمستند شرعي أم لا؟ لا، المشروعية اكتسبت من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما قبل ذلك...

المقدم: ما كان فيه مشروعية.

ما فيه مشروعية، قد يقول قائل: أنا أفعل أعمل وأجتهد، نقول: لا، ما فيه من يقرك مثل بلال، لأن المشروعية اكتسبت من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لبلال، نظيره حديث عبد الله بن زيد في الآذان، إنما هو رؤيا، وهل الرؤيا يثبت بها حكم شرعي؟ لا، اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، نظير قصة بلال حديث الذي يقرأ بسورة الإخلاص بعد السورة.

المقدم: يختم بها.

يختم بها، قال: إنه يحبها قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «حبك إياها أدخلك الجنة».

المقدم: هذا الإقرار.

هذا إقرار، فهل للإنسان الذي يقول بمشروعية ركعتي الوضوء بحديث بلال أن يقول بمشروعية ختم القراءة بقل هو الله أحد بكل ركعة من الصلاة؟

المقدم: الصورة واحدة.

الصورة واحدة، هذا اكتسب الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وذاك اكتسب الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن العلماء من يفرق يقول بسنية ركعتي الوضوء، ولا يقول بسنية ختم القراءة بـ قل هو الله أحد، يقول: عمل مشروع، لكن ليس بسنة، ما حفظ عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قرأ سورة الإخلاص بعد..، كونه ما حفظ مثل كونه ما حفظ أنه كلما توضأ صلى ركعتين، يعني إذا جردنا المسألة من حديث الباب، حديث الباب هل يدل على مشروعية ركعتي الوضوء؟ الثواب المرتب في حديث الباب على الأمرين، ومعلوم أن الثواب المرتب على الأمرين لا يتجه إلى أحدهما بانفراده، يعني يوجد من يقول من أهل العلم إن قراءة سورة الإخلاص مشروع، لا يستطيع أن يقول أحد: إنه ليس بمشروع، وقد أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومدح فاعله، لكن ليس بسنة ما نفعل، طيب ركعتا الوضوء فيه فرق بين المسألتين؟ التنظير مطابق أو غير مطابق.

المقدم: التنظير مطابق نعم.

لكن لماذا نقول: ركعتا الوضوء؟ ونقول: تفعل في أوقات النهي؟ لأن هذا القائل يرى فعلها في أوقات النهي؛ لأنها من ذوات الأسباب.

باقٍ وقت؟

القائل يرى وهو من إمام تبرأ الذمة بتقليده، له وزنه في العلم والفقه، ولا يعني هذا أننا إذا ذكرنا مثل هذه المسائل من باب التفقه وبحث المسائل...

المقدم: أننا نعترض على قول....

لا لا، أبدًا، كلا، يعني نذكر أقوال الأئمة الكبار من الصحابة والتابعين، ونناقش هذه الأقوال؛ لئلا يفهم مثلًا بين طلاب العلم أن هذا من باب الاعتراض على القائل، لا، أبدًا، نحن نستفيد من القائل أكثر من غيرنا، لكن مع ذلك هل التنظير مطابق أم غير مطابق؟ كأننا نقول: قراءة السورة مشروعة وليست بسنة، وسنة الوضوء سنة ومن ذوات الأسباب وتفعل في أوقات النهي على ما سيأتي، أنا سأتكلم عليه فيما سيأتي، إن شاء الله تعالى.

المقدم: نرجئها إذًا إلى حلقة قادمة يا شيخ؟

يعني هل نقول: إن قراءة الإخلاص بعد السورة هل هي بمنزلة من أعاد الصلاة بالوضوء فصار له الأجر مرتين، والذي لم يعد أصاب السنة؟ فنقول: إن هذا الذي قرأ السورة أثيب عليها؛ لأنه قرأ سورتين كمن صلى مرتين، والذي لم يقرأ السورة هو الذي أصاب السنة، لأن هناك أمورًا لابد فيها يعني شيء من الدقة لابد من تحريرها.

المقدم: إذًا إن شاء الله نرجئها إلى حلقة قادمة.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

 لنا بكم لقاء بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير.

 شكرًا لطيب متابعتكم.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.