شرح الموطأ - كتاب العقول (5)

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.  

اللهم اغفر لشيخنا، وأجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عقل الأصابع

وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة؟ فقال: عشر من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاث؟ فقال: ثلاثون من الإبل، فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم.

فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي.

قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت فقد تم عقلها، وذلك أن خمس الأصابع إذا قطعت كان عقلها عقل الكف خمسين من الإبل، في كل إصبع عشرة من الإبل.

قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً، وثلث دينار في كل أنملة، وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث فريضة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عقل الأصابع

يعني في دية الأصابع، فالعقل هو الدية، دية الأصابع مجتمعة ومتفرقة من الرجال ومن النساء.

يقول -رحمه الله-: وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي، شيخ الإمام مالك، إمام مشهور، علم من أعلام المسلمين "أنه قال: سألت سعيد بن المسيب" وسعيد أحد الفقهاء المشهورين، الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة "كم في إصبع المرأة؟" هو يعرف أن في الإصبع عشر من الإبل، كما تقدم في حديث عمرو بن حزم، فأشكل عليه هل المرأة مثل الرجل أو على النصف منه؟ فأجابه سعيد، فقال: "عشر من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاثة؟ قال: ثلاثون من الإبل" لماذا؟ لأن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية على ما تقدم، تعاقله إلى ثلث الدية، فإن زادت عن الثلث نقصت "فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل" هذا يورث إشكال، يعني عقل الثلاثة الأصابع أكثر من عقل الأربعة؟! لكنه جارٍ على القاعدة السابقة، وأن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، ولو كان عقلها في أصابعها كأصابع الرجل لكانت ديتها مثل دية الرجل، لكان في خمسة الأصابع خمسين من الإبل مثل الرجل، وعادلت ديتها كاملة؛ لأن دية المرأة على النصف من دية الرجل.

يعني نظير هذا يعني مثال تقريبي الشرائح في الاستهلاكات الشريحة الأولى كذا غالية، ثم الثانية أرخص منها، ثم الثالثة أرخص منها، تجد أول الثالثة أرخص من آخر الثانية، وهذا واضح يعني؛ لأنه لو استمر صار إلى ما لا نهاية، لكن هنا لا بد من حسم، تقف فيه المسألة إلى حد لا يضطرب فيه دية الرجل مع دية المرأة، القاعدة أن المرأة على النصف من الرجل، وهذا أمر مقرر في الشرع، لكن لماذا لم يكن من الأصل إصبع المرأة فيه خمس من الإبل وينتهي الإشكال؟ وفي إصبعين عشر، وفي ثلاث خمس عشرة، وفي أربعة عشرين؟ المسألة هل تكون المسألة بالرأي أو بالسمع؟ بالسمع، ولذا لما قال له: "كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت" ربيعة -ربيعة الرأي- معروف "حين عظم جرحها، واشتدت مصيبها نقص عقلها؟" يعني نقصت ديتها "فقال سعيد: أعراقي أنت؟" يعني هل أنت من أهل العراق تنظر في النصوص برأيك، وقد تدفع بعض السنن التي تخالف عقلك "أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت" يعني نظير ما قالت عائشة لمن سألتها عن الحائض ما بالها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟ قالت: أحرورية أنت؟ قالت: لا، لكن اسأل، يعني أحياناً تكون الأحكام معللة، وعللها وحكمها واضحة، وأحياناً لا يستطيع العقل أن يرقى لمستوى التشريع، وحينئذٍ عليه الرضا والتسليم، وكما قرر أهل العلم "قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم" لا بد من التسليم؛ لأن العقل لا يدرك كل شيء، ولو كان العقل يدرك كل شيء لما احتيج إلى الشرع، رُكب هذا العقل وخلاص ينتهي، لكن العبرة بالشرع، وما جاءنا عن الله وعن رسوله فعلى العين والرأس، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.

"فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم" أحد احتمالين، إن كان عنده خبر من هذا الكلام سابق يريد أن يتثبت؛ لأنه عالم، وهو بالفعل عالم "أو جاهل متعلم" إن كان ما عنده خبر عن المسألة يتعلم من هذا الإمام، وهو إمام يتعلم من إمام، وقد يكون السؤال في أوائل أمره، قد يكون السؤال في بداية الطلب، فيكون جاهل يتعلم، أو يكون بعد أن رسخت قدمه في العلم فيكون عالم متثبت، وربيعة الرأي شيخ الإمام مالك يجلس في المسجد النبوي، وما يحضر عنده أحد، والجموع الغفيرة عند مالك وهو تلميذه، يذكر في كتب السير أنه قيل له بذلك، قال: درهم من سلطان خير من قنطار من علم، يعني المدعوم من ولي الأمر، والمعين من قبله يأتونه الناس، وتسهل له الأمور، فيلتف حوله الناس، وهذا الشخص الذي ما يدعم، وهذا رأيه -رحمه الله-، مع أن القلوب بيد الله -جل وعلا-، تجد بعض الناس ما له عمل يذكر بين واضح عند الناس، فإذا مات احتشد الناس لشهود جنازته، تتساءل وش السبب؟ الناس لا يساقون بالأسواط، إنما القلوب بيد الله -جل وعلا-، وعلى كل حال سواء جلس إليه، أو لم يجلس إليه هو عالم، وهو حينئذٍ عالم متثبت إن كان سؤاله متأخراً، أو جاهل متعلم إن كان سؤاله متقدماً.

"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" ولذلك الذي يعارض النصوص ينظر في أمره، إن كانت معارضته للنصوص برأيه يشم منها الاعتراض على الشرع مثل هذا يشدد عليه في النكير، وإن كان السؤال سببه التثبت في الحكم، وأن المفتي متأكد من جوابه، ومعتمد في ذلك على نص حينئذٍ يرفق به.

"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" هي السنة، وإذا قيل: هي السنة قف خلاص، ما لك خيار، إذا قضى الله ورسوله أمراً ما في خيار، هي السنة، وقول سعيد: هي السنة يعني سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويحتمل أن يكون سنة من تقدم من الخلفاء الراشدين، لكن الأصل أنه ما يقال في مثل هذه السياقات من بيان الأحكام إلا ويراد بها سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحينئذٍ يكون من باب المرفوع المرسل، ومراسيل سعيد هي أصح المراسيل عند أهل العلم، منهم من يحتج بها مطلقاً، ومنهم من يقول: هي مرجحة على غيرها، والإمام الشافعي يقول: إرسال ابن المسيب عندنا حسن، يعني يحتج به، وأما بالنسبة لمالك وأبي حنيفة هؤلاء ما عندهم إشكال في المراسيل حجة مطلقاً.

"هي السنة يا ابن أخي".

"قال مالك: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت" يعني الخمسة "إذا قطعت فقد تم عقلها" تم ديتها دية اليد، خمسون من الإبل، يقول: "وذلك أن خمس الأصابع إذا قطعت كان عقلها عقل الكف" يعني ديتها دية اليد خمسين من الإبل نصف الدية؛ لأن في الإنسان يدين، وكل ما في الإنسان منه شيئان فإنه يكون لكل واحد منهما نصف الدية "خمسين من الإبل في كل أصبع عشرة من الإبل" يعني على ما تقدم في حديث عمرو بن حزم.

"قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار في كل أنملة" لأن كل أصبع فيه ثلاث أنامل، فيكون عندنا ثلاثون أنملة، إذا قسمت الألف دينار على الثلاثين أنملة يخرج الناتج لكل أنملة ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار "وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث فريضة" لأنك إذا قسمت المائة من الإبل على الثلاثين صار الناتج ثلاث وثلاثين وثلث فريضة، نعم؟

طالب:.......

وش فيها؟

طالب:.......

لا، قول سعيد: "من السنة" يدل على أنه مرفوع، يبقى النظر في سعيد، ما أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لذلك لو قال الصحابي: من السنة انتهى الإشكال، مرفوع متصل.

قول الصحابي من السنة أو
بعد النبي قاله بأعصرِ

 

نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
 ..................................

ولو بعد سنين طويلة، فلو قال الصحابي في عهد معاوية مثلاً -رضي الله عن الجميع-: من السنة هل نقول: سنة معاوية وإلا سنة علي وإلا سنة..؟ لا، سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولو تأخر قوله: من السنة، فإذا قال سعيد: من السنة يعني سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في خبر سالم، يعني في قصة ابن عمر مع الحجاج، قال: إذا أردت السنة أو أردت أن تصيب السنة فهجر بالصلاة، يعني يوم عرفة، إذا أردت أن تصيب السنة، فقال سالم: وهل يريدون بالسنة إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما يريدون في بيان الأحكام إذا قرن لفظ السنة في بيان حكم شرعي، فالمراد سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك النظر في مراسيل سعيد مع غيره، نعم؟

طالب:.......

وش هو؟

طالب:.......

وش فيها؟

يعني هي أنملتان وإلا ثلاث؟ على حسابهم يبونها ثلاث.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

إيه معروف، هو الواقع، لكن على حسابهم يبونها ثلاث، إلا إذا كانوا يريدون الحكم في هذا الإطلاق للغالب، فالغالب أن الثمانية ثلاثة والاثنين اثنتين، نعم.

أحسن الله إليك

باب: جامع عقل الأسنان

حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل.

وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في الأضراس ببعير بعير، وقضى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تعالى عنهما- في الأضراس بخمسة أبعرة.

قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وتزيد في قضاء معاوية -رضي الله تعالى عنه-، فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين، فتلك الدية سواء، وكل مجتهد مأجور.

وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: إذا أصيبت السن فأسودت ففيها عقلها تاماً، فإن طرحت بعد أن أسودت ففيها عقلها أيضاً تاماً.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع عقل الأسنان

الأسنان تقدم في حديث عمرو بن حزم أن في السن كم؟ خمس من الإبل، ولذلك يقول: "وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل، وفي السن خمس" ما جاء في المرفوع مفروغ منه، في السن خمس، فماذا عن ما قضى به عمر بن الخطاب ومعاوية وسعيد؟

يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب قضى في الضرس بجمل" الضرس حكمه حكم السن، ومنهم من يقول: هو أشد من السن؛ لأن قلعه أكثر أثراً في الفك، ومنهم من يقول: لا السن يجمع بين كونه الحاجة إليه داعية كالحاجة إلى الضرس، أيضاً مسألة المنظر والشكل؛ لأنهم يقيمون لها وزن هذه الأمور كما تقدم في العين القائمة، وكما سيأتي في السن إذا أسود، نعم يتشوه الشكل إذا أجتث السن بخلاف ما إذا قلع الضرس، فتتفاوت هذه عن هذه، والأصل أن الجميع سواء، كما جاء في حديث عمرو بن حزم، وأن في السن خمس من الإبل، اجتهاد عمر -رضي الله عنه- أن هذا في الأسنان فقط، وأما الأضراس فلا تدخل في حديث عمرو بن حزم، ولذا قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضِلَع بجمل "قضى في الضرس بجمل" والأصل أن يكون في الضرس كالسن خمس.

الترقوة بجمل، والترقوة هذه العظم الذي بين النحر وبين الكتف "وفي الترقوة بجمل، وفي الضِلَع" الأضلاع هذه التي هي قفص الصدر "كل ضلع بجمل" قد يقول قائل: إن هذه أمور يسيرة فكيف تقابل أعضاء الإنسان بمثل هذه الأقيام؟ كيف تقابل؟ يعني يأتي شخص إلى ترقوة إنسان ويعطيه جمل ويمشي، أو يكسر فيه ضلع ويقول: يكفيه جمل وانتهى، هذا في الخطأ، وإذا كانت الدية خطأ مائة من الإبل، فلا يعني أنها في العمد كذلك، إذا أريد إزهاق النفس، ونُظر إلى أن هذا أزهق نفس إنسان بغير حق، فتزهق نفسه في مقابل ذلك، يعني ليست المسألة معاوضة، لكن الحكم الشرعي لا بد أن ينضبط، ويكون هناك مرجع، وإلا لو نظرنا إلى مثل هذا النظر لقلنا: إن بعض الرجال...

طالب:.......

الناس ألف منهم كواحد
 

 

وواحد كالألف إن أمر عني

يعني هذا يسوى مليون من الإبل، وهذا ما يسوى ولا ناقة واحدة بعض الناس، لكن لا بد من ضابط، الناس أمام التشريع العام سواسية، وفي النساء يقول الشاعر:

منهن من تسوى ثمانين بكرة

 

ومنهن من هي غالية بقيد قعود
 
ج

 

صحيح، الناس يتفاوتون، والواقع يشهد بهذا، لكن هناك تشريع عام يعني لو ترك الأمر للاجتهادات ما انضبطت الأمور، لكن لا بد من التحديد في مثل هذا، تجد فطرة أغلى الناس مثل الرجل الفقير العادي صاع؛ لأن هذه أمور عامة لا بد من ضبطها للجميع، ولو ترك المجال للاجتهادات فقال: هذا يفطر بتريلة، وهذا يفطر بصاع، وهذا يفطر بمد، ما تنضبط الأمور، فلا تنضبط أمور الشرع إلا بمثل هذا، كون الإنسان يعني غالي عند نفسه، أو عند قومه، أو عند عشيرته، أو حتى في ميزان الشرع لو كان أعلم الناس وأعبد الناس ما اختلف عن أفسق الناس في مثل هذه الأمور؛ لأن هذه الأمور لا بد أن يصدر فيها نظام يسع الجميع، وليست معاوضة، يعني لو أن الإنسان دهس له ولد ليفديه بالدنيا كلها، لكن هذا الشرع، وليس الشرع بالعقل، نعم الشرع لا ينافي العقل، ولا يأتي بالمستحيل، وإنما يأتي بالمحير، يعني الذي ما يدركه كثير من العقول، وإن كان موافقاً للعقل، فالعقل الصريح لا يناقض النقل الصحيح.

"وفي الضلع بجمل" يقول: سهل ما دام جمل أكسر به ضلع وخلاص، خله يون كل الليل والأمر سهل، إذا كان بينك وبينه عداوة، نقول: لا يا أخي أنت متعمد أنت {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] وإذا أردت أن تفدي ضلعك (يا الله) قدم، إلى أن يرضى المعتدى عليه، لكن المسألة في الخطأ التي لا يد للإنسان فيه.

"وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر بن الخطاب في الأضراس ببعير بعير" كأنه يرى الفرق بين الأضراس والأسنان؛ لأن الأسنان لها أثر في الشكل والمنظر، بخلاف الأضراس، مع أن الأضراس بالنسبة للأكل أهم من الأسنان، نعم "وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة" ولعل هذا هو الموافق للمرفوع، قد يقول قائل: قضاء عمر ملزم؛ لأنه خليفة راشد أمرنا بالاهتداء بهديه، والاستنان بسنته ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) نقول: نعم صحيح، هذا كلام صحيح إلا إذا كان معارضاً بنص، بنص مرفوع، فلا كلام لأحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام-.

"وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة.

قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر، وتزيد في قضاء معاوية" كيف تزيد في قضاء معاوية؟

طالب:.......

تزيد عن الدية الكاملة أو لا؟ نعم؟

قول عمر ما فيه إشكال؛ لأنه لو اعتبرنا الأسنان مع الأضراس ثلاثين فكان فيه ثلاثين من الإبل جميع الفم، وإذا نظرنا إليها فثلاثين في قضاء معاوية تصير مائة وخمسين من الإبل أكثر من الدية، لكن جعل لها الخمس باعتبار المتوسط، يعني متوسط الناس بين الشيخ والكبير وبين الطفل الصغير المتوسط عشرين، فنظر إلى هذا المتوسط "وتزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين" يعني متوسط بين قضاء عمر وبين قضاء معاوية، والمعول في ذلك كله على المرفوع، فإذا وجد المرفوع فلا كلام لأحد.

"فتلك الدية سواء، وكل مجتهد مأجور" كل مجتهد إذا كان أهلاً للاجتهاد، يعني توفرت فيه آلات الاجتهاد، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وعلى كل حال هو مأجور، وبعض الناس يقول: كل مجتهد مصيب، فإن كان مراده إصابة الحق فالحق واحد لا يتعدد، وإن كان مراده إصابة الأجر فالكلام صحيح. "وكل مجتهد مأجور".

"وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: إذا أصيبت السن فأسودت ففيها عقلها تاماً خمس من الإبل" ضربه بحصاة صغيرة ما كسرت السن، لكن السن أسودت، ترون بعض الأسنان سود بسبب ضربة أو شبهها، هذا غير الاصفرار الذي يكون بسبب المأكولات، وبسبب الأبخرة التي تتصاعد من المعدة، وبسبب إهمال التنظيف أحياناً، وبسبب بعض أنواع الماء، بعض أنواع الماء تسبب صفار للأسنان، هذه ما لها أثر، لكن الإشكال في الضربة التي تؤثر السواد، فيكون لون السن أسود، يقول: "فيها عقلها تاماً خمس من الإبل، فإن طرحت بعد ذلك" يعني اعتدى عليها ثاني، شخص آخر اعتدى عليها فسقطت، ففيها عقلها أيضاً تاماً، لماذا؟ لماذا لا يقال هذه مثل العين؟ أصيبت فانطفأ نورها، وصارت لا تبصر، ثم أصيبت ثانية فتشوه شكلها، الآن السن يحتاج إلى ديتين، هل نقول: إن العين في هذه الحالة تحتاج إلى ديتين؟ أو نقول: البصر له نصيب والشكل له نصيب على ما تقدم؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

الأصل فيها البصر، لكن تقدم لنا في كلام زيد أنها إذا أصيبت وذهب ضوءها، وبقيت قائمة مائة من الإبل، ما في خمسمائة، تقدم في الدرس الأول، ولو كانت قائمة ولا بصر فيها، ثم أعتدي عليها فتشوه شكلها لا شك أنه يضمن، وهذا له شأن، لكن كيف يكون في السن الواحدة أكثر من عقل تام فيما إذا أسودت ثم طرحت؟ طالب:.......

يستفاد منها، طيب لكن أليس للشكل والمنظر كالعين القائمة له نصيب؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

لا ما فيها نصف الدية وهي قائمة، بقدرها، على ما تقدم في الدرس السابق.

طالب:.......

لكن أنت إذا قلت: إن البصر له نصف الدية، اعتدى وأذهب البصر، ضربه ضربة أذهبت بصره، نعم، وما زالت العين قائمة، من شافه قال: ما شاء الله هذا يشوف، نعم يبصر، الثاني الذي اعتدى عليه مرة ثانية وش مصيره؟ حتى ذهب جمال العينين؟ يترك؟ نقول: هذا مستوفي نصيبه؟ لا ما يترك، فكل شيء بحسبه، وهنا يقول: "فإن طرحت بعد أن تسود ففيها عقلها أيضاً تاماً" وهذا اجتهاد من سعيد -رحمه الله-، ولو اجتهد مجتهد وقال: ما دام أسودت يؤخذ منه بقدرها، ثم إذا قلعت بعد ذلك تكمل لما بُعد، نعم.

أحسن الله إليك

باب: العمل في عقل الأسنان

حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- يسأله ماذا في الضرس؟ فقال عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: فيه خمس من الإبل، قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فقال: أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟ فقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء.

وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه كان يسوي بين الأسنان في العقل، ولا يفضل بعضها على بعض.

قال مالك: والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس والأنياب عقلها سواء، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في السن خمس من الإبل)) والضرس سن من الأسنان، لا يفضل بعضها على بعض.

نعم؟

طالب:.......

صحيح.

طالب:.......

بعير واحد.

طالب:.......

لا لا هذا ما فيه اجتهاد، المرجح ما جاء في النص المرفوع، خمس من الإبل وانتهى الإشكال، لكن قد يقال مثلاً: إن الاجتهاد قد يدخل في أسنان شخص، أسنانه آيلة إلى السقوط مثلاً، يعني شخص بيطيح سنه مثلاً، يتحرك، ثم بعد ذلك واحد........ عليه وسقط، هل يعتبر مثل السن الراسي خمس من الإبل؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

بلا شك هذا مفروغ منه هذا.

طالب:.......

هو ما فيه، إما أن يقال: إنه ما بلغه وهذا احتمال، الأمر الثاني: أن يقال: إنه في الأسنان لا في الأضراس، واجتهاد عمر في الأضراس، يعني هل اجتهاد مثل هذا سائغ ووقف مع النص؟ قال: الأسنان، السن خمس من الإبل، وهذا ليس بسن، هذا ضرس.

طالب:.......

إذا كان ليس بقطعي الدلالة على الموضوع هذا فيه اجتهاد، إذا كان ليس ثبوته فيه نظر مثلاً، يعني للاجتهاد مجال في إثباته ونفيه من جهة، نعم إذا كان الأمر يحتمل الثبوت وعدمه، يجتهد المجتهد في الإثبات وعدمه، ثم إذا ثبت ينظر في دلالته على المراد فيها احتمال أو ما فيها احتمال، إن ما فيها احتمال لا مجال للاجتهاد.

طالب:.......

نعم ما فيه اجتهاد، خلاص انقطع الكلام، يعني ((ارفعوا عن بطن عرنة)) المالكية يقولون: بطن عرنة من عرفة، لماذا؟ الجمهور على أنها ليست من عرفة لهذا الحديث، والمالكية يقولون: من عرفة لهذا الحديث، لماذا؟ لأنه ما قال: ارفعوا من مزدلفة، ارفعوا من منى، لو لم تكن منها ما نهى عن الوقوف فيها، فإذا كان اللفظ يحتمل، نعم للاجتهاد فيه مجال ممكن، يبقى راجح ومرجوح هذا محل الإصابة والخطأ، والكل مأجور.

طالب:.......

هو الأصل الشائع المشهور عند أهل العلم مسيب، بالفتح، لكن إن ثبتت دعوته أنه كان يكره التسييب؛ لأن المسيب اسم مفعول، وذكر عنه أنه كان يقول: "سيب الله من سيب أبي" على كل حال الأمر فيه سعة.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: العمل في عقل الأسنان

"وحدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أنه أخبره أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس؟ فقال عبد الله بن عباس: فيه خمس من الإبل" يعني على مقتضى ما جاء في حديث عمرو بن حزم "قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس، فقال: أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟" الذي يبين للناس، ويرى مثل الأضراس؟ يعني هل مقدم الرأس مثل مؤخر الرأس؟ هل الوجه مثل القفا؟ يختلف لا شك، لكن هذا لا شك أنه اجتهاد في مقابل نص، يعني لو لم يرد نص وصارت المسألة اجتهادية لكان لهذا النظر مجال، لكن ما دام فيه نص ما فيه إشكال.

"وقال عبد الله بن عباس: فيه خمس من الإبل، قال: فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال: أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟ فقال عبد الله بن عباس: لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء" يعني السبابة التي تشير إلى التوحيد مثل الخنصر، نعم، ولا شك أن بعض الأصابع أنفع من بعض، يعني في الكتابة مثلاً السبابة أنفع من الخنصر، وفي كثير من الأمور بعضها أنفع من بعض، وعلى كل حال هي سواء، ومثل ما قلنا: إذا أردنا أن نخضع لكل شيء، لكل تفصيل، لكل جزئية من الجزيئات حكم خاص ما انتهت الشريعة، ولا ما أحيط بها، لكنها مع هذا الإجمال تنضبط الأمور.

"فقال عبد الله بن عباس: لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع كان عقلها سواء".

"وحدثني يحيى عن مالك عن هشام عن عروة عن أبيه أنه كان يسوي بين الأسنان في العقل، ولا يفضل بعضها على بعض" يبقى النظر فيما أشرنا إليه، وهو أنه إذا كان السن آيل للسقوط، فضربه إنسان وسقط، هل نقول: إنه لا فرق؟ بدليل أن الإنسان لو كان آيلاً للموت، العلامات بدأت تظهر، لكن الروح ما خرجت، فاعتدى عليه أحد فقتله، هل نقول: هدر؟ لأنه يبي يموت؟ لا، ما يهدر، فيمكن أن يكون هذا مثله، نعم؟

طالب:.......

أنت افترض أن هذا الإنسان حاول أن يقلع سنه؛ لأنه آذاه بالحركة فما استطاع أو خاف، بعض الناس ما يجرؤ إلى أن يقلع السن، فجاء واحد ضربه فسقط، هل له أن يطالبه؟ ليس له ذلك، أو نقول: هذا محسن؟ طالب:.......

له أن يطالب أو ليس له؟ لأنه بغير إذنه، لو كان بإذنه ما احتاج يطالب.

"أنه كان يسوي بين الأسنان، ولا يفضل بعضها على بعض".

"قال مالك: والأمر عندنا أن مقدم الفم والأضراس والأنياب عقلها سواء" لأنه جاءت مجملة في حديث عمرو بن حزم "وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في السن خمس من الإبل)) والضرس سن من الأسنان، لا يفضل بعضها على بعض".

نعم.

أحسن الله إليك

باب: ما جاء في دية جراح العبد

وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان في موضحة العبد نصف عشر ثمنه.

وحدثني مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح أن على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد.

قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا أن في موضحة العبد نصف عشر ثمنه، وفي منقلته العشر، ونصف العشر من ثمنه، وفي مأمومته وجائفته، وفي كل واحد منهما ثلث ثمنه، وفيما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه، يُنظر في ذلك بعد ما يصح العبد ويبرأ كم بين قيمة العبد بعد أن أصابه الجرح، وقيمته صحيحاً قبل أن يصيبه هذا؟ ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين.

قال مالك -رحمه الله- في العبد إذا كُسرت يده أو رجله، ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء، فإن أصاب كسره ذلك نقص أو عثل كان على من أصابه قدر ما نقص من ثمن العبد.

قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك كهيئة قصاص الأحرار نفس الأمة بنفس العبد، وجرحها بجرحه، فإذا قتل العبد عبداً عمداً خيّر سيد العبد المقتول فإن شاء قتل، وإن شاء خذ العقل، فإن أخذ العقل أخذ قيمة عبده، وإن شاء رب العبد القاتل أن يعطي ثمن العبد المقتول فعل، وإن شاء أسلم عبده فإذا أسلمه فليس عليه غير ذلك، وليس لرب العبد المقتول إذا أخذ العبد القاتل، ورضي به أن يقتله، وذلك في القصاص كله بين العبيد في قطع اليد والرجل وأشباه ذلك بمنزلته في القتل.

قال مالك في العبد المسلم يجرح اليهوي أو النصراني: إن سيد العبد إن شاء أن يعقل عنه ما قد أصاب فعل أو أسلمه فيباع فيعطي اليهودي أو النصراني من ثمن العبد دية جرحه أو ثمنه أو ثمنه كله إن أحاط بثمنه، ولا يُعطي اليهودي ولا النصراني عبداً مسلماً.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في دية جراح العبد

يعني ما تقدم في عقل الحر، وهذا في دية جراح العبد.

قال: "وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان: في موضحة العبد نصف عشر ثمنه" لأن موضحة الحر خمس من الإبل، وهي نصف العشر بالنسبة لديته، والعبد ليس له دية، إنما له القيمة، له القيمة وليس فيه الدية، فنصف عشر ثمنه إذا قدر أنه بعشرة آلاف فنصف العشر خمسمائة، الموضحة خمسمائة، وإذا قدر أنه يقوم بمائة ألف، فنصف العشر خمسة آلاف، وهكذا بالحساب، قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح أن على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد" الأرش، الفرق بين القيمة مع السلامة مع القيمة مع العيب والنقص، فيقوم سليم بعشرة آلاف، ويقوم معيب بثمانية آلاف، يكون القدر ألفين، يؤخذ من الجاني ألفين، وهذا يفعلونه في السلع كلها، إذا اعتدى عليها أحد فتقوم سليمة وتقوم معيبة، لو أن إنساناً اعتدى على سيارة شخص، ثم بعد ذلك حصل فيها خلل وعيب، لا شك أن لصاحبها الأرش، الأرش بين قيمتها سالمة، وبين قيمتها معيبة، وما يقضى به في بعض الحالات من إصلاح العيب فقط ليس هو الحكم الشرعي؛ لأن السيارة قد تكون بمائة ألف، يعتدى عليها بجناية تصلح بثلاثة آلاف، يقول: لك ثلاثة آلاف، اذهب إلى ثلاث ورش وثمن، وقال واحد: خمس، وقال واحد: ألفين، يعني لك المتوسط، أو قالت ورشة: خمسة آلاف، والثانية قالت: أربعة، والثالثة قالت: ثلاثة، لك المتوسط، أربعة آلاف، ثم إذا عرضها في السوق بدلاً من أن تستحق مائة ألف تجيب ثمانين بعد الصدمة، لا شك أن له الأرش، عشرين ألف، فرق بين قيمتها سليمة، وبين قيمتها معيبة.

"أن على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد" قد يقول قائل: العبد مخلوق إنسان له حقوقه، والآن يوجد من يدافع بقوة عن إنسانيته، بغض النظر عن موافقة الشرع ومخالفة الشرع، بل وجد من بعض الدول كما سمعنا في الأخبار أنها الآن تعامل القردة معاملة الإنسان، لا شك أن العبد نفس، ومسلمة لها حقوقها، لا يجوز الاعتداء عليها، لكنها في ميزان الشرع الرق نقص حكمي، سببه الكفر، فلا شك أن لهذا أثر في الشرع، لكن ليس محبباً للشرع، يعني الرق ليس بالأمر المحبب، المحبب لدى الشارع العتق، ولذا جعله كفارة لكثير من الأمور، فالشارع يتشوف للعتق، لكنه مع ذلك الرق حكم شرعي ثابت لا يُرفع ولا يرتفع إلا بحكم شرعي آخر، نعم الشرع يتشوف لعتق، لكنه لا يلزم به إلا من وجب عليه.

جعل هذا العبد وهو إنسان له نفسيته، وله مشاعره كالسلع التي تباع وتشترى هذا لا اعتراض عليه، هذا من الشارع، والعلماء حينما جعلوه بمثابة السلع لا بمثابة الحر أعملوا فيه قياس الشبه، فنظروا في أكثر الأحكام المتعلقة به، هل تشبه الأحكام المتعلقة بالإنسان، أو تشبه الأحكام المتعلقة بالسلع التي تباع وتشترى؟ فرأوا أن الذي يجمعها أنها تباع وتشترى، بغض النظر عن مشاعره ونفسيته، وليس هذا بظلم من الشارع، هو الجاني على نفسه، أو أبوه الجاني عليه، أو جده الجاني عليه، مع أنه هذا حكم الشرع، والشرع قد يكون لهذا الشخص بعينه الرق أفضل له من الحرية، ولذا وجد على مر العصور في تاريخ الإسلام من يحرر ويرفض، وفي الكتابة اشترط {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] لأن بعض الناس عالة، كونه يبقى رقيق أفضل له من أن يحرر فيضيع؛ لأنه مع وجود هذا..، مما يعتبر في بادي الرأي هضم لهذا الحق، فيه أيضاً رفعة من جوانب، وهو أن النفقة عليه واجبة، كفالته واجبة، نفقته، مسكنه، ملبسه، حقوقه كاملة في الشرع، ولا اعتراض؛ لأن هذا الشرع جاء من الخالق البصير العالم العليم الخبير بما يصلح الناس في أمور دينهم ودنياهم.

"قال مالك: والأمر عندنا أن في موضحة العبد نصف عشر ثمنه؛ لأنها بالنسبة للحر نصف عشر الدية خمس من الإبل، وفي منقلته" الجناية الموضحة التي توضح العظم، تكشط الجلد مع اللحم، وتوضح العظم، وفي المنقلة وهي أشد ينتقل معها بعض العظام عن مكانه "وفي منقلته العشر ونصف العشر من ثمنه" العشر ونصف العشر، يعني خمسة عشر من الإبل بالنسبة للحر، وبالنسبة للعبد إذا قدرنا قيمته بعشرة آلاف قلنا: ألف وخمسمائة "وفي مأمومته وجائفته" التي تخترق العظم وتؤم الدماغ، أو تصل إلى الجوف "في كل واحدة منهما ثلث ثمنه؛ لأنهما في الحر ثلث الدية، وفي ما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد مما نقص من ثمنه" الذي ينقص من ثمنه يكون هو قيمة هذه الجناية "ينظر في ذلك بعد ما يصح العبد ويبرأ، كم بين قيمة العبد بعد أن أصابه الجرح وقيمته صحيحاً قبل أن يصيبه هذا، ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين" افترضنا أن شخصاً اعتدى على حر وكسر رجله، ثم بعد ذلك أدخل المستشفى وعولج وبرئ وعادت كما هي، أو اعتدى على عبد فكسر يده، ثم عولج وعادت اليد كما هي؛ لأنه يقول: "يُنظر في ذلك بعد ما يصح العبد ويبرأ كم بين قيمته بعد ما أصابه الجرح وقيمته صحيحاً قبل أن يصيبه هذا" إذا عاد كما هو ما بين قيمته شيء "ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين" يعني إن وجد فرق يغرم.

"قال مالك: وفي العبد إذا كسرت يده أو رجله ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء" يعني يقال له: اذهب توكل على الله ما عليك شيء؟ وهذا جلس في المستشفى، وتعطل مدة طويلة عن خدمة سيده، وأصيب من الآلام ما أصيب به، نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

طيب نفقة على العلاج، لكن ماذا وراء ذلك غير العلاج الآن؟ الآن حق السيد ضاع، وآلام العبد أيضاً ذهبت هدراً، هذا بالنسبة للأمور المقدرة ما في شيء، يعني ما يقال: والله كسر رجله والرجل فيها نصف الدية يدفع نصف الدية أو نصف القيمة، لا، لكن تقوم هذه الجناية، وما تأثر، والآثار المترتبة عليها أيضاً تقوم، ثم يكلف بدفعها.

"قال مالك في العبد إذا كسرت يده أو رجله ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء، فإن أصاب كسره ذلك نقص أو عثل" خلل ما عاد العضو كما كان، تشويه "أو ما أشبه ذلك كان على من أصابه قدر ما نقص من ثمن العبد" يعني الأرش.

"قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك" يعني مملوك اعتدى على مملوك، انتهينا من الحر يعتدي على مملوك، الآن مملوك يعتدي على مملوك، في العبد إيش..؟ "قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك كهيئة قصاص الأحرار نفس الأمة بنفس العبد" النفس بالنفس "وجرحها بجرحه، فإذا قتل العبد عبداً عمداً خير سيد العبد المقتول فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ العقل" يعني القيمة "فإن أخذ العقل أخذ -قيمة العبد- أخذ قيمة عبده، وإن شاء رب العبد القاتل أن يعطي ثمن العبد المقتول فعل، وإن شاء أسلم عبده" يعني لو كانت القيمة أكثر من قيمة العبد القاتل، قيمة المقتول عشرون ألفاً، وقيمة العبد القاتل عشرة، هل يلزم سيد القاتل أن يدفع عشرين؟ أو يقول: غاية ما هنالك أن يدفع العبد؟ يعني له نظائر تقدمت في الأبواب السابقة.

"إن شاء أن يعطي ثمن العبد المقتول فعل، وإن شاء أسلم عبده" لا سيما إذا كانت قيمته أقل من قيمة العبد المقتول "فإذا أسلمه فليس له غير ذلك" يعني لا يجمع له بين أكثر من مصيبة، يعني يفقد العبد، ويفقد أيضاً معه شيء من المال "فإذا أسله فليس عليه غير ذلك، وليس لرب العبد المقتول إذا أخذ العبد القاتل، ورضي به أن يقتله" لماذا؟ لأنه تنازل عن القصاص، فليس له أن يعود إليه "وذلك في القصاص كله بين العبيد في قطع اليد والرجل وأشباه ذلك بمنزلته في القتل".

"قال مالك في العبد المسلم يجرح اليهودي أو النصراني أن سيد العبد إن شاء أن يعقل عنه ما قد أصاب فعل أو أسلمه فيباع" ما يملكه اليهودي ولا النصراني؛ لأن الله -جل وعلا- لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً، يقول: "فيباع، فيعطي اليهودي أو النصراني من ثمن العبد دية جرحه" أو ثمنه كله إذا كانت تستوعب الثمن كاملاً "إن أحاط بثمنه، ولا يعطي اليهودي ولا النصراني عبداً مسلماً" لا يجوز أن يستولي الكافر على المسلم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ولو كان رقيقاً، فلا بد حينئذٍ من تخليصه، نعم؟

طالب:.......

إيش لون؟

طالب:.......

قيمة، هي لن تتعدى قيمته، فيها الأرش وما نقص...

طالب:.......

إيه، ينظر فيما نقص، قيمتها لما كان صحيحاً، وبين قيمته لما صار معيباً، فيؤخذ الفرق بين القيمتين، في وقتها، وينظر فيه حتى يبرأ، ثم ينظر فيه.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

ما يلزم، إذا دفع العبد ما عليه شيء، وتقدم هذا.

اقرأ.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في دية أهل الذمة

وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- قضى أن دية اليهودي أو النصراني إذا قتل أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم.

قال مالك: الأمر عندنا أن لا يقتل مسلم بكافر إلا أن يقتله مسلم قتل غيلة فيقتل به.

وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار كان يقول: دية المجوسي ثمانمائة درهم. قال مالك: وهو الأمر عندنا.

قال مالك: وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين في دياتهم، الموضحة نصف عشر ديته، والمأمومة ثلث ديته، والجائفة ثلث ديته، فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في دية أهل الذمة

أهل الذمة هم أهل الكتاب الذي يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون، ويلحق بهم من له شبه كتاب كالمجوس، ومنهم من يقول: إن الجزية يمكن أن تؤخذ من جميع المخالفين حتى المشركين، وعلى كل حال المقرر والمرجح أن الجزية إنما تؤخذ من أهل الكتاب، وأن الخيار بين أن يسلموا أو يدفعوا الجزية أو يقاتلون.

طالب: المجوس؟

المجوس ملحقون بهم، وأما غيرهم فليس فيهم إلا الإسلام أو القتل.

طالب:.......

المسألة هذا حق إن قدر عليه أخذ، وإن عجز عنه ترك، نعم؟

طالب:.......

على كل حال إن قدر عليه أخذ، وإن عجز عنه ترك، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، يعني وضع الأمة الآن ما يخفاك.

طالب:.......

على كل حال إحنا نقرر كلام أهل العلم، والواقع ينحل -إن شاء الله-.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى أن دية اليهوي أو النصراني إذا قتل أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم" وهذا قول معروف عند أهل العلم، وهو المرجح، وإن كان من أهل العلم من يرى أن دية الكتابي مثل دية المسلم.

"قال مالك: الأمر عندنا أن لا يقتل مسلم بكافر" وجاء به النص "وأن لا يقتل مسلم بكافر إلا أن يقتله مسلم قتل غيلة فيقتل به" يعني يقتل تعزيراً لا حداً، يقتل به تعزيراً.

قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار كان يقول: دية المجوسي ثمانمائة درهم".

"قال مالك: وهو الأمر عندنا" وعلى هذا على قول الإمام مالك، وما أفتى به سليمان بن يسار، وهو من الفقهاء السبعة أن المجوس غير ملحقين بأهل الكتاب بالدية، وإن كانوا ملحقين بهم في إبقائهم مع الجزية.

"قال مالك: وهو الأمر عندنا" يعني إذا ألحق المجوس بأهل الكتاب في أخذ الجزية، وزيادة هذا الخيار على غيرهم من أهل الشرك، فإن هذا لا يعني أنهم يلحقون بهم من كل وجه، ولا شك أنهم يختلفون في كثير من الأحكام، طعام المجوس حل لنا، نعم؟ لا، طعام أهل الكتاب حل لنا، نساء أهل الكتاب حل لنا، لكن نساء المجوس لا، فهناك أحكام يتفقون فيها مع أهل الكتاب، وأحكام يختلفون فيها معهم، نعم؟

طالب:.......

المسألة مسألة اجتهادية وتعزير وليست بحكم، تعزير هذا، يعني إذا أدى مثل هذا إلى اختلال أمن أو ما أشبه ذلك الإمام له يعني بالنظر للمصلحة العليا، المصلحة العامة.

"قال مالك: وهو الأمر عندنا".

"قال مالك: وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين" يعني يعاملون كأنهم..، مثل ما يعامل المسلم إلا أنه في السقف على النصف منه، أو ديته ثمانمائة درهم، فيحاسب على هذا، "فالموضحة نصف عشر ديته" نصف عشر دية اليهودي، يعني ربع عشر دية مسلم، إذا قلنا: على النصف، "والمأمومة ثلث ديته" يعني سدس دية مسلم "والجائفة ثلث ديته" وتعادل سدس دية مسلم "فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها".

 

اللهم صل على محمد....

"