التعليق على الموافقات (1434) - 11

نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- إتمامًا للمسألة الثالثة: "وأما الرابع، فإنما وقع".

"الثالث"، "الثالث".

طالب: أظن ذكرناه، "وأما الثالث، فسيأتي الجواب عنه في المسألة بعد هذا إن شاء الله".

يعني بـ"المسألة" أيش؟ الرابعة.

طالب: نعم.

ونظرًا لطول العهد، فالشيخ عابد- جزاه الله خيرًا- لخص لنا الوجوه التي أوردها من أوردها على كلام المؤلف، ثم أخذ المؤلف -رحمه الله- يناقشها، يقول: فإن قيل: إن السنة راجعة إلى الكتاب وإلا التوقف عن قبولها غير صحيح من أوجه، السنة راجعة إلى الكتاب وإلا التوقف عن قبولها غير صحيح من أوجه:

 الأول: أن ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- فهو لاحق في الحكم، فلا بد أن يكون زائدًا عليه، وأجاب عنه المؤلف بقوله: السنة بيان للكتاب، والزيادة هي زيادة الشرح على المشروح، وبينا هذا فيما تقدم.

 الوجه الثاني: الأحاديث الدالة على ذم ترك السنة واتباع الكتاب، أجيب عنه، وإما أن يكون زيادة معنى آخر، وهذا جواب الثاني كما يظهر من البيان ما لم يظهر من المبيَّن {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72]، المبيَّن {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] والبيان بقوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، ويتجه الذم لمن اقتصر على الكتاب، وترك العمل بالسنة، من جهة أنه كيف يقيم الصلاة دون أن يعمل بالسنة.

 يقول: الثالث: الاستقراء، ودل على أن في السنة أشياء لا تُحصى لم يُنص عليها بالقرآن، وهو الذي قال عنه المؤلف: "سيأتي الجواب عنه في المسألة بعدها إن شاء الله تعالى". والرابع: أن الاقتصار على الكتاب رأي قوم لا خلاق لهم، يعني الخوارج، والجواب عنه... "وأما الرابع".

طالب: "وأما الرابع، فإنما وقع الخروج عن السنة في أولئك؛ لمكان إعمالهم الرأي واطراحهم السنن".

نعم. السنة صعبت على أهل البدع أن يحفظوها، وأن يتحفظوها، وأن يعملوا بها؛ لأن القرآن بين الدفتين يمكن حفظه، الزهري حفظه في ثمانين يومًا، ومنهم حتى من المعاصرين من حفظه في ثلاثة أشهر، وفي أقل وفي أكثر، يعني حفظه والإحاطة به ميسورة، والله- جل وعلا- يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]، يعني سهل. لكن السنة، الذي يحفظ ألف ألف، والذي يحفظ سبعمائة ألف، والذي يحفظ كذا وكذا، ولا يبرع في السنة إلا من كثر حفظه، وأدام النظر فيها؛ هذا صعب، فعدلوا عن حفظها إلى أن قالوا ليست بلازمة، خلاص بيننا وبينك كتاب الله، والسنة غير لازمة. ولكل قوم وارث: يوجد أناس يُسمون أنفسهم بالقرآنيين لا يلتفتون إلى ما جاء في السنة، ويرفعون راية: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وهي كلمة حق أريد بها باطل. ومنهم من تكايس وقال: أنا أعمل بالسنة، لكن نقتصر على الصحيحين؛ لأن الكتب الأخرى فيها ضعيف كثير، وقل أن يوجد حديث صحيح لا يوجد في الصحيحين. وهذا قول قيل به في القدم، ابن الأخرم نقل عنه الأئمة في كتب علوم الحديث أنه قال: ما يوجد خارج الصحيحين إلا نادر..

 وقل ما فاتهما، وقل عند ابن الأخرم ما فاتهما أيش؟

ورُد، المقصود أنه مردود.

 ورُد لكن قال يحيى البر         لم يفت الخمسة إلا النذر

 يحيى النووي قال: لم يفت الخمسة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من الأحاديث الصحيحة إلا النذر، قليل يعني. ابن الأخرم يرى أنه الصحيحين ما فاتهما إلا الشيء القليل، فيعتنى بالصحيحين مع القرآن والشيء القليل يؤخذ من غيرها. وألف في الموضوع تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين، توفي المؤلف منذ أكثر من ثلاثين عامًا -رحمة الله عليه- وهو معروف بالعلم والعمل والزهد، لكن هفوة، زلة كبيرة؛ لأنه يصفو من السنة الأربعة، والمسانيد والجوامع وغيرها من دواوين الإسلام من الصحيح الشيء الكثير.

على كل حال: هذا أسهل ممن يقول بنبذ السنة بالكلية، وإن كان فيه تضييع لكثير مما ثبت من السنة. النووي -رحمه الله- يقول: لم يفت الخمسة إلا النذر، البخاري، مسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ولم يضف إليها ابن ماجة، وجمع ابن الأثير في جامع الأصول هذه الكتب الأصول الخمسة، وأضاف إليها الموطأ، ثم جاء من جاء، ابن طاهر ومن بعده أضافوا بدل الموطأ ابن ماجة.

 ومع ذلك يبقى في صحيح ابن حبان وابن خزيمة ومستدرك الحاكم يصفو أحاديث كثيرة صحيحة. فمثل هذه الإطلاقات لها آثارها. نعم من يقول: أنا عمري لا يستوعب، وفهمي لا يدرك، وحافظتي لا تسعف، أنا سأقتصر على الصحيحين، أنا سأقتصر على كذا. هذا ما يُلام؛ لأنه {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، هو ما يقدر أن يحيط.

 وكان التطاول على الكتب الطوال دربًا من الخيال عند المتأخرين، لكن الآن لما فُتح الباب وولج الناس فيه، واختبروا أنفسهم، ووجدوا عندهم القدرة، الآن نجد من يحفظ زوائد البيهقي وزوائد المستدرك في سنة سنها بعض الموفقين، نسأل الله ألا يحرمهم أجرها، وأجر من عمل بها، وإلا كان من الذي يتطاول إلى المستدرك، الواحد لو شاف حجمه خاف، والبيهقي عشرة أسفار كبار الواحد منها ذراع أو أكثر.

 الناس يقتصرون على البلوغ والعمدة، وإذا تطاولوا إلى المنتقى، والصحيحين تقرأ كذا فقط للبركة في كثير من البلدان، لكن الحمد لله، فُتحت الأبواب وولج أناس، فهو سهل الآن. والأمة فيها خير إلى يوم القيامة. الآن بعد صلاة العشاء جيء لي بزوائد ابن حبان وابن خزيمة والمستدرك في ثلاثة مجلدات من شخص معاصر، جمع المتفق عليه، ثم ذكر زوائد السنن، ثم ذكر زوائد المسند والموطأ والدارمي، ثم جمع زوائد البيهقي، ثم جاء بالزوائد كلها.

 الحمد لله. ففي هذا تقريب للسنة، جزاه الله خيرًا.

طالب: "فإنما وقع الخروج عن السنة في أولئك لمكان إعمالهم الرأي واطراحهم السنن لا من جهة أخرى، وذلك أن السنة كما تبين توضح المجمل، وتقيد المطلق، وتخصص العموم، فتُخرج كثيرًا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة، وتعلم بذلك أن بيان السنة هو مراد الله تعالى من تلك الصيغ، فإذا طُرحت واتُّبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى، صار صاحب هذا النظر ضالاًّ في نظره، جاهلاً بالكتاب، خابطًا في عمياء لا يهتدي إلى الصواب فيها؛ إذ ليس للعقول من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير، وهي في الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل".

نعم. العقول قد تدرك بعض المنافع الدنيوية، تدركها، وقد يخفى عليها الشيء الكثير جدًّا جدًّا، وقد تعمل الدراسات المطولة والمفصلة لجدوى الأعمال الدنيوية، ومع ذلك لا تفلح، وقد تفلح، قد تدرك. لكن من أمور الآخر يدرك بالعقول شيء؟

طالب: لا.

لا يمكن. نعم.

طالب: "وأما ما احتجوا به من الحديث، فإن لم يصح في النقل، فلا حجة به لأحد من الفريقين، وإن صح أو جاء من طريق يُقبل مثله، فلا بد من النظر فيه، فإن الحديث إما وحي من الله صرف، وإما اجتهاد من الرسول -عليه الصلاة والسلام- معتبر بوحي صحيح من كتاب أو سنة، وعلى كلا التقديرين لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. وإذا فرع على القول بجواز الخطأ في حقه، فلا يُقر عليه ألبتة، فلا بد من الرجوع إلى الصواب، والتفريع".

"وإذا فُرِّع".

طالب: "وإذا فُرِّع على القول بجواز الخطأ في حقه، فلا يُقر عليه ألبتة".

يعني كما حصل في فداء الأسرى، قالوا إنه خلاف الأولى، ومع ذلك لم يُقر عليه -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: "والتفريع على القول بنفي الخطأ أولى أن لا يُحكم باجتهاده حكمًا يعارض كتاب الله تعالى ويخالفه. نعم، يجوز أن تأتي السنة بما ليس فيه مخالفة ولا موافقة، بل بما يكون مسكوتًا عنه في القرآن، إلا إذا قام البرهان على خلاف هذا الجائز، وهو الذي تُرجم له في هذه المسألة، فحينئذٍ لا بد في كل حديث من الموافقة لكتاب الله كما صرح به الحديث المذكور، فمعناه صحيح صح سنده أو لا".

لأنه إذا صح ما نسب إليه -عليه الصلاة والسلام-، فلا يمكن أن توجد المعارضة بين ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- وما نزل عنه من ربه -جل وعلا-، كما أن المقرر أنه لا يوجد مناقضة ولا تعارض بين ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- وبين ما يدل عليه العقل الصريح. ولشيح الإسلام كلام نفيس جدًّا في كتابه موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، أو سمه إن شئت: العقل والنقل، وسمه: درء تعارض العقل والنقل، الذي يقول فيه ابن القيم- رحمه الله-:

 واقرأ كتاب العقل والنقل الذي       ما في الوجود له نظير ثاني

 نعم. وأنا أخشى أن يسمع هذا الكلام واحد من أوساط المتعلمين، فيقرأ في هذا الكتاب فيصاب بردة فعل؛ لأن الكتاب فيه صفحات أحيانًا مواضع مائة صفحة، مائتا صفحة مثل الطلاسم لا تُفهم، يعني آحاد المتعلمين ما يُنصح بقراءة مثل هذا الكتاب. يعني مثل من يسمع ثناء الحافظ ابن كثير -رحمه الله- على علل الدارقطني، ومن حبه للحديث وهو طالب علم مبتدئ يذهب يشتري سنن الدارقطني يقرأها، ثم يصاب بردة فعل يترك السنة وكتب السنة! ينتظر، المسألة تدرج، يعني الشيوخ الكبار في العقيدة ومعرفتها وقراءتها وإقراؤها، يُقرأ عليهم في درء تعارض العقل والنقل ثم يقول: اترك هذا المبحث، عشرين، ثلاثين، مائة صفحة، كله تجاوزه، ما فيه فائدة، ما نعرفه؛ لأن المقدمات التي اعتمد عليها شيخ الإسلام لا توجد عندنا، يعني ما اعتمدنا ما اعتمده شيخ الإسلام في القراءة في كتب القوم من أجل أن يرد عليهم. يعني في منهاج السنة مثلاً في الجزء الأول مائتا صفحة هذه تدبس ما لها داعٍ، في الجزء الرابع أو السادس نسيت ثلاثمائة صفحة، يعني أنا قرأت الكتاب كاملاً وقرأت هذه من جملتها، لكن ما أدركت شيئًا يُذكر.

طالب: "وقد خرَّج في معنى هذا الحديث الطحاوي في كتابه في بيان مشكل الحديث، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري عن أبي حميد وأبي أسيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب؛ فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم بحديث عني تنكره قلوبكم، وتند منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكر، فأنا أبعدكم منه»".

وماذا قالوا في خلاصة حكمه؟

طالب: إسناده صحيح.

أو إسناده صحيح على شرط مسلم، ابن كثير -رحمه الله- يقول: رواه الإمام أحمد بإسناد جيد، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب، يعني الستة، وإلا فهو المسند، وإسناده صحيح، وقد أخرجه مسلم بهذا السند، حديث: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك». لكن لا يعني أنه إذا خُرِّج بحديث، خُرِّج لرجاله في البخاري أو في مسلم، أن يكون صحيحًا؛ لأن التصحيح والتضعيف، صحيح أن معوله على صحة الإسناد وسلامة المتن من الشذوذ والعلة، قد يكون الإسناد صحيحًا، ويبقى أن المتن يحتاج إلى نظر ثانٍ بعد النظر في الإسناد.

طالب: "وروي أيضًا عن عبد الملك المذكور عن عباس بن سهل، أن أُبي بن كعب كان في مجلس، فجعلوا يتحدثون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمرخَّص والمشدد وأُبي بن كعب ساكت، فلما فرغوا، قال: «أي هؤلاء! ما حديث بلغكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرفه القلب، ويلين له الجلد، وتُرجون عنده، فصدقوا بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فإن رسول الله لا يقول إلا الخير»".

قال: فيه عبد الله بن صالح، وهو معروف كاتب الليث سيئ الحفظ جدًّا، مضعف عند أهل العلم.

طالب: "وبيَّن وجه ذلك الطحاوي أن الله تعالى قال في كتابه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] الآية، وقال: {مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23] الآية، وقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83] الآية. فأخبر عن أهل الإيمان بما هم عليه عند سماع كلامه، وكان ما يحدثون به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من جنس ذلك؛ لأنه كله من عند الله، ففي كونهم عند الحديث على ما يكونون عليه عند سماع القرآن دليلٌ على صدق ذلك الحديث، وإن كانوا بخلاف ذلك وجب التوقف لمخالفته ما سواه".

لكن الآية: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83]، فأخبر عن أهل الإيمان، الآية في حق من؟

طالب: النصارى.

نعم، النصارى، في حق النصارى. فهل يسوغ أن يقول: "فأخبر عن أهل الإيمان"؟ نعم. جاء في حق أهل الإيمان وفي وصفهم أنها {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23]، هذا ما فيه إشكال، وآية الأنفال ظاهرة في الباب. لكن يبقى أن هذه الآية آية المائدة في حق النصارى، لماذا؟

 لأنهم يسمعون ما يوافق ما عندهم في كتابهم ولا يخالفهم، فهو يذكرهم بما عندهم، والنجاشي وهو نصراني لما قرأت عليه سورة مريم تأثر تأثرًا كبيرًا؛ لأن ما قرئ.

طالب: من مشكاة واحدة.

يوافق ما عنده، ومع الأسف أن هذه صفة للنصارى ولا توجد عند جميعهم، كما أن كثيرًا وفئامًا وجموعًا غفيرة من المسلمين لا توجد عندهم هذه الصفة، جبير بن مطعم تأثر وكاد قلبه يطير لما سمع سورة الطور والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقرؤها، وكثير من المسلمين يسمع سورة الطور، يسمع سورة هود، يسمع الواقعة أو يسمع كذا، كأنه يسمع نشرة أخبار!

طالب: الله المستعان.

لا فرق، والله المستعان.

طالب: قول الله -عزَّ وجلَّ- في آخر الآيات: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [المائدة: 85].

نعم.

طالب: .......

{أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [المائدة: 84].

طالب: أليس هذا في النصارى الذين آمنوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- .......

{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ} [المائدة: 82]؟

طالب: {قِسِّيسِينَ} [المائدة: 82].

فالذين آمنوا؟

طالب: .......

لا، هو يوجد قاسم مشترك من الإيمان، وإن كان لا ينفع ما لم يؤمن بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، إيمانهم بنبيهم وعنايتهم بما أُنزل عليه وعبادتهم لله -جل وعلا- على ضوء ما نزل إليهم وإن كانت منسوخة، ولا تدخله الجنة، لكن يوجد فيها نوع من رقة القلب، تجد كثيرًا من المتصوفة الذين يتعبدون لا على دليل ولا على سنة عندهم بكاء ليل نهار وهم على ضلال!

طالب: ....... {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]؟

نعم، يعني بعد إيمانهم، يعني هل قالوا فاضت أعينهم بعد أن آمنوا أو قبل؟ أو كان هذا هو المقدمة لإيمانهم كما حصل لجبير بن مطعم؟

طالب: لأنه ذكر قسمًا آخر بعد آخر الآيات يا شيخ، والذين كذبوا منهم من النصارى، يعني كأن هذا من أهل الإيمان الذين آمنوا.

يعني ما فائدة قوله: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82]؟

طالب: في وقت عيسى.

ماذا؟

طالب: في وقت عيسى وماتوا على ذلك.

طالب: .......

ما يمنع أن يكون أخبر على الإيمان بالآية السابقة، ما يمنع.

طالب: .......

على كل حال: الآية ليس بها إشكال، وأنهم سمعوا سماعًا انتفعوا به، فصار هذا مآلهم.

طالب: "وما قاله يلزم منه أن يكون الحديث موافقًا لا مخالفًا في المعنى؛ إذ لو خالف لما اقشعرت الجلود، ولا لانت القلوب؛ لأن الضد لا يلائم الضد ولا يوافقه. وخرَّج الطحاوي أيضًا عن أبي هريرة عنه -عليه الصلاة والسلام-: «إذا حُدثتم عني حديثًا تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوا به قلته أو لم أقله، فإني أقول ما يُعرف ولا ينكر، وإذا حدثتم عني حديثًا تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به، فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف». ووجه ذلك أن المروي إذا وافق كتاب الله وسنة نبيه لوجود معناه في ذلك، وجب قبوله؛ لأنه إن لم يثبت أنه قاله بذلك اللفظ، فقد قال معناه بغير ذلك من الألفاظ".

الحديث المذكور مضعف عند البخاري وعند أبي حاتم الرازي.

طالب: "وإذا كان الحديث مخالفًا يكذبه القرآن والسنة، وجب أن يدفع، ويعلم أنه لم يقله، وهذا مثل ما تقدم أيضًا. والحاصل من الجميع صحة اعتبار الحديث بموافقة القرآن وعدم مخالفته، وهو المطلوب على فرض صحة هذه المنقولات، وأما إن لم تصح فلا علينا؛ إذ المعنى المقصود صحيح، ويحقق ذلك ما تقدم في المسألة الثانية من الطرف الأول من كتاب الأدلة، ففي ذلك الموضع من أمثلة هذا الأصل في الموافقة والمخالفة جملة كافية، وبالله التوفيق. وإذا ثبت هذا، بقي النظر في الوجه الذي دل الكتاب به على السنة، حتى صار متضمنًا لكُلِّيَّتها في الجملة، وإن كانت بيانًا له في التفصيل، وهي المسألة الرابعة".

قف عليها.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.