كتاب بدء الوحي (043)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام، قال الإمام أبو عبد الله -رحمه الله تعالى-: (حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عوانة قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسٌ على كرسيّ بين السماء والأرض، فُرعبت منه فرجعت فقلت: زملوني»، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2] إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:5] فحمي الوحي وتتابع. تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح، وتابعه هلال بن رداد عن الزهري وقال يونس ومعمر: بوادره).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم وبارك على عبد ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام البخاري: قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن. ابن شهاب تقدَّم في الحديث السابق، الحديث السابق حديث عائشة: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب. وتقدمَّت ترجمته فلا داعي للتكرار. وأبو سلمة يقول: قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة؛ أبو سلمة هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني التابعي الإمام الجليل المتفق على إمامته وجلالته وثقته، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول، تقدَّم ذكرهم في ترجمة عروة، تقدَّم ذكرهم في ترجمة عروة في بيتين من الشِعر يجمعهم البيت الثاني:

فخذهم عبيد الله عروة قاسمٌ

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

هذا قول في الفقهاء السبعة، وهو القول الذي يليه الثاني: أبو سلمة بدلاً من؟ في ثلاثة أقوال في السابع من يذكرهم ويُذكِّرنا بهم؟

فخذهم عبيد الله عروة قاسمٌ أبو بكر سليمان خارجة

خذهم عبيد الله فخذهم عبيد الله عروة قاسم، سليمان أبو بكر سعيد سليمان أبو نعم، سعيد بن المسيب، سعيد أبو بكر سليمان خارجة. سليمان هذا مختلفٌ فيه، القول الثاني: أنه بدل سليمان بن يسار أبو بكر أبو سلمة بن عبد الرحمن الذي معنا، والقول الثالث: أنه بدلهما من؟ بدل الاثنين بدل سليمان وبدل أبي بكر في ترجمة عروة تقدَّم هذا، والذي معه شرح الكرماني يرجع له يجد الثلاثة، في أحد معه شرح الكرماني؟ أنا رأيت الأسبوع الماضي مع واحد من الإخوان. إذًا يُراجَع.

أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة كما سبق في ترجمة عروة بن الزبير، وقد سمع أبو سلمة من جماعات من الصحابة والتابعين، وروى عنه خلائق تُوفي -رحمه الله- سنة أربع وتسعين التي يسمونها سنة الفقهاء؛ جُلّ الفقهاء من التابعين ماتوا في هذه السنة كما أن سنة عشرين بالنسبة لنا تسمى سنة العلماء، والله المستعان. توفي سنة أربع وتسعين بالمدينة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة في خلافة الوليد.

وجابر الذي يروي عنه أبو سلمة أن جابر بن عبد الله الأنصاري، ويأتي الكلام في قال ابن شهاب: وأخبرني، وأن جابر، هذا كلها يُحتاج إليها في ذكر دراسة الإسناد من الناحية الاصطلاحية.

 جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي الخزرجي الأنصاري المدني من فضلاء الصحابة، من المُكثرين للرواية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- روى أربعين وخمسمائة وألف حديث، وشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- تسع عشرة غزوة، توفي بالمدينة سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن أربع وتسعين سنة، وصلّى عليه أبان بن عثمان والي المدينة يومئذٍ. قالوا: وهو آخر الصحابة موتًا بالمدينة، قال أبو نُعيم: إنما هو آخر العقبيين موتًا بالمدينة، يعني ليس بآخر الصحابة على الإطلاق، وإنما من شهد بيعة العقبة.

ويُشاركه في الاسم اثنان من الصحابة هما جابر بن عبد الله بن رئاب وجابر بن عبد الله الراسبي.

 مناسبة الخبر لما قبله ظاهرة؛ لأن فيه أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي، وفي آخر الحديث السابق: وفتر الوحي. فله ارتباط وثيق بالحديث الذي قبله وارتباطهما ببدء الوحي أظهر من أن يُذكَر، وقلنا إن مناسبة الخبر لما قبله ظاهرة، ومناسبة الخبرين للترجمة ظاهرة جدًّا.

يقول ابن حجر: إنما أتى بحرف العطف ليُعلَم أنه معطوف على ما سبق، أين حرف العطف؟ قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة. قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة. يقول: إنما أتى بحرف العطف ليُعلَم أنه معطوف على ما سبق كأنه قال: أخبرني من؟ عروة بكذا، وأخبرني أبو سلمة بكذا.

طالب:...

أخبرني عروة في السند المتقدِّم بكذا وأخبرني أبو سلمة بكذا، عروة عن عائشة وأبو سلمة عن جابر. فعلى هذا يكون الخبر مُعلّق ولّا موصول؟ موصول بالسند السابق، يقول الكرماني: ومثل هذا أي ما لم يُذكر من أول إسناده واحد أو أكثر يُسمى تعليقًا.

يعني كأنه نظر إلى قال ابن شهاب، والبخاري لم يُدرك ابن شهاب، في السند السابق بينه وبين ابن شهاب ثلاثة: يحيى بن بُكير والليث وعُقيل. فحُذف منه اثنان أو ثلاثة من الإسناد، وما دام حُذف من أوّل الإسناد من مبادئ الإسناد من جهة المُصنف واحد أو أكثر فهو المُعلّق.

وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ ... مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقاً عُرِفْ

وَلَوْ إلى آخِرِهِ، أمَّا الَّذِي ...       لِشَيْخِهِ عَزَا بـ (قالَ) فَكَذِي

عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ ...      لا تُصْغِ (لاِبْنِ حَزْمٍ) المُخَالِفِ

 الآن هذا بصيغة الجزم وحُذف من إسناده على ما قال الكرماني اثنان أو ثلاثة فهو معلّق على هذا، لكنه بصيغة الجزم على أي حال هو صحيح، هو صحيح؛ لأن معلقات الصحيح ما جاء منها بصيغة الجزم فالبخاري قد ضمن لك من حذف، فهي صحيحة، مع أن الحديث مُخرَّج في الصحيح بأسانيد متصلة في أكثر من موضع؛ لأن معلقات البخاري عِدتها ألف وثلاثمائة وأربعة وأربعين، كلها موصولة في الصحيح نفسه إلا مئة وستين أو مئة وتسعة وخمسين، على ما حرَّره ابن حجر، الغالب الذي وُصل في الصحيح هل نحتاج إلى بحثها أم لا نحتاج؟ لا نحتاج، لماذا؟

لأن الموصول يغني عنه، فلا نحتاج إلى بحثه. بالنسبة لصحيح البخاري الذي نحتاج إلى بحثه هو المئة والستين فقط، أما ما يقرُب من ألف ومئتين وثمانين حديثًا هذه فلا نحتاج إلى بحثٍ فيها، وبحث عمن وصلها؛ لأنها موصولة في الصحيح نفسه، لكن ماذا عن مُعلقات الإمام مسلم التي عِدتها أربعة عشر حديثًا معلقًا؟ نحتاج إلى بحث أم ما نحتاج؟ لا نحتاج، لماذا؟ لأن ثلاثة عشر منها موصولة في مسلم نفسه، والرابع موصول في البخاري، إذًا لا نحتاج أن نبحث معلقات مسلم، نحتاج إلى البحث في معلقات البخاري التي لم توصل في موضع آخر، فمنها هذا الموضع على الخلاف في كونه معلقًا أو موصولًا.

 الكرماني يقول: ومثل هذا أي ما لم يذكر من أوّل إسناده واحد أو أكثر يُسمى تعليقًا، ولا يذكره البخاري إلا إذا كان مسندًا عنده، إما بالإسناد المتقدِّم كأنه قال: حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث عن عُقيل أنه قال: قال ابن شهاب. أو بإسناد آخر، ابن حجر يميل إلى أنه بالإسناد المتقدِّم، وعلى هذا فليس بمعلّق؛ لأنه أتى بالواو؛ ليُعلم أنه معطوف على ما سبق.

ابن حجر لما يتحدث عن موضع وفي إسناد وله والبخاري خرَّجه في مواضع أخرى ما يُخرِّج الموضع هذا بغض النظر عن المواضع الأخرى كغيره من الُشرّاح، ابن حجر يستحضر جميع المواضع، وهذا الذي جعل كتابه أكثر فائدة من غيره، وجعل غيره قد يقع في أخطاء وأوهام تحلّها المواضع الأخرى. هذه ميزة كتاب ابن حجر؛ لأنه حينما يشرح يتصور المواضع كلها، وهذه الطريقة التي أشرنا إليها سابقًا، وأن طالب العلم إذا اعتنى بالبخاري ينبغي أن يعتني بالحديث في جميع مواضعه؛ لأنه يوجد في إسناد إشكال، ثم يُحلّ في موضع آخر، يوجد في كلمة إشكال حلُّها في الموضع الآخر، يُختصر في موضع يستوفى في موضع، فتكتمل الصورة بجمع المواضع كلها في موضع آخر، هذه مفيدة لطالب العلم جدًّا، وهي التي جعلت كتاب الحافظ متميزًا على غيره.

 أما من يتكلَّم في هذه المجالات من غيره، من غير الحافظ ابن حجر فهم يتكلمون فيه على سبيل الاحتمال، على سبيل الاحتمال، وقد يقعون في أوهام، وإذا ردوا على ابن حجر أو ناقشوا ابن حجر فإنما يردون عليه باحتمالات عقلية، وابن حجر أيضًا ليس بالمعصوم، انتُقِد في مواضع لم يجد لها ردًّا، يعني انتقده العيني وغيره في مواضع ولم يجد لهذه المواضع ردًّا، هذه قليلة جدًّا ونزرٌ يسير، في انتقاض الاعتراض بيَّض لها ما وجد لها ردًّا؛ لأنه ليس بمعصوم، الإنسان يذهل، حتى هو انتقد نفسه في مواضع، ورجع عن بعض الكلام في مواضع، فلا يعني هذا أن الحافظ ابن حجر كل ما يذكره يكون مسلمًا لا يناقش، لا، يناقش وما فيه إشكال وهذه المناقشات وهذه المحاورات بين أهل العلم وهذه المحاكمات بينهم كلها مما يُثري ملكة طالب العلم في مناقشة المسائل العلمية.

يعني بعضهم يقول: ما لها لازم، نحن نحلّ ألفاظ النبي -عليه الصلاة والسلام- ويكفينا مع البخاري أن نحمل هدي الساري والنهاية في غريب الحديث وننتهي، يكفي هذا أم ما يكفي؟ يعني يكون مسافرًا، وتريد أن تقرأ البخاري بطريق السرد والجرد يعني في مُدة يسيرة هدي الساري فيه حلّ إشكالات كثيرة متعلقة بالأسانيد ومتعلقة بالمتون ومتعلقة بالرواة المتكلم فيهم. المقصود فيها خير كثير، يعني مثل الشرح المختصر على البخاري، أيضًا النهاية فيها شرح للألفاظ الغريبة، هذه بالنسبة للمسافر، يعني زاد مسافر تكفيه، لكن في دار الإقامة، يكتفي بهذا؟

لا يمكن لا يمكن بل طالب العلم عليه أن يُعنى بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وقبل ذلك بكلام الله -جل وعلا- من جميع الوجوه، والغريب أن يُسمع بعض من له عناية بالحديث أن يقول إن تطويل الشروح والمناقشات والأخذ والرد هي طريقة أهل الكلام ليست طريقة أهل الحديث، بعد أخذ النصوص من غير مناقشة ومن غير معرفة بخباياها وكيفية التعامل معها هذه طريقة الظاهرية أنك تأخذ المتن وتأخذ على ما يدل عليه ظاهرًا، وتترك الباقي، ولو وُجد ما يعارض ما لك دعوة، هذا كلام ما هو بصحيح، نعم ليس كل الأحاديث يُحتاج فيها إلى مثل هذا التطويل، بعض الأحاديث ظاهرة، ما فيها غموض، وليس لها معارض، ما يحتاج فيها إلى مثل هذا.

قال: ولا يذكره البخاري إلا إذا كان مسندًا عنده إما بالإسناد المتقدم كأنه قال: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل أنه قال: قال ابن شهاب، أو بإسناد آخر وقد ترك الإسناد هنا لغرض من الأغراض المتعلقة بالتعليق لكون الحديث معروفًا من جهة الثقات، أو لكونه مذكورًا في مواضع أُخر. قوله: ولا يذكره إلا إذا كان مسندًا عنده هذا في جُلّ المواضع، يبقى أنه في مئة وستين أو مئة وتسعين ذكرها من غير وصلٍ لها في موضع آخر. تولى وصلها الحافظ ابن حجر في فتح الباري بطريق الاختصار، وبطريق التفصيل والاستيعاب في كتاب أسماه: تغليق التعليق. تغليق التعليق له مختصر أيضًا اسمه التشويق إلى تغليق التعليق. يعني ما أشار إليه الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- بقوله:

مع صيغة الجزم يُفهم منه وقد صرّح به ابن الصلاح أن ما جاء مُعلّقًا بصيغة التمريض أنه لا يُسمى معلّقًا وإن حُذِفَ من مبادئ إسناده واحد أو أكثر، لكن هذا الكلام ليس بصحيح، تبعه عليه النووي في مختصره، مختصر علوم الحديث لابن الصلاح، وخالفه في رياض الصالحين، أورد حديثًا علّقه البخاري بصيغة التمريض، وخرَّجه من صحيح البخاري تعليقًا قال: تعليقًا وهو بصيغة التمريض، فهذا الكلام ليس بقوي، وليس بجيد. أما الذي لشيخه عزا بقال فكذي عنعنة كخبر المعازف. هنا قال ابن شهاب: يدخل في هذا الكلام؟

طالب:...

نعم، ابن شهاب ليس بشيخ له، إنما يقصد مثل حديث المعازف، قال هشام بن عمار؛ لأن المِزّي علّم عليه بعلامة التعليق، وبعض العلماء يرى أنه مٌعلّق، ومنهم من يرى أنه موصول وغاية ما يُقال في قال إنها مثل العنعنة، يعني قال هشام بن عمار مثل عن هشام بن عمار، محكوم لها بالوصل بالشرطين المعروفين عند أهل العلم إما بثبوت اللقاء عند البخاري وعدم الوصم بالتدليس أو الاكتفاء بالمعاصرة عند مسلم –رحم الله الجميع-.

هشام بن عمار من شيوخ البخاري الذين لقيهم وسمع منهم وصرّح بالتحديث عنه في خمسة مواضع من الصحيح يقول: حدثنا هشام بن عمار وفي حديث المعازف قال: قال هشام بن عمار، الذين قالوا أنه معلّق قالوا: لو كان موصولاً عنده لقال فيه: حدثنا هشام بن عمار كما قال في غيره من المواضع، والذين قالوا إنه موصول قالوا: إن قال مثل عن، فكذي عنعنة كخبر المعازف لا تصغ لابن حزمٍ المخالف. ابن حزم قصده وهدفه من الحكم عليه بالتعليق الحكم عليه بالتضعيف، ومذهبه في المعازف معروف يعني حكم على كل ما ورد في الباب أنه موضوع، ولذلك قال الحافظ العراقي: لا تصغ لابن حزم المخالف. مذهبه في هذه المسألة معروف.

ابن القيم -رحمه الله- يقول: الشرطان متوافران فالبخاري لقي هشام بن عمار وحدّث عنه في الصحيح في مواضع، والبخاريُ أبعدُ خلق الله عن التدليس، والبخاري أبعدُ خلق الله عن التدليس، لكن لو قال: من أبعد لكانت أدق؛ لأنه في ترجمة الذُهلي من الخلاصة للخزرجي قال: أخرج له البخاري ويُدلِّسه لكن ليس هذا التدليس الذي يعاب عند أهل العلم، لم يُصرِّح باسمه الكامل في موضع واحد، أحيانًا يذكر اسمه فقط مهملاً وأحيانًا ينسبه إلى جده وأحيانًا إلى جد أبيه ولا يُصرِّح باسمه كاملاً؛ لأن بينهما خلافًا في مسألة اللفظ بالقرآن، الإمام البخاري خالفه في مسألة اللفظ وخشية أن يُظن أنه موافق له لم يُصرِّح باسمه، ولورع البخاري وإمامة الذُهلي وتمام حفظه وثقته خرَّج له البخاري، يعني ما منعه الخلاف بينهما من أن يروي عنه ويُخرِّج له، لكن خشية أن يأتي من يظن أن التخريج للشخص أنه رضًا عنه من كل الوجوه، فالخلاف بينهما في مسألة اللفظ جعله لا يُصرِّح باسمه.

طالب:...

لا، ليس له ارتباط؛ لأن البخاري مرضي عند الإمام مسلم، لكن طريقة أهل العلم هم يحرصون على الأحاديث التي يُخشى من ضياعها، فحديث البخاري وما يرويه البخاري يُخشى من ضياعه، فحديثه مجموع كما قيل في رواية البخاري عن الشافعي، وكما قيل في قلة التخريج للبخاري عن الإمام أحمد مع أنه شيخه، وهو إمام من أئمة المسلمين من المكثرين سبعمائة ألف حديث ما خرّج له إلا في موضعين، وموضع واحد مختلف فيه هل المراد به أحمد بن حنبل أم لا، المقصود أن هذا يعتذر به للأئمة أن أحاديثهم محفوظة من الضياع، فلذا لا يحرصون عليه.

طالب:...

لا هو يُردف الترجمة بخبر مُعلّق أو بأثر أو بآية؛ ليبين أن هذه الترجمة هو القول الراجح عنده، ثم بعد ذلك يأتي بالحديث الأصل، وقد يورد معلقات في أثنائها، يورد.

طالب:...

مواضع كثيرة نعم.

طالب:...

إذا قلنا بالسند المتقدِّم صار قيدًا.

طالب:...

لا، ما نتكلم عن قال في هذا الموضع، لا، هو على الخلاف إذا كان معلّقًا قلنا البخاري إذا قلنا معلّق قلنا البخاري، البخاري الذي قال قال، وإذا قلنا بالسند المتقدِّم كما يرجحه ابن حجر، وهو التردد الذي أورده الكرماني يقول: إلا إذا كان مسندًا بالإسناد المتقدم كأنه قال: حدثني ابن بُكير قال: حدثنا الليث عن عقيل أنه قال: قال ابن شهاب، هذا كلام الكرماني؛ لكون الحديث معروفًا عنده من جهة الثقات، أو لكونه مذكورًا في مواضع أُخر.

 يقول ابن حجر: أخطأ من زعم أن هذا مُعلّق، أخطأ من زعم أن هذا معلّق، وإن كانت صورته صورة التعليق، ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة، ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة فإنها دالة على تقدُّم شيء عطفته، وقد تقدَّم قوله: عن ابن شهاب عن عروة فساق الحديث إلى آخره ثم قال: قال ابن شهاب؛ أي بالسند المذكور: وأخبرني أبو سلمة بخبر آخر.

فيه كلام في الحديث الثاني تقدَّم نحتاجه، لكن في كلام للعيني تعقَّب به ابن حجر ثم نُعرِّج على كلام ابن حجر في الموضع الأول، العيني تعقَّب ابن حجر في قوله: أخطأ من زعم أن هذا معلّق قلتُ: يُعرِّض بذلك للكرماني، ولا معنى للتعريض، ابن حجر غني عن التعريض؛ لأنه يُصرِّح باسم الكرماني وغير الكرماني إذا أراد أن يناقش، لكن التعريض الذي يستعمله عند الردّ من هو؟ العيني هو الذي ما أذكر أنه صرّح باسم ابن حجر، ويستفيد منه كثيرًا وإذا أراد أن ينتقد قال: قال بعضهم.

 يقول: قلتُ يُعرِّض بذلك للكرماني ولا معنى للتعريض صورته في الظاهر من التعليق للكرماني فيه أوهام؛ لأن شرحه مأخوذ عن الصحُف كما ذكر الشرَّاح، وفيه أوهام، لكن فضله على كل من جاء بعده، لا يمكن أن يُنكر، فضل الكرماني على كل من جاء بعده من الشُرَّاح لا يمكن أن يُنكر، والكرماني مثل ما يقول العامة في بعض الناس يقولون: فلان شعير مأكول مذموم، يعني ينقلون منه وفيه فوائد وأشياء ابتكرها، أشياء ما توجد عند غيره، ثم ينقلها الشرَّاح ويسكتون، بعضهم ينسبها إليه، وكثيرٌ منهم لا ينسبها إليه، ثم إذا أخطأ بكل جرأة يردون عليه بقوة في الأسلو،ب هذا جهل وهذا كذا، الإنصاف مطلوب، ويكفيه أنه ليست بين يديه المراجع الكافية للشرح المطول مثل ابن حجر ومثل ابن الملقن ومثل العيني، اكتملت الشروح بين أيديهم، والعادة أن المتقدِّم لا بد أن يقع عنده شيء من الخلل؛ لأن كل واحد من الشرَّاح يضيف على ما تقدم، فمثل هذا ينتبه له.

 شرح الكرماني من أنفس الشروح على أنه ما هو مُطوّل مثل ابن حجر والعيني، وفيه أوهام، وعلى طريقة الأشاعرة، وفيه رائحة تصوّف، لكن من يسلم من مثل هذه الأمور؟ والإنصاف عزيز، يعني لا بد منه لا بد من الإنصاف، يعني {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ}[سورة المائدة: 8]، الكتاب نفيس، وفيه فوائد، وعندي أن طالب العلم يبدأ بقراءته قبل غيره؛ لأنه يُشوقه إلى قراءة ما بعده. يبقى بعض الملاحظات يضع عليها إشكالات، علامات وكذا ليراجع فيها.

العيني يقول: وقال بعضهم -يعني ابن حجر-: أخطأ من زعم أن هذا معلّق قلتُ: يعرض بذلك للكرماني، ولا معنى للتعريض؛ لأن الحديث صورته في الظاهر من التعليق وإن كان مسندًا عنده في موضع آخر. ابن حجر يريده موصولًا في هذا الموضع، يعني لا خلاف بينهم أنه موصول في موضع آخر، بل في مواضع أُخر، الكلام هل هذا الموضع هو تعليق أم ليس بتعليق؟

وإن كان، قال: لأن الحديث صورته في الظاهر من التعليق وإن كان مسندًا عنده في موضع آخر فإنه أخرجه أيضًا في الأدب وفي التفسير بأتم من هذا. وأوله عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن، قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1] قلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن ذلك، قلت له مثل الذي قلت لي فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «جاورت بحراء شهرًا، فلما قضيت جواري» ثم ذكر نحوه، وقال في التفسير: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب ح، وحدثني عبد الله بن محمد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري: أخبرني. فذكره.

في الحديث الثاني يقول ابن حجر: والمواضع لا بد من ربط بعضها ببعض؛ من أجل أن تكتمل الصورة، بعد أن أنهى الحديث الثاني: «فيكلمني فأعيَ ما يقول» قالت عائشة -رضي الله عنها- وهذا أشرنا إليه سابقًا، قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيَفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا. قوله: قالت عائشة يقول ابن حجر: هو بالإسناد الذي قبله، هو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، فيه إشكال مع ما ذكره هنا؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

قالت عائشة، هو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف، كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، ماذا يستعملون؟ يستعملون الواو حين يريدون التعليق أو حين يريدون الوصل؟ أليس كذلك؟

طالب:...

طيب، قالت عائشة، وهو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف. الذي عندنا في هذا الموضع يقول: أخطأ من زعم أنه معلّق وإن كانت صورته صورة التعليق ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة، فإنها دالة على تقدُّم شيء عطفته، وقد تقدَّم قوله عن ابن شهابٍ. الآن الصورة المطابقة لقوله: بعد الحديث الثاني قالت عائشة، الصورة المطابقة لما معنا لقوله: قالت عائشة، هل حديث قالت عائشة نظير قال ابن شهاب أم قال: وأخبرني؟

طالب:...

يعني هذه دقيقة لا بد أن ننتبه لها وإلا تضارب مثل الشمس التعارض بين قوليه، في قوله قالت عائشة: هل هو نظير قال ابن شهاب أم قوله: وأخبرني؟ وكلامه في الواو التي معنا في هذا الحديث ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة فإنها دالة على تقدُّم شيء، الواو قبل وقال ابن شهاب، أم بعد وقال ابن شهاب.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، لا. لأنه يقول: قال ابن شهاب: وأخبرني. كلام ابن حجر يقول: أخطأ من زعم أن هذا مُعلّق، وإن كانت صورته صورة التعليق، ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة، فإنها دالة على تقدُّم شيء عطفته، وقد تقدَّم قوله: عن ابن شهاب عن عروة، فساق الحديث إلى آخره، ثم قال: قال ابن شهاب، بدون واو، أي بالسند المذكور وأخبرني أبو سلمة. الواو التي يتحدث عنها في هذا الحديث تختلف عن الواو التي تحدث عنها في الحديث السابق؟

يعني عندنا بعد الحديث الثاني قال: قالت عائشة، وقال: قالت عائشة، وبالإسناد الذي قبله نظيره قال ابن شهاب، هو بالإسناد الذي قبله، وفي الموضعين ما فيه واو. فيه تعارض وتضاد هنا؟ ما فيه تضاد، يأتي قوله: وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، يعني لو قال: وقالت عائشة أو: وقال ابن شهاب، حكمنا عليه بأنه معلّق، انتهينا من ابن شهاب وعائشة وأخبرني أبو سلمة؛ لأن الواو عاطفة تعطف مُقدَّرًا موجودًا على مقدَّر قال ابن شهاب: أخبرني عروة وأخبرني قال ابن شهاب بالسند المتقدم أخبرني عروة هذا فيه إشكال أنه أخبره بالسند المتقدِّم عروة؟ ما فيه إشكال، وأخبرني أبو سلمة.

طالب:...

لا، هو ما يبحث في قال لأنه بيّن نظيره فيما تقدَّم قالت عائشة، وأنه بالإسناد الذي قبله ولو كان يريد التعليق قال: وقالت عائشة، وقال ابن شهاب.

طالب:...

القاعدة عنده مُطَّرِدَة، ونأتي إلى شيء نبحثه أيضًا هنا هل هو مخالف أو موافق؟

طالب:...

نعم، الثاني.

طالب:...

وأخبرني بالواو، لا؛ لأن الأول مجرد عن الواو، الأول استدَّل به على أنه موصول لتجرده عن الواو، والثاني استدل به على أنه موصول لاتصال الواو.

طالب:...

على أنه موصول لكن لو وُجدت واو قبل: وقال ابن شهاب؟ انخرمت قاعدته، انخرمت قاعدته؛ لأنه يقول: هو بالإسناد الذي قبله وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا. هم يستعملونه بالواو أم بدون واو؟ على كل حال المذكور يُفسر الكلام المجمل، وهو بالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، يستعملون كثيرًا لا سيما المصنف إذا أراد التعليق أتى بالواو وإن لم يرد التعليق بالسند المتقدم حذف الواو، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف. وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف. ننظر في موضع صفحة اثنين وسبعين من فتح الباري إذا كان معكم.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

هذا أشرنا إليه سابقًا. (باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال). لمّا ذكر حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، رقم الحديث اثنين وعشرين في الصحيح اثنين وعشرين قال: يدخل أهل الجنة الجنة. ثم قال: قال وُهيب: حدثنا عمروٌ: الحياة، وقال: خردل من خير، فقال: من خردل من خير كما علّقه المصنف؛ لأنه أخرجه، فإن أبا بكر بن أبي شيبة أخرج هذا الحديث في مسنده عن عفان بن مسلم عن وُهيبٍ فقال: من خردل من خير، كما علّقه المصنف؛ لأنه قال وُهيب: الحياة، وقال: خردل من خير. لأنه مرة بدون واو: قال وهيب، والثاني بالواو: خردل من خير، فهل نقول: إن الموضع الأول قال وهيب هذا موصول، والثاني وقال تعليق؟

اللهم صلِّ وسلم على محمد.

طالب:...

ذكرناه في الدرس، ذكرنا حديث عائشة الأول، وقالت عائشة، وتعرضنا لهذا الموضع، تعرضنا له.

طالب:...

نعم تعرضنا له، لكن من باب زيادة التوضيح وإلا فمثل هذا ذكرناه سابقًا.

يقول -رحمه الله- لما ذكر حديث أبي سعيد قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى: أخرجوا..» الحديث، قال وُهيب: حدثنا عمرو: الحياة، وقال: خردل من خير. يعني الحافظ ابن حجر وصل الحديث؛ لأنه وقال: خردل من خير، وعلى الحكاية أيضًا وقال وهيب في روايته: مثقال حبة من خردل من خير، فخالف مالكًا أيضًا في هذه الكلمة، وقد ساق المؤلف حديث وهيبٍ هذا في كتاب الرقاق عن موسى بن إسماعيل عن وهيب، وسياقه أتم من سياق مالك، لكنه قال: من خردل من إيمان، كرواية مالك، فاعتُرض على المصنف بهذا، ولا اعتراض عليه، فإن أبا بكر بن أبي شيبة أخرج هذا الحديث في مسنده عن عفان بن مسلم عن وهيب فقال: من خردل من خير، كما علّقه المصنف. فتبيّن أنه مراده لا لفظ موسى، لا لفظ موسى الذي أخرجه في كتاب الرِقاق، وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر هذا لكن لم يسق لفظه إلى آخره.

لمّا ساق الحديث بإسناده الحديث الأصل قال: قال وهيبٌ بدون واو: حدثنا عمرو: الحياة، وقال: خردل من خير، يعني مثل هذا هل يمكن أن يُختلف فيه أنه معلّق أو لا يمكن؟ لماذا؟ لأنه ليس في الإسناد السابق، لأنه ليس في الإسناد السابق. يعني غاية ما يقال أنه موصول بالإسناد الذي تقدم، ولا ذكر له في الإسناد الذي تقدم.

ابن شهاب الذي معنا له ذكر في الإسناد الذي تقدَّم، أبو سلمة ليس له ذكر في الإسناد الذي تقدَّم، إنما مكانه عروة.

 تقدَّم أيضًا النقل عن العيني لما قال ابن حجر: وقالت عائشة، وهو بالإسناد الذي قبله قال العيني: ونفى بعضهم أن يكون هذا من التعاليق، ولم يقم عليه دليلاً فنفيه منفيٌ؛ إذ الأصل في العطف أن يكون بالأداة، وما نصّ عليه ابن مالك غير مشهور بخلاف ما عليه الجمهور.

الآن في علم البلاغة الفصل والوصل، الفصل والوصل مبحث. ما المراد بالفصل؟ وما المراد بالوصل؟

طالب:...

لا لا، هم يذكرون أسلوبًا تُذكر فيه الواو، وأسلوبًا لا تُذكر فيه الواو.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

بدون واو أحيانًا يؤتى، هل المراد بالفصل ما فيه واو؟ لأنه فصل بين الجملتين بالواو أو الوصل ما أُثبتت فيه الواو؛ لأن هذه الواو تعطف الجملة على الثانية.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، هم يقصدون هذا، يقصدون أن الفصل بدون واو والوصل بالواو.

طالب:...

لا، لابد من مراجعة المبحث في كُتب البلاغة قبل الحوار، العلوم لا بد أن تكون مترابطة؛ لأن ابن حجر لما يقول مثل هذا الكلام والعيني يرد عليه نحن ما قدامنا إلا كلام واحد، فهل الحق مع هذا أو مع هذا؟ هل العلوم الأخرى تُعين العيني وتساعد كلامه، أو تعين الحافظ ابن حجر؟ لأنه قال: منفيٌ إذ الأصل في العطف أن يكون بالأداة، وما نصّ عليه ابن مالك غير مشهور بخلاف ما عليه الجمهور.

ابن مالك يقول: قد يكون العطف بغير عاطف. تصدَّق رجلٌ بديناره، بدرهمه، بصاع بُرِّه.. إلى آخره. بدون واو، لكن هذا كثير أم نادر؟ نادر نادر العطف بغير عاطف نادر.

 المقصود أن مثل هذه الأمور ينبغي أن نهتم بها ونراجعها؛ لأنك لما تقرأ كلام الشارحين ما تقدر تُرجِّح، لا تستطيع الترجيح إلا إذا كانت عندك العلوم مترابطة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هو ما فيه شك أنه إذا كان المصنف له اصطلاح جرى عليه وسيأتي قواعد وضوابط استنبطها الشُرَّاح من عادات البخاري كثيرٌ منها مُطَّرِد، نعم يوجد بعض الخلل في بعضها، إذ إن بعضها كُلّي وبعضها أغلبي.

يقول هنا: وقال ابن شهاب، قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري، أن جابر بن عبد الله الأنصاري، أنّ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري. هذا يُسمى المؤنن أو المؤنأن يعني بدل معنعن الصيغة صيغة الأداء فيه عن هذا مؤنن؛ لأن صيغة الأداء فيه: أنَّ. فما حُكم الرواية بعن هذا معروف، وقال مثل عن الرواية بأنَّ؟

طالب:...

طيب. الألفاظ الشاذة هذه لا يُبنى عليها أحكام ولا تخرم بها القواعد، عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه. هذه رواية أم حكاية؟ عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه. يعني عن قصة أبي الأحوص. وليس يروي عن أبي الأحوص؛ لأن أبا الأحوص قُتل، ما يمكن أن يُحدِّث، السند المؤنن هنا حكمه حكم المعنعن في قول عامة أهل الحديث، ومثل ما قلنا في: قال إنها مثل عن، وعن محمولة بالاتصال، على الاتصال بالشرطين كذلك أنَّ، يقول الحافظ العراقي:

وحكم أنَّ حكم عن فالجُلُّ سووا وللقطع نحا البرديجي حتى يبين الوصل في التخريج

 البرديجي يرى أن الإسناد المؤنأن أو المؤنن منقطع حتى يبين وصله بطرق أخرى، حتى يبين وصله بطرق أخرى، قال-يعني ابن الصلاح-  قال: ومثله رأى ابن شيبة، يعقوب بن شيبة يرى أنه منقطع مثل رأي البرديجي، قال:

ومثله رأى ابن شيبة               كذا له ولم يصوِّب صوبه

                                   كذا له ولم يصوِّب صوبه

 قلتُ: الصواب أن من أدرك ما       رواه بالشرط الذي تقدَّم

 اللقاء والمعاصرة مع البراءة من التدليس، رواه بالشرط الذي تقدَّم يُحكم له بالوصل كيفما روى بقال أو عن أو بأن سوا،

وما حكى عن أحمد بن حنبل وقول يعقوب على ذا نزِّل

 يعقوب بن شيبة. ابن الصلاح حكى عن الإمام أحمد وعن يعقوب بن شيبة أن أنَّ منقطع، ليست كعن. استدل على قوله بأنهما حكما على حديثٍ يرويه محمد بن الحنفية عن عمّار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرّ به. عن عمّار قالوا: هذا متصل، وقال في موضع آخر: عن محمد بن الحنفية أن عمّارًا مرّ به النبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث. قالوا: الأول متصل؛ لأنه معنعن، والثاني منقطع؛ لأنه بصيغة أن. لذلك قال: كذا له ولم يصوِّب صوبه؛ يعني ما أدرك المحك الذي من أجله اختلف الحكمان الذي من أجله اختلف الحكم على الطريقين ما أدركه، وإلا لو أمعن النظر لبان له لماذا حكم الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة على الأول بأنه متصل، والثاني بأنه منقطع.

في الموضع الأول: محمد بن الحنفية يروي القصة عن صاحبها يرويها عن عمّار صاحبها وقد أدركه، في الموضع الثاني: محمد بن الحنفية يحكي قصة لم يدركها، فهي منقطعة. فهي منقطعة.

يعني لو حصل لشخص قصة حصل له قصة، وليكن مثلاً حادث مرور، أنت إذا رويت هذه القصة عن صاحبها متصلة تقول: عن فلان أنه حصل له كذا، حدثني فلان أنه حصل له كذا، أو قال فلان إنه حصل له كذا، أو عن فلان أنه حصل له كذا، متصلة، لكن إذا سمعتها من غيره هل تقول: عن فلان أو قال فلان أو حدثني فلان؟ تقول: أن فلانًا حصل له كذا، فأنت تحكي قصة لم تحضرها ولم تسمعها ولم تشهدها، وفرقٌ بين السياقين، إذا أمعنت النظر وجدت الفرق واضح.

قال ابن شهابٍ: (وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدِّث عن فترة الوحي) قال وهو يحدِّث. هذه الجملة حالية لو حذفنا الضمير منها: قال: ويحدث يصحّ أم ما يصح؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

ويُحدِّث، جاء ببعض الشواهد.

طالب:...

لا، هي على أنها جملة حالية، قال: ويحدِّث.

 وذات بدءٍ بمضارع ثبتْ حوت ضميرًا ومن الواو خلت

 مثل هذه، حوت ضميرًا وهو يحدث لا بد أن تحوي الضمير.

طالب:...

لا لو ما وجدت الواو ما احتجنا إلى ضمير، وذات بدءٍ بمضارع ثبتْ حوت ضميرًا ومن الواو خلت، يُحدِّث بدون، ضمير مستتر، وذات واوٍ بعدها انو مبتدأ، يعني لو جاءت خالية من الضمير البارز وليس وفيها الواو وذات بدءٍ الآن ما تأتي الجملة حالية؛ لأنها بعد معرفة، الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، عندنا جملة حالية بفعل مضارع، مضارع مُثبَت غير منفي، حوتْ ضميرًا مستترًا فيها، ومن الواو خلت، لكن إذا حوت ضميرًا مستترًا واقترنت بالواو وذات واوٍ بعدها انو مبتدأ، وذاتُ واوٍ بعدها انو مبتدأ الذي هو مثل الذي عندنا، يعني لو لم يوجد لا بد أن تقدر وهو يحدث، وذات واو بعدها انو مبتدأ له الضمير اجعلن مسندًا.

عن فترة الوحي واحتباسه عن النزول، وقد مرّ الكلام عليه مُفضلاً في آخر الحديث السابق.

فقال: قال: أن جابر بن عبد الله قال: الضمير يعود إلى جابر، وهو يُحدث عن فترة الوحي فقال، القائل من؟

طالب:...

فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي» هاه؟ أبو سلمة يمشى؟ أو جابر يمشي؟ لا، القائل هو الرسول- عليه الصلاة والسلام-، تكرار قال من دون ذكرٍ للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن أنسٍ قال: قال، عن أنسٍ قال: قال كذا، لم يذكر القائل القائل للفعل الأول ضمير يعود إلى أنس والثاني ضمير يعود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذا مقرر عند أهل العلم، طيب، قال– يعني جابر وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي» إذًا يكون القائل هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- ؛ لأن المقول صادرٌ منه -عليه الصلاة والسلام-، «بينا أنا أمشي» فقال- يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: بينا، بينا أصله بين فأُشبعت، فتحة النون فصارت ألفًا، أصله: بين، فأُشعبت فتحة النون فصارت ألفًا وهي ظرف زمانٍ مكفوف بالألف ظرف زمان مكفوف بالألف عن الإضافة إلى المفرد والتقدير بحسب الأصل بين أوقات كذا في القسطلاني؛ لأنه قلنا إنها ظرف زمان، فيها كلام كثير، وتحتاج إلى بسط، فيها نقول أيضًا أود أن يصير الكلام مترابطًا فيها، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"