هدي النبي في رمضان (11)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أيها الإخوة المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء الجديد في هذا البرنامج الذي يسعدنا أن نستضيف فيه فضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، حيّا الله فضيلته وأهلاً وسهلاً به معنا.

حياكم الله وبارك فيكم.

أيها الإخوة ولا يزال الحديث موصولاً حول هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا اللقاء سيتحدث فضيلة الشيخ عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإفطار وما ورد في فضله وفضل التعجيل فيه هل أجملتم فضيلة الشيخ ما ذكره العلامة ابن القيم -رحمة الله تعالى عنه- حول هذه المسألة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وكان يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجل الفطر ويحض عليه على التعجيل ويتسحر ويحث على السحور ويؤخره ويرغِّب في تأخيره ففي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» وثبت فيه عن أنس مرفوعًا «تسحروا فإن في السحور بركة» وكان -عليه الصلاة والسلام- يحض على الفطر بالتمر فإن لم يجد فعلى الماء روى الترمذي وأبو داود من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما المقصود أن الأفضل في الإفطار أن يكون على رطبات يعني التمر الرطب الطري ثم إن لم يجد فعلى تمرات يعني من التمر الجاف فإن لم يكن فحسا حسوات من ماء، فإن لم يجد هذا ولا هذا أفطر بما لديه فيفطر بما لديه فإن لم يكن لديه شيء أفطر بالنية كما جاء في الحديث «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» ولا يحتاج أن يمص أصبعه أو يفعل شيء مما تقوله العامة هو مفطر حكمًا هو مفطر حكمًا، روى أبو داود أيضًا وابن ماجه عن سلمان بن عامر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإن الماء طهور» وقال الترمذي حسن صحيح قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- وهذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به لا سيما القوة الباصرة فإنها تقوى به وحلاوة المدينة التمر حلاوة المدينة التمر يعني إذا كان الحلى بالشام في العنب وغيره فإن حلاوة المدينة التمر ومرباهم عليه وهو عندهم قوت، وهو عندهم قوت وأدم، ورطبه فاكهة وأما الماء وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس فإذا رطبت الماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده ولهذا كان الأولى بالضمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء يرطب المعدة قبل الأكل ثم يأكل بعده هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب يقول هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب، يعني جاء في وصف عيشه -عليه الصلاة والسلام- أنه يأتي عليه الأهلة الأول والثاني والثالث ثلاثة أهلة في شهرين ما يوقد في بيته النار -عليه الصلاة والسلام- مع أنه أشرف الخلق مع أنه أشرف الخلق وأكرمهم على الله -عزَّ وجل- وكان طعامهم حينئذٍ الأسودان كان طعامهم الأسودين التمر والماء -عليه الصلاة والسلام- وكان -عليه الصلاة والسلام- يفطر قبل أن يصلي ولا شك أن هذا من تمام تعجيل الفطر سبقت الإشارة أنه كان يحث على تعجيل الفطر وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقول على فطره أحاديث جاء أحاديث في الباب منها قوله «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل منا إنك أنت السميع العليم» لكن قال ابن القيم إنه لا يثبت والحديث مخرج في عمل اليوم والليلة لابن السني وفي سنده عبد الملك بن هارون بن عنترة ضعفه أحمد والدارقطني وقال ابن معين كذّاب وقال أبو حاتم متروك الحديث ورماه ابن حبان بالوضع، وأوّله «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» أوله دون قوله «فتقبل منا إنك أنت السميع العليم» مروي عند أبي داود عن معاذ أنه بلغه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول هذا معاذ بن زهرة وهو تابعي وعلى هذا فالخبر مرسل الخبر مرسل قد يقول قائل إن هذا الخبر المرسل يتقوى به الحديث الموصول الذي قبله لكن الحديث الذي قبله حديث «اللهم لك صمت» الذي قال عنه ابن القيم لا يثبت لا يقبل الانجبار لأن راويه عبد الملك بن هارون بن عنترة شديد الضعف بل رماه بعضهم بالوضع وقال ابن معين كذاب، المقصود أنه لا ينجبر الموصول بالمرسل لشدة ضعفه أقوى منها ما رواه أبو داود من طريق الحسين بن واقد قال حدثنا مروان يعني ابن سالم المقفع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال «ذهب الضمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» وهو حديث حسن لأن مروان بن سالم المقفع وثقه ابن حبان وحسن حديثه الدارقطني وابن حجر وباقي رجاله ثقات فأقل أحواله أن يكون حسنًا جاء الاستثناء هنا «ذهب الضمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» هذا دعاء والا خبر؟ «ذهب الضمأ» هل المقصود منه الإخبار بأن الضمأ ذهب والإخبار بأن الأجر ثبت أو المقصود منه الدعاء بأن يذهب الله الضمأ وأن يبتل العروق وأن يثبت الأجر؟ دعاء هو دعاء أيضًا في قوله -عليه الصلاة والسلام- للمريض «طهور إن شاء الله» هل هو يخبر بأن هذا المرض أو هذا المرض صار طهورًا له أو يدعو بأن يكون هذا المرض تكفيرًا له وطهورًا؟ دعاء، كيف جاء الاستثناء بعد الدعاء إن شاء الله؟ كيف جاء هذا الاستثناء في هذين الموضعين بإن شاء الله وقد ثبت النهي عن الاستثناء في الدعاء، ففي الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له»، ولمسلم «وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه» «ثبت الأجر إن شاء الله» هل نقول هذا دعاء والا خبر؟ يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا أخبر بمثل هذا خبره مطابق لكن كيف يقتدى به في مثل هذا وهو خبر يعني إذا قلنا ثبت الأجر هل معنا هذا أننا نخبر بأنه ثبت لنا الأجر أو معناه أننا نطلب من الله عزَّ وجل ليثبت لنا الأجر؟ ونطلب الله -جلَّ وعلا- أن يكون هذا المرض مطهرًا لذلك المريض إذًا هو دعاء، وجاء مقرونًا بالمشيئة بالاستثناء وجاء النهي «لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له» ولمسلم «وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».

كيف يمكن الجمع بينهما يا شيخ؟

يمكن الجمع بينهما بأن الدعاء إذا جاء بصيغة الخبر، الدعاء إذا جاء بصيغة الخبر جاز الاستثناء بخلاف ما إذا جاء بصيغة الأمر «اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت» إذا جاء إذا جاء الخبر إذا جاء الدعاء بصيغة الخبر جاز الاستثناء بخلاف ما إذا جاء بصيغة الأمر فإنه لا يجوز، وهذا الجمع أنا سبق أن عرضته على الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- فاستحسنه، وإلا فيكون الاستثناء الوارد في حديث الإفطار «ثبت الأجر إن شاء الله» وفي قول الزائر للمريض «طهور إن شاء الله» يكون الاستثناء حينئذٍ للتبرك لا للتعليق يكون للتبرك أو كما يقوله بعضهم تحقيقا لا تعليقًا والله أعلم.

يا شيخ مما يكثر الحقيقة عندنا في الدعاء كثيرًا ما ما يقول القائل وفقك الله أو الله يوفق إن شاء الله، أو الله يسر أمر فلان إن شاء الله، ومثل هذا توجيهكم حفظكم الله بما أن الحديث حول الاستثناء في الدعاء بمثل هذا الأمر لاسيما أنه يرد دون قصد في الاستثناء وإنما تأكيد للدعاء فهل..

هذا يخرج على ما ذكرنا سابقًا بأنه دعاء بصيغة الخبر وحينئذٍ لا بأس به لا بأس به على ألا يقصد في ذلك أنه يجعل هناك ثنية لله -عزَّ وجل- إن إن شاء كذا وإن لم يشأ كذا، لا.

يعني متعلق بنية الداعي إذًا.

نعم.

 

أثابكم الله فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة نسأل الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينفعنا بما سمعنا وان يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع مجيب شكر الله لفضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير ولكم أنتم مستمعينا الكرام، نلقاكم في حلقة مقبلة بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.