التعليق على الموافقات (1436) - 07

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى-: ومنها: قاعدة مراعاة الخلاف، وذلك أن الممنوعات في الشرع إذا وقعت، فلا يكون إيقاعها من المكلف سببًا في الحَيْف عليه بزائد على ما شُرع له من الزواجر أو غيرها، كالغضب مثلاً إذا".

"الغصب"، "الغصب"، "الغصب".

طالب: أحسن الله إليك.

 "كالغصب مثلاً إذا وقع، فإن المغصوب منه لا بد أن يُوفَى حقه، لكن على وجه لا يؤدي إلى إضرار الغاصب فوق ما يليق به في العدل والإنصاف، فإذا طولب الغاصب بأداء ما غصب أو قيمته أو مثله، وكان ذلك من غير زيادة، صح، فلو قُصد فيه حمل على الغاصب، لم يلزم، لأن العدل هو المطلوب، ويصح إقامة العدل مع عدم الزيادة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومنها" يعني ومما يندرج تحته.

طالب: .......

فقه المآلات.

طالب: نعم.

"مراعاة الخلاف". ثم تكلم المؤلف تحت هذا العنوان عن إيقاع العقوبة على المخالف دون زيادة، والاكتفاء بما قرره الشرع. فالعنوان مطابقته للكلام الذي تحته فيه غموض، لو أوجد عنوانًا غير هذا؛ لأن الذي يقرأ العنوان مجردًا: "قاعدة مراعاة الخلاف"، يُنزله على ما يقوله مع أهل العلم أن الخروج من الخلاف مطلوب يعني، الخروج من الخلاف مطلوب. هذا ما يتبادر إلى الذهن، لكن المؤلف لا يريد ذلك، بدليل الأمثلة التي ذكرها، وهي أن الغاصب، من غصب شيئًا محددًا معينًا يطالب به فقط، فإذا ردَّه لا يطالب بغيره، غصب ألفًا يرد ألفًا، لكن هذا لا يمنع أن يُعزَّر على الغصب.

 هناك التعزير الذي يختلفون فيه وهو التعزير بالمال، وهو قدر زائد على ما قُرر، من منع الزكاة وجاء في حقه: «فإنا آخذوها وشطر ماله»، هذا يُستثنى مما قاله المؤلف. لكن إذا حدد الشارع حدًّا، لا سيما في الحدود التي لا تقبل الزيادة ولا النقصان، حد الزاني مائة جلدة، ما يقال: اجلد مائة وعشرين، وحد الشارب وحد القاذف وحد كذا، ولذا جاء في حديث الأمة: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها» حتى ولو بالكلام؛ لأن الزيادة عن الحد لا تجوز. أما في الأمور المالية وإذا أراد ولي الأمر أن يقطع دابر شر وفساد وكذا، فله أن يقرر من التعزيرات ما شاء.

طالب: .......

ردّ الاعتبار يسمونه، رد الاعتبار، لكن إذا قلنا: الإنسان إذا غصب شيئًا وطولب به فقط، ما يجرب ثانية لما يطالب؟ ويغصب ثانية وثالثة، والمسألة أنهم يأخذون الذي أخذ فقط، لكن لو ما وجد عقوبة تردعه وتكفه عن هذا الغصب سيستمر وما الذي يمنع؟ لأن بعض النفوس الرديئة ما تنظر إلا إلى النواحي المادية فقط.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

للمغصوب منه.

طالب: نعم.

يعني غصب ألفًا، يقال: تعطيه ألفًا ومائتين؟

طالب: نعم.

هذا قصدك.

طالب: .......

نعم، إذا رؤي أن هذه المفسدة لا يقطعها إلا التعزير يُعزَّر، والمؤلف ما أشار إلى هذا.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

عندي مخالف أصول من يقول: لا يجوز التعزير بالمال، أما الذي يقول بالتعزير بالمال وهو قول له أدلته، وله من يقول به، ما فيه إشكال، والآن الأمور كلها قائمة عليه، التعزير بالمال معمول به عند المسلمين قاطبة.

طالب: الغرامات .......

غرامات.

طالب: طيب إذا اختلفت القيمة السوقية يا شيخ، يعني غصب خمسة آلاف من ثلاثين سنة والآن لا تساوي إلا خمسة وعشرين ألفًا؟

ما لك إلا الخمسة.

طالب: ما لك غيرها؟

نعم؛ لأن العملة ما اختلفت، لكن لو اغتصب خمسة آلاف ريال عربي فضة أو الذي يسمونه الفرنسي قبل الفضة يقوم، أما الريال الورقي فقيمته واحدة.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

واللهِ العمل عليه منذ قرون، والصنعاني له كلام طويل في هذا، وقال: إنه صار مدخلاً للظلمة أن يأكلوا أموال الناس من هذا الباب، ويلبسوهم تهمًا، ثم يغرمونهم الأموال، هذا في سبل السلام.

طالب: .......

لا شيء، لو تنظر الأمثلة نعم، يعني تنزيلها على العنوان فيه.

"وذلك أن الممنوعات في الشرع إذا وقعت فلا يكون إيقاعها من المكلف سببًا في الحيف عليه بزائد على ما شُرع له من الزواجر أو غيرها، كالغصب مثلاً إذا وقع فإن المغصوب منه لا بد أن يُوفَّى حقه، لكن على وجه لا يؤدي إلى إضرار الغاصب فوق ما يليق به في العدل والإنصاف، فإذا طولب الغاصب بأداء ما غصب أو قيمته أو مثله، وكان ذلك من غير زيادة صح، فلو قُصد فيه حمل على الغاصب لم يلزم؛ لأن العدل هو المطلوب، ويصح إقامة العدل مع عدم الزيادة".

قال: "وكذلك الزاني إذا حُدّ لا يُزاد عليه بسبب جنايته"، لكن، هذا إذا كانت المسألة لا زيادة فيها على الزنا، ويورَد هنا حديث: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرِّب عليها»؛ لأن التثريب زيادة على الحد، لكن إذا زنى مثلاً بمحرم مثلاً، فلا بد أن يزاد. إذا زنى في نهار رمضان مثلاً، أو في مكان فاضل، هو يُجلد الحد، لكن التعزير لا بد منه. طيب، إذا شرب في نهار رمضان، يجلد الحد ويزاد، قالوا: عشرين؛ من أجل نهار رمضان. فهذه أمور مستثناة مما قرره.

طالب: .......

أنه لا يزاد فيهما على المقرر، المغصوب منه ليس له إلا ما أُخذ منه، والزاني ليس عليه إلا الحد.

قال: "لا يزاد عليه بسبب جنايته؛ لأنه ظلم له، وكونه جانيًا لا يجنى عليه زائدًا على الحد الموازي لجنايته، إلى غير ذلك من الأمثلة الدالة على منع التعدي على المتعدي، أخذًا من قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]"، نعم. هذا هو الأصل، لكن هناك قضايا يحتف بها ما يقتضي الزيادة من أنواع التعزيرات التي تمنع من وجود أو من تكرر هذا التعدي، وصاحب الجرائم والسوابق ما هو مثل الذي تقع منه الهفوة والزلة، الأمر يختلف بين هذا وهذا، والمستهتر له حكمه، والذي وقع منه ما أملاه عليه هواه وشيطانه ورجع عن ذلك، هذا له حكمه.

طالب: "ويصح إقامة العدل مع عدم الزيادة، وكذلك الزاني إذا حُد لا يزاد عليه بسبب جنايته؛ لأنه ظلم له، وكونه جانيًا لا يجني عليه زائدًا على الحد الموازي لجنايته، إلى غير ذلك من الأمثلة الدالة على منع التعدي على المتعدي أخذًا من قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، وقوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]، ونحو ذلك.

 وإذا ثبت هذا، فمن واقع منهيًّا عنه".

"{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]"، ولذلك لا يقع القصاص فيما لا يُضمن فيه المساواة، الجرح الذي لا تُضمن مساواته لأصله لا يقتص منه؛ خشية من أن يقع التعدي فيكون القصاص أكثر مما حصل من الجاني.

طالب: "وإذا ثبت هذا، فمن واقع منهيًّا عنه فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائدًا على ما ينبغي".

"زائدٌ".

طالب: أحسن الله إليك. "زائدٌ على ما ينبغي بحكم التبعية لا بحكم الأصالة، أو مؤدٍّ إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي، فيُترك وما فعل من ذلك، أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل؛ نظرًا إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلاً على الجملة، وإن كان مرجوحًا".

يعني عمل بدليل مرجوح، وترتَّب على عمله هذا فساد، فإن كان من أهل النظر صار القول المرجوح أو الدليل المرجوح عنده راجحًا، فهذا له اجتهاده، وإن كان مقلِّدًا لإمام تبرأ الذمة بتقليده فكذلك. لكن إذا كان القول راجحًا، والمعمول به عند في بلده وعند علمائه، فخالفه لأمر أو لقول مرجوح، ما اجتهد ووصل إليه بنظره، ولا قلَّد فيه ما تبرأ الذمة، فمثل هذا يعاقب. نعم.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

سيجيء هذا المثال، لكن ....

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قال: "نظرًا إلى أن ذلك واقع وافق المكلف فيه دليل على الجملة"، يعني معنى ذلك أنه ما قصد اتباع إمامه، يعني هو فعل ما يعرف أنه يجوز، و......

لا، إذا ما كان له سلف في هذا ولا اجتهد وهو يعرف القول الراجح.

طالب: نعم.

يعني إذا اجتهد، إذا وافق دليل مرجوح وهو لا يعرف القول الراجح، ولا هو شائع في بلده في مسألة خفية غامضة. مثل هذا يكون له شبهة.

طالب: أحسن الله إليك.

 "نظرًا إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلاً على الجملة وإن كان مرجوحًا، فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه؛ لأن ذلك أولى من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي، فيرجع الأمر إلى أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع، ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع".

يفرقون في الفتوى بين ما إذا وقع الأمر وانتهى، وبين ما إذا لم يقع، فقد يُلجأ إلى القول المرجوح لتصحيح العمل بعد وقوعه، أما قبل وقوعه فلا يفتى به أصلاً.

طالب: "ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع لما اقترن به من القرائن المرجحة، كما وقع التنبيه عليه في حديث تأسيس البيت على قواعد إبراهيم".

لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تمنى أن يُعاد بناء البيت على قواعد إبراهيم، وذكر العلة في عدم التنفيذ: أن القوم حديثو عهد بجاهلية، قلوبهم لا تحتمل مثل هذا.

طالب: .......

في الأقوال التي لها أصل، أما ما لها أصل ولا هو، وجوده مثل عدمه.

طالب: "وحديث ترك قتل المنافقين".

«لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه»، نعم.

طالب: "وحديث البائل في المسجد، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بتركه حتى يُتم بوله؛ لأنه لو قَطع بوله لنجست ثيابه، ولحدث عليه من ذلك داء في بدنه، فترجَّح جانب تركه على ما فعل من المنهي عنه على قطعه بما يدخل عليه من الضرر، وبأنه يُنجس موضعين وإذا تُرك، فالذي ينجسه موضع واحد".

يعني يحصل من بعض كبار السن والمرضى أن يحس بالحاجة إلى قضاء الحاجة وهو في الحرم مثلاً، ومكانه بعيد من دورات المياه، فتجده يخرج؛ لئلا ينجس المسجد، ومع ذلك يخرج منه البول من غير إرادة. مثل هذا يقال له: اجلس مثل الأعرابي، اجلس حتى تنتهي، الطريق كله يكون نجسًا هذا ما هو بصحيح، والله المستعان.

طالب: "وفي الحديث: «أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل باطل باطل»، ثم قال: «فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل منها». وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه، ولذلك يقع فيه الميراث ويثبت النسب للولد".

لأنه شبهة، وطء شبهة، وهو نكاح بجميع الأركان والشروط ما عدا الولي، وهو فاسد عند الجمهور، لكنه شبهة يثبت به ما ذُكر، بخلاف الزنا، يعني يثبت لها المهر؛ لأنه نكاح شبهة، الزنا: «مهر البغي خبيث»، ما يقال: بما استحل من فرجها، بخلاف النكاح بلا ولي، فالزنا لا يثبت له أي حكم، بخلاف ما ذُكر في مسألتنا.

طالب: "ولذلك يقع فيه الميراث، ويثبت النسب للولد. وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى الصحيح في هذه الأحكام وفي حرمة المصاهرة وغير ذلك، دليل على الحكم بصحته على الجملة، وإلا كان في حكم الزنا".

فيه فرق بين صحته، هو محكوم عليه بالفساد، هو نكاح فاسد وليس بصحيح، لكن له نوع وجهة قبول، ليس كالزنا المردود مطلقًا، لكن لا يقال بصحته، نوع قبول؛ لوجود الشبهة، ولذلك ترتبت الآثار عليه.

طالب: يفرق بينهما يا شيخ؟

ماذا؟

طالب: ما يفرق بينهما؟

يُفرَّق بينهما ويجدد العقد لوجود الولي.

طالب: "وليس في حكمه باتفاق، فالنكاح المختلف فيه".

لو أن الزاني أعطى من زنى بها شيئًا من المال، وهذا يذكره رجال الحسبة، يعطيها، وأكثر ما يكون هذا في الأجهزة، نسأل الله العافية، وأحيانًا إذا وقف عليها رجال الحسبة وحملوها معه أو إلى المحل، مقر الهيئة للتحقيق، فإنها تترك هذا الجهاز عندهم أو في السيارة. هذا يكثر السؤال عنه: ماذا يُصنع به؟ هل يقال: تأخذه؟ تعطى إياه، يُبحث عنها وتعطى إياه؟ أو يقال: إنه خبيث ويُصرف مصرف التخلص؟ هذه يسأل عنها كثيرًا، والأصل في المسألة: «مهر البغي خبيث» لا تستحقه.

 وذكرنا في دروس مضت أو في مناسبات، أنه قد يأتي شخص من هؤلاء المفسدين إلى امرأة عفيفة فيغريها بأموال طائلة، وقد يكون عندها حاجة، بأموال كبيرة جدًّا، ما تتوقع، وهو مبيت في نفسه أن «مهر البغي خبيث»، ما هو بمعطيها شيئًا، تتصور هذه المسألة؟

طالب: واضحة.

يغريها، يرسل لها بوسائل الاتصال يقول: أنا عندي لك مائة ألف، يعني في مقابل ساعة، نسأل الله العافية. فإذا كانت لديها حاجة، ورضي بعضهن بأدنى من ذلك، مع أن الأصل العفة، ثم بعد ذلك إذا انتهى قال: «مهر البغي خبيث»، ولا يجوز أن أعطيك شيئًا. يُترك هذا؟ يعني مثل من يُقدم على الربا مع علمه بأنه ربا، ثم إذا قضى حاجته وأخذ المال قال: لا أعطيكم إلا رأس مالكم. وهذا يكثر في المحاكم، يُترك؟ يتحايل على الناس بهذه الطريقة ويقدم على المحرم المجمع على تحريمه الملعون فاعله، ثم يقول: ما أعطيكم إلا رأس ماله؟ الأصل أن يؤخذ منه، ولا يُعطى الطرف الآخر.

 «مهر البغي خبيث»، وأنت خبيث، ادفع المال، ولا تُعطى المرأة منه- نسأل الله العافية-؛ لأنهم بهذه الطريقة يفسدون النساء، إذا صار ما هو مأخوذ منه شيئًا.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

تصير مسجلة عليه، الله المستعان، الله لا يبلونا، نسأل الله السلامة والعافية.

طالب: آمين.

طالب: .......

إذا صار بصوته الذي لا ينكره، ومع التحقيق أقر به.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

نعم، إقامة الحد، لكن إذا درئ الحد، نعم.

طالب: "فالنكاح المختلف فيه قد يراعى فيه الخلاف فلا تقع فيه الفُرقة إذا عُثر عليه بعد الدخول، مراعاةً لما يقترن بالدخول من الأمور التي ترجح جانب التصحيح. وهذا كله نظرٌ إلى ما يؤول إليه ترتُّب الحكم بالنقص".

"بالنقض".

طالب: "ترتُّب الحكم بالنقض والإبطال من إفضائه إلى مفسدة توازي مفسدة مقتضى النهي أو تزيد. ولما بعد الوقوع دليل عام مرجِّح تقدم الكلام على أصله في كتاب المقاصد، وهو أن العامل بالجهل مخطئًا في عمله له نظران: نظر من جهة مخالفته للأمر والنهي، وهذا يقتضي الإبطال. ونظر من جهة قصده إلى الموافقة في الجملة؛ لأنه داخل مداخل أهل الإسلام، ومحكوم له بأحكامهم، وخطؤه أو جهله لا يجني عليه أن يخرج به عن حكم أهل الإسلام، بل يتلافى له حكم يصحّح له به ما أفسده بخطئه وجهله".

لأنه إن أقدم وهو عالم بالحكم، لا يمكن تصحيحه ولا يمكن عذره، لكن إن أقدم على الفعل وهو جاهل به، يعذر بجهله ويُصحّح عمله بقدر المستطاع.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ .......

ماذا؟

طالب: شاب وقع على .......

لا، «الولد للفراش».

طالب: حتى .......

ماذا؟

طالب: هي .......

ولو كان، «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»، ما له شيء. فيه قول آخر ويُنادى به الآن ويُدعى إليه، لكن المرجع النص.

طالب: .......

لا شك أن كلام المؤلف يشمل، لكن هذه مسألة مسبوق إليها، ما هي بأول مسألة يفعلها الشخص بجهل، يعني يمكن يقال لمن دخل في هذه المعاملة لأول مرة، أول مرة تقابله هذه الأسهم وهو لا يعرف عنها، لكن عليه أن يتحرى، على كل مسلم أن لا يقدم على شيء إلا وقد عرف حكمه، هذا الأصل.

 مثل ما حصل قبل عشر سنوات لما الأسهم خسفت مرة بالناس وضيعت أموالهم صاروا يلومون العلماء: لماذا ما بينون لهم؟ لماذا ما يبينون لهم؟ قيل: العلماء يبينون قبل الدخول، تبغي أن تدخل اسأل. مشكلة الناس من تأثير المادة عليهم أنهم ما يسألون، ثم إذا وقع الخلاف في حكم المساهمة في هذه، ينظر من يوافقه، وكم سمعنا من يقول: هؤلاء الكبار ما يعرفون الأسهم، ولا يعرفون هذه المعاملات، ولا يدرون عنها شيئًا، وهؤلاء الفقهاء الجدد هم أهل الخبرة والمعرفة، ثم إذا خسرت الأسهم قال: أولئك الراسخون وهؤلاء أغرار ماذا يدريهم؟! يدورون مع الهوى. سمعنا هذا، قيل. مع الهوى يدورون.

طالب: .......

الله المستعان.

طالب: "وهكذا لو تعمد الإفساد لم يخرج بذلك عن الحكم له بأحكام الإسلام؛ لأنه مسلم لم يعاند الشارع".

يعني تعمد الإفساد، "لم يخرج بذلك عن الحكم له بأحكام الإسلام"، هو مسلم، ما أحد قال: إنه يخرج من الإسلام، لكن المسلم يعاقب إذا تعمد.

طالب: "لأنه مسلم لم يعاند الشارع، بل اتبع شهوته غافلاً عما عليه في ذلك، ولذلك قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17] الآية. وقالوا: إن المسلم لا يعصي إلا وهو جاهل".

ولو عرف الحكم بدليله هو جاهل، يعرف أن الخمر حرام، ويعرف الأدلة من الكتاب والسنة، يشرب الخمر، نقول: جاهل، لماذا؟ للإجماع على قبول توبته، وإلا قلنا ما له توبة، إذا كان يعرف الحكم ما له توبة: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17]، وكل من عصى الله فهو جاهل، وإلا فمقتضى ذلك أن من عصى وهو يعرف الحكم أنه لا توبة له، للحصر: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ}.

طالب: ما نقول يا شيخ .......

ماذا؟

طالب: ....... من الدين بالضرورة.

ومعلوم من الدين بالضرورة، يعرف الإجماع على تحريم الخمر، لكن ما له توبة؟ انظر الكلام، انظر الآية، حصر: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ}، مقتضى أننا لو قلنا: إنه يعرف الحكم بدليله عالم وليس بجاهل نقول: ما له توبة، لكن كل من عصى جاهل.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ما هي؟

طالب: .......

للآية؟

طالب: .......

نعم، هو يستدل بالآية على العامد، مثل من تعمد وشرب الخمر ما له توبة؟

طالب: .......

ما فيه إشكال.

طالب: .......

يقول لك: "وهكذا لو تعمد الإفساد لم يخرج بذلك عن الحكم له بأحكام الإسلام؛ لأنه مسلم لم يعاند الشارع"، يقول لك: الخمر حرام بالكتاب والسنة والإجماع ويشرب ولا يعاند الشارع؟ يعني ما زال مُصرَّا معاندًا، لكن إذا تاب تاب الله عليه.

طالب: "فجرى عليه حكم الجاهل، إلا أن يترجح جانب الإبطال بالأمر الواضح، فيكون إذ ذاك جانب التصحيح ليس له مآل يساوي أو يزيد، فإذ ذاك لا نظر في المسألة، مع أنه لم يترجح جانب الإبطال إلا بعد النظر في المآل وهو المطلوب. ومما ينبغي على هذا".

"ينبني".

طالب: أحسن الله إليك.

 "ومما ينبني على هذا الأصل قاعدة الاستحسان، وهو في مذهب مالك: الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي، ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس، فإن من استحسن لم يرجع إلى مجرد ذوقه وتشهيه، وإنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشياء المفروضة، كالمسائل التي يقتضي القياس فيها أمرًا، إلا أن ذلك الأمر يؤدي إلى فوت مصلحة من جهة أخرى، أو جلْب مفسدة كذلك، وكثير ما يتفق هذا في الأصل الضروري مع الحاجي والحاجي مع التكميلي، فيكون إجراء القياس مطلقًا في الضروري يؤدي إلى حرج ومشقة في بعض موارده، فيستثنى موضع الحرج، وكذلك في الحاجي مع التكميلي، أو الضروري مع التكميلي وهو ظاهر".

يقول، عرف الاستحسان بأنه الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي، في مقابلة دليل كلي. يعني كالترجيح في مسألة بين أدلتها بغير مرجح، إنما هو بالاستحسان، بغير مرجح ظاهر، وإلا قد يكون عنده مرجح هو الذي جعله يميل إلى هذا القول استحسانًا، قد يكون ترجيحًا في حكم الدليل، يعني اختلف فيه العلماء من حيث الصحة والضعف، فاستروح ومال من خلال النظر في طرقه، وكذا من غير مرجح ظاهر، هذا أيضًا يدخل في باب الاستحسان. وهذا معروف عند المالكية، والحنفية، والطرف الآخر يقول: إنه تشريع، ومن استحسن فقد شرع.

الآن يقول: "ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس"، "الاستدلال المرسل على القياس"، هل هو يقصد الاستدلال بالحديث المرسل؟ أو المقصود به المعنى اللغوي المطلق على الدليل على القياس؟

طالب: كأنه الثاني يا شيخ.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الثاني يا شيخ.

نعم، الثاني، يعني الاستدلال على مسألة ليس فيها دليل، مرسلة مطلقة، على ما يعضده القياس. وإلا لو كان المقصود الاستدلال بالمرسل، ترجيح المرسل على القياس، المالكية والحنفية يحتجون بالمرسل، يحتجون به: (واحتج مالك كذا النعمان به وتابعوهما ودانوا)، فليس هذا هو المراد، الاحتجاج بالحديث المرسل وتقديمه على القياس، لا.

طالب: .......

المرسل المطلق: المعنى اللغوي، مطلقة، هذه مسألة مطلقة ما فيها دليل، لكن رُجحت على القياس؛ لمعنى انقدح في ذهن المجتهد، يرى أنها تحقق أو القول الذي ليس عليه دليل يحقق مصالح، ويدرأ مفاسد أكثر مما يؤيده القياس. ولكن لا يقال لهذا في مكان القياس دليل صحيح صريح، لا؛ لأن هذه معارضة.

طالب: .......

معروف القياس بأنواعه.

طالب: .......

عند المالكية، وسيجيء نعم.

طالب: "وله في الشرع أمثلة كثيرة كالقرض مثلاً، فإنه ربًا في الأصل، لأنه الدرهم بالدرهم إلى أجل، ولكنه أبيح لما فيه من المرفقة والتوسعة على المحتاجين، بحيث لو بقي على أصل المنع لكان في ذلك ضيق على المكلفين".

نعم. القرض دراهم مقدمة بدراهم مؤجلة، ما فيه تقابض، الأصل التساوي والتقابض، التساوي لا بد منه، لكن التقابض في القرض؟

طالب: لا.

ما يشترط، ما يشترط، وإلا فما معنى كونه قرضًا إلا أنه يقدم لينتفع المقترض، ولا يقصد من ذلك نفس التأجيل لذاته، وإلا فالأصل أنه لا بد من التقابض. لكن لو كان المقرض منتفعًا بنفع غير مادي، عنده دراهم يخاف عليها فأقرضها لمن يحفظها له ويعيدها متى ما طلبها، يضر هذا أم ما يضر؟ ما يضر؛ لأن المقترض منتفع، وهذا من باب الإرفاق لا من باب العقود. نعم.  

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

الاستحسان فيما لم يدل عليه دليل، أو ترجيح بغير مرجح، أما هذا ففيه نص.

طالب: .......

لا، هو ضربه مثال بأنه أخرج هذه الصورة مما يجب فيه التقابض للمرفق الإرفاق، نعم. لكن عندك أمور قد تكون شروطًا في عبادات أو في معاملات تُتجاوز هذه الشروط لأمور يسيرة، مثلاً الوقت ما هو بشرط لصحة الصلاة؟ وجمع التقديم بين المغرب والعشاء لمطر يبل الثياب، نعم. كيف تجاوزنا شرطًا لا تصح الصلاة إلا به لهذه المفسدة اليسيرة؟ ما هو من هذا النوع، للرفق بالناس عمومًا.

 يعني مثل ما ذكره المصنف -رحمه الله- في القرض، وأن الشرع تجاوز مسألة اشتراط التقابض لمصلحة المقترض، ذكر من الأمثلة مسألة العرايا وتجاوز الشرع عن المماثلة العلم بالتساوي لمصلحة المعرى أو المعري، وأيضًا مسألة الجمع بين الصلاتين وتجاوز عن شرط دخول الوقت لمصلحة عموم الناس في الرخصة، وإن كانت في بادئ النظر لولا الدليل ما يمكن أن يُتجاوز عن شرط.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

نعم، يحقق مصلحة ويدخل في الكليات.

طالب: .......

نعم، يدخل في كليات الشريعة إذا حقق مصلحة أو درأ مفسدة.

طالب: "بحيث لو بقي على أصل المنع لكان في ذلك ضيق على المكلفين، ومثله بيع العرية بخَرْصها تمرًا، فإنه بيع الرطب باليابس، لكنه أبيح لما فيه من الرفق ورفع الحرج بالنسبة إلى المُعَرِّي والمُعَرَّى".

"المُعْرِي".

طالب: أحسن الله إليك. "بالنسبة إلى المُعْرِي والمُعْرَى، ولو امتنع مطلقًا لكان وسيلةً لمنع الإعراء، كما أن ربا النسيئة لو امتنع في القرض لامتنع أصل الرفق من هذا الوجه".

يعني في العرية يكون الشخص عنده تمر باقٍ من العام الماضي، انتهت السنة وبقي عنده، وليس عنده ما يشتري به من الرطب، فيأتي إلى صاحب النخل ويقول: أعطني به رطبًا، فيُخرص من الرطب ما يساوي هذا، وإلا فالأصل المنع، ولذلك جاء في الحديث: «أينقص الرطب إذا جف؟»، قالوا: نعم، قال: «فلا إذًا». يعني ما يجوز، لكن العرية أبيحت إرفاقًا بالنسبة للمعرى، وقد تكون إرفاقًا بالنسبة للمعري؛ لأن بعض الناس يحسن ويتصدق على محتاج بنخلة أو نخلتين من مزرعته وبستانه، ثم يأتي هذا المُعرَى في أوقات متفاوتة ليأخذ من هاتين النخلتين، فيتضرر المُعرِي؛ لأنه يكون جالسًا هو وأسرته في هذا البستان ويدق عليه، ويأتي في أوقات متفاوتة. إذا تضرر يجوز له أن يعطيه من التمر بدلاً من هذا الرطب، وكل هذا يشمله النص، وإن اختلفوا في الصورة، هل المقصودة بالنص هل هي هذه أو هذه؟ نعم.

طالب: "ومثله الجمع بين المغرب والعشاء للمطر وجمع المسافر، وقصر الصلاة والفطر في السفر الطويل، وصلاة الخوف".

صلاة الخوف فيها تجاوز عن أركان، فيها تجاوز عن أركان، وفيها النقص في الصلاة إلى حد قد تصل إلى ركعة، فلو كانت في الأمن دون الخوف لما صحت الصلاة، لكن مصلحة اجتماع الناس وتمام الحراس والحيطة والحذر من العدو حصل هذا التجاوز، ولو قيل يمكن أن يحصل الجمع بين هذا وبين الصلاة على وجهها كاملة، تكون أكثر من جماعة، تصلي هذه الجماعة صلاة كاملة، ثم تأتي جماعة بإمام ثانٍ ويصلون صلاة كاملة، لكن ورد به النص، وإذا نهر الله بطل نهر معقل على ما قال الإمام مالك، ما دام النص ثابتًا فلا كلام لأحد، وإلا لو كان الدين بالرأي لقيل: يصلي هؤلاء الجماعة بإمام والجماعة تصلي الثانية بإمام وهؤلاء لا يصلون ولا يحرسون، ما يروح ناس ويرجعون وهم في صلاتهم، أو يتقدم ناس ويتأخر الناس من أجل المحافظة على إمام واحد، لكن قد تكون المصلحة في مقابلة العدو في هذا الفعل أكبر، والمعول في ذلك كله على النص.

طالب: "وسائر الترخصات التي على هذا السبيل، فإن حقيقتها ترجع إلى اعتبار المآل في تحصيل المصالح أو درء المفاسد على الخصوص، حيث كان الدليل العام يقتضي منع ذلك؛ لأنا لو بقينا مع أصل الدليل العام لأدى إلى رفع ما اقتضاه ذلك الدليل من المصلحة، فكان من الواجب رعي ذلك المآل إلى أقصاه، ومثله الاطلاع على العورات في التداوي والقراض والمساقاة وإن كان الدليل العام يقتضي المنع، وأشياء من هذا القبيل كثيرةً".

نعم. مسألة الاطلاع على العورات، وهذه أمور تقدر بقدرها من أجل التداوي، فلا يجوز أن يطلع الرجل على المرأة مع وجود امرأة ولا العكس، وقد يُفضي الترف في العمليات التجميلية إلى الاطلاععلى  العورات، وهذا لا يجوز، إنما أبيح للضرورة أو للحاجة، والضرورة تقدر بقدرها، والناس توسعوا في المستشفيات التجميلية، وحصل منهم أشياء لا تحمد، وقد حصل منهم تصوير لبعض هذه الأماكن، نسأل الله العافية.

طالب: "هذا نمط من الأدلة الدالة على صحة القول بهذه القاعدة، وعليها بنى مالك وأصحابه. وقد قال ابن العربي في تفسير الاستحسان بأنه إيثار ترك مقتضى الدليل على طريق الاستثناء والترخص، لمعارضة ما يعارض به في بعض مقتضياته، ثم جعله أقسامًا، فمنه ترك الدليل للعرف كرد الأيمان إلى العرف، وتركه إلى المصلحة كتضمين الأجير المشترك".

عند المالكية الدليل أو الأيمان والنذور مردُّها إلى نية الحالف والناذر أو إلى العرف؟

طالب: ...........

نعم، لكن المعروف عند المالكية أنهم يقولون...

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

لكن خلاف الجمهور مع المالكية في أصل المسألة أنه يرد إلى نية الحالف، والجمهور على العرف. بدليل أنه لو حلف أن لا يمس شاة، فوضع يده على ظهرها، هو قال: إن الشعر في حكم المنفصل، أنا ما مسست الشاة. نقول: لا، مسست الشاة؛ لأن العرف يقتضي ذلك.

طالب: "أو تركه للإجماع كإيجاب الغرم على من قَطَّ ذَنَب بغلة القاضي".

نعم. الغرم للبغلة بقيمتها كاملة؛ لأنها بغلة القاضي، وهذا ماذا فعل؟ قطع الذنب، فيغرم البغلة بكاملها، ما يغرم الأرش؛ لأن الأثر بالنسبة للقاضي في ركوب بغلة لا ذَنَب لها أشد من الأثر بالنسبة لعامة الناس. لو دخل شخص في مجلس القضاء مثلاً أو في مجلس الحاكم، فجاء معه مقص فقطع الشماغ قسمين، بالنسبة للقاضي أو الأمير هل الأثر في ذلك مثل عامة الناس أو المستخدم أو ما أشبه ذلك؟ قالوا: يزاد عليه في العقوبة، مثل الذي عندنا: "قط ذنب بغلة القاضي".

طالب: .......

ماذا؟

طالب: يأخذ البغلة يعني .......

لا، ما يأخذها عقوبة له، لو يأخذها كان...

طالب: .......

تتساوى في الجملة، لكن «أمرنا أن ننزل الناس منازلهم»، هذا الحديث صحيح ترى.

طالب: .......

بكل شيء، كل ما يقتضيه هذا.

طالب: "وتركه في اليسير لتفاهته لرفع المشقة وإيثار التوسعة على الخلق، كإجارة التفاضل اليسير في المراطلة الكثيرة".

أين رحت؟

طالب: أحسن الله إليك.

طالب: .......

نعم، "وتركه".

طالب: "وتركه في اليسير لتفاهته لرفع المشقة وإيثار التوسعة على الخلق، كإجازة التفاضل اليسير في المراطلة الكثيرة، وإجازة بيع وصرف في اليسير".

يعني الأمور اليسيرة التي لا يلتفت إليها، لو بعت صاعًا بصاع من القمح من الحب وزاد حبات يسيرة في هذا الصاع دون ذاك، أو صاع تمر بصاع تمر وزاد تمرة أو شيئًا، هذه أمور سهلة.

طالب: "وقال في أحكام القرآن: الاستحسان عندنا وعند الحنفية هو العمل بأقوى الدليلين، فالعموم إذا استمر والقياس إذا اطرد، فإن مالكًا وأبا حنيفة يريان تخصيص العموم بأي دليل كان، من ظاهر أو معنًى، ويستحسن مالك أن يُخص بالمصلحة، ويستحسن أبو حنيفة أن يُخص بقول الواحد من الصحابة الوارد بخلاف القياس".

مع أن من قواعدهم تقديم القياس على خبر الواحد إذا تعارضا.

طالب: "ويريان معًا تخصيص القياس ونقض العلة، ولا يرى الشافعي لعلة الشرع إذا ثبتت تخصيصًا".

والمراد بالعلة التي يقصدها الشافعي العلة المنصوصة أو المومأ إليها، لكن المستنبطة قد يدخلها التخصيص.

طالب: .......

يعني تخصيص القياس أو تخصيص النص العام بقول الصحابي المخالف للقياس.

طالب: .......

القياس أصل عندهم، وعند الحنفية له شأن غير عند المالكية، معروف هذا، ولذلك معارضة خبر الواحد إذا خالف القياس عند الحنفية يقدمونه على خبر الواحد، بخلاف غيرهم من الأئمة كما هو معلوم، والمسألة النظر في عمومها شأنه شأن كتب الأصول، والمسألة خلافية ومعروفة، والمخصصات عندهم كثيرة جدًّا، خصصوا بالعقل.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

الفقيه، لا هذا في روايته عن النبي، إذا خالف القياس لا بد أن يكون فقيهًا.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

ماذا فيها؟

طالب: .......

نعم، لكن هذا نص منه -عليه الصلاة والسلام-، ما هو من فعل أبي بكر فقط، اكتسب الشرعية من إقرار الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ما يقال: إنه تخصيص بفعل أبي بكر. نعم.

طالب: "وهذا الذي قال هو نظر في مآلات الأحكام، من غير اقتصار على مقتضى الدليل العام والقياس العام. وفي المذهب المالكي من هذا المعنى كثير جدًّا، وفي العتبية من سماع إِصْبَغٍ".

"من سماع"؟

طالب: "من سماع".

"أَصْبَغَ".

طالب: أحسن الله إليك. "من سماع أَصْبَغَ في الشريكين يطآن الأمَة في طهر واحد فتأتي بولد، فينكر أحدهما الولدُ دون الآخر".

"الولدَ".

طالب: أحسن الله إليك. "فينكر أحدهما الولدَ دون الآخر أنه يكشف منكر الولد عن وطئه الذي أقر به، فإن كان في صفته ما يمكن فيه الإنزال، لم يلتفت إلى إنكاره، وكان كما لو اشتركا فيه، وإن كان يدعي العزل من الوطء الذي أقر به، فقال أَصْبَغُ: إني أستحسن هنا أن ألحقه بالآخر".

لأنها قد تحمل ولو حصل العزل، قد تحمل منه ولو حصل العزل، يسبق الماء إذا أراده الله- جل وعلا-.

طالب: "والقياس أن يكونا سواء، فلعله غُلب ولا يدري".

"غُلب" سبق ماؤه إليها وإن عزل، كما أنها قد تحمل ولو استعملت الموانع.

طالب: أحسن الله إليك، الأمة يشترط .......

لا لا، ما يجوز، لكن وطئت، مع التحريم، الولد لمن؟

طالب: "وقد قال عمرو بن العاص في نحو ذلك: إن الوكاء قد يتفلت. قال: والاستحسان في العلم قد يكون أغلبَ من القياس، قال: وقد سمعت ابن القاسم يقول ويروي عن مالك أنه قال: تسعة أعشار العلم الاستحسان".

في مقابل من يقول: من استحسن فقد شرَّع، ويمنع الاستحسان.

طالب: "فهذا كله يوضح لك أن الاستحسان غير خارج عن مقتضى الأدلة، إلا أنه نظر إلى لوازم الأدلة ومآلاتها، إذ لو استمر على القياس هنا كان الشريكان بمنزلة ما لو كانا يَعزلان أو يُنزلان؛ لأن العزل لا حكم له إذ أقر بالوَطء".

لأنه تثبت به أحكام الوطء ولو عزل.

طالب: "ولا فرق بين العزل وعدمه في إلحاق الولد، لكن الاستحسان ما قال؛ لأن الغالب أن الولد يكون مع الإنزال ولا يكون مع العزل إلا نادرًا، فأجرى الحكم على الغالب، وهو مقتضى ما تقدم، فلو لم يعتبر المآل في جريان الدليل لم يفرق بين العزل والإنزال، وقد بالغ أصبَغُ في الاستحسان حتى قال: إن المغرق في القياس يكاد يفارق السنة، وإن الاستحسان عماد العلم".

"المغرق في القياس" ويستعمله في جميع المسائل، وهذا من واقع من أغرق في القياس، تجده في الغالب يكون نصيبه من الأثر قليلًا، يكون نصيبه من الأثر، يكتفي بالقياس، وهذا جرت به العادة فيمن يعتمد النظر والرأي أنه لا يوفق لحفظ الأدلة واستحضارها، بخلاف من يكون معوله وعمدته على الأثر وعنايته واهتمامه بالنص.

طالب: "والأدلة المذكورة تَعضُد ما قال. ومن هذا الأصل أيضًا تُستمد قاعدة أخرى، وهي أن الأمور الضرورية أو غيرَها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفها من خارج أمور لا تُرضى شرعًا، فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج، كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال".

يعني لو قال شخص: أنا لن أتزوج، قيل: لماذا؟ لأن الزوجة تحتاج إلى نفقة، وقد تأتي بأولاد يحتاجون بأموال للإنفاق عليهم، والآن الأسواق أسواق المسلمين فيها المتشابه كثير، وفيها المحرم أيضًا، وقد أطلب الحلال ولا أستطيع الحصول عليه إلا بنوع شبهة، فلا أتزوج. مثل هذا وجيه أم ما هو بوجيه؟ لا، هذا ليس بوجيه.

طالب: "واتساع أوجه الحرام والشبهات، وكثيرًا ما يلجأ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز".

لأنه مضطر أن يوجد ما ينفق عليهم به.

طالب: "ولكنه غير مانع لما يؤول إليه التحرز من المفسدة المُرْبِيَّة".

"المُرْبِيَة".

طالب: أحسن الله إليك.

يعني الزائدة، يعني مفسدة راجحة، لو كل شخص وصل به الورع إلى هذا الحد ما تزوج أحد.

طالب: "ولكنه غير مانع لما يؤول إليه التحرز من المفسدة المُرْبِيَة على توقُّع مفسدة التعرُّض، ولو اعتُبر مثل هذا في النكاح في مثل زماننا، لأدَّى إلى إبطال أصله، وذلك غير صحيح".

يعني لكثرت الشبهات والمحرمات أيضًا، وهذا يقوله الشاطبي قبل كم سنة؟ كم قرنًا؟ نعم سبعة أو ستة من القرون، المقصود أنه إذا كان ذلك في عصرهم، فكيف بما جاء بعده من العصور إلى وقتنا هذا؟ حتى إنه يوجد من يفتي ببعض صور الربا الصريح، والله المستعان.

طالب: "وكذلك طلب العلم إذا كان في طريقه مناكير".

"مَناكِر".

طالب: أحسن الله إليك.

طالب: .......

جمع منكر.

طالب: أحسن الله إليك. "إذا كان في طريقه مناكر يسمعها ويراها، وشهود الجنائز وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يُرتضى".

يعني لو قيل لشخص: لماذا لا تحج؟ قال: الحج يجتمع فيه الناس من الأقطار، وبعضهم من بلدان يتساهلون في أمر نسائهم، فأنا لا أحج لهذا السبب. وإذا قيل له: لا تعتمر في رمضان، قال: الناس يجتمعون ويكثر التبرج وتكثر المخالفات وغير ذلك من الأعذار. يعني فرق بين أن يقول ذلك في مقابل حجة الإسلام، وبين أن يقول ذلك في مقابلة نفل. النفل هو طبيب نفسه، إذا كان يتأثر بهذا أو يكتسب من الأوزار أكثر مما يتوقع من المصالح والأجور، فالأمر إليه. لكن في مقابل حجة الإسلام يكون مثل: {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49].

طالب: "فلا يُخرج هذا العارض تلك الأمور عن أصولها؛ لأنها أصول الدين وقواعد المصالح، وهو المفهوم من مقاصد الشارع، فيجب فهمهما حق الفهم، فإنها مثار اختلاف وتنازع، وما ينقل عن السلف الصالح مما يخالف ذلك قضايا أعيان لا حجة في مجردها حتى يُعقل معناها، فتصير إلى موافقة ما تقرر إن شاء الله، والحاصل أنه مبني على اعتبار مآلات الأعمال، فاعتبارها لازم في كل حكم على الإطلاق، والله أعلم".

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* * *

نعم.

طالب: .......

هم عندهم خبر الواحد إذا خالف القياس، وليس هذا مطردًا أيضًا؛ لأنه وُجد عندهم من الأخبار الضعيفة مما يخالف القياس وعملوا به وهو ضعيف، لكن القاعدة والأصل عندهم: إذا خالف القياس فهو المقدم، لكن قد يأخذون بقول الصحابي ولو خالف القياس، وقد يأخذون بخبر ضعيف ولو خالف القياس، مثل ماذا؟

طالب: ......

 الوضوء بالنبيذ، جوَّزوا الوضوء بالنبيذ لحديث ضعيف جدًّا، وهو مخالف للقياس.

"