شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (317)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: ما زلنا في حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، توقفنا عند حكم غسل الرجلين وتفصيل كلام أهل العلم في المسألة، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فقد مضى النقل عن إمام المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الذي نسب إليه القول بالمسح، ونسب إليه القول بالتخيير، ونسب إليه القول بالجمع، ثم أردفنا ذلك بالنقل عن الألوسي، وكلامه مفصل ومطول، ومن أراده يرجع إليه في تفسيره، وأشار الألوسي فيما نقلناه عنه أن المراد بابن جرير المذكور في كلام أهل العلم أنه محمد بن جرير بن رستم، وهو من الشيعة، ويلتبس بأبي جعفر محمد بن جرير الطبري إمام من أئمة أهل السنة، بعد هذا فيه كلام لابن العربي في أحكام القرآن، يقول -رحمه الله-: وجملة القول في ذلك أن الله سبحانه عطف الرجلين على الرأس، فقد ينصب على خلاف إعراب الرأس، أو يخفض مثله، والقرآن نزل بلغة العرب، وجملة القول في ذلك أن الله سبحانه عطف الرجلين على الرأس، فقد ينصب على خلاف إعراب الرأس، يكون عطف عليه إذا جاء على خلافه؟

المقدم: لا، كيف يعطف على متخالفين!

لكن هناك عطف على اللفظ، وعطف على المحل فقد يعطف عليه بإعرابه، يقول: فقد ينصب على خلاف إعراب الرأس أو يخفض مثله، والقرآن نزل بلغة العرب وأصحابه رؤوسهم، أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- رؤوسهم وعلماؤهم لغة وشرعًا، وقد اختلفوا في ذلك، فدل على أن المسألة محتملة لغة محتملة شرعًا، لكن تعضد حالة النصب على حالة الخفض بأن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – تعضد يعني ترجح، حالة النصب على حالة الخفض بأن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – غسل وما مسح قط، وبأنه رأى قومًا تلوح أعقابهم فقال: «ويل للأعقاب من النار»، «ويل للعراقيب من النار » فتوعد بالنار على ترك إيعاب غسل الرجلين، فدل ذلك على الوجوب بلا خلاف، وتبين أن من قال من الصحابة: إن الرجلين ممسوحتان لم يعلم بوعيد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – على ترك إيعابها، علمًا بأنه تقدم في الكلام.

المقدم: تقدم ما يصح..

نعم أنه كله كذب وافتراء على الصحابة- رضوان الله عليهم-، يقول -رحمه الله-: وطريق النظر البديع أن القراءتين محتملتان، وأن اللغة تقضي بأنهما جائزتان، فردهما الصحابة إلى الرأس مسحًا، فلما قطع بنا حديث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم –، ووقف في وجوهنا وعيدُه، قلنا: جاءت السنة قاضيةً بأن النصب يوجب العطف على الوجه واليدين، ودخل بينهما مسح الرأس، وإن لم تكن وظيفته كوظيفتهما؛ لأن وظيفتهما الغسل، ووظيفته المسح؛ لأنه مفعول قبل الرجلين لا بعدهما فذُكر لبيان الترتيب لا ليشتركا في صفة التطهير، إدخال الممسوح بين المغسولات، يقول أهل العلم: أن له فائدة، لا يخلو من فائدة، لا يمكن أن تقطع العرب لا يمكن في أسلوبها أن تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة لغرض، قالوا: وهذا الغرض هو وجوب الترتيب، فذكر لبيان الترتيب، لا ليشتركا في صفة التطهير، وجاء الخفض ليبين أن الرجلين يمسحان حال الاختيار على حائل، وهما الخفان بخلاف سائر الأعضاء، فعطف بالنصب مغسولًا على مغسول، وعطف بالخفض ممسوحًا على ممسوح، وصح المعنى فيه، هذا كلام ابن العربي.

 

الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- في تفسيره "أضواء البيان" يقول في قوله: (وأرجلِكم)، { وأَرْجُلَكُمْ }، (وأرجلُكم) ثلاث قراءات، واحدة شاذة، واثنتان متواترتان، أما الشاذة فقراءة الرفع وهي قراءة الحسن، وأما المتواترتان فقراءة النصب وقراءة الخفض، أما النصب فهو قراءة نافع وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية حفص من السبعة، ويعقوب من الثلاثة، وأما الجر فهو قراءة ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، أما قراءة النصب فلا إشكال فيها؛ لأن الأرجل فيها معطوفة على الوجه، وتقدير المعنى عليها { فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ } { وأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ } { وامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ وإنما أدخل الرأس بين مغسولات محافظة على الترتيب؛ لأن الرأس يمسح بين المغسولات، ومن هنا أخذ جماعة من العلماء وجوب الترتيب في أعضاء الوضوء حسبما في الآية الكريمة، وأما على قراءة الجر ففي الآية الكريمة إجمال، وهو أنها يفهم منها الاكتفاء بمسح الرجلين في الوضوء عن الغسل كالرأس، وهو خلاف الواقع للأحاديث الصحيحة الصريحة في وجوب غسل الرجلين في الوضوء والتوعد بالنار لمن ترك ذلك كقوله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «ويل للأعقاب من النار».

 يقول -رحمه الله-: اعلم أولًا أن القراءتين إذا ظهر تعارضهما في آية واحدة لهما حكم الآيتين كما هو معروف عند العلماء، وسبق أن فرقنا بين الآيتين وبين الروايتين في الحديث..، الروايتين في الحديث الواحد، والقراءتين في الآية الواحدة، فرقنا بين هذا، وقلنا: إن الحديث باعتبار جواز الرواية بالمعنى يحتمل أن تكون الروايات الأخرى مروية بالمعنى أما الآية فلا، متواترة ومقطوع بها.

 يقول: اعلم أولًا أن القراءتين إذا ظهر تعارضهما في آية واحدة لهما حكم الآيتين كما هو معروف عند العلماء، وإذا علمت ذلك فاعلم أن قراءة { وأَرْجُلَكُمْ } بالنصب صريح في وجوب غسل الرجلين في الوضوء، فهي تفهم أن قراءة الخفض إنما هي لمجاورة المخفوض، يعني على كلام الشيخ يمكن حمل قراءة الجر على مسح الخف، مسح الرجل إذا كان عليها الخف، الأمر الثاني: أن الجر لا للعطف المؤثر على رؤوسكم، وإنما هو بمجرد المجاورة، يقول: فهي تُفهم أن قراءة الخفض إنما هي لمجاورة المخفوض مع أنها في الأصل منصوبة، بدليل قراءة النصب والعرب تخفض الكلمة لمجاورتها للمخفوض مع أن إعرابها النصب أو الرفع، وما ذكره بعضهم من أن الخفض بالمجاورة معدود من اللحن الذي يحتمل لضرورة الشعر خاصة، وأنه غير مسموع في العطف، وأنه لم يجز إلا عند أمن اللبس فهو مردود بأن أئمة اللغة العربية صرحوا بجوازه، وممن صرح به الأخفش وأبو البقاء، الأخفش إذا أطلق.

المقدم: لغوي؟ ..نعم إذا أطلق..

إذا أطلق، الأخافش ثلاثة عشر أو أكثر.

المقدم: نحن قلنا الأخفش إذا أطلق.

فالمراد به...؟

المقدم: الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة.

سعيد بن مسعدة، وأبو البقاء، أبو البقاء العكبري، له كتب في الإعراب إعراب القرآن وإعراب الحديث.

المقدم: تنطق العُكبري.

نعم العُكْبَري نعم. فيه أبو البقاء صاحب الكليات، أبو البقاء الكفوي، متأخر عنه، وأبو البقاء وغير واحد، ولم ينكره إلا الزجاج، وإنكاره له مع ثبوته في كلام العرب وفي القرآن العظيم يدل على أنه لم يتتبع المسألة تتبعًا كافيًا؛ لأن علماء اللغة وأئمة اللغة أمثال هؤلاء لا يحكمون بمفردات، وإنما يحكمون بالتتبع والاستقراء، هذا يدل على أنه لم يتتبع المسألة تتبعًا كافيًا.

 يقول الشيخ -رحمه الله-: والتحقيق أن الخفض بالمجاورة أسلوب من أساليب اللغة العربية، وأنه جاء في القرآن؛ لأنه بلسان عربي مبين، وبه جزم ابن قدامة في المغني، قال: مجرور بالمجاورة، والبيهقي في السنن الكبرى، فإنه قال ما نصه: باب قراءة من قرأ وأرجلكم نصبًا، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة، ثم ساق أسانيده إلى ابن عباس وعلي وعبد الله بن مسعود وعروة بن الزبير، ومجاهد وعطاء والأعرج وعبد الله بن عمرو بن غيلان، ونافع بن عبد الرحمن القاري، وأبي محمد يعقوب بن إسحاق بن يزيد الحضرمي، أنهم قرؤوها كلهم { وأَرْجُلَكُمْ } بالنصب.

 قال: وبلغني عن إبراهيم بن يزيد التيمي أنه كان يقرؤها نصبًا، وعن عبد الله بن عامر وعن عاصم برواية حفص وعن أبي بكر بن عياش من رواية الأعمش وعن الكسائي كلهم نصبوها، ومن خفضها فإنما هو للمجاورة، هذا كلام البيهقي -رحمه الله-، قال الأعمش: كانوا يقرؤونها بالخفض وكانوا يغسلونها. انتهى كلام البيهقي.

ثم ذكر الشيخ الأمين أمثلة لما جر بالمجاورة من القرآن والشعر والنثر من كلام العرب، ثم قال: وقال بعض العلماء: المراد بمسح الرجلين غسلهما، والعرب تطلق المسح على غسل أيضًا وتقول: تمسحت بمعنى توضأت، ومسح المطر الأرض أي غسلها، ومسح الله ما بك أي غسل عنك الذنوب والأذى ولا مانع من كون المراد بالمسح في الأرجل هو الغسل، والمراد به في الرأس المسح الذي ليس بغسل وليس من حمل المشترك على معنييه؛ لأنه إذا قلنا مسح {وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلِكُمْ} المسح هنا حقيقة واحدة، فكيف نقول: إنه بالنسبة للرأس مسح، وبالنسبة للرجلين غسل، هذا استعمال للمشترك حمل للمشترك على معنييه، كما يقال في حمل اللفظ على حقيقته ومجازه، يعني هل يصح إذا قلتَ: رأيتُ عينًا أنك تريد بالعين في هذه الجملة العين الباصرة، والعين الجارية، والعين التي هي الذهب.

المقدم: والعين الجاسوسة.

نعم، هل تريد كل الأمور؟ ما يمكن، يعني نظيره من رأى جماعة فصوّت يا محمد ثم التفت إليه عشر، هو يقصد العشرة أم واحد منهم؟

المقدم: يقصد محمدًا..

يقصد واحدًا هذا الأصل، يقول -رحمه الله-: ولا مانع من كون المراد بالمسح في الأرجل هو الغسل والمراد في الرأس المسح الذي هو ليس بغسل، وليس من حمل المشترك على معنييه، ولا من حمل اللفظ على حقيقته ومجازه؛ لأنهما مسألتان كل منهما منفردة عن الأخرى، قد يقول قائل: أنت تقول: هذا ليس من حمل المشترك على معنييه، ولا من حمل اللفظ على حقيقته ومجازه، لكن خصمك ماذا يقول؟

المقدم: ينفي.

لأنك بمجرد قولك: ليس منه، يقول إلا منه، لابد أن تأتي بالبرهان يدل على أنه ليس منه، قال: لأنهما مسألتان كل منهما منفردة عن الأخرى مع أن التحقيق جواز حمل المشترك على معنييه، كما حققه الشيخ تقي الدين بن تيمية في رسالته في علوم القرآن، له مقدمة في أصول التفسير، وذكر هذا الكلام، لكن على أن لا يمنع من ذلك مانع، يقول: مع أن التحقيق جواز حمل المشترك على معنييه كما حققه الشيخ تقي الدين بن تيمية في رسالته في علوم القرآن، وحرره أنه هو الصحيح في مذاهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله-، وجمع ابن جرير الطبري..

طيب لماذا لا يكون شيخ الإسلام حينما قال: يجوز حمل المشترك على معنييه، ألا يمكن أن يقول: جواز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه؟ يمكن أن يقول هذا أو لا يمكن؟ الشيخ لا يرى المجاز أصلًا.

وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره بين قراءة النصب والجر بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين؛ لأن العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق، وهما من المغسولات بلا نزاع، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل، يعني الدلك باليد أو غيرها، وهذا قد تقدم بوضوح في كلام ابن جرير الطبري، والظاهر الشيخ الأمير -رحمه الله- يقول: والظاهر أن حكمة هذا في الرجلين دون غيرهما، يعني جمع بين الغسل والمسح والدلك الذي هو الدلك.

 يقول: والظاهر أن حكمة هذا في الرجلين دون غيرهما أن الرجلين هما أقرب أعضاء الإنسان إلى ملابسة الأقذار لمباشرتهما الأرض، فناسب ذلك أن يجمع لهما بين الغسل بالماء والمسح أي الدلك باليد؛ ليكون ذلك أبلغ في التنظيف، وقال بعض العلماء المراد بقراءة الجر المسح، ولكن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بين أن ذلك لا يكون إلا على الخف، وعليه فالآية تشير إلى المسح على الخف في قراءة الخفض، والمسح على الخفين إذا لبسهما طاهرًا متواتر عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم –؛ إذ لم يخالف فيه إلا من لا عبرة به، يعني لا يعتد بقول المخالف، ولذلك أهل السنة يدخلون مسألة المسح على الخفين في كتب العقائد، باعتبار أن المخالف من المبتدعة ليس من أهل السنة.

 هذه المسألة لأهميتها فصلنا فيها القول في هذا الموضع مع أنه تقدم الكلام فيها بشيء من البسط إلا أن فيه نقصًا كبيرًا عن هذا، وفيه أيضًا زيادات في شرح حديث ابن عباس، فإذا جمع هذا الشرح إلى حديث ابن عباس الذي تقدم فلعل الصورة تكون جلية واضحة، لا يبقى فيها أدنى لبس.

المقدم: حديث ابن عباس في ذات الباب، في باب الوضوء.

في كتاب الوضوء نعم، ثم قال يعني عثمان بن عفان راوي الحديث.

المقدم: ثم قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -

ثم قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم قال الأولى عثمان بن عفان راوي الحديث، قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «من توضأ وضوءًا نحو وضوئي هذا» يقول القسطلاني: أي مثله، «نحو وضوئي هذا» يقول القسطلاني: أي مثله، نحو مثل، مثل مثل..

المقدم: نحو ما تأتي مثل.

ليست مثل.

المقدم: لو كان مثل لكان مشقة يا شيخ.

لكن الرسول ما قال من توضأ مثل وضوئي.

المقدم: نعم نحو وضوئي..

مع أنه جاء في بعض الروايات هذا، ولعلها من الرواية بالمعنى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال إحدى الكلمتين.

المقدم: مرة كدا ومرة.

قال واحدة، إحدى الكلمتين، وبعض الرواة نقلها بالمعنى، ورأى مثلًا أن المثل مثل ما قال هنا القسطلاني أي مثله، لكن بين نحو ومثل فرق من حيث إن لفظ مثل يقتضي المساواة من كل وجه، إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين بحيث يخرجان عن الوحدة، ما معنى هذا الكلام؟ (نحو وضوئي هذا) قال القسطلاني: أي مثله، لكن بين نحو ومثل فرق من حيث إن لفظ مثل يقتضي المساواة من كل وجه إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين بحيث يخرجان عن الوحدة، يعني ليس بينهما فرق إلا أنهما فعلان، إلا أنهما فعلان ليسا بفعل واحد، الذي يخرجهما عن الوحدة فقط.

المقدم: هذا إذا قلنا مثل...

مثل مطابقة من كل وجه.

المقدم: إلا أن هذا الفعل مستقل تمامًا عن ذاك.

عن الفعل الثاني.

المقدم: تغاير في الوحدة.

نعم، بحيث يقول إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين بحيث يخرجان عن الوحدة، يعني من وجوه المماثلة في الفعلين أنهما صدرا من شخص واحد، يعني من وجوه المماثلة بين الفعلين.

المقدم: صدروهما عن شخص.

عن شخص واحد، لكن هنا قال: إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين بحيث يخرجان عن الوحدة، حتى صدورهما من شخص واحد يخرجان عن الوحدة؛ لأنه كونه توضأ مرتين خرج عن الوحدة، فلا يمكن أن يقال لفعل واحد إنه مثل نفس الفعل، وهنا إشكال يحتاج إلى إيضاح، ويهم طلاب الحديث أهمية بالغة، ينبغي أن يعنى به طلاب الحديث.

 يعني حينما يقول الحاكم -رحمه الله-: صحيح على شرط الشيخين، صحيح على شرط الشيخين، ويقول أهل العلم: المرجح عندهم أنه إذا كان الحديث برواة خرّج لهما الشيخان على الهيئة والصورة المجتمعة، خرّج لهما صار على شرط الشيخين، يعني لو خرّج الحاكم حديثًا من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر قلنا: على شرط الشيخين؛ لأن الشيخين خرجا لمالك عن نافع عن ابن عمر، لكن لو خُرّج الحديث عن مالك عن شخص لم يخرج له البخاري خرج له مسلم قلنا: على شرط مسلم، أو روى الحديث مالك عن شخص لم يخرج له مسلم، وإنما خرج له البخاري قلنا: صحيح على شرط البخاري، وإذا خرج الحديث عن مالك عن شخص لم يخرج له الشيخان، قال: صحيح في حسبه، يعني لا يقول: على شرط البخاري ولا مسلم، هذا المقرر عند أهل العلم، لكن ماذا عن قوله في مقدمة المستدرك؟ وأنا أستخير الله أو أستعين الله على إخراج أحاديث احتج بمثلها الشيخان، هل نقول: المماثلة مطابقة؟

المقدم: من كل وجه؟

لا، حينما قال أهل العلم: إن المثل هنا أنفسهم، حينما قال أهل العلم: إن شرط الشيخين نفس الرواة، نفس الرواة وهو يقول:

المقدم: احتج بمثلهما الشيخان.

نعم.

المقدم: معناها احتجاج الشيخين أيضًا. . . في الرواة.

قلنا: المماثلة، قلنا: غيرهم ليسوا هم، ما مثلهم، ليسوا هم مثل ما يقتضي الإخراج عن الوحدة؛ لأن المثلية وإن كانت مطابقة إلا أن فيها مغايرة، يعني حقيقة غير حقيقة، وتحتاج إلى توضيح، إن كان بقي وقت، ما ذكرنا أن القول المحقق المحرر عند جمع من أهل العلم أن المراد بشرط الشيخين رجالهما أنفسهم حينما يقول الحاكم: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث احتج بمثلها الشيخان، يعني الرواة، يعني بمثل رواتها، لماذا؟

لأن المثلية.. مطابقة المثلية بالنسبة للأحاديث مجزوم بالمغايرة، لماذا؟ لأن الحاكم يستدرك على الشيخين، لا يخرج أحاديث الصحيحين، فهذه مغايرة من كل وجه، يبقى الكلام في الرواة هل هم هم أنفسهم كما قرره أكثر المحققين من أهل الحديث، أم هم غيرهم، لكنهم يساوونهم في الدرجة والمرتبة، مقتضى المثلية أنهم غيرهم، وقول أهل العلم: إن المراد بهم أنفسهم يختلف عن مقتضى المثلية.

المقدم: فهنا فيه التغاير.

ففيه تغاير.

المقدم: دعنا يا شيخ إذا أذنت لنا شحذًا لهمم الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات خلال مدة انتظارهم الحلقة القادمة أن يبحثوا هذه المسألة، إن شاء الله.

طيب.

المقدم: تدلهم على مكان للبحث.

هي مبحوثة في كتب المصطلح عند المراد بشرط الشيخين والخلاف في ذلك وشرط الشيخين فيه مؤلفات.

المقدم: جيد، إذًا إن شاء الله نرجئ الحديث وتفصيل هذه المسألة والإجابة عنها إلى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.

بهذا نصل أيها الإخوة والأخوات إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

 لقاؤنا بكم بإذن الله في الحلقة القادمة وأنتم على خير، شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.