تعليق على تفسير سورة المائدة من أضواء البيان (08)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

قال الشيخ/ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ}[المائدة:15] الآية. لم يُبين هنا شيئًا من ذلك الكثير الذي يُبينه لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما كانوا يُخفون من الكتاب، يعني التوراة والإنجيل، وبيَّن كثيرًا منه في مواضع أُخر، فمما كانوا يخفون من أحكام التوراة رجم الزاني المحصن، وبيَّنه القرآن في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُون}[آل عمران:23] يعني يدعون إلى التوراة؛ ليحكم بينهم في حد الزاني المحصن بالرجم، وهم معرضون عن ذلك منكرون له".

جاء بيان هذا الحد الذي هو الرجم بالنسبة لليهوديين الذين زنيا، زنى يهوديٌّ بامرأةٍ يهودية، فجاؤوا إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- من أجل إقامة الحد، فسألهم ما الحد عندكم؟ فقالوا: إنهم يُسوَّدون تُسوَّد وجوههم، وجحدوا الرجم، فطلب النبي –عليه الصلاة والسلام- التوراة، فلمَّا فُتِحت التوراة جاء شخصٌ يُقال له: ابن صوريا، فوضع يده على آية الرجم، فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك، يقول له يرفع يده، فرفع يده، فإذا آية الرجم تلوح، فأمر بهما –عليه الصلاة والسلام- فرُجِما.

"ومن ذلك، ما أخفوه من صفات الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كتابهم، وإنكارهم أنهم يعرفون أنه هو الرسول، كما بينه تعالى بقوله: {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِين}[البقرة:89].

ومن ذلك إنكارهم أن الله حرم عليهم بعض الطيبات بسبب ظلمهم ومعاصيهم، كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}[النساء:160]، وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُون}[الأنعام:146].

فإنهم أنكروا هذا، وقالوا: لم يُحرَّم علينا إلا ما كان محرمًا على إسرائيل، فكذبهم القرآن في ذلك، في قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِين}[آل عمران:93]".

من الطرائف التي نُشِرت في الأيام الأخيرة بمناسبة ما ذُكِر من تحريم الشحوم عليهم، قالوا: إنهم بثوا دعاية عريضة على أن الشحوم ضارة، وضررها بالغ، ونَفّروا الناس منها؛ لأنها مُحرَّمةٌ عليهم، ويُريدون أن يحرموا الناس منها، والذي ذكر هذا البيان أثبت من طريق بعض الأطباء أن الشحوم الطبيعية الحيوانية غير ضارة، وإنما الضرر في الزيوت المُصنَّعة الضرر فيها، وحصل في مناسباتٍ كثيرة أن بعض الناس نراه يأكل من الشحوم شيئًا يُنافي منافاةً تامة ما يُذكر عنها من الضرر، ومع ذلك لا يتضرر، فلا شك أن كلام اليهود وما بثوه عن الشحوم إن لم يُوافقه كلام الأطباء، ومختبرات الأطباء، والضرر الواقع حقيقةً، وإلا فهم قومٌ بُهت، هم حُرموا من هذه الشحوم مع أنهم استحلوا ما هو أعظم منها، يعني المسألة وقفت على الشحوم، استحلوا قتل الأنبياء، ومع ذلك يقفون عند هذه الشحوم، ويبثون ضدها الدعايات بحيث يوافقهم غيرهم على تركها.

وعلى كل حال الأطعمة عمومًا سواء ما كان منها ما قيل عنه: إنه ضار، وما قيل عنه: إنه نافع، فالضرر والنفع نسبي، تجد هذا ضارًّا لزيد من الناس، ونافعًا لعمرو، وتجد ذاك العكس، فهذه الشحوم رأينا من يأكلها وبكثرة إلى وقتٍ قريب، وكبار السِّن الإلية تُؤكل كاملة من قِبل شخص واحد، والظهر يُجرد جردًا، والسمن في الأواني الكبيرة يُشرَب شُربًا مثل الماء، نعم أجساد الناس تغيرت قدرتهم، وتحملهم للأمور اختلفت الأول الواحد يصير إذا ما كان يعمل يأكل الوزنتين والثلاث من التمر بجلسة واحدة، الوزنة كيلو ونصف يأكلون، ويشرب القدح فيه السمن الذي يأخذ ثلاثة لتر، أربعة لتر بجلسة واحدة ولا يتضررون.

والآن نرى بعض الناس ممن يُؤيد أن هذه الشحوم الطبيعية من بهيمة الأنعام أنها ضررها يسير، قد يكون ضارًّا لبعض الناس مثل ما يضره اللحم، ومثل ما يضره التمر، مثل ما يضره أنواع الأطعمة، لكن الحملة التي شُنَّت على الشحم بحيث لا يتناول منه ولا شيء يسير هذا فيه ما فيه، لاسيما بعض الناس، فالتجربة أكبر برهان. أنا من أضعف الناس تحملًا في المعدة وفي.... يعني تهفو النفس إلى قطعةٍ من الشحم، ولا حصل شيءٍ، ولله الحمد.

{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُون}[الأنعام:146] فهم حُرِّمت عليهم الشحوم، وبسبب ذلك بثوا هذه الدعاية، ولا أدري هو تقرير واحد من أكثر من واحد، ما هو بواحد، أنهم هم السبب في بث هذه الدعاية، والمسألة طبية قد يُؤيد الأطباء ما يُقال، وقد ينفونه.

"ومن ذلك كتم النصارى بشارة عيسى ابن مريم لهم بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وقد بيَّنها تعالى بقوله: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف:6] إلى غير ذلك من الآيات المُبينة لما أخفوه من كتبهم.

قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ}[المائدة:27] الآية.

 قال جمهور العلماء: إنهما ابنا آدم لصلبه، وهما هابيل، وقابيل.

وقال الحسن البصري -رحمه الله-: هما رجلان من بني إسرائيل، ولكن القرآن يشهد لقول الجماعة، ويدل على عدم صحة قول الحسن، وذلك في قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ}[المائدة:31]".

يعني نظير ما قيل في الحيض، والرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»، مما يدل على أنه موجود مع بدء الخليقة، وقال بعضهم: أنه أول ما نزل الحيض على نساء بني إسرائيل، وبعضهم حاول أن يُوفِّق بين هذا وذاك، فقال: إن بدء الحيض قديم ومن أول الأمر، ولكن كثرته وانصبابه بقوة إنما نزل على نساء بني إسرائيل عقوبةً لهن، وهذا الذي يقول: ابني آدم هما رجلان من بني إسرائيل في قول الحسن من بني إسرائيل، الناس يدفنون موتاهم من لدن آدم، وأبناء آدم، وذرية آدم ومن بعدهم في القرون المتتالية، والأمم المتعاقبة يدفنونهم، وهنا إذا كان في بني إسرائيل معناه أنهم لا يتدافنون، ولا يعرفون الدفن، حتى جاءت هذه القصة لبني إسرائيل، فعُلِّموا الدفن بواسطة الغراب، طيب ماذا عن من كان قبل هذه القصة؟ والشيخ يبي يستدرد بهذا.

"ويدل على عدم صحة قول الحسن، وذلك في قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ}[المائدة:31] ولا يخفى على أحد أنه ليس في بني إسرائيل رجلٌ يجهل الدفن، حتى يدله عليه الغراب، فقصة الاقتداء بالغراب في الدفن، ومعرفته منه تدل على أن الواقعة وقعت في أول الأمر قبل أن يتمرن الناس على دفن الموتى، كما هو واضح، ونبَّه عليه غير واحدٍ من العلماء، والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ}[المائدة:32] الآية. صرَّح في هذه الآية الكريمة أنه كتب على بني إسرائيل {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32] ولم يتعرض هنا لحكم من قتل نفسًا بنفس، أو بفسادٍ في الأرض، ولكنه بين ذلك في مواضع أُخر، فبيَّن أن قتل النفس بالنفس جائز، في قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:45] الآية. وفي قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة:178]. وقوله: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء:33] الآية.

واعلم أن آيات القصاص في النفس فيها إجمالٌ بينته السُّنَّة، وحاصل تحريم المقام فيها".

طالب: أو تحرير؟

تحرير، وحاصل تحرير المقام.

"وحاصل تحرير المقام فيها أن الذكر الحر المسلم يُقتل بالذكر الحر المسلم إجماعًا، وأن المرأة كذلك تُقتل بالمرأة كذلك إجماعًا، وأن العبد يُقتل كذلك بالعبد إجماعًا".

يعني مع التساوي من كل وجه هذا محل إجماع، وبهذا يُحرر محل النزاع فيما عدا ذلك مع وجود بعض الاختلاف على ما سيأتي.

"وإنما لم نعتبر قول عطاء: باشتراط تساوي قيمة العبدين، وهو روايةٌ عن أحمد، ولا قول ابن عباس: ليس بين العبيد قصاص؛ لأنهم أموال؛ لأن ذلك كله يرده صريح قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}[البقرة:178] الآية، وأن المرأة تُقتل بالرجل؛ لأنها إذا قُتلت بالمرأة، فقتلها بالرجل أولى، وأن الرجل يُقتل بالمرأة عند جمهور العلماء فيهما.

ورُوي عن جماعةٍ منهم: عليٌّ، والحسن، وعثمان البتي، وأحمد في روايةٍ عنه أنه لا يُقتل بها، حتى يلتزم أولياؤها قدر ما تزيد به ديته عن ديتها؛ فإن لم يلتزموه أخذوا ديتها".

يعني للتفاوت في الدية، فالمرأة ديتها على النصف من دية الرجل، فكيف يُقتل من ديته ضعف دية من قَتل؟ فإذا دفعوا الفرق قُتِل بها وإلا فلا، ولكن عامة أهل العلم على خلاف ذلك، وهو أن النفس بالنفس، وهذه نفس وهذه نفس؛ ولذا بعض الناس يعني في الموازين سواءً كانت الشرعية أو العرفية لو المسألة موازنة ومُعادلة، فبعض الناس يعدل مائة، يأتي ولد سفيه مثلاً ويقتله شخصٌ حكيم من أعقل الناس يعني إذا كانت النظرة بهذه المقاييس ضاعت الأمور، ولكن الشرع يأتي بقواعد عامة تأتي على الكبير والصغير، الذكي والغبي، صاحب الهيئة والجاه والمغمور، ما بينهم فرق، كلهم سواسية أمام التشريع، وإلا فالأمور لا تنضبط إطلاقًا، لابد أن يوجد فرق إذا أردنا أن ننظر في المقاييس، حتى في المقاييس الشرعية فيه فروق، شخص من أعلم الناس وأذكاهم وأعقلهم وأعلمهم يقتل شخصًا عمدًا لا شأن له بين الناس في أمر دين ولا أمر دنيا إلا أنه مسلم، ولو قيل: بالفروق في مثل هذه الأمور لاضطربت أحوال الناس في جميع أمورهم.

زكاة الفطر بعض الناس بمقاييس الناس ما يكفي ولا قنطار يُزكى عنه، وبعض الناس يكفيه حبَّة، إذا نظرنا إلى الفروق التي هي موجودة في مقاييس الناس حتى في الميزان الشرعي، يعني تأتي لشخصٍ من أنفع الناس للناس، ومن أعلمهم، ومن أهل العلم والفضل والدِّين وكذا، وتقارنه بشخصٍ لا يُؤبه له، ولا يُلتفت إليه، لكن الشرع جاء بالتساوي في أمور التشريع العامة، لا فرق بين عربي ولا عجمي، ولا أسود ولا أبيض، ما فيه إلا التقوى هي التي تُفرِّق بين الناس.

"ورُوي عن عليٍّ، والحسن: أنها إن قتلت رجلاً قُتِلت به، وأخذ أولياؤه أيضًا زيادة ديته على ديتها، أو أخذوا دية المقتول واستحيوها.

قال القرطبي، بعد أن ذكر هذا الكلام عن عليٍّ -رضي الله عنه- والحسن البصري، وقد أُنكِر ذلك عنهم أيضًا".

يعني: نُفي أي لا يثبت عنهم.

"وروى هذا الشعبي عن علي، ولا يصح؛ لأن الشعبي لم يلقَ عليًّا.

وقد روى الحكم، عن عليٍّ، وعبد الله، أنهما قالا: إذا قتل الرجل المرأة متعمدًا فهو بها قود، وهذا يُعارض رواية الشعبي عن علي، وقال ابن حجرٍ في (فتح الباري) في باب: سؤال القاتل حتى يقر، والإقرار في الحدود، بعد أن ذكر القول المذكور عن عليٍّ والحسن: ولا يثبت عن علي، ولكن هو قول عثمان البتي أحد فقهاء البصرة، ويدل على بطلان هذا القول أنه ذكر فيه، أن أولياء الرجل إذا قتلته امرأة يُجمع لهم بين القصاص ونصف الدية، وهذا قولٌ يدل الكتاب والسُّنَّة على بطلانه، وأنه إما القصاص فقط، وإما الدية فقط؛ لأنه تعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة:178]، ثم قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:178] الآية، فرتَّب الاتباع بالدية على العفو دون القصاص.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ» الحديث، وهو صريحٌ في عدم الجمع بينهما، كما هو واضحٌ عند عامة العلماء، وحُكي عن أحمد في رواية عنه، وعثمان البتي، وعطاء أن الرجل لا يُقتل بالمرأة، بل تجب الدية، قاله ابن كثير، ورُوي عن الليث والزهري، إن كانت زوجته لم يُقتل بها، وإن كانت غير زوجته قُتل بها.

والتحقيق قتله بها مطلقًا، كما سترى أدلته، فمن الأدلة على قتل الرجل بالمرأة إجماع العلماء".

يقول: "إن كانت زوجته لم يُقتل بها، وإن كانت غير زوجته قُتل بها" ما الفرق بين الزوجة وغيرها؟ هذا لا عقل ولا نقل، وأكثر المشاكل تكون بين الزوجين هي أكثر منها بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية، فعلى هذا يسهل القتل بهذه الطريقة والتخلص من المرأة إذا حصل بينهما من سوء العشرة ما يحصل، ولكن هذا القول ليس له حظ من النظر.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

منها؟ ماذا يصير؟ وعفا.

طالب:..........

له أولادٌ منها وقتلها يُقتل بها، ما دخل الأولاد؟

طالب:..........

يعني الزوج يقتل امرأته وله أولاد منها؟

طالب:..........

وما المانع؟ هو يُقتل بها، لكن أنت تنظر إليها من زاوية أن الأولاد قد يعفون ويعدلون إلى الدية إن هذا سيأتي إن شاء الله.

"فمن الأدلة على قتل الرجل بالمرأة إجماع العلماء على أن الصحيح السليم الأعضاء إذا قتل أعور أو أشل، أو نحو ذلك عمدًا، وجب عليه القصاص، ولا يجب لأوليائه شيءٌ في مقابلة ما زاد به من الأعضاء السليمة على المقتول.

ومن الأدلة على قتل الرجل بالمرأة، ما ثبت في الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث أنس: أنه -صلى الله عليه وسلم- رضَّ رأس يهوديٍّ بالحجارة قصاصًا بجارية فعل بها كذلك، وهذا الحديث استدل به العلماء على قتل الذكر بالأنثى، وعلى وجوب القصاص في القتل بغير المحدد، والسلاح".

يعني من باب المماثلة، من باب المماثلة في القصاص أنه رضَّ رأسها بين حجرين، فقُتِل بمثل ما قتل.

طالب:..........

ما هي قضية عين يرضَّها بأنها قضية عين، ولكن الحق أحق أن يُتبع، وأنه يُقتل بمثل من قتل ما لم يكن مُحرَّمًا.

طالب:..........

نعم.

طالب: الجارية هنا أَمة أم حرة؟

حرة..حرة. نعم.

"وقال البيهقي في (السنن الكبرى) في باب: قتل الرجل بالمرأة: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدَّثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، قال: حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، قال: حدَّثنا الحكم بن موسى القنطري".

فيه سقط، قال: "حدَّثنا الحكم" فيه سقط عندنا ما هو عندك، محمد بن إبراهيم العبدي، الحكم بن موسى القنطري.

طالب: قال: حدَّثنا.

"قال: حدَّثنا" هذه ساقطة. نعم.

"وحدَّثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه كتب إلى أهل اليمن بكتابٍ فيه الفرائض، والسُّنن، والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، وكان فيه: وإن الرجل يُقتل بالمرأة.

وروى هذا الحديث موصولاً أيضًا النسائي وابن حبان".

لحظة..لحظة.

طالب:..........

نعم قال: حدَّثنا يحيى بن حمزة.

طالب:..........

وحدَّثنا.

طالب: وحدَّثنا.

لا ما فيه واو.

طالب: ما فيه واو؟

لا..لا، وعندك عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.

طالب: أبي بكر بن عمرو بن حزم.

لا؛ لأن عمر بن حزم جد أبي بكر. نعم.

طالب: ابن محمد.

أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، والكتاب كتاب عمرو بن حزم، وليس بكتاب حزم، يقول: عن أبيه عن جده.

 "وروى هذا الحديث موصولاً أيضًا النسائي وابن حبان، والحاكم، في تفسير ابن كثيرٍ ما نصَّه".

وفي. والحاكم، وفي تفسير ابن كثير.

"والحاكم، وفي تفسير ابن كثيرٍ ما نصَّه: وفي الحديث الذي رواه النسائي، وغيره: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب في كتاب عمرو بن حزم أن الرجل يقتل بالمرأة، وكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا لعمرو بن حزم الذي فيه أن الرجل يقتل بالمرأة، رواه مالكٌ، والشافعي، ورواه أيضًا الدارقطني، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم، والدارمي، وكلام علماء الحديث في كتاب عمرو بن حزم هذا مشهورٌ بين مصححٍ له، ومضعِّف، وممن صححه: ابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وعن أحمد أنه قال: أرجو أن يكون صحيحًا. وصححه أيضًا من حيث الشهرة، لا من حيث الإسناد جماعةٌ منهم الشافعي، فإنه قال: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وقال ابن عبد البر: هو كتابٌ مشهورٌ عند أهل السير، معروفٌ ما فيه عند أهل العلم، يُستغني بشهرته عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، قال: ويدل على شهرته ما روى ابن وهبٍ، عن مالك، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيب"

وفي هذا الكتاب "وأن لا يمس القرآن إلا طاهر" يعني: من جمل هذا الكتاب "وأن لا يمس القرآن إلا طاهر".

"عن سعيد بن المسيب قال: وُجد كتابٌ عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال العَقيلي".

العُقيلي.

"وقال العُقيلي: هذا حديثٌ ثابتٌ محفوظ، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصلح من كتاب عمرو بن حزم".

أصح..أصح.

"لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصح من كتاب عمرو بن حزمٍ هذا، فإن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، يرجعون إليه، ويدَعون رأيهم.

وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز، وإمام عصره الزُّهري بالصحة لهذا الكتاب، ثم ساق ذلك بسنده إليهما، وضعَّف كتاب ابن حزمٍ هذا جماعة، وانتصر لتضعيفه أبو محمد بن حزم في مُحلاه.

والتحقيق: صحة الاحتجاج به؛ لأنه ثبت أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتبه ليُبين به أحكام الديات، والزكوات، وغيرها، ونسخته معروفةٌ في كتب الفقه.

والحديث: ولاسيما عند من يحتج بالمرسل كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد في أشهر الروايات".

مالك وأبو حنيفة يحتجون بالمراسيل خلافًا لِما نُسِب للجمهور من رد المراسيل، وإلا على ما عندنا مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايات، والشافعي يقبله بشروط، يقبل المرسل بشروط، وفي هذا يقول الحافظ العراقي:

وَاحْتَجَّ مَالِكٌ كَذَا النُّعْمَانُ

 

بِهِ وَتَابِعُوهُمَا وَدَانُوا

وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ

 

لِلْجَهْلِ بِالسَّاقِطِ فِي الْإِسْنَادِ

فكونه يُعزى إلى ثلاثة من الأئمة، وإن كانت الرواية المعروفة عن الإمام أحمد أن لا يحتج بالمراسيل هو مذهبه، لكن مع ذلك كيف يُقال: "جَمَاهِرُ النُّقَّادِ" مع المخالفين الذين يقبلونه مالك نجم السُّنن، وأبو حنيفة أكثر الأئمة تبعًا، ولكن جماهر النُّقاد من نُقاد الحديث، وأئمة الحديث كلهم يردون المراسيل؛ لأن الجهل بالساقط خلل في السند؛ لأنه لا يُعرف حتى يُعرض على النقد، فقد يكون الخلل من قِبله، وهذا هو السبب في رد المراسيل.

"ومن أدلة قتله بها عموم حديث: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» الحديث، وسيأتي البحث فيه- إن شاء الله-، ومن أوضح الأدلة في قتل الرجل بالمرأة قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:45] الآية، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ» الحديث أخرجه الشيخان، وباقي الجماعة، من حديث عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه-.

فعموم هذه الآية الكريمة، وهذا الحديث الصحيح يقتضي قتل الرجل بالمرأة؛ لأنه نفسٌ بنفس، ولا يخرج عن هذا العموم، إلا ما أخرجه دليلٌ صالحٌ لتخصيص النص به، نعم يتوجه على هذا الاستدلال سؤالان:

الأول: ما وجه الاستدلال بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:45] الآية، مع أنه حكايةٌ عن قوم موسى، والله تعالى يقول: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48]؟

السؤال الثاني: لم لا يُخصص عموم قتل النفس بالنفس في الآية والحديث المذكورين بقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة:178]؛ لأن هذه الآية أخصُّ من تلك؛ لأنها فصَّلت ما أُجمل في الأولى، ولأن هذه الأمة مخاطبةٌ بها صريحًا في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}[البقرة:178] الآية.

الجواب عن السؤال الأول: أن التحقيق الذي عليه الجمهور، ودلت عليه نصوص الشرع: أن كل ما ذُكِر لنا في كتابنا، وسُنَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم- مما كان شرعًا لمن قبلنا أنه يكون شرعًا لنا".

لاسيما إذا كان سياقه سياق إقرار، إذا كان سياقه سياق إقرار هو شرعٌ لنا.

"من حيث إنه واردٌ في كتابنا، أو سُنَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم- لا من حيث إنه كان شرعًا لمن قبلنا؛ لأنه ما قُصَّ علينا في شرعنا إلا لنعتبر به، ونعمل بما تضمن.

والنصوص الدالة على هذا كثيرةٌ جدًّا؛ ولأجل هذا أمر الله في القرآن العظيم في غير ما آية بالاعتبار بأحوالهم، ووبخ من لم يعقل ذلك، كما في قوله تعالى في قوم لوط: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِين * وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُون}[الصافات:137-138]

في قوله: {أَفَلاَ تَعْقِلُون} [الصافات:138] توبيخٌ لمن مرَّ بديارهم، ولم يعتبر بما وقع لهم، وبعقل ذلك؛ ليجتنب الوقوع في مثله".

ويعقل ذلك.

"ويعقل ذلك؛ ليجتنب الوقوع في مثله، وكقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}[محمد:10]، ثم هدد الكفار بمثل ذلك، فقال: {وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا}[محمد:10]".

مسألة شرع من قبلنا هل هو شرعٌ لنا؟ مسألة خلافية بين الأئمة في كتب الأصول، ولا شك أنه ذُكِر في شرعنا أحكام فُرِضت أو حُرِّمت على من قبلنا، وأننا لسنا مُطالبين بها؛ لأن شرعنا جاء بخلافها، فما جاء شرعنا بخلافه فهو ليس بشرعٍ لنا اتفاقًا، ليس بشرعٍ لنا محل اتفاق هذا، وشرعنا ناسخ لِما قبله من الشرائع، والكلام فيما لم يرد في شرعنا لا تأييد له ولا معارضة، هذا هو محل الخلاف الذي يذكره العلماء، والشيخ بيَّن هذا واستطرد فيه.

"وقال في حجارة قوم لوط التي أُهلكوا بها، أو ديارهم التي أُهلكوا فيها: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد}[هود:83] وهو تهديدٌ عظيمٌ منه تعالى لمن لم يعتبر بحالهم، فيجتنب ارتكاب ما هلكوا بسببه، وأمثال ذلك كثيرٌ في القرآن.

وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}[يوسف:111] فصرَّح بأنه يقص قصصهم في القرآن للعبرة، وهو دليلٌ واضحٌ لِما ذكرنا، ولمَّا ذكر الله تعالى من ذكر من الأنبياء في سورة الأنعام، قال لنبينا -صلى الله عليه وسلم-: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90].

وأمره -صلى الله عليه وسلم- أمرٌ لنا؛ لأنه قدوتنا، ولأن الله تعالى يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب:21]" الآية.

إلا ما دل الدليل على اختصاصه به، إذا دل الدليل على أن هذا خاص بالنبي –عليه الصلاة والسلام- لم يكن محل اقتداء.

"ويقول: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي}[آل عمران:31] الآية، ويقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر:7] الآية، ويقول: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}[النساء:80]، ومن طاعته اتباعه فيما أمر به كله، إلا ما قام فيه دليلٌ على الخصوص به -صلى الله عليه وسلم-، وكون شرع من قبلنا الثابت بشرعنا شرعًا لنا، إلا بدليلٍ على النسخ هو مذهب الجمهور، منهم مالكٌ، وأبو حنيفة، وأحمد في أشهر الروايتين، وخالف الإمام الشافعي- رحمه الله- في أصح الروايات عنه، فقال: إن شرع من قبلنا الثابت بشرعنا ليس شرعًا لنا، إلا بنصٍّ من شرعنا على أنه مشروعٌ لنا، وخالف أيضًا في الصحيح عنه في أن الخطاب الخاص بالرسول -صلى الله عليه وسلم- يشمل حكمه الأمة، واستدل للأول بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48]، وللثاني: بأن الصيغة الخاصة بالرسول لا تشمل الأمة وضعًا، فإدخالها فيها صرفًا للفظ عن ظاهره، فيحتاج إلى دليلٍ منفصل، وحمل الهدي في قوله: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين}[الأنعام:90]، والدِّين في قوله:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ}[الشورى:13] الآية على خصوص الأصول التي هي التوحيد دون الفروع العملية؛ لأنه تعالى قال في العقائد: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون}[الأنبياء:25]، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}[النحل:36]، وقال: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُون}[الزخرف:45].

وقال في الفروع العملية: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48]، فدل ذلك على اتفاقهم في الأصول، واختلافهم في الفروع".

يقول ابن عباس: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48] قال: سبيلاً وسُنَّة، فالمنهاج {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة:48] قال: سبيلاً وسُنَّة، فالشِّرعة هي: السُّنَّة، والمنهاج هو: السبيل في كلام ابن عباس؛ لأنهم قالوا: إنه لف ونشر غير مرتب، فالشِّرعة هي: السُّنَّة، والسبيل هو: المنهاج.

طالب:.........

وقال في الفروع العلمية.

طالب:.........

نعم العملية ليست العلمية.

"كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّا مَعْشَرُ الْأَنْبِيَاءِ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ دِينُنَا وَاحِدٌ» أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

قال مقيده -عفا الله عنه- وغفر له: أما حمل الهدى في آية {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90] والدِّين في آية".

يبدو أنه طويل هذا.

طالب:........

طويل جدًّا.

نكمِّل الدرس القادم إن شاء الله.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد.

"