شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (333)

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

 أيها الإخوة والأخوات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله جميع أوقاتكم بالخيرات والمسرات والبركات، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة فى شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، وهو المعروف بمختصر صحيح البخاري للإمام زين الدين أحمد بن أحمد عبد اللطيف الزبيدي المُتوفى سنة ثلاث وتسعين وثماني مائة للهجرة- رحمه الله-، يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، حيث نسعد بالترحاب به في مطلع حلقتنا، فأهلاً بكم فضيلة الشيخ.  

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: ما زال حديثنا حول ألفاظ حديث عائشة- رضي الله عنها-: «كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله وترجله» انتهينا عند هذه اللفظة، نبدأ بقولها: «وطهوره وفي شأنه كله».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 في بعض الألفاظ كما عند أبي داود عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة: «وسواكه».

المقدم: بدل أم زيادة.

زيادة، وسواكه.

المقدم: تدخل بين الترجل والطهور.

لأن ابن حجر قال: زاد أبو داود بعد أن ذكر الترجل، زاد أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة «وسواكه»، والسواك كيف يكون التيمن فيه، هل المراد به...

المقدم: الإمساك باليد أو الشق الأيمن.

الإمساك باليمين أو البداءة بالشق الأيمن، لا شك أنه هنا البداءة من الشق الأيمن من الفم.

المقدم: لا شك لماذا؟

لأنه لا يُعرف عن أحد من الأئمة أنه قال كما قال شيخ الإسلام بالتسوك باليمين، ولأنه من باب إزالة القذر، فيكون اليسار أليق به، أما بالنسبة لشقي الفم فيُبدأ باليمين، لدخوله في قوله: «وسواكه» وهذا ظاهر،  ومعروف عن الأئمة وجماهير أهل العلم يقولون: إن السواك باليسار أولى؛ لأنه إزالة قذر، وشيخ الإسلام وهو يقول هذا، وجده المجد ابن تيمية، جد شيخ الإسلام يرى أن التسوك يكون باليمين، ولعل قوله.. مراده بالأئمة أي الأئمة المتبوعين، «وطُهوره» يقول الكرماني: أي في تطهره، والطُّهور بضم الطاء، ولا يجوز فتحه هنا على ما تقدم من الفرق بينهما على ما هو المشهور وعليه الجمهور.

المقدم: تسمح لي يا شيخ أقف عند مسألة تشغلنا كثيرًا إذا أذنت لنا الله يحفظك.

نعم.

المقدم: أنت تشير قبل قليل إلى رأي شيخ الإسلام لما قالوا الأئمة، ثم تلتمس له عُذرًا أو مرادًا.

لأنه من المتبوعين.

المقدم: لأنه من المتبوعين، هل يندرج هذا لكل أحد بمعنى الآن الذين ينقلون عن أئمة معاصرين، مثل الذين ينقلون عن الشيخ ابن باز -رحمه الله-.

مثل كلامك أنت عن المختصِر، الإمام الزبيدي أنت قلت الإمام الزبيدي؟

المقدم: بلى.

 ليس بإمام على هذا الاصطلاح.

المقدم: على هذا.

نعم، لكن مع ذلك فيما ذكرت عن الشيخ ابن باز أو غيره من أهل العلم لهم تبع، لهم من يتحرى فتاويهم، ولهم من يأخذ بها ولهم من يقلدهم.

المقدم: لكن يُنقل أشياء متناقضة، هل يمكن القول بأن أحد الطلاب الذين نقلوا عن الشيخ ابن باز مثلاً لم يضبطوا، أو أن للشيخ في المسألة أكثر من قول؛ لأننا نتعجب الآن الكتب الصادرة عنه- رحمه الله- عن طلابه تقييداتهم، تجد أشياء متناقضة جدًّا، بعضهم يقول: هذه أفتى لحالة، بعضهم يقول: إنه جاء الشخص وهو يمشي وقيدتها منه.

هو لا شك أن الفتوى تختلف عن التقرير، بعض الطلاب ينقل التقرير، والشيخ وهو في درسه قد يكون أمام طلاب كبار وتدريسه لهذا النوع من الطلاب لا يعني التلقين، وإنما هم مجرد بسط مسائل، فيستروح بعض الطلاب أنه من بسط هذه المسألة يفهم شيئًا.

المقدم: لما يقول يا شيخ الأمر سهل، في بعض المسائل ينقلونها على الجواز.

هذه كأنها تدل عليه، لكن إذا أراد الفتوى وسُئل وأريد رأيه الخاص لا شك أنه يحرر المسألة، ولذلك يُنقم على بعض المعلمين أنه لا يُرجح، في كثير من المسائل لا يُرجح ويقول لطلابه: أنا أُدرس فئة من طلاب العلم الذين يفهمون ما أقول، وليس درسه درس تلقين، وإنما درس تخريج لطلاب من نوعية خاصة.

يقول القسطلاني: طُهوره بضم الطاء؛ لأن المراد تطهره، ويُفتح أي البداءة بالشق.. بالشق الأيمن في الغُسل، وباليمين في اليدين، بالشق الأيمن في الغَسل.. لعله في الغَسل؛ لأنه الآن يتكلم عن الوضوء، وباليمين في اليدين والرجلين على اليسرى بضم الطاء؛ لأن المراد التطهر، ويُفتح أو بفتح أي البداءة بالشق الأيمن في الغُسل أو في الغَسل.

المقدم: هذا إذا قلنا طُهور وليس طَهورًا.

كيف؟ الذي هو التطهر.

المقدم: إذا كان بالضم فالمراد به..

التطهر، التطهر الذي هو فعل مكلف.

المقدم: يعني البداءة بالشق الأيمن.

نعم.

المقدم: لماذا جعل البداءة بالشق الأيمن بالفتح، هو قال: وبفتح أي البداءة؟

لا لا، بضم الطاء؛ لأن المراد التطهر، وبفتح، يعني يُفتح ثم وقف، أي البداءة معنى التطهر أو طُهوره؛ البداءة بالشق الأيمن في الغَسل أو في الغُسل، وباليمين في اليدين أو الرجلين على اليسرى، وفي سنن أبي داود من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- مرفوعًا: «إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم»، فإن قدم اليسرى كُره، إن قدم اليد اليسرى على اليمنى أو الرجل اليسرى على اليمنى، أو الشق الأيسر على الأيمن كره، نص عليه في الأُمّ ووضوؤه صحيح، وأما الكفان والخدان والأذنان فيُطهَّران دفعة واحدة، والمراد بالكفين غسلهما قبل الوضوء، لا مع غسل اليد الذي هو فرض من فرائض الوضوء.

 هو يقول: وأما الكفان والخدان والأذنان فيُطهران دفعة واحدة، وماذا عن المسح على الخفين؟ يُمسحان دفعة واحدة أو البدل له حكم المبدل تُمسح اليمنى ثم اليسرى؟ وهذا هو الظاهر أن البدل له حكم المبدل، تُمسح اليمنى، ثم تُمسح اليسرى. يقول النووي: قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدهما أُستُحب فيه التياسر، قال: وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة، من خالفها فاته الفضل وتم وضوؤه، انتهى كلام النووي.

يقول ابن حجر: ومراده بالعلماء أهل السنة، وإلا فمذهب الشيعة الوجوب، وغلط المرتضى منهم فنسبه للشافعي، نسب وجوب غسل اليد اليمنى قبل اليسرى، والرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى نسبه للشافعي، وغلّطه ابن حجر وغيره، وهم أعرف بمذهبهم، وكأنه ظن ذلك لازم من قوله لوجوب الترتيب عند الشافعي وأحمد، يعني في الفروض الأربعة لا في فروعها، في فروع هذه الفروض من اليدين والرجلين والشق الأيمن من الوجه وما أشبه ذلك، وكأنه ظن أن ذلك لازم من قوله بوجوب الترتيب، لكنه لم يقل ذلك في اليدين ولا في الرجلين؛ لأنهما بمنزلة العضو الواحد، ولأنهما جُمعا في لفظ القرآن، لكن يُشكل على أصحابه حكمهم على الماء بالاستعمال إذا انتقل من يد إلى يد أخرى، الآن متى يكون الماء مستعملاً؟ عند الحنابلة وعند الشافعية إذا انتقل من عضو إلى عضو، لكن ما دام في عضو واحد..

المقدم: لا يُعد مستعملاً.

لا يُعد مستعملاً، فماذا عما لو انتقل إلى يد يُعد مستعملًا أم نقول: عضو واحد، لا يُعد مستعملاً كاليد الواحدة؟

 قال: لكن يُشكل على أصحابه حكمهم على الماء بالاستعمال إذا انتقل من يد إلى يد أخرى مع قولهم بأن الماء ما دام مترددًا على العضو، لا يُسمى مستعملاً، ولا شك أنه إذا انتقل من يد إلى يد أنه انفصل، وفي استدلالهم على وجوب الترتيب بأنه لم ينقل أحد في صفة وضوء النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ مُنكَّسًا، وكذلك لم ينقل أحد أنه قدم اليسرى على اليمنى، هذا أيضًا فيه إشكال، كيف تقول بالترتيب بين الوجه واليدين والرأس والرجلين، وتستدل له بأنه لم يُنقل عن النبي- عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مُنكَّسًا، ثم تقول الترتيب بين اليدين والرجلين ليس بواجب، ومع ذلك لم يُنقل عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مُنكَّسًا، لا شك بأن هذا .... 

المقدم: مستند للوجوب.

مستند للوجوب، وقع في البيان للعمراني والتجريد للبندنيجي نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة، البيان من كتب الشافعية الكبار للعُمراني، والتجريد للبندنيجي نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة، من هم؟

المقدم: الأئمة الأربعة معهم؟

لا، الفقهاء السبعة من التابعين

                   فخذهم عبيد الله عروة قاسم      سعيد أبو بكر سليمان خارجة

هؤلاء الفقهاء السبعة، وهو تصحيف من الشيعة؛ لأنه كأنهما وقفا- صاحب البيان والتجريد- وقفا على قول من يقول: وقال بوجوبه الشيعة، وتصحفت إلى السبعة، وهذا قريب، فنقله على التصحيف، وهو تصحيف من الشيعة، وفي كلام الرافعي ما يوهم أن أحمد قال بوجوبه، ولا يُعرف ذلك عنه، بل قال الموفق في المغني: لا نعلم في عدم الوجوب خلافًا.

 «في شأنه كله». عندك واو أم بدون واو؟

المقدم: وفي شأنه كله.

الأصل: وطهوره في شأنه كله بدون واو.

المقدم: يختلف المعنى تمامًا.

اختلاف جذري، «في شأنه كله»، يقول ابن حجر: كذا للأكثر من الرواة بغير واو، وفي رواية أبي الوقت: بإثبات الواو، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة، قال الشيخ تقي الدين، من هو؟

المقدم: من الذي يقول هذا الكلام ياشيخ.

يقوله ابن حجر، تقي الدين هو ابن دقيق العيد شارح العمدة، قال الشيخ تقي الدين: هو عام مخصوص في شأنه كله، عام مخصوص؛ لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما يُبدأ فيهما باليسار انتهى. وتأكيد الشأن بقوله: كله يدل على التعميم؛ لأن التأكيد يرفع المجاز، فيمكن أن يقال: حقيقة الشأن ما كان فعلًا مقصودًا، وهذه الأمور ليست مقصودة.

المقدم: ما هي الأمور التي يقصد؟

أمور تقصدها تتقرب بها إلى الله -جل وعلا-، أما دخول الخلاء فهذا ليس بمقصود لذاته، الخروج من المسجد..

المقدم: الذي هو الشأن يقصد حتى يُدخل..

الشأن الأصل فيه العموم، وأُكد بقوله: كله، وهذا يرفع المجاز، التأكيد يرفع المجاز، ويؤكد إرادة حقيقة الجميع، قال: وتأكيد الشأن بقوله: كله يدل على التعميم؛ لأن التأكيد يرفع المجاز، فيمكن أن يقال حقيقة الشأن ما كان فعلاً مقصودًا وما يُستحب فيه التياسر ليس من الأفعال المقصودة، بل هي إما تُروك وإما غير مقصود، وهذا كله على تقدير إثبات الواو، وأما على إسقاطها «في شأنه كله» كما هي رواية الأكثر، فقوله في شأنه كله متعلق بـ«يعجبه» لا بالتيمن، أي يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله، يعني في المذكور فقط، فالشأن والتأكيد إنما هو للمذكور.

المقدم: وهذا يدل أنها بدون واو عندهم، هذا على قول بدون واو.

وهذا على تقدير إثبات. وأما على إسقاط الواو، فقوله: بشأنه كله متعلق بـ«يعجبه» لا بالتيمن، يعني يعجبه في شأنه كله التيمن في هذه الأمور، يعجبه إذا قلنا: الجار والمجرور متعلق بيعحبه، قلنا يعجبه في شأنه كله التيمن في هذه الأمور، وإذا قلنا: إنه متعلق على تقدير إثبات الواو بالتيمن في شأنه كله، قلنا: إنه في جميع أحواله وفي جميع شأنه في هذه الأمور وفي غيرها، أي يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله إلى آخر الحديث، أي لا يترك ذلك سفرًا ولا حضرًا ولا في فراغه ولا في شغله ونحو ذلك، يعني في جميع شؤونه في الأمور المذكورة يلزم التيمن، ويبقى ما عداها إن شاركها في كونها..

المقدم: تيمنًا.

لا، إن شاركها في كونها من المستحسنات المستحبات تُلحق بها، وإن كانت خلافها فلا تُلحق بها. هذا الكلام منقول عن الكرماني، يعني كلام ابن حجر وإدخال كلام ابن دقيق العيد منقول من كلام الكرماني، لكن قال العيني: كلام الناقل والمنقول عنه ساقط، لماذا؟

لأنه يلزم منه أن يكون إعجابه التيمن في هذه الثلاث مخصوصة في حالاته كلها، وليس كذلك، بل كان يعجبه التيمن في كل الأشياء في جميع الحالات، ألا ترى أنه أكد الشأن بمؤكد، والشأن بمعنى الحال، والمعنى في جميع حالاته.

المقدم: هذا كلام...

كلام العيني.

المقدم: لماذا لا يستدلون بإعطاء النبي- صلى الله عليه وسلم- اللبن لمن على يمينه.

سيجيء التعميم في المستحبات كلها، لكن في شأنه كله إذا قلنا الواو ثابتة هذه..

المقدم: وفي شأنه.

وفي شأنه، قلنا: إنها متعلقة بالتيمن في شأنه كله، فيدخل فيه إعطاء اللبن والبداءة باليمين والبداءة في جميع الأحوال، وعلى إسقاطها يكون في شأنه كله الإعجاب، يعجبه في شأنه كله التيمن في هذه الأمور المذكورة، لكن العيني قال: كلام الناقل والمنقول عنه، كلام الناقل ابن حجر والمنقول عنه الذي هو الكرماني ساقط؛ لأنه يلزم أن يكون إعجابه التيمن في هذه الثلاث مخصوصة في حالاته كلها، يعني ما عداها...

المقدم: ما يصير تيمنًا.

ما يكون معجبًا له، ولا يتيمن فيه، لكن ما المانع من إلحاق ما يشاركها في العلة بها؛ لكونها من المستحسنات والمستحبات، وإخراج ما لا يشاركها في العلة؟ وهذا أولى من كوننا نطلب مخصصًا للحديث؛ لأن الشأن مؤكد بكله فلا يحتمل المجاز، التأكيد يرفع المجاز، ويرفع إرادة الأغلب، ومع ذلك يقول العيني: بل كان يعجبه التيمن في كل الأشياء في جميع الحالات، طيب ما الذي يخرج الخروج من المسجد مثلاً، وخلع النعل، خلع النعل ما الذي يخرجه من كونه يعجبه التيمن في شأنه كله؟

المقدم: يخرجه ما جاء أثرًا فيه، ما نُقل عنه- عليه الصلاة والسلام-.

يعني هل نحتاج إلى مخصص في كل ما نص عليه الفقهاء بأنه يستحب البداءة باليسار؛ لأنه ليس من المستحبات؟ لو وقفنا على النصوص المُخرجة المخصصة.

المقدم: قليلة.

قليلة، لكن يبقى أن كلام الناقل والمنقول عنه أمر لا بد منه؛ لنسلم من قضية التأكيد الذي يرفع إرادة الأغلب، وقال الطيبي في قوله: «في شأنه» بدل من قوله في تنعله، في شأنه بدل يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره ويعجبه التيمن في شأنه كله، بدل منه، بدل من قوله في تنعله بإعادة العامل، كيف يكون بإعادة العامل؟

المقدم: في، حرف الجر.

نعم.

المقدم: كأنه يقول في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله.

ويعجبه التيمن في شأنه كله؛ لأنه إذا أعدنا العامل هنا «في»، وعلقناه في التيمن صار بدلًا، وهل بدل كل من كل أو بعض من كل أو اشتمال، هذا فيه كلام طويل جدًّا، وعليه يتضح المعنى، قال: وكأنه ذكر التنعل لتعلّقه بالرجل، والترجل لتعلّقه بالرأس، والطهور لكونه مفتاح أبواب العبادة، فكأنه نبَّه على جميع الأعضاء، فيكون كبدل الكل من الكل، الشأن كله هذا كل، والمذكورات كل أم بعض؟

المقدم: هي بعض، لكن تدل على الكل.

على هذا التأويل تدل على الكل؛ لأن التنعل يتعلق بالرجل، والترجل بالرأس، والطهور ببقية الأعضاء، إذًا الكل، فصار كأنه بدل كل من كل، قال: وكأنه ذكر التنعل لتعلقه بالرجل، والترجل لتعلقه بالرأس، والطهور لكونه مفتاح أبواب العبادة، فكأنه نبه على جميع الأعضاء، فيكون كبدل الكل من الكل، كبدل الكل من الكل، لماذا؟ لأن ما بين الرجل والرأس يوجد أشياء لا تدخل في الحديث.

المقدم: بل ورد النهي.

الظهر والبطن مثلاً ما تدخل لا في تنعله ولا في ترجله ولا في طهوره إلا إذا قلنا: الغسل، ولذلك قال: فيكون كبدل الكل من الكل.

المقدم: فيه أشياء ورد فيها النهي لاستخدام اليمين في الجسم، ما يُخرج؟

ما فيه شك.. هم الآن لما يكون بدلًا فلابد أن يكون بدل كل من كل أو بدل بعض من كل أو بدل اشتمال، فهل ينطبق عليه تعريف بدل الكل من الكل؟ 

المقدم: لا يمكن.

لا، بدل البعض من الكل، هنا بدل كل من بعض ممكن، لكن بدل البعض من الكل، لا، ولا بدل اشتمال. شأنه كله أعم من تنعله وترجله وطهوره، فهي أشمل وأعم من البعض. فيكون كبدل الكل من الكل، يقول العيني: قلت هذا لم يتأمل كلام الطيبي، يعني..

المقدم: يعني ابن حجر.

لأن كلامه ليس على رواية البخاري، وإنما على رواية مسلم، الطيبي يتكلم على رواية مسلم، التي فيها تقديم في شأنه كله على قوله: في تنعله وترجله، «يعجبه التيمن في شأنه كله في تنعله وترجله وطهوره»، يختلف الأمر، يقول: قلت: هذا لم يتأمل كلام الطيبي؛ لأن كلامه ليس على رواية البخاري، وإنما هو على رواية مسلم، وهي: «كان رسول الله- صلى عليه وسلم- يحب التيمن في شأنه كله في تنعله وترجله»؛ لأن صاحب المشكاة نقل عبارة مسلم، وقال الطيبي في شرحه- يعني على المشكاة- أولًا صاحب المشكاة التبريزي من طلاب الطيبي أشار عليه، الطيبي أشار على تلميذه هذا الذي هو التبريزي أن يرتب أحاديث المصابيح للبغوي، فرتبها وقسمها، وزاد عليها، جعلها فصولًا، وزاد عليها بحيث صار الكتاب شاملاً لأحاديث الأحكام وغيرها، وصار عمدة ويُعوّل عليه في بعض الأقطار، يعني عناية المسلمين في الشرق بالمشكاة أشد من عنايتهم بالكتب الأصول، صار له شأن هذا الكتاب، يعني المشكاة، ثم بعد ذلك شرحه الطيبي، فلا يستنكف الشيخ أن يشرح كتاب التلميذ.

المقدم: شيخنا إذا أذنتم الحقيقة كأن فيه لبسًا في مسألة بدل كل من كل ورد العيني على ابن حجر، نستأذنك أن تكون مطلع الحلقة القادمة نبسط فيها القول، إذا أذنتم.

لا بأس.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لطيب المتابعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.