التعليق على شرح علل الترمذي لابن رجب (04)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: "ومنهم سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وليس من ثور."

الإمام أمير المؤمنين في الحديث، الإمام العلم الزاهد المشهور.

"وليس من ثور همدان على الأصح، أبو عبد الله الكوفي، أحد الأئمة المجتهدين، والعلماء الربانيين والحفاظ المبرَّزين."

المُبرِّزين..

"المبرِّزين."

أحد الأئمة المتبوعين له مذهب، له مذهب متبوع.

"وقد قال فيه شعبة وابن عيينة."

طالب: سبب انقراضه مذهبه.......................

انقراضه! قلة الأتباع، مذهب الحنابلة في وقت من الأوقات كاد أن ينقرض، مذهب الطبري انقرض، مذهب الأئمة معروف، مذهب داوود كاد.

طالب: يا شيخ هل كما قال البعض من أصحاب كتب تاريخ الفقه أن سبب ذلك هو راجع إلى الطلاب موفق لطلاب ينشرون مذهبه...............................

ما فيه شك أن الطلاب يحفظون علم شيخهم أو يضيعونه، إما أن يحفظوه وإما أن يضعيوه، كثيرًا ما يقال: ضيعه طلابه، إذا اجتمع عدم تأليف وتفرغ وانقطع للطلاب وترك التأليف، ثم تخلى عنه طلابه انتهى، وما فيه شيء إلا شيء مكتوب ومقدر.

"وقد قال فيه شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغيرُهم: إنه أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن المبارك: ما كتبت عن أحد أفضل منه. وعنه قال: ما رأيت مثل سفيان وعن يونس بن عبيد، قال: ما رأيت أفضل من سفيان. وقال ورقاء بن عمر: لم يرَ سفيان مثل نفسه . وقال ابن عيينة: ما رأيت قط مثله. وقال عبد الرزاق: سمعت سفيان يقول: ما استودعت قلبي شيئًا قط فخانني.

وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ مني، وإذا خالفني في حديث فالحديث حديثه. وقال يحيى بن سعيد: ما رأيت أحدًا أحفظ من سفيان، ثم شعبة، ثم هشيم. وقال محمد بن خلاد: سمعت يحيى بن سعيد، وذكر شعبة وسفيان، فقال: سفيان أقل خطئًا؛ لأنه يرجع إلى كتاب .وقال ابن عيينة: ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا سفيان.

وقال أبو داود الطيالسي، عن شعبة: ما حدثني أحد عن شيخ إلا وإذا سألته، يعني ذلك الشيخ، يأتي بخلاف ما حدث به. ما خلا سفيان الثوري فإنه لم يحدثني عن شيخ إلا وإذا سألته وجدته على ما قال سفيان. وقال أحمد: سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة. وقال إسحاق بن هانئ: قلت لأحمد: إن اختلف سفيان وشعبة في الحديث، فالقول قول من؟ قال: سفيان أقل خطئًا، وبقول سفيان آخذ.

وقال: الثوري أعلم بحديث الكوفيين ومشايخهم من الأعمش. وقال: علم الناس إنما هو عن شعبة وسفيان وزائدة وزهير، هؤلاء أثبت الناس وأعلم بالحديث من غيرهم.

وقال معاوية بن عمرو، عن زائدة: كنا نأتي الأعمش فيحدثنا فيكثر، ونأتي سفيان الثوري فنذكر له تلك الأحاديث، فيقول: ليس هذا من حديث الأعمش. فنقول: هو حدثنا به الساعة. فيقول: اذهبوا فقولوا له إن شئتم، فنأتي الأعمش فنخبره بذلك، فيقول: صدق سفيان. ليس هذا من حديثنا. وقال أبو حاتم الرازي: هو إمام أهل العراق، وأتقن أصحاب أبي إسحاق، وهو أحفظ من شعبة، وإذا اختلف شعبة والثوري فالثوري."

طالب: ........................

السبيعي نعم.

"وإذا اختلف شعبة والثوري فالثوري. وقال أبو زرعة: كان الثوري أحفظ من شعبة في إسناد الحديث ومتنه. وقال أبو داود: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان. وخالفه في أكثر من خمسين حديثًا، القول فيها قول سفيان. قال: وبلغني عن يحيى بن معين، أنه قال: ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.

وقال وُهَيْب بن خالد: ما أدرك الناس أحفظ من سفيان. قال الأشجعي: ذهبت مع سفيان إلى هشام بن عروة، فجعل سفيان يسأل هشامًا، قال له سفيان: أعيدها عليك. فأعادها عليه. قال: ثم قال هشام لأصحاب الحديث: احفظوا كما حفظ صاحبكم.

قالوا: لا نستطيع أن نحفظ كما حفظ."

هذا ليس باليد هذا من الله –سبحان الله وتعالى-.

طالب: .......................

كيف؟

طالب: .......................

كونه يعيد، هذه قوة في الحافظة، قوة الحفظ تُعطى للتقي وغير التقي، لكن الإفادة منها لا يستفد منها إلا التقي.

طالب: .......................

أولاً الحافظة ملكة غريزية من الله –سبحانه وتعالى- كقوة البصر وقوة البدن وسائر القوى من الله –سبحانه وتعالى-، لكن منها ما هو مكتسب، قوي الحافظة إذا أهمل الحافظة ضاعت وضعفت، وضعيف الحافظة مع الوقت ومع التحفظ تنمو وتزداد حافظته، كما قرر هذا الماوردي وغيره في أدب الدنيا والدين، فهناك ما هو غريزي وما هو مكتسب، العقل منه ما هو غريزي، ومنه ما هو مكتسب، الذي هو سيد الملكات العقل ومناط التكليف أصله غريزة، يعني المجنون عمره كله ما يستفيد زيادة في عقله، لكن من كان في عقله شيء من النقص بالنسبة للكمّل لا بالنسبة للعقلاء يستفيد، وممكن أن يستزيد في عقله المكتسب.

طالب: .......................

هذا ليس ببعيد، الثاني الابتدائي هذا عمره سبع نعم سهل، أنا رأيت شابين صغيرين يحفظان القرآن والصحيحين ويحفظان من أبي داوود والترمذي كل يوم خمسين حديثًا بأسانيدها، خمسين من هذا وخمسين من هذا، صغار شباب.. عمرهم العشر، وواحد إحدى عشر، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لكن العبرة بالانتفاع من هذه القدرات، وإلا كم في أسواق المسلمين من الباعة من النصابين والمحتالين مما أوتوا من الذكاء ما لا يقدر، لكن ما استفادوا من ذكائهم، وكم في زوايا المساجد ممن هم أقل منهم بكثير، ونفعهم الله بما أعطاهم، وعبدوا الله على بصيرة.

"وذكر العجلي عن بعض الكوفيين عن شريك، قال: قدم علينا سالم الأفطس، فأتيته ومعي قرطاس فيه مائة حديث، فسألته عنها، فحدثني بها وسفيان يسمع، فلما (فرغ) قال لي سفيان: أرني قرطاسك، فأعطيته إياه، فخرقه، فرجعت إلى منزلي فاستلقيت على قفاي، فحفظت منها سبعة وتسعين حديثًا، وذهبت عني ثلاثة. قال: وحفظها سفيان كلها.
كان سفيان ممرورًا لا يخالطه شيء من البلغم، لا يسمع شيئًا إلا حفظه حتى كان يخاف عليه. وقال يحيى بن سعيد: سفيان فوق مالك في كل شيء."

علق على مرور؟

طالب: لا ما علق.

ولا البلغم وعلاقته بالحفظ؟

طالب: لا ما علق.

هم يقولون: اللبان هذا يقطع البلغم، ويزيد في الحفظ، فيه ارتباط بين كثرة البلغم وقلة الحفظ. نعم.

"وعن ابن المبارك، قال: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان.

وعنه قال: ما رأيت أحدًا."

طالب: .........................

كله واحد حتى تقديمه سفيان على شعبة ليس من كل وجه، لكن هم إذا تحدثوا عن شخص بعينه جاؤوا بجميع مناقبه، فيأتون بالتوثيق المطلق والمقيد والنسبي وكل شيء في ترجمته، لكن لو تقرأ في ترجمة شعبة رأيت العجب، في ترجمة مالك كذلك.

"وعنه قال: ما رأيت أحدًا خيرًا من سفيان."

طالب: ........................

لا شك أن العدل مطلوب للموافق والمخالف {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلِوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [سورة المائدة:8]، فإذا ذكرت مساوئ شخص لشيء بينك وبينه أو لخوف منه على نشأ أو على دين تذكر ما له من حسنات إلا إذا خشي من التأثر به وبحيث كانت حسناته ظاهرة وغطت على سيئاته، ويخشى من ضرره المتعدي، لكن إذا أمن من ضرره المتعدي فلابد من ذكر الحسنات والسيئات، مثله أيضًا الشخص الذي ترجو أن يقبل قوله لإصابته في هذه المسألة ما يلزم أن تذكر ما انتقد عليه من أجل أن يقبل قوله في هذه المسألة؛ لأنه أصاب فيها، كل إنسان وكل حال له ظرفه.

طالب:.........

ينبه على المنهج، أصل المنهج وأن عنده شيئًا مخالفًا؛ لأن كثرة الشواذ تدل على خلل في التأصيل، فينبه على الأصل عنده، وأن كثرة هذه الشواذ إنما أوتي فيها من قبل ضعف في تأصيله وإلا إذا كان تأصيله قويًّا ومتينًا، وعلى الكتاب والسنة يندر أن يوجد عنده شواذ إن وجدت، ولذا يقول أبو جعفر المنصور لما أمر مالك بتأليف الموطأ يقول: اجتنب رخص ابن عباس وتجديدات ابن عمر، وشواذ ابن مسعود.. قد يوجد.

"وعنه قال: ما رأيت أحدًا خيرًا من سفيان. وعن ابن عيينة، قال: ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام من سفيان. وقال زائدة: سفيان أعلم الناس في أنفسنا. وكان يرى أنه سيد المسلمين. قال أحمد: قال ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان حتى تموت، قال أحمد: هو كما قال. قال أحمد: ما يتقدم سفيان في قلبي أحد. ثم قال: أتدري من الإمام؟ الإمام سفيان الثوري."

جمع بين العلم والعمل، يعني من وقف على ترجمته سواء كان في السير أو في حلية الأولياء وفي غيرها من الكتب التراجم التي تعتني بذكر ما يتصف به العالم من علم وعمل، علم متوّج بالعمل، يقف على شيء عجاب من طريقة سفيان وهديه.

"وقال عبد الرحمن بن الحكم بن بشير: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان. وقال المثنى بن الصباح: سفيان عالم الأمة وعابدها، وفضائله كثيرة جدًّا، وهي مذكورة في كتب كثيرة من تصانيف العلماء.

وأفرد أبو الفرج بن الجوزي مناقبه في مجلد. قال علي بن المديني: لا أعلم سفيان صحّف في شيء قط، إلا في اسم امرأة أبي عبيد، وكان يقول: حفينة، يعني أن الصواب جفينة بالجيم، ومنهم مالك بن أنس."

نقف على مالك سيطول ..

طالب: .........................

سفيان، سفيان كله عن سفيان، أيكم الأول؟ ..