شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب صلاة التراويح وفضل ليلة القدر (عام 1428 هـ) - 16

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم،

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب الصيام من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح في بداية هذه الحلقة نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال المصنف -رحمه الله تعالى-: عن عائشة -رضي الله عنها-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجالٌ بصلاته»، تقدم هذا الحديث في كتابة الصلاة وبينهما مخالفة في اللفظ، وقال في آخر هذه الرواية: «فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى فصلوا بصلاته، فتُوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك» .

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:  بسم الله الرحمن الرحيم كتاب صلاة التراويح، هذه موجودة في الأصل في البخاري.

المقدم: البسملة.

نعم، وفي الطبعات القديمة من المختصر، يقول ابن حجر: كتاب صلاة التراويح، يقول: كذا في رواية المستملي وحده وسقط هو والبسملة من رواية غيره، وسقط الكتاب والبسملة من رواية غير المستملي، والعادة أن البخاري -رحمه الله تعالى- يذكر البسملة في الكتب في التراجم الكبرى، الكتب التي ترجم بها صحيحه، وعدتها سبعة وتسعون كتابًا، فيذكر البسملة إما قبل الترجمة كما هو الغالب أو بعدها، والشراح يوجهون هذا بأن أصل موضعها الطبيعي الأصلي قبل الترجمة لتتحقق البداءة بها، وإذا قُدمت الترجمة عليها، قالوا: إن الترجمة بمنزلة اسم السورة من القرآن والبسملة بعدها، هذا يكون له وجه.

المقدم: صحيح.

الكتاب: تقدم شرحه مرارًا وأنه مصدر كتب يكتبُ  كتابًا أو كتابةً وكتبًا إلى آخر ما قاله أهل العلم في هذا وأن الأصل في المادة الجمع تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، جماعة الخيل كتيبة، فلا داعي لإعادة مثل هذا الكلام الذي رددناه مرارًا، وصلاة التراويح: من إضافة الموصوف إلى صفته، والتروايح جمع ترويحة، والترويحة المرة الواحدة من الراحة، كتسليمة من السلام، يُجمع أيضًا على ترويحات، تراويح وترويحات أيضًا، وسميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، سُميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، يعني يصلي الإمام أربع بتسليمتين ثم يستريحون ويطيلون هذه الاستراحة لماذا؟ لأن الصلاة طويلة تحتاج إلى راحة.

المقدم: يعني الاسم حادث.

كيف حادث؟

المقدم: يعني ليس من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة.

لا لا، إنما هو وصف أمر قائم، وهذا الوصف له أصل، يعني هذا الوصف يعني الفرق بين الأربع ركعات الأولى والأربعة الثانية مرده إلى حديث عائشة: يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعًا، دل ذلك على أن هناك فاصل بين الأربعة يعني له أصل شرعي؛ وقد عقد محمد بن نصر في قيام الليل بابين لمن استحب التطوع لنفسه بين كل ترويحتين، يعني إذا سلم الإمام التسليمة الثانية واستراح وترك فرصة للمأمومين أن يستريحوا، هل يُستحب التطوع في هذه الاستراحة؟ عقد محمد بن نصر المروزي في قيام الليل بابين لمن استحب التطوع لنفسه بين كل ترويحتين ولمن كره ذلك، يعني باب لمن استحب وباب لمن...

المقدم: كره.

كره، وحكى فيه عن يحيى بن بُكير عن الليث: أنهم كانوا يستريحون قدر ما يصلي الرجل كذا وكذا ركعة، كذا فتح الباري، يعني نقله.

المقدم: مما يدل على التطويل.

نعم يطيلون، يعني يأتي من يقول: أن الزيادة على الإحدى عشر بدعة أو على الأقل مفضولة وأن الأفضل الاقتصار على الإحدى عشرة مع ما يفعلونه من نقر للصلاة وتخفيف شديد لها يقولون: أن هذا هو السنة، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن كان سيأتي لهذه المسألة مناسبة أخرى لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، وثبت عنه أنه صلى ركعة واحدة بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، ركعة واحدة! ومن الطرائف وهي حقيقة مما يندى له الجبين بسبب ما وصل إليه الحال في وقتنا، يعني العام الماضي سُئل عن آية الدين هل يجوز قسمها، والسلف يستريحون بين التسليمتين الأوليين والتسليمتين الأخريين والله المستعان،  والكلام على العدد سيأتي إن شاء الله تعالى، يقول العيني في عمدة القاري: الترويحة في الأصل اسم للجلسة وسُميت بالترويحة لاستراح الناس بعد أربع ركعات بالجلسة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازًا لما في آخرها من الترويحة ويقال الترويحة اسم لكل أربع ركعات وأنها في الأصل أيضًا أو إيصال الراحة وهي الجلسة، وفي المُغرب: روَّحت بالناس أي صليت بهم التراويح، المُغرب للمطرِّزي.

المقدم: ألفاظ.

نعم في ألفاظ غريب كتب الحنفية، يعني هذا مهم في بابه، كما أن المصباح المنير في غريب الكتب الشافعية، المطلِع في غريب ألفاظ المقنع، هذه يحتاج إليها في بيان غريب كتب أهل العلم، وإن كان الاعتماد عليها قد يوقع في إشكال لأنك تحتاج مثلًا إلى تعريف الخمر، والخمر مما يُختلف في حقيقته بين الحنفية والجمهور فإذا رجعت إلى هذا الكتاب المُغرب مثلًا وجدته يحكي وجهة نظر حنفية، لأن هذه الكتب التي كتب غريب كتب الفقه تأثرت بالمذاهب باصطلاحات المذاهب، يعني ما يُعتمد عليها فيما يختلف فيه الفقهاء في حقيقته.

المقدم: وإنما في تفسير لفظة...

فإما أن تُجمع كلها هذه الكتب أو يُرجع إلى كتب المتقدمين التي لم تتأثر بالمذاهب، روحت بالناس: أي صليت بهم التراويح، هل هذا مأخوذ من الاستراحة بين كل تسليمتين بين التسليمتين الأوليين والأخريين أو لأنهم يستريحون بالصلاة كما كان يفعل -عليه الصلاة والسلام-؟

المقدم: ارحنا بها.

ارحنا بها يا بلال.

المقدم: واللي ظاهر من باب الراحة.

لكن هل الراحة بها أو منها؟ لأنه قال روحت بالناس: أي صليت، ما قال: جلست.

المقدم: تكون الراحة بها إذا انتهت.

وين؟

المقدم: أو كل واحدة لها راحتها.

لا لا، الراحة راحة يجدها الإنسان يتلذذ بها شئ يمكن ما شممنا له رائحة بالنسبة لما عند السلف رحمهم الله، تبعًا لنبيهم -عليه الصلاة والسلام- الذي يقول: ارحنا، ولذلك يقول: روحت بالناس: أي صليت بهم التراويح.

المقدم: بس أصلها...  

ما قال جلست.

المقدم: بس أصلها كما ذكرنا أنه جمع ترويحة.

نعم، على الكلام الأول ما في إشكال، لكن على كلام صاحب المُغرب: روحت بالناس أي صليت بهم التراويح، أخذًا من الراحة التي هي الصلاة، لكن عندنا الدارج ما هو بروحت، ترْوَحت، الإمام يقول: تروحت بالناس، من التراويح، أما روحت فهو من الراحة بلا شك؛  تخصيص الأربع لا شك أن مرده ومأخذه من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

المقدم: المقصود بالأربع يصلي تسليمتين تسليمتين.

تسليمتين تسليمتين، لأن "صلاة الليل مثنى مثنى"، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (في الباب ذكره البخاري) أنه سأل عائشة -رضي الله عنها-: كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ فقالت: «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا، فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» ، ثم قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بعد الترجمة الكبرى كتاب صلاة التراويح قال: باب فضل من قام رمضان؛  وأورد فيه عدة أحاديث أولها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لرمضان" أي لفضله أو لأجله أو لأجل فضله، قال ابن حجر: ويحتمل أن تكون اللام بمعنى (عن) أي يقول عن رمضان، يعني يتحدث عن رمضان، يقول لرمضان: «من قامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» ، ذكره من طريقين وسبق شرحه في كتاب الإيمان بابٌ: من الإيمان قيامُ رمضان، ومن الإيمان صيام رمضان، ومن الإيمان قيام ليلة القدر، ثلاث تراجم في كتاب الإيمان، وقال بعد الطريق الثاني قال ابن شهاب: فتُوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر -رضي الله عنهما-، الآن هذا الكلام لابن شهاب بعد حديث أبي هريرة: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه» ، قال ابن شهاب: فتُوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر -رضي الله عنهما-، يعني هل هذا الكلام مناسب لحديث أبي هريرة؟ أو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ليلة ثم ليلة ثم ثلاث ثم ترك، فكان الأمر على ذلك في بقية حياته -عليه الصلاة والسلام- ثم خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر ثم جمع الناس، على ما ذكره الإمام البخاري بعد هذا الكلام مباشرة، يعني هل قول ابن شهاب بعد حديث عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال: «خرجت مع عُمر..»  إلى آخره، أو بعد حديث عائشة: «خرج ليلة من جوف الليل فصلى بهم...» إلى آخره، ما يمنع أن يكون موضعه هنا في ما ذكره الإمام البخاري من حديث أبي هريرة: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» ، قال ابن شهاب: فتُوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس على ذلك، يعني على مجرد الحث على قيام رمضان؛ لأن الذي يقرأ مثل هذه يستشكل، (على ذلك) على أي شيء؟ يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ليلة ثم ليلة ثم ثالثة ثم غص المسجد بالناس فلم يخرج إليهم، على ما سيأتي في حديث عائشة -رضي الله عنها-، هذا الحديث المختصر عندنا الحديث الذي ذكره.. حديث الباب، ثم قال وعن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون -يريد آخر الليل- أفضل من صلاة أول الليل، وكان الناس يقومون أوله» ، يقول: «خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون»  يعني لا شك أن مثل هذا التفرق.

المقدم: وفي شأن عبادة.

نعم، هذا لا شك أن التفرق بالأبدان أثره على التفرق بالقلوب ظاهر، ولذا..

المقدم: صفوف لا تختلف فتختلف قلوبكم.

نعم، وأيضًا يُفتي أهل العلم بتحريم إقامة جماعتين في آن واحد في مكان واحد، وهذا وإن كان بالنسبة للفريضة والناس يصلون أوزاع ومتفرقين في النوافل لكن يبقى أنهم في مثل هذه الصورة التي لها أصل، النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها كما في الباب المشروح، فعلها جماعة في المسجد فله أصل، «فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، «إني أرى»  هل هذا مرده إلى رأي عمر؟ أو رأي عمر الملهم الخليفة الراشد الذي أُمرنا باتباع سنته والاقتداء بهديه المبني على أصل شرعي على ما سيأتي في حديث الباب؟

المقدم: الثاني أمثل.

بلا شك هذا هو الأصل، «ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، وقال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله» ، ومازال الناس على مر العصور صلاة التراويح في أول الليل، أشكل قول عمر -رضي الله عنه-: نعم البدعة هذه، يعني مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: «كل بدعة ضلالة» ، نعم البدعة هذه مما يدل على أن من البدع ما يُمدح، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «كل بدعة ضلالة»  بلفظ العموم يدل على أن كل إحداث في الدين بدعة وهو ضلالة، كل ما يدخل في باب الإحداث «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» ، «وكل بدعة ضلالة»  لا شك أن هذا اللفظ مشكل، يقول ابن حجر في فتح الباري: البدعة أصلها ما أُحدث على غير مثال سابق، هذه البدعة اللغوية، يعني ما أُحدث على غير مثال سابق، وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة، يقول ابن حجر: والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة، يعني ابن حجر يقرر أن من البدع ما يُمدح، إذا كانت مما يندرج في مستحسن، لكن إذا اندرجت في مستحسن هل يقال لها بدعة؟

المقدم: لا، ما تصير بدعة مذمومة.

ما تصير.

المقدم: إلا باللفظ اللغوي.

ما تصير بدعة أبدًا، لأنها اندرجت تحت أصل، يعني الشارع نص على كل مسألة مسألة، وإلا جاب في أصول يندرج تحتها فروع؟ هذه الفروع نقول إنها بدع؟

المقدم: لا.

لا يمكن، كذا قال: وقال ابن الأثير في النهاية: البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه ورسوله فهو في حيز المدح، البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار يعني كل بدعة ضلالة، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه ورسوله يعني هو ورسوله، فهو في حيز المدح ومنه نعم البدعة في كلام عمر، يعني ابن الأثير أيضًا يقرر أن البدع منها ما يُمدح ومنها ما يُذم، العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام قسم البدع أيضًا إلى خمسة أقسام: واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة، يعني مثّل للبدع الواجبة الرد على المخالفين، الملاحدة الزنادقة اليهود النصارى أي مخالف الرد عليه بدعة لكنها واجبة، لكن لا نستطيع أن نقول بدعة والقرآن فيه الرد على المخالفين، والسنة كذلك، لا يمكن أن يقال بدعة، بدعة محرمة هذا كثير، هذا كلام صحيح بدعة محرمة ما في إشكال.

المقدم: معروفة.

نعم، بدعة مندوبة بناء المدارس بناء الأربطة بدعة مندوبة، كيف نقول بدعة واجبة، بدعة مندوبة هذا تنافر لفظي شرعي، تنافر بين الألفاظ التي جاء الشرع بذمها مع ما جاء الشرع بمدحه؟! يعني تناقض في اللفظ، ومندوبة ومكروهة هذا أيضًا هناك بدع مكروهة بدع مخففة هذا الكلام ماشي، بدع مباحة قال كالتوسعة، أو التوسع في أنواع الطعام والمركوب والملبوس وما أشبه ذلك، لكن هل هذا يدخل في حيز الابتداع؟ لا يدخل في حيز الابتداع، لأن البدعة الشرعية العمل الذي يُقصد به التعبد مما لم يسبق له شرعية في الكتاب والسنة، وهذا لا يُقصد به التعبد، يقول: والطريق إلى معرفة ذلك أن تُعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة، ثم ذكر الأمثلة على ذلك، وأمثلته كلها متعقبة فيما يتعلق بالوجوب والاستحباب والندب، أما ما يتعلق بالبدع المحرمة والبدع المكروهة فالبدع كلها من هذا القبيل، أيضًا النووي في شرح مسلم قسم البدع إلى خمسة الأقسام، والقرافي في الفروع كذلك، لكن الشاطبي في الاعتصام لم يرتضِ هذا التقسيم بل رده وقوّض دعائمه، نقضه من أصله هدمه في كتاب الاعتصام يقول: هذا التقسيم أمر مخترع، يعني هذا التقسيم داخل في حيز الابتداع، هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده؛ هذا يذكرنا بقول بعض من يقرر وجود المجاز في لغة العرب وفي النصوص أيضًا، لما ذُكر له أن ابن القيم سمى المجاز: الطاغوت الخامس، قال: هذا مجاز، تسميته طاغوت مجاز، على كل حال المجاز معروف أنه في النصوص لا يوجد قرر ذلك أهل العلم، والخلاف في لغة العرب هل هو موجود أو غير موجود، والمسألة بسطها في غيره، لكنها المناسبة، يقول: إن التقسيم هذا مبتدع مخترع لا يدل عليه دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثمّ بدعة، كان ما في بدعة، ولو كان العمل داخلًا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها فالجمع بين كون تلك بدعًا وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين، إذًا فماذا عن قول عمر: نعم البدعة؟

المقدم: لعلنا نرجح المسألة إن شاء الله في حلقة قادمة فضيلة الشيخ إذا أذنتم.

إن شاء الله.

المقدم: شكر الله لكم ونفع بعلمكم، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لقاءنا بكم بإذن الله في الحلقة القادمة، لتذكير الإخوة والأخوات نحن في كتاب صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان، الحديث رقم تسعمائة وثمانية وأربعين في المختصر، ألفين واثنى عشر في الأصل، لمتابعتنا بإذن الله في الحلقة القادمة، شكرًا لطيب المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.