شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (03)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا-: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ: مَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنهمَا- بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ أَرْبَعَ خِصَالٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى، إِلَّا فِي قِصَّةِ الْإِهْلَالِ فَإِنَّهُ خَالَفَ رِوَايَةَ الْمَقْبُرِيِّ فَذَكَرَهُ بِمَعْنًى سِوَى ذِكْرِهِ إِيَّاهُ.

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً.

وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَكِبَ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حِينَ تَسْتَوِي بِهِ قَائِمَةً.

وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ: حَرْمَلَةُ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- أَنَّهُ قَالَ: بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذِي الْحُلَيْفَةِ مَبْدَأَهُ، وَصَلَّى فِي مَسْجِدِهَا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:

"وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا-: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ -وهذه كنيته- رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعاً لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا" لعله أراد على سبيل الاجتماع، لا يصنعها مجتمعة، لا على سبيل الإفراد، ابن عمر لم يستقل بهذه الأربع، بل وافقه عليها الصحابة على مسألةٍ مسألة، إنما اجتماع هذه الأربع يستقل بها ابن عمر -رضي الله عنهما-، "قَالَ: مَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ" اللذين في الجهة الجنوبية، الركن اليماني والذي يليه الذي فيه الحجر الأسود، ويترك الركنين الآخرين الذين في جهة الحِجْر لكونهما ليسا على قواعد إبراهيم، قريش لما أعادوا بناء الكعبة، وقصرت بهم النفقة نقصوا من الكعبة ما يقرب من ستة أمتار الذي هو الحِجْر، وتركه النبي -عليه الصلاة والسلام- على حاله، ترك الأمر على حاله، ولم يكمل مع قدرته على ذلك؛ لأن القوم حديثو عهدٍ بجاهلية، والتصرف في مثل هذه الأمور المقدسة لا شك أنه يعرضها للقيل والقال، ابن الزبير لما تولى أعادها على قواعد إبراهيم، ثم نقضت بعده وأعيدت على ما مات -عليه الصلاة والسلام-، وهي على حالها؛ لأنه مروان ومن معه يسعهم، وهذا رأي سديد، يسعهم ما وسع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كانت في الأصل شاملة للحجر إلا شيء يسير منها، ثلثي ذراع، فتركها مروان على ما كانت عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأعاد بناءها، وأخرج الحِجْر، حكمه حكم الكعبة، لا يجوز الطواف فيه، لا بد أن يكون الطواف من ورائه؛ لأنه من الكعبة، والركنان اللذان يليانه ليسا على قواعد إبراهيم، فلا يمسحان، وإن جاء عن بعض الصحابة أنهما يمسحان وأنه ليس في البيت شيء مهجور، ولا يهجر شيء من أركان البيت؛ لكن الدليل الصحيح الثابت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يمسح إلا الركنين اليمانيين.

واليمانيين بتخفيف الياء نسبة إلى اليمن، وياء النسب كما هو معروف مشددة، (ياءٌ كيا الكرسي زيدت للنسب) فهي مشددة هذا الأصل فيها، ولذا بعض الناس يخفف ياء النسب على خلاف الأصل فيقول مثلاً: ابن تيمية، والياء فيها نسب لا يجوز تخفيفها، وهنا اليمانيين بالتخفيف نسبة إلى اليمن، يمني، هذا رجل يمني، وهذه امرأة يمنية بالتشديد؛ لكن لما زيدت الألف قامت مقام إحدى الياءين؛ لأن الحرف المشددة عبارة عن حرفين، أحدهما ساكن، فالألف قام مقام أحد الحرفين، والثاني مخفف، إذا انفرد أحدهما الأول ساكن والثاني متحرك صار المتحرك بمفرده، وحينئذٍ هذا الأصل، ومنهم من يشدد كذلك ويقول: ياء النسب على أي حال تشدد، يعني ولو زيد على الاسم المنسوب عليه بعض الحروف، كما تقول بالنسبة إلى صنعاء، صنعانيّ بالتشديد، والنسبة إلى الري رازيّ، وإن زد عليه الزاي، فزيادة الألف لا تؤثر، وتبقى الياء مشددة؛ لأنها ياء نسب، وعلى كل حال قول الأكثر أن الياء مخففة.

"وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ" السبتية هي التي ليس فيها شعر، كما جاء تفسيرها في الحديث نفسه من كلام ابن عمر، فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبس النعال التي ليس فيها شعر، في جواب: "رأيتك تلبس النعال السبتية" فدل على أن المراد بالنعال السبتية هي التي لا شعر فيها، بعضهم يقول: أنها منسوبة إلى السبت وهو الحلق، فكأنها محلوقة الشعر؛ لكن لو نسبت إلى السبت لقيل: سبتية، ولم يجئ في شيء من الروايات بفتح السين، بل السين في جميع الروايات مكسورة.

"وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ" من باب نصر، تصبغ وأصبغ مثل ينصر وأنصر، فهي من باب نصر، تصبغ بالصفرة، تصبغ لحيتك ورأسك، وإن قال بعضهم: إن المراد به الثياب؛ لأنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه يصبغ؛ لأن شيبه -عليه الصلاة والسلام- يسير جداً، عشرون شعرة أو أربعة عشر شعرة، وقريب من هذا العدد، ولذا نفوا أن يكون شعره -عليه الصلاة والسلام- مصبوغاً، نعم شعره مال إلى الحمرة، وإن لم يكن من أثر الصبغ، بل من أثر الطيب كما قال جمع من أهل العلم، وصبغ الشعر جاء الأمر به «غيروه» في حديث أبي قحافة: «وجنبوه السواد» فأقل أحواله أن يكون سنة، أقل الأحوال أن يكون الصبغ سنة، وكان عمر -رضي الله عنه- يصبغ بالحناء وأبو بكر يصبغ بالحناء مع الكَتَم، وكثير من الناس يترك الصبغ لأنه مشقة فيه كلفة، وفيه عناء ومشقة، يحتاج إلى متابعة؛ لكن هذه السنة، السنة أن يغير الشعر بغير السواد.

"وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ -في أول الشهر- وَلَمْ تُهْلِلْ" أو لم تهل، بالإدغام أو بفكه "أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ" وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، سمي بالتروية لأنهم يتزودون فيه الماء، "فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ" والسبب ما ذُكر، وما سمعتم، وما يتعلق بالركن اليماني إن أمكن استلامه فهو المطلوب، إن لم يمكن فالإشارة إليه لم تثبت، وما يتعلق بالركن الذي فيه الحجر، هذا إن أمكن تقبيله، تقبيل الحجر أو استلامه فهذا هو الأصل باليد، إن لم يمكن أشار إليه بشيء بيده عصا أو محجن، أو أشار إليه بيده إذا حاذاه، كل ما حاذاه كبّر، أشار إليه وكبر، وهذا يشمل بداية الطواف، وجميع الأشواط والنهاية أيضاً إذا فرغ؛ لأنه يشملها قوله: كلما حاذاه، وفي حديث جابر عند أحمد وغيره: "كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة" يعني في البداية وفي النهاية.

وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية فقال عبد الله بن عمر أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اليمانيين  "وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا" يقول أهل العلم: أن المراد أنه يتوضأ ويلبسها ورجلاه مبلولتان بالماء، ليس معناه أنه يتوضأ ورجلاه داخل النعال بما علم من أنه لا بد من تعميم القدم بالغسل، ولذا جاء التشديد في ذلك: «ويل للأعقاب من النار» وليس في هذا مستمسك لمن يقول بالاكتفاء بالمسح، بل لا بد من استيعاب القدم بالغسل، أعلاها وأسفلها لا بد أن يستوعب، وهو غسل وليس بمسح.

"وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا" وثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يصبغ لحيته رأسه بالصفرة، وإن قال بعض أهل العلم أنه يصبغ ثيابه؛ لأنه أحال إلى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت أنه صبغ، إنما من قال: أنه صبغ لأنه رأى من شعراته -عليه الصلاة والسلام- التغير إلى اللون الأحمر، والذين يوفون الصبغ من قبل -عليه الصلاة والسلام- يقولون: أن تغيره بسبب الطيب، ولا شك أن الطيب له أثر في تغير الشعر. "وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ" الجواب مطابق وإلا غير مطابق؟ الأسئلة الثلاثة أجوبتها مطابقة؛ لكن السؤال الرابع؟ ابن عمر يهل في يوم التروية، وغيره يهلّ في اليوم الأول إذا رأوا الهلال، وجوابه: "وأما الإهلال فإن لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته" إيش وجه المطابقة بين الجواب والسؤال؟

طالب:..... راحلته كانت......

يعني عندك الأسبوع الأول من ذي الحجة من واحد إلى سبعة فيه عمل وإلا ما فيه عمل يتعلق بالحج؟

طالب: ما في.

موجود في مكة، أدى عمرته قبل دخول الشهر، رأى الهلال هل يحرم..؟ في أعمال حج قبل يوم التروية؟ ما في أعمال، ولذا قال: "لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل حتى تنبعث به راحلته" يعني لقصد العمل في النسك، للدخول في النسك، وإلا هل أحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الأول أو في اليوم الثامن؟

طالب:الثامن

نعم، أحرم من ذي الحليفة؛ لأنه قارن -عليه الصلاة والسلام-، ولذا عدل ابن عمر عن الجواب بكونه أحرم في يوم كذا ويوم كذا "حين تنبعث به راحلته" يعني إذ انبعثت به راحلته باشر الأعمال، والفرصة بين اليوم الأول واليوم السابع ما في عمل من أعمال الحج، لمن جاء قبل، والمسألة في الاختيار في الإحرام في وقته في الحج مسألة بين أهل العلم فيها خلاف، منهم من يرى رأي ابن عمر، ومنهم من يقول بالقول الآخر، وكلاهما ثابت عن الصحابة، والأمر فيه سعة، الأمر فيه سعة، والإحرام في اليوم الثامن أكثر توسعة؛ لأنه يبقى حلال ولا يعرض نفسه لارتكاب المحظورات هذا فيه سعة له، وكونه محرم وباقي على إحرامه ومتلبس بعبادة هذه أيضاً وجهة نظر من يقول: يحرم قبل ذلك، وإلا فالأمر فيه سعة.

"حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنهمَا- بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً" حججت ثنتي عشرة مرة، يعني بين حج وعمرة، بعضها حج وبعضها عمرة، ولا شك أن العمرة يطلق عليها حج لأنها قصد، "فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ أَرْبَعَ خِصَالٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى يعني السابق، إِلَّا فِي قِصَّةِ الْإِهْلَالِ فَإِنَّهُ خَالَفَ رِوَايَةَ الْمَقْبُرِيِّ فَذَكَرَ بِمَعْنًى سِوَى ذِكْرِهِ إِيَّاهُ" إيش معنى هذا الكلام؟ ساق الحديث بهذا المعنى، بالمعنى السابق في الأسئلة الثلاثة إلا في قصة الإهلال الذي هو السؤال الأخير فإنه خالف فيه رواية المقبري فذكره بمعنىً سوى ذكره إياه، سوى ذكر المقبري إياه، يعني يختلف عن ذكره إياه، كيف نحصل على هذا المعنى الذي أشار إليه الإمام مسلم؟ يعني ساق الإسناد، وذكر أن هناك اختلاف ولم يذكر هذا الاختلاف، كيف نقف عليه؟

طالب:.......

الذي يليه؟ لماذا قال حين وضع رجله في الغرز، وهناك في الحديث الأول....

طالب: حين تنبعث به.

حين انبعثت به، والرواية التي تليها، الرواية الثالثة: "حين وضع رجله في الغرز".

يقول: "وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ" يعني من أراد هذه اللفظة بلفظها، الآن هي الرواية التي أشار إليها أو تفسرها؟ يعني هل هي نفس الرواية التي أشار إليها أعادها مرة ثانية وصرّح بها أو هي غير الرواية لكنها بمعناها؟ يعني تفسير الرواية المطوية؛ لكن إذا أردنا الرواية المطوية بعينها من الطريق الذي ذكره مسلم، كيف نحصل عليها؟ يعني مسلم -رحمه الله- يذكر الإسناد والمتن، ثم بعد ذلك يذكر أسانيد ويحيل على المتن السابق، فيقول: بمثله، بنحوه، بمعناه، إذا قال: بنحوه كيف نحصل على هذا اللفظ الذي أشار إليه مسلم؟

طالب:.......

لا، بنحوه ما هو نفس النص السابق.

طالب:.......

مما يشير إليه مسلم؟ ما يلزم، أولاً: طريقة مسلم -رحمه الله- أنه يذكر في صدر الباب السند والمتن، ثم يذكر بعد ذلك طرق أخرى لهذا الحديث، منها ما يوافق في اللفظ، ومنها ما هو بالمعنى ويسوق المتون، وقد لا يسوق المتن فيحيل على المتن السابق فإما أن يقول بمثله هذا معناه أنه بحروف، بمثله، فإذا قال بنحوه، المعنى، لكن كيف نحصل على هذا المتن الذي هو بمعنى ما معنا؟ نعم من كتب أخرى، من مصادر أخرى ذكرت هذا الإسناد بمتنه، وأقرب وسيلة للحصول على المتن الذي أشار إليه مسلم من طريق تحفة الأشراف، تنظر في هذا الإسناد الذي ذكره مسلم فيذكر لك أن مسلم ذكره ولم يسق لفظه، وساق فلان وفلان وفلان، إن لم تجده في تحفة الإشراف بمعنى أن هذا الإسناد استقل به مسلم تذهب إلى إيش؟

طالب:.......

إتحاف المهرة، وهذه كتب بالنسبة لطلب العلم في غاية الأهمية، وأنا أقول في وقتٍ يدعو الناس فيه إلى الاختصار، أنا أقول: لا يمكن تحصيل العلم بهذه الطريقة، عن طريق المختصرات والاختصار، بل طالب العلم إذا أرد أن يدرك العلم عليه أن ينثر هذه الكتب نثراً، يأتي إلى التحفة مثلاً ويذكر يشوف الأسانيد والمتون ويرجع إلى أصولها ينثرها نثراً، حينئذٍ يدرك العلم من أبوابه، طريقة شاقة وطويلة، وتحتاج إلى عمر؛ لكن كيف نتكاثر العمر على مثل هذا العلم؟ نعم المنشغل بكتاب الله، وما يعين على فهم كتاب الله على خيرٍ عظيم؛ لكن نتكاثر مثل هذا ونقول: نكتفي بالمختصرات ونحن عندنا الساعات الطوال في القيل والقال ونقول: الوقت ضيق ولا يستوعب والعمر قصير، هذا من أولى ما تصرف فيه الأعمار، والله المستعان.

طالب:.......

إيه، لكن قد يستدل به، أو يتمسك بلفظه من لا يقول: أنها واسعة، وش الدليل على أنها واسعة؟ يعني كونه توضأ به مع النصوص التي توجب استيعاب العضو يستنبط منه أنها واسعة؛ لكن لا بد أن نتفق على الأمر المقرر، وهو أنه لا بد من استيعاب العضو في الغسل، سواء وجهنا بهذا أو ذاك.

يقول: "وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ" إيش الفرق بين هذه الرواية والتي قبلها؟ الإهلال متى وقع؟ على كل حال هو وقع في الميقات؛ لكن هل أحرم حينما وضع رجله في الغرز، أو حينما انبعثت به راحلته؟

طالب:.......

إذاً هو بمعنى الرواية الأولى، والرواية التي ذكر سندها وأحيل بمعناها على غير موجود لا تفسرها هذه الرواية، إيش معنى الغرز؟

طالب: الغرز الإدخال أو الغرس.

إذا وضع رجله في الغرز.

طالب: في مكان ال......

الذي هو المرقاة، الذي هو شبه المرقاة، "وانبعثت به راحلته قائمةً أهل من ذي الحليفة" إذاً هذه الرواية تفسر لنا المطوي وإلا ما تفسر؟ تفسر وإلا ما تفسر؟

طالب:.......

ما تفسر؛ لأن كلها تدل على أنه حينما انبعثت به راحلته.

"وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً" هناك الرواية السابقة إلا في قصة الإهلال فإنه خالف فيها رواية المقبري، فذكره بمعنىً سوى ذكره إياه وهذه الروايات موافقة لرواية المقبري.

"وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَكِبَ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ يُهِلُّ حِينَ تَسْتَوِي بِهِ قَائِمَةً" الروايات متفقة، إلا هذه الرواية التي لم يسق لفظها الإمام -رحمه الله تعالى-، وعلى هذا فتطلب من الكتب الأخرى، حتى الشراح ما بيّنوها.

طالب:.......

لا لا، كلهم بمكة، هؤلاء يبادرون بالإهلال ليتلبسوا بعبادة، ويقضوا فيها أطول وقت، وابن عمر يتأخر، والأمر فيه سعة؛ لكن هذه السعة تضيق متى؟ إذا خشي فوات الحج، مع الأسف أن كثير من بعض الإخوان رأيناهم ممن يجلس بالطائف إلى غروب الشمس في يوم عرفة، ثم يحرم وينزل، هذا يفوت أجر عظيم، ورأينا بعض المشرفين على الحملات موجودين عشية عرفة بعرفة عليهم ثيابهم ما أحرموا إلى الآن، فإذا أرادوا الانصراف من عرفة أحرموا، هذا تفريط، يدركون الحج لأنهم وقفوا بعرفة في وقت الوقوف؛ لكن التفريط إلى هذا الحد هذا حرمان، والله المستعان، على الإنسان أن يحرص على تطبيق ما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجته، وفي جميع عباداته «صلوا كما رأيتموني أصلي» و«خذوا عني مناسككم» هذا هو المقصود، لكم في رسول الله أسوة حسنة، هذا هو الأسوة والقدوة.

يقول: "وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا -يعني ابن عيسى- وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أخبرنا" بينا هذا مراراً أن هذا صنيع مسلم في بيان اختلاف الرواة في صيغ الأداء، وأنه ينبه على اختلافهم في ذلك بدقة، قال أحمد: حدثنا لأنه تحمل عن شيخه بطريق السماع، وقال حرملة: أخبرني؛ لأنه تحمل بطريق العرض، والإمام البخاري لا يلقي لهذه الأمور شيء، لا يلقي لها بالاً، لا يلتفت إليها، والرواية عند بطريق العرض أو السمع سواء، وصيغ الأداء عنده سواء، وهل هذا مما يرجح به مسلم وينصح بحفظ صحيح مسلم، وتؤخذ زوائد البخاري عليه كما يفعل بعض الناس؟ الإمام مسلم -رحمه الله- ينبه على الفروق حتى في صيغ الأداء، وفي المتون وبالحرف ينبه، اللفظ لفلان واللفظ لفلان، زاد فلان، نقص فلان، البخاري ما يبيّن هذا، هل هذا مما يرجح به صحيح مسلم؟ لأن بعضهم ينظر إلى هذه الأمور وينبهر من دقة مسلم، بعض الإخوان يوجه بحفظ صحيح مسلم، ثم تؤخذ زوائد البخاري عليه، لوجود مثل هذه التنبيهات الدقيقة في الألفاظ بين الرواة.

طالب:........

دعنا من التراجم، من هذه الحيثية العناية بالألفاظ.

طالب:........

نعم، أصل الرواية بالمعنى جائزة عند مسلم وعند البخاري، فمسلم يعنى برواية شيوخه، ويفرق بين ألفاظهم، ولا يعني أن شيوخهم أدوا اللفظ النبوي بلفظه؛ لأنه يجيز الرواية بالمعنى، كون مسلم يفرق بين رواية فلان وفلان، وفلان قد يكون روى الحديث بمعناه، والبخاري يعتمد الرواية بالمعنى ويخرج الحديث على وجوه لكن لا يبين صاحب اللفظ، والمسألة مفترضة في رواةٍ كلهم ثقات، نحتاج إلى تبيين رواية فلان من فلان لو كان أحدهما ثقة والآخر ضعيف، أما وكلهم ثقات والمعلوم والمقرر عند أهل العلم أن صحيح البخاري في باب الاتصال أقوى من صحيح مسلم، هذا شيء مقرر عند أهل العلم، وكونه أوثق رواة أيضاً هذا لا يختلف فيه أحد، والأحاديث المنتقدة في صحيح مسلم أكثر من الأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري، فكيف نوجه الطلاب إلى العناية بصحيح مسلم ثم بعد ذلك البخاري؟ لا يا إخوان، نعم صحيح مسلم من ناحية باعتبار أنه يجمع الحديث الأول بطرقه في موضعٍ واحد، يريح الطالب من هذه الحيثية، والإمام البخاري يفرق الحديث الواحد يمكن في عشرين موضع، تبعاً لما يستنبط منه، يستنبط منه البخاري عشرين فائدة مثلاً، ويترجم لكل فائدة بترجمة ويورد ما يحتاجه من هذا الحديث، هذا أولى بالعناية يا إخوان؛ لأن الاستنباط من النصوص هو الغاية.

وقال حرملة: "أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- أَنَّهُ قَالَ: بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذِي الْحُلَيْفَةِ مَبْدَأَهُ" وتضم مُبدأه، أي في ابتداء حجه، خرج من المدينة بعد صلاة الظهر -عليه الصلاة والسلام-، صلى بالمدينة أربعاً، ثم خرج وصلى بذي الحليفة ركعتين العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، ثم الفجر، ثم صلى بها الظهر ركعتين، وأحرم بعد صلاة الظهر، وإن جاء أيضاً ما يدل على أنه أحرم بعد صلاة الصبح؛ لكن رواية صلاة الظهر أكثر.

"وَصَلَّى فِي مَسْجِدِهَ" يعني يخرج من المدينة عشرة كيلو ويبيت يجلس يوم وليلة، ما مشى إلا عشرة كيلو، اليوم وليلة يمكن يأخذ الواحد عمرة ويرجع في عصر السرعة، النبي -عليه الصلاة والسلام- يراعي الرفقة، بعضهم احتمال يكون نسي شيء، بعضهم يحتاج إلى أن يوصي، يذهب ويقضي حاجته ويرجع، وعندنا الاعتذار عن الحج بأدنى عذر، يتعلل الإنسان يقول: والله مقبلة اختبارات ما نحج هذي السنة، السنة الجاية، بأدنى عذر، السنة ربيع، أسماء بنت عميس خرجت من المدينة وهي في الطلق وولدت في المحرم، هذا الحرص على الخير، يعني كيف نقارن أحوالنا بأحوالهم؟ بون شاسع، قد يقول قائل: وش معنى أنه يطلع من المدينة في حال إقامة واستقرار وراحة، ثم بعد ذلك يجلس يوم وليلة بالمحرم؟ لا هذا مراعاةً للرفقة، رفقاً بالرفقة -عليه الصلاة والسلام-.

عندنا عصر السرعة قضى على كثير من الصعوبات والمشقات التي كان يعانيها الناس، لأداء هذه الفريضة، كان الطريق أشُهْر، ومع ذلك هذه الآلات وهذه المريحات نعم بلا شك لأن المشقة ليست مقصداً شرعياً لذاتها، إذا جاءت تبعاً لعبادة أجر الإنسان عليها، وإلا ليست مقصداً لذاتها، في بعض الرحلات يقول: خرجنا من طنجة نريد الحج، وبعد مسير عشرة أيام مات القاضي ورجعنا ندفنه بطنجة، يعني أمر غريب، راح عشرين يوم على لا شيء، هذا ما نتصوره احنا، لكن في وقتهم عادي لأنه بيصير ثلاثة أشهر ما يضر، وشو عجلنا عليه؟ كتبه معه، وعلماؤه الذي يستفيد منهم ويقرأ عليهم معه، وش يدور؟ الله المستعان.

طالب:.......

بالنسبة للبخاري أول ما يُبدأ بالبخاري، ولا يعتمد الطالب على المختصرات، يختصر لنفسه، الآن كل شيء متيسر، الأطراف موجودة، والإحالات على المواضيع اللاحقة والسابقة كل شيء موجود، فيأتي إلى صحيح البخاري، ويبدأ بحديث: «إنما الأعمال بالنيات» خرجه الإمام البخاري في سبعة مواضع، يطلع على هذه المواضع السبعة بأرقامها، وتراجم البخاري على هذه المواضع، ويقتصر على أوفى هذه الروايات ويضعه هنا، وحينئذٍ يكون عرف المواضع السبعة واستنباط البخاري من الحديث في المواضع السبعة، وكيف يربط بين الحديث وهذا الاستنباط؟ ويكون علمه بما حذف كعلمه بما أثبت، إذا اعتمد على مختصر، المختصِر يحذف أشياء هي عنده ليست مهمة؛ لكن عندك أنت قد تكون أهم مما ذكر، وضربنا بدرسٍ سبق بكتاب الرقاق، كتاب الرقاق أثبت فيه الإمام البخاري مائة وثلاثة وتسعين حديث، مائتين حديث إلا سبعة، والمختصر أثبت سبعة فقط، وحذف كل ما يتعلق بما عداها، من تراجم، ما ترجم للأحاديث، ومن آثار وأقوال وأخبار للصحابة والتابعين، وأخبار عباد، وأحوال نساك يوردها البخاري -رحمه الله- في هذه التراجم، فالبخاري أبدع في هذا الباب كغيره من الأبواب؛ لكن الذي يعتمد على المختصرات يحتاج إلى كتاب الرقاق يقرأ سبعة أحاديث بدقيقة وينتهي الإشكال، بينما يقرأ مائة وثلاثة وتسعين حديث بتراجمها بأخبارها بآثارها بأحوالها، برواتها، وطالب العلم بحاجة ماسة إلى معرفة الرجال الحديث، كونه يتكرر عليه الراوي من رواة الصحيح مرتين ثلاث عشر خلاص يثبت عنده؛ لأن بعض الناس لا يطيق التكرار، مع أن التكرار ما وجد عبث، الله المستعان.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحِلِّهِ وَلِحُرْمِهِ.

وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا وقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ.

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعاً عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- بِأَيِّ شَيْءٍ طَيَّبْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ حُرْمِهِ؟ قَالَتْ: بِأَطْيَبِ الطِّيبِ، وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِأَطْيَبِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ يُحْرِمُ.

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ بِأَطْيَبِ مَا وَجَدْتُ.

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَقُلْ خَلَفٌ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: وَذَاكَ طِيبُ إِحْرَامِهِ.

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: يَحْيَى أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُهِلُّ.

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُلَبِّي.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قال: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ وَعَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ.

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ.

وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لَأَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ.

وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَهُوَ السَّلُولِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ وَهُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ ابْنَ الْأَسْوَدِ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ يَتَطَيَّبُ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ.

وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ.

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو كَامِلٍ جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- عَنْ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيباً لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَأَخْبَرْتُهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيبًا لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنه-: أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَخُ طِيباً.

وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- يَقُولُ: لَأَنْ أُصْبِحَ مُطَّلِيًا بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيباً.

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَأَخْبَرْتُهَا بِقَوْلِهِ فَقَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَطَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً.

هذا تنبيه من بعض الإخوان: النووي -رحمه الله تعالى- في بيان معنى لبيك، وأن التثنية ليست مقصودة، ذكر تبعاً لغيره، هذا مذكور عند الشراح ممن تقدم النووي، بدءً من المازري في شرح مسلم صاحب المعلم فمن دونه، أصحاب التكملات عليه، نظّروا التثنية في لبيك بقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [(64) سورة المائدة] وقالوا: إن التثنية ليست مقصودة، فمعنى اليد هنا النعمة، عندهم، ونعمه لا تعد ولا تحصى فالتثنية لا تعد ولا تحصى، وهذا لا شك أن هذا جارٍ على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات، والنووي -رحمه الله تعالى- في هذا الباب وفي بعض أبواب العقائد أشعري المذهب، لا شك في هذا، عنده تأويل، ابن حجر لم يسلم، وإن كان أخف من النووي، وغيرهم من الشراح ما سلموا، لكن هذه مع أنها أمور عظيمة لا شك أن منهج السلف في هذا الباب إثبات ما أثبته الله لنفسه على ما يليق بجلاله، ويستوي في ذلك ما في كتابه وما في سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، على ما يليق بجلاله وعظمته، وهم نحو منحاً آخر، ورأوا التنزيه في هذا الباب، وأنه ليس كمثله شي، وكل هذا دعاهم إلى أن يأولوا الصفات متنكبين جادة السلف الصالح في هذا، وأخطأوا في هذا، ولا شك أن التأويل ارتكابه مزلق خطير في هذا الباب، وإن ارتكبه من ارتكبه من الجلة من الكبار؛ لكن هذا لا يعني أنهم لم يخطأوا، أخطأوا، فالنووي -رحمه الله- سلك مسلك الأشاعرة في هذا الباب، ويكاد يكون مطرد عنده، مطرد عنده مذهب الأشاعرة في أكثر ما يخالفون فيه أهل السنة، فهو أقرب ما يقال: أنه أشعري، بخلاف من لم يطرد فيه مذهب الأشاعرة يقال فيه: أشعرية، ما يقال: أشعري، وفرق بين أن تكون النسبة نسبة الشخص تامة، وبين أن تكون جزئية، يعني لو شخص محسوب على أهل السنة، يعني في جميع أبواب الدين على مذهب أهل السنة، ثم أخطأ في مسألة يقال: فيه كذا، وفرق بين أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر: امرؤ فيه جاهلية، وبين أن يقول: جاهلي، فرق بين هذا وذاك، وشخص فيه نفاق، وبين شخص منافق، فالنووي أقرب ما يكون إلى مذهب الأشاعرة، كأنه فيما ظهر لي بالاستقراء أنه مطرد عنده، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وإن كان يشدد على البدع، وبكل ما أوتي من قوة وقدرة علمية ينقضها ويقوض دعائمها بشدة وبقوة إلا أنه يعذر مثل النووي مثل ابن حجر مثل فلان وعلان لما يسأل عنهم، يقول: اجتهدوا ونصروا ما رأوه حق.

طالب:.......

لا بل عذر من هم أعظم من النووي، ابن حجر أسهل من النووي، أقول: شيخ الإسلام يعذر مثل هؤلاء، بل سئل عن الرازي الذي يعد منظر لمذهب الأشاعرة، ويسخر من طريقة السلف، ويتهكم من أهل العلم، قال: "يختلف الناس في أبي عبد الله الرازي وبعضهم يطعن في قصده" يعني من قرأ تفسيره يستروح إلى الطعن، ويميل إليه، لكن شيخ الإسلام.. لأن الإنسان كلما زاد علمه، واتسع أفقه، عرف قدر الإنسان، واجتهاد الإنسان، وضعف الإنسان، وقدرة الإنسان، فقال: "والذي أراه أنه ينصر ما يراه الحق" مع أنه منظر للأشعرية، يعني أسوأ ممن قرأت له، وهو أيضاً جبري في باب القدر، وعنده طوام، وإن ثبت عنه كتاب السر المكتوم فهو أيضاً موبقة من الموبقات، نسأل الله العافية.

طالب:........

هذا الذي أشرت إليه قبل؛ لكن بالاستقراء من طريقة النووي أنه في جميع الأبواب التي يخالف فيها الأشاعرة مطرد.

طالب:.......

كذلك، أبد أبد، نفس الشيء، مطرد هذا، مطرد.

طالب: هل هناك اعتذار من العلماء للنووي في وقوعه؟

لا تنظر إلى أنك عشت في بلدٍ، ونشأت على مذهب، وترقيت فيه، ورأيت علماءك يشددون، ويبينون ويقررون، تصور نفسك في بلد العلماء الذي تراهم نجوم في عينك على مذهب الآخر، ولو قيل لك ما قيل، يعني افرض أنك عايش في الشام أو في مصر أو في تركيا أو في غيرها وهم ممن يعتنق هذه المذاهب، وما جاء من ينبهك، أو نبهت ورأيت أن المنبه ما نسبة هذا المنبه بالنسبة لشيوخك الذي تقتدي بهم؟ وأنت تعتقد أنك تنصر الحق، هذا الحق الذي ظهر لك، ومع ذلك لا يعفى من أخطأ من أن يقال له: أخطأت، ويرد عليه بقوة، لا، لكن ما يجرح ذاته، يجرح ما انتهجه من مذهب، وهذه طريقة أهل العلم، ومع ذلك نقول: هذا الباب تنبغي العناية به، ولا يعني أننا مثلاً نقرأ شرح النووي نقرأ في هذه المخالفات ونسكت ونعتذر له، لا يكفي، بل في مناسباتٍ كثيرة قلت: طالب العلم ينبغي أن يكون عنده ختم، هذا الكتاب يشتمل على مخالفة نوعها كذا، تأويل في الصفات، في جميع أبواب العقائد، وختم ويحط عليه الختم، علشان لو جاء أحد يطلع عليه، وهو في بيتك الكتاب، ويقول: قرأه فلان وما علق عليه ولا سوا، مشكلة يا أخي، تكون أنت تسببت أو ساهمت في إضلال هذا الشخص في هذا الباب؛ لكن لما تكتب ختم هذا بالنسبة لمن عجز عن قراءة الكتب، وإلا الحمد لله الكتب التي قرأناها كلها معلق عليها من أولها إلى آخرها، هذا هو الواجب، هذا هو المفروض، لكن الذي يعجز عن قراءة الكتب، أقل شيء ختم يختم عليه، ويبرأ من العهدة؛ لأن هذه المسائل الخلافية كبيرة بين أهل العلم، والضلال فيها واسع، ومزلة أقدام، ولا يعني هذا أننا نقع في عرض النووي، أو نقع في عرض فلان أو علان لا.

طالب: تفسير الصابوني، خطؤه في هذه المسألة قليل جداً، لأنه لم يواجهني فيه إلا قوله: يوم يكشف عن ساق، ومع ذلك....

(يوم يكشف عن ساق) هذه مختلف فيها بين السلف، والخلاف فيها سائغ.

طالب: ومع ذلك سمعت أن التفسير يحرق من البعض.

لا، أحرقوا النووي، وأحرقوا فتح الباري، وأحرقوا....

طالب: في هذا الزمان يحرق تفسير الصابوني...

جهال جهال، دع تفسير الصابوني، عاد عندنا مسألة منهج، مثل الكتاب الذي يحتاجه الناس، ولا يستغنوا عنه، ونفعه أعظم بكثير من ضرره، مثل هذا يستفاد منه، ولا تبيّن أخطاؤه على جهة الاستقلال، يعني لو جاء شخص وألف مجلد في بيان خطأ النووي في كتابه، صغار الطلاب والمبتدئين يقولون: هذا كتاب مجلد كله أخطاء، وش نبي بالكتاب هذا؟ ليش ما نحرق الكتاب؟ لكن الطريقة المثلى في مثل هذا الكتاب الذي عمّ نفعه، أن يعلق عليه على المواضع التي خالف فيها، كما فعل الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- في فتح الباري، لكن كتاب لا يحتاجه الناس، الناس ليسوا بحاجة والدين قائم بدونه، والكتاب الذي هو الأصل بين أيدينا ما يحتاج إلى مثل هذه الشروح مثل هذه التعليقات التي تصدر من بعض الناس، أو تكون بدعته أعظم من النفع المترتب عليه، لو شرح البخاري شخص يقول: بوحدة الوجود مثلاً، نقول: يكتفي أننا نعلق ونخلي الناس تستفيد ما يكفي، ما يكفي هذا أبداً، فرق بين أن نؤلف الأخطاء والأوهام والأغلاط على جهة الاستقلال، فنتسبب في تنفير الناس من كتاب يحتاجه الناس كلهم، وبين أن ننبه على الأخطاء في مواضعها، ولا نترك خطأ يفوت بدون تنبيه؛ لكن كتاب الناس ليسوا بحاجة إليه، أنا لا أرى بأس ولا مانع من أن تفرد أغلاط الزمخشري في الكشاف؛ لأن الإنسان يفهم كتاب الله من خلال الكتب الموثوقة عند أهل العلم، والتفاسير المأمونة، يبيّن أخطاء الرازي في مجلد؛ لكن يستخرج مجلد في أخطاء ابن حجر في فتح الباري؛ لكي يراه طلاب العلم الذين لا يدركون مثل هذه الأمور، الكتاب مجلد فيه أخطاء، كتاب لسنا بحاجته يا أخي، فيزهد في الكتب.

طالب: بالنسبة للشيخ الصابوني رد عليه فضيلة الشيخ...

معروف معروف.

طالب: يا شيخ الصابوني رد عليه.. في مواطن كثيرة.. وليس في الساق فقط.. ابن باز فزاد على الشيخ..

الصابوني له أكثر من كتاب، يعني له مختصر ابن كثير، وهو أمثل من صفوة التفاسير، على أنه في مختصر ابن كثير وإن كان يقتصر على لفظ ابن كثير الآن قد تستخرج كتاب بدعي من تفسيرٍ موثوق؛ لأن هذا التفسير يسوق الأقوال، فيختار قول لا يرتضيه المؤلف؛ لكنه قول مذكور في الكتاب، فتجمع فيه زبالة المذاهب، وهو في الأصل كتاب سلفي؛ لكنه يتعرض للمذاهب، فالصابوني مما قيل فيه: أنه قد يقتصر على القول المخالف، ويترك القول الذي يعتمده الحافظ ابن كثير.

طالب:.......

هو ما يمنع؛ لكن نقول الآن هل يمكن أن يستغنى عنه؟ الكلام في كتاب لا يمكن الاستغناء عنه.

طالب:.......

معروف رد الشيخ صالح الفوزان معروف وشد عليه الشيخ، وفيه أخطاء وأوهام، وفيه أمور كبيرة، وكأن بعد استرواحهم إلى الشخص نفسه بعد، يعني معروف مذهبه أنه أشعري ومؤول، والله المستعان، ومن يسلم، من يعرى من الخطأ والنسيان، من الذي ترضى سجاياه كلها.

ترى ما انتهينا يا أخوان، ما بدأنا نشرح أحاديث الباب.

يقول الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ" إذا كان بين الأئمة وبين سفيان راوٍ واحد فالذي يترجح عند أهل العلم أنه ابن عيينة؛ لأنه متأخر عن الثوري، وإذا كان الواسطة أكثر من واحد هذا بعد تعذر المسالك التي يبحث فيها عن الراوي المبهم وتعيينه، وإلا لو كان مثلاً سفيان الثوري ما يروي عن الراوي المذكور هنا، تعين أنه ابن عيينة، أو العكس لكن إذا كان الراوي والمروي عنه يشتركون في الشيوخ والتلاميذ ولا استطعنا أن نعين سفيان، فمما ذكر من القواعد أنه إذا كان بين الأئمة وبين سفيان واحد فالمرجح أنه ابن عيينة، وهناك قاعدة ذكرها الحافظ الذهبي -رحمه الله- في تعيين أحد السفيانين والحمادين في آخر الجزء السابع من أعلام النبلاء، فالمتجه أنه ابن عيينة.

"عن الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لحِرمة" بكسر الحاء ويجوز ضمها لأنها مقابلة لحله، حرمه مقابل حله فينكسر الحاء في الموضعين، يجوز عندهم أن تضم الحاء فيقال: "لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ" لإحرامه تطيبه قبل أن يشرع في الإحرام، ولحله قبل أن يطوف بالبيت بعد أن يتحلل التحلل الأول، وذلك بفعله -عليه الصلاة والسلام- الرمي والحلق، رمى ثم نحر ثم حلق، وبهذا تحلل التحلل الأول، وبقي عليه التحلل الثاني بالطواف، ولحله قبل أن يطوف، فربطت الحل بما قبل الطواف، هذه مسألة مهمة يا إخوان، يفتي بعض الناس بأن التحلل الأول يحصل بواحد، برمي جمرة العقبة فقط، وحديث عائشة هنا الذي معنا يدل أنه إنما حل قبل أن يطوف فدل على أنه حل بعد أن فعل أمرين ما هو واحد.

"وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي" تؤكد فيه أن هذا أمر قد حصل، لا شك فيه ولا ارتياب، "لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ" حين أحل قبل أن يطوف بالبيت، فالحل مربوط بما قبل الطواف، ومعلوم أنه فعل أمرين -عليه الصلاة والسلام-، الطيب قبل الإحرام في البدن والرأس لا في الثياب مشروع، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- حديث عائشة: "كنت أرى وبيص الطيب في مفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، بأطيب الطيب، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: لا يتطيب من أراد الإحرام؛ لأنه ممنوع من الطيب، ممنوع من ابتدائه، وممنوع أيضاً من استدامته، والجمهور يفرقون بين الابتداء وبين الاستدامة، نعم هو ممنوع من الابتداء؛ لكن الاستدامة ثبتت بهذا الحديث الصحيح الصريح، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- عما سيأتي في بعض الروايات أنه تطيب ليطوف على نسائه -عليه الصلاة والسلام-، والطيب مما يستعان به على هذا الأمر، لا لإحرامه، إنما تطيب ليطوف على نسائه، ثم ذهب أثر الطيب بالغسل، طاف على نسائه واغتسل ذهب الطيب، وهذا ستأتي الإشارة إليه -إن شاء الله تعالى-؛ لكن العلة الحقيقية للطيب؟ أشارت إليه عائشة، لحرمه، ما قالت: لطوافه على نسائه، وإن طاف على نسائه -عليه الصلاة والسلام-، فهي تقول: "طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي لحرمه حين أحرم، ولحله حين أهل قبل أن يطوف بالبيت".

"وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ".

الآن على مدى صفحتين أو أكثر أو ثلاث صفحات كلها تكرار لحديث واحد بأسانيد بألفاظ متقاربة، وطالب العلم قد يمل مثل هذا الصنيع، ومن أشرب حب الحديث، وما يتعلق به يطرب لسماع هذه الأمور، والإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في حديث المواقيت، مواقيت الصلاة لما ساق حديث المواقيت بأسانيده وطرقه وأفاض في ذلك، قال: وقال يحيى بن أبي كثير لا يستطاع العلم براحة الجسم، إيش دخل لا يستطاع العلم براحة الجسم بحديث المواقيت؟ البراعة في السياق، في سياق المتون والأسانيد تدل على أن المسألة تحتاج إلى تعب، ما جاء هذا من فراغ أبداً، ولذلك ينبه مسلم بهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير لا يستطاع العلم براحة الجسم، نحن نريد أن نضغط زر ويطلع لنا المتن ما يحتاج سند ولا صحابة ولا شيء، الكلام على كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك إذا أطفأ الزر وش يبقى له من العلم؟ فالعلم متين يحتاج إلى تعب، يحتاج إلى سهر، فلا يستطاع براحة الجسم.

"وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ"، مثله.

"وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحِلِّهِ وَلِحُرْمِهِ". يعني كما تقدم.

"وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا وقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ -هذا مضى نظيره- أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ" بذريرة، نوع من الطيب كأنه مسحوق يذر يجاء به من الهند وهو طيب، نوع طيب من الطيب.

طالب:.......

إيه جده جده، سمع من جده، وعروة والقاسم ما تكون لهم عائشة؟ خالة عروة وعمة القاسم.

"عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ"

"وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعاً عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- بِأَيِّ شَيْءٍ طَيَّبْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ حُرْمِهِ؟ قَالَتْ: بِأَطْيَبِ الطِّيبِ" بأنفس الطيب، بأقوى الطيب، يعني هل طيبته لما اغتسل ذهب أثره فيكون فيه مستدل لمالك؟ بقي أثره، بقيت رائحته، بقي بريقه ولمعانه ووبيصه في مفرق النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِأَطْيَبِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ يُحْرِمُ".

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قال: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ -عن أبي الرجال؟ كنية وإلا لقب؟ لقب بلفظ الكنية، واسمه: محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري أبو الرجال، مشهور بهذا اللقب الذي لفظه لفظ الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن- "عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-" لِحُرْمِهِ أو "لحِرمه حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ" يعني قبل أن يطوف طواف الإفاضة "بِأَطْيَبِ مَا وَجَدْتُ".

"وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ –الزهراني- وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ -بن زيد بن درهم عن منصور بن المعتمر- عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَقُلْ خَلَفٌ: وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَكِنَّهُ قَالَ: وَذَاكَ طِيبُ إِحْرَامِهِ" المعنى واحد، طيب الإحرام إنما هو للإحرام.

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ -الضرير محمد بن الخازن- عَنْ الْأَعْمَشِ -سليمان بن مهران- عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُهِلُّ".

"وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى، -أبو الضحى اسمه إيش؟ مسلم بن صبيح- عَنْ مَسْرُوقٍ بن الأجدع عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُلَبِّي" الآن شرح يناسب دورة مدتها يسيرة والأحاديث كثيرة وإلا في الأصل أن نقف عند هذه الأسماء ونبيّن ما لها وما عليها، والأسانيد وما يتعلق بها، نحن نشرح شرح يناسب هذا الزمن القصير.

"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قال: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ" ومسلم ما يزال في إعواز، الشروح كلها يعني مجتمعة ما تحل بعض الإشكالات عند مسلم، هو بحاجة إلى أن يشرح شرح وافي، البخاري أخذ نصيبه من الشرح الوافي التام، لكن المسلم ما أخذ نصيبه، قال أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير حدثنا الأعمش عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ وَعَنْ مُسْلِمٍ، -مسلم هذا هو إيش؟ أبو الضحى-. عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ"

"وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ" ابن عتيبة، يقولون: بتصغير عتبة الدار، يوجد في كثير من الشروح يصحف عيينة، الحكم بن عتيبة "قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ".

"وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قال: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لَأَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ".

"وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قال: حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَهُوَ السَّلُولِيُّ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ وَهُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ ابْنَ الْأَسْوَدِ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، -ابن الأسود ابن عبد الرحمن السابق عن أبيه- عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ يَتَطَيَّبُ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ" هناك كنت أطيب، وهنا كان إذا أراد أن يحرم يتطيب، يعني من طيّب فقد تطيّب، ومن حجّ به فقد حجّ، ومثله من ضحّي عنه فقد ضحى، هذه مسألة يحتاجها هل يمسك من يضحى عنه أو لا يمسك؟ مسألة أخرى.

"قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ يَتَطَيَّبُ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الدُّهْنِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ".

ثم قال: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُحْرِمٌ".

"وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النبيل قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ".

وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ" لما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل من رمي الجمرة والنحر والحلق، وأحل له كل شيء إلا النساء حتى الطيب كان يتطيب قبل أن يطوف حل بهذا يضعف حديث: «من لم يطف قبل غروب الشمس من يوم العيد عاد لإحرامه» وقد جاء فيه حديث في سنن أبي داود وهو مضعف عند أهل العلم، ومحكوم عليه بالشذوذ، لمعارضته مثل هذا الحديث، لأنها تقول: ولحله، ولا يعرف أن من حل أنه يعود حراماً، من حلّ حلّ، انتهى.

طالب: ألا يستدل بهذا الحديث بالتحلل بواحدة يكتفي بواحدة....؟

لا لا، هذا الحديث يدل على أنه لا بد من اثنين؛ لأنها قالت: ولحله قبل أن يطوف، فربطت الحل بما قبل الطواف، وما قبل الطواف وقع قبله أمران، ما قالت: ولطوافه، قالت: ولحله، دل على أنه لا يكون الحل إلا بعد أن يمضي هذان الاثنان.

طالب: ومن حصل منه هذا...؟

حصل منه إيش؟

طالب:..........

على كل حال، قول معتبر عند أهل العلم وفيه حديث لكنه ما يسلم، معارض بمثل هذا.

طالب: يا شيخ ذريرة هي نفسها طيب....

نفسها.

طالب:.......

رمي الجمرة والحلق والتقصير.

"حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو كَامِلٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- عَنْ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيباً لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ" لعله لم يبلغه ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك هم من أهل الاحتياط والتحري، كثيراً من الناس الآن لا يفعل الطيب مع علمه بثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يخشى أن تقع يده على رأسه ثم ينتقل إلى بدنه أو إلى ثوبه فيجعل هذا من باب الاحتياط، لكن الاحتياط إذا خالف المشروع، فالاحتياط ترك هذا الاحتياط كما هو معلوم؛ لأن بعض الناس ترى ما يتطيب، يقول: ليش أتطيب ثم إذا مستته وانتقل يمين وإلا يسار مشكلة، لكن مع ثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا داعي لمثل هذا الاحتياط.

"مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيبًا لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ" -القطران دواء يستعمل في الجرب وشبهه، مادة محرقة- "لأن أطلي بقطران أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ فدخلت على عَائِشَةُ -رضي الله عنه- فأخبرتها أن ابن عمر قال: ما أحب أن أصبح محرماً أنضخ طيباً لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً" طاف في نسائه، الإمام مالك -رحمه الله- ومن يقول بقوله: أن الطيب من أجل الطواف على النساء ثم بعد ذلك يزول بالغسل، وعرفنا أنها -رضي الله عنها- قالت: أنه يبقى بعد إحرامه، يبقى وبيصه وبريقه ولمعانه ورائحته.

"حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَخُ طِيباً" ينضخ وفي رواية ينضح، ينضخ أقوى يعني يفور ويفوح منه الطيب، ومنه: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [(66) سورة الرحمن].

"وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- يَقُولُ: لَأَنْ أُصْبِحَ مُطَّلِياً بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِماً أَنْضَخُ طِيباً".

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَأَخْبَرْتُهَا بِقَوْلِهِ فَقَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَطَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً".

وبهذا نعلم أن الطيب للإحرام مسنون، وكذلكم للإحلال إذا حصل التحلل للأول يتطيب الإنسان للطواف، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"