هدي النبي في رمضان (27)

الحلقة السابعة والعشرون.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها الإخوة المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان هذه اللقاءات التي نستضيف فيها فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله فحيى الله فضيلته وأهلاً وسهلاً به معنا في هذا اللقاء، حياكم الله يا شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

أيها الإخوة المستمعون الكرام في هذا اللقاء سيتعرض فضيلة الشيخ عبد الكريم لجملة من أحكام القضاء ذلك أنه شرع للمؤمن الذي جاءه ما جاءه من الأعذار في عدم صيام شيء من رمضان أن يقضي هذه الأيام التي عليه فلو حدثتمونا فضيلة الشيخ حول أحكام القضاء عمومًا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، من أفطر في رمضان عمدًا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر وعليه حينئذٍ التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مع القضاء ومن أفطر لعذر شرعي من سفر أو مرض أو حيض أو نفاس فإنه يجب عليه القضاء إذا زال عذره، لقوله -جل وعلا-وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة: ١٨٥  لكن لا يجوز لهؤلاء أن يؤخروا القضاء إلى رمضان آخر فإن أخّر إلى رمضان آخر فعليه القضاء ومعه إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من تمر أو حنطة أو رز أو غيرها، على خلاف بين أهل العلم في ذلك لكن الاحتياط أن يخرج مع القضاء هذه الفدية، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: بابٌ متى يقضى قضاء رمضان؟ وقال ابن عباس: لا بأس أن يفرق لقوله تعالىفَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة: ١٨٥  وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر لا يصلح حتى يبدأ برمضان، يعني هل يصوم التطوع كالعشر مثلاً أو يبدأ بالقضاء هذه من أحكام القضاء التي ذكرها البخاري -رحمه الله تعالى- من الآثار الموقوفة على هؤلاء يقول: قال ابن عباس: لا بأس أن يفرق لقوله تعالى فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة: ١٨٥  وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر لا يصلح حتى يبدأ برمضان وقال إبراهيم إذا فرط حتى جاء رمضان آخر يصومها ولم ير عليه إطعامًا ويذكر عن أبي هريرة مرسلاً وابن عباس أنه يطعم، يقول البخاري: ولم يذكر الله تعالى الإطعام إنما قال فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة: ١٨٥  فعلى هذا القول بالإطعام مأثور عن بعض الصحابة كابن عباس وأبي هريرة فهو أحوط وفيه حديث مرفوع لكنه ضعيف أخرجه الدارقطني والبيهقي هذا في حق من أخر من غير عذر وإن كان تأخيره إلى رمضان الآخر لمرض يرجو زواله واستمر معه المرض إلى رمضان الآخر فإنه يكفيه القضاء ولا كفارة عليه حينئذٍ بخلاف ما إذا ما إذا أخر ذلك تساهلاً وتفريطًا، ولا يلزم التتابع في القضاء البخاري نقل عن ابن عباس لا بأس أن يفرق لقوله تعالى: فعدة من أيام أخر، وليس فيه إشارة إلى التتابع وعلى هذا لا يلزم التتابع في القضاء، بل لو لو قضى ما عليه من أيام متفرقة صح ذلك وأجزأ فمن صام يومًا قضاءًا عن رمضان وجب عليه إكماله ولا يجوز له الإفطار، لكن إن أفطر أثم وعليه أن يصوم بدله ولا كفارة عليه ولو كان فطره بالجماع؛ لأن الكفارة إنما شرعت لحرمة الشهر، ومن مات وعليه صوم واجب صام عنه وليه كما جاء في الخبر «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» وبعض أهل العلم يخص ذلك بصوم النذر لا ما وجب بأصل الشرع، لكن إن لم يتبرع أحد من أقارب الميت بالصوم فأطعم عنه عن كل يوم مسكينًا كفى ذلك، يستحب القضاء أن يكون متتابعًا فيستحب التتابع؛ لأن الأصل في القضاء أنه يحكي الأداء ولأنه أسرع في إبراء الذمة لكنه لا يجب، يقول ابن القيم: بالنسبة لمن صام..، من مات وعليه صوم فإنه يستحب لوليه أن يصوم عنه يقول -رحمه الله-: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي وهذا مذهب أحمد وغيره والمنصوص عن ابن عباس وعائشة وهو مقتضى الدليل والقياس؛ لأن النذر ليس واجبًا بأصل الشرع وإنما أوجبه العبد على نفسه فصار بمنزلة الدَين ولهذا شبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدَين وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام فلا تدخله النيابة بحال كالصلاة، كيفية الإطعام يعني من أخر القضاء إلى رمضان آخر أو لم يستطع القضاء كيف يطعم؟ الإطعام قالوا له كيفيتان أولاهما أن يصنع طعاما فيدعو إليه المساكين بعدد الأيام التي أفطرها أن يصنع طعامًا فيدعو إليه المساكين بعدد الأيام التي أفطرها كما كان أنس بن مالك يفعله لما كبر، والثانية أن يطعمهم طعامًا غير مطبوخ فيطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من كل ما يسمى طعامًا من تمر أو بر أو أرز أو غيرها، وقيل إن الواجب مد من البر أو نصف صاع من غيره، وقت الإطعام المسلم مخيّر إن شاء فدى عن كل يوم بيومه وإن شاء أجل الإطعام  إلى آخر يوم.

لكن لو لم يكن في رمضان يا شيخ؟

لا يجزئ تقديم الإطعام عن شهر رمضان، لا يجزئ تقديم الإطعام عن شهر رمضان، فلا يجزئ في شعبان مثلاً لأن سبب الوجوب الفطر، فلا يقدم الواجب على سببه إذا كان العبادة لها سبب وجوب ووقت وجوب، سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز التقديم على السبب اتفاقًا ويجوز التأخير عن الوقت يعني بعد الوقت الذي هو وقت الوجوب، والخلاف فيما بينهما ونظير ذلك أولاً مسألتنا التي معنا سبب الإطعام الفطر في رمضان فكونه يطعم قبل دخول شهر رمضان هذا تقديمًا على السبب.

فلا يجزئ.

فلا يجزئ، يجوز أن يطعم بعد خروج رمضان الذي هو وقت الوجوب، ويجوز أيضًا أن يخرج بين السبب والوقت، نظير ذلك من حلف على شيء ورأى أن غير المحلوف عليه خيرًا منه أراد أن يكفر يجوز له أن يكفر قبل الحنث، ويجوز له أن يكفر بعد الحنث، لكنه لا يجوز له أن يكفر قبل انعقاد اليمين لا يجوز له ذلك؛ لأن انعقاد اليمين سبب الكفارة ووقتها الحنث فلا يجوز قبل السبب ويجوز بعد الحنث ويجوز بينهما على ما جاء في الحديث «إني لا أحلف على شيء فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير».

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ الأمراض التي تؤدي إلى اختلال الشعور عدم ضبط الوقت يا شيخ خاصة وقت الصلاة هل أولاً أنها تبيح الفطر ثم ماذا يلزم من أفطر لهذا السبب وكيف يلزمه القضاء؟

هذه الأمراض التي يختل معها الشعور وهو العقل؛ لأن العقل هو مناط التكليف فلا تكليف إلا مع العقل، فإذا زال هذا العقل ارتفع التكليف وحينئذٍ لا شيء عليه، إذا ارتفع العقل لا شيء عليه، يبقى مسألة الإغماء الإغماء هل يلحق بالنوم أو يلحق بالجنون؟ بعض الصحابة كأنه جعل ثلاثة أيام فما دون في حكم النوم من الإغماء في حكم النوم وعلى هذا يلزمه قضاء ما فاته خلال الأيام الثلاثة وما زاد عن الثلاثة الأيام؛ لأنه لا يتصور أحد ينام ثلاثة أيام وما زاد في الإغماء عن ثلاثة أيام فإنه حينئذٍ حكمه حكم الجنون ولا يقضي شيء، فلا شيء عليه حينئذٍ ارتفع عنه التكليف.

ولو عاد يعني في في..

مادام أكثر من ثلاثة أيام ما ما يقضي ولو عاد إليه شعوره.

أحسن الله إليكم أيضًا هناك مرضى يا فضيلة الشيخ يعتمدون على الله -عز وجل- ثم على علاجات وأدوية في أوقات محددة كأن يكون ثلاث مرات في اليوم ونحو ذلك إذا تركوه للصوم ربما اشتد بهم المرض وبعضهم قد يكون بسبب المرض نفسي ويحدث معهم ما يحدث مثل هؤلاء كيف يقضون حفظكم الله؟

مثل هذا إذا أوصاه الطبيب المسلم الثقة أنه لا يمكن أن يشفى إلا باستعمال هذا السبب وهو العلاج فله أن يفطر، له أن يفطر وحينئذٍ لا يلزمه القضاء والحالة هذه، إلا إذا برئ لكن لو أخبره طبيب مسلم أنه لا يرجى برؤه، قال إن هذه هذه العلاجات تستعملها طول عمرك مثلاً حينئذٍ يعدل إلى الإفطار يعدل إلى الإفطار، يعدل إلى الإطعام، يعدل إلى الإطعام، إذا أفطر يعدل إلى الإطعام؛ لأنه لا يرجى برؤه أما إذا كان يرجى برؤه فيؤخر حتى يتمكن من القضاء.

لو ذكرتم بالإطعام مقداره فضيلة الشيخ مرة أخرى.

الإطعام مثل ما ذكرنا يطعم نصف صاع من كل ما يسمى طعامًا من تمر أو بر أو أرز أو إيرها سواء كان مطبوخا أو نيِّئا.

يمكن يكون مرة واحدة.

يمكن يكون دفعة واحدة كما كان أنس بن مالك يفعل ذلك يعد طعام ويدعو إليه مساكين بقدر الأيام ويكون بذلك أطعم.

ويمكن أن يكون لمسكين واحد.

حكمه حكم زكاة الفطر حكم زكاة الفطر يعطى الواحد ما يعطى الجماعة ويعطى الجماعة ما يعطى الواحد.

 

أحسن الله إليكم وأثابكم فضيلة الشيخ، أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة نتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، شكر الله لكم أنتم مستمعينا الكرام ونلقاكم بإذن الله تعالى في الحلقة المقبلة دمتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"