تعليق على تفسير سورة البقرة (34)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا.

"وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا مسلم حدثنا القاسم.."

قال حدثنا مسلم قال: حدثنا القاسم لا بد منها.

"وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا مسلم.."

قال.. قال حدثنا مسلم.

"قال: حدثنا مسلم حدثنا القاسم.."

قال: حدثنا القاسم يحذفون القول قبل حدثنا وأخبرنا، يحذفونه في الكتابة ويقرؤونه نطقًا، أوجبه بعضهم.

"قال: حدثنا القاسم بن الفضل الحداني حدثنا يزيد بن أبي الفارس عن ابن عباس -رضي الله عنه-."

قال: حدثنا يزيد يعني الفارسي.

"يعني الفارسي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال.."

عنهما.

"رضي الله عنهما قال: أنَّ أهل السماء الدنيا."

إن.

"قال: إنَّ أهل السماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي فقالوا: يا رب أهل الأرض كانوا يعملون بالمعاصي فقال الله: أنتم معي وهم في غيب عني، فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثة، فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض، وجعل فيهم شهوة الآدميين فأَمروا.."

أُمروا.

"فأُمروا ألا يشربوا خمرًا، ولا يقتلوا نفسًا، ولا يزنوا، ولا يسجدوا لوثن، فاستقال منهم واحد فأُقيل، فأَهبط اثنان إلى الأرض.."

فأُهبط.

"فأُهبط اثنان إلى الأرض، فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها: مناهية فهُوَ.."

فَهَوَياها.

"فَهَوَياها جميعًا ثم أتيا منزلها، فاجتمعا عندها فأراداها، فقالت لهما: لا، حتى تشربا خمري، وتقتلا ابن جاري، وتسجدا لوثني، فقالا: لا نسجد، ثم شربا من الخمر، ثم قتلا، ثم سجدا، فأشرف أهل السماء عليهما فقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما، فأخبراها فطارت فمسخت جمرة، وهي هذه الزهرة، وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود -عليهما السلام- فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فهما مناطان بين السماء والأرض، وهذا السياق فيه زيادات كثيرة وإغراب ونكارة، والله أعلم بالصواب."

علامات النكارة ظاهرة، ولعل هذا مما تلقي عن أهل الكتاب في سياق ما تقدَّم من القصص التي حِيْكَت حول قصة الملكين في هذه الآية التي لم يثبت منها إلا القليل، والنكارة ظاهرة على هذا السياق.

"وقال عبد الرزاق: قال مُعَمَّر.."

مَعْمَر..

"قال مَعْمَر: قال قتادة والزَّهري.."

الزُّهري.

"والزُّهري عن عبيد الله بن عبد الله وما أنزل على الملِكين ببابل هاروت وماروت.."

الملَكين.

"{وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [سورة البقرة:102] كانا ملكين من الملائكة، فأهبطا ليحكما بين الناس، وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فحاكمت إليهما امرأة، فحافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وقيل ذلك.."

وبين ذلك.

"فحيل بينهما وبين ذلك، ثم خُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا قال مُعَمَّر.."

مَعْمَر..

"قال مَعْمَر: قال قتادة: فكانا يعلمان الناس السحر، فأخذ عليهما ألا يعلما أحدًا حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر، وقال أسباط عن السدي: إنه قال: كان من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم، فقيل لهما: إني أعطيت بني آدم عشرًا من الشهوات فبها يعصونني، قال هاروت وماروت: ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل، فقال لهما: انزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر، فاحكما بين الناس، فنزلا ببابل ديناوند، فكانا يحكمان، حتى إذا أمسيا عرجا، فإذا أصبحا هبطا، فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها، فأعجبهما حسنها، واسمها بالعربية زهرة، وبالنبطية بيذخت، وبالفارسية أناهيد، فقال أحدهما لصاحبه: إنها لتعجبني، قال الآخر: قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك، فقال الآخر: هل لك أن أذكرها لنفسها، قال: نعم، ولكن كيف لنا بعذاب الله؟ قال الآخر: إنا لنرجو رحمة الله، فلما جاءت تخاصم زوجها ذكرا إليها نفسها فقالت: لا، حتى تقضيا لي على زوجي، فقضيا لها على زوجها، ثم واعدتهما خربة من الخرب يأتيانها فيها، فأتياها لذلك، فلما أراد الذي يواقعها قالت: ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء، وبأي كلام تنزلان منهما، فأخبراها.."

منها.

"وبأي كلام تنزلان منها، فأخبراها فتكلمت فصعدت، فأنساها الله تعالى ما تنزل به، فثبتت مكانها، وجعلها الله كوكبًا، فكان عبد الله بن عمر كلما رآها لعنها وقال: هذه التي فتنت هاروت وماروت، فلما كان الليل أرادا أن يصعدا فلم يطيقا، فعرفا الهلكة، فخُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فعلقا ببابل وجعلا يكلمان الناس كلامهما وهو السحر، وقال ابن أبي نُجيح.."

نَجيح.

طالب: ............

لا لا، ضعيف هذا.

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

في الآخر.

الألفاظ هذه الأعجمية..

طالب: ............

دنياوند.

طالب: ............

مر بنا أنها بابل العراق في الدرس الماضي في دروس مضت أنها بابل العراق.

طالب: ............

نعم هما بابل ديناوند أو دنياوند وبابل العراق وجاء فيها هذا وهذا، والمرجَّح أنها بابل العراق على ما تقدم، وعلى كل حال الحديث تالف ليس بصحيح.

"وقال ابن أبي نَجيح عن مجاهد: أما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءهم الرسل والكتب والبيانات."

والبيِّنات.

"والبيِّنات فقال لهم ربهم تعالى: اختاروا منكم ملكين أنزلهما يحكمان في الأرض بين بني آدم، فاختاروا فلم يألُ هاروت وماروت فقال لهما حين أنزلهما: أعجبتما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم، وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء، وأنتما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا.."

افعلا واتركا دعا اتركا أمرهما ونهاهما.

"فأمرهما بأمر ونهاهما، ثم نزلا على ذلك ليس أحد أطوع لله منهما، فحكما فعدلا، فكانا يحكمان في النهار بين بني آدم، فإذا أمسيا عرجا فكانا من الملائكة، وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان، حتى أنزلت عليهم الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها، فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه: وجدت مثل الذي وجدت؟ قال: نعم، فبعثا إليها أن ائتنا نقضي لك، فلما رجعت قالا وقضيا لها فأتتهما، فكشفا لها عن عورتيهما، وإن كانت شهوتهما في أنفسهما، ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذاتها، فلما بلغا ذلك واستحلا افتتنا، فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت، فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم.."

عَرجَا فزُجِرَا..

"فَزُجِرا ولم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما، فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا: ادع لنا ربك، فقال: كيف يشفع أهل الأرض بأهل السماء؟ قالا: سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء، فوعدهما يومًا وغدا يدعو لهما، فدعا لهما فاستجيب له، فخُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فنظر أحدها إلى صاحبه فقال: ألا تعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخلد وفي الدنيا تسع مرات مثلها، فأمرا أن ينزلا ببابل فثَم عذابهما، وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما."

وهذا في نفس السياق السابق مما يغلب على الظن أنه متلقى من أهل الكتاب، وبعض القصص من هذا النوع قد يكون الإسناد إلى الصحابي صحيحًا برجال ثقات، لكن يكون الصحابي تلقاه عن أهل الكتاب، وقد عُرف عن بعض الصحابة أنهم تلقوا من كعب الأحبار وغيره، فيكون السند إلى الصحابي صحيحًا، ويكون الخبر منكرًا؛ لأنه من أخبار بني إسرائيل، وجاء في الحديث الصحيح: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»، لكن شريطة ألا يخالِف ما عندنا من كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وجاء عند البزار: «حدثوا عن بني إسرائيل فإن فيهم الأعاجيب» وهذه القصص التي تورَد أضرب عنها كثير من المفسرين باعتبار أنها لا تفيد في فهم الآية، لا تفيدنا شيئًا في فهم الآية، بل تشغلنا عن الفهم الصحيح، فاللائق بالحافظ ابن كثير -رحمه الله- وهو الإمام المحدِّث من كبار الحفاظ -رحمة الله عليه- أنه لو أضرب عنها صفحًا، أو أشار إشارات ليردها، وله رأي سيذكره بعد هذا، لعله يوضِّح منهج الإمام ابن كثير في تفسيره، ولكن أطال في ذكر هذه القصص مما لا أصل له ولا يثبت أمام التمحيص.

 مثال ما ذكرناه من أنه قد يصح الخبر إلى الصحابة ولا يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون صورته صورة الموقوف، وهو متلقى من أهل الكتاب، يعني حكم الصحابة وبعض الصحابة بأسانيد صحيحة أن الجراد نثرة حوت، وعلى هذا لو صاده المحرم أو قُتل في الحرم فلا شيء فيه؛ لأنه من صيد البحر، وهذا ثابت عن بعض الصحابة، والواقع يرد ذلك، ولذا جعل فيه جمهور أهل العلم الفدية على أنه من صيد البر، طيب ماذا عن الذي ثبت عن الصحابة؟ قالوا: يحتمل أن يكون متلقى من أهل الكتاب؛ لأنهم عندهم من هذه الأمور الشيء الكثير.

"رأي الإمام ابن كثير فيما ورد في قصة هاروت وماروت: وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقُتادة.."

قَتادة قَتادة..

"وقَتادة.."

تعرف معنى قَتادة؟ شوكة.

"وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم وقصها خلْق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع في تفسيرها إلى أخبار بني إسرائيل؛ إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق الصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال."

نعم هذا منهج للإمام الحافظ ابن كثير في فهم ما يفسَّر بأخبار بني إسرائيل أنه يُضرَب عنها، يعني وإن سيقت كما فعل -رحمه الله-، لكن يُضرَب عنها ولا يستعان بها في فهم القرآن، إنما تُذكَر من باب التحديث عن بني إسرائيل، ومن باب ذكر ما هو موجود، ولئلا يقرأ في كتاب آخر فلا يُبيَّن حقيقته، ولذا الخبر الضعيف والموضوع من باب أولى يقول: لا تجوز روايته إلا مقرونًا ببيان درجته؛ لئلا يغتر به، فذكر الحافظ ابن كثير لهذه القصص من أخبار بني إسرائيل من هذا الباب أنه ذكرها ليبين أنها لا يعوَّل عليها في فهم كلام الله، ولو اكتفى بالإشارة أو ذكر بعضها دون بعض لكان أولى؛ لأنه أطال في سياق هذه القصة من وجوه متعددة.

"وقد ورد في ذلك أثر غريب وسياق عجيب في ذلك أحببنا أن ننبه عليه، قال الإمام أبو جعفر ابن جرير -رحمه الله تعالى-: حدثنا الربيع بن سليمان أخبرني ابن أبي وهب أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.."

أعد أعد قال الإمام ابن جرير.

"قال الإمام أبو جعفر ابن جرير -رحمه الله تعالى-: حدثنا الربيع بن سليمان أخبرني.."

قال.. قال أخبرني ابن وهب.

"قال: أخبرني ابن وهب قال: أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني.. قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنهما- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت قدمْتُ على امرأة من أهل دومة الجندل.."

لا، قدمَتْ علَيَّ.

"قدمَتْ علَيَّ امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد موته حداثة ذلك تسأله عن أشياء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به، قالت عائشة -رضي الله عنها- لعروة: يا ابن أختي، فرأيتها تبكي حينما لم تجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيشفيها، فكانت تبكي حتى إني لأرحمها وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت، كان لي زوج فغاب عني، فدخلت على عجوز فشكوت ذلك إليها فقالت: إني.."

إن إن..

"إن فعلتِ ما آمرك به فأجعله يأتيك، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبْتُ أحدهما وركبَت الآخر، فلم يكن لشيء حتى وقفنا ببابل، وإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ فقلت: أتعلم السحر، فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري، فارجعي، فأبيت، وقلت: لا، قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت ففزعت ولم أفعل، فرجعت إليهما فقالا: أفعلت؟ فقلت: نعم، فقالا: هل رأيت شيئًا؟ فقلت: لم أر شيئًا، فقالا: لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري، فأرببت وأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت، ثم رجعت إليهما وقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ فقلت: لم أرَ شيئًا، فقالا: كذبتِ لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري، فإنك على رأس أمرك، فأرببت وأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت إليه فبلت فيه، فرأيت فارسًا مقنعًا بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه، فجئتهما فقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارسًا مقنعًا خرج مني فذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه، فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك، اذهبي، فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئًا وما قالا لي شيئًا، فقالت: بلى لم تريدي شيئًا إلا كان خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت: أطلعي فأطلعت، وقلت.."

أحقلي..

"أحقلي فأحقلت، ثم قلت أفْركي فأفرَكَتْ، ثم قلت: أيبسي فأيبست، ثم قلت: أطحني فأطحنت، ثم قلت: اخبزي فأخبزت، فلما رأيتُ أني لا أريد شيئًا إلا كان سقط في يدي وندمت، والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئًا قط، ولا أفعله أبدًا."

نسأل الله العافية، نسأل الله العافية.

أواصل؟

نعم.

"ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن سليمان به مطولاً كما تقدم وزاد بعد قولهما: ولا أفعله أبدًا.."

قولها.

"بعد قولها: ولا أفعله أبدًا، فسألت أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حداثة وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم يومئذ متوافرون، فما دروا ما يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتياها بما لا يعلمه إلا أنهم قد كان لها ابن عباس.."

قد قال لها.

"قد قال لها ابن عباس -رضي الله عنه- أو بعض من كان عنده: لو كان أبواك حيين أو أحدهما، قال هشام: فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان، قال ابن أبي الزناد: وكان هشام يقول: إنهم كانوا من أهل الورع والخشية من الله، ثم يقول هشام: لو جاءتنا مثل هذا اليوم لوجدَتْ نوكا أهل حمق وتكلّف بغير علم.."

نعم ما يتردد السلف يهابون الفتيا ويتورعون عنها ويتدافعونها، وقد يرجع المستفتي دون أن يجد من يفتيه كلهم من شدة ورعهم -رحمهم الله-، وبعد ذلك رخصت الذمم على أهلها، وصار كل واحد يتطاول على الفتيا، وفي أصعب الأمور ينبري لها طويلب علم ويبدي رأيه ويخطئ غيره، وقد قيل: إنكم تفتون في مسائل لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر.

طالب: .........

يعني لو أتلفت شيئًا ضمنت.

طالب: .........

ناقل ما عليه لكن يبقى في النقل تطبيق النقل على الواقع والحال، تطبيقه على الحال.

طالب: .........

نفس الشيء يبقى تطبيق الفتيا على الحال؛ لأن بعض الناس يخطئ في التطبيق، وهنا ينبغي التحري والحذر.

طالب: .........

هشام بن عروة، ابن عروة.

"فهذا إسناد جيد إلى عائشة -رضي الله عنها-، وقد استدل بهذا الأثر."

ولكن ابن أبي الزناد ضعيف.

"وقد استدل بهذا الأثر من ذهب إلى أن الساحر له تمكُّن في قلب الأعيان؛ لأن هذه المرأة بذرت واستغلت في الحال، وقال آخرون: بل ليس له.."

يعني ظهرت الغلة غلة هذه البذرة في الحال، فالسحر له تمكن في قلب الأعيان على ما ذكر المصنف، وهذه مسألة خلافية بين أهل العلم الحنفية، يقولون: أبدًا لا يغير من الواقع شيئًا، وإنما ضرب من الخيالات تخييل {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [سورة طـه:66]، وليس له أثر في قلب الحقائق، والجمهور على أن له أثرًا حاصلًا وملموسًا، والواقع يشهد بذلك، وعلى كل حال المؤلف إن شاء الله سوف يعرض له.

"وقال آخرون: بل ليس له قدرة إلا على التخييل كما قال تعالى: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [سورة الأعراف:116]، وقال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [سورة طـه:66]، واستدل به على أن بابل المذكورة في القرآن هي بابل العراق لا بابل ديناوند كما قاله السدي وغيره."

في موضوع السحر وأثره الحقيقي واحد من المشايخ توفي -رحمه الله- ذُكِرَ له طبيب في الفلبين طبيب عيون، وهو بحاجة إلى الطب في العيون، وذهب إلى بلدان كثيرة في أوروبا وأمريكا وما استفاد شيئًا، فذُكر له هذا الطبيب الفلبيني يقول: فذهبت إليه فدخلت مع باب ولا يجعلونك ترجع مع نفس الباب الذي فيه الناس ينتظرون، تطلع مع باب ثانٍ، يقول: دخلت وأجلسني على طاولة، فأخذ عيني بيديه بأصبعيه ووضعها على الطاولة والثانية كذلك، مسحهم ونظفهم ورجعهم كأنهن عدسات ورجعهن، وقلت: عندي ألم في ظهري بعد، فجاء بمشرط وشرط الظهر وسال الدم ثم مسحه بيده وقال: قم، وكان معي واحد يصوِّر لنتأكد أنه حقيقي أم باطل أم تمويه، يقول: وظهرت الصور على ما تصورت على ما خيله للعيون أنها ظهر في التصوير، ونشر هذا في الصحف، وكان فيه بعض المسؤولين الكبار سمعوا عن هذا الطبيب وكانوا يروحون إليه، فلما قرؤوا التقرير تركوه، فهذا يقول: إن الكاميرا كاميرة التصوير صورت ما نتوقعه، مما يدل على أن له حقيقة، والله المستعان، يقول: كنت أول أشوف الشمس، الآن ما أشوفها.

طالب: .........

الشيخ إبراهيم

خلاص مرة.

الله المستعان، نعوذ بالله من الكفر، نعوذ بالله من السحر وأهله.

"ثم الدليل على أنها بابل العراق ما قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثني ابن أبي وهب قال.."

بدون أبي.. قال حدثني ابن وهب.

"قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني ابن لُهَيعة.."

لَهِيْعَة.

"قال: حدثني ابن لَهِيْعَة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مر ببابل وهو يسير، فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال: إن حبيبي -صلى الله عليه وسلم- نهاني أن أصلي بأرض المقبرة، ونهاني أن أصلي ببابل، فإنها ملعونة."

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

قبل هذا؟

طالب: .........

فيه سقط؟

طالب: .........

طيب حديث أبي داود.. يا شيخ..

طالب: .........

لا لا، هو قرأ ابن أبي حاتم وبقي..

طالب: .........

نعم قرأ.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

قرأ ابن أبي حاتم..

طالب: .........

كيف لم يقرأ السند؟

طالب: .........

لا لا، قرأ السند، أنا متابع معه، قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني ابن لهيعة ويحيى بن  أزهر عن عمار إلى آخره المتن هذا هو أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مر ببابل وهو يسير وجاء المؤذن يؤذنه..

طالب: .........

علي بن أبي طالب مر ببابل وهو يسير، فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ يقول عندنا المعلِّق: ما بين الحاصرتين سقط من الأزهرية الذي عندكم ثم بعد ذلك رواية أبي داود، اقرأ رواية أبي داود..

"وقال أبو داود: أخبرنا سليمان بن داود قال: أخبرنا ابن أبي وهب قال: أخبرنا.."

مصرّ إلا أبي؟!

نعم.

مصرّ إلا ابن أبي وهب.

نعم.

"وقال أبو داود: أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب حدثني ابن لُهَيْعَة.."

لَهِيْعَة.

"ابن لَهِيْعَة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن عليًّا- رضي الله عنه- مر ببابل وهو يسير، فجاءه المؤذن يُؤَذِّنه.."

يُؤْذِنه، يعني يخبره.

"فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال: إن حبيبي -صلى الله عليه وسلم- نهاني أن أصلي في المقبرة، ونهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة."

لكن هذا كامل عندكم.

طالب: ...........

لأن ما بين الحاصرتين: مر ببابل في رواية ابن أبي حاتم مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يُؤْذِنه لصلاة العصر، فلما برز منها قال... إلى أن قال: فلما فرغ، هذا يقول إنه سقط من الأزهرية، وبدلاً من أن يكون سقطًا على كلامكم يكون زيادة من بعض النسخ، ما يكون سقطًا، يكون الأصل سقوطه.

شف يا أبا عبد الله الشعب هي التي تمثل الأزهرية بالحرف أقدم النسخ على وجه الأرض من تفسير ابن كثير هي الأزهرية، والشيخ محمد رشيد رضا أضرب عنها وقال: إن فيها نقصًا كثيرًا وأسقاط، هذا ما هو نقص، هذا ليس بنقص، هذا عرضة أولى للكتاب، وابن كثير- رحمه الله- مازال يضيف إليها، يضيف إلى كتابه نقولاً لا توجد في العرضة الأولى، وهذا معروف، المصنفون كلهم إذا ألفوا الكتب، وصارت هناك فرصة ومدة في الحياة أنهم يراجعون ويزيدون وقد يحذفون، كما فعل ابن كثير وغيره.

هو موجود أيضًا في الطبعة الحلبية الأولى نفس ما عندنا هنا، والحلبية في الجملة متقن،ة وعلى كل حال الخبر فيه انقطاع سواء كان عند ابن أبي حاتم أو عند أبي داود قال: وأبو صالح لم يدرك عليًّا -رضي الله عنه-.

طالب: ...........

نفس.. سقط من الأزهرية الجملة التي..

طالب: ...........

لا، قبل إن حبيبي.. مر ببابل وهو يسير..

طالب: ...........

هذه رواية مَن؟ يقول: سقط من الأزهرية.

طالب: ...........

نعم، زيادة من نسخ أخرى، إدخال من نسخ أخرى، يعني ما تقيدوا بالأزهرية مائة بالمائة وإلا فالأصل أن الشعب تمثل الأزهرية، والزيادات التي أضافها ابن كثير من تفسير الزمخشري، من تفسير الرازي والقرطبي، الزيادات التي تمر بنا كلها لا توجد في الأزهرية، ولذلك لا توجد في الشعب.

 أذن يا أبا عبد الله.

طالب: ...........

هذا حقيقة لا حقيقة لا، لكن قد يموه على الرائي، لكن هناك أشياء يقلبها، وهذا من الفتنة التي حُذِّرنا منها، نسأل الله العافية.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

نعم يقلب الحجر ذهبًا والعكس.

طالب: ...........

لا، عاد.. يصير فيه تسلط زائد على الناس وإن كانوا هم متسلطين، لكن بهذه الكيفية ما أظن يثبت.

طالب: ...........

نعم تمويه، لكن لو يجيء شخص ثالث رآه على طبيعته.

طالب: ...........

نعم من أجل التفريق الصرف، من أجل الصرف، يصرف بعضهم عن بعض، وقد يحسنه أكثر من واقعه من أجل العطف.

"قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي وهب أخبرني.."

ابن وهب..

ما فيه، لا تمسح!!

"قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب أخبرني.."

قال: أخبرني.

"قال: أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن حجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي -رضي الله عنه- بمعنى حديث سليمان بن داود -عليهما السلام- قال.."

لا، أين؟! عليهما السلام! هذا شيخ أبي داود!

هكذا في النسخة، هكذا في النسخة، مثبت في النسخة.

لا، غلط سليمان بن داود شيخ أبي داود صاحب السنن، وهو يحسبهم الأنبياء سليمان وأباه داود -عليهما السلام-.

"قال: فلما خرج مكانًا برز.."

والمعنى واحد، ويبقى أن الضعف الموجود في الطريقين موجود هنا؛ لأن أبا صالح الغفاري لم يدرك عليًّا -رضي الله عنه-.

طالب: ..........

فيه الضعف، لكن هذا واضح هذا السقط.

"وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود؛ لأنه رواه وسكت عليه، ففيه من الفقه كراهية.."

لحظة.. هذه قاعدة عند الإمام أبي داود نبه عليها في رسالته إلى أهل مكة أن ما سكت عنه فهو صالح، وفي نسخة اطلع عليها الحافظ ابن كثير يقول: حسن في اختصار علوم الحديث يقول: وما سكت عنه فهو حسن، وهو اختيار ابن الصلاح أن ما سكت عنه أبو داود يتوسط في أمره، ويكون حسنًا من باب الحسن قال:

............. ومن مظنة للحسن
 

 

 جمع أبي داود أي في السنن
 

لأن أبا داود يخرِّج الأحاديث مختلفة المراتب، فمنها ما هو صحيح، وهو كثير، ومنها ما هو ضعيف وينبِّه عليه إذا كان شديد الضعف، وقد لا ينبِّه، والواقع يشهد بذلك أنه روى أحاديث كثيرة ضعيفة لم ينبِّه عليها، ولذلك القول باطراد ما سكت عنه أبو داود أنه صالح أو حسن غير سائغ، وإن قاله في رسالته إلى أهل مكة؛ لأن الواقع يشهد بخلاف ذلك، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم التنبيه في السنن، قد يكون نبه عليه في مواضع أخرى في غير هذا الموضع من السنن أو في كتاب آخر من كتبه، وقد يترك التنبيه عليه على الضعف؛ لوضوحه يعني ما يحتاج إلى تنبيه يُترَك هذا لفطنة القارئ، والقارئ يفهم أن الضعف شديد، وإلى غير ذلك مما قيل، لكن اعتماد القول بأن ما سكت عنه أبو داود فهو صالح يعني للاحتجاج هذا فيه نظر، وإن كان بعضهم يرى أن الصلاحية هنا أعم من أن تكون للاحتجاج، فقد تكون للاستشهاد، فيدخل في ذلك الضعف المنجبر، يدخل في ذلك الضعف المنجبر.

"ففيه من الفقه: كراهية الصلاة بأرض بابل، كما تكره بديار ثمود الذين نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكين قال أصحاب الهيئة وبعدما.."

من أصحاب الهيئة؟

"وبُعْد ما بين بابل.."

لحظة.. لحظة.. قال أصحاب الهيئة.

علم الهيئة هو علم..

لا تقرأ، أنا أسأل، أنا أعرف أقرأ.

طالب: .............

لا لا، فوق.. الفلك الفَلَك، لكن قد يقول قائل من الإخوان الذي يستعجل في بعض الأمور يحسبه هيئة الأمر بالمعروف هيئة هناك تصلون أم لا؟! قيل ما هو أوضح من ذلك.

"وبُعد ما بين بابل، وهي من إقليم العراق عن البحر المحيط الغربي ويقال له: أوقيانوس سبعون درجة، ويسمون هذا طولاً، وأما عرضها، وهو بُعد ما بينهما وبين وسط الأرض من ناحية الجنوب وهو المسامت لخط الاستواء اثنان وثلاثون درجة، والله أعلم.

 تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [سورة البقرة:102] قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن قيس بن عَبَّاد عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.."

قيس بن عُبَاد.

"قيس بن عُبَاد."

مضبوط عندكم؟ ما اسمه يا أبا عبد الله؟

طالب: .............

هات التقريب.. الثاني..

طالب: .............

نعم، قيس بن عُبَاد عن ابن عباس.

طالب: .............

ما اسمه؟

طالب: .............

عُبَاد بضم.. نعم، والله إني قلت.. صار عندي ثاني حال يا أبو عبد الله.. صار عندي ثاني حال.. قلت.. ما هو خطأ..

طالب: .............

نعم.

"عن الربيع بن أنس عن قيس بن عُبَاد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقالا له: إنما نحن فتنة فلا تكفر، وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان، فعرفا أن السحر من الكفر قال: فإذا أُبِيَ عليهما.."

أَبَى عليهما.

"فإذا أَبَى عليهما أَمْراه."

أَمَرَاه.

"فإذا أَبَى عليهما أَمَراه أن يأتي مكان كذا وكذا، فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه، فإذا تعلم خرج منه النور فنظر إليه ساطع في السماء فيقول: يا حسرتاه، يا ويله، ماذا صنع."

نسأل الله العافية، نسأل الله العافية.

"وعن الحسن البصري أنه قال في تفسير هذه الآية: نعم أنزل أُنزِل الملكان بالسحر؛ ليعلما الناس البلاء الذي أراد الله أن يبتلي به الناس، فأخذ عليهما الميثاق ألا يعلما أحدًا حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر. رواه ابن أبي حاتم، وقال قَتادة: كان أخذ عليهما ألا يعلما أحدًا حتى يقولا: إنما نحن فتنة، أي بلاء ابتلينا به، فلا تكفر. وقال السدي: إذا أتاهما إنسان يريد السحر وعظاه وقالا له: لا تكفر، إنما نحن فتنة، فإذا أبى قالا له: ائت هذا الرماد فبل عليه، فإذا بال عليه خرج منه نور فسطع حتى يدخل السماء، وذلك الإيمان، وأقبل شيء أسود كهيئة الدخان حتى يدخل في مسامعه وكل شيء، وذلك غضب الله، فإذا أخبرهما بذلك علَّماه السحر، فذلك قول الله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [سورة البقرة:102] الآية."

نسأل الله العافية، يعني الكفر هان على بعض الناس، ولأمور يسيرة من أمور الدنيا تجده يذهب ويبيع دينه بالجملة، يعني جميع الدين بالكفر من أجل أن ينتقم من فلان أو من أجل أن يحصل على فلانة وعلى فلانة، أو كذا، نسأل الله العافية، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الحامي لعبده إذا صدق اللجأ إليه، وانطرح بين يديه، وحرص على الأذكار الواقية التي جاءت بها النصوص الصحيحة، وذُكر يعني من ثقات أن شخصًا أراد امرأة ليتزوجها، بنت، فرفضت أن تقبل به، فذهب إلى ساحر فقال: ائتني بها بأي مبلغ تريده، قال: أمهلني أسبوعًا، حاول أسبوعًا مع جنوده فلم يستطيعوا قال: ما استطعت، فأمهلني أسبوعًا ثانيًا ففعل، حاول مع جميع جنوده فلم يستطيعوا، فلما جاءه قال: ما استطعت أمهلني أسبوعًا ثالثًا وكذلك عجز، فلما جاءه بعد ذلك قال: لا قدرة لنا عليها، لا قدرة لنا عليها، فلا شك أن ما جاء في خبر الصادق من أن من قال كذا حفظه الله من كذا، أو حفظه الله مطلقًا هذا على المسلم، لاسيما طالب العلم الذي يعي مثل هذه الأمور، ويسمع مثل هذه الأمور، بل يحفظ هذه الأمور، ألا يفرِّط فيها، وإضافة إلى حفظه في الدنيا الثواب العظيم في الآخرة من صدق التعامل مع الله -جل وعلا-، واللجأ إليه والانطراح بين يديه، والانكسار والتذلل، كل هذا يحفظه ويحرسه بإذن الله، ولكن الواقع الآن في حال كثير من المسلمين بعكس ذلك، أسباب طرد الشياطين منتفية، وموانع دخول الملائكة موجودة، فماذا يرجو الإنسان؟ ماذا يرجو الإنسان إذا كانت الملائكة لا تدخل، والأسباب الجالبة للشياطين والجن كلها كثير منها موجود في بيوت المسلمين مع وجود هذه الآلات التي فيها التصاوير وفيها الأغاني ومزامير الشيطان؟ والله المستعان.

طالب: .............

ماذا فيها؟

طالب: .............

إن أمكن طمسها فهذا هو الأصل، وإن قالوا إنها وسائل للتعليم والتفهيم وعمت بها البلوى فتحفظ مغطاة، تُغطى بالحقائب.

طالب: .............

وقت.. عند الحاجة أمرها إن شاء الله سهل.

"وقال سُنَيْد عن حجاج بن أبي جريج في هذه الآية.."

لحظة لحظة.. وقال السدي؟

وقال ُسنَيْد.

أين هو؟

عن حجاج عن ابن جريج.

سُنَيْد في تفسيره نعم.

"لا يجترئ على السحر إلا كافر، وأما الفتنة فهي المحنة والاختبار، ومنه قول الشاعر:

وقد فتن الناس في دينهم
 

 

 وخلى ابن عفان شرًّا طويلاً
 

وكذلك قوله تعالى.."

رضي الله عنه.

.........................
 

 

 وخلى ابن عفان شرًّا طويلا
 

بعد فتنته وقتله في بيته، خليفة المسلمين الخليفة الراشد المشهود له بالجنة، الذي نفع الإسلام في بذل الأموال بشيء لم يبذله غيره، ولم يصل إليه غيره- رضي الله عنه وأرضاه-، مع ما اتسم به من خلق ولين في الطبع وحياء وتعبّد وتألّه وصيام وتلاوة، ويقتل في بيته صائمًا تاليًا لكتاب الله، وذلك مع وجود المهاجرين والأنصار وتوافرهم بالمدينة، وأي فتنة أعظم من هذه؟ شيء لا يخطر على البال، ويؤخَّر دفنه بعد قتله ثلاثة أيام ويدفَن خفية ليلاً خارج البقيع، ويُنزَل إليه في قبره فتكسر أضلاعه، نحن نرى فتنًا ونقول: كيف تحصل هذه من عقلاء ومن مسلمين وكذا؟ لكن يتصور الإنسان هذه الفتنة ماذا وراء هذه الفتنة؟!

...........................
 

 

 يقول وخلى ابن عفان شرًا طويلاً
 

يعني الفتن بعد عثمان -رضي الله عنه- انفتحت، وإن كان كسرها بمقتل عمر -رضي الله عنه-.

"وكذلك قوله تعالى إخبارًا عن موسى -عليه السلام- حيث قال: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ} [سورة الأعراف:155] أي ابتلاؤك واختبارك وامتحانك، تضل بها من تشاء، وتهدي بها من تشاء.."

فيه بها؟

تضل..

"تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء.."

ما فيه بها..

"وتهدي من تشاء، قد استدل بعضهم بهذه الآية على تكفير من تعلَّم السحر، ويستشهد له بالحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن عبدُ الله قال.."

عبدِ الله.

"عن عبدِ الله قال: من أتى كاهنًا أو ساحرًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. وهذا إسناد جيِّد، وله شواهد أُخر."

ما فيه ما فيه سحر إلا عن طريق الشرك الأكبر، لا بد أن يقدِّم للشياطين ما يخرج به من الدين، أما مجرد التعلُّم يقولون: تعلم ولا نفعله ولا نشرك، هذا لا شك أنه رخص فيه بعض أهل العلم بحيث قالوا: إنه لا يصل إلى حد الكفر، ولا مانع من التعلم إذا لم يصل إلى حد الشرك، ولم يقرِّب إلى الشياطين ما يخرج به، ولكنه قول مرجوح، ولا شك أن من تعلَّم وقع مثل ما قالوا أول الأمر يوم أن التصوير له هيبة قالوا: نشتري الجوالات التي فيها الكاميرات ولا نصوِّر، تجده يتحرز يومًا يومين ثلاثة، وما بعد ذلك يُبتلى، يبتلى؛ لأنه إذا رأى الولد أو البنت في حبواتها الأولى أو خطواتها الأولى يعز عليه أن يفوِّت هذه الفرصة، ثم بعد ذلك إلى أن يبحث في الأقوال الأخرى، ثم تكون المسألة سهلة، والله المستعان.

 الرازي له رأي في السحر وتعلُّم السحر ويقال: إنه قول عند الشافعية إن مجرد التعلُّم والتعليم ما فيه شيء، لكن الرازي له كتاب اسمه السر المكتوم في مخاطبة النجوم، فإن ثبت أنه من تأليفه فهو كفر، نسأل الله العافية، ولكن الله أعلم.

"تفسير قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ} [سورة البقرة:102].."

باقٍ وقت يا أبا عبد الله؟

طالب: .............

خلاص.

والله أعلم.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.