شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (259)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع بداية هذه الحلقة نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الأخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في باب ذكر العلم والفُتيا في المسجد، الحديث مائة وثمانية في المختصر، مائة وثلاثة وثلاثون في الأصل، توقفنا عند لفظة قَرْنٍ، ومن قال: بقَرَن بالفتح فلعلنا نستكمل، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

في الحديث «وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ» قالوا: قَرْن بفتح القاف وإسكان الراء جبل مدور أملس كأنه بيضة مطلٌ على عرفات، قالوا: وغلط الجوهري يعني يقال له قرن المنازل، ويقال له قرن الثعالب.

المقدم: هو قرن الثعالب؟

على ما قال النووي وغيره، لكن قرن المنازل معروف هذا اسمه، مطل على عرفات، قالوا: وغلط الجوهري في صحاحه غلطين، فقال: هو فتح الراء قَرَن، وزعم أن أويسًا القرني التابعي الشهير الذي ثبت فضله في الحديث الصحيح في صحيح مسلم أن أويسًا القرني منسوب إليه، والصواب سكون الراء (قرْن)، وأن أويسًا منسوب إلى قبيلة يقال لهم: بنو قَرَن.

وقـرن وعـدن ولاحـق

وهيثم وشدقَمٍ وواشق

أسماء الأعلام في ألفية ابن مالك قَرَن، وهو على نحو مرحلتين من مكة، وهو أقرب المواقيت إليها.

الآن الميقات الأصلي هو الذي على طريق الهدى أو الذي على طريق السيل أو هذا امتداد له ومحاذٍ له؟

المقدم: أو هما امتداد  للأصلي.

أين؟

المقدم: أو السيل الصغير والسيل الكبير كما يقولون هما مستحدثان، والقديم غير موجود الآن.

لا، الكلام على أنه فيه ميقات محرم على طريق الهدى، وفيه ميقات محرم على طريق السيل. أيهما الأصلي؟

المقدم: أكيد واحد منهما أصلي.

سؤال.

المقدم: الذي أعرفه أنه لا هذا ولا هذا يا شيخ.

يعني هما محاذيان للميقات الأصلي، كأنك أشرت في آخر الحلقة السابقة الشام.

المقدم: نعم سؤال عن الشام والشأم.

الأصل الهمز من أشأم، هذا الأصل، لكنهم يسهلونه؛ لكثرة الاستعمال فيقال: الشام، ولا إشكال في هذا التسهيل معروف في لغة العرب.

وقال ابن عمر. عندك (قال) أم (وقال)؟

المقدم: عندنا: قال.

«وقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-» بواو العطف في الأصل  عن عبد الله بن عمر عطفًا من جهة المعنى كأنه قال: قال نافع: قال ابن عمر، وسقطت الواو للأصيلي وابن عساكر، كذا في القسطلاني، يقول: وسقطت الواو للأصيلي وابن عساكر. وعلى كل حال هي موجودة في أكثر الروايات، الواو، هل لها أثر أو لا أثر لها؟ يعني وجودها مثل عدمها؟ تقدم لنا في أوائل الكتاب قالت عائشة -رضي الله عنها- في شرح حديث الثاني، قالت عائشة -رضي الله عنها-: «وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا» قال ابن حجر: قالت عائشة وهو بالإسناد الذي قبله وإن كان بغير حرف العطف، كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، صار لها قيمة الواو أم ما لها قيمة؟

المقدم: بلى إذا أتى بها فهو يريد بها التعليق.

نعم يعني بغير الإسناد السابق، وإذا حذفها فكأنه يريد بالإسناد السابق، يقول ابن حجر في فتح الباري في الجزء الأول صفحة واحد وعشرين: قالت عائشة، وبالإسناد الذي قبله وإن كان بغير حرف عطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، وتعقّبه العيني.

المقدم: لكن هنا الأصل العطف الواو كأنه يريد التعليق.

أكثر الروايات فيها واو، وهو بغير الواو للأصيلي وابن عساكر، الآن في علم البلاغة عندهم شيء يسمى الفصل والوصل، أيهما الفصل وأيهما الوصل؟ بالواو فصل ولا وصل؟

المقدم: وصل.

طيب وبدونها؟

يعني كلام ابن حجر قالت عائشة وبالإسناد الذي قبله وبغير واو، هل هذا فصل ولا وصل عما تقدم؟

المقدم: الواو هنا تكون للفصل.

نعم، للفصل لأنه كأن الأصل في الأول أن العطف يقتضي المغايرة، لكن هل مغايرة ما بعده لما قبله من جميع الوجوه، أو تتم ولو بوجه من الوجوه؟ ولذلك هذا الكلام من قبل الحافظ -رحمه الله- مخروق حتى في توجيه الحافظ في بعض المواضع، انظر يقول: قالت عائشة، وبالإسناد الذي قبله، وإن كان بغير حرف العطف، كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، وتعقبه العيني كعادته في فتح الباري في صفحة ( 72 و73) من الجزء الأول يقول: قال وهيب: حدثنا عمرو الحياتي وقال: خردلٍ من خير يقول الحافظ .. يقول قال وهيب: فقال من خردل من خير كما علقه المصنف، قال وهيب: حدثنا عمرو الحياتي كما علقه المصنف، الآن تعليق بالواو أم بدون الواو؟

المقدم: بالواو.

بدون: (قال وهيب) يقول كما علقه المصنف، وهو قرر فيما تقدم..

المقدم: إذا جاءت الواو فهي للتعليق.

نعم، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، فـ كلام الحافظ مطرد أم غير مطرد؟

المقدم: هنا غير مطرد.

غير مطرد، لكن هو في الغالب كلام الحافظ أغلبي وليس بكلي، في شرح الكرماني «وقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-» هو عطف على لفظ عن عبد الله عطفًا كأنه قال: قال نافع: قال عبد الله، وقال: ويزعمون، ويحتمل احتمالًا بعيدًا أن يكون تعليقًا من البخاري، وهكذا حكم وكان ابن عمر، الآن العيني قال: ويحتمل، هل للاحتمالات العقلية مدخل في هذا الفن؟ الاحتمالات العقلية الحافظ ابن حجر يقول: الاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في هذا الفن، وكثيرًا ما يورد الكرماني هذه الاحتمالات، ويرد عليه ابن حجر أن الاحتمالات العقلية لا مدخل لها في علم الرواية، لكن الذي يؤكد لنا أنه بسند السابق أو بدونه رواية الحديث وطرق الحديث أم في كتاب آخر؟

 لأنه إذا جاء في كتاب آخر بنفس الإسناد عرفنا أن البخاري يرويه من هذا الإسناد، يقول هنا ابن حجر في قوله: قاله وهيب حدثنا عمرو الحياتي.. إلى آخره، ساق المؤلف حديث وهيب هذا في كتاب الرقاق عن موسى بن إسماعيل عن وهيب، وسياقه أتم من سياق مالك، لكنه قال: من خردل من الإيمان كرواية مالك فاعتُرض على المصنف بهذا، والاعتراض عليه، فإن أبا بكر ابن أبي شيبة أخرج هذا الحديث في مسنده عن عفان بن مسلم عن وهيب فقال: من خردل من خير، كما علقه المصنف.

ابن حجر لماذا قال: علقه؟ لأنه خرّجه البخاري من غير طريق أصل الحديث فحكم عليه بأنه معلق.

قال ابن عمر: «وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ» قال الكرماني: الواو في ويزعمون للعطف فما المعطوف عليه؟

المقدم: الماضي، يهل أهل كذا من كذا... ذكرها وعددها.

هذا السؤال الذي أورده الكرماني أجاب عنه، قلت: وعطف على مقدر وهو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولابد من هذا التقدير؛ لأن الواو لا تدخل بين القول والمقول، قال: (ويزعمون) والأصل أن يقول قال: (يزعمون)؛ لأن هي مقول القول، فلابد أن تقدر معطوفًا عليه تُقدّر مقول القول، يصلح أن يعطف عليه يزعمون؛ لأن الواو لا تدخل بين القول والمقول، والزعم إما أن يراد به القول المحقق أو المعنى المشهور له، يعني المشكوك فيه، ومنه: بئس مطية القوم زعموا، لكن يُطلق الزعم ويراد به القول المحقق، ويقول: يزعمون أي يقولون، زعم فلان، يعني قال فلان، في كتاب سيبويه: زعم الكسائي، ويوافقه ولو كان يشكك فيه ما وافق.

في فتح الباري: وقول ابن عمر ويزعمون.. إلى آخره يُفسر بمن روى الحديث تامًّا كابن عباس وغيره، وفيه دليل على إطلاق الزعم على القول المحقق؛ لأن ابن عمر سمع ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكنه لم يفهمه؛ لقوله: لم أفقه هذه الجملة الأخيرة، فصار يرويها عن غيره، وهو دال على شدة تحريه وورعه، يعني السامع الراوي المتلقي إذا سمع كلامًا من شيخه لم يتبينه وتثبت من جليسه يرويه عن الشيخ أم عن الجليس؟

المقدم: عن الجليس.

عن الجليس هذا الأصل، لكن يتسامحون في الكلمة يسمع الجملة ويرد عنه كلمة ما تبينها فيسأل عنها جليسه، يتسامحون في مثل هذا في باب الرواية، والأحرى أن ينص على هذه الكلمة أن هذه الكلمة لم أفهمها، فتثبت منها من فلان، وهذا دال على شدة تحريه وورعه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «قَالَ: وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» بفتح المثناة التحتية وفتح اللامين جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة، ويقال أيضًا: ألملم بقلب الياء همزة، وكان ابن عمر يقول: ولم أفقه، أي لم أفهم هذه، الفقه في اللغة {يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه:28] أي يفهم.

هذه أي هذه المقالة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ»، وفي رواية البخاري في الحج: لم أسمع هذه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول العيني: في بيان استنباط الأحكام؛ لأن العيني يرتب الشرح يبدأ بالمناسبة ثم يتبعها برجال الحديث ثم بعد ذلك اللغات ثم المعاني ثم بعد ذلك يأتي بالإعراب -إعراب الحديث-، ثم يأتي بعد ذلك يختم بالاستنباط من الفوائد، فشرحه مرتب، ولو تم الكتاب على هذه الطريقة لكان إبداعًا، لكنه في الربع الأول أجاد فيه، وفي الثلاثة أرباع لا شك أنه صار يختصر كثيرًا، وإلا ترتيبه إبداع.

 يقول: باب بيان استنباط الأحكام:

 الأول: فيه بيان المواقيت الثلاثة بالقطع، وهي ميقات أهل المدينة وميقات أهل الشام وميقات أهل نجد، والرابع شك فيه ابن عمر -رضي الله عنهما- وهو ميقات أهل اليمن، وقد ثبت هذا أيضًا بالقطع في حديث ابن عباس أخرجه الشيخان وآخرون في رواية مسلم عن جابر، وزاد مسلم فيه «ومهل أهل العراق ذات عرق»، ومهل العراق ذات عرق، وفي رواية أبي داود والترمذي في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- «وقت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لأهل المشرق العقيق».

 وقال أبو العباس القرشي: كذا في عمدة القاري، ولعله القرطبي صاحب المفهم، أنا ما يتيسر لي الرجوع إليه، لكن الذي يغلب على ظني أنه القرطبي تصحفت إلى القرشي، يقول: أجمع العلماء على المواقيت الأربعة واختلفوا في ذات عرق لأهل العراق، والجمهور على أنها ميقات، وسيأتي بسط ذلك في كتاب الحج، إن شاء الله تعالى.

 يعني جاء في السنن ما يدل على أنها ميقات، وليس في الصحيحين ما يدل إلا على طريق الشك، فهل الذي وقّتها..؟ ولذا جاء الصحابة من الوافدين من جهة العراق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءوا إلى عمر فقالوا: إن النبي- عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل نجد قرن، وهو جور عن طريقنا، فوقت لهم ذات عرق فهل الذي وقت ذات عرق لأهل العراق عمر أم النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ الحديث الذي في السنن يدل على أن النبي- عليه الصلاة والسلام- وقّت لهم، وهذا هو الظاهر، وكونهم جاءوا إلى عمر، ووقت لهم ولم يرفع ذلك إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لعلهم خفي عليهم وعليه، فاجتهد فوافق اجتهاده المرفوع، فيكون من موافقاته- رضي الله عنه وأرضاه- وموافقاته كثيرة.

الثاني من الأحكام: فيه أن هذه المواقيت لا تجوز مجاوزتها بغير إحرام سواء أراد حجًا أو عمرة، فإن جاوزها بغير إحرام يلزمه دم، ويصح حجه، إلزام الدم لمن تجاوز الميقات هو قول الأكثر، وفي المسألة طرفان: سعيد بن المسيب يقول: من تجاوز الميقات لا حج له، وسعيد.. سعيد بن جبير يقول: من تجاوز الميقات فلا حج له.

سعيد بن المسيب يقول: من تجاوز الميقات فلا شيء عليه، وقول الجمهور هو الوسط حجه صحيح، لكن يلزمه دم؛ لأنه ترك ما وُقت وحدد وُفرض، وعلى الأمة أن تُحرم من هذه المواقيت.

الثالثة: فيه معجزة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث أخبر في زمانه عن أمر سيكون بعده، وقد كان، يعني ما فتحت الشام ولا العراق ولا مصر ولا هذه البلدان فكان كما أخبر النبي- عليه الصلاة والسلام-، وهذا الحديث خرَّجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في ستة مواضع:

الأول: هنا في كتاب العلم باب ذكر العلم والفُتيا في المسجد، قال -رحمه الله-: حدثني قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث ابن سعد قال: حدثنا نافع المولى عبد الله بن عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- «أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- يهل... إلى آخره» تقدم ذكر المناسبة، وأنها ظاهرة من قوله:…

المقدم: رجلًا قام في المسجد

رجلًا قام في المسجد.

الموضع الثاني: في كتاب الحج باب فرض مواقيت الحج والعمرة، الفرض كما يُطلق على الإيجاب، يطلق أيضًا على التقدير والتحديد، يقول: حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا زهير قال: حدثنا زيد بن جبير أنه أتى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- في منزله، وله فسطاط وسرادق، فسألته من أين يجوز أن أعتمر؟ «فقال: فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل نجد قرنًا ولأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة».

والمناسبة بين قوله: فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باب فرض مواقيت الحج والعمرة ظاهرة.

الثالث: في كتاب الحج أيضًا باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذي الحليفة كأن (لا) هذه ناهية، ولو كانت نافية لقال: ولا يهلون. قبل ذي الحليفة قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ» قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويهل أهل اليمن من يلملم» المناسبة ظاهرة من قوله: يهل أهل المدينة لقوله باب ميقات أهل المدينة، لكن هل فيه ألا يهل قبل ذي الحليفة؟

المقدم: مادام حدد فالأصل ليهل.

نعم، يهل أهل المدينة من ذي الحليفة يعني لا قبله ولا بعده، وإن جاء عن بعض الصحابة أنه أحرم من قبل الميقات، على ما سيأتي تقريره في الحج، إن شاء الله تعالى.

الموضع الرابع والخامس: في كتاب الحج أيضًا في باب مهل أهل نجد، قال رحمه الله: قال: حدثنا علي قال: حدثنا سفيان حفظناه من الزهري عن سالم أبيه وقَّت النبي-صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس  عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.. 

قال: حدثنا علي يعني (ابن عبد الله المديني) قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) حفظناه من الزهري (محمد بن شهاب بن مسلم الزهري) عن سالم ابن عبد الله بن عمر عن أبيه عبدالله بن عمر قال: «وقَّت النبي -صلى الله عليه وسلم-..»  حدثنا أحمد، الأصل أن يقال هنا ح وحدثنا أحمد كما يفعله البخاري كثيرًا.

حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مهل أهل المدينة ذو الحليفة ومهل أهل الشام من مهيعة، وهي الجحفة وأهل نجد قرن»، وهذا هو الشاهد من الحديث الترجمة، باب مُهل أهل نجد، قال ابن عمر: وزعموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولم أسمعه «ومهل أهل اليمن يلملم» والمناسبة ظاهرة.

الموضع السادس: وهذا الذي يحتاج إلى انتباه، الموضع السادس: في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب ما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحض على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بهما من مشاهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمهاجرين والأنصار وُمصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والمنبر والقبر.

المقدم: هذه كلها ترجمة

ترجمة، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب ما ذكر النبي-عليه الصلاة والسلام- وحض على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بهما من مشاهد النبي-عليه الصلاة والسلام- والمهاجرين والأنصار وُمصلى النبي-صلى الله عليه وسلم- والمنبر والقبر.

يعني ذكر لهذه الجزئيات في هذه الترجمة أحاديث كثيرة كلها تدل عليها، لكن ما الذي يهمنا من الترجمة لحديثنا؟ قال رحمه الله: قال حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر-رضي الله عنهما-: «ووقت النبي عليه الصلاة والسلام قرنًا لأهل نجد والجحفة لأهل الشام وذو الحليفة لأهل المدينة، قال: سمعت هذا من النبي-عليه الصلاة والسلام- وبلغني أن النبي-عليه الصلاة والسلام- قال: ولأهل اليمن يلملم وذُكر العراق  فقال: لم يكن عراق يومئذٍ»، الشاهد من الحديث الترجمة

المقدم: يجتهد

يجتهد نعم،محل اجتهاد، كل الشراح.

المقدم: ممكن يا شيخ يُقال الآن مادام فيه ألا تُدخل مكة إلا بإحرام ومواقيت هذا من تعظيمها كونه ذكر المواقيت وأدخلها في باب طويل ما امدانا نحفظه، لكن..

باب ما ذكر النبي-عليه الصلاة والسلام- وحض علي اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بهما من مشاهد النبي-عليه الصلاة والسلام- والمهاجرين والأنصار وُمصلى النبي-صلى الله عليه وسلم- والمنبر والقبر. ما فيه يهل أهل المدينة من ذي الحليفة والنبي-عليه الصلاة والسلام- أهل من ذي الحليفة وهو من مشاهده -عليه الصلاة والسلام-، وصلى بالمسجد الذي هناك، ومصلى النبي-عليه الصلاة والسلام-...

المقدم: الذي هناك.

الذي هناك والمنبر والقبر فالشاهد من الخبر أن النبي-عليه الصلاة والسلام- أهل من ذي الحليفة فهي من مشاهده وصلى في مسجدها، وفي الترجمة مصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والمنفي ذُكر العراق فقال: لم يكن عراقٌ يومئذٍ، يعني التوقف هذا من ابن عمر. لاشك أنه تحرٍّ وتثبت منه واعتصام بالكتاب والسنة يريد أن يفتي بنص فقال: لم يكن عراق يومئذٍ، فلعل المراد بالنفي هنا في جواب ابن عمر نفي العراقين، وهما المصران المشهوران الكوفة والبصرة.

المقدم: وأصل العراق معروف.

نعم، موجود، لكن المنفي الكوفة والبصرة؛ لأنها ما مُصّرتا إلا في عهد عمر بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 والحديث مخرج في صحيح مسلم فهو متفق عليه، والله أعلم.

 وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، ونفع بعلمكم.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. بقي معنا في كتاب العلم حديث واحد بإذن الله ثم ننهي هذا الكتاب، نسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياكم في ديننا ويرزقنا وإياكم صلاح القول والعمل والقصد إنه جواد كريم، لنا بكم لقاء في حلقة قادمة.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.