شرح المحرر - كتاب الحج - 01

سم.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الإمام ابن عبد الهادي يرحمه الله تعالى في كتابه المحرر:

كتاب الحج باب فرض الحج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق عليه وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله على النساء جاهد؟ قال «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» رواه أحمد وابن ماجه وهذا لفظه ورواته ثقات وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا، وأن تعتمر خير لك» رواه الإمام أحمد وضعفه والترمذي وصححه وقد روي موقوفا وهو أصح وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لقي ركْبا بالروحاء أنه لقي ركبا بالروحاء فقال «من القوم؟» قالوا المسلمون فقالوا من أنت؟ قال «رسول الله» -صلى الله عليه وسلم- فرفعت إليه امرأة صبيًّا فقالت ألهذا حج؟ قال «نعم، ولكِ أجر» رواه مسلم وعنه رضي الله عنه قال كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليه وتنظر إليه وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى إلى الشق الآخر وعنه رضي الله عنه قال كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال «نعم» وذلك في حجة الوداع متفق عليه واللفظ للبخاري وعنه رضي الله عنه أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال «نعم، حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء» رواه البخاري وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى» رواه البيهقي وغيره ولم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقة ولذلك صححه ابن حزم لكن زعم أنه منسوخ والصحيح أنه موقوف وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف شبه المرفوع وعنه رضي الله عنه قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول «لا يخلوَنّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتَتَبتُ في غزوة كذا وكذا قال «انطلق فحج مع امرأتك» متفق عليه واللفظ لمسلم وعنه رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال «مَن شبرمة؟» قال أخ لي أو قريب لي قال «حججت عن نفسك؟» قال لا، قال «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» رواه أبو داود وهذا لفظه وابن ماجه وابن حبان وقد صحح وقد صحح البيهقي إسناده والإمام أحمد وقفه."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "كتاب الحج" والكتاب مر بنا مرارا هنا للمرة السادسة يمر لفظ الكتاب وعرفناه فيما تقدم أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ولا داعي لتعريفه والمراد بالمكتوب الجامع لمسائل هذا الركن العظيم وهو الحج.

والحج مصدر حج يحج حجًّا وتكسر أيضا الحاج ويقال حِج {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [سورة آل عمران:97] ففتحها وكسرها كلاهما ثابت في النصوص في الكتاب والسنة وأيضا في لغة العرب سيان وإن كان بعضهم يقول أن الحج هو المصدر والحِج اسم المصدر وعلى كل حال لا ضير في أن ينطق بهذا وهذا مادامت النصوص صحيحة صريحة في ذلك الحج في اللغة هو القصد وبعضهم يخصه بقصد المعظَّم وليس كل قصد يقال له حج وإنما قصد المعظَّم يقال له حج والحج خاص بهذا البيت ولا يجوز أن يحج غيره ولا يقصد غيره لأداء هذه الشعيرة بعض المبتدعة لاسيما الغلاة منهم يسمون زياراتهم لقبور من يدّعون فيهم الولاية حجًّا وصنّف بعضهم في حج المشاهد نسأل الله السلامة والعافية يعني الشرك يسمى بغير اسمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالتوحيد فأهل بالتوحيد فمن أعظم المظاهر التي يتجلى فيها التوحيد هذا النسك العظيم هذا الحج والمخالفون لدين الله ولشرع الله وإن زعموا الانتساب إليه يسمون الشرك حج وصنفوا في حج المشاهد التي يطوفون بها ويدعون أربابها من غير الله من دون الله جل وعلا وبعضهم يصرح بتفضيل حج المشاهد على تفضيل الحج لبيت الله الحرام فالحج هو قصد المعظَّم وأيُّ شيء في في هذه الأرض أعظم من بيت الله جل وعلا من البيوت المقصودة ومن البقاع التي يمكن قصدها فلا يجوز شد الرحل إلا إلى المساجد الثلاثة على ما تقدم في دروس مضت إلا إلى المسجد الحرام هذه البقعة المباركة الشريفة ومسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- والمسجد الأقصى نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفك أسره وأن يخلصه من أيدي المغتصبين الظالمين.

الحج قصد هذه المشاعر المقدَّسة لأداء هذه المناسك وهذه الشعائر من أجل تعظيم الله جل وعلا من أجل تعظيم الله جل وعلا لا لذات هذه البقع وإنما تُقصَد هذه البقع المعظمة شرعا لإقامة ذكر الله وتوحيد الله جل وعلا وما يسمع في هذه المشاعر مما يناقض التوحيد من دعاء غير الله جل وعلا هذا لا شك أنه معارَضة ومخالَفة ومحادَّة لمقاصد الشرع الحنيف والله المستعان.

قال رحمه الله "باب فرض الحج" الحج فريضة إن فريضة الله وهو ركن من أركان الإسلام بالإجماع {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران:97] يستدل بها من يقول أن الذي يستطيع الحج ولا يحج فإنه يكفر أخذا من هذه الآية وذكرنا في شرح كتاب الصيام أن من أهل العلم كما هو قول عند المالكية ورواية عن الإمام أحمد أن أنه يكفر بترك الصيام بترك الزكاة بترك الحج يعني بترك الأركان العملية أو واحد منها ولكن الجمهور لا يكفر إلا إذا جحد الوجوب ويُخَص من ذلك من الأركان العملية الصلاة المنقول عن السلف أنهم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة وأما بالنسبة للشهادتين فمعلوم الذي لا ينطق بالشهادتين ليس بمسلم أصلا لم يدخل الإسلام «أمرت أن أقاتل حتى يقولوا لا إله إلا الله» والخلاف معروف في المسألة في كفر تارك أحد الأركان غير الشهادتين وغير الصلاة وهو قول عند المالكية ورواية عن الإمام أحمد يرجحها بعض أصحابه والخلاف بين أهل العلم في تقديم الحج على الصوم أو الصوم على الحج أشرنا إليه في شرح كتاب الصيام فيما تقدم وأن الرواية المتفق عليها جاءت بتقديم الحج على الصوم في رواية لمسلم وغيره أن ابن عمر قال وصيام شهر رمضان والحج فاستدرك عليه مستدرك قال لا الحج وصوم رمضان قال لا، صيام رمضان والحج مع أن الحديث مخرج في الصحيحين من حديث ابن عمر في تقديم الحج على الصيام وهذا يدل على أهمية هذا الركن العظيم وجاء فيه من النصوص ما هو في غاية الشدة المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن أقوال سلف هذه الأمة وهو مفهوم من الآية {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران:97] فهو أمر عظيم بعض الناس يتساهل ويتراخى مع القدرة والاستطاعة يسهل عليه أن يسافر إلى أي جهة لكن يثقل أن يحج ومع الأسف أن يُسمَع من بعض شباب المسلمين من يقول أنا أؤجل الحج مع أنه يرى أنه على الفور ويرجِّح هذا القول ويؤجِّل الحج لأعذار واهية وقد سُمِع من يقول أنا لا أستطيع أن أحج هذه السنة لأن تسليم البحث بعد الحج مباشرة لذلك لا أستطيع أن أحج لا بد أن أبحث وأسلم البحث في وقته سبحان الله! ركن من أركان الإسلام يؤجَّل بهذه الأعذار بل من سمع من يقول هذه السنة ربيع نحج السنة الجاية وعلى حد زعمه أنه لن يفوت هذه الربيع ويخرج للرحلات والنزهات والحج لاحق عليه هذا لا شك أنه دليل على رخص الدين عنده يعني ركن من أركان الإسلام يؤجَّل بهذه الأعذار الواهية؟!

والحج فرض عند جمع من أهل العلم في السنة السادسة ولكن الذي رجحه ابن القيم وجمع من أهل التحقيق أنه فرض سنة تسع وكثير من أهل العلم يرى أنه على التراخي والمرجح أنه على الفور وجاء ما يدل على ذلك من النصوص التفريط في مثل هذه العبادة بحيث لا يضمن الإنسان أن يعيش إلى قابل ومَن يضمن؟! فيفرّط في هذا الركن العظيم بحيث يموت وفريضة الله باقية في ذمته وجاء الأمر بتعجل الحج وفرض في السنة التاسعة فيما حرره جمع من أهل التحقيق كابن القيم وغيره قد يقول قائل فرض في السنة التاسعة ولم يحج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا في السنة العاشرة فما وجه القول بأنه على الفور؟

في السنة التاسعة الناس يحجون على طريقة العرب عُرَاة فبعث النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر وأردفه بعلي ليحجا في هذه السنة ويبلِّغا ما أنزل -عليه الصلاة والسلام- من شرع لا يطوف بالبيت مشرك لا يحج بعد العام مشرك وألا يطوف بعد العام عريان ومن يطيق رؤية العراة؟! يعني  إذا كانت الرحلات السياحية يعني مظنة لهذه الأمور للتكشف والسفور وكذا لكن كيف يطاق رؤية السفور والتبرج في مثل هذه البقاع المقدسة الناس جاؤوا لأمر عظيم لعبادة عظيمة ثم يرى ما يرى لا شك أن هذا تفريط تفريط ممن يحصل له هذا الأمر وممن ولاه الله جل وعلا أمر هذا الأمر يشترك فيه الجميع ممن يستطيع القدرة على التغيير فلم يحج النبي -عليه الصلاة والسلام- في السنة التاسعة لهذا الأمر لئلا يرى هذه المناظر وهل مثل هذه الأمور يُعذَر فيها من تأخر عن واجب؟ يعني يقول بعض الناس يقول والله أنا لا أطيق رؤية النساء المتبرجات فلا أستطيع الحج ما فيه عراة المانع للنبي -عليه الصلاة والسلام- هو التعري الكامل وإبداء السوءات لا يوجد الأمر الثاني أن الله جل وعلا لم يعذر من تخلَّف عن الجهاد بسبب فتنة النساء {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} [سورة التوبة:49] بعض المنافقين قال إنه لا يستطيع ولا يطيق الصبر إذا رأى بنات بني الأصفر فما عذروا في هذا نعم إذا كانت المسألة في نفل تقول والله هل أعتمر وأنا أرى هذه المناظر التي لا أطيق الصبر عنها عمرة قدر زائد على الواجب على ما سيأتي في حكم العمرة أو لا أحج أو لا أغشى المكان الفلاني الذي فيه ما يفتنني الأمر إليه المسألة مسألة موازنة ومفاضلة لكن في الفرائض لا، لا يمكن أن يتعلل بمثل هذه الأعذار بعضهم يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحج في السنة التاسعة لأن الحساب على طريقة العرب في النسيء الحجة في السنة التاسعة توافق شهر القَعدة لأن كل سنة يؤخرون الشهر وفي السنة العاشرة التي حج فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- إن الزمان قد استدار ووقعت الحجة في وقتها بعضهم أشار إلى هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قبل حجة الإسلام قبل الهجرة وبعضهم يقول بعد الهجرة أيضا وفي الصحيح في البخاري عن جبير بن مُطْعِم أنه أضل ناقته في الحج قبل أن يُسْلِم فرأى النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- وقف مع الناس بعرفة واستغرب كيف يقف بعرفة ويخرج من الحرم وهو من أهل الحرم الذين يسمونه الحُمْس وهذا في الصحيح وأما في حجة الوداع فجبير بن مطعم مسلم ما يمكن أن يستغرب مثل هذا فدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قبل فرض الحج والله المستعان "باب فرض الحج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما»" رمضان إلى رمضان والصلوات الخمس الجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة كلها كفارات لما بينها والمكفَّر بهذه العبادات عند جماهير أهل العلم  إنما هو الصغائر دون الكبائر فالكبائر لا بد لها من توبة {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ} [سورة النساء:31] والعمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان إلى آخره كفارة لما بينها «إذا اجتنبت الكبائر» وفي رواية «ما لم تغش كبيرة» فهذه النصوص صريحة في أن الكبائر لا تكفَّر بمثل هذه الأعمال العظيمة وبعضهم يرى أن التكفير يشمل الكبائر لإطلاق بعض النصوص لكن مادام القيد جاء في نصوص أخرى فلا بد من اعتباره لاسيما مع الاتحاد في الحكم والسبب هذه عمرة وتلك عمرة جاء النص مطلق وجاء مقيدا يحمل المطلق على المقيد والمراد بهذه العبادات المكفِّرة هي التي يؤتى بها على الوجه المأمور به على الوجه الشرعي المكتمل للشروط والأركان والواجبات أما من جاء بهذه الأعمال على وجه يخالف الشرع فلا شك أن شرط القبول أن يكون العمل موافقا لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إضافة إلى شرط الإخلاص الأول فإذا حج أو اعتمر أو صلى الجمعة أو صلى الصلوات الخمس على وجوه مجزئة مسقطة للطلب لكنها ليست على الوجه التام الشرعي مثل هذه لا يُتصوَّر أنها تكفِّر ما بينها شيخ الإسلام رحمه الله يقول الذي يصلي وليس له من صلاته إلا عشرها هذه الصلاة إن كفَّرت نفسها فبها ونعمت يكفي أن تكفِّر نفسها وكثير من الناس يصلي ويخرج وليس له من الأجر شيء ليس له منها شيء إنما هي مجزئة ومسقطة للطلب بمعنى أنه لا يطالَب بإعادتها فعلى الإنسان أن يحرِص أن يتعلَّم العلم ليؤدِّي هذه العبادات على وجهها ويحرص بعد تعلمه العلم أن يؤدي هذه العبادات طبقا لما تعلمه مما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- الإنسان يدخل المسجد ويخرج كما دخل والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ويزاول من الفحشاء من الفواحش والمنكرات ما كان يزاوله قبل الصلاة هذه ما أثرت الأثر المرتب عليها مما يدل على الخلل الذي اشتملت عليه الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة:21] ومع ذلك يكون حاله بعد الصيام وقبله سواء وفي الحج قال {لِمَنِ اتَّقَى} [سورة البقرة:203] هذا قيد في رفع الإثم {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة:203] شريطة أن يتقي الله جل وعلا يرتفع عنه الإثم كما سيأتي في هذا الحديث وغيره يرتفع عنه الإثم إذا اتقى الله جل وعلا «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» بهذا القيد وإلا يرجع بذنوبه إذا لم يتق الله جل وعلا ويعود إلى الفواحش والمنكرات بعد الصلاة لأنه صلاها على وجه مخالف لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والصيام كذلك تجده يصوم النهار وقد يزاول بعض المحرمات وهو صائم وإذا أفطر بالليل فحدث عاد عن حاله ولا حرج فإذا هو يعود إلى ما كان عليه مع الأسف أننا لا نجد أثر هذه العبادات في سلوك الناس كثير من الناس وإلا فالأمة فيها خير يعني تجد الإنسان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فإذا أعلن خروج الشهر ودخول شهر شوال يخرج من المعتكف قبل صلاة العشاء وإذا كانت عادته قبل الاعتكاف أن يفوته شيء من الصلاة تجده تفوته صلاة العشاء أو يفوته شيء منها فهل هذا الاعتكاف أثَّر في هذا المعتكف يعني ليست المسألة مسألة تيئيس ولا تقنيط لكن حكاية واقع إلى الله المشتكى وعليه التكلان وبه المستعان المسألة مسألة واقع الإنسان يحس هذا من نفسه يخرج من المعتكف بعد صلاة المغرب إذا أعلن الشهر يلهو كعادته قبل الاعتكاف مع أهله ثم إذا انتبه إذا بالصلاة تقام يفوته ركعة أو ركعتين على ما كان تعوَّده قبل الاعتكاف بل قبل رمضان دليل على أي شيء هذا دليل على الخلل في العبادة الله جل وعلا كتب علينا الصيام كما كتبه على الذين من قبلنا لماذا؟ {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة:21] وكثير من المسلمين يصوم ولا يفرط في الصيام ومع ذلك التقوى يعتريها ما يخل بها من فعل لمحرم أو ترك لواجب فعلى الإنسان أن يهتم لهذا الأمر ويؤدي العبادات على ضوء ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- «صلوا كما رأيتموني أصلي» خذوا عني مناسككم فتجد الإنسان الحج لاسيما في هذه السنوات مع توفر أسباب الراحة ما يقول الإنسان الحمد لله توفرت أسباب الراحة وأستطيع أن أحج كما حج النبي -عليه الصلاة والسلام- لا، يريد مزيد من الراحة والتساهل لا نهاية له لا ينتهي حتى أنه وجد من وقف بعرفة ونزل إلى البيت وطاف وسعى ومشى إلى بلده ثم يقول كم علَي من هدي خذ أربعة خمسة ألفين ثلاثة آلاف خذ ونمشي هل هذا حج على الوجه الشرعي ما يقول الحمد لله تيسرت الأسباب وبإمكاني أن أحج حجة كاملة في أربعة أيام بدال من أشهر وسنين ابن جبير في رحلته إلى الحج سنتين وثلاثة أشهر حنا الطريق يمكن أن يقطع في ساعة سنتين وثلاثة أشهر وفي رجوعه إلى بلده الأندلس ركب من سواحل الشام ومع الرياح ومع اضطراب البحر وصل بعد ستة أشهر ما وصل جاءت ريح معاكسة فردته إلى البداية ونحن نستكثر أن يركب الإنسان سيارته في ساعات ويقطع هذه المسافات ويصل في وقت قياسي على ما يقولون ويقف ويطوف ويسعى ثم يستثقل المبيت يستثقل الرمي بعضهم يوكِّل من غير علة وبعضهم يتتبع رخص باسم التيسير والتسهيل نعم الدين دين يسر الدين «إن الدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه» لكنه دين تكاليف واجبات ومحرمات وحفة الجنة بالمكاره هذا لا يعني هذا نعم ليس علينا آصار ولا أغلال مما كان على الأمم السابقة ولذا جاء ديننا يسر وما اختار النبي -عليه الصلاة والسلام- وما خيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما هذا لا إشكال فيه لكن لا يعني هذا أن نتنصل عن الواجبات أو نرتكب المحظورات بهذه الذريعة أبدا تجد بعض الناس يسكن إما في جدة أو في الطائف وينزل ويؤدي أقل قدر من الواجب ويرجع أو يسكن في سكن مريح في شقة أو في فندق يا إخوان مسألة الإتيان بالواجبات بالأركان بالواجبات هذه ما عليها مساومة لكن أيضا كيف يحج كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحج ويقول «خذوا عني مناسككم» كيف يتم الاقتداء التام بالنبي -عليه الصلاة والسلام- مع هذا التساهل الشديد نعم الله جل وعلا غني عن تعذيب الإنسان نفسه ما يقال حج واقف لا تجلس أو في الشمس لا تستظل يعني قدر زائد على ما جاء به الشرع أبدا هذا تنطع ولا يجوز وتعذيب النفس والمشقة لذاتها ليست مطلوبة شرعا يعني على خلاف بين أهل العلم في تفضيل حج الراكب على الماشي أو العكس ليس المقصود منه أن المشي فيه من المشقة أعظم من الركوب وإنما عمدة من قال بذلك تقديم المشاة على الركبان {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [سورة الحـج:27] يعني قدم المشاة على الركبان فدل على أن المشي أفضل هذه حجة من يقول لا لأنه الإنسان يعذّب نفسه يمشي أشهر من أجل أن يكون أجره على قدر نصبه نعم إذا جاءت المشقة تابعة للعبادة أُجر عليها الإنسان أما إذا كانت قدر زائد على العبادة فإنه لا يؤجر عليها لأنها ليست مطلوبة لذاتها يعني إنسان له طريقان إلى المسجد طريق بعيد وطريق قريب يقول أسلك البعيد من أجل تكثير الخطى؟ نقول لا، المشقة ليست مقصودة لذاتها «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» دليل على فضل العمرة وعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- والحديث فيه دليل على تكرار العمرة والإكثار منها وأنه لا حد لها في الشرع ولم يأتِ تحديد وإن قال بعضهم أنه لا يشرع تكرارها في السنة أكثر من مرة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعتمر في سنة مرتين وبعضهم يقول في كل شهر ولا يقوم دليل على التحديد والعمرة باب من أبواب الخير فليستكثر الإنسان منها وهي كفارة لما بين عمرتين وعائشة رضي الله عنها اعتمرت مع حجها لأنها حجت قارنة واعتمرت بعد فراغها من أعمال الحج أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم هذا بالنسبة للداخل هذا لا إشكال فيه الداخل إلى مكة هذا يعتمر كلما دخل وبعضهم يقول القول المعتبر عند كثير من أهل العلم أنه لا يجوز الدخول بغير إحرام المسألة خلافية سيأتي بيانها هذه المسألة في حديث المواقيت وفيه ممن أراد الحج أو العمرة على ما سيأتي في بيان هذه المسألة إن شاء الله تعالى فلا حد إذا دخل اليوم ودخل بعد أسبوع ودخل بعد أسبوع ثاني وهكذا يعتمر وما المانع والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما المسألة في خروج المكي أو من في حكمه ممن كان في مكة إلى الحل والإتيان بعمرة هذه يرى أهل العلم جمع من أهل العلم أنها غير مشروعة لأنه لم يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا أحد من أصحابه إلا ما يُذكَر في خبر عائشة رضي الله عنها وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أخاها أن يعمرها من التنعيم ويكفي هذا الحديث أصل لهذه المسألة فلا مانع من أن يخرج من مكة إلى الحل ويأتي بعمرة تبقى المسألة مسألة مفاضلة بين عبادات لو جاء شخص يقول أنا عندي فراغ ساعتين أنام والا أخرج واعتمر؟ نقول تخرج تعتمر لكن لو قال أطوف أو أصلي أو أقرأ القرآن وأستغل الوقت وقت الذهاب والإياب بعبادة قلنا لا، لا تخرج فالمسألة مسألة مفاضلة بين عبادات نعم لا تضيِّع وقت أكثر في عبادة مفضولة «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» الحج شأنه عظيم الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» نعم الحج المبرور لا يخالطه إثم ومنهم من يقول علامة بر الحج أن تكون الحال بعده أفضل من حال الحاج قبله يتغير حاله إلى أفضل هذا دليل على أن الحج مبرور وأنه ترتبت عليه آثاره هذه علامة من علامات القبول والله جل وعلا إنما يتقبل من المتقين فدل على أن هذا الشخص بر في حجه واتقى الله في حجه فترتبت عليه آثاره وجاء في حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سُئل ما بِرُّ الحج يعني ما معنى الحج المبرور؟ قال «إطعام الطعام وطيب الكلام وإفشاء السلام» يقول ابن حجر الحديث متكلم فيه ضعيف يقول لو صح يعني لو صح هذا الحديث لتعيَّن تفسير الحديث به الحج المبرور لأنه تفسير نبوي لتعيَّن التفسير به فيقال الحج المبرور الذي يوجَد فيه هذه الأشياء إطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام إلى آخره يقول يتعين هذا تفسير يعني لو صح الخبر قلنا هذا التفسير تفسير للعام ببعض أفراده تفسير للعام ببعض أفراده هل هذا يقتضي تخصيص؟ لا يقتضي تخصيص هذا من بر الحج وليس هو بر الحج دون غيره {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [سورة الأنفال:60] جاء في الحديث الصحيح «ألا إن القوة الرمي» تفسير نبوي للآية لكن هل يقتضي هذا التخصيص؟ ما فيه قوة إلى الرمي؟ لا، هذا تفسير للعام ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص إنما يقتضي الاهتمام بشأن هذا الخاص والعناية به يعني نعتني بالرمي نعتني بإطعام الطعام نعتني بكذا مما جاء التنصيص عليه ويبقى العام متناول لبقة الأفراد أفراده «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» ثواب عظيم إذا حصلت له الجنة حصلت له السعادة التامة الكاملة التي لا شقاء بعدها قد يقول قائل أنا أستطيع أن أحج حجا مبرورا وأحج ولا أرفث ولا أفسق لأن المسألة أربعة أيام لكن هل بالفعل كل شخص يستطيع؟ الذي لم يتعرَّف على الله في الرخاء على مدى السنة كاملة يرفث ويفسق هل يستطيع أن يملك نفسه عن الرفث والفسوق في الأربعة أيام؟ لا يستطيع الواقع يشهد بذلك ومن تعرف على الله في الرخاء تعرف الله عليه في الشدة يقول أربعة أيام لو الإنسان يغلق على نفسه باب بحيث لا يتكلم مع أحد ولا يقصد أقول لا يستطيع سنة إلهية طول السنة ترسل لسانك في أعراض الناس وتقول أحفظ نفسي في الأربعة أيام لا تستطيع ولا تعان على ذلك تزاول المنكرات تزاول المنكرات ومع ذلك تقول في أربعة أيام أنا أكف نفسي لا تعان على ذلك إلا بتوبة نصوح توفيق المسألة مبنية سنن إلهية بعضها مبني على بعض «تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة» لكن في الرخاء في طول الأيام أنت مرسِل لسانك ومرسل سمعك وبصرك في المحرم ثم تقول أغض بصري عن المحرم في هذه.. ما تعان نعم إن أحدثت توبة نصوحا بشروطها نعم تعان على ذلك لأنك غيرت أما مع عدم التوبة وتنوي الرجوع إلى هذه الذنوب وتعزم على الإقناع عنها وعدم العود إليها فإنك لا تعان في هذه الأيام سنة إلهية {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [سورة الأحزاب:62] فعلى الإنسان أن يحفظ نفسه في أيام الرخاء ليعان في أيام الشدة يعني هل تتصورون يا إخوان أنه سمع في التهجد في الليالي التي يرجى فيها ليلة القدر من يضحك بدل من أن يبكي؟! لأنه حالته في طول الأيام تنكيت وضحك ثم تأتيه الواردات والخاطرات في هذا المقام الذي هو أحوج ما يكون إليه فيه إلى قلبه يعني مسألة التنصُّل من هذه الخواطر بالنسبة لكثير من الناس يعني أمر شبه مستحيل إلا إذا جاهد نفسه في السعي لإزالتها وإحلال الخواطر الإيمانية مكانها لا يكفي أن تزول هذه الخواطر فقط بل لا بد أن يحل محلها خواطر إيمانية استشعار لعظمة الرب جل وعلا ليتمكن الإنسان من اللجوء إليه والانطراح بين يديه الإنسان يدخل الصلاة ويخرج منها وهو يخطط لمشاريع بعضها مباح وبعضها مكروه وقد يتعدى بعضهم إلى التخطيط لمحرم يعني كل إنسان مرت به هذه الأمور تجده ساجد بدلا من أن يدعو ويلتجئ إلى الله جل وعلا تجده يفكر في أمور هو ليس بحاجة إليها والله المستعان فعلى الإنسان أن يجرد قلبه من هذه الخواطر لأنها أعظم ما يقطع الطريق طريق السير إلى الله جل وعلا وهناك وسائل ذكرها ابن القيم وغيره للتنصُّل من هذه الخواطر وتفريغ القلب منها وإحلال الخواطر الإيمانية الإنسان كيف يقوي إيمانه ابن القيم رحمه الله أشار في الجواب الكافي وفي طريق الهجرتين وفي غيرهما من كتبه إلى علاج هذه الأمراض القلوب التي هي أشد من أمراض الأبدان ويقرر أهل العلم أن مسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان نسأل الله السلامة والعافية تجد الإنسان بين الناس ما أعقله ما أحلمه وهو ممسوخ القلب نسأل الله السلامة والعافية يشارك الناس في عباداتهم في بدنه لكن القلب خالي من الحب والخوف والرجاء والتعظيم لله جل وعلا «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» ما أعظم الجزاء ما أيسر العمل وأعظم الجزاء ما أوسع الحلم والكرم والجود من الله جل وعلا الذي يعطي هذه هذا الجزاء العظيم على هذا العمل اليسر «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» "متفق عليه" قال رحمه الله "وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟" في بعض الروايات نرى الجهاد أفضل الأعمال...خلال ما جاء فيه من نصوص الكتاب والسنة نرى الجهاد أفضل الأعمال وهو ذروة سنام الإسلام وما ضُربت الذلة والمسكنة وتطاول الأعداء على خير أمة أخرجت للناس إلا بسبب ترك الجهاد والركون إلى الدنيا "قلت يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟" تريد أن تدخل في هذا العمل العظيم الذي هو أفضل الأعمال أو من أفضل الأعمال قال «نعم نعم عليهن جهاد» لكن ما نوع هذا الجهاد؟ «جهاد لا قتال فيه» لأن المرأة لا يناسبها الجهاد الذي فيه القتل والجهاد والكر والفر لا يناسبها إنما هو مناسب للرجال فعلى المرأة فللمرأة أو على النساء جهاد لكن لا قتال فيه لا يتضمن شيئا يتنافى مع الفطرة التي فطر النساء عليها وعلى الجبلة التي خلق النساء عليها «الحج والعمرة» لا يلزم منه ما ينافي ما جبلت عليه المرأة الرجل مجبول على الشدة والقوة والغلظة والمرأة بخلاف ذلك لكن لو خرجت المرأة مع المجاهدين تمرِّض المرضى وتداوي الجرحى مع عدم ارتكاب محظور لأن بعض المفتونين يستدل بمثل هذه النصوص على أنه لا مانع من أن تعمل المرأة ممرضة وتعمل ما شاءت وتطلع على ما شاءت تداوي الرجال وتطَّلِع على عورات الرجال والعكس هذه محظورات والتساهل في مثل هذه الأمور أوصل المجتمعات بل كثير من المجتمعات الإسلامية وصلت إلى أمور ما تخطر على بال عاقل كله بسبب التساهل في هذه الأمور المرأة عليها جهاد لكن جهاد يخالف ما جبلت عليه وفطرت عليه؟ لا، «جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» فإذا حجت المرأة كانت بمثابة المجاهد في سبيل الله وجاء بيان أن الحج في سبيل الله في بعض النصوص ولذا قال بعضهم يجوز صرف الزكاة لمن أراد الحج لأن في سبيل الله من مصارف الزكاة وجاء ما يدل على أن الحج في سبيل الله وعامة أهل العلم على أن المصرِف في سبيل الله خاص بالجهاد وبعضهم يتوسَّع في مفهوم سبيل الله فيجعله شاملا للحج وغير الحج من العلم والتعليم والدعوة وما أشبه ذلك ولا شك أن هذا توسع خلاف ما عليه عامة أهل العلم يعني تجد الإنسان الدعوة تجري في عروقه وهذا مما يُحمَد عليه ويُمدَح عليه فيقرر أن جميع أبواب الخير في سبيل الله التي على رأسها الدعوة إلى هذا الدين نقول هذا قول لكن عامة أهل العلم على خلافه وأن في سبيل الله خاص بالجهاد فإذا أراد الإنسان الحج وهو لا يستطيع نقول ما يجب عليك حج ما يعطى زكاة نعم يتصدق عليه من باب دعوته وتأليف قلبه وإفادته وإعانته على إسقاط فرضه ولعله يحج مع يحج ويستفيد ممن حج معه كما هو موجود في كثير من الحملات يصطحبون معهم من ينفع ويفيد الحجاج في التعليم والدعوة نقول لعل هذا الشاب يُعطى صدقة أو يعان على حجه من أجل أن يسقط الفرض عن نفسه ويستفيد مع الناس والله المستعان أما أن يعطى من الزكاة فلا واختار بعض المحققين لاسيما من الشيوخ المعاصرين أنه لا مانع أن يعطى من الزكاة لدخوله في سبيل الله «عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» على هنا من صيغ الوجوب من صيغ الوجوب عليك أن تفعل كذا يعني يجب عليك أن تفعل كذا {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} [سورة آل عمران:97] يعني يجب لله على الناس ولا شك أنها إذا كانت حجة الإسلام فالمسألة واضحة أنه عليهن على سبيل الوجوب وأما إذا كان قدرا زائدا على حجة الإسلام فالثانية نفل بالاتفاق إلا إذا نُذرت أو دخل فيها وأتموا الحج والعمرة لله وما عدا ذلك فالحج نفل وليس بواجب الثاني وما يليه قال "رواه أحمد وابن ماجه وهذا لفظه ورواته ثقات" على كل حال الحديث صحيح قال رحمه الله "وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا، وأن تعتمر خير لك وأن تعتمر خير لك» رواه الإمام أحمد وضعفه" نعم هو مضعَّف لأن في إسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف "والترمذي وصححه" واستُنكر على الترمذي تصحيح الحديث مع أن في إسناده الحجاج "وقد روي موقوفا وهو أصح" يعني موقوف من قول جابر فتوى من جابر سئل عن العمرة أواجبة هي؟ فقال ليست واجبة وأن تعتمر خير لك لئلا يُظَن أنها إذا لم تكن واجبة أنها تكون مباحة مستوية الطرفين أو محظورة لا، بيَّن في آخر الخبر أن العمرة فعلها راجح على تركها فهي في حيِّز المندوب لا واجبة وليست مباحة مجرد إباحة بل هي مستحبة والحديث لا يصح مرفوعا وصححه بعضهم موقوفا وبعضهم لم يثبته ولا موقوف لأنه معارَض بحديث آخر سئل أيضًا جابر عن الحج والعمرة فقال فقال بوجوبها يعني معارَض بفتوى أخرى من جابر قال رحمه الله "وعن ابن عباس رضي الله عنهما" على كل حال العمرة يختلف فيها أهل العلم في حكمها فمنهم من قال إنها ليست واجبة ولا يوجَد دليل صحيح صريح على وجوبها والأصل براءة الذمة والنبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر وحث على العمرة فدل على أنه مستحب ولا ينهض ذلك للوجوب ومن أهل العلم من يرى أنها واجبة ويأثم بتركها ووجوبها ليس كوجوب الحج لا يعني أننا إذا قلنا إنها واجبة إنها ركن مثل الحج لا، يعني مثل ما يقال في غسل الجمعة عند من يقول به يأثم بتركه لكن صلاته صحيحة ومثل من يقول بوجوب ستر المنكِب «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» نعم يأثم إذا كشف المنكِب في الصلاة لكن لا يعني أن صلاته باطلة كما لو صلى مكشوف العورة يجب الستر ويأثم بتركه لكنه ليس بشرط والعمرة واجبة على هذا القول لكن ليست كوجوب الحج وصلاة العيد واجبة عند من يقول بها وليست كالصلوات المفروضة الصلوات الخمس وقل مثل هذا في الوتر وصلاة الكسوف عند من يقول بوجوبهما يعني وإن كانت واجبة يأثم بتركها لكنها لا تقارَن بفرائض الله المجمع عليها العمرة واجبة عند جمع من أهل العلم واستدلوا بقوله جل وعلا {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة:196] وأتموا مع أن الاستدلال لا يتم بالآية لأن المطلوب الإتمام المطلوب الإتمام وهو بالنسبة لمن دخل في النسك من حج أو عمرة يجب عليه أن يتم الحج والعمرة أما من لم يدخل في واجب من لم يدخل في مندوب فإنه لا يلزمه الحجة الثانية سنة هل نقول إنها واجبة بدليل {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة:196] لم يدخل فيها إذا دخل فيها لزمه إتمامها العمرة إذا دخل فيها لزمه إتمامها فلا يتم الاستدلال بالآية سألت امرأة النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- وقالت إنها أمها ماتت في بعض الروايات رجل يسأل عن أمه وفي بعض الروايات امرأة تسأل عن أبيها أفأحج عنه أو عنها فقال «حج عن أبيك واعتمر حج عن أبيك واعتمر» وهذا أقوى ما يستدل به على وجوب العمرة أقوى ما يستدل به على وجوب العمرة فالمتجه أن العمرة واجبة يأثم بتركها لكن ليس كإثمه في ترك الحج "وعن ابن عباس رضي الله عنهما" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لَقِيَ ركْبًا بالروحاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لَقِيَ ركْبًا بالروحاء" كأن ابن عباس يروي الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يحكي قصة شهدها إنما يروي الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حدَّثه أنه لقي ركبا بالروحاء وهذا ظاهر من السياق لكن لو قال عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركبا بالروحاء ننظر هل شهد النبي ابن عباس الواقعة أو لم يشهدها فإن كان شهدها فالقصة متصلة وإن لم يشهدها صارت القصة مرسلة وهي من مراسيل الصحابة فهي مقبولة على جميع الاحتمالات على جميع الاحتمالات والحديث مخرَّج في مسلم وإن كان جمع من أهل العلم يرون أن ابن عباس لم يسمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا القليل حتى قال بعضهم  أنه لم يسمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أربعة أحاديث وبقية الأحاديث التي يرويها عنه إنما هي بالواسطة ولكن هذا القول مردود ابن حجر رحمه الله يقول جمعتُ ما سمعه ابن عباس من النبي -عليه الصلاة والسلام- بغير واسطة فبلغتْ نحوًا من الأربعين مما صح أو حسن إسناده ومع ذلك الأربعون قليلة بالنسبة لمرويات ابن عباس لأن ابن عباس صغير في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-  مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يحتلم ابن عباس على كل حال سواء كانت الرواية بواسطة أو بغير واسطة فأقل ما يقال أنها من مراسيل الصحابة وهي مقبولة بالاتفاق بعضهم نقل الإجماع على ذلك وإن كان أبو إسحاق الإسفراييني له رأي في المسألة وأن مراسيل الصحابة كمراسيل غيرهم لكن قوله مردود.

أما الذي أرسله الصحابي

 

فحكمه الوصل على الصواب

"أنه لقي ركبا" ركْب جمع راكب مثل صحب جمع صاحب والمراد بهم الركْبان على الدواب والغالب أنها الإبل وقد تُركَب الحُمُر والخيل لكن غالب ما كان يركَب في عهده -عليه الصلاة والسلام- وقد ركب النبي -عليه الصلاة والسلام- الخيل وركب الإبل وهذا هو الكثير الغالب وركب أيضا الحمار -عليه الصلاة والسلام- "بالروحاء بالروحاء" موقع بين مكة والمدينة ويكتفون بمثل هذا كتب المتقدمين ليس فيها تحديد دقيق في المواضع لأن هذه الأماكن مطردة في طريق الناس إذا قيل بين كذا وكذا معناه أنه من يخرج من المدينة إلى مكة لا بد أن يمر بهذا المكان قد يقولون موضع بين مكة والبصرة كم من طريق من مكة إلى البصرة الآن لكن طريق الحج واحد فيكتفون بمثل هذا وإذا قيل موضع بين مكة والمدينة كم أربعمائة كيلو يمكن الإنسان يسير يمنة أو يسرة فما يمر بهذا الطريق لكن الطرق كانت لا تتغير في السابق وهذا بما ييسر على الناس مسألة الأمن وأيضا عدم الضلال عن الطريق لأنه لو كل إنسان له طريقه يمكن يموت كثير من الناس يضل الطريق ويموت عطشا لكن هم طرقهم واحدة ومسائلهم واحدة من أجل تلافي هذه الأخطار "لقي ركبا بالروحاء فقال «مَن القوم؟ مَن القوم؟» قالوا المسلمون «مَن القوم؟» قالوا المسلمون" لأنهم والذي يظهر أنهم ليسوا من قبيلة واحدة والإسلام يجمع الجميع الإسلام يجمع الجميع ولو كانوا من قبائل شتى فالإسلام يجمعهم "المسلمون فقالوا من أنت؟" كأنهم ما رأوه قبل ذلك أو في وقت من ليل بحيث لم يتبينوا صورته -عليه الصلاة والسلام- فسألوا عنه قال «رسول الله» -صلى الله عليه وسلم- قال «رسول الله» -صلى الله عليه وسلم- قال «رسول الله» هذا الجواب والصلاة والسلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يظهر أنها ممن دونه فعلى الإنسان إذا سمع به -عليه الصلاة والسلام- بذكره فإنه يصلي ويسلم عليه امتثالا لقول الله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة الأحزاب:56] والبخيل من ذكر عنده النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يصلِّ عليه ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو كان يقرأ من كتاب لم تذكر فيه الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- إما أن يصلي في نفسه أو يتصرَّف تصرُّف يفهم منه أن الكتاب خالي من الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وبعضهم يطبق الكتاب ويقول صلى الله عليه وسلم وبعضهم يلتفت يمينا وشمالا عن النظر في الكتاب لئلا يقرأ شيئا لا يوجد في الأصل مع أن هذه الأمور من الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- والترضي عن الصحابة لا يلزم التقيد فيها بما كتب لأنها ليست من باب الرواية وإنما هي من باب الدعاء لو كانت من باب الرواية قلنا يتقيد به لا يجوز أن تزيد على المروي لكنها من باب الدعاء وليست من باب الرواية فتصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سمعت ذكره حاشا ما كان في القرآن فإذا مر ذكره -عليه الصلاة والسلام- {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [سورة الفتح:29] ما تقول محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا، هذا غير أما ما كان في غير القرآن فإنك تصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- كلما سمعت ولو سمعت قارئا يقول {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} [سورة الفتح:29] فصليت على النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا تصلي عليه في درج القراءة لئلا تزيد في كتاب الله ما ليس منه "فرفعت امرأة إليه امرأة صبيا" يرفع يعني صغير في المهد أو يرفع بين اليدين "فقالت ألهذا حج؟" يعني صبي ما بلغ سن التكليف لم يكلَّف بحج "ألهذا حج؟ قال «نعم»" حجه صحيح وإذا صلى وهو مميز صلاته صحيحة والحديث يشمل المميز وغير المميز هنا ولو كان في المهد دون التمييز له حج يعني هل له أجر أجر الحاج مقتضى الحديث نعم له حج مثل غيره كالكبار «ولكِ أجر» لأنكِ السبب في وجود هذا العمل المشروع فالمتسبب له الأجر والدال على الخير كفاعله هذا الصبي له حج لكنه لا يجزئ عن حجة الإسلام إجماعا وسيأتي أن من حج قبل البلوغ ثم بلغ فعليه أن يحج حجة أخرى وهذا محل اتفاق أن الصبي لا يجزئ حجه قبل التكليف عن حجة الإسلام بل يلزمه إذا كلِّف أن يحج حجة الإسلام قال «نعم، ولك أجر» يعني بسبب هذا العمل المشروع أن مكنتِ هذا الطفل وهذا الصبي من هذا العمل الذي يكتب له على خلاف بين أهل العلم في غير المكلَّف كونه يكتب عليه هذا محل اتفاق لا يكتب عليه شيء مرفوع عنه القلم لكن هل يكتب له ما يعمله من أعمال صالحة من أهل العلم من يرى ذلك إذ كيف يؤمر بالصلاة ويضرب عليها ولا شيء له ومنهم من يقول أنه يؤمر بها ويؤمر بالصيام ويؤمر بالعبادات ويؤمر ويزجر عن المحرمات من باب التمرين والتأديب والقلم لا يجري عليه في كتابة الحسنات أو السيئات إلا إذا كلف قوله ألهذا حج قال نعم يدل على أنه يستفيد من هذا الحج وهو من أدلة من يقول أن الصبي قبل التكليف يكتب له ما يعمله من حسنات وفضل الله واسع لا يُحَدّ يكتب له ذلك وإن كانت السيئات لا تكتب عليه «نعم، ولك أجر» جرت عادة بعض الناس أنه يحج بالأطفال يحج بالأسرة كاملة ومعه خمسة ستة من الأطفال فإذا وصل إلى الميقات قال لبيك عمرة عن فلان عن هذا الطفل إذا كان لا يستطيع أن يلبي لفلان يجعل عمرة هذا الطفل لأبيه أو لأمه أو لجده نقول هذا طفل ما يستفيد وله حج لماذا نضيع هذه الفرصة وتجد هؤلاء الخمسة أو الستة من الأطفال كل واحد عمرته أو حجته لفلان أو فلان نعم الحج يقبل النيابة الحج يقبل النيابة وللإنسان أن يحج عن أبيه ويعتمر عن أبيه وعن أمه وعمن شاء لأن الحج والعمرة تقبل النيابة فمثل هذا الصنيع إذا قال هذا طفل عمره ثلاث سنوات وهذا أربع سنوات وهذا خمس وهذا عشر هذا حجته لأبي وهذا لأمي وهذا لأم والدته وهذا لوالد والدته وهكذا يوزع هذه الحجات أو هذه العمر على أحبابه يسوغ هذا والا ما يسوغ؟ ومن الذي يملك صرف هذه العبادة لغيره؟ نعم هي تقبل النيابة المكلَّف يصرف حجته أو عمرته النفل لمن شاء ما فيه أحد يمنعه «حج عن أبيك واعتمر» لكن مثل هذا الصبي هل يملك أحد هذا الذي أحرم عنه وأدخله في النسك يملك أن يصرف هذه العمرة أو هذا الحج عن هذا الصبي إلى من يحب؟ ما فيه ما يدل على ذلك ما فيه ما يدل على ذلك وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع إذا كان فيه نص بها ونعمت وإلا فالأصل أن الحج لهذا الصبي وليس لغيره.

طالب: .........

ما الذي فيه؟

طالب: .........

لكنه على كل حال نفل لا تجزيه ولا عن نفسه.

طالب: .........

يعني تريد أن تقرر أنه لا يصرف لأنه لم يحج عن نفسه كالكبير نعم له وجه لكن يبقى أنه نفل كالحجة الثانية والثالثة والعاشرة بالنسبة للكبير.

طالب: .........

رفض الإحرام يعني صبي لما وصل إلى الحرم أو إلى الأماكن المزدحمة رأى والده أن عليه خطر من إتمام الحج فغيَّر ملابسه ملابس الإحرام إلى الملابس المعتادة مع نية أنه رفض إحرامه وأخرجه من النسك عامة أهل العلم على أن الإحرام لا يمكن رفضه لا يمكن رفضه تلبس به لا بد من إتمامه سواء كان كبيرا أو صغيرا لا يرفض الإحرام {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة:196] دخل فيه بطوعه واختياره لا يخرج إلا بعد إتمامه هذا قول عامة أهل العلم ومسائل الفوات والإحصار والاشتراط مسائل يأتي التنبيه عليها في مكانها إن شاء الله تعالى وإلا في وقت المعتاد مع التمكن من الفعل لا بد من الفعل لا بد من إتمامه منهم من يقول أن هذا الطفل غير مكلَّف هذا الطفل غير مكلف لا نلزمه بغشيان هذه الأماكن الخطرة نعم إذا خيف عليه بالنسبة للواجبات يناب عنه فيها وبالنسبة للطواف يطاف به يحمل والسعي كذلك والوقوف ليس فيه خطر على أحد المقصود أنه يمكن أن يتم الحج وفي عهده -عليه الصلاة والسلام- سألت هذه المرأة ألهذا حج؟ قال «نعم» ما قال عليه خطر لا تدخليه ولا تقحميه في أمر لا يطيقه أو إذا خفتِ عليه فحلليه وأخرجيه من النسك لا، يشمله ما يشمل غيره من قوله جل وعلا {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة:196] ولا شك أن الذي يحرم عنه هو وليه أو الوصي عليه ويلتزم بما يلتزم به الكبار من المحظورات على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

طالب: .........

أي نيابة؟

طالب: .........

إيه بس ما.. هو تصرف في حجة نفل ما تصرف في حجة فرض له مجموعة من الأحباب والده والدته أخوه والد أمه والدة أمه يقول هذا طفل ما يستفيد من هذه الحجة ما يستفيد لا يكتب له حسنات ولا يكتب عليه سيئات تروح هذه الحجة هدر؟! لماذا مثل ما أحج أنا والثاني والثالث نفل وأقول حجة عن أبي وحجة عن أمي نقول هذا الطفل لا يملك أحد أن يصرف هذه الحجة عنه إلى غيره لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت أن له حجا فلا يملك أحد المكلَّف نعم يملك أن يهدي أو يحج عن فلان وفلان ويهدي ثواب العمل الفلاني إلى فلان أو فلان لأنه مكلَّف "رواه مسلم" قال رحمه الله "وعنه رضي الله تعالى عنه قال كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم"- كان الفضل بن العباس بن عم النبي -عليه الصلاة والسلام- أكبر أولاده وبه يُكنى العباس بأبي الفضل لأنه أكبر أولاده رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني ركب خلفه على الدابة على الدابة وهي الناقة التي حج عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- أردف الفضل وأردف أسامة وأردف غيرهما من الصحابة على كل حال أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- نحوا من ثلاثين جاء جاءت بهم النصوص لابن منده تصنيف في أرداف النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث أوصلهم إلى الثلاثين كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا من تواضعه -عليه الصلاة والسلام- يركب كما يركب الناس ويردف كما يردف الناس وركب الحمار وردفه معاذ بن جبل على الحمار ولا يأنف ولا يستنكف أن يركب معه أحد كحال كثير من أهل الكبر والغرور يعني يأنف أن أن يركب معه أحد مع أن المكان يستوعب لئلا يظن أن فلان في مصافّه وأنه مساوٍ له بل يركب وحده والنبي -عليه الصلاة والسلام- يردف وأردف على حمار -عليه الصلاة والسلام- كنت رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا بيان تواضع النبي -عليه الصلاة والسلام- وما جبل عليه من حسن الخلق وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك بهذا الشرط إذا كانت تطيق ذلك تأتي بدابة نِضْوَة هزيلة وتردف عليها؟! وقد يكون الوزن زائد عند بعضهم هذا لا تطيق ذلك إذا أردفت اثنين كل واحد منهما يزيد على المائة الدابة لا تطيق في الغالب ذلك فلا بد من مراعاتها بهذا القيد جواز الإرداف إذا كانت الدابة تطيق ذلك أما إذا كانت لا تطيق فهذا من تعذيبها والتعذيب محرَّم بعض الناس يقول إذا كان هذا في الدابة التي تحس وتتألم ولا يجوز تعذيبها فما الشأن في هذه الآلات التي لا تحس ويكتب حمولتها خمس طن مثلا لماذا لا أحمل عليها ستة سبعة ويوجد موازين للسيارات على الطرقات يقول هذه سيارات لا تحس افترض أني زدت عليها ما المانع إذا كانت الدابة تتألم هذه لا تتألم زدت الحمولة على سياراتي ما الذي يمنعني من ذلك نقول تمنع من ذلك للضرر اللازم والمتعدي الضرر اللازم أنت تسعى لإتلاف هذه الآلة وتضيع المال الذي صرفته في هذه الآلة تتسبب في إتلافها لأنك حملتها أكثر مما تطيق وإن كانت لا تحس لكن في هذا إتلاف للمال وأيضا إتلاف للطرقات الطرقات التي يُتعَب عليها وتنفق فيها الأموال تتلف من زيادة الحمولة أنتم ترون في الطرقات أن الجهة اليمنى التي عليها السيارات الثقيلة المحملة تتأثر بسرعة أكثر من الجهة اليسرى التي عليها السيارات الصغيرة الخفيفة فمثل هذا يمنع أن يزيد في الحمولة لئلا يتلِف المال الخاص والعام ولئلا يعرض هذه السيارة للخلل في أثناء السير فيتعرض هو للخطر ويعرض غيره للخطر لأن أهل العلم إذا اشترطوا في الدابة أن تكون مطيقة لذلك قد يقول قائل السيارة ما تحس حديد شيل عليها ما شئت نقول لا، هذا فيه ضرر عليك وعلى مالك وعلى غيرك أيضا فتمنع من ذلك والمنع وجهه ظاهرة والمصلحة فيه ظاهرة جدا "كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم خثعم" قبيلة معروفة من قبائل العرب "فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه جعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه" والنظر إلى وجهه متسنِّي شابّ ينظر إلى شابة والعكس وهو مكشوف الوجه تنظر إلى وجهه لكن الفضل ينظر إليها إلى عموم جسمها والرجال كما يفتنهم المكشوف يفتنهم المستور إذا كان يُبِيْن عن شيء من الصفات المطلوبة لدا الرجال ولا يلزم من هذا أن تكون كاشفة الوجه نعم هي راكبة وقد يبدو شيئا من جسدها شيء من طرف اليد أو طرف الرجل أو ما أشبه ذلك ولذا جاء وصفها في بعض الروايات أنها كانت وضيئة وضيئة يعني بيضاء اللون ولا حجة في هذا لمن يقول بأن الوجه ليس بعورة أم الكف ليس بعورة أبدا لأن هذا نص مجمَل معارَض بنصوص محكمة في حديث الإفك تقول عائشة وكان يعرفني قبل الحجاب لو كانت كاشفة عن وجهها ما احتاجت أن تقول مثل هذا على كل حال مسألة الوجه وأنه عورة وأن هذا هو المرجح الذي جاءت الأدلة التي تدل عليه هناك نعم نصوص متشابهة محتمِلة لا تعارَض بها النصوص الصريحة المحكمة "فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه" والواجب في مثل هذه الحالة غض البصر من الطرفين امتثالا للأمر {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [سورة النــور:30] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ} [سورة النــور:31] فالطرفان مأموران بغض البصر وأنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الفضل بالفعل تركه النبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر إليها "وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر" إنكار بالفعل لأنه -عليه الصلاة والسلام- يقدر عليه «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده» غير النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا المنكر بيده فالنظر إلى المرأة الأجنبية حرام ونظر المرأة الأجنبية إلى الرجل الأجنبي حرام ويستوي في ذلك كل ما يثير الشهوة من النظر إلى حقائق الأجسام وإلى صور الأجسام وكم افتتن الناس بهذه الصور التي تعرض وتيسرت لعموم الناس صارت ميسورة ومبذولة كان الناس أو جل الناس معصومين من هذه الفتنة ثم انتشرت ودخلت في أعماق بيوت المسلمين وصار الإنسان الشاب والشابة مع توسع الناس في المساكن بإمكانه أن يغلق عليه غرفته ويرى ويشاهد ويصنع ما شاء ولذا انزلق كثير من الفتيان والفتيات في أمور غير محمودة كله بسبب التساهل من أولياء الأمور بهذه الأشياء نسأل الله العافية "وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا أدركت شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة" الراحلة وضعها يختلف عن وضع ما يُركَب الآن من الأماكن من المركوبات المريحة التي تغلق بالأبواب ولا خطر فيها إذا استُعملت على الوجه المطلوب لا خطر فيها بالإمكان أن يكون مثل هذا الرجل يثبت على السيارة لكن لا يثبت على راحلة الراحلة بعض الناس لا يثبت وإن لم تكن به علة بعض الناس ما يستطيع الثبات على الراحلة وإن لم تكن به علة خلقة هكذا ما يثبت مع الحركة يسقط وفي بعض الروايات تقول وإن شددته خفت عليه إن شددته خفت عليه نعم إذا ربطت على الراحلة مثل ما يربط العفش مثل ما يربط العفش تخاف عليه بلا شك يمينا أو شمالا يخنقه الحبل فيموت وهذا شيء لا يطلبه الشرع لأن فيه ضرر لا يقول بعض الناس أن حزام الأمان في السيارات مثل هذا نقول لا، حزام أمان فيه مجال وتتحرك وليس فيه خطر بحال من الأحوال فالتكليف به ليس مما لا يطاق أمر سهل وميسور لكن الإشكال فيما كان على الراحلة هل يكفي حزام الأمان على الراحلة؟ ما يصنع شيء تقول وإن شددته يعني ربطته خفت عليه نعم يخاف عليه "لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال «نعم»" يعني نعم حجي عنه "وذلك في حجة الوداع متفق عليه واللفظ للبخاري" فالذي لا يستطيع الحج بنفسه فإنه يُحَج عنه بماله إذا كان مستطيعا أن ينيب من يحج عنه أو يحج عنه وليه كما هنا هذه امرأة تحج عن أبيها ورجل يحج عن أمه وينوب الرجل عن المرأة والمرأة تنوب عن الرجل ولا إشكال في ذلك شريطة أن يكون النائب قد حج عن نفسه أما إذا لم يكن حج عن نفسه فإنه لا تصح نيابته عن غيره قال "وعنه رضي الله عنه أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم"- جهينة قبيلة من القبائل الكثيرة من قبائل العرب ومازالت موجودة بهذا الاسم "جاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت إن أمي نذرت أن تحج نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها" الآن نذرت حج وماذا عن حجة الإسلام هل أمها حجت حجة الإسلام أو لم تحج؟ يعني إذا وجد على الإنسان حجة الإسلام وحجة نذر أيهما أولى؟ حجة الإسلام بلا شك أولى لماذا لم تسأل عن حجة الإسلام هل نقول إن أمها حجت حجة الإسلام وبقيت الحجة المنذورة لأنها تقول إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها أو نقول احتمال أن يكون النص قبل فرض الحج من نذر أن يطيع الله فليطعه والحج موجود من العبادات الموروثة عن إبراهيم عليه السلام قبل فرضه وقد حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل فرض الحج ظاهر أم ما هو بظاهر.

لو كانت ما حجت حجة الإسلام وقد وجبت عليها حجة الإسلام لكان السؤال عن حجة الإسلام أولى إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت من نذر أن يطيع الله فليطعه "أفأحج عنها قال «نعم حجي عنها»" وتقدم في الصيام «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» وقلنا إن المختار في...

"