عدد الركعات في صلاة التراويح

السؤال
ما القول الفصل في عدد الركعات في صلاة التراويح، وهل أصلي إحدى عشرة ركعة فقط حتى في العشر الأواخر؟ أم أن الأمر فيه فسحة فأصلي ما أشاء؟
الجواب

عدد الركعات في صلاة التراوايح وفي صلاة الليل عمومًا في رمضان وفي غيره، جاء فيه حديث عائشة –رضي الله عنها-: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» [البخاري: 1147]، مع أنه ثبت عنه من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه «صلى ثلاث عشرة ركعة» [البخاري: 698]، وجاء في (المسند) ما يدل على خمس عشرة ركعة [3170]، المقصود أن الإحدى عشرة هي الغالب من حاله -عليه الصلاة والسلام-، ونفي عائشة على حد علمها -رضي الله عنها وأرضاها-، مع أنه جاء الحث على قيام الليل بالإطلاق بدون تقييد «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» [البخاري: 990]، فهذا يصلي من الليل مثنى مثنى إلى أن يخشى طلوع الصبح فيوتر بواحدة، وعلى هذا لو صلى أكثر من ذلك مهما بلغ من الأشفاع ثم أوتر في آخر الليل بركعة فقد حقق هذه السنة. وعلى كل حال العبرة بالوقت الذي يقضيه المصلي، نعم إذا حقق ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- كمًّا وكيفًا فهذا هو المطلوب، فإذا صلى إحدى عشرة، وقرأ كما كان يقرأ النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى الكيفية التي يُؤدي بها القرآن فهذا أكمل شيء، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بركعة واحدة فقرأ فيها البقرة ثم النساء ثم آل عمران [مسلم: 772]، فما يأتي شخص ينقر الصلاة بحيث يصلِّي الركعة في دقيقة، فيصلي إحدى عشرة ركعة، ويقول: أنا مقتدٍ! هذا ليس مقتديًا؛ لأن الاقتداء إنما يتم باقتفاء أثره- عليه الصلاة والسلام- في الكَمّ والكيف، فإذا أراد أن يُخفف الركعات فليَزد في عددها «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى».

وأهل العلم يختلفون في الأفضل من طول القراءة وطول القيام، أو إطالة الركوع والسجود، أو تخفيف القيام وتخفيف الركوع والسجود مع التكثير من عدد الركعات، وعلى كل حال لكل وجه؛ لأن بعض الناس لا يُطيق طول القيام، فهل مثل هذا يُلزم بطول القيام؟ يقال له: خفّف القراءة وكثِّر من عدد الركعات، وبعضهم لا يطيق إطالة السجود، و«أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» [مسلم: 482]، المقصود أن يفعل المكلَّف الأرفق به وما يعينه على الاستمرار، والعبرة بالوقت؛ فالذي يصلي ثلاث ساعات أفضل من الذي يصلي ساعتين، والذي يصلي ساعتين أفضل من الذي يصلي ساعة وهكذا، {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: ٢٠]، فالعبرة بالوقت، فإذا اُستغل هذا الوقت بالصلاة، وبالتلاوة، وبالذكر، وبالدعاء، صدق عليه أنه قام من الليل ما ينفعه -إن شاء الله تعالى-، ويكون عونًا له على أمور دينه ودنياه، وقيام الليل دأب الصالحين من قبلنا، فليحرص عليه المسلم لا سيما طالب العلم، والمسلم عمومًا لا بد أن يكون له نصيب من التعبد سواء كان في الليل أو النهار.