أول المؤلفات في علوم الحديث

السؤال
مَن أوّل من أَلَّف في أصول الحديث؟ وما أفضل كتاب يُعينني على فهم هذا العلم ومصطلحاته؟
الجواب

أصول الحديث ومسائله وقواعده وضوابطه موجودة ومبثوثة في كتب المتقدمين ومصنفاتهم، وفي ثنايا كلامهم، فمصنفات الإمام الشافعي موجود فيها كثير من قواعد هذا العلم، إلا أنها مبثوثة وغير مرتَّبة، ولا يمكن أن يُجمع منها علمٌ متكامل يَكتفي به طالب العلم كمتنٍ يُقرأ ويُتدارس، لكن القواعد كثير منها موجود ومبثوث في كتبهم، وكذلك (جامع الترمذي) موجود فيه أشياء وإشارات إلى قواعد هذا الفن ومصطلحاته، وكذلك (علل الترمذي الكبير)، و(علل الجامع) فيه أشياء من هذه القواعد، وكمَّلها الحافظ ابن رجب في شرحه، فـ(شرحُ علل الترمذي) للحافظ ابن رجب من أنفع ما يُقرأ في هذا الفن، لكنه ليس بمتنٍ يُعتمَد عليه ويُربَّى عليه طالب علم يَكتفي به، والحافظ ابن حجر ذكر في مقدمة (النزهة) أنَّ مِن أول مَن صنَّف في علوم الحديث الرامهرمزي في كتابه (المحدِّث الفاصل)، لكنه لم يستوعب، ثم جاء بعده الحاكم أبو عبد الله وصنَّف (معرفة علوم الحديث)، ولكنه لم يُهذِّب ولم يُرتِّب، ثم جاء أبو نُعيم فصنّف (المستخرج على معرفة علوم الحديث)، ثم تتابع بعده التأليف إلى أن جاء ابن الصلاح الذي جمع ما تفرَّق في الكتب من قواعد هذا العلم ورتَّبها ونظَّمها، ومع ذلك انتُقِدَ في بعض ترتيبه، لكن الناس اعتمدوا هذا الكتاب وعوَّلوا عليه وجعلوه محورًا لدراساتهم، فلا يُحصى كم ناظمٍ له ومختصر، ومستدركٍ عليه ومقتصر، إلى آخر ما قال الحافظ ابن حجر، فكتاب ابن الصلاح فتحٌ في هذا الباب، وقد جمع فيه ما تفرق من الكتب، واعتنى بكتب الخطيب البغدادي الذي صنَّف في كل باب من أبواب هذا العلم كتابًا مستقلًّا، فجمعها ابن الصلاح وأضاف إليها ما تفرَّق في الكتب من كلام غيره، وأخرج لنا كتاب (علوم الحديث) أو (مقدمة ابن الصلاح).

وطالب العلم يبدأ أول ما يبدأ بكتابٍ صغيرٍ في هذا الفن -كما ذكرنا في الفنون الأخرى-، فيبدأ بكتاب المبتدئين، والذي يَحسن أن يعتني به في هذه المرحلة: (البيقونية) التي هي عبارة عن تعاريف لفنون هذا العلم وأنواعه في أربعةٍ وثلاثين بيتًا، ويقرأ عليها الشروح، ويتقنها، ثم بعد ذلك يقرأ في (النخبة) للحافظ ابن حجر، ويقرأ في شروحها، ثم بعدها يقرأ في (اختصار علوم الحديث) للحافظ ابن كثير، مع ما عُلِّق عليه وسُجِّل عليه من الشروح، وهو نافع جدًّا، ومختصر، وخلاصة لـ(علوم الحديث) لابن الصلاح، ثم بعد ذلك إن نَشِط لحفظ (الألفية) وقراءة شروحها تم له الأمر، واستفاد فائدة كبرى، ولا يحتاج بعد ذلك إلى غيره، وإنما يحتاج بعد ذلك إلى التطبيق من تخريج الأحاديث، ودراسة أسانيدها، وتطبيق هذه القواعد عليها.