الفرق بين هداية التوفيق والقبول وبين هداية الدلالة والإرشاد

الله جل وعلا نفى الهداية عن نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {إنك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56]؛ لكنه أثبتها له في موضع آخر فقال جل جلاله: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} [الشورى: 52]، وهذا مما قد يُستشكل، والجواب أن الهداية المنفية هي هداية التوفيق والقبول، فالنبي صلى الله عليه وسلم يهدي بمعنى يدل ويرشد، وقد يوفق أتباعه للقبول وقد لا يوفقون، بدليل أن النبي صل الله عليه وسلم حرص على هداية عمه فقال له: «أي عم، قل: لا إله إلا اللَّه، كلمة أحاج لك بها عند اللَّه» [البخاري (3884)، ومسلم (24)] لكنه لم يقلها، فما استطاع صلى الله عليه وسلم هدايته، مع أنه خدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ودافع عنه، وخدم دعوتَه ومع ذلك فقد قال الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56]، وأما هداية الدلالة والإرشاد فهذه للأنبياء، وهي أيضًا لأتباعهم ممن يدعون على سبيلهم، قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى اللَّه على بصيرة أنا ومن اتبعني} [يوسف: 108]، فهم يهدون الناس، بمعنى يدلُّونهم ويرشدونهم؛ لكن ليس بأيديهم أن يجعلوا هؤلاء الناس المدعوين يقبلون الدعوة ويهتدون.