الهمة في طلب العلم

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم علي عبده ورسوله، نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

وبعد شكر الله -جل وعلا- علي نعمه التي لا تعد ولا تحصى، الشكر موصول علي القائمين علي هذه الدورات، التي نسأل الله -جل وعلا- أن يثيبهم، ولا يحرمهم أجرها وأجر من عمل بها, فهم المفاتيح, مفاتيح هذا الخير، على أنهم لما كلموني في هذا الموضوع ليكون كالخاتمة لهذه الدورة اعتذرت, اعتذرت عن قبول الدعوة لا زهد في الأجر ولا رغبة عن نفع الإخوان؛ لكن لمخالفة الخُبْر الخَبر, فالهمة وموضوعها يحتاج أن يتحدث به أو فيه من اتصف بها, اعتذرت وما قبلوا، وقلت بعد ذلك: لعلي أن أجد في مقرؤاتي من الأمثلة ما يبعث على الهمة، وإلا فالإخوة اغتروا، وكيف يؤتى ببخيل يتحدث عن الكرم، وبجبان يتحدث عن الشجاعة؟ أقول: الإخوان استسمنوا ذا ورم، وقبلهم من الشباب لكن نعذرهم لصغر أسنانهم وقلة خبراتهم وتجاربهم، ومنهم من جاء يسألني هل صحيح أنك قرأت فتح الباري سبعين مرة؟ قلت: فتح الباري يحتاج لقرأته سبعين مرة إلي مائة وأربعين سنة؛ لأن كل مرة بسنتين، يحتاج إلى سنتين، الإخوان يحسنون الظن، وأرجو أن أكون عند ذلك.

هذا الموضوع يحتاج إلى أن يتحدث فيه من عَمَر وقته بالعلم والعمل وصان أيامه ولياليه عن القيل والقال وقد ضربنا في هذا الباب -الذي هو التضييع والتفريط- ما نرجو أن يغفره الله لنا، ويتجاوز عنا وعنكم، هذا الموضوع بعد أن نعرف الهمة والهم من كلام أئمة اللغة وغيرهم، نتحدث عن بعض الأمثلة التي ضربها سلفنا الصالح في هذا الباب.

في تهذيب اللغة للأزهري نقلاً عن الليث بن مظفر يقول: "الهم ما هممت به من أمر في نفسك، تقولوا: أهمني الأمر، والمهمات من الأمور الشدائد, والهم الحزن، والهمة ما هممت به من أمر لتفعله، وتقول: أنه لعظيم الهمة، وإنه لصغير الهمة, والهُمام من أسماء الملوك لعظم همته، والهِمة -كما جاء في المصباح- بالكسر أول العزم، وقد تطلق على العزم القوي، يقول: الهمة أول العزم إذا عرفنا مراتب القصد التي أولها الهاجس، ثم الخاطر، ثم حديث النفس، ثم الهم، ثم العزم، وبعد العزم يأتي الفعل، الذي هو التنفيذ، فالهم دون العزم:

مراتب القصد خمسٌ هاجسٌ ذكروا
يليه همٌ فعزمٌ كلها رفعت

 

 

فخاطرٌ فحديث النفس فاستمعا
إلا الأخير ففيه الإثم قد وقعا

 

يعني لا يؤاخذ الإنسان على الهاجس، ولا على الخاطر، ولا حديث النفس، ولا على الهم أيضاً؛ لكنه يؤاخذ على العزم إلا إذا ارتقى الهم إلى درجة العزم؛ لأنه أول العزم، والعزم يؤاخذ عليه الإنسان حديث: ((إذا التقى المسلمان بسيفهما القاتل والمقتول في النار)) قيل: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((إنه كان حريص على قتل صاحبه)) عازم على قتل صاحبه، فالعزم مؤاخذ عليه.

علي كل حال الذي يهمنا في هذه المراتب الهم، ويقول صاحب المصباح: أنه أول العزم، وقد يطلق على العزم فيقال: له همة عالية، والهم بالفتح أول العزيمة، جاء في الحديث الصحيح: ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام وأمر رجال يذهبون معي بحزم من حطب فأخالف إلى أقوام لا يشهدون الصلاة فاحرق عليهم بيوتهم بالنار)) ثم عدل عن ذلك بقوله: ((ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بالنار)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هم أن يحرق عليهم بيوتهم ولا يهم -عليه الصلاة والسلام- إلا بما يجوز له فعله، {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [(24) سورة يوسف] وهو دون العزم الذي يؤاخذ به على خلاف طويل بين أهل العلم في المراد بالهم هنا, يقول ابن فارس: "اللهم ما هممت به، وهممت بالشيء هماً من باب قتل، إذا أردته ولم تفعله" يقول ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: "وقد جعل منزلة الهمة من منازل إياك نعبد وإياك نستعين" جعل الهمة في طلب ما يرضي الله -جل وعلا-، ويدخل تحصيل العلم الشرعي المرضي والموصل إلى مرضاة الله -جل وعلا- دخولاً أولياً؛ لأنه بعد الفرائض من أفضل ما يتعبد به.

يقول ابن القيم في مدارج السالكين: "الهمة فعلة -يعني زنتها فعلة- وهو مبدأ الإرادة" الإرادة التي تبعث الإنسان على الفعل مبدأها الهمة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، ولذا من أراد أن يفعل لا يقال: إنه عنده همة، نعم، من يوصف بالهمة العالية؟ من فعل، أما من أراد أن يفعل ولما يفعل هذا لا يوصف بعلو الهمة لماذا؟ لاحتمال أن تكون هذه الإرادة مجرد أماني، يعني شخص عنده إرادة وعزيمة أن يحفظ أكبر قدر من العلوم هل يوصف بأن عنده همة؟ لأنها مبدأ الإرادة؟ أو حتى يترجم هذه الإرادة عملياً ويحفظ بالفعل, يعني شخص في تقديره أنه في سنة يحفظ سنن البيهقي مثلاً، هذا مبدأ الإرادة، وكانت الهمة تطلق على هذا باعتبار أن هم بالشيء أراده؛ لكن متى يترجم هذه الهمة؟ ومتى تسمى همة؟ نعم إذا انتهى، حفظ البيهقي وانتهى، قلنا: عنده همة, شخص يقول -وهو مبتلى بالسهر- يقول وهو في شعبان: إذا خرج رمضان سوف أترك السهر, هذا عنده همة؟ وإلا إذا ترك بالفعل وقاوم؟ نعم هذا صحاب الهمة أما مجرد الإرادة قبل التنفيذ فهي موقوفة على التنفيذ، فمنها ما هو همة بالفعل، ومنها ما هو مجرد أماني، وليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني؛ ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، فالهمة إذا لم تترجم إلى واقع عملي هذه مجرد أماني وتسويف، سوف يفعل، وسوف يفعل.

فالهم مبدأها والهمة نهايتها, الهمة كغيرها من الغرائز منها ما هو جبلي فطري؛ ومنها ما هو مكتسب، ولها طرفان ووسط، فإذا جُبل الإنسان على علو الهمة لا شك أن مثل هذا يزاول أعماله بكل ارتياح، وقد تزيد هذه الهمة بالتهمم، كما أن الحلم يزيد بالتحلم، والعلم يزيد بالتعلم، هذه الهمة الجبلية التي غرست في نفوس بعض الناس والأمثلة تبين تباين الناس في هممهم لا شك أنها كغيرها, الحافظة مثلاً غريزة، والناس يتفاوتون ويتباينون تبايناً شديداً؛ لكن الذي يهمل هذه الحافظة ولا يتعاهدها تضعف، والذي يتعاهدها تزيد، وقل مثل هذا في جميع الغرائز، العقل بالتعقل منه ماهو غريزي فطري، ومنه ما هو مكتسب، الحلم، الصبر، الشجاعة، الكرم كلها منها ما هو مغروس في الإنسان ومفطور عليه، ومجبور عليه، ومنه ما يزيد بالمعاناة.

الهمة هذه لها طرفان ووسط بعض الناس عنده همة؛ لكن هذه الهمة تتعدى ما عد له، هذه مذمومة، يعني إذا سمع من يطوف بالبيت ويقول: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(35) سورة ص] نعم هذه همة؛ لكنها همة مذمومة، فكيف إذا كان القائل امرأة , امرأة تطوف بالبيت وتقول هذا الكلام، تبي ملك لا ينبغي لأحد من بعدها, هذه همة مذمومة، نعم يهم الإنسان أو سمها أماني لأن يبلغ منازل لا يستطيعها أو ليست له إما شرعاً أو قدراً، شخص يربي نفسه على أن يصل منازل الأنبياء مثلاً، كما يفعله أصحاب الرياضيات من غلاة المتصوفة، يصلون إلى مراتب من الولاية بحيث تكون فوق منازل الأنبياء والرسل، هذه همة؛ لكنها همة مذمومة، هنالك همم ضعيفة بإمكانه أن يكتسب من أمور الدين أو أمور الدنيا، ومع ذلك يخلد إلى الراحة، فلا يتعاطى الأسباب لا في أمور الدين ولا في أمور الدنيا، ويكون عالة يتكفف الناس، هذا صغير النفس، همه أن يأكل ويشرب، يقول: هذا متيسر أو أجلس في المسجد يتيسر الأكل والشرب أو أجلس في بيتي، الجيران ما يقصرون، نعم وفي مثله يقول القائل:

"ومن تكون همته ما يولج في بطنه قيمته ما يخرجه"

هذه همة؛ لكن همة ضعيفة، نسأل الله السلامة والعافية، فهل يليق بمسلم مثل هذا الأمر؟ وقد تكاثرت النصوص وتضافرت على اكتساب ما ينفع من وجوهه، فكيف بما جاء من نصوص الكتاب والسنة في طلب أشرف مطلوب وأعظم مقصود، وهو العلم بالله -جلا وعلا-، وبآياته وصفاته وأحكامه وشرائعه، وما جاء عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-, من تكون همته مدارسة الكتاب والسنة, المسألة طرد وعكس، قيمته إيش؟ نعم هذه الهمة شرفها بشرف كون مأخوذ بشرف ما يهتم به، وهذا الأمر من أعظم ما يهتم به شرعاً وعلى هذا ينبغي لطالب العلم أن تكون همته تحصيل علوم الكتاب والسنة، وما يخدم هذه العلوم، ما يخدم الأصلين من علوم يحتاجها طالب العلم ليتعامل مع نصوص نصوص الكتاب والسنة على الجادة.

نذكر أمثلة للهمة في علوها ودنوها، اجتمعا عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان بفناء الكعبة، فقال لهم مصعب: تمنوا، فقالوا: ابدأ أنت، فقال مصعب: أتمنى ولاية العراق، وأن يتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، هذه أملح النساء، وهذه أجمل النساء، فنال ذلك، حصل له الولاية على العراق، وتزوج سكينة وتزوج عائشة بنت طلحة، هذه همة وحصل عليها، وتمنى عروة بن الزبير الفقه وأن يحمل عنه الحديث، فنال ذلك، كما تجد في كتب السنة عن عروة، نعم ما في كتاب من دواوين الإسلام يخلو من ذكر عروة مرات وكرات، نال ذلك وتمنى عبد الملك الخلافة فنالها، وتمنى عبد الله بن عمر الجنة، والمأمول من كرم الله -جل وعلا- أن يكون قد نالها، لا سيما وقد عرف بالتحري والإتباع والتثبت ويكفيه أنه صحابي.

أمنية كل شخص في هذه الدنيا إذا ما أعرضنا عن ذكر الآخرة بالمثال السابق، وما سيأتي من أمثلة في سير العلماء والصالحين في أمور الدنيا كل يتمنى على قدر ما يعانيه منها وما يتمناه، وما يرغب فيه, قيل لوراق -الوراق ينسخ الكتب- تمنَ تمنى إيش؟ جلود وأوراق، وحبر براق، وقلم نشاق، هذا الذي يريده، هذه غاية ما يتمنى، جلود وأوراق وحبر وقلم، قيل لطفيلي: تمنَ فقال: ندامى تسكن صدورهم، يعني يعاملوني الناس معاملة رقيقة، ما يطردون من يأتيهم، وتغلي قدورهم، ولا تغلق دورهم، هذه أمنية لكن كيف؟ لكن هل هذه الأمنية مثل أمنية ابن عمر؟ تمنى بعضهم الإبل في الجنة، بعضهم تمنى كتب في الجنة؛ لأن هذا يحب الإبل وهذا يحب الكتب، وشخص من أهل الإبل يأخذ من أرواثها ويستنشق ويقول: إن كان بالجنة مثل هذا فنعيم أي نعيم، تمنى بعضهم أن يرزق الله فلان ليقرضه، هذه همته، فهل مثل هذا يسعى لكسب الرزق، تمنى آخر أن يجعل الله الكثيب الفلاني من الرمل -كثيب عظيم نفود كبير من الرمل- تمناه، تمنى أن يجعله الله -جل وعلا- حباً، بر، لينقله لآل فلان ليأخذ الأجرة، يعني هذه همة لكن همة إيش؟ يعني ما تمنى أن يكون هذا البر لنفسه، هذا صغير الهمة، وهنالك أماني منهم من يتمنى المعصية، ومنهم من يتمنى الوصل بفلان وفلانة المقصود أن الأماني تبعث على الأعمال، ومنها ما هو مما يوصل إلى مرضاة الله -جل وعلا- وإلى الدار الآخرة، ومنها ما يوصله إلى دار الجزاء الثاني، نسال الله السلامة والعافية.

فلكل شخص أمنيته على قدر همته، يقول ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: جاء في بعض الاثار الإلهية يقول الله -جل وعلا-: إني لا انظر إلى كلام الحكيم، وإنما انظر إلى همته، قال شيخ الإسلام والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب، يريد -رحمه الله- أن قيمة المرء همته ومطلبه، قيمة كل امرئ ما يحسن، والآن في أساليب الناس أن قيمة الشخص ما يحمله في جيبه، فإن كان غنياً صارت له قيمة، وإن كان فقيراً لا قيمة له، هذا في عرف الناس لما صارت الحياة الدنيا هدف، وغفلوا عن الهدف الأسمى الذي خلقوا من أجله، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، غفلوا عن هذا، ولذا تجد القلوب توجل عند كثير من الناس إذا دخل المجلس أو دخل في المجلس وفيه من أهل الدنيا من أرباب المناصب والتجارات، وإذا جاءه من يعدل ملء الأرض من مثل هذا ولاه ظهره، وإذا أردت أن تعيش هذا الأمر في نفسك مثلاً وفي من تعرف فانظر نفسك إذا قيل لك: مدحك فلان مدحك الأمير الفلاني، أو الوزير الفلاني، انظر وضعك، ووضع ذلك الشخص الذي مدح من قبل هذا الكبير، من قبل هذا الوزير، من قبل هذا الأمير، تجده لا ينام الليل من الفرح؛ لكن لو كان الميزان عنده شرعي مالتفت إلى هذا البتة، وهو يعرف أن من ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه، ومن ذكره في ملأ ذكره في ملأ خير منه، هذا الذي يحتاج أن يطير الإنسان شوقاً إلى مثل هذه الأعمال، الذكر، يقول القائل:

ومن تكن العلياء همة نفسه

 

 

فكل الذي يلقاه فيها محببُ

 

يعني الناس لو تقول له: احمل هذا الشيء اليسير يعني زنته خمس كيلو مثلاً، يقول: والله أنا ما تعودت الحمل، أنا والله لست بحمال، نعم لكن إتي له بشيء يرغبه تجده يحمل أضعاف أضعاف ما عرض عليه ما نحتاج أن نمثل يعني، من أهل العلم مثلاً وهو ما وضع نفسه للحمل والتنزيل، يأتيه كرتون زنته ستين كيلو كتب مثلاً عنده استعداد يشيله من السيارة ويدخله البيت؛ لأنه يحب الكتب، وهذه همته، وقل مثل هذا في سائر الأعمال البضائع مثلاً تجد أن صاحب هذه التجارة عنده استعداد يحملها لا سيما إذا كانت نفيسة عنده، أو كان يرجوها ويترقبها، أو لقلتها في الأسواق تجده يتولاها بنفسه، هذه همته: فكل الذي يلقاه فيها محببُ.

تجد الإنسان يسافر يقطع المفاوز أحياناً قبل وسائل المواصلات على قدميه تبعاً لهمته إن كان ممن فتن بالنساء تجده يسير الآلاف من الكيلومترات من أجل أن يجد امرأة، إن كان ممن فتن بالأموال يسير ذلك أو أكثر منه من أجل أن يتاجر, همته العلم يرحل لطلب العلم، وهذا الباب يحتاج إلى دروس؛ لكن الرحلة سُنة لأهل الحديث سُنة وطريقة عرفت عندهم وأُلفت فيها الكتب، ووجد من يرحل مسافة شهر من أجل حديث واحد، هذه همة نحتاج إليها، وإذا كان العلم بين أيدينا وبين أظهرنا ولا يحتاج إلى سفر، ولا يحتاج لقطع مفاوز فما عذرنا؟ أشخاص يتسمون بطلب العلم، ولا يعرفون العلم إلا في الدروس، يجلسون بين يدي الشيخ ومعهم الكتب، وإذا خرجوا من عند الشيخ أخر علمهم بالكتاب خروجهم من المسجد إلى أن يحضر الدرس الثاني، وبعضهم مع الأسف يجعل الكتاب في المسجد، يصعب عليه حتى حمل الكتاب، مثل هذا قل أن يُفلح.

العلم يحتاج إلى مدارسة، يحتاج إلى أن تسهر الليالي، وعرف من كثير من المتقدمين تقسيم الليل إلى ثلاثة أجزاء: ثلث للنوم، وثلث للمطالعة والكتابة، وثلث للصلاة، ولا بد من الاستعانة بالصبر والصلاة؛ لأن بعض الطلاب تجده حريص على طلب العلم، ومن درس إلى درس، ومن حلقة إلى حلقة، ومع ذلك يشق عليه أن يصوم يوم في سبيل الله، أو يصلي ركعتين مثل هذا لا يعان على طلب العلم، خير ما يعين على طلب العلم العمل بالعلم، ولذا تجدون الكبار من أئمة الحفظ والفهم لو نظرت إلى مدة طلبهم للعلم بالنسبة لما عرف عنهم من عمل وجدت أن العمل أكثر، يعني الإمام أحمد وهو يحفظ سبعمائة ألف حديث، كيف تدرك سبعمائة ألف حديث؟ يعني يحتاج إلى أن يحفظ كم في اليوم الواحد؟ هل نقول: أنه عطل الواجبات، ترك النوافل والمندوبات أبداً، الإمام أحمد يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، ويقول القائل مما لا يحتمل عقله مثل هذا الكلام هذا غير معقول، ثلاثمائة ركعة تحتاج إلى آيش؟ تحتاج إلى دقيقة مثلاً، يعني كل ركعة أقل ما يجزئ تحتاج إلى دقيقة، وثلاثمائة دقيقة يعني خمس ساعات، متى يطلب العلم؟ متى يتعلم؟ متى يُعلم؟ متى ينام؟ متى...؟ لكن لتعلم أن الإمام أحمد ما عنده استراحة، نعم وليس عنده أناس يؤنسونه، ويضيعون عليه الأوقات، كما يفعله كثير من الناس اليوم، وليس عنده على ما قال بعضهم: صالون في بيته، يحتاج إلى ثلاث ساعات في اليوم، ينظر في المرآة، وهذه شعرة زائدة، وهذه شعرة ناقصة، الإمام أحمد ما عنده شيء من هذا، فإذا صرف خمس ساعات في الصلاة، وقل مثلها للعلم، بقي عنده أربعة عشر ساعة، والواحد منا إذا حضر درس، أو ألقى درس يحتاج إلى راحة كأنه ألقى صخرة من فوق رأسه يحتاج بقية اليوم كله يرتاح وينفس عن نفسه، ويروح، فمثل هذا يحتاج الإنسان في مثل هذه الظروف إلى إعادة نظر.

النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتخولهم في الموعظة في الحديث الصحيح أنه قيل لابن مسعود: "ألا تحدثنا كل يوم؟ قال: إني أتخولكم كما كان رسول الله -عليه الصلاة السلام- يتخولنا بالموعظة" نعم عوام الناس الذين ما أشربت قلوبهم حب العلم مثل هؤلاء لا يضيق عليهم، ولا يكرر عليهم الكلام؛ لأن هؤلاء يملون، فمثل هؤلاء يتخولون، أما بالنسبة لطالب العلم الذي يأمل أن يكون إماماً للمتقين، وقدوة للعاملين، مثل هذا لا بد أن يحمل نفسه على العزيمة والهمة العالية؛ لأنها يحتاج لمدة يسيرة إلى جهاد ومعاناة، ثم بعد ذلك لا يلبث أن تكون هذه ديدنه، وهي هجيراه، بحيث لا يستطيع أن يفارق هذا البرنامج، وهذا شيء مجرب، يبدأ الإنسان في بداية الأمر بقراءة صفحة صفحتين ثلاث ربع ساعة نصف ساعة في اليوم الثاني ساعة في اليوم الثالث إلى أن يضيق ذرعاً بوقت الطعام، ما يجد وقت للطعام، حتى أنه وجد من أهل العلم من يجعل القارئ يقرأ عليه وهو في مكان قضاء الحاجة؛ لئلا يضيع الوقت، واعرف من شيوخنا من حفظ ألفية العراقي وهو يتوضأ، يعني أحدهم يصب عليه الماء يتوضأ والثاني يقرأ عليه، بس وقت الوضوء! ووقت الوضوء يحتاج إلى آيش؟ دقيقة، يحفظ بيت، وحفظ كتب أخرى، بس هذا مثال, هذا من استغلال الوقت، وهذه همة عالية نحتاج إليها:

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

 

 

وتأتي على قدر الكرام المكارم

 

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ, العزائم: جمع عزيمة، والآن يلتبس العزيمة المأخوذة من العزم بالولائم وأحياناً يستدل بعض الناس أو يورد هذا البيت إذا كانت الوليمة كبيرة يقول: على قدر أهل العزم تأتي العزائم هذا قلب للحقائق:

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

 

 

وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

 

نعم، الإنسان حيث يضع نفسه؛ لكن لا يضع نفسه منزلة لا يستطيعها.

 وتكبر عين الصغير ضغارها

 

 

وتصغر في عين العظيم العظائمُ

نعم، وهل في مما يتنعم به أعظم من الجنة، إذا كان همة الإنسان الجنة وعمل لها حق له.

عمر بن عبد العزيز لما كان والياً على المدينة نعم, كانت همته الولاية على المدينة ثم حصلها، ثم الخلافة ثم حصلها، إيش بقي؟ أول يوم تولي الخلافة سمت همته إلى أعظم من الدنيا كلها إلى الجنة، فعل لها، وسمعتم وقرأتم سيرته في هاتين السنتين مدة خلافته مالا يحقق في عشرات السنين، سنتين وعمره أربعون سنة، توفي -رحمه الله-، فالأعمال ما تقاس بالأعمار إنما تقاس بالإنجازات, تجد الشخص يعيش تسعين سنة، مائة سنة مثلاً وإذا وجدته إن كان من اهل العلم وجدت تراثه إذا جمعته وجدت أوراق، وقد لا تجد، تبحث عن طلاب يذكرونه ما تجد، وهو يشار إليه أنه من أهل العلم، وجلس إلى المشايخ، وحصل علم، وتولى منصب، ومنهم من بلغت علومه شرق الأرض وغربها، في نصف هذه المدة، عمر بن عبد العزيز أربعين سنة، النووي ست وأربعين سنة لو اجتمعت جامعات الدنيا من أجل تأليف مثل المجموع ما استطاعوا، لماذا؟ لأن النووي ما عنده استراحة، ولا عنده مائدة تجلب من ست قارات، مائدة تجلب من ست قارات؟ هذا مو بخيال يا إخوان هذا واقع يعيشه بعض الناس الآن، النووي عنده كسرة خبز، وماء مالح؛ لأن همته سمت عن الدنيا كلها، بهذا العمر القصير شوف النفع الكثير والكبير خلف من الكتب من الطلاب من له أجره وأجر من علمه هؤلاء الطلاب إلى يوم القيامة، لو أن الله -جل وعلا- ولو تفتح عمل الشيطان؛ لكن في مثل هذا لو أن الله -جل وعلا- نزهه عن التخليط في بعض مسائل الاعتقاد, نسأل الله -جلا وعلا- أن يعفو عنا وعنه.

مما ذكرنا في أول الأمر وأن الهمة قد تكون فوق ما يطلب من الإنسان، أو ما يتصور ويتوقع منه, تمنى بعض النساء الجهاد في سبيل الله، فانزل الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(32) سورة النساء] فكل إنسان يتمنى ويهم بما يليق به.

الشوكاني -رحمه الله- له كتاب اسمه: أدب الطلب، فيه توجيهات لطالب العلم، يقول فيه: "ينبغي لمن كان صادق الرغبة، قوي الفهم، ثاقب النظر، عزيز النفس، شهم الطبع، عالي الهمة، سامي الغريزة، أن لا يرضى لنفسه بالدون، ولا يقنع بما دون الغاية، ولا يكل عن الجد والإجتهاد المبلغين به إلى أعلى ما يراد، وأرفع ما يستفاد، فإن النفوس الأبية، والهمم العلية لا ترضى بما دون الغاية في المطالب الدنيوية، تجد من الناس يغامر بحيث لو أخفق في هذا المشروع الذي غامر فيه صار مديناً إلى أن يموت، ومع ذلك يغامر رجاء إيش؟ المكاسب الطائلة يقول: "والهمم العلية لا ترضى بما دون الغاية في المطالب الدنيوية من جاهٍ أو مالٍ أو رئاسة أو صناعة أو حرفة أو غير ذلك" يعني إذا كان هذا في أمور الدنيا فكيف بأمور الآخرة التي الدنيا بحذافيرها لا تزن عند الله جناح بعوضة؟ يعني إذا نسبنا الدنيا كلها بجميع ما حصل فيها من نعيم من أول مخلوق إلى قيام الساعة ماذا تزن عند الله -جل وعلا-؟ جناح بعوضة، لا تزن عند الله جناح بعوضة، من يعرف قدر هذه الدنيا؟ يعرفها مثل سعيد بن المسيب، عنده بنت علمها وأدبها فصارت محدثة فقيهة، هذه يربيها سعيد لمن؟ للخليفة أو لابن الخليفة؟ خطبها ابن الخليفة فجاءه السفير بينهما –الواسطة- فقال: يا سعيد جاءتك الدنيا بحذافيرها، قال: كيف؟ قال: فلان يريد البنت، قال: يا فلان إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة فماذا يقص لي من هذا الجناح؟ صحيح, ويزوجها طالب فقير، لا يملك شيء، هذه هي الهمم، همم تسمو إلى مرضاة الله -جل وعلا-، وإلى تحقيق هذه الغاية، فأين طالب العلم من تحقيق هذه الغاية؟ يقول:

إذا غامرت في شرف مرومٍ
فطعم الموت في أمر حقير

 

فلا تقنع بما دون النجوم
كطعم الموت في أمر عظيم

الموت هو هو ما يتغير، خلاص طعمه واحد، فطعمه في تحصيل درهم أو طعمه في تحصيل معصية، نسال الله السلامة والعافية مثل طعمه في تحصيل الشهادة، بل الموت بالنسبة للشهيد قد لا يشعر به، يقول القائل:

 بقدر الكد تكتسب المعالي
ومن رام العلا من غير كدٍ
تروم العز ثم تنام ليلاً

 

ومن طلب العلا سهر الليالي
أضاع العمر في طلب المحالِ
يغوص البحر من طلب أللآلي

بقدر الكد تكسب المعالي، قد يقول قائل: هذا الكلام ما هو بصحيح، بقدر الكد تكتسب المعالي، ومن طلب العلا سهر الليلي، كيف ما هو بصحيح؟ يقول: أنا عندي الحافظة ضعيفة، فاحتاج إلى ليلة كاملة لأحفظ ورقة وزميلي ما يكد ولا يتعب في خمس دقائق يحفظ ورقة، وأنتم تقولون: بقدر الكد تكتسب المعالي، نقول: يا أخي هل المعالي جمعت في هذه الورقة التي حفظتها؟ أليس بتعبك ونصبك في ما يرضي الله -جل وعلا- تحصيل للمعالي، فالذي يتعب في تحصيل العلم لا يضيق بذلك ذرعاً؛ لأنه في عبادة، نعم يبذل السبب، ويمشي على الجادة، ويصل بإذن الله -جل وعلا- إذا علم الله منه صدق النية والإخلاص؛ لكن أنت افترض أن شخصاً سبعين سنة يطلب العلم وفي النهاية لا شيء، وزاملنا أناس من هذا النوع، أكثر من سبعين سنة يتردد على الحلق، وفي النهاية لا شيء، يعني هذا ضاع جهده؟ ألا يكفيه حديث: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة)) ما يكفيه هذا يا إخوان؟ يكفي فأنت ابذل السبب والنتيجة بيد الله -جل وعلا-:

ومن رام العلا في غير كدٍ

 

 

أضاع العمر في طلب المحالِ

 

الأماني التي هي رأس مال المفاليس, إذا أوى إلى فراشه تمنى أن يكون مثل فلان ومثل فلان ومثل علان بدون عمل، ثم إذا أصبح تبخرت هذه الأماني، ورجع إلى عمله بالأمس، هذا لا يدرك شيئاً،

أضاع العمر في طلب المحال..

تروم العز ثم تنام ليلاً..

وإذا نظرنا إلى حال كثير من طلاب العلم قلنا: قد ينال العز من ينام ليلاً إن قارنّاه في واقع كثير من طلاب العلم الذين يمضون كثير من الليالي في القيل والقال، فضلاً عن العامة،

يغوص البحر من طلب اللآليء..

بيجلس في البيت فإذا أصبح فإذا في بيته أعداد كبيرة من اللآليء هذه أماني، مثل صاحب العسل عنده منحلة صغيرة فجمع منها في إناء من زجاج شيء من العسل، وربطه لئلا يأتيه ما يريقه, ربطه في حبل وعلقه بالسقف، فلما أوى إلى فراشه وبجانبه العصا، قال: نبيع هذا العسل بمبلغ كذا، ثم نشتري كذا، ثم نبيعه بمكسب كذا، ثم نفعل كذا، إلى أن حصّل، وهو في فراشه المهر، ثم نتزوج، ثم نفعل ونترك، إلى أن يأتي الولد ونربيه على الكسب: الآن ما عنده إلا هذه العلبة من العسل، فإذا خالف يمين شمال فأخذنا العصا وضربناه ضرب الزجاجة وانكسرت تبخر كل شيء، كل الأحلام تبخرت، انتهى.

تروم العز ثم تنام ليلاً
 

 

 

يغوص البحر من طلب أللآلي
 

 

الكثير من طلاب العلم يقول: الوقت ما فيه بركة، السلف نعم هم في وقت مبارك، وحصلوا ما حصلوا لبركة الوقت، ونحن ما عندنا بركة، كيف تتصور البركة في وقتك وأنت إذا جيت من عملك أو من دراستك، وقد ذهب سنام الوقت وصليت العصر الآن الوقت يا الله يستوعب طعام الغداء، ثم صليت العصر، ماذا تترقب بعد الصلاة؟ تترقب شخص من زملائك يقف بسيارته عند الباب، يقول: والله عندنا مشوار نبي نروح عند فلان أو علان، ولا تصل إلى المشوار إلا مع صلاة المغرب، ثم بعد ذلك قيل وقال، وتنصرف بعد ذلك بعد هزيع من الليل، مثل هذا يدرك علم؟ فيه بركة وقته؟ إذا صلى الفجر ذهب إلى فراشه لينام؛ لأنه سهران في الليل، حتى يأتي وقت الدوام أو وقت الدراسة؛ لكن في مثل هذه الأيام والأيام القادمة صلِ الفجر، واجلس في مصلاك، اذكر الله حتى تنتشر الشمس، وخذ معك كتاب واقرأ إلى الساعة سبع أو أكثر، وشوف البركة في الوقت، في يوم الخميس والجمعة اقرأ إلى التاسعة والعاشرة وشوف البركة في الوقت، وأما في الشتاء جرب في الليل لو صليت العشاء اجلس خمس ساعات يكفيك عن شهر مما تضيعه، ويفعله كثير من طلاب العلم في هذه الأوقات، قد يقول قائل: نحتاج إلى ما يبعثنا على الزيادة من الهمة العالية، يلاحظ على كثير من طلاب العلم الاسترخاء، نقول: من عرف الهدف هان عليه كل شيء، وبذل كل ما يملك من جهد ومال ووقت؛ لأنك عرفت الهدف إيش تطلب أنت؟ تسهر ليلة من أجل أن تحصل على عشر ريالات مثلاً في هذه الأوقات، تقول: والله ما لازم نسهر عشر ريالات ندركها في أي مكان؛ لكن من قال لك: تسهر ليلة وتحصل على ألف تسهر ليلة، لو قال: ألفين كان الأمر أعظم وأشوق، والنفس أريح، ثلاثة ألاف أكثر، طيب اقرأ القران، كم جزء تقرأ في الساعة؟ يعني على أقل تقدير ثلاثة أجزاء، ساعتين ستة أجزاء في الليلة، ستة أجزاء كم فيها من حسنة؟ الجزء الواحد فيه مائة ألف حسنة، لو قال لك: مائة ألف هللة في شرق الأرض وغربها ذهبت، لكن احرص على ما ينفعك، فإذا عرفت نفاسة ما تطلب هان عليك في تحقيقه وسبيل كل ما تبذل.

أيضاً النظر، مما يعينك على علو الهمة أن تنظر إلى الأعلى، ما تنظر إلى الأدنى، أنت في قاعة الدرس اختبرت وأخذت في النتيجة سبعين، يعني هل الأفضل لك أن تقول: والله زميلي فلان أخذ ستين أنا أفضل منه وإلا زميلي فلان أخذ تسعين لا بد أن أخذ تسعين امتياز، بل أضاعف الجهد لأخذ درجة كاملة، فمثل هذا يبعثك على علو الهمة، فكيف والمقابل لا تقوم له موازين الدنيا؟! فإذا نظرت إلى الأعلى ازددت، وهان عليك كل شيء، بخلاف ما إذا نظرت إلى الأدنى،  كثير من الناس  إذا ذكر له وضع الناس اليوم، وضع كثير من المسلمين، من عوامهم وخواصهم، إنهم أقل مما كانوا عليه من عشر أو عشرين سنة، كثير من الناس يقول: الحمد لله انظر إلى البلدان المجاورة، نحن على خير، هذا نظر إلى الأعلى أو إلى الأدنى؟ نظر إلى الأدنى لكن لما يعين في وظيفة، ويصرف له ثلاث ألف ريال شهرياً، ما يقول: الحمد لله، والله فلان موظف قبلي وعنده أسرة أكثر من أسرتي، وراتبه ألف وألفين، لا، يقول: زميلي فلان راتبه خمسة آلاف، وإيش الذي ينقصني أنا؟ هل أنا أقل منه كفاءة؟ فهو ينظر في أمور الدنيا إلى الأعلى، وفي أمور الآخرة إلى الأعلى، صار مثل الطالب جاء متأخر نصف ساعة عن الدرس، سأله المدرس: لماذا تأخرت؟ قال: أحمد ربك أني جيت بعد، هذا عنده همة هذا؟ ما عنده همة، فلإنسان يحتاج في مثل هذه الأمور، أمور الآخرة يحتاج لأن ينظر إلى الأعلى ليزداد ويترقى، ويصعد في الكمالات، أما في أمور الدنيا، والدنيا يعني جاء التوجيه بأن لا ينسى الإنسان نصيبه من الدنيا؛ لكن ما هي بهدف بقدر البلغة، ينظر إلى الأدنى، وجاء في الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث أبي هريرة: ((إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه)) نعم يعني في أمور الدنيا تنظر إلى من هو أسفل منك، وجاء في الحديث التعليل: "فهو أجدر ألا يزدري نعمة الله عليه" بخلاف أمور الدين ما تنظر إلى فلان وتقول: والله أنا أفضل من فلان، هذا يبعثك على إيش؟ على العجب المؤدي إلى ترك العمل، والعجب آفة في طريق العلم والعمل، من أعظم العوائق دون تحصيل العلم والعمل العجب بالنفس وازدراء الآخرين، فأنت إذا نظرت إلى من هو دونك في أمور الدين تقول: لا والله الحمد لله أنا أصلي فلان أكثر الأوقات لا يصلي في بيته، وفلان تفوته بعض الركعات، أنا ما تفوتني -ولله الحمد- أبكر، واقرأ القران؛ لكن انظر إلى سيرة السلف الصالح، كيف يقضون أوقاتهم؟ انظر من الأمثلة الواقعية التي تعيشها الآن من أهل العلم والفضل والعباد والزهاد والدعاة، تجد من الأمثلة ما يحدوك على العمل، توطين النفس على الشدائد، شدائد  تحصيل العلم لتعلم أن هذا العلم مما حفت به الجنة، الجنة حفت بما تهواه النفوس أو بما تكره النفوس؟ نعم حفت الجنة بالمكاره، تبي الجنة أقدم على هذه المكاره، والعلم ليس بالأمر السهل، ولا يمكن أو يستطاع أو ينال براحة الجسم، لا يمكن أن ينال العلم براحة الجسم، لو كان يباع ويشترى ترى كل الناس علماء، التجار كلهم علماء، ولو كان يستطاع مع الراحة والنوم كل الناس علماء؛ لكن مع ما جاء في فضل العلم، ورفع منازل أهل العلم في الدنيا والآخرة، العلماء عددهم يسير قليل بالنسبة للناس، ما الذي أعاق أولئك عن تحصيل العلم ليحصلوا هذا المنازل، وهذه الدرجات العالية في الدنيا والآخرة؟ الذي أعاقهم الشدائد والعقبات التي تعوق دون التحقيق، فلابد من توطين النفس على الشدائد. أيضاً مما يعين على تقوية الهمة في نفس طالب العلم النظر في سير العلماء والعظماء والصالحين، وسيدهم ومقدمهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا بد من إدامة النظر في سيرته -عليه الصلاة والسلام-، أفضل الخلق، أكرم الخلق، أشرف الخلق، أعلم الخلق بالله، أشجع الناس أخشاهم وأتقاهم لله، ومع ذلك يربط الحجر على بطنه، وينام على حصير يؤثر في جسده، ووسادة من أدم حشوه ليف، هذا الذي يعرف قدر الدنيا، وهو أعلم الناس وأخشاهم وأتقاهم وأكرمهم على الله -جلا وعلا-، إذا قرأت في سيرته عرفت الغاية التي تريدها والسبيل الذي تسلكه مقتدياً بالأسوة وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لما يقال: فلان يصلي كذا، أو يصوم كذا، قد يقول قائل: والله هذا شق على نفسه، والدين يسر، وعليكم من الدين ما تطيقون؛ لكن إذا قيل له: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام حتى تفطرت قدماه، هذا مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر -عليه الصلاة والسلام-، ومع هذا قام هذا القيام، وجاهد في الله حق جهاده، وأدى الأمانة، وبلغ الرسالة، وحصل له من الشدائد ما حصل، ومع ذلك حينما قيل له: تفعل هذا وأنت غفر لك، ترجو المغفرة؟! ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) الله -جل وعلا- ينعم عليك بجلائل النعم، ودقائق النعم، النعم التي لا تعد ولا تحصى، ومع ذلك تبخل على نفسك بالذكر الذي لا يكلفك شيئاً، ولو أعملت لسانك ليل نهار بذكر الله، ولهجت بشكره، ما استطعت أن تفي شكر نعمة من نعم الله -جل وعلا-، فكيف بجميع نعمه؟ {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل] فمثل هذا يحتاج إلى شكر، والشكر يحتاج إلى بذل من النفس.

الصحابة -رضوان الله عليهم- ضربوا أروع الأمثلة في علو الهمة والعطاء والبذل لهذا الدين، ثم سار على طريقتهم والكل يهتدون ويقتدون بالأسوة والقدوة -عليه الصلاة والسلام-، جاء بعدهم التابعون والأئمة وحصل منهم ما حصل, تقرؤون في سيرهم الأعاجيب، تقرؤون الأعاجيب في بذلهم وتضحياتهم في سبيل دينهم، في نشر العلم، وفي التعليم والعمل.

والإنسان يقرأ في هذه الكتب في سير الأئمة يظنه ضرب من الخيال، إنما يساق للتشجيع فقط، وإلا ما له حقيقة، أدركنا من شيوخنا من لا يرتاح في يومه ولا ليله ولا أربع ساعات، ولا ثلاث ساعات، والبقية كلها بذل وعلم وتعليم، وكل باب من أبواب الخير له فيه سهم، وما زالت الأمة فيها خير، والخير في أمة محمد إلى قيام الساعة -عليه الصلاة والسلام- موجود، يقول الإمام الشافعي:

إذا هجع النوام أسبلت عبرة
أليس من الخسران أن ليالياً

 

وأنشدت بيتاً وهو من ألطف الشعرِ
تمر بلا علم وتحسب من عمري

 

أليس من الخسران أن ليالياً تمر بلا علم وتحسب من عمري، يعني هؤلاء الأئمة الذين حفظوا ما حفظوا وبقي ذكرهم إلى يومنا هذا, هذا عبث؟ يعني جاء مجرد صدفة واتفاق؟ يعني مجرد اختاروا الإمام الشافعي قدوة يقتدون به ويعملون بعلمه؟ هذا عبث أو لأنه قدم ما يستحق به أن يذكر إلى قيام الساعة، ويُدعو له ويترحم عليه؟ وقل مثل هذا في الإمام أحمد، يعني جاء من فراغ، حفظ سبعمائة ألف حديث؟ ما جاء من فراغ، كونه يذكر ويلهج بالثناء عليه، والاقتداء بعلمه، والأخذ بهديه المأخوذ من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ هذا ليس من العبث، لصدق مع الله -جل وعلا-، وبذل وإعطاء من النفس، يعني بعض الناس أعماله تكتب له إلى قيام الساعة، لماذا؟ لأنه سن سنن، وألف كتب، وبقي نفعها إلى قيام الساعة، وترك الطلاب والطلاب لهم أجرهم وأجر تلاميذهم، وهم وطلابهم أجرهم لشيخهم، وفضل الله لا يحد، قد يقول قائل: كيف هذه الأجور تحصل لمثل هؤلاء الأئمة؟ فضل الله واسع، وجاء في الحديث -وفيه كلام لأهل العلم-: ((إن الله ليضاعف لبعض عبادة الحسنة إلى ألفي ألف حسنة)) فإذا كان هذا الإمام قدوة ألف الكتب وبقيت إلى قيام الساعة، وفي كل مجلس، وفي كل درس، وفي كل بلد من تأليف الكتاب إلى ما الله به عليم يقال: قال رحمه الله تعالى, إضافة إلى أن مجرد صلاح الإنسان بنفسه يضمن له الخير الكثير، مجرد صلاح الإنسان بنفسه يضمن له دعوات المسلمين كلهم، كل مصلي يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ممن تقدم، وممن سيأتي من السابق والآحق.

فعلى الإنسان أن يسعى في تحقيق هذا الوصف، وهو الصلاح ليدخل في دعوة المسلمين، ثم بعد ذلك يسعى أن يستمر عمله إلى ما لا نهاية، إلى قيام الساعة، يقول: أبو الوفاء ابن عقيل وهو من أئمة الحنابلة، يقول: "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري" أنت ما تملك نفسك، نفسك ما هي ملك لك، يعني هل يجوز لك أن تقلع أصبعك وتتبرع به لأحد يجوز؟ لا تملك من نفسك شيء، ويقول: "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرحٌ –مستلقي- فلا انهض إلا وقد خطر لي ما اسطره" هذه الهمة انتجت إيش؟ الفنون، كم مجلد الفنون؟ ثمانمائة مجلد، يعني ما هو من فراغ.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أبو العباس ابن تيمية مضرب مثل في هذا الباب، يعني عمر شيخ الإسلام كم؟ إذا قلت: أربعين وثمان وعشرين ثمان وستين سنة، إذا قست عمر شيخ الإسلام بمؤلفاته فقط، دعونا من عبادة الشيخ، وجهاد الشيخ، وسجن الشيخ، وتضحية الشيخ، في المؤلفات تجد الشيء الكثير الذي لا يتصوره من يقيس بالأرقام، يكتب الكتاب في جلسة، فتوى في مائتين وثلاثين صفحة، يقول: "كتبتها وصاحبها مستوفز يريدها" مائتين وثلاثين صفحة الحموية بين الظهر والعصر، الناس يدرسونها سنين، ما الذي أوصل شيخ الإسلام إلى هذه المنزلة؟ همة, همة عالية، بذل في وقت الطلب، مع صدق وإخلاص لله -جل وعلا- جعله يكتب مثل هذه الكتب التي يحتار فيها كثير من العلماء، كتب لشيخ الإسلام، أنا أتصور أن شيخ الإسلام ما جلس شهر على (نقض التأسيس) وفي تحقيق الكتاب أربعين سنة ليحقق الكتاب، كيف يحقق؟ يقابل على النسخ، ويعلق عليها، الأصل موجود، يعني المبني عظم، يعني يحتاج إلى تلييس، ويحتاج إلى تركيب بس، تحقيق ويحتاج إلى أربعين سنة، كيف أربعين سنة؟ حققه ثمانية، وكل واحد خمس سنوات.

وكذلك التأسيس أصبح نقضه

 

أعجوبة للعالم الرباني

هذا جاء من فراغ؟ كتاب (درء تعارض العقل والنقل) هذا الكتاب عندنا أُناس أئمة في باب الاعتقاد يطون مئات الصفحات من غير نظر ما تفهم.

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي   

 

ما في الوجود له نظير ثاني

قرأنا كتب شيخ الإسلام، وذُهلنا من السرعة في الكتابة، وسيلان الذهن، وترابط الكلام، والاستطرادات، ويمين ويسار، المقصود أن هذا أمر مذهل سببه إيش؟ الإخلاص والهمة العالية، تقرأ مثلاً في (منهاج السنة) وصية لطالب العلم في المجلد الأول ثلاثمائة صفحة، لا يقرأ، يخرج منها بخفي حنين، وفي السادس قريب منها، الكلام كلام فوق مستوى كثير ممن ينتسب للعلم، وسببه ما ذكرنا، وشيخ الإسلام تفرغ للعلم، ونذر نفسه للعلم؛ لكن العمل، أمرنا بالاستعانة بإيش؟ بالصبر والصلاة، شيخ الإسلام معروف بعبادته، يقول تلميذه ابن القيم -رحمه الله تعالي-: "حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله تعالي إلى قريب من انتصاف النهار" هذا يستعين به على الفهم، يستعين به على الحفظ، يعني لا تستطيع أن تأتي بسالب فقط أو موجب فقط تريد إنارة، لا بد من الاثنين، لا بد من علم وعمل؛ لكي تدرك العلم، وتستعين عليه بالعمل، يقول: "حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالي قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إليّ، وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغدَ سقطت قواي" وقال مرة: "لا أترك الذكر إلا بنية إجمام النفس وإراحتها" ليستعد بتلك الراحة لذكر آخر؛ لأنه يحتاج إلى أن ينام -رحمه الله تعالى- وإذا ذكرنا مثل هؤلاء لا ننسى:

لا تعرضنا لذكرنا مع ذكرهم

 

ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ

 

وليس معني هذا يعني أن لا يوجد، وجد أمثلة في عصرنا مع طغيان المادة والانشغال بأمور الدنيا من ضرب بالأمثلة أروعها مثلاً من العصر القريب شيخ شيوخنا الشيخ عمر بن سليم -رحمه الله- عرف بالعلم والعمل يجلس من صلاة الفجر إلى أذان الظهر، قبل هذا خلنا نشوف الطيبي مثلاً شرف الدين الطيبي إمام من أئمة المسلمين، ذكر الشوكاني في ترجمته من البدر الطالع أنه كان يجلس بعد صلاة الفجر إلى أذان الظهر جلسة واحدة هذا إيش يسوي؟ يفسر القرآن وبعد أن يسلم من صلاة الظهر إلى أذان العصر يقرئ صحيح البخاري والعصر كذلك والمغرب كذلك قام على هذا مدة طويلة، ثم بعد ذلك يجلس ينتظر الصلاة يذكر الله -جل وعلا- يتأهب للصلاة وتقبض روحه وهو ينتظر الصلاة.

الشيخ عمر بن سليم المتوفي سنة اثنين وستين وثلاثمائة وألف، شيخ شيوخنا قريب ماهو بعيد، الوقت كله من صلاة الفجر إلى بعد صلاة العشاء كله للعلم، يتخلل العلم يأتي في الشهر مرة مثلاً خصوم؛ لأنه قاضي فيقضي بينهم بكلمة أو كلمتين وينصرفون وهم راضون، فاجتمع عنده من الطلبة الجم الغفير، ونفع الله به، وكثير من قضاة المملكة في شمالها وجنوبها وشرقها من طلاب الشيخ، أو من طلاب طلابه، هذا بذل.

الشيخ محمد بن ابرهيم -رحمه الله تعالى- بدأ التدريس من وفاة عمه الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف سنة تسع وثلاثين وتسعمائة وألف إلى سنة تسع وثمانين إلى وفاته نصف قرن والوقت كله معمور للعلم والتعليم والعبادة ونفع الناس.

الشيخ عبد الله القرعاوي -رحمة الله عليه- مثال للداعية المصلح، ذهب إلى جنوب المملكة، وفي ذلك الوقت فيها مافيها من الجهل، وأسس فيها مئات المدارس، ومازال طلابه وطلاب طلابه إلى الآن وهم منارات في تلك البلاد، نفع الله به نفع عظيم, من قرأ سيرة هذا الرجل عرف أنه بالإمكان مع النية الصالحة والبذل، وترك الترفع والتنعم؛ لأن الدنيا والآخرة ضرتان، مثل كفتا الميزان إذا رجحت هذه إرتفعت تلك، عرف أنه بالإمكان أن يبذل الإنسان لا سيما مع صدق النية وصدق التوجه إلى الله -جل وعلا- ما لا يخطر على باله, وأما الشيخ ابن باز فكلكم ادركتموه، علمه ودعوته ونفعه للخاص والعام، بلغ مشارق الأرض ومغاربها ونعرف من حال الرجل أنه لا يرتاح في اليوم والليلة ولا أربع ساعات، والوقت كله للعلم والعمل، ونفع الناس والشفاعات، وقضاء حوائج الناس، والمصالح العامة التي انيطت به.

الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- سمعتم وقرأتم الشيء الكثير عن شيوخنا الشيخ ابن عثيمين كذلك، يعني هل تتصورون أن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- أو الشيخ ابن باز وغيره مما ذكرنا من هؤلاء أنهم أكمل أهل عصرهم في التركيب؟ نعم، قد يوجد في عصرهم من هو أقوى في البدن، وأذكى نعم، وأكثر فهماً لكن ما الذي جعل هذا يتقدم وهذا يتخلف، العلم والتعليم والبذل والإخلاص.

يقول الليث بن سعد: "تذاكر الزهري ليلة بعد العشاء حديثاً، وهو جالس متوضئ فما زال ذلك مجلسه حتى أصبح" وهذا كثير، الشيخ عمر بن سليم -رحمه الله- قالوا: في ليلة زواج من زواجاته أشكل عليه معني آية فنزل إلى المكتبة إلى أذان الصبح من تفسير إلى تفسير والوقت يمشي.

قال فضيل بن غزوان: "كنا نجلس أنا ومغيرة نتذاكر الفقه، فربما لم نقم حتى نسمع النداء لصلاة الفجر"، على كل حال الأمثلة كثيرة ومدونة، ولو راجع طالب العلم ينبغي مع علوم الكتاب والسنة أن يقرأ أو يديم النظر في سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وحياة  صحابته -رضوان الله عليهم- وسير الأئمة يعني سير أعلام النبلاء من ألذ الكتب يقرأه طالب العلم، ويفيد منه في دروس علمية وعملية في كثير من كتب التراجم، قد لا توجد في غيرها، الطبقات، طبقات المفسرين، طبقات المحدثين، طبقات الحنابلة، طبقات الشافعية، وغيرها يعني لو تقرأ في ترجمة الزريراني من الحنابلة مثلاً يقول لك قرأ المغني ثلاث وعشرين مرة، وفي كل مرة يضع عليه حاشية غير الأولى هذا يحصل, طالب العلم إذا قيل له: اقرأ البخاري قال: ويين البخاري؟ أربع مجلدات، متى ينتهي؟ لا يا إخوة, لا بد أن تقرأ البخاري وغير البخاري، وتوطن نفسك على أنك سوف تكون عالماً، يخرج الله بك الأمة من ظلمات الجهل، لعلنا نكتفي بهذا، وإن كان في أسئلة وإلا شيء، نأخذ منها شيئاً يسيراً، والوقت ضيق، يعني قد تأخرنا على الإخوان ما ودنا عاد نملهم أكثر من هذا.

 

وصلي الله وسلم وبارك على رسوله ونبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.