البركة في الأعمار

يعيش عمر بن عبد العزيز أربعين سنة وذِكْرُه طيب إلى قيام الساعة، ويعيش كثير من علماء المسلمين الأربعين بل الثلاثين والخمسين وتجد أثره وذكره والنفع المتعدي إلى آخر سنة، فالأمة بكاملها تنتفع من علمه ويتخرجون على كتبه وهو ما عاش إلا ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، لا شك أن هذه الزيادة المعنوية أنفع للواصل من الزيادة الحسية؛ لأن العمر هو عبارة عن هذه الأيام، فماذا عما يوضع في هذه الأيام، -التي هي في الحقيقة خزائن يودع فيها الإنسان ما شاء مما يسوء أو مما يسر-؟ نفترض أن شخصاً عاش مائة سنة، فتمر عليه السبت الأحد الاثنين، السبت الأحد الاثنين، صيف شتاء، صيف شتاء، ثم بعد ذلك انتهى لا شيء. فالعبرة بمن يستغل هذه الأيام، قال الله -تعالى-: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [(205-206-207) سورة الشعراء] ما يفيد هذا، ما ينفع، لو عمروا عمر نوح ما يفيد، العبرة بما يودع في هذه الخزائن، فعلى الإنسان أن يستغل هذه الأوقات، وهذه الأنفاس، التي هي في الحقيقة عبارة عن عمره ونفسه، والله المستعان.