ما يتساهل ويتشدد فيه أهل العلم من الخلاف

الخلاف عند أهل العلم ليس على درجة واحدة، فهناك خلاف يتساهل فيه أهل العلم، وخلاف يتشددون فيه، فمثلًا الخلاف في أصول الدين ومسائل الاعتقاد، فلا يخلو إما أن يثبت اتفاق السلف على المسألة، بحيث لا يوجد بينهم مخالف، كالاتفاق على ربوبية الله وألوهيته وأسمائه وصفاته التي جاءت النصوص الصريحة بها، والإيمان بأركان الإيمان الستة، فهذا القسم لا يسوغ فيه الخلاف، ولا يعذر فيه المخالف، ويطلق عليه حينئذ مبتدع.

أو يثبت فيها خلاف كمسائل الاعتقاد التي ثبت فيها الاختلاف بين السلف، وهذه في الغالب إذا كانت الأدلة محتملة للنفي والإثبات، كاختلافهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء، فعائشة رضي الله عنها تقول: «من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية» [البخاري (3234)، ومسلم (177)، واللفظ له]، وأما ابن عباس فيثبت الرؤية [مسلم (176)]، فترجيح أحد القولين سائغ، لكن بالدليل الظاهر وبالمرجح المعتبر، لا عن هوى.