من أروع الأمثال التي ضربها الله جل وعلا للموحِّد والمشرك

ضرب الله مثلا للموحد والمشرك في قوله -جل وعلا-: {ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَآءُ ‌مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} [الزمر: 29].

فالرجل الأول مملوك لأشخاص، و{‌مُتَشَٰكِسُونَ} أي: سيئو الأخلاق؛ يتجاذبونه ويتعاورونه في مهماتهم المختلفة، أحدهم يأمره، والآخر ينهاه، فلا يزال متحيرًا متوجِّع القلب لا يدري أيهم يرضي بخدمته؟ وعلى أيهم يعتمد في حاجته؟

وأما المملوك الآخر فسلم لرجل، أي: خلص ملكه له فلا يتجه إلا إلى جهة مولاه، ولا يسير إلا لخدمته، فهمه واحد وقلبه مجتمع، هل يستوي هذان المملوكان صفة وحالًا؟

وهكذا حال من يثبت آلهة شتى لا يزال متحيرًا خائفًا لا يدري أيهم يعبد، وعلى ربوبية أيهم يعتمد؟ وحال من لا يعبد إلا إلهًا واحدًا، فهمُّه ومقصده واحد، ناعم البال، خافض العيش والحال.

والمقصود أن توحيد المعبود فيه توحيد الوجهة، ودرء الفرقة، كما قال -جل وعلا- عن يوسف عليه السلام أنه قال: {ءَأَرۡبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} [يوسف: 39].

وأنت إذا تصورت وتأملت هذا المثل، وكنت ممن منَّ الله عليه بالتوحيد، لم تملك نفسك حتى تقول: «الحمد لله»، وإذا كان في مصائب الدنيا يُنْدب أن يقال: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به»، فكيف بالمصيبة والكارثة العظمى التي هي الشرك؟!