ادعاء تخصيص العقل لقدرة الله

في قوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الطلاق: 12]،  

بعضُ المفسرين يرى أن العقلَ خصَّ ذاتَه الشريفة فليس بقادرٍ عليها. وهذا كلامٌ مُوحِشٌ يتعاظم النطقُ به، لكن لا بد من الإجابةِ عن مثلِ هذا الكلامِ؛ لأنه إذا كان غيرَ قادرٍ عليها فهو عاجزٌ، والآيةُ تُثْبِتُ القدرةَ التامةَ للهِ ـ وإذا خصَّ العقلُ ذاتَه أثبَتَ من خلال هذا التخصيصِ العجزَ فيَلْزَمُ على قولِهم أنه قادرٌ عاجزٌ، وفي هذا إثباتٌ للنقيضَيْنِ، فاجتماعُهما من المُحالِ، والمُحالُ ليس بشيءٍ فلا يَدخُلُ في قولِه: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ}، إذنْ هو خارج من الأصلِ؛ لأنه لا يُمْكِنُ تصورُه لا في الأعيانِ ولا في الأذهانِ، وحينئذٍ لا نحتاجُ إلى أن نستَثْنِيَ، فالآيةُ باقيةٌ على عمومِها، وهي نصٌّ قطعيُ الدِّلالةِ والثبوتِ على إثباتِ قدرةِ اللهِ على كلِّ شيءٍ.