مراعاة أحوال الناس في الفتوى

قد يرجع العالم من القول الأسهل إلى الأشد؛ لأنه رأى أن ترجيحه للأسهل يعين الناس على انفلاتهم من دينهم. فلو قيل بإطلاق: إن المبيت بمنى ليس بواجب، كما قال بعض أهل العلم، وجدتَ الناس كلهم يتركون المبيت بمنى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بات بمنى، وقال: «لتأخذوا مناسككم» [مسلم: 1297]. ولو قيل كذلك بأن المبيت بمزدلفة ليس بواجب، ثم قيل ذلك عن جميع المشاعر بأن يُرجّح القول الأخف، فإن الناس لن يحجّوا، بل سيقفون بعرفة وينصرفون مباشرة. وكذلك إذا قيل إن المبيت بمنى ركن من أركان الحج، والمبيت بمزدلفة ركن، وقد قال به بعض أهل العلم، فإن في هذا تضييقٌ شديد وحرج على الناس أيضًا. فالقول الوسط في مثل هذه المسائل القول بالوجوب بحيث لا ينفلت الناس، ولا يشق عليهم مشقة لا يحتملونها.