نسبة البدعة إلى معتقدها، وإن كان من غير أهلها

قدْ يَكُونُ في الشخصِ الواحدِ شيءٌ مِمَّا هو خليطٌ مِنْ عِدَّة مذاهب، فقدْ يَكُونُ في الأصلِ على مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، ثم يُوافِقُ المُعتزلةَ أو الجهميَّة في مسألةٍ، أو يُوافِقُ فِرْقَةً أخرى في مسألةٍ مِنَ المسائلِ ويكُونُ في بقيَّةِ المسائلِ على الجادَّةِ أوِ العكسُ، فمثلُ هذا لا يَأخُذُ الاسمَ المطلقَ؛ وإنَّما يُقالُ فيهِ رفْضٌ، أو فيه نصْبٌ، أو فيه تَشَيُّعٌ، فيه تَمَشْعُرٌ، فيه شركٌ، فيه نفاقٌ، فيه جاهليةٌ، وهكذا، كما قَالَ النبيُّ ﷺ لأبي ذرٍّ: «إنَّك امْرُؤٌ فيك جاهليةٌ» [البخاري: 30]، فما دَامَ لا يُوافِقُ الأشعريةَ في جميعِ ما يَقُولونَ، فلا يَأخُذُ الاسمَ المطلقَ وإنَّما يَبقَى في دائرةِ المذهبِ الأصليِّ ويُشارُ إلى ما عندَه مِنْ مُخالفةٍ، فلوْ كَانَ على الجادِّةِ من مذهبِ أهلِ السنةِ في كُلِّ شيءٍ وَوَافَقَ المُعتزلةَ في فَنَاءِ الجنةِ والنارِ كما يُذكَرُ عن مُنذِرِ بنِ سعيدٍ البلُّوطيِّ، وهو في الأصلِ مِنْ أهلِ السنةِ لكنَّهُ وَافَقَ المُعتزلةَ في هذه المسألةِ، فيقالُ في حقه: فيه اعتزالٌ، ولا يُقالُ: معتزِلي، وهكذا.