فضل الاجتماع في الجهاد

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] أي: يقاتلونَ حالَ كونِهم صفًّا واحدًا كأنهم بُنْيانٌ مَرصوصٌ، من شدةِ الالتصاقِ والتلاحمِ الظاهريِّ الذي يدلُّ على التلاحمِ الباطني، يفعلون ذلك؛ ليرى العدُوُّ اتِّحادَهُم واتحادَ كلمتهم، ولا شكَّ أن التصرفاتِ الظاهرةَ لها دلالاتُها على الصفاتِ الباطنةِ؛ فإذا تلاحَمَ الناسُ والتصَقَ بعضُهم ببعضٍ دلَّ ذلك على أن قلوبَهم متقاربةٌ، بخلافِ ما إذا تَنافروا. وقد جاءَ في وصفِ المؤمنين أنهم «كالبُنْيانِ يَشُدُّ بعضُه بعضًا» [البخاري: 481]، وهذا الوصفُ في عمومِ الأحوالِ، فكيفَ بالحالِ التي يُطْلَبُ فيها التلاحُمُ والتَّراصُّ؛ مثلُ الصلاةِ والجهادِ، فهذا من بابِ أَوْلَى.